الحلقه الســــــــــــــــــابعة عشر
بقلم\يمنى حسن حافظ
جلست ساره فى المطعم الرومانسى الذى خفضت اضواءه وعلا صوت الموسيقى الهادئه الرومانسيه يهز جوانبه بدفء لا يقاوم.........كانت تشعر بثقة لا مثيل لها وسعادة تغمرها وكأنها ملكت الكون بين اصابعها....فقد حصلت على هاتف حاتم بسهوله لا تذكر....ولم تضع وقتا ....فكلمته وطلبت مقابلته سريعا وقد نجحت فى ان تحصل على موعد معه وفى المكان الذى حددته هى بنفسها.........فيالها من ذكيه وماهره..
وامامها جلس حاتم....ينظر اليها باعجاب ...وهويبتسم لها ابتسامته الساحره....وقد لمعت عيناه ببريق لم تعهدة ساره فى عينيه من قبل....
.فها هو يجلس امامها......وهى حتما فتاة تختلف عن كل الفتيات الاتى عرفهن.....
كم اسعد ذلك قلب ساره...فقد ايقنت منذ اليوم الاول لرؤيتها لحاتم ان خلف ذلك الوجه الخالى من التعبيرات...قلب رجل....مثله مثل كل الرجال.....
وانه يخفى خلف قناع رصانته....مشاعر جامحة ....حس مرهف وعاطفى...
شجعت نظراته لها ان تتحدث بكل جراءه وبدون خجل........فنظرت فى عينيه نظرة تعلم جيدا تأثيرها.......وقالت:حاتم.......ا� �يد ان اخبرك بشئ ...اعتراف لا استطيع ان اخفيه اكثر من ذلك...
ابتسم حاتم ....وقال بصوت عميق :كلى آذان صاغيه يا ساره....ماذا هناك؟؟
مدت يداه نحوه بورده حمراء ...و قد امتلات بالسعاده جنبات قلبها....حتى ان وجنتاها قد احمرتا من فرط قوة مشاعرها...فقالت بهمس وهيام : لم اجد اجمل من تلك الزهره لتبلغك مشاعرى التى اخفيتها عنك كثيرا....لقد قاومت ولكنى لم استطيع ان اخدع نفسى اكثر من ذلك.....
قال بخبث تعرفه عن الرجال جيدا :ترى ماهذه المشاعر بالظبط يا ساره؟؟
فقالت وهى تحاول اخفاء لهفتها :انا....... انا أحبك يا حاتم؟؟
فسمعته يقول بصوت عميق :ساره...!!
نظر اليها....واطال النظر........ولكن تغيرت ملامحه تماما......
اهذه نظرة المفاجأه؟؟
وفجأه هب حاتم واقفا وسط المطعم وضرب المائده بقبضته وهو يقول :ايتها الفتاه الفاسده....
وامسك بكوب الماء وقذفها به فتراجعت ...واغلقت عينيها وهى تمد يدها لتحمى وجهها ....فاصابها الكوب فى راسها ثم سقط على الارض متحطما...مصدرا صوتا عالى ومزعج...
ذعرت ساره وتراجعت للخلف اكثر فوقعت من فوق الكرسى الذى كانت تجلس عليه ...ورقدت على ظهرها ....حاولت النهوض وهى تنادى بصوت عالى ......وتقول :لا ...لا ....حاتم....حاااااااتم
وياللعجب...لم يعد حاتم يقف امامها.... وظلت هى ملقاة على ظهرها تنظر للسقف وقد شعرت انها اهينت وجرحت كرامتها بخنجر حاد....لم يعاملها احدا بمثل تلم القسوة من قبل ........شعرت بالدوار يلفها .....انها حتما تغيب عن الوعى....فترقرقت الدموع فى عينيها.....كيف يفعل بها حاتم ذلك؟؟
شعرت بيد تهزها بعنف
وسمعت صوتا يناديها:ساااااااره....فوقى يا ساره....ساره؟؟
فتحت عينيها ..فوجدت والدتها وقد ارتسمت آيات الفزع والقلق على وجهها وهى تقول لها بلهفه: ساره....ماذا حدث؟ ما الذى اسقط تلك الاباجوره على الارض؟؟
جلست ساره..........استجمعت تفكيرها المشتت....فماذا يحدث واين ذهب حاتم ......وما الذى جاء بها فوق السرير فى حجرتها؟؟ما الذى اوقع المصباح من فوق المنضده الصغيره بجوار سريرها؟؟
وتذكرت.........
