همةٌ في الثرى.. وهمم في الثريا

* بقلم: عبد المنعم أبو السعود-إسلام تايم - 13/ 5/2008

(حاول وفد شعبي إيطالي متضامن مع الشعب الفلسطيني الوصولَ إلى الحدود المصرية مع قطاع غزة لإعلان رفضه لممارسات الكيان الصهيوني، لكن الأمن المصري منعه، فأعلن عن تضامنه مع القطاع بمقرِّ حزب التجمع المصري (يساري) بالعريش، وقدَّم طن أدوية كمساعدات لمرضى غزة.)

(أملاً في دخوله موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية، اشترى شاب إماراتي (.....) لوحةَ سيارة تحمل الرقم "1" بـ52 مليونًا ومائتي ألف درهم 14.223) مليون دولار) في مزادٍ بـ"أبو ظبي")

خبران قرأتهما مؤخرا على موقع إسلام أون لاين فأثارا شجوني وعجبي، والخبران لا يحتاجان إلى طول تأمل من القارئ الكريم ليشعر بما شعرتُ به، ولا ريبَ أن مبعث العجب هو المفارقة بين الفعلين والهمَّتين؛ فالوفد الشعبي الإيطالي أثاره وأحزنه ما يحدث لإخوانه في الإنسانية في أرض الرباط في غزة من الفئة المؤمنة الصابرة التي تدافع عن شرف الأمة وتذود عن كرامتها، وتُجسِّد عمليًّا قول الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم مَن خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك". قالوا: أين هم يا رسول الله؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".

أقول: الوفد الإيطالي أثاره وأحزنه ما ذكرته، فسارع لنصرةِ أهالي القطاع بما استطاع، وهو ليس مكلفًا بذلك لا شرعًا ولا عقلاً، ولكن ساقته همةٌ عاليةٌ وإحساسٌ صادقٌ بوحدةِ الإنسانية، فكانت همة لرجال ونساء في الثريا، أتوا من إيطاليا وركبوا الأخطار وخاضوا الغمار وواصلوا الليل بالنهار، فجسَّدوا نموذجًا عمليًّا للنصرة والعون وتفريج الكرب، فأحرجوني والله!

وتساءلت: من إيطاليا؟! سبحان الله ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ (المدثر: من الآية 31). و"إنَّ الله ينصر هذا الدين بالمسلم والكافر والبَرِّ والفاجر".

في صورةٍ متباينةٍ تمامًا ومفارقة لافتة، ها هو ذا الشاب الإماراتي (......)- وأفضل الاحتفاظ باسمه- يشتري لوحة سيارة بحوالي بـ(14.223 مليون دولار) أملاً في دخوله موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية! فكانت همته في الثرى؛ تراب في تراب.. لوحة سيارة بهذا المبلغ! فكم سعر السيارة إذن!

"الله أكبر ".. قالها- صلى الله عليه وسلم- عند رجوعه من حُنَين حينما قال له بعض الصحابة: "اجعل لنا ذات أنواط - وهي شجرة ضخمة- كما لهم ذات أنواط"؛ تشبُّهًا باليهود، وها نحن أولاء نرى بعض شباب العرب والمسلمين لا همَّ لهم إلا التقليد الأعمى واتباع سنن الغرب حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه! وصدق النبي صلى الله عليه وسلم.

ما لنا ولموسوعة (جينيس)؟! وأين نحن من نصرةِ إخواننا المستضعفين؟

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (الأنفال: 72.

هل فكَّر هذا الشاب- أو غيره ممن لهم نفس اهتماماته- في التبرع بعُشرِ هذا المبلغ لإخوانه المرابطين والمحاصرين والمجاهدين في غزة أو في غيرها؟!.. أنا لا أحاسبه؛ "فمن حكم في ماله فما ظلم"، لكن أناصحه وأعاتبه كأخٍ مسلم له، وأُحذَّره حسابَ الله له.

أين يكمن الخلل: في مناهج التعليم؟ أم في وسائل الإعلام؟ أم في التربية الأسرية؟ أم في أولي الأمر؟ أم في أولئك جميعًا؟.

قد يبدو الموضوع بسيطًا، لكنها مفارقةٌ تحتاج إلى وقفة، وهي مجرَّد نموذج من آلاف النماذج، وشاهد من آلاف الشواهد على حال الأمة ممثَّلاً في شريحةٍ مهمةٍ من شرائحها؛ ألا وهم الشباب.
http://www.islamtime.net/details.php?id=652&cat_id=4&sub_cat_id=23&image=da 3wa

يجزيك الخير اخى اسلام وبارك الله بك

صور تافهة هذا أقل مايقال عن هؤلاء الشباب
ولا حول ولاقوة إلا بالله