إن شاء الله بكرة سورة النمل
إن شاء الله بكرة سورة النمل
دا الإعجاز الرقمي في سورة النمل والنحل والعنكبوت
النحل والنمل والعنكبوت: إعجاز رقمي مذهل
في هذا البحث نتعرف على ميزة مهمة لكتاب الله تعالى، وكيف تأتي أسماء السور بنظام عجيب ومناسب لهذه الأسماء، لنتأمل هذه السور الثلاث...
http://www.kaheel7.com/userimages/kbee.JPGفي القرآن الكريم وإذا ما تأملنا أسماء السور نلاحظ أنه يوجد ثلاث سور بأسماء حشرات وهي على الترتيب: النحل- النمل – العنكبوت.
يعتبر النحل من أكثر الحشرات تنظيماً واجتماعاً وتطوراً.
http://www.kaheel7.com/userimages/ant_strong.jpg
يعتبر النمل من أكثر الحشرات تنظيماً واجتماعاً وتطوراً أيضاً.
http://www.kaheel7.com/userimages/715px-.JPG
أما العنكبوت فهي تعاكس تماماً الحشرتين السابقتين في كل شيء، في النظام الاجتماعي وفي الطبيعة وحتى في عدد الأرجل....
النحل والنمل
تعتبر هاتان الحشرتان من أهم الحشرات على وجه الأرض من حيث الفائدة للبيئة والنظام والتجمعات التي تشكلها، ويقول العلماء إن النحل والنمل من الكائنات الأكثر تنظيماً حيث تشكل مجتمعات متطورة في عالم الحشرات.
العنكبوت
تعتبر هذه الحشرة عشوائية ولا يوجد أدنى نظام في حياتها، بل إن بعض العلماء يفضلون أن لا تصنف في دائرة الحشرات، وعلى كل حال فإن أنثى العنكبوت تأكل أولادها وتأكل الذكر وتخرّب بيتها، بل إن أوهن البيوت من الناحية الاجتماعية هو بيت العنكبوت.
تعاكس
ومن هنا نستنتج أننا أمام نوعين من الأنظمة: النحل والنمل: وفيهما يتجلى النظام والدقة، والعنكبوت: وفيها تتجلى العشوائية، وكأننا أمام نوعين متعاكسين تماماً. والآن لنتساءل: هل يمكن أن نجد مثل هذا التعاكس في سور القرآن الكريم التي تناولت هذه الحشرات؟ (مع ملاحظة أن العنكبوت له ثمانية أرجل على عكس بقية الحشرات التي لها ستة أرجل).
وإلى هذه الحقائق الرقمية المذهلة والمتعاكسة:
تناسق سباعي لأرقام السور
رقم سورة النحل هو 16 في القرآن، ورقم سورة النمل هو 27 ولذلك عندما نضع هذين الرقمين بطريقة صف الأرقام يتشكل لدينا عدد جديد هو 2716 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
سورة النحل سورة النملرقم السورة (16) رقم السورة (27)
2716 ÷ 7 = 388 والناتج هو عدد صحيح كما نرى.
تناسق سباعي لأعداد الآيات
إن عدد آيات سورة النحل 128 آية، وعدد آيات سورة النمل 93 آية، والسؤال: هل من الممكن أن نجد تناسباً مع الرقم سبعة من جديد؟ لنضع العددين بجانب بعضهما لنجد عدداً جديداً هو 93128 والعجيب أن هذا العدد أيضاً من مضاعفات الرقم سبعة:
سورة النحل سورة النملوعدد آياتها (128) عدد آياتها (93)
93128 ÷ 7 = 13304 والناتج هو عدد صحيح
تناسق سباعي للسور والآيات
إذن رأينا تناسقاً سباعياً لأرقام السورتين، وتناسقاً سباعياً لعدد آيات كل منهما، والآن ماذا لو دمجنا جميع الأرقام في عدد واحد؟ هل يبقى التناسق السباعي قائماً؟ لنتأمل هذه الأعداد من جديد:
لنكتب أسماء السورتين ورقم كل سورة وعدد آياتها:
سورة النحل سورة النملرقم السورة (16) وعدد آياتها (128) رقم السورة (27) وعدد آياتها (93)
إذا وضعنا هذه الأعداد على هذا الترتيب نجد عدداً جديداً هو: 932712816 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
932712816 ÷ 7 = 133244688 وهذا عدد صحيح
تناسق سباعي لأول آية وآخر آية
في سورة النحل لدينا 128 آية، ورقم الآية الأولى هو 1 ورقم الآية الأخيرة هو 128 ولو صففنا هذين العددين فإننا نجد تناسقاً سباعياً لهما يتمثل في أن العدد الجديد الناتج وهو 1281 من مضاعفات السبعة:
1281 ÷ 7 = 183
سورة النحلرقم الآية الأولى (1) رقم الآية الأخيرة (128)
إن هذا التناسق نجده أيضاً في سورة النمل، فرقم الآية الأولى في سورة النمل هو 1 ورقم الآية الأخيرة في هذه السورة هو 93 والعدد الناتج منهما هو 931 من مضاعفات السبعة:
931 ÷ 7 = 133
سورة النملرقم الآية الأولى (1) رقم الآية الأخيرة (93)
تناسق سباعي معاكس لسورة العنكبوت
بما أن حشرة العنكبوت تعاكس النحل والنمل كما رأينا من حيث النظام الاجتماعي، أيضاً هنالك تعاكس من حيث النظام الرقمي! فرقم سورة العنكبوت هو 29 وعدد آياتها هو 69 آية:
سورة العنكبوترقم السورة (29) عدد آياتها (69)
ولو قمنا بصف هذين العددين نجد عدداً جديداً هو 6929 هذا العدد ليس من مضاعفات السبعة، ولكننا إذا عكسناه يصبح 9296 وهذا العدد الجديد من مضاعفات السبعة:
9296 ÷ 7 = 1328
تناسق سباعي معاكس لأول آية وآخر آية
رأينا كيف جاء رقم الآية الأولى والأخيرة في سورة النحل بتناسق سباعي، ويتكرر التناسق السباعي لرقم أول آية وآخر آية من سورة النمل، فماذا عن سورة العنكبوت؟
العجيب أننا نجد تناسقاً معاكساً في هذه السورة، فرقم الآية الأولى من سورة العنكبوت هو 1 ورقم الآية الأخيرة هو 69 :
سورة العنكبوترقم الآية الأولى (1) رقم الآية الأخيرة (69)
وبالتالي وبصف هذين الرقمين نجد عدداً جديداً هو 691 هذا العدد لا يقبل القسمة على سبعة، ولكن إذا عكسنا اتجاه قراءته يصبح 196 وهذا العدد من مضاعفات السبعة:
196 ÷ 7 = 28
والنتيجة
كما أخبرنا العلماء عن التعاكس في النظام الاجتماعي بين النحل والنمل من جهة والعنكبوت من جهة أخرى، كذلك رأينا التعاكس في النظام الرقمي بين سورتي النحل والنمل من جهة وسورة العنكبوت من جهة ثانية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عجائب القرآن التي لا تنقضي.
<H3 dir=rtl style="TEXT-JUSTIFY: kashida; MARGIN: 0cm 0cm 0pt; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify; TEXT-KASHIDA: 0%">ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
</H3>
ده موقع المهندس عبد الدايم كحيل
الإعجاز العلمي والرقمي في القرآن الكريم
http://www.kaheel7.com/modules.php?name=News&file=article&sid=354
هيفيدكم الأول شوفوا السورة من على الموقع ده وشوفوا الإعجاز الخاص بها وبعدين اختاروا السورة على الموضوع ده وبكده مش هتتعبوا إن شاء الله
وفقكم الله تعالى لما يحبه ويرضاه وجعلنا متحابين فيه ورزقنا ظله يوم لا ظل إلا ظله وجمعنا جميعا في مقعد صدق عند مليك مقتدر
تقبلو تحياتي
لكم خالص ودي وتقديري واحترامي
بارك الله فى عمرك وحياتك أخى فى الله
موقع عبد الدائم كحيل موقع حقأًًً رائع
شكرااا للأفادة أخى فى الله
وجعل كل كلمة تكتبها فى ميزان حسناتك
تقديرى وجزاك الله خيرااا
منى رشدى
http://www.up.qatarw.com/get-9-2009-fzgj3qoh.gif
جزاك الله كل خير
ويارب ترجعلنا بسرعه وانته بالف خير وصحه وسلامه
;;)
حد حدد سوره للنهارده ولا ايه؟:-/
انا قرات سورة البروج و النمل
باذن الله نقراء سورة الاعراف
جزاكم الله كل خير
الاعجاز الرقمي في سورة الاعراف
نكتشف بعض التناسقات الرقمية في سورة الأعراف ونتأمل كيف تكررت كلمات هذه السورة (وغيرها) بنظام عددي محكم....
إنها سورة عظيمة لا نهاية لمعجزاتها وعجائبها، إنها سورة "الأعراف" والذي لفت انتباهي أن رقم سورة الأعراف في القرآن هو 7 وهذا العدد له دلالات عظيمة ومعاني خفية، لأن الله تعالى أودع فيه أسراراً عظيمة، ليكون شاهداً على أن منزل القرآن هو خالق السموات السبع!
وعندما درستُ هذه السورة بشيء من التدبر وجدت فيها نظاماً عجيباً يتعلق بهذا العدد أي العدد سبعة. وسوف أعيش معكم في رحاب قليل من هذه العجائب لندرك بعدها أنه لا يمكن لبشر أن ينظم كلاماً بهذا الترتيب المحكم، وبالتالي فإن هذه العجائب هي برهان مادي ودليل محسوس على صدق قول الحق تبارك وتعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء: 88].
سوف نقوم ببعض الإحصائيات داخل هذه السورة، ونتأمل كيف تكررت كلماتها بشكل لا يمكن أن يكون بالمصادفة، فقد وجدتُ أن الكلمات في القرآن تتكرر بعدة أنظمة عددية، ولكن قبل ذلك نشير إلى أن رقم سورة الأعراف هو 7 وعدد حروف كلمة (الأعراف) هو 7 أيضاً!
نظام التقابل
وهذا النظام منتشر بكثرة في القرآن حيث نجد أن الكلمات المتقابلة تأتي تتكرر بنفس العدد، فمثلاً نجد في هذه السورة العظيمة أن كلمة (الدنيا) تكررت 4 مرات، وكلمة (الآخرة) تكررت 4 مرات أيضاً بنفس العدد.
نلاحظ في هذه السورة حديثاً عن أصحاب الجنة وأصحاب النار ومقارنة بينهما، وهناك منطقة متوسطة بين النار والجنة هي (الأعراف)، فكيف جاءت هذه العبارات في سورة الأعراف؟
لقد تكررت عبارة (أصحاب الجنة) 4 مرات، وتكررت عبارة (أصحاب النار) 4 مرات أيضاً بنفس العدد تماماً.
أما عبارة (أصحاب الأعراف) فقد تكررت مرة واحدة، والأعراف هي المنطقة التي تفصل بين الجنة والنار. وكأننا أمام ميزان محكم.
تكررت كلمة (رجال) بالجمع 3 مرات وتكررت كلمة (نساء) بالجمع 3 مرات.
تكررت (المؤمنين، المؤمنون) بالجمع 6 مرات، وتكررت (الكافرين، الكافرون) بالجمع 6 مرات أيضاً.
تكررت عبارة (الحياة الدنيا) 3 مرات، وتكررت عبارة (يوم القيامة) 3 مرات.
تكررت كلمة (حسنة، حسنات) 4 مرات، وتكررت كلمة (سيئة، سيئات) 4 مرات.
والعجيب أننا نجد داخل الكلمة نفسها تناسقات عددية من أجل الصيغ المتنوعة فمثلاً: كلمة (أُنزِل) تكررت 3 مرات، وكذلك كلمة (أنزلنا) تكررت 3 مرات بنفس العدد!
وهكذا عبارات وكلمات تتكرر بنفس النظام بما يشهد على وجود إعجاز عددي في كتاب الله تبارك وتعالى.
نظام الرقم سبعة
هناك كلمات في هذه السورة تتكرر سبع مرات، بشكل لافت للانتباه، فلو تأملنا بداية هذه السورة نلاحظ أنها بدأت بالحروف المقطعة (المص) ثم تأتي أول كلمة في السورة وهي (كتاب) في قوله تعالى: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف: 2]. فإذا ما دققنا النظر نجد أن كلمة (كتاب) قد تكررت في السورة كلها 7 مرات بالضبط!!