خرجت ساره من عند هديرتملؤها الفرحه .....وذهبت الى مصفف الشعر لاضافة لون لخصلات لشعرها....واستقرت على اللون الجديد.فكان الاسود وبه خصلات من الاحمر القانى والمتوهج.....انهت تصفيف شعرها بعد اربع ساعات كامله .....قضتها بين الصبغ والقص والتصفيف بطريقه جديده ومبهرة.......كالعاده...فهذه عادتها فى الاحتفال....
عادت المنزل منهكه ..مرهقة... ودخلت فراشها .....تقلبت ساره فى فراشها كثيرا.........لم يغمض لها جفن من التوتر والسعاده ....
فقد حصلت على رقم هاتف حاتم ببساطه لم تكن تتخيلها........وتصورت انها نجحت فى ان تلفت انتباهه لها حين اخبرته ان لديها موضوعا شخصيا تريد ان تحدثه بامره....
خفق قلبها وهى تتخيل نجاح خطتها المرسومه بحنكه ومهاره....وكيف انها ستبهر حاتم بانوثتها ...فهو رجل مثل باقى الرجال....لابد وان يذوب ويسقط اسيرا لها ....ثم....نامت
سقطت فى النوم دون ان تدرى.........لقد كان كل ذلك حلما؟؟؟ولابد انها تحركت واطاحت بيدها المصباح ...!!
افاقت على كلمات والدتها وهى تقول :مين حاتم ده يا ساره و عماله تنادى عليه طول الوقت؟؟
فركت ساره عيونها .........واعتدلت فى جلستها وقالت بخمول...:يااااااااااه يا ماما....كان حلم جميل....!! لاء حلم فظيع...!! يووووه
داعبتها والدتها وهى تمرر يدها بين خصلات شعرها الملونه و تقرص وجنتها وتقول : تحفه اللون ده .....بتقولى جميل ؟؟؟ ولا فظيع ؟؟ حاتم ده؟؟
فجلست ساره وهى تقول لوالدتها بهيام : ده قمر....ادعيلى يا ماما يكون من نصيبى..!!
ضحكت الام وقالت :يارب ...لكن اخبرينى...ماذا يعمل؟؟ واين شقته؟؟ وابوه ماذا يمتلك؟؟ الم يكن اسمه ماجد؟؟
ثم اخفضت صوتها وقالت بهمس : هاه؟؟؟ ولكن اخفضى صوتك حتى لا توقظى سماح ...
قالت ساره لوالدتها :اممممممممم ماجد ايه؟؟ حاتم فقط هو يا ماما الوحيد الذى فتح له قلبى ابوابه....ومستعده ان اذهب خلفه الى آخر الدنيا...
ضربت امها على صدرها بعنف وقالت فى استنكار: نعم؟؟ انتى حبيتيه بجد ولا ايه؟؟
الم اخبرك من قبل الا تسلمى قلبك لرجل ابدا؟؟
وان الحب ضعف وان الضعف مهانه؟؟
اياك ان تخيبى خيبتى يا ساره...لابد ان تتزوجى من له المال والسلطه....وماله ماجد؟؟ صاحب شركه ومال ؟؟هه؟؟هل اخبرك انه متزوج؟؟
تأففت ساره وقالت بعنف لوالدتها :ماما....يبدو انى سابدأ فى اخفاء اسرارى عنك منذ الان....
فقالت امها وهى تنظر لها بغضب وقد وضعت المصباح مكانه وهمت تغادر الغرفه وهى تهمهم :انا استحق اكثر من ذلك....لانى اخاف عليكى...صحيح انك مزاجيه ومتقلبه...!!!
