الصـــــديقان
لا احد في مصر او فرنسا لا يعرف طبيعة العلاقه الخاصة جدا بين الرئيس جاك شيراك و الرئيس حسني مبارك حتي ان بعض الصحف الفرنسية كانت تطلق عليهم "الصديقان"
فرغم اختلاف الخلفية التي حملت كلا من شيراك و مبارك الي سدة الحكم في فرنسا و مصر,و كذلا الاليه التي مكنة كلا منهما من الاستمرار علي قمة حكم بلاده لسنوات فان التقارب في السن كان هو التبرير الغالب لطبيعة هذا التقارب فضلا عن عشق شيراك لمصر و عشق زوجته للاثار المصرية تحديدا و حرصها و مباهتها بامتلاك بعض منها!
تفسير زيارة الرئيس مبارك لشيراك,في مايو الماضي و قبل ساعات من مغادرة الرجل النهائيه لقصر الايليزيه في اطار فهم هذه الصداقه الخاصه و ان جاء بعيدا عن جميع الاعتبارات العملية و الدبلوماسية - خاصة - عندما التقي الرئيس مبارك المرشح نيكولا ساركوزي و لم يلتقي منافسته رويال مما اثار مخاوف في حالة فوز الاخيرة و تأثير ذلك علي العلاقات المتميزه بين مصر و فرنسا.
و في ذات الاتجاه كان ذلك الاتصال الاخير الذي اجراه الرئيس مبارك بالرئيس السابق شيراك و الذي اهتمت به وسائل الاعلام المصرية المكتوبه و المرئيه حيث احتفت الصحف و نشرات الاخبار باتصال الرئيس مبارك بشيراك ليقدم له خالص التهنئه بمناسبة عيد ميلاده الخامس و السبعين!!!
و رغم غرابة اهتمام الاعلام الرسمي بهذا الخبر - غير الرسمي - فان الاغرب ان هذا الاتصال صادف مناسبة اخري لم يعلن عنها الاعلام المصري رغم انها تعطي انطباعا و دلاله مختلف لذلك الاتصال.
كان اتصال مبارك - شيراك الاخير عقب عودة شيراك بساعات من تلك الجلسه التي مثل فيها امام القاضيه كزافين سيموني القاضيه المتخصصه في الشؤون المالية بقصر العدل الفرنسي.
كان شيراك عائدا توا من جلسه ساخنه رفضت فيها القاضيه استقباله كما اقترح محاميه جان فيل في احدي القاعات الخاصه بالرؤساء السابقين, والتي تخصصها الحكومه لكل رئيس سابق او اسبق و اصرت ان يمثل المواطن الكتهم شيراك امامها في قصر العدل حيث امتثل شيراك و ظل 3 ساعات كامله يرد علي اسئلتها.
لائحة الاتهام التي يواجهها شيراك هي اختلاس اموال عامه!! حيث تورط عام 1977عندما كان عمدة باريس في استخدام اموال العمديه لدفع اجور موظفيين وهميين كانوا في حقيقة الامر يعملون لحساب حزب التجمع من اجل الجمهورية الذي كان يتزعمه و الذي اصبح الان هو حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية
هذه الجريمه الشنعاء طالت شيراك بعد ان قضت علي مستقبل جوبيه رئيس الحكومه السابق الذي منع لهذا السبب من الترشيح و الانتخاب لمدة عامين و كان اقرب المقربين لخلافة شيراك , كما طالت ايضا بعض المقربين من الرئيس, مثل الوزير السابق ميشال روسان الذي كان مديرا لمكتب شيراك.
ان لمبدأ شعاره هو الحريه و العدل و المساواه لا يمكن ان تستغرب فيه ان يحاكم رئيس الجمهورية و لو بعد 30 عاما!
كنت اتمني ان يكون اتصال الرئيس مبارك للتهنئه ليس بعيد ميلاد ال75 لشيراك بل لتهنئة الشعب الفرنسي الذي حاسب رئيسه كما يحاسب اصغر مواطن فرنسي كما سبق و ان فعلها البرلمان المصري و حاسب النحاس عندما اجري مكالمة خاصة من مكتبة كرئيس للوزراء!!
سؤال:
هل سيأتي يوم علي مصر نعرف"قاعات" تخصص للرؤساء السابقين؟!