أما عن الأنبياء فقد وردت في بداية السورة قصة آدم مع إبليس، والعجيب أن اسم (آدم) قد تكرر في هذه السورة بالضبط سبع مرات. وكذلك تكررت كلمة (الشيطان) 6 مرات و(إبليس) مرة والمجموع سبعة.
هذا الشيطان هو العدو رقم واحد بالنسبة لنا أو هكذا يجب أن نتخذه، ولو تتبعنا كلمة (عدو – أعداء) نجد أنها تكررت 7 مرات أيضاً.
وبما أن هذه السورة تتحدث عن الجنة والنار فقد تكررت كلمة (الجنة) 7 مرات، (ما عدا جنة آدم) وكذلك تكررت كلمة (النار) 7 مرات بنفس العدد!
هذه السورة تحوي سجدة في آخر آية منها في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) [الأعراف: 206]. ولو تأملنا فعل (السجود) نلاحظ أنه تكرر في هذه السورة 7 مرات! والمؤمن يسجد على سبعة أعضاء كما نعلم.
كذلك تتحدث هذه السورة عن قصة السحرة ولو تتبعنا هذه الكلمة نلاحظ أن فعل (السحر) تكرر 7 مرات في السورة كلها.
تتحدث السورة عن الفساد وتنهانا عن الفساد في الأرض ولو تأملنا هذه الكلمة نلاحظ أن فعل (الفساد) قد تكرر 7 مرات في السورة أيضاً.
في هذه السورة أمر لأن نذكر الله تعالى ولو تأملنا هذا الأمر الإلهي نجد أن كلمة (اذكروا، اذكر) تكررت سبع مرات (اذكروا 6 مرات، اذكر مرة والمجموع 7).
وبما أن كل شيء في هذا الكون تابع لمشيئة الله تعالى، فإننا نجد أن فعل (المشيئة) تكرر سبع مرات بالضبط على خمس صيغ: (نَشَاءُ، يَشَاءُ، تَشَاءُ، أَشَاءُ، شَاءَ).
وهناك الكثير من الكلمات والعبارات تتكرر سبع مرات بالضبط مثلاً:
تكررت كلمة (العالمين) 7 مرات. وتكررت كلمة (الظالمين) 7 مرات. وتكررت كلمة (لعلهم) 7 مرات، ...
وهكذا لو تدبرنا بقية سور القرآن نرى نفس النظام يتكرر، ولو أردنا كتابة جميع النتائج التي توصلنا إليها لاحتجنا إلى عشرات المجلدات، ولكن المؤمن تكفيه الإشارة والتذكرة ليزداد إيماناً ويقيناً، اللهم اجعل هذه العجائب وسيلة لزيادة الإيمان واليقين بك وبلقائك وبوعدك.
باذن الله سوره السجده
سورة السجدة هي السورة 32 في ترتيب المصحف الشريف ، وقد لاحظ بعض الكتاب أن عدد السور التي
وردت فيها كلمة ( س ج د ) هي 32 سورة .
عدد السجدات في القرآن الكريم كما هو مشهور 15 سجدة ، واحدة منها في سورة السجدة :
( انما يؤمن بآياتنا الذين اذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون )
اللافت للانتباه هن أن هذه الآية هي الآية 15 من سورة السجدة ، وهذا العدد يوافق عدد السجدات في القرآن كله
ويلفت الانتباه أيضا أن عدد كلمات هذه الآية هو 15 كلمة .
عدد آيات سورة السجدة هو 30 آية وهذا يعني أن آية السجدة جاءت في نهاية النصف الأول
وهذا يعني ( 2 * 15 ) = 30 فماذا لو ضربنا ترتيب كلمة ( سجدا ) بالعدد 2 كما فعلنا في رقم الآية ؟؟
مع العلم أن كلمة ( سجدا ) هي الكلمة 186 في ترتيب كلمات السورة : ( 2 * 186 ) = 372
والمفاجئ هنا أن هذا هو عدد كلمات سورة السجدة ... فـتأمل ؟؟؟
سبحان الله حقا كتاب الله تعالى معجز بألفاظه ومعانيه ومهما اكتشف الانسان من معجزات القرآن
الا أنه يظل بحر واااااااااااسع من الاعجاز يصعب عليه اكتشافه .
دمتم في رعاية الله وحفظه
بعد سورة السجده نقراء سورة يس ان شاء الله جزاك الله كل خير اسماء
تفسير سورة يس
تفسيرسورةيس عدد آياتها 83 ( آية 1-30 )
وهي مكية
{ 1 - 12 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ * وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ * وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }
هذا قسم من اللّه تعالى بالقرآن الحكيم، الذي وصفه الحكمة، وهي وضع كل شيء موضعه، وضع الأمر والنهي في الموضع اللائق بهما، ووضع الجزاء بالخير والشر في محلهما اللائق بهما، فأحكامه الشرعية والجزائية كلها مشتملة على غاية الحكمة.
ومن حكمة هذا القرآن، أنه يجمع بين ذكر الحكم وحكمته، فينبه العقول على المناسبات والأوصاف المقتضية لترتيب الحكم عليها.
{ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } هذا المقسم عليه، وهو رسالة محمد صلى اللّه عليه وسلم، وإنك من جملة المرسلين، فلست ببدع من الرسل، وأيضا فجئت بما جاء به الرسل من الأصول الدينية، وأيضا فمن تأمل أحوال المرسلين وأوصافهم، وعرف الفرق بينهم وبين غيرهم، عرف أنك من خيار المرسلين، بما فيك من الصفات الكاملة، والأخلاق الفاضلة.
ولا يخفى ما بين المقسم به، وهو القرآن الحكيم، وبين المقسم عليه، [وهو] رسالة الرسول محمد صلى اللّه عليه وسلم، من الاتصال، وأنه لو لم يكن لرسالته دليل ولا شاهد إلا هذا القرآن الحكيم، لكفى به دليلا وشاهدا على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، بل القرآن العظيم أقوى الأدلة المتصلة المستمرة على رسالة الرسول، فأدلة القرآن كلها أدلة لرسالة محمد صلى اللّه عليه وسلم.
ثم أخبر بأعظم أوصاف الرسول صلى اللّه عليه وسلم، الدالة على رسالته، وهو أنه { عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } معتدل، موصل إلى اللّه وإلى دار كرامته، وذلك الصراط المستقيم، مشتمل على أعمال، وهي الأعمال الصالحة، المصلحة للقلب والبدن، والدنيا والآخرة، والأخلاق الفاضلة، المزكية للنفس، المطهرة للقلب، المنمية للأجر، فهذا الصراط المستقيم، الذي هو وصف الرسول صلى اللّه عليه وسلم، ووصف دينه الذي جاء به، فتأمل جلالة هذا القرآن الكريم، كيف جمع بين القسم بأشرف الأقسام، على أجل مقسم عليه، وخبر اللّه وحده كاف، ولكنه تعالى أقام من الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة في هذا الموضع على صحة ما أقسم عليه، من رسالة رسوله ما نبهنا عليه، وأشرنا إشارة لطيفة لسلوك طريقه، وهذا الصراط المستقيم { تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ } فهو الذي أنزل به كتابه، وأنزله طريقا لعباده، موصلا لهم إليه، فحماه بعزته عن التغيير والتبديل، ورحم به عباده رحمة اتصلت بهم، حتى أوصلتهم إلى دار رحمته، ولهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: العزيز. الرحيم.
فلما أقسم تعالى على رسالته وأقام الأدلة عليها، ذكر شدة الحاجة إليها واقتضاء الضرورة لها فقال: { لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } وهم العرب الأميون، الذين لم يزالوا خالين من الكتب، عادمين الرسل، قد عمتهم الجهالة، وغمرتهم الضلالة، وأضحكوا عليهم وعلى سفههم عقول العالمين، فأرسل اللّه إليهم رسولا من أنفسهم، يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، فينذر العرب الأميين، ومن لحق بهم من كل أمي، ويذكر أهل الكتب بما عندهم من الكتب، فنعمة اللّه به على العرب خصوصا، وعلى غيرهم عموما. ولكن هؤلاء الذين بعثت فيهم لإنذارهم بعدما أنذرتهم، انقسموا قسمين: قسم رد لما جئت به، ولم يقبل النذارة، وهم الذين قال اللّه فيهم { لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } أي: نفذ فيهم القضاء والمشيئة، أنهم لا يزالون في كفرهم وشركهم، وإنما حق عليهم القول بعد أن عرض عليهم الحق فرفضوه، فحينئذ عوقبوا بالطبع على قلوبهم.
وذكر الموانع من وصول الإيمان لقلوبهم، فقال: { إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا } وهي جمع "غل" و "الغل" ما يغل به العنق، فهو للعنق بمنزلة القيد للرجل، وهذه الأغلال التي في الأعناق عظيمة قد وصلت إلى أذقانهم ورفعت رءوسهم إلى فوق، { فَهُمْ مُقْمَحُونَ } أي: رافعو رءوسهم من شدة الغل الذي في أعناقهم، فلا يستطيعون أن يخفضوها.
{ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا } أي: حاجزا يحجزهم عن الإيمان، { فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } قد غمرهم الجهل والشقاء من جميع جوانبهم، فلم تفد فيهم النذارة. { وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } وكيف يؤمن من طبع على قلبه، ورأى الحق باطلا والباطل حقا؟!
والقسم الثاني: الذين قبلوا النذارة، وقد ذكرهم بقوله: { إِنَّمَا تُنْذِرُ } أي: إنما تنفع نذارتك، ويتعظ بنصحك { مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ } [أي:] من قصده اتباع الحق وما ذكر به، { وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } أي: من اتصف بهذين الأمرين، القصد الحسن في طلب الحق، وخشية اللّه تعالى، فهم الذين ينتفعون برسالتك، ويزكون بتعليمك، وهذا الذي وفق لهذين الأمرين { فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ } لذنوبه، { وَأَجْرٍ كَرِيمٍ } لأعماله الصالحة، ونيته الحسنة.
{ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى } أي: نبعثهم بعد موتهم لنجازيهم على الأعمال، { وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا } من الخير والشر، وهو أعمالهم التي عملوها وباشروها في حال حياتهم، { وَآثَارَهُمْ } وهي آثار الخير وآثار الشر، التي كانوا هم السبب في إيجادها في حال حياتهم وبعد وفاتهم، وتلك الأعمال التي نشأت من أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم، فكل خير عمل به أحد من الناس، بسبب علم العبد وتعليمه ونصحه، أو أمره بالمعروف، أو نهيه عن المنكر، أو علم أودعه عند المتعلمين، أو في كتب ينتفع بها في حياته وبعد موته، أو عمل خيرا، من صلاة أو زكاة أو صدقة أو إحسان، فاقتدى به غيره، أو عمل مسجدا، أو محلا من المحال التي يرتفق بها الناس، وما أشبه ذلك، فإنها من آثاره التي تكتب له، وكذلك عمل الشر.
ولهذا: { من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة } وهذا الموضع، يبين لك علو مرتبة الدعوة إلى اللّه والهداية إلى سبيله بكل وسيلة وطريق موصل إلى ذلك، ونزول درجة الداعي إلى الشر الإمام فيه، وأنه أسفل الخليقة، وأشدهم جرما، وأعظمهم إثما.
{ وَكُلَّ شَيْءٍ } من الأعمال والنيات وغيرها { أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ } أي: كتاب هو أم الكتب وإليه مرجع الكتب، التي تكون بأيدي الملائكة، وهو اللوح المحفوظ.
{ 13 - 30 } { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } إلى آخر القصة.
أي: واضرب لهؤلاء المكذبين برسالتك، الرادين لدعوتك، مثلا يعتبرون به، ويكون لهم موعظة إن وفقوا للخير، وذلك المثل: أصحاب القرية، وما جرى منهم من التكذيب لرسل اللّه، وما جرى عليهم من عقوبته ونكاله.