وغادرت الام فى حين تقلبت ساره على جانبها الاخر وهى تنظر لرقم هاتف حاتم المسجل على شاشة هاتفها ...وتتأمله كأنما تتأمل صورته وليس مجرد رقم هاتفه........وابتسمت ابتسامه ثقه واحتضنت الهاتف ...واغلقت عينيها وهى تفكرفيما ستفعله ...فى الصباح ستحدثه...وستصر على ان تقابله....ولن يخذلها حتما....فهى تعرف كيف تقتنص اهتمام الرجال....وستقتنص اهتمام حاتم..مهما كلفها الامر....
ثم فتحت عينيها وكأنها تذكرت شيئا هاما....... وضعت يدها تحت الوساده بسرعه......واطمأنت ان ما وضعته تحتها لا يزال فى مكانه .........اخرجت العلبه القطيفية الحمراء الصغيره....وفتحتها ...ولمعت عيناها بنشوى وسعاده وهى تتأمل تلك القطعه الذهبيه البراقه داخل العلبه ...واغلقت العلبه...وقبلتها بفرح..واعادتها مره اخرى تحت الوساده........واغلقت عيناها...وراحت فى سبات عميق...حتى الصباح.
.................................................. .......
رقدت نجاح على سريرالمستشفى الابيض تتأوه وتتألم ...
فى حين جلس بجوارها والدها الحاج منصور يكاد يبكى من الالم ..تمنى لو ان يرقد الان بدلا منها..ولكنها اقدار الله...ان تصاب ابنته التى حضرت من طنطا خصيصا لحضور خطبة ابنة خالتها صباح ...وكانت تساعدهم فى التجهيزات وتشترى الحاجيات معها ومع صديقاتها....
يالها من ابنة حزن .....فوفاة والدتها وهى لا تزال رضيعه ....ثم فشلها فى دراستها الثانويه...
ثم تلك الحادثه والتى لا يعلم هل ستترك اثرا عليها فيما بعد ام انها ستقعدها وتصبح اسيره كرسى متحرك طوال عمرها..
ماذا سيفعل سعيد ابن اخيه الذى تقدم لخطبتها وقرأ الفاتحه الشهر الماضى؟؟
وماذا يفعل هو ليضمن لها علاجا جيدا...؟؟
انه لا يقبل العوض...ليس من شيم الكرماء وذوى الاخلاق ان يقبلوا العوض...هكذا تربى...هكذا يرى..
قاطع افكاره طبيب العظام الذى حضر لمعاينة الفتاه ...واجابة كل الاسئله وتحديد موعد للعمليات الجراحيه وخطة العلاج......
مع انها مستشفى حكومى الا ان النشاط كان يدب فى الاركان وكان الجميع حوله يعملون دون توقف ...وكانها خلية نحل من حركة الاطباء واطقم التمريض...
بعد الكشف واتمام كتابة التقرير وقف الطبيب يتحدث مع الحاج منصور على عجل : الكسور كثيره وهناك اكثر من عمليه وتركيب الشرائح والمسامير ولا داعى للعجله فى اجراء تلك العمليات....سنحاول ان نجمع اكثر من عمليه سويا .... ولكن سنبدأ بعملية الكتف غداً باذن الله ....وسيحدد جدول العمليات تباعا ...
قال الحاج منصور فى قلق :وهل ستستطيع ان تمشى بعدذ لك؟ وبالنسبه للحمل والزواج...؟؟وخدمة نفسها؟؟
ربت الطبيب على كتف الرجل وقال :اصاباتها كثيره ومتعدده والوقت مازال مبكرا لمعرفة كل ذلك...لنتفق انها لن تعود الى طبيعتها الا بعد عام او عام ونصف...وهناك ايضا مرحلة العلاج الطبيعى لمدة لا تقل عن الستة اشهر اواكثر ....وبعدها سنعرف حين تاخذ العظام وقتا لتلتئم وتعود لمكانها ....فلن اتسرع بالنتائج الان...خير انشاء الله يا حاج...
قال الحاج بسرعه : لقد نقلتها من مستشفى كبير جدا ...لانى لا اثق فيهم...وسادفع كل التكاليف المطلوبه هنا...والله يقدرنى ان اسدد كل شئ....