-----------------------------------------------------------
-----------------------------------------------------------
--3--حقوق "الخـــــرفان"...و حقوق "الانسان"
مصر الحبيبه وطن واحد,جغرافيا و اداريا و بوليسيا, ولكنها ليست كذلك اذا نظرنا اليها وفقا للطريقة التي يمارس بها الحكام و المحكومون حب مصر و الدفاع عن سمعتها و كرامتها
نحن علي الاقل بصدد مصريين مصر الرسميه حيث يري الاكابر و ابناء الاكابر ان المساس بسمعة نظام الحكم او توجيه اي نقض له في الخارج هو الامر الاخطر و الاسوأ و الاحق بالشجب و الادانه و استنفار كل الشعارات الوطنية للرد علي الخطب الكبيره و لو كان مصدره خبرا صغيرا في احدي الصحف الاجنبية
مصر الاخري هي المهمومه بسمعة شعب مصر و كرامته اولا
مصر الثانيه هي التي يعتصرها غرق مئات من ابنائها و هم يبحثون خلف البحار علي كسرة خبز و فرصة حياة عجزوا ان يجدوها داخل حدودها ..بعد ان ضنت عليهم مصر الرسمية بالحد الادني من الحقوق في الحياة و لو بنصف كرامه
اوجع قلبي كثيرا في الايام القليله الماضية العديد من الاخبارالتي نشرتها الصحف المصرية و التي ليست الا شواهد جديده علي تلك الفجوة في زاوية الرؤيا لسمعة مصر و كرامتها بين مصر الاولي و مصر الثانيه
خذ مثالا: ما نشره الزميل جميل عفيفي "مراسل الاهرام في جده" نقلا عن الصحف السعودية حيث جاء عنوان الخبر بالصفحه الثانيه اهرام 29 نوفمبر 2007,هو"47% من لصوص الحرم مصريون"!!!!!!
اما متن الخبر فيشير الي ان السلطات السعوديه تطالب الحكومه المصرية بعدم السماح لفرق النشل المصرية بدخول الاراضي السعودية مرة اخري,مؤكده ان 47% من النشالينفي السعودية من المصريين, منهم 21% نساء و 26% رجال , وفقا لبيانات مصدرها معهد خادم الحرميين لابحاث الحج و العمرة!!!
الخبر لم يحكر همة مصر الرسميه و لم يستنهض همة اي من المسؤولين لاتخاذ ما يلزم لحماية سمعة الشعب المصري,ناهيك عن كرامة مليون مصري شريف يعملون بالسعودية سيتسرب لهم الشعور بالمهانه و الخجل و ستوخذهم سخرية الزملاء و اصحاب الاعمال
و رغم مرور اكثر من اسبوعين لم نسمع خبر عن اقالة مدير ادارة النشل بوزارة الداخلية!!
خبر اخر نشره مراسل الاهرام في السويس عمرو غنيمة, عن وصول وفد رسمي من الحكومه الاستراليه للتفتيش و التحقيق في شأن انتهاكات حقوق الحيوان في مصر!!!
اشار الخبر في مقدمته الي ان الحكومه الاستراليه منزعجه من تدني اوضاع حقوق الحيوان في مصر, و سوء معاملة الخراف الاسترالية , و تعذيبها , واستخدام القسوة معها مما دفعها لرفض تصدير اي خروف استرالي الي لمصر قبل تحسين اوضاع حقوق الحيوان في مصر, و انتهي الخبر المنشور علي اربعة اعمده الي ان نتائج التفتيش ستحرم مصر من 70 الف خروف استرالي هذا العيد, كانت تباع بسعر 14 جنية للكيلو!!
و الغريب ان بعض الاقلام الحكومية , التي ضاقت بنبأ زيارة وفد من البرلمان الدولي لسجن مصري - يوم 8 ديسمبر الجاري - و دقت طبول الغضب للكرامه و السمعه الخ..الخ
لم تحرك شعره في رأسها لجنة التفتيش الاسترالية علي حقوق الحيوان في مصر, و العقوبه التي قررتها بحرمان 70 مليون مصري من 70 الف خروف استرالي!!
كيف تعترف مصر بالخطأ في حق الغنم و تكابر في حقوق البشر؟!!!