وتعيين تلك القرية، لو كان فيه فائدة، لعينها اللّه، فالتعرض لذلك وما أشبهه من باب التكلف والتكلم بلا علم، ولهذا إذا تكلم أحد في مثل هذا تجد عنده من الخبط والخلط والاختلاف الذي لا يستقر له قرار، ما تعرف به أن طريق العلم الصحيح، الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه، وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم، من حيث يظن الجاهل أن زيادته بذكر الأقوال التي لا دليل عليها، ولا حجة عليها ولا يحصل منها من الفائدة إلا تشويش الذهن واعتياد الأمور المشكوك فيها.
والشاهد أن هذه القرية جعلها اللّه مثلا للمخاطبين. { إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } من اللّه تعالى يأمرونهم بعبادة اللّه وحده، وإخلاص الدين له، وينهونهم عن الشرك والمعاصي.
{ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ } أي: قويناهما بثالث، فصاروا ثلاثة رسل، اعتناء من اللّه بهم، وإقامة للحجة بتوالي الرسل إليهم، { فَقَالُوا } لهم: { إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ } فأجابوهم بالجواب الذي ما زال مشهورا عند من رد دعوة الرسل: فـ { قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا } أي: فما الذي فضلكم علينا وخصكم من دوننا؟ قالت الرسل لأممهم: { إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ }
{ وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ } أي: أنكروا عموم الرسالة، ثم أنكروا أيضا المخاطبين لهم، فقالوا: { إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ }
فقالت هؤلاء الرسل الثلاثة: { رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ } فلو كنا كاذبين، لأظهر اللّه خزينا، ولبادرنا بالعقوبة.
{ وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } أي: البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها، وما عدا هذا من آيات الاقتراح، ومن سرعة العذاب، فليس إلينا، وإنما وظيفتنا -التي هي البلاغ المبين- قمنا بها، وبيناها لكم، فإن اهتديتم، فهو حظكم وتوفيقكم، وإن ضللتم، فليس لنا من الأمر شيء.
فقال أصحاب القرية لرسلهم: { إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ } أي: لم نر على قدومكم علينا واتصالكم بنا إلا الشر، وهذا من أعجب العجائب، أن يجعل من قدم عليهم بأجل نعمة ينعم اللّه بها على العباد، وأجل كرامة يكرمهم بها، وضرورتهم إليها فوق كل ضرورة، قد قدم بحالة شر، زادت على الشر الذي هم عليه، واستشأموا بها، ولكن الخذلان وعدم التوفيق، يصنع بصاحبه أعظم مما يصنع به عدوه.
ثم توعدوهم فقالوا: { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ } أي: نقتلنكم رجما بالحجارة أشنع القتلات { وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ }
فقالت لهم رسلهم: { طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ } وهو ما معهم من الشرك والشر، المقتضي لوقوع المكروه والنقمة، وارتفاع المحبوب والنعمة. { أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ } أي: بسبب أنا ذكرناكم ما فيه صلاحكم وحظكم، قلتم لنا ما قلتم.
{ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ } متجاوزون للحد، متجرهمون في قولكم، فلم يزدهم [دعاؤهم] إلا نفورا واستكبارا.
{ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى } حرصا على نصح قومه حين سمع ما دعت إليه الرسل وآمن به، وعلم ما رد به قومه عليهم فقال [لهم]: { يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ } فأمرهم باتباعهم ونصحهم على ذلك، وشهد لهم بالرسالة، ثم ذكر تأييدا لما شهد به ودعا إليه، فقال: { اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا } أي: اتبعوا من نصحكم نصحا يعود إليكم بالخير، وليس [يريد منكم أموالكم ولا أجرا على نصحه لكم وإرشاده إياكم، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه.
بقي] أن يقال: فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة، ولكنه ليس على الحق، فدفع هذا الاحتراز بقوله: { وَهُمْ مُهْتَدُونَ } لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه.
فكأن قومه لم يقبلوا نصحه، بل عادوا لائمين له على اتباع الرسل، وإخلاص الدين للّه وحده، فقال: { وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي: وما المانع لي من عبادة من هو المستحق للعبادة، لأنه الذي فطرني، وخلقني، ورزقني، وإليه مآل جميع الخلق، فيجازيهم بأعمالهم، فالذي بيده الخلق والرزق، والحكم بين العباد، في الدنيا والآخرة، هو الذي يستحق أن يعبد، ويثنى عليه ويمجد، دون من لا يملك نفعا ولا ضرا، ولا عطاء ولا منعا، ولا حياة ولا موتا ولا نشورا، ولهذا قال: { أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ } لأنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذنه، فلا تغني شفاعتهم عني شيئا، وَلَا هُمْ يُنْقذون من الضر الذي أراده اللّه بي.
{ إِنِّي إِذًا } أي: إن عبدت آلهة هذا وصفها { لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } فجمع في هذا الكلام، بين نصحهم، والشهادة للرسل بالرسالة، والاهتداء والإخبار بِتعيُّن عبادة اللّه وحده، وذكر الأدلة عليها، وأن عبادة غيره باطلة، وذكر البراهين عليها، والإخبار بضلال من عبدها، والإعلان بإيمانه جهرا، مع خوفه الشديد من قتلهم، فقال: { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } فقتله قومه، لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به.
فـ { قِيلَ } له في الحال: { ادْخُلِ الْجَنَّةَ } فقال مخبرا بما وصل إليه من الكرامة على توحيده وإخلاصه، وناصحا لقومه بعد وفاته، كما نصح لهم في حياته: { يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } أي: بأي: شيء غفر لي، فأزال عني أنواع العقوبات، { وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } بأنواع المثوبات والمسرات، أي: لو وصل علم ذلك إلى قلوبهم، لم يقيموا على شركهم.
قال اللّه في عقوبة قومه: [ { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ] مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ } أي: ما احتجنا أن نتكلف في عقوبتهم، فننزل جندا من السماء لإتلافهم، { وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ } لعدم الحاجة إلى ذلك، وعظمة اقتدار اللّه تعالى، وشدة ضعف بني آدم، وأنهم أدنى شيء يصيبهم من عذاب اللّه يكفيهم { إِنْ كَانَتْ } أي: كانت عقوبتهم { إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً } أي: صوتا واحدا، تكلم به بعض ملائكة اللّه، { فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ } قد تقطعت قلوبهم في أجوافهم، وانزعجوا لتلك الصيحة، فأصبحوا خامدين، لا صوت ولا حركة، ولا حياة بعد ذلك العتو والاستكبار، ومقابلة أشرف الخلق بذلك الكلام القبيح، وتجبرهم عليهم.
قال اللّه متوجعا للعباد: { يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي: ما أعظم شقاءهم، وأطول عناءهم، وأشد جهلهم، حيث كانوا بهذه الصفة القبيحة، التي هي سبب لكل شقاء وعذاب ونكال"
دعاءسورة يس|
عن ابى هريرة رضى الله عنة قال:
قال رسول الله صلى الله علية وسلم "من قرأ يس فى ليلة ابتغاء وجة الله تعالى غفر لة"
وفى هذة الايام المباركة نسأل الله تعالى ان يغفر لنا ذنوبنا وأن يبدل سيئاتنا بحسنات.....بعد قراءة سورة يس ندعى بالاّتى:
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله بقدر حبك فيه وبجاهه فرج عنى ما انا فيه (7)
وبسر بسم الله الرحمن الرحيم (يس والقرآن الحكيم )وبمن اخترته للنبوة والرسالة من خلقك اجمعين ؛وبجميع ما جاء به سيدنا جبريل عليه السلام (تنزيل العزيز الرحيم ) ؛وبخفى اسرار الحروف والاسماء والكلمات التامة ؛وبما اظهرته فى الوجود لكل موجود من الآيات البينات والذكر الحكيم وبخفى لطفك المنفس عن كل مهموم ومكروب (يامفرج4)فرج عنى ما انا فيه سبحان مجرى الماء فى العيون .سبحان العالم لكل مكنون .سبحان المخلص عن كل مديون ومخزون .سبحان من جعل خزائنه بين الكاف والنون )اللهم انى اسالك واتوجه اليك بحبيبك ونبيك ورسولك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
ان تسخر لى قلب من احوجتنى اليه وان تكفينى شر من يقدر على ولا اقدر عليه يامن بيده ملكوت كل شيىء انت العالم به وقادر عليه واسالك اللهم بحرمة القرآن الكريم وبالسر الذى اودعته فى سورة يس وبحق من انزلها ومن نزل بها ومن انزلت عليه أن تسخر لى قلوب عبادك .
يقضوا لى بامرك جميع المطالب واجعلنى فى كل امر وشدة انا الغالب ومن على ياسيدى بسرعة الاجابة . اللهم استجب دعائى وحقق فيك رجائى وادخلنى وادخل ذريتى وكل من تحوط به شفقة قلبى فى حرز لطفك واكفنى شر ما يكون قبل ان يكون بسر قولك (انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون . فسبحان الذى بيده ملكوت كل شيىء واليه ترجعون )وصلى الله على سيدنا محمد النبى الامى وعلى اله وصحبه وسلم
بارك الله فيكى ياطيور الجنه
وان شاء الله يظل الموضوع كما تمنى الاخ اكرام
لحين رجوعه ان شاء الله
بارك الله فيكى حبيبتى
والله الشرح افادنا جدااااا
ربنا يكرمك
بعد سورة يس ان شاء الله نقرا سورة البلد
جزاكم الله كل خير
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة البلد
﴿ لا أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَدِ . وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـذَا الْبَلَدِ . وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ . لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ . أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ . يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً . أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ . أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ . وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ . وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ ﴾﴿ لاَ أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴾: { لاَ } للاستفتاح، أي: استفتاح الكلام وتوكيده، وليست نافية، لأن المراد إثبات القسم، يعني أنا أقسم بهذا البلد لكن (لا) هذه تأتي هنا للتنبيه والتأكيد، و ﴿ أُقْسِمُ ﴾ القسم تأكيد الشيء بذكر معظم على وجه مخصوص. فكل شيء محلوف به لابد أن يكون معظّماً لدى الحالف، وقد لا يكون معظمًا في حد ذاته. فمثلاً الذين يحلفون باللات والعزى هي معظمة عندهم، لكن هي في الواقع ليست عظيمة ولا معظّمة. فالحلف، أو القسم، أو اليمين المعنى واحد، هي تأكيد الشيء بذكر معظم عند الحالف على صفة مخصوصة.
وحروف القسم هي: الباء، والواو، والتاء، والذي في الآية الكريمة هنا ﴿ لاَ أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴾ : (الباء). ﴿ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴾ البلد هنا مكة، وأقسم الله بها لشرفها وعظمها، فهي أعظم بقاع الأرض حرمة وأحب بقاع الأرض إلى الله عز وجل، ولهذا بعث منها رسول الله صلى الله عليه وسلّم الذي هو سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه، فجدير بهذا البلد الأمين أن يقسم به. ولكن نحن لا نقسم به، لأنه مخلوق، وليس لنا الحق أن نقسم بمخلوق. كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: « مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ الله فقد كَفَرَ أو أشْرَكَ » ، أما الله عز وجل فإنه سبحانه يقسم بما شاء، ولهذا أقسم هنا بمكة ﴿ لاَ أُقْسِمُ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴾ .
﴿ وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـذَا الْبَلَدِ ﴾ قيل المعنى: أقسم بهذا البلد حال كونك حالاًّ فيه، لأن حلول النبي صلى الله عليه وسلّم في مكة يزيدها شرفاً إلى شرفها. وقيل المعنى: وأنت تستحل هذا البلد، فيكون إقسام الله تعالى بمكة حال كونها حلاًّ للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذلك عام الفتح؛ لأن مكة عام الفتح أُحلت للرسول عليه الصلاة والسلام ولم تحل لأحد قبله، ولا تحل لأحد بعد ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: « وقد عادَتْ حُرْمَتُها اليومَ كحُرمتِها بالأمس » ، فيكون إقسام الله تعالى بهذا البلد مقيداً بما إذا كانت حلاًّ للرسول صلى الله عليه وسلّم عـام الفتـح؛ لأنهـا في ذلك اليـوم تزداد شرفاً إلى شرفها، حيث طُهِّرت من الأصنام وهزم المشركون، وفتحت عليهم بلادهم عنوة، وصارت هذه البلد بعد أن كانت بلد كفر صارت بلاد إيمان، وبعد أن كانت بـلاد شرك صـارت بلاد توحيد، وبعد أن كانت بلاد عناد صارت بلاد إسلام، فأشرف حال لمكة كانت عند الفتح.
﴿ وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴾ يعني: وأقسم بالوالد وما ولد، فمن المراد بالوالد ومن المراد بالولد؟
قيل: المراد بالوالد آدم، وبالولد بنو آدم وعلى هذا تكون (ما) بمعنى (من) أي: ووالد ومن ولد، لأن (من) للعقلاء، و(ما) لغير العقلاء. وقيل: المراد بالوالد وما ولد كل والد وما ولد، الإنسان والبهائم وكل شيء، لأن الوالد والمولود كلاهما من آيات الله عز وجل، كيف يخرج هذا المولود حيًّا سويًّا سميعاً بصيراً من نطفة من ماء، فهذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل، هذا الولد السوي يخرج من نطفة ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ ﴾ [يس:77]. كذلك الحشرات وغيرها تخرج ضعيفة هزيلة، ثم تكبر إلى ما شاء الله تعالى من حد. والصحيح أن هذه عامة تشمل كل والد وكل مولود.
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ : اللام هنا واقعة في جواب القسم، لتزيد الجملة تأكيداً، و﴿ قد ﴾ تزيد الجملة تأكيداً أيضاً فتكون جملة ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ مؤكدة بثلاثة مؤكدات، وهي: القسم، واللام، وقد. ﴿ خَلَقْنَا الإِنسَانَ ﴾ الإنسان اسم جنس يشمل كل واحد من بني آدم ﴿ فِي كَبَدٍ ﴾ فيها معنيان:
المعنى الأول: في استقامة، يعني أنه خلق على أكمل وجه في الِخلقة، مستقيماً يمشي على قدميه، ويرفع رأسه، وبدنه معتدلاً. والبهائم بالعكس الرأس على حذاء الدبر، أما بنو آدم فالرأس مرتفع أعلى البدن، فهو كما قال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4]. وقيل: المراد بـ { كَبَدٍ } مكابدة الأشياء ومعاناتها، وأن الإنسان يعاني المشقة في أمور الدنيا، وفي طلب الرزق، وفي إصلاح الحرث وغير ذلك. ويعاني أيضاً معاناة أشد مع نفسه ومجاهدتها على طاعة الله، واجتناب معاصي الله، وهذا الجهاد الذي هو أشق من معاناة طلب الرزق، ولاسيما إذا ابتلي الإنسان ببيئة منحرفة وصار بينهم غريباً، فإنه سيجد المشقة في معاناة نفسه، وفي معاناة الناس أيضاً.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن تكون الآية شاملة للمعنيين؟
فالجواب: بلى، وهكذا ينبغي إذا وجدت في الكتاب العزيز آية تحتمل معنيين وليس بينهما مناقضة فاحملها على المعنيين، لأن القرآن أشمل وأوسع، فإن كان بينهما مناقضة فانظر الراجح. فمثلاً، قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة:228]. ﴿ قُرُوءٍ ﴾ جمع قرء بفتح القاف فما هو (القرء)؟ قيل: هو الحيض، وقيل: هو الطهر. هنا لا يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعاً للتناقض، لكن اطلب المرجح لأحد القولين وخذ به. فهنا نقول: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ يصح أن تكون الاية شاملة للمعنيين أي في حسن قامة واستقامة، و﴿ في كبد ﴾ في معاناة لمشاق الأمور.
﴿ أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴾ أي: أن الإنسان في نفسه وقوته يظن أن لن يقدر عليه أحد، لأنه في عنفوان شبابه وقوته وكبريائه وغطرسته، فيقول لا أحد يقدر علي، أنا أعمل ما شئت، ومنه قوله تبارك وتعالى: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُواْ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾ . قال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ﴾ [فصلت:15]. إذاً، فالإنسان في حال صحته وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، حتى الرب عز وجل يظن أنه لا يقدر عليه، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير فيخاف منه.
﴿ يَقُولُ ﴾ أي يقول الإنسان أيضاً في حال غناه وبسط الرزق له ﴿ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً ﴾ أي: مالاً كثيراً في شهواته وفي ملذاته.
يقول الله عز وجل: ﴿ أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ ﴾ أيظن هذا أنه لا يراه أحد في تبذيره المال، وصرفه في ما لا ينفع، وكل هذا تهديد للإنسان أن يتغطرس، وأن يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله.
قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ . وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ . وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ ﴾ . هذه ثلاث نعم من أكبر النعم على الإنسان.
﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾ يعني يبصر بهما ويرى فيهما، وهاتان العينان تؤديان إلى القلب ما نظر إليه الإنسان، فإن نظر نظرة محرمة كان آثماً، وإن نظر نظراً يقربه إلى الله كان غانماً، وإذا نظر إلى ما يباح له فإنه لا يحمد ولا يذم ما لم يكن هذا النظر مفضياً إلى محظور شرعي فيكون آثماً بهذا النظر.
﴿ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ ﴾ لساناً ينطق به، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذه من نعم الله العظيمة، لأنه بهذا اللسان والشفتين يستطيع أن يعبر عما في نفسه، ولولا هذا ما استطاع، لو كان لا يتكلم فكيف يعبر عما ما في قلبه؟ كيف يعلم الناس بما في نفسه؟ اللهم إلا بإشارة تتعب، يتعب المشير ويتعب الذين أشير إليهم. ولكن من نعمة الله أن جعل له لساناً ناطقاً، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذا من نعمة الله، وهو أيضاً من عجائب قدرته: يأتي النطق من هواء يكون من الرئة يخرج من مخارج معينة، إن مر بشيء صار حرفاً، وإن مر بشيء آخر صار حرفاً آخر، وهو هواء واحد من مخرج واحد، لكن يمر بشعيرات دقيقة في الحلق، وفي الشفتين، وفي اللثة هذه الشعرات تكون الحروف. فتجد مثلاً الباء والشين كلها بهواء يندفع من الرئة ومع ذلك تختلف باختلاف ما تمر عليه في هذا الفم، ومخارج الحروف المعروفة، هذا من تمام قدرة الله عز وجل.
﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ ﴾ قيل: أي بينا له طريق الخير، وطريق الشر. القول الثاني: ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ ﴾ دللناه على ما به غذاؤه وهو الثديان؛ فإنهما نجدان لارتفاعهما فوق الصدر، فهداه الله تعالى وهو رضيع لا يعرف، فمن حين أن يخرج وتضعه أمه يطلب الثدي، والذي أعلمه الله عز وجل، فبين الله عز وجل منته على هذا الإنسان من حين أن يخرج يهتدي إلى النجدين. وفي بطن أمه يتغذى عن طريق السرة؛ لأنه لا يستطيع أن يتغذى من غير هذا، فلو تغذى عن طريق الفم لاحتاج إلى بول وغائط، وكيف ذلك؟ لكنه عن طريق السرة يأتيه الدم من دم أمه وينتشر في عروقه حتى يحيا إلى أن يأذن الله تعالى بإخراجه.﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ . أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ . ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ . أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ . عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ ﴾
﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ أي الإنسان الذي كان ﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً ﴾ ، يعني هلا اقتحم العقبة؟ والاقتحام هو التجاوز بمشقة يسمى اقتحاماً. و ﴿ الْعَقَبَةَ ﴾ هي الطريق في الجبل الوعر ولا شك أن اقتحام هذه العقبة شاق على النفوس، لا يتجاوزه أو لا يقوم به إلا من كان عنده نية صادقة في تجاوز هذه العقبة. ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴾ هذا الاستفهام للتشويق والتفخيم أيضاً، يعني: ما الذي أعلمك شأن هذه العقبة التي قال الله عنها ﴿ فَلاَ اقتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ بينها الله في قوله ﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ . أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ . ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ فقوله: ﴿ فَكُّ رَقَبَةٍ ﴾ هي خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: ﴿ هي فك رقبة ﴾وفك الرقبة له معنيان:
المعنى الأول: فكّها من الرق، بحيث يعتق الإنسان العبيد المملوكين سواء كانوا في ملكه فيعتقهم، أو كانوا في ملك غيره فيشتريهم ويعتقهم.
المعنى الثاني: فك رقبة من الأسير، فإن فكاك الأسير من أفضل الأعمـال إلى الله عز وجل. والأسير ربما لا يفكه العدو إلا بفدية مالية، وربما تكون هذه الفدية فدية باهظة كثيرة لا يقتحمها إلا من كان عنده إيمان بالله عز وجل بأن يخلف عليه ما أنفق، وأن يثيبه على ما تصدق.
﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ : ﴿ أَوْ ﴾ هذه للتنويع يعني: وإما ﴿ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ أي: ذي مجاعة شديدة، لأن الناس قد يصابون بالمجاعة الشديدة، إما لقلة الحاصل من الثمار والزروع، وإما لأمراض في أجسامهم يأكل الإنسان ولا يشبع، وهذا قد وقع فيما نسمع عنه في البلاد النجدية وربما في غيرها أيضاً. أن الناس يأكلون ولا يشبعون، يأكل الواحد مأكل العشرة ولا يشبع، ويموتون من الجوع في الأسواق ويتساقطون في الأسواق من الجوع، هذه من المساغب. أو قلة المحصول بحيث لا تثمر الأشجار، ولا تنبت الزروع، فيقل الحاصل وتحصل المسغبة، ويموت الناس جوعاً، وربما يهاجرون عن بلادهم.
﴿ يَتِيماً ﴾ اليتيم هو من مات أبوه قبل أن يبلغ سواءً كان ذكراً أم أنثى. فإن بلغ فإنه لا يكون يتيماً؛ لأنه بلغ وانفصل. وكذلك لو ماتت أمه فإنه لا يكون يتيماً، خلافاً لما يظنه بعض العامة، أن اليتيم من ماتت أمه وهذا ليس بصحيح، فاليتيم من مات أبوه؛ لأنه إذا مات أبوه لم يكن له كاسب من الخلق يكسب له. وقوله: ﴿ ذَا مَقْرَبَةٍ ﴾ ذا قرابة من الإنسان لأنه إذا كان يتيماً كان له حظ من الإكرام والصدقات، وإذا كان قريباً ازداد حظه من ذلك؛ لأنه يكون واجب الصلة، فمن جمع هذين الوصفين اليتم والقرابة فإن الإنفاق عليه من اقتحام العقبة إذا كان ذلك في يوم ذي مسغبة.
﴿ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾ يعني: أو إطعام في يوم ذي مسغبة ﴿ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ﴾ ، المسكين: هو الذي لا يجد قوته ولا قوت عياله. المتربة: مكان التراب، والمعنى: أنه مسكين ليس بيديه شيء إلا التراب. ومعلوم أنه إذا قيل عن الرجل: ليس عنده إلا التراب، فالمعنى: أنه فقير جداً ليس عنده طعام، وليس عنده كساء، وليس عنده مال فهو مسكين ذو متربة.
﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ : ﴿ ثُمَّ كَانَ ﴾ يعني: ثم هو بعد ذلك ليس محسناً على اليتامى والمساكين فقط، بل هو ذو إيمان، آمن بكل ما يجب الإيمان به. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلّم الذي يجب الإيمان به، فقال حين سأله جبريل عن الإيمان: « أَنْ تُؤْمِنَ بِالله، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ » . وقوله: ﴿ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ ﴾ أي: أوصى بعضهـم بعضاً بالصبر، والصبر ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة، فهم صابرون متواصون بالصبر بهذه الأنواع: الصبر على طاعة الله، ثم الصبر عن معصية الله، ثم الصبر على أقدار الله المؤلمة. وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة، في الرسل عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم، فها هو الرسول عليه الصلاة والسلام صابر على طاعة الله، يجاهد في سبيل الله، ويدعو إلى الله، ويؤذى ويعتدى عليه بالضرب، حتى هم المشركون بقتله وهو مع ذلك صابر محتسب، وهو أيضاً صابر عن معصية الله، لا يمكن أن يغدر بأحد، ولا أن يكذب أحداً، ولا أن يخون أحداً، وهو أيضاً متق لله تعالى بقدر ما يستطيع. كذلك صابر على أقدار الله، كم أوذي في الله عز وجل من أجل طاعته، أليست قريش قد آذوه حتى إذا رأوه ساجداً تحت الكعبة أمروا من يأتي بسلا ناقة فيضعه على ظهره، وهو ساجد عليه الصلاة والسلام؟! وهو صابر في ذلك كله. ويوسف عليه الصلاة والسلام، صبر على أقدار الله فقد أُلقي في البئر في غيابة الجب، وأوذي في الله بالسجن، ومع ذلك فهو صابر محتسب لم يتضجر ولم ينكر ما وقع به.
وقوله: ﴿ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ أي: أوصى بعضهم بعضاً أن يرحم الاخر، ورحمة الإنسان للمخلوقات تكون في البهائم وتكون في الناطق. فهو يرحم آباءَه، وأمهاته، وأبناءَه، وبناته، وإخوانه، وأخواته، وأعمامه، وعماته، وهكذا. ويرحم كذلك سائر البشر، وهو أيضاً يرحم الحيوان البهيم فيرحم ناقته، وفرسه، وحماره، وبقرته، وشاته، وغير ذلك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: « ارْحَمُوا مَنْ في اْلأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ في السَّماءِ » .
﴿ أُوْلَـئِكَ ﴾ أي هؤلاء الموصوفون بهذه الصفات ﴿ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴾ أي: أصحاب اليمين، الذين يُؤتون كتابهم يوم القيامة بأيمانهم، فمن أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً.
ثم قال عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا ﴾ أي: جحدوا بها. ﴿ هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴾ ، ﴿ هُمْ ﴾ : الضمير هنا جاء للتوكيد، ولو قيل في غير القرآن: والذين كفروا بآياتنا أصحاب المشئمة. لصح لكن هذا من باب التوكيد. ﴿ الْمَشْأَمَةِ ﴾ يعني: الشمال أو الشؤم.
﴿ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةُ ﴾ أي عليهم نار مغلقة، لا يخرجون منها ولا يستطيعون، نسأل الله أن يجعلنا من الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، وتواصوا بالصبر، وتواصوا بالمرحمة إنه سميع مجيب.
الحمد لله علي نعمة قرائة القرئان
جزاكم الله كل خير
اعلم انك لست موجود الان وسطنا يا اكرام
لكن بقولك كل سنه وانته طيب وعيد سعيد
جزاكم الله خيرا وجعله ربي في موازين حسناااااتكم
اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يظلنا في ظلة يوم لا ظل الا ظلة
أحبكم في الله اخواتي
وكل عام وانتم بخير
باذن الله نقرء سورة الطارق
:x:x
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سورة الطارق مكية وعدد اياتها 17 اية
بسم الله الرحمن الرحيم
والسماء والطارق (1) وما أدراك ما الطارق (2) النجم الثاقب(3)
ان كل نفس لما عليها حافظ(4)
.................................................. .....................................
اقسم الله تعالى على شيئين هما ( السماء __ الطارق)
حيث يصح أن يقسم الله تعالى بمخلوقاته لان كل مخلوقات الله عظيمة
والله تعالى لا يسأل عم يفعل
الطارق : شرح الله تعالى ما هو الطارق فى الايات وهو النجم الثاقب وهو النجم المضىء
لكن معنى الطارق اللغوى هو الذى يأتى ليلا
كرر الله تعالى كلمة الطارق فى الايات لجذب الانتباه .
فوائد النجوم
....................
1- زينه السماء الدنيا قال تعالى ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح )
2- روجوما للشياطين قال تعالى ( وجعلناها رجوما للشياطين )
3-دليلا للمسافرين ( وعلامات وبالنجم يهتدون)
أن كل نفس لما عليها حافظ
كل نفس من بنى آدم عليها حافظ من الملائكه
وفى العلم الحديث وفى محاضرة للدكتور /زغلول النجار عالم الفلك
قال . ان عند صعود العلماء الى القمر ومعهم اجهزتهم الحديثة جدا
وقد تم تسجيل وتصوير الانفجارات التى تحدث فى النجوم الملتهبة وعند سماع تلك التسيجيلات
تيقنوا من ان احداث هذة الانفجارات ما هو الا طرق على احد الابواب
[QUOTE=طيور الجنه;719456][CENTER][SIZE=4][B][I]بسم الله الرحمن الرحيمجزاكم الله تعالى خيرا وجعله الله تعالى في موازين حسناتكم وأشكركم على المجهود الرائع واستكمال المسيره في رحاب أيات الله تعالى واعذروني لقلة ردي لأنني أدخل نت من الموبايل والشبكه ضعيفه فأرجو استكمال المسيره على أن تكون السورة القادمه سورة الحاقة أرجو إيجاد الإعجاز في السوره واستكمال المسيره أترككم في حفظ الله ورعايته تقبلو تحياتي ولكم وافر تحياتي وعظيم محبتي وخالص مودتي واحترامي
[QUOTE=thesniper_12007;720783]
http://www.shamsqatar.com/up3/get-1-2008-h6jjpln9.gif
[SIZE=4]المهم ان اطمنا عليك من الطله السريعه
وبتاسفلك لاني اتعطلت عن دخول الموضوع من اول يوم العيد لحد النهارده
لاني كنت تعبانه وعمله عمليه وربنا يعلم اني فتحت الكمبيوتر دلوقتي عشان اشوف التوبيك
وانزل سوره جديده
[I]وان شاء الله السوره اللي عليها الدور تكون سورة الحاقه
:x:x
سورة الحاقة
مكية في قول الجميع، وهي
اثنتان وخمسون ءاية
الحاقةُ} يعني القيامة، سُميت حاقة من الحق الثابت يعني أنها ثابتة الوقوع لا ريب فيها.
{ما الحاقَّةُ} ما استفهام لا يراد حقيقته بل المقصود منه تعظيم شأنها وتهويله أي ما هي الحاقة، ثم زاد في التهويل بأمرها فقال:
{وما أدراكَ} أي أعلمَك، أي لم تعاينها ولم تدر ما فيها من الأهوال {ما الحاقةُ} زيادة تعظيم لشأنها ومبالغة في التهويل، والمعنى أن فيها ما لم يُدر ولم يُحط به وصف من أمورها الشاقة وتفصيل أوصافها. ثم ذكر الله تعالى المكذبين بها فقال:
{كذَّبتْ ثمودُ} وهم قوم سيدنا صالح عليه السلام {وعادٌ} وهم قوم سيدنا هود عليه السلام {بالقارعةِ} أي بيوم القيامة، والقارعة اسم من أسماء يوم القيامة.
{فأمَّا ثمودُ فأُهْلِكوا بالطاغيةِ} أي بطغيانهم وكفرهم، وقيل بالصيحة الشديدة المجاوزة في قوتها وشدتها عن حد الصيحات بحيث لم يتحملها قلب أحد منهم كما قال الله تعالى: {إنَّا أرْسَلنا عليهم صَيحةً واحدةً فكانوا كَهشيمِ المُحْتَظر} [سورة القمر]، والمقصود من ذكر هذه القصص زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهؤلاء الأمم في المعاصي لئلا يحُل بها ما حل بهم.
{وأمَّا عادٌ فأُهلِكوا بريحٍ صرصرٍ} باردة تحرق ببردها كإحراق النار، وقيل الشديدة الصوت {عاتيةٍ} شديدة العصف تجاوزت في الشدة والعصوف مقدارها المعروف في الهبوب والبرد، فهم أي قوم عاد مع قوتهم وشدتهم لم يقدروا على ردّها بحيلة من الاستتار ببنيان أو الاستناد إلى جبل أو اختفاء في حفرة لأنها كانت تنزعهم عن أماكنهم وتهلكهم.
{سَخَّرَها} أي سلطها الله وأدامها {عليهم سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيَّامٍ حُسومًا} أي متتابعة دائمة ليس فيها فتور وذلك أن الريح المهلكة تتابعت عليهم في هذه الأيام فلم يكن لها فتور ولا انقطاع حتى أهلكتهم، وقيل: كاملة {فَتَرى القومَ} يعني قوم عاد {فيها} في تلك الليالي والأيام {صَرْعى} جمع صريع يعني موتى {كأنَّهُم أعْجازُ} أي أصول {نَخْلٍ خاويةٍ} أي ساقطة، وقيل خالية الأجواف، وشبههم بجذوع نخل ساقطة ليس لها رءوس، فإن الريح كانت تحمل الرجل فترفعه في الهواء ثم تلقيه فتشدخَ رأسه فيبقى جثة بلا رأس، وفي تشبيههم بالنخل أيضًا إشارة إلى عِظَم أجسامهم.
{فَهَلْ ترى لهُم من باقية} أي من نفس باقية، أو التاء للمبالغة أي هل ترى لها من باق؟ لا.
{وجاءَ فرعونُ ومَنْ قبلهُ} أي من الأمم الكافرة التي كانت قبله كقوم نوح وعاد وثمود {والمُؤتَفِكاتُ} يعني أهل قرى قوم لوط وكانت أربع أو خمس قريات التي ائتفكت أي انقلبت بأهلها فصار عاليها سافلها {بالخاطِئةِ} أي بالفعلة أو الفعلات الخاطئة وهي المعصية والكفر، وقيل: الخطايا التي كانوا يفعلونها، وقيل: هي ذات الخطإ العظيم. وقرأ أبو عمرو، ويعقوب، والكسائي: "ومنْ قِبَلَهُ" بكسر القاف وفتح الباء، والباقون بفتح القاف وإسكان الباء.
{فَعَصَوا} أي عصى هؤلاء الذين ذكرهم الله وهم فرعون ومن قبله والمؤتفكات {رسولَ ربِّهم} أي كذبوا رسلهم {فأخَذَهُمْ} ربهم {أخذةً رابيةً} أي زائدة شديدة نامية زادت على غيرها من الأخذات كالغرق كما حصل لفرعون وجنوده وقلب المدائن كما حصل لقوم لوط.
{إنَّا لمَّا طغى الماءُ} أي زاد وارتفع وعلا على أعلى جبل في الدنيا، والمراد الطوفان الذي حصل زمن سيدنا نوح عليه السلام {حَمَلْناكُم} أي حملنا ءاباءكم وأنتم في أصلابهم {في الجاريةِ} أي السفينة الجارية على وجه الماء وهي السفينة التي صنعها سيدنا نوح عليه السلام بأمر الله تعالى وصعد عليها ومن ءامن به.
فإن قيل: إن المخاطبين لم يدركوا السفينة فكيف يقال {حَملناكُم في الجاريةِ}، فالجواب: إن الذين خوطبوا بذلك وهم من ذرية الذين حُملوا في الجارية أي السفينة وهم سيدنا نوح عليه السلام وأولاده فكان حمل الذين حُملوا فيها من الأجداد حَمْلاً لذريتهم.
{لِنَجْعَلَها} أي لنجعل تلك الفعلة وهي إنجاء المؤمنين وإهلام الكفرة {لكُم تذكرةً} أي عبرة وعظة ودلالة على قدرة الخالق وحكمته وكمال قهره وقدرته {وتَعِيَها} أي تحفظ قصتها {أذنٌ واعيةٌ} أي حافظة لما تسمع أي من شأنها أن تعي المواعظ وما جاء من عند الله لإشاعة ذلك والتفكر فيه والعمل بموجبه.
{فإذا نُفِخَ} أي فإذا نفخ إسرافيل وهو الملك الموكل بالنفخ {في الصورِ} في البوق {نفخةٌ} وهي النفخة الأولى وقيل: النفخة الثانية {واحدةٌ} تأكيد.
{وحُمِلَتِ} أي رفعت من أماكنها {الأرضُ والجِبالُ} أي حملتها الريح العاصف أو الملائكة أو الله عز وجل بقدرته من غير مماسة ولا مباشرة كما قال الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم: "سبحانك لا تُمس ولا تُحسُّ ولا تُجس".
{فَدُكَّتا دَكَّةً واحدةً} أي ضرب بعضها ببعض حتى تفتتت، وقيل: تبسط فتصير أرضًا مستوية كالأديم الممدود.
{فيَومئذٍ وقَعَتِ الواقعةُ} أي قامت القيامة، والواقعة هي القيامة.
{وانْشقَّتِ السماءُ} أي انفطرت وتصدعت وتميز بعضها من بعض {فَهِيَ يومَئذٍ واهيةٌ} أي ضعيفة لتشققها بعد أن كانت شديدة.
{والمَلَكُ} يعني الملائكة {على أرجائِها} أي على جوانب وأطراف السماء {ويَحْمِلُ} أي الملائكة يحملون {عرشَ ربِّكَ فوقهُم} أي فوق رءوسهم، وقيل: إن حملة العرش فوق الملائكة الذين في السماء على أرجائها {يومئذٍ} أي يوم القيامة {ثمانيةٌ} أي من الملائكة واليوم أي في الدنيا يحمله أربعة من الملائكة، وإنما يكونون ثمانية يوم القيامة إظهارًا لعظيم ذلك اليوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان صفة حملة العرض: "أُذِنَ لي أن أُحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش، إن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام" رواه أبو داود [1]، قال الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري" ما نصه [2]: "إسناده على شرط الصحيح" ا.هـ.
{يومَئِذٍ تُعرَضون} على الله للحساب وليس ذلك عرضًا يعلم الله به ما لم يكن عالمًا به بل معناه الحساب وتقرير الأعمال عليهم للمجازاة {لا تَخْفى مِنكُم خافيةٌ} فهو عالم بكل شيء من أعمالكم، وقرأ حمزة والكسائي وخلف: "لا يخفى" بالياء.
{فأمَّا} أما حرف تفصيل فصّل بها ما وقع في يوم العرض {مَنْ أوتِيَ} أي أُعطي {كِتابهُ} أي كتاب أعماله {بيَمينِهِ} وإعطاء الكتاب باليمين دليل على النجاة {فيقولُ} المؤمن خطابًا لجماعته لما سُرَّ به {هاؤُمُ} أي خذوا، وقيل تعالوا {اقرءُوا كِتابيَهْ} والمعنى أنه لما بلغ الغاية في السرور وعلم أنه من الناجين بإعطاء كتابه بيمينه أحب أن يُظهر ذلك لغيره حتى يفرحوا له.
{إنِّي ظننتُ} أي علمتُ وأيقنتُ في الدنيا، قال أبو حيان [3]: "{إني ظننتُ} أي أيقنتُ، ولو كان ظنًا فيه تجويز لكان كفرًا" ا.هـ، فُسر الظن هنا بمعنى اليقين لأنه لو أبقي على أصله أي بمعنى الشك والتردد لكان المعنى أنه ظن أي شك هل يحاسب في الآخرة أم لا، والاعتقاد بالبعث والحساب من جملة العقائد الدينية التي يجب الإيمان بها، والشك فيهما كفر، والإيمان لا يحصل بالشك والظن بل لا بد للمؤمن أن يتيقن بحقية البعث والحساب، فيكون معنى الآية: إني علمت وتيقنت في الدنيا أن الله تعالى يبعثني و{أنِّي مُلاقٍ} أي ثابت لي ثباتًا لا ينفك أني لاق {حِسابيه} في الآخرة ولم أنكر البعث.
{فهُوَ} أي الذي أعطي كتابه بيمينه {في عيشةٍ} أي في حالةٍ من العيش {راضيةٍ} يعني ذات رضا أي رضي بها صاحبها، وقيل عيشة مرضية وذلك بأنه لقي الثواب وأمِنَ من العقاب.
روى مسلم {4] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ لكم أن تصِحوا فلا تسقموا أبدًا، وإنّ لكم أن تحْيوا فلا تموتوا أبدًا، وإنّ لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإنّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا".
{في جنَّةٍ عليةٍ} مكانًا فهي فوق السموات السبع، وعالية في الدرجة والشرف والأبنية.
روى البخاري {5] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها".
وقال أيضًا: "إنّ للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوّفة طولها ستون ميلاً" رواه مسلم [6].
وقال أيضًا: "إنّ في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتُم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة" رواه البخاري [7].
{قُطُوفُها} أي ما يُقطف من ثمار الجنة {دانيةٌ} أي قريبة لمن يتناولها قائمًا أو قاعدًا أو نائمًا على السرير انقادت له وكذا إن أراد أن تدنو إلى فِيْه أي فمه دنت لا يمنعه من ثمرها بُعْد، ويقال لهم:
{كُلُوا واشربوا} أمر امتنان لا تكليف أي يقال لهم ذلك إنعامًا وإحسانًا وامتنانًا وتفضيلاً عليهم فإن الآخرة ليست بدار تكليف {هَنيئًا} أي لا تكدير فيه ولا تنغيص لا تتأذون بما تأكلون ولا بما تشربون في الجنة أكلاً طيبًا لذيذًا شهيًا مع البعد عن كل أذى ولا تحتاجون من أكل ذلك إلى غائط ولا بول، ولا بصاق هناك ولا مخاط ولا وهن ولا صداع {بِما أسْلَفتُم} أي بما قدمتم لآخرتكم من الأعمال الصالحة {في الأيامِ الخاليةِ} أي في أيام الدنيا التي خلت فمضت واسترحتم من تعبها.
{وأمَّا مَنْ أُوتِيَ كتابهُ} أي أعطي كتاب أعماله {بِشمالِهِ فيقولُ} لما يرى من سوء عاقبته التي كُشف له عنها الغطاء {يا ليتني لمْ أوتَ كِتابيه} أي تمنى أنه لم يؤت كتابه لما يرى فيه من قبائح أفعاله.
روى ابن حبان {8] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يُدعى أحدهم فيُعطى كتابه بيمينه ويمدُّ له في جسمه ستون ذراعًا ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ قال: فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم بارك لنا في هذا حتى يأتيهم فيقول: أبشروا فإن لكل رجل منكم مثل هذا، وأما الكافر فيعطى كتابه بشماله مسودًا وجهه ويزاد في جسمه ستون ذراعًا على صورة ءادم ويلبس تاجًا من نار فيراه أصحابه فيقولون: اللهم اخزه فيقول: أبعدكم الله فإن لكل واحد منكم مثل هذا".
{ولَمْ أدرِ ما حِسابيه} أي وتمنى أنه لم يدر حسابه لأنه لا حاصل له في ذلك الحساب ولا طائل إذ كله عليه لا له.
{يا ليتها} اي الموتة التي متها في الدنيا، فإنه تمنى أنه لم يبعث للحساب {كانتِ القاضيةَ} أي القاطعة للحياة ولم أحيَ بعدها فلم أُبعث ولم أعذب، فقد تمنى الموت ولم يكن شيء عنده أكره منه إليه في الدنيا لأنه رأى تلك الحالة أشنع وأمرّ مما ذاقه من الموت.
قال البخاري: "القاضية" الموتة الأولى التي متُّها، لم أحْيَ بعدها".
روى مسلم [9] في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذابًا: لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديًا بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردتُ منك أهون من هذا وأنت في صلب ءادم أن لا تشرك، فأبيت إلا الشرك".
{ما أغنى عنِّي ماليَه} يعني أنه لم يدفع عنه ماله الذي كان يملكه في الدنيا من عذاب الله شيئًا، ويجوز أن يكون استفهامًا وبّخ به نفسه وقررها عليه، قاله أبو حيان.
{هَلَكَ عنِّي سُلطانِيَه} يعني ضلت عني كل بينة فلم تغن عني شيئًا وبطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا، وقيل: زال عني ملكي وقوتي.
{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} أي يقول الله تعالى لخزنة جهنم خذوه واجمعوا يديه إلى عنقه مقيّدًا بالأغلال {ثُمَّ الجحيمَ} أي نار جهنم {صَلُّوهُ} أي ادخلوه واغمروه فيها {ثمَّ في سِلسِلَةٍ} وهي حلقٌ منتظمة كل حلقة منها في حلقة، وهذه السلسلة عظيمة جدًا لأنها إذا طالت كان الإرهاب أشدُّ {ذَرْعُها} أي قياسها ومقدار طولها {سبعونَ ذِراعًا} الله أعلم بأي ذراع هي {فاسْلُكوهُ} أي أدخلوه، والظاهر أنهم يدخلونه في السلسلة ولطولها تلتوي عليه من جميع جهاته فيبقى داخلاً فيها مضغوطًا حتى تعمه، وقيل: تدخل في دبره وتخرج من منخره، وقيل: تدخل في فيه وتخرج من دبره.
أخرج الترمذي [10] في جامعه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن رُضَاضةً مثل هذه، وأشار إلى مثل الجُمجمة، أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفًا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها".
قال الترمذي: إسناده حسن.
ثم ذكر الله تعالى سبب عذاب الكافر فقال:
{إنَّهُ كانَ لا يُؤمِنُ باللهِ العظيمِ} أي لا يؤمن ولا يصدق بالله الذي أمر عباده بالإيمان به وترك عبادة الأوثان والأصنام، فمن ترك أعظم حقوق الله تعالى على عباده وهو توحيده تعالى وأن لا يشرك به شيء استحق العذاب الأبدي السرمدي الذي لا ينقطع في الآخرة لأن الإشراك بالله هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا يغفره الله لمن مات عليه ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء كما قال الله تعالى في القرءان الكريم: {إنَّ اللهَ لا يغفرُ أن يُشرَكَ بهِ ويغفرُ ما دونَ ذلكَ لِمن يشاءُ} [سورة النساء]، و{العظيمِ} أي عظيم الشأن منزه عن صفات الأجسام فالله تعالى قدرًا من كل عظيم.
{ولا يَحُضُّ} أي هذا الشقي الذي أوتي كتابه بشماله كان في الدنيا لا يحث ولا يحرض نفسه ولا غيرها {على طعامِ} أي إطعام {المسكين} وفي هذه الآية دليل على تعظيم الجرم في حرمان المساكين.
قال العلماء: دلت الآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على معنى أنهم يعاقبون على ترك الصلاة والزكاة ونحو ذلك وعدم الانتهاء من الفواحش والمنكرات لا على معنى أنهم يطالبون بأداء العبادات حال كفرهم لأن العبادة لا تصح من كافر.
{فليسَ لهُ اليومَ} أي ليس له يوم القيامة {هَهُنا حميمٌ} أي قريب يدفع عنه عذاب الله تعالى ولا من يشفع له ويغيثه مما هو فيه من البلاء.
{ولا طعامٌ} أي ليس له طعام ينتفع به {إلا مِن غِسلينَ} وهو ما يسيل من أبدان الكفار من الدم والصديد وهو الدم المختلط بماء من الجرح ونحوه، وقيل الغسلين شجر يأكله أهل النار {لا يأكلُهُ إلا الخاطِئونَ} أي الكافرون.
{فلا أُقْسِمُ بِما تُبصِرونَ* وما لا تُبصِرون} أي أقسم بما ترونه وما لا ترونه، وقيل: أقسم بالدنيا والآخرة، وقيل: "لا" رد لكلام المشركين كأنه قال: ليس الأمر كما يقول المشركون ثم قال تعالى: {أقسمُ} وقيل: "لا" هنا نافية للقسم على معنى أنه لا يُحتاج إليه لوضوح الحق فيه كأنه قال: لا أقسم على أن القرءان قول رسول كريم فكأنه لوضوحه استغنى عن القسم.
{إنَّهُ} يعني هذا القرءان {لَقَولُ رسولٍ كريمٍ} وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: جبريل، وليس القرءان من تأليف الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما هو وحيٌ أوحاه الله إليه.
فائدة: قال أهل الحق: كلام الله تعالى الذي هو صفة ذاته أزلي أبدي لا يشبه كلام خلقه، فليس هو بحرف ولا صوت ولا لغة، واللفظ المنزل على سيدنا محمد باللغة العربية هو عبارة عن هذا الكلام الذاتي والآية تدل على ذلك، فلو كان اللفظ المنزل على سيدنا محمد هو عين كلام الله تعالى لما قال ربنا تعالى: {إنَّهُ لقولُ رسولٍ كريمٍ}.
{وما هُوَ} يعني هذا القرءان {بقولِ شاعرٍ} كما تدعون ولا هو من ضروب الشعر ولا تركيبه، فقد نفى الله تعالى أن يكون القرءان قول رجل شاعر، والشاعر هو الذي يأتي بكلام مقفى موزون بقصد الوزن {قليلاً ما تُؤمنون} قال أبو حيان {11]: "أي تؤمنون إيمانًا قليلاً أو زمانًا قليلاً، وكذا التقدير في {قليلاً ما تذَكَّرون} والقلة هو إقرارهم إذا سئلوا مَن خلقهم قالوا الله" ا.هـ، وقيل: أراد بالقليل عدم إيمانهم أصلاً والمعنى أنكم لا تصدقون بأن القرءان من عند الله تعالى. وقرأ ابن كثير وابن عامر بخلف عن ابن ذكوان ويعقوب: "يؤمنون" و"يذكرون" بالياء فيهما مع تشديد الذال.
{ولا} أي وليس القرءان {بقولِ كاهِنٍ قليلاً ما تَذَكَّرونَ} أي ليس بقول رجل كاهن كما تدعون ولا هو من جنس الكهانة لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس بكاهن، فالكاهن من تأتيه الشياطين ويلقون إليه ما يسمعون من أخبار الملائكة سكان السموات فيخبر الناس بما سمعه منهم، وطريقه عليه الصلاة والسلام منافية لطريق الكاهن من حيث إن ما يتلوه من الكلام مشتمل على ذم الشياطين وشتمهم فكيف يمكن أن يكون ذلك بإلقاء الشياطين إليه فإنهم لا يُلقون فيه ذمهم وشتمهم لا سيما على من يلعنهم ويطعن فيهم، وكذا معاني ما بلّغه عليه الصلاة والسلام منافية لمعاني أقوال الكهنة فإنهم لا يدعون إلى تهذيب الاخلاق وتصحيح العقائد والأعمال المتعلقة بالمبدإ والمعاد بخلاف معاني أقواله عليه الصلاة والسلام.
{تَنزيلٌ} أي هو تنزيل يعني القرءان {من ربِّ العالمين} وذلك أنه لما قال: {إنَّهُ لقولُ رسولٍ كريمٍ} أتبعه بقوله {تنزيلٌ من ربِّ العالمين} ليزول هذا الإشكال حتى لا يُظن أن هذا تركيب جبريل بل إن القرءان نزل به جبريل عليه السلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
{ولوْ تَقَوَّلَ بعضَ الأوقاويلِ} أي الباطلة، والأقاويل جمع الجمع وهو أقوال، وأقوال جمع قول، وسميت الأقوال المتقولة أقاويل تصغيرًا لها وتحقيرًا. وقال أبو حيان
[12]: "المعنى: ولو تقوّل متقول ولا يكون الضمير في تقوّل عائدًا على الرسول صلى الله عليه وسلم لاستحالة وقوع ذلك منه، فنحن نمنع أن يكون ذلك على سبيل الفرض في حقه عليه الصلاة والسلام" ا.هـ.
{لأخَذْنا مِنهُ باليمين} أي لأخذنا بيده التي هي اليمين على جهة الإذلال والصّغار كما يقول السلطان إذا أراد عقوبة رجل: يا غلام خذ بيده وافعل كذا، وقيل: لَنِلنا منه عقابه بقوة منا، وقيل: لنَزَعنا منه قوته.
{ثُمَّ لقَطَعنا منهُ الوتين} قال البخاري: "وقال ابن عباس: الوتين نِيَاط القلب"، وهو عرق يتعلق به القلب يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه، والمعنى لو تقوّل علينا لأذهبنا حياته معجلاً.
{فما مِنكُم من أحدٍ عنهُ لَحاجزينَ} أي أنه لا يتكلف الكذب لاجلكم مع علمه أنه لو تكلف ذلك لعاقبناه ثم لم يقدر على دفع عقوبتنا عنه أحد، وقال أبو حيان [13]: "الضمير في {عنه} الظاهر أنه يعود على الذي تقوَّل ويجوز أن يعود على القتل أي لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه عنه" ا.هـ.
{وإنَّهُ} يعني القرءان {لَتَذكِرةٌ} يعني عظة {للمُتَّقينَ} وهم الذين يتقون عقاب الله بأداء فرائضه واجتناب معاصيه.
{وإنَّا لنعلمُ أنَّ مِنكُم} أيها الناس {مُكَذِّبينَ} بالقرءان، وهذا وعيد لمن كذب بالقرءان. وفي الآية دليل على أن الله علم ما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون.
{وإنَّهُ} أي القرءان {لحَسرةٌ} أي ندامة {على الكافرينَ} أي يوم القيامة، والمعنى أنهم يندمون على ترك الإيمان به لما يرون من ثواب من ءامن به.
{وإنَّهُ} أي القرءان {لحقُّ اليقينِ} لا شك فيه أنه من عند الله ليس من تأليف محمد ولا جبريل عليهما السلام وفيه الحق والهدى والنور.
{فسَبِّحْ باسمِ ربِّكَ العظيمِ} أي نزّه الله عن النقائص والسوء وكل ما لا يليق به واشكره على أن جعلك أهلاً لإيحائه إليك.
وفي هذه الآية دليل على أن المؤمن مأمور بتنزيه خالقه عن صفات المخلوقين من الجهل والعجز والمكان والجسمية والكمية أي الحجم، قال الإمام السلفي أبو جعفر الطحاوي: "وتعالى –أي الله- عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات"، فالله تعالى ليس له حد أي حجم كبير ولا حجم صغير لأن كل ذلك من صفات المخلوقين والله تعالى منزه عن ذلك.
ربنا يكرمك
وكويس اننا نكمل مسيره القراءه
جعله الله فى ميزان حسناتكم
بارك الله تعالى فيك ي أيه وجعله الله تعالى في ميزان حسناتك وأم سلامه عليكي يا أيه ربنا يشفيكي وتقومي لنا بالسلامه بس أرجو تطمنينا عليكي وتقوليلنا عملية أيه المهم نطمن سلامتك يا أيه تقبلو تحياتي لكم خالص ودي وتقديري ووافر محبتي واحترامي
طيور الجنه
سلامتك ياقمر
يارب دايما تنورينا كده
وشكرا ياجميل على شرحك للسور دى
ومجهودك العظيم ده
تسلمى ياحبيبتى
جزاكم الله تعالى خيرا وجعله الله تعالى في موازين حسناتكم السورة القادمه إن شاء الله سورة الفرقان
الله يسلمك اكرام الحمد لله
العمليه في رجلي الحمد لله هي العمليه مش خطيره بس تعباني شويه
http://www.noor22o.com/vb/uploaded/48338_1155902231.gif
وباذن الله هنزل تفسير سورة الفرقان
http://www.noor22o.com/vb/uploaded/48338_1155901775.jpg
المهم تدعيلي ان الوجع يخف شويه قبل الدراسه
http://www.noor22o.com/vb/uploaded/48338_1155901748.gif
الله يسلمك اميره الحمد لله
اشكرك جزيل الشكر متبعتك للموضوع
وبارك الله فيكي
http://www.al-wed.com/pic-vb/346.gif
http://www.noor22o.com/vb/uploaded/48338_1155903746.gif
{ 1 - 2 ْ} { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ْ}
هذا بيان لعظمته الكاملة وتفرده [بالوحدانية] من كل وجه وكثرة خيراته وإحسانه فقال: { تَبَارَكَ ْ} أي: تعاظم وكملت أوصافه وكثرت خيراته الذي من أعظم خيراته ونعمه أن نزل هذا القرآن الفارق بين الحلال والحرام والهدى والضلال وأهل السعادة من أهل الشقاوة، { عَلَى عَبْدِهِ ْ} محمد صلى الله عليه وسلم الذي كمل مراتب العبودية وفاق جميع المرسلين، { لِيَكُونَ ْ} ذلك الإنزال للفرقان على عبده { لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ْ} ينذرهم بأس الله ونقمه ويبين لهم مواقع رضا الله من سخطه، حتى إن من قبل نذارته وعمل بها كان من الناجين في الدنيا والآخرة الذين حصلت لهم السعادة الأبدية والملك السرمدي، فهل فوق هذه النعمة وهذا الفضل والإحسان شيء؟ فتبارك الذي هذا من بعض إحسانه وبركاته.
{ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ْ} أى: له التصرف فيهما وحده، وجميع من فيهما مماليك وعبيد له مذعنون لعظمته خاضعون لربوبيته، فقراء إلى رحمته الذي { لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ْ} وكيف يكون له ولد أو شريك وهو المالك وغيره مملوك، وهو القاهر وغيره مقهور وهو الغني بذاته من جميع الوجوه، والمخلوقون مفتقرون إليه فقرا ذاتيا من جميع الوجوه؟"
وكيف يكون له شريك في الملك ونواصي العباد كلهم بيديه، فلا يتحركون أو يسكنون ولا يتصرفون إلا بإذنه فتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فلم يقدره حق قدره من قال فيه ذلك ولهذا قال: { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ْ} شمل العالم العلوي والعالم السفلي من حيواناته ونباتاته وجماداته، { فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ْ} أي: أعطى كل مخلوق منها ما يليق به ويناسبه من الخلق وما تقتضيه حكمته من ذلك، بحيث صار كل مخلوق لا يتصور العقل الصحيح أن يكون بخلاف شكله وصورته المشاهدة، بل كل جزء وعضو من المخلوق الواحد لا يناسبه غير محله الذي هو فيه. قال تعالى: { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ْ} وقال تعالى: { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ْ} ولما بين كماله وعظمته وكثرة إحسانه كان ذلك مقتضيا لأن يكون وحده المحبوب المألوه المعظم المفرد بالإخلاص وحده لا شريك له ناسب أن يذكر بطلان عبادة ما سواه فقال:
{ 3 ْ} { وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ْ}
أي: من أعجب العجائب وأدل الدليل على سفههم ونقص عقولهم، بل أدل على ظلمهم وجراءتهم على ربهم أن اتخذوا آلهة بهذه الصفة، في كمال العجز أنها لا تقدر على خلق شيء بل هم مخلوقون، بل بعضهم مما عملته أيديهم. { وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ْ} أي: لا قليلا ولا كثيرا، لأنه نكرة في سياق النفي.
{ وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ْ} أي: بعثا بعد الموت، فأعظم أحكام العقل بطلان إلهيتها وفسادها وفساد عقل من اتخذها آلهة وشركاء للخالق لسائر المخلوقات من غير مشاركة له في ذلك، الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع الذي يحيي ويميت ويبعث من في القبور ويجمعهم ليوم النشور، وقد جعل لهم دارين دار الشقاء والخزي والنكال لمن اتخذ معه آلهة أخرى، ودار الفوز والسعادة والنعيم المقيم لمن اتخذه وحده معبودا.
ولما قرر بالدليل القاطع الواضح صحة التوحيد وبطلان ضده قرر صحة الرسالة وبطلان قول من عارضها واعترضها فقال:
{ 4 - 6 ْ} { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ْ}
أي: وقال الكافرون بالله الذي أوجب لهم كفرهم أن قالوا في القرآن والرسول: إن هذا القرآن كذب كذبه محمد وإفك افتراه على الله وأعانه على ذلك قوم آخرون.
فرد الله عليهم ذلك بأن هذا مكابرة منهم وإقدام على الظلم والزور، الذي لا يمكن أن يدخل عقل أحد وهم أشد الناس معرفة بحالة الرسول صلى الله عليه وسلم وكمال صدقه وأمانته وبره التام وأنه لا يمكنه، لا هو ولا سائر الخلق أن يأتوا بهذا القرآن الذي هو أجل الكلام وأعلاه وأنه لم يجتمع بأحد يعينه على ذلك فقد جاءوا بهذا القول ظلما وزورا.
ومن جملة أقاويلهم فيه أن قالوا: هذا الذي جاء به محمد { أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا ْ} أي: هذا قصص الأولين وأساطيرهم التي تتلقاها الأفواه وينقلها كل أحد استنسخها محمد { فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ْ} وهذا القول منهم فيه عدة عظائم:
منها: رميهم الرسول الذي هو أبر الناس وأصدقهم بالكذب والجرأة العظيمة.
ومنها: إخبارهم عن هذا القرآن الذي هو أصدق الكلام وأعظمه وأجله - بأنه كذب وافتراء.
ومنها: أن في ضمن ذلك أنهم قادرون أن يأتوا بمثله وأن يضاهي المخلوق الناقص من كل وجه للخالق الكامل من كل وجه بصفة من صفاته، وهي الكلام.
ومنها: أن الرسول قد علمت حالته وهم أشد الناس علما بها، أنه لا يكتب ولا يجتمع بمن يكتب له وقد زعموا ذلك.
فلذلك رد عليهم ذلك بقوله: { قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ْ} أي: أنزله من أحاط علمه بما في السماوات وما في الأرض، من الغيب والشهادة والجهر والسر كقوله: { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ْ}
ووجه إقامة الحجة عليهم أن الذي أنزله، هو المحيط علمه بكل شيء، فيستحيل ويمتنع أن يقول مخلوق ويتقول عليه هذا القرآن، ويقول: هو من عند الله وما هو من عنده ويستحل دماء من خالفه وأموالهم، ويزعم أن الله قال له ذلك، والله يعلم كل شيء ومع ذلك فهو يؤيده وينصره على أعدائه، ويمكنه من رقابهم وبلادهم فلا يمكن أحدا أن ينكر هذا القرآن، إلا بعد إنكار علم الله، وهذا لا تقول به طائفة من بني آدم سوى الفلاسفة الدهرية.
وأيضا فإن ذكر علمه تعالى العام ينبههم: ويحضهم على تدبر القرآن، وأنهم لو تدبروا لرأوا فيه من علمه وأحكامه ما يدل دلالة قاطعة على أنه لا يكون إلا من عالم الغيب والشهادة، ومع إنكارهم للتوحيد والرسالة من لطف الله بهم، أنه لم يدعهم وظلمهم بل دعاهم إلى التوبة والإنابة إليه ووعدهم بالمغفرة والرحمة، إن هم تابوا ورجعوا فقال: { إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا ْ} أي: وصفه المغفرة لأهل الجرائم والذنوب، إذا فعلوا أسباب المغفرة وهي الرجوع عن معاصيه والتوبة منها. { رَحِيمًا ْ} بهم حيث لم يعاجلهم بالعقوبة وقد فعلوا مقتضاها، وحيث قبل توبتهم بعد المعاصي وحيث محا ما سلف من سيئاتهم وحيث قبل حسناتهم وحيث أعاد الراجع إليه بعد شروده والمقبل عليه بعد إعراضه إلى حالة المطيعين المنيبين إليه.
{ 7 - 14 ْ} { وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا * تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا * بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا * إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ْ}
هذا من مقالة المكذبين للرسول الذين قدحوا بها في رسالته، وهو أنهم اعترضوا بأنه هلا كان ملكا أو مليكا، أو يساعده ملك فقالوا: { مَالِ هَذَا الرَّسُولِ } أي: ما لهذا الذي ادعى الرسالة؟ تهكما منهم واستهزاء.
{ يَأْكُلُ الطَّعَامَ } وهذا من خصائص البشر فهلا كان ملكا لا يأكل الطعام، ولا يحتاج إلى ما يحتاج إليه البشر، { وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ } للبيع والشراء وهذا -بزعمهم- لا يليق بمن يكون رسولا، مع أن الله قال: { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ }
{ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ } أي: هلا أنزل معه ملك يساعده ويعاونه، { فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا } وبزعمهم أنه غير كاف للرسالة ولا بطوقه وقدرته القيام بها.
{ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ } أي: مال مجموع من غير تعب، { أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا } فيستغني بذلك عن مشيه في الأسواق لطلب الرزق.
{ وَقَالَ الظَّالِمُونَ } حملهم على القول ظلمهم لا اشتباه منهم، { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا } هذا وقد علموا كمال عقله وحسن حديثه، وسلامته من جميع المطاعن. ولما كانت هذه الأقوال منهم عجيبة جدا قال تعالى: { انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ } وهي: أنه هلا كان ملكا وزالت عنه خصائص البشر؟ أو معه ملك لأنه غير قادر على ما قال، أو أنزل عليه كنز، أو جعلت له جنة تغنيه عن المشي في الأسواق أو أنه كان مسحورا.
{ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا } قالوا أقوالا متناقضة كلها جهل وضلال وسفه، ليس في شيء منها هداية بل ولا في شيء منها أدنى شبهة تقدح في الرسالة، فبمجرد النظر إليها وتصورها يجزم العاقل ببطلانها ويكفيه عن ردها، ولهذا أمر تعالى بالنظر إليها وتدبرها والنظر: هل توجب التوقف عن الجزم للرسول بالرسالة والصدق؟ ولهذا أخبر أنه قادر على أن يعطيك خيرا كثيرا في الدنيا فقال: { تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ } أي: خيرا مما قالوا، ثم فسره بقوله: { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا } مرتفعة مزخرفة، فقدرته ومشيئته لا تقصر عن ذلك ولكنه تعالى -لما كانت الدنيا عنده في غاية البعد والحقارة- أعطى منها أولياءه ورسله ما اقتضته حكمته منها، واقتراح أعدائهم بأنهم هلا رزقوا منها رزقا كثيرا جدا ظلم وجراءة.
ولما كانت تلك الأقوال التي قالوها معلومة الفساد أخبر تعالى أنها لم تصدر منهم لطلب الحق، ولا لاتباع البرهان وإنما صدرت منهم تعنتا وظلما وتكذيبا بالحق، فقالوا ما بقلوبهم من ذلك ولهذا قال: { بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ } والمكذب المتعنت الذي ليس له قصد في اتباع الحق، لا سبيل إلى هدايته ولا حيلة في مجادلته وإنما له حيلة واحدة وهي نزول العذاب به، فلهذا قال: { وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا } أي: نارا عظيمة قد اشتد سعيرها، وتغيظت على أهلها واشتد زفيرها.
{ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } أي: قبل وصولهم ووصولها إليهم، { سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا } عليهم { وَزَفِيرًا } تقلق منهم الأفئدة وتتصدع القلوب، ويكاد الواحد منهم يموت خوفا منها وذعرا قد غضبت عليهم لغضب خالقها وقد زاد لهبها لزيادة كفرهم وشرهم.
{ وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ } أي: وقت عذابهم وهم في وسطها، جمع في مكان بين ضيق المكان وتزاحم السكان وتقرينهم بالسلاسل والأغلال، فإذا وصلوا لذلك المكان النحس وحبسوا في أشر حبس { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } دعوا على أنفسهم بالثبور والخزي والفضيحة وعلموا أنهم ظالمون معتدون، قد عدل فيهم الخالق حيث أنزلهم بأعمالهم هذا المنزل، وليس ذلك الدعاء والاستغاثة بنافعة لهم ولا مغنية من عذاب الله، بل يقال لهم: { لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا } أي: لو زاد ما قلتم أضعاف أضعافه ما أفادكم إلا الهم والغم والحزن.
لما بين جزاء الظالمين ناسب أن يذكر جزاء المتقين فقال:
{ 15 - 16 ْ} { قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا * لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ْ}
أي: قل لهم -مبينا لسفاهة رأيهم واختيارهم الضار على النافع-: { أَذَلِكَ } الذي وصفت لكم من العذاب { خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ } التي زادها تقوى الله فمن قام بالتقوى فالله قد وعده إياها، { كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً } على تقواهم { وَمَصِيرًا } موئلا يرجعون إليها، ويستقرون فيها ويخلدون دائما أبدا.
{ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ } أي: يطلبون وتتعلق بهم أمانيهم ومشيئتهم، من المطاعم والمشارب اللذيذة والملابس الفاخرة والنساء الجميلات والقصور العاليات والجنات والحدائق المرجحنة والفواكه التي تسر ناظريها وآكليها، من حسنها وتنوعها وكثرة أصنافها والأنهار التي تجري في رياض الجنة وبساتينها، حيث شاءوا يصرفونها ويفجرونها أنهارا من ماء غير آسن وأنهارا من لبن لم يتغير طعمه وأنهارا من خمر لذة للشاربين وأنهارا من عسل مصفى وروائح طيبة، ومساكن مزخرفة، وأصوات شجية تأخذ من حسنها بالقلوب ومزاورة الإخوان، والتمتع بلقاء الأحباب، وأعلى من ذلك كله التمتع بالنظر إلى وجه الرب الرحيم وسماع كلامه، والحظوة بقربه والسعادة برضاه والأمن من سخطه واستمرار هذا النعيم ودوامه وزيادته على ممر الأوقات وتعاقب الآنات { كَانَ } دخولها والوصول إليها { عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا } يسأله إياها، عباده المتقون بلسان حالهم ولسان مقالهم، فأي الدارين المذكورتين خير وأولى بالإيثار؟ وأي: العاملين عمال دار الشقاء أو عمال دار السعادة أولى بالفضل والعقل والفخر يا أولي الألباب؟
لقد وضح الحق واستنار السبيل فلم يبق للمفرط عذر في تركه الدليل، فنرجوك يا من قضيت على أقوام بالشقاء وأقوام بالسعادة أن تجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة، ونستغيث بك اللهم من حالة الأشقياء ونسألك المعافاة منها.
{ 17 - 20 ْ} { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا * فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا * وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ْ}
يخبر تعالى عن حالة المشركين وشركائهم يوم القيامة وتبريهم منهم، وبطلان سعيهم فقال: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ } أي: المكذبين المشركين { وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ } الله مخاطبا للمعبودين على وجه التقريع لمن عبدهم: { أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ } هل أمرتموهم بعبادتكم وزينتم لهم ذلك أم ذلك من تلقاء أنفسهم؟
{ قَالُوا سُبْحَانَكَ } نزهوا الله عن شرك المشركين به وبرؤوا أنفسهم من ذلك، { مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا } أي: لا يليق بنا ولا يحسن منا أن نتخذ من دونك من أولياء نتولاهم ونعبدهم وندعوهم، فإذا كنا محتاجين ومفتقرين إلى عبادتك متبرئين من عبادة غيرك، فكيف نأمر أحدا بعبادتنا؟ هذا لا يكون أو، سبحانك عن { أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ } وهذا كقول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام: { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } الآية.
وقال تعالى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ } { وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } فلما نزهوا أنفسهم أن يدعوا لعبادة غير الله أو يكونوا أضلوهم ذكروا السبب الموجب لإضلال المشركين فقالوا: { وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ } في لذات الدنيا وشهواتها ومطالبها النفسية، { حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ } اشتغالا في لذات الدنيا وإكبابا على شهواتها، فحافظوا على دنياهم وضيعوا دينهم { وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا } أي: بائرين لا خير فيهم ولا يصلحون لصالح لا يصلحون إلا للهلاك والبوار، فذكروا المانع من اتباعهم الهدى وهو التمتع في الدنيا الذي صرفهم عن الهدى، وعدم المقتضي للهدى وهو أنهم لا خير فيهم، فإذا عدم المقتضي ووجد المانع فلا تشاء من شر وهلاك، إلا وجدته فيهم، فلما تبرؤوا منهم قال الله توبيخا وتقريعا للعابدين { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ } إنهم أمروكم بعبادتهم ورضوا فعلكم، وأنهم شفعاء لكم عند ربكم، كذبوكم في ذلك الزعم وصاروا من أكبر أعدائكم فحق عليكم العذاب، { فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا } للعذاب عنكم بفعلكم أو بفداء أو غير ذلك، { وَلَا نَصْرًا } لعجزكم وعدم ناصركم. هذا حكم الضالين المقلدين الجاهلين كما رأيت أسوأ حكم، وأشر مصير.
وأما المعاند منهم الذي عرف الحق وصدف عنه فقال في حقه: { وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ } بترك الحق ظلما وعنادا { نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا } لا يقادر قدره ولا يبلغ أمره.
ثم قال تعالى جوابا لقول المكذبين: { مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ } { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ في الْأَسْوَاقِ } فما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما جعلناهم ملائكة، فلك فيهم أسوة، وأما الغنى والفقر فهو فتنة وحكمة من الله تعالى كما قال: { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً } الرسول فتنة للمرسل إليهم واختبار للمطيعين من العاصين والرسل فتناهم بدعوة الخلق، والغنى فتنة للفقير والفقير فتنة للغني، وهكذا سائر أصناف الخلق في هذه الدار دار الفتن والابتلاء والاختبار.
والقصد من تلك الفتنة { أَتَصْبِرُونَ } فتقومون بما هو وظيفتكم اللازمة الراتبة فيثيبكم مولاكم أم لا تصبرون فتستحقون المعاقبة؟
{ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا } يعلم أحوالكم، ويصطفي من يعلمه يصلح لرسالته ويختصه بتفضيله ويعلم أعمالكم فيجازيكم عليها إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
الجزء التاسع عشر
{ 21 - 23 } { وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا * يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا * وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا }
أي: قال المكذبون للرسول المكذبون بوعد الله ووعيده الذين ليس في قلوبهم خوف الوعيد