قال الطبيب بجديه وعمليه :ما رايك؟؟ قدم طلب علاج على نفقة الدوله ؟؟سيتم علاج الفتاه وتتكفل الدوله بكل المصاريف...ان كانت الحاله تستحق....وعلى حد علمى اصبح هذا الموضوع سهلاً...
قال الرجل بحمية اهل البلد:لا......انها ابنتى وساتكفل بعلاجها من مالى الخاص ...وان تكلفت مليون جنيها....فليس لدى اغلى منها.....
تركه الطبيب وغادر الحجره فى حين نظر الى ابنته الراقده بأسى...فى حين دخل سعيد...ومعه شعبان شقيق نجاح.... وهم يتحدثون بصوت عالى ومرتفع...يجادلون بعضهم البعض فقال الرجل وهو يدفعهما لخارج الحجره بحزم شديد : كفاكما ..الا ترون انها نامت الان؟؟ يالكم من عابثين غير مقدرين لاى شئ....!!
فقال سعيد :يا حاج انا لم افعل شيئا...لقد كانت فكرة شعبان ...هو من اتصلــ.....
قاطعه شعبان وهو يقول : اصمت يا سعيد....لا شئ يا حاج انه يخرف...
فقاطعهما الحاج منصور بنظرة غاضبه يعلمونها جيدا..وقال بحزم :ماذا فعلت يا شعبااااان؟؟
ان كنت تعرضت لذلك الشاب المتسبب فى حادثة شقيقتك ساسلمك بنفسى للشرطه....
فقال شعبان بغضب و اختنق صوته : مش معقول يا حاج....المخطئ لابد ان يدفع ثمن خطأه ...اليس هكذا ربيتنى؟؟؟ اليس هذا ما علمتنى اياه؟؟
قال الحاج وهو يضرب كفيه ببعضهما :الموضوع الان فى يد الشرطه...و القانون هو الذى يحاسب المخطئ و لسنا فى غابة...ثم ان اختك قالت بنفسها انها لم تكن تنتبه وعبرت الطريق وسط السيارات ...ومحضر الشرطه يؤكد انها المخطئه... فحين عبرت من المكان الغير مخصص للمشاه وعرضت نفسها للخطر اضاعت كل حق لها عند ذلك الشاب ....فماذا تريد ان تفعل الان؟؟؟
اطرق شعبان براسه ارضا وقد احمرت اذناه وقال بخجل :يا والدى.....انها اختى ...ولا استطيع ان اتحمل رؤيتها راقدة بهذا الشكل.......
ثم ضرب بقيضته الحائط وقال وهو يجز على اسنانه :الغضب يغلى فى عروقى...اريد ان اشفى غلى...وغيظى....
وضع والده يده على قبضته وقال بهدوء: شعبان ....يا ابنى احتفظ بيديك هاتين قويتين....نظيفتين ...لان شقيقتك ستحتاج لان تستند عليهما حين تخرج من المستشفى باذن الله...
اطرق راسه وامسك بيد والده وقبلها قائلا:لا تغضب منى يا حاج...سامحنى على تصرفى الاحمق...غلطه ولن اكررها باذن الله...
وتعالت مره اخرى صرخات الفتاة المتالمه من داخل الحجره فهرع الجميع يدخلون ...يحاولن تخفيف الامها قدر الامكان....وتم استدعاء الممرضه ....بالفعل تم اعطائها حقنه مسكنه....وهدأت....
ولكن ترى متى يهدأ الحزن الذى اشتعل بداخل قلوب الرجال الثلاثه؟؟؟؟
.................................................. .........................
اسرع حاتم بالذهاب الى المستشفى ليطمئن على سامح.......فقد كانت تلك المكالمة الهاتفيه كفيلة ببث الرعب فى قلوب الجميع.....ولولا تاكد حاتم من وجود افراد الامن الخاص بالمستشفى وان الامورتحت السيطرة لكان الموقف تغير تماما...
دلف حاتم من بوابة المستشفى الزجاجيه الضخمه فقابل ابراهيم يقف عند الاستقبال والقلق باد عليه..فاقبل عليه يستفسر منه عن الاخبار ...
قال ابراهيم لحاتم بغضب:ننتظر الطبيب منذ الصباح...ولم ياتى ولم يطمئننا على سامح والان يخبرونا ان الطبيب المعالج كتب له على خروج وانه يستطيع ان يرحل بعد دفع باقى المصاريف...وبالطبع تم اضافه قائمه جديده باصناف للدواء لا اعلم فائدتها حتى الان.....ارأيت استهتارا كهذا ..؟؟
قال حاتم بغضب :الى الان لم يحضر طبيب؟؟ وعلى اى اساس كتب تقرير الخروج وهو لم يعاينه بعد؟؟؟
ضرب ابراهيم كفيه ببعضهما فى عصبيه وظل يردد:لا حول ولا قوة الا بالله...تهريج واستفزاز ..
كرر حاتم طلب ابراهيم بضرورة الحديث للطبيب المعالج...ولكن كان الرد المعتاد :ان لديه حاله طارئه..وانه قرر ان الحاله لا تستدعى المكوث فى المستشفى اكثر من ذلك وان هذه الاجراءات المتبعه بالمستشفى فى مثل حالة سامح.......وكلام كثير لا فائدة منه ...وفى نهايته مطالبه بسرعة تسديد المبالغ المتبقيه فى فاتورة العلاج...
فاسرع حاتم يصعد الدرج وصولا لحجرة سامح.. دخل حاتم الى الحجره المكتظه بكل افراد عائلته ...قبلته عمته منيره عشرات القبلات وهى تحتضنه وتقول :حبيبى يا حاتم ....اتأخرت اوى علينا ....مش تشوف جرالنا ايه يا حبيبى ..!!
اطمأن على سامح ولفت نظره كم الدواء المتراكم هنا وهناك...فتساءل :ما كل هذه العبوات ...متى ستستخدمها؟؟ الم يكتب لك خروج؟؟اهذه محاليل وريديه؟؟ وكيف ستتناولها فى المنزل؟؟
اجهشت السيده نجوى خالته فى البكاء وهى تقول :منزل؟؟ وهل سيعود المنزل ام يذهب الى القسم يا حاتم؟؟
فواستها العمه منيره قائله :صلى على النبى اومال....شده وتزول يا حبيبتى...ربنا يقف معاك يا حبيبى....انت طول عمرك طيب ...يا سامح..
كانت الامور كلها متداخله...الجميع يتحدث ولا يستطيع احدا ان يفسر الموقف بشكل واضح....
فما كان من حاتم الا ان اتصل بالمحامى الشهير الذى سيوكلونه للدفاع عن سامح...فقال بثقة :
انا استطيع ان اقاضى المستشفى بتهمة الاهمال واستنزاف النقود بغير حق....وانى استطيع ان اثبت التواطئ لمحاولة تسهيل عملية الانتقام من موكلى و ان الموقف لا يتــ.....
قاطعه حاتم بهدوء حين قال : يا استاذى الفاضل نحن لا نريد مقاضاة المستشفى...انا اسال ما الخطوات الواجبه الان؟؟
فقال له بلهجة جديه حازمه :ان سامح لابد وان يقوم باستخراج توكيل عام قضايا باسمى فى البدايه...ولكن الى ان يتم ذلك يجب ان تحضروا لى مبلغ خمسة الاف جنيها تحت الحساب ....اليوم وفى اسرع وقت....حتى استطيع ان اقوم ببعض التسهيلات و اصل للمهندس الفنى الخاص بالفحص الفنى للسياره واعطيه مبلغا ما حتى يكتب تقريرا سليما...فهذا هو العرف...
كما انه يجب ان يسلم سامح نفسه للعرض على وكيل النيابه فى اسرع وقت ...وان يتــ.....
قاطعه حاتم بغضب :ماذا؟؟ ما هو العرف؟؟ الرشوه؟؟
فقال الرجل باستخفاف :رشوه ايه يا استاذ؟؟ دى اسمها ثمن الدخان والشاى...والا سيكتب تقريرا سيئاً....وتختلف القيمه باختلاف نوع السياره وباختلاف مركز قائدها...ده النظام ...مش رشوه...!!!
هز حاتم راسه بعنف وقال بصوت غاضب :اذن اشكرك يا استاذى و اعتقد اننا سناخذ وقتنا لنفكر بالامر ....وشكرا لتعب حضرتك معنا...
فرد عليه المحامى بكل غطرسة تعالى : اتعتقد ان خمسة الاف جنيها مبلغ كبير؟؟
انا ارفض قبول قضيتكم من الاساس....يبدو انكم لا تفقهون شئ عن المحاماه....
واغلق الهاتف بكل وقاحة وفظاظه....
فى حين وقف حاتم عاجز عن التفكير....غير مصدق ان من كان يحدثه منذ قليل هو محامى ينفذ القانون ويحمي العداله....
تعالت الكلمات والمناقشات هذا المهندس حمدى يسب المحامى اللعين
وهذا ابراهيم يبحث عن رقم هاتف صديق له يعرف محاميا جيدا....
فى حين وقف حاتم يحدث والده ويخبره بما قاله المحامى عن الرشوه المقنعة تلك....
وفجأه دق هاتف الحجره.......مرة اخرى....ترددت منى فى ان ترفع السماعه هذه المره ..... وصمت الجميع..فرفع السماعه حاتم....وارهف السمع وهو يتحفز ليرد على المتحدث بقسوة وحزم
فجاءه صوت هادئ رصين ....صوت الحاج منصور العال والذى قال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....انا الحاج منصور والد نجاح ..
قال حاتم بحذر :اهلا وسهلا يا حاج...انا حاتم قريب سامح ...
فقال الرجل بلهجة اقرب الى الاعتذار :نعم يا ابنى اهلا بك....لقد حدث اليوم سؤ تفاهم سخيف فى الهاتف ...واتمنى ان توصل تأكيدى لوالدى سامح انه لن يحدث مرة اخرى باذن الله....
فقال حاتم مستفسرا : تقصد مكالمة التهديد؟؟
قال الرجل معتذرا:عفوا يا ابنى.....ارجو ان تنسوا تلك المكالمه تماما....كما سبق وان اخبرتك اننا فلاحين واولاد اصول ونعرف الواجب والحق جيدا ....وان كان الشباب قد اخطأ فانا اعتذر واخبرك انكم الان لكم علينا حق ...
قال حاتم بهدوءه المعتاد: العفو يا حاج يكفى مكالمتك الان والله انت رجل اصيل عن حق...
واطمأن على الفتاة ....وانهى المكالمه وهو يشعر ان الرجل حقا ذو اصل وشهامة...
ولكن تبقى مساله المحامى معلقة حتى الان.......ترى هل سيستطيعون الوصول الى محامى نزيه...ام انه طلب غير متوفر هذه الايام؟؟؟
.................................................. .....................
مر اليوم على الفتيات كلهن فى حال .........
ما بين ساره تلك الحالمة المتمنيه .........والتى اغلقت عينيها على صورة حاتم......وهى مصممة ان تحظى به..........مثل كل شئ يعجبها ...
وهدير التى انشغل عقلها بكلمات حاتم عن صديقاتها وتلك الشله الغير محترمه التى تصادقهم فى الجامعه....والمنتظره لباسم ان يقوم بخطوة جاده...
وهذه غاده التى انهمكت فى كتابة الرساله على جهاز الكومبيوتر وهى تحاول ان تبتسم لذلك وتضحك مع ذاك........حتى يمر اليوم وينتهى ....لتهرع الى المنزل لتضع جسدها المنهك على الفراش حتى صباح يوم لعله يختلف.....
ولميس التى جلست تخطط منذ ايام وترسم المؤامرات لتوقع باللصه السارقه ...وانهكت عقلها بالتفكير والشك والتربص ....ولا يهمها الا ان تكشف السارقه لتحيل حياتها الى جحيم جزاء فعلتها....
وهيام التى جلست تشاهد التلفاز بكل تعالى وهى تلمح بطرف عينيها نظرات شقيقتها حنان التى جلست تتربص بها مثل كل يوم....عسى استطاعت ان تفتعل معها مشاجرة ...او ان تسبها وتخرج ما بقلبها نحوها من غيظ....
وتلك نسرين التى خرجت غاضبة بعد ان اخذت اموالا من خلف ظهر والدتها المربيه الفاضله......ككل يوم تخرج ولا تلقى لوالدتها بالا ولا تحسب للدنيا هماً....
وتلك ندى التى لا تعلم ماذا تدبر لها استاذه نوال من مصائب ....جلست على سجادة الصلاة تقرا فى مصحفها الاخضر الصغير ككل يوم بعد صلاة العشاء...وتدعوا الله ان يوفقها لما فيه الخير وما فيه رضاه....
هذه نوران جلست تفكر فى مكالمة تلك الفتاه السمجه سماء الوكيل والتى ذكرتها بحديثهم ..وبسرعة قبول عرضهم والا سيتصرف الضابط شريف متولى بطريقته الخاصه....
ونجاح تلك المتألمة المنتظره.....التى لا تعلم من بين المها ما سيحل بها قريبا....انها تتجه نحو ايام وشهور من الالم والعذاب والانتظار......
والاكيد ان احوال الشباب لم تكن تختلف ....
فهذا باسم عاد الى منزله بعدما ارهقه التفكير واعياه التوتر........يجلس وحيدا كالعاده ينتظر عودة والدته عسى وجد عندها حلا او سمعت له ولو مره واحده.........
وذلك وليد يجلس فى النت كافيه يتحدث على غرفة الشات مع فتاه تعرف عليها وهو يحدد الان معها موعدا ليتقابلا ويراها اول مره....ويتمنى فى نفسه ان تكون كما قالت جميلة ...اجمل من ساره المغروره...
وذلك رامى الذى جلس يقرأ خطاب امانى وهو يعد نفسه ان يحرقه يوم يرتبط بندى...فهكذا قرر يوم حصل عليه ان ينهى حلما حين يجد حلما آخر التضحيه من اجله...
وهذا سامح السابح فى دوامات من الافكار التى تشل تفكيره......فهو بحق خائف....فمستقبله على الحافة ...وحياته كلها تنهار امام عينيه ودون ادنى استطاعة منه لان ينقذ نفسه.....
وحاتم المهموم بكل تلك المشاغل والمشاكل من سامح والحاج منصور والمحامى العجيب وشقيقته هدير ونوران الرقيقه....وتلك ساره التى واضخ انها تنوى ان تحمله بمشكلة اخرى ....
وهؤلاء سعيد وشعبان المهمومين بنجاح....ومصيبتها وبغيظ ياكل قلبيهما غضبا .....والحاج منصور الذى يكبل غضبهما ويصر على ان لا يتعرضا لسامح باذى...
كان يوما حافلا عند الجميع..........ترى اينتهى اليوم عند هذا الحد ام لا يزال فى الاحداث بقيه؟؟؟
.................................................. .....................
جلست نسرين بجوار ذلك الشاب فى سيارته التى اكتست نوافذها باللون الداكن ...ووضع عليها شارة توضح ان قائدها يمت لضباط الجيش بصلة ما ......
وجلست هى بثقة تضحك وتمزح معه ..وتعدل من شعرها فى المرآه...فقال بمكر: قمر ياخواتى؟؟؟ ما رايك اين نذهب اليوم؟؟تيجى نسافر؟؟
قالت بدلال ومكر مماثل :مكان ما تحب يا وائل....المهم اكون معاك...
ضحك وادار زر الصوت لجهاز التسجيل بالسياره على اعلى صوت وقال :اسمعى الغنوه دى...اهداء منى لاجمل نانا فى الدنيا
ضحكت هى الاخرى وتمايلت مع الموسيقى وصقفت بيدها ورددت كلمات الاغنيه بصوتها...وانطلق وائل بسيارته يخترق الطرقات ......حتى وصل الى الطريق السريع
فدخل بسيارته الى محطة البنزين التى تقع فى الطريق الدائرى وخلفها وقف مع عشرات السيارات عند محل العصير الشهير الذى يقع خلف تلك المحطه بالذات ..ومما زاد شهرتها انها اصبحت تجمع لكل شاب وفتاة يريدان الاختلاء سويا بعيد ا عن اعين الناس....
وقفت السيارت وبداخلها الشباب..والفتيات...هذا يهمس فى اذن فتاته.......وهؤلاء يشربون العصير وهم يجلسون على مقدمة السياره.....هذه الفتاه تستند بظهرها على سيارة صديقها فى حين وقف هو واضعا يده على كتفها..مشاهد مبتذله....واخلاق فاسده...
كانت نسرين لا تهتم بما يدور حولها.....كان اهتمامها منصب على وائل...ذلك الشاب الذى تعرفت عليه حديثا...كانت فى رحلة تابعة للكليه وكان هو مع اصدقاؤه على شاطئ الاسكندريه...واعجبته وتبادلا الارقام سريعا......وتبادلا الاتصالات سريعا ثم توالت المقابلات والنزهات الشبه يوميه...
قال لها مداعبا :وحشتينى يا نانا.....
قالت بمرح:لسه شايفنى الصبح يا كداب....لحقت؟؟
رد عليه وهو يميل براسه نحوها ويهمس :انا واقع فى حبك يا بت...
ضربته فى كتفه وقالت بغضب مصطنع:ايه بت دى؟؟ انت بيئه ولا ايه؟؟ انا نانا
امسك يدها وقال :اجمل نانا والله العظيم بحبك.........
ثم تحرك سريعا وتدلى بنصف جسده من نافذة السياره وقال بصوت مرتفع :بحبك يا نانااااااااااااااا
ضحك الشباب حوله واشار له احدهم بيده وقال :اشطه يا عم.....
فى حين ضحكت نسرين بصوت عالى وقالت:يا مجنووووووووون
عاد يجلس بجوارها ويقول :مجنون بيكى....
قالت فى جديه :اخبرنى حقا...لمن تلك العلامة على سيارتك؟؟ انت مش كلية عسكريه؟؟والدك؟
قال بثقه :انا....تحت امرك يا فندم اللواء وائل ابو المعاطى فى خدمتك....
اطلقت ضحكة عاليه وهى تقول :لواء....!!! طيب يا عمو ....قول بقى ...!!
قال :ابويا....سيادة اللواء...وهذا الملصق لزوم المنظره والتفاخر والبعد عن المخالفات والبلاوى اياها....
ضحكت وهى تقول :يعنى حصانه يا باشا....
فبادلها الضحكات والمزاح بشان والده ...وسيارته المخالفه لكل قوانين المرور ولكنها بالطبع لانها تحمل ذلك الملصق فهى فى حماية الشرطه والقانون والمرور ايضاً....
انهت الفتاه والفتى لقاءهما ......وخرج بالسيارة مسرعا الى الطريق السريع.......وظل يحاور ويناور السيارت بمهارة وحماقة ايضاً......محاولا ابهار نسرين بتصرفاته الصبيانيه .....
فى حين سحبت نسرين حزام الامان بسرعه وقالت وهى تربطه وتصرخ وتضحك ببلاهه :يا مجنون......هاتموتنا يا وائل ...انتبه...وااااااااااائل...... ..
ما هى الا لحظات...واختلت عجلة القيادة بين يديه....وافلتت من تحت سيطرته....فطارت السياره وعبرت الحاجز الفاصل بين حارتى الطريق وارتطمت بسيارة اخرى فى الطريق المعاكس .......محطمة اياهاوانقلبت على جانبها بعرض الطريق السريع........ومن داخلها صمتت كل الاصوات عدا صوت الموسيقى العالى وصوت الة التنبيه التى علق صوتها عالى مدوى يقطع صمت كل شئ...........وسالت الدماء....وتناثرت اجزاء السيارتين المحطمتين........والزجاج المتطاير يغطى الطريق.....وهرع الجميع للمساعدة وانقاذ ما يمكن انقاذه.......
ولكن هل يستطيع احدا انقاذ الموتى؟؟؟
.................................................. .............
يتـــــــــــــــــــبع باذن الله