سؤال: متي نغضب لكرامة المصريين و حقوقهم, كما يغضب الاستراليون لكرامة و حقوق خرافهم؟!!
====================================
==================================
----4----
يحــــــــــــــــيا الغــــــــــــــــدر
منذ 55 عاما بالتمام و الكمال شهدت مصر و في مثل هذا اليوم اغرب محكمة في تاريخ هذا الوطن الذي لا يتوقف عن انتاج العجائب و الغرائب.
في 12 ديسمبر 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 344,بانشاء محكمة الغدر!! فقد رأت حركة الجيش, ان الفساد عم البلاد و طال الادارة و الحكومة و استشري بين الساسة و رجال البرلمان و الاحزاب!!
صدر المرسوم بقانون مشيرا في مادته الاولي الي ان كل وزير او مسؤول او مكلف بخدمه عامه او له صفه نيابيه ارتكب من اول سبتمبر 1939 جريمة من الجرائم المشار اليها في هذا المرسوم, يحال الي محكمة الغدر التي تحدد ان تكون برئاسة مستشار من محكمة النقض و عضوية مستشارين من محكمة الاستئناف و اربعة ضباط عظام!!! لا تقل رتبة كل منهم عن صاغ
و رغم اعتراضي المبدئي علي موضوع الاربعة صاغ لكنني لا اخفي اعجابي بالجرائم التي عرض لها قانون هذه المحكمة فالجرائم التي اعتبرها المرسوم344 تستحق وصفها انها غدرا بالشعب و الوطن هي:-
1- التعاون علي افساد الحكم- و الحياة السياسية
2- ااالاضرار بمصالح البلاد العليا او التهاون فيها
3- مممخالفة المسئول او النائب اي من القوانين للحصول علي ميزة لنفسه او لغيره
4- استغلال النفوذ للحصول لنفسه او لاحد اقاربه, او اصهاره او لاحد له به علاقه حزبية علي ميزة او وظيفة في الدولة, او منصب في اي جهة او هيئة
5- استغلال النفوذ باجراء تصرف او فعل من شأنه التأثير بالزيادة او النقص في سعر البضائع و العقارات,او المحاصيل او الاوراق المالية للحكومه او المقيده بالبرصه- الله.. الله...الله...الله
6- كل عمل يهدف للتأثير علي القضاء او اعضاء النيابة او جهات الافتاء-الله اكبر
7- التدخل الضار بالمصلحة العامة في اعمال الحكومة ممن لا اختصاص لهم في ذلك!! كل من قبل التدخل السابق و هو عالم بعدم اختصاص المتدخل- يا سيدي ازدنا أكثر
8- كل مسئول بسلطة عامه قد يكون المتدخل استغلها في فعل الغدر- يا عيني الله الله
لقد عرفت مصر هذا القانون رغم ان مصر منذ 55 عاما, لم تكن بعد عرفت ظاهرة رشاوي النواب, او قوانين منع الاحتكار- التي تري الحقائق بعين من عيب كليلة – و لم تكن تعرف ايضا الاحكام القضائية ذات الطبيعة السياسية, و لم يكن قد سيطر علي الحياة العامه فيها "سبايدر مان" او " سوبر مان" او حتي
" فرافيرو"
لقد وقف صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة في 16 سبتمبر 1953, في مؤتمر شعبي عقد بميدان الجمهورية ليبرر للجماهير اسباب قيام هذا القضاء الاستثنائي قائلا:-
"مع احترامنا الشديد لجهتنا القضائية, التي نكن لها كل اجلال و اكبار, و نحب ان نحيطها بهالة من الهيبة و الوقار فانه لم يحدث في تاريخ ثورة من الثورات ان اكتفت بالقضاء العادي الذي شرع لظروف الحياة الطبيعية"
أحسب ان صلاح سالم لو وقف اليوم في ميدان الجمهورية ليدعوا- بعد 55 عاما- و يروج لذلك القانون لأنسدت شوارع القاهرة من ميدان الجمهورية حتي ميدان التحرير, تأيدا لقانون محكمة الغدر.. و لهتف الجميع تحيا الغدر و لو فيها غدر!!
سؤال : سؤال لا يخلوا من البلاهه. ماذا لو طبقنا احكام قانون محكمة الغدر علي مصر عام 2007 ؟!
"مستحيل طبعا"!!
يتبع أن شاء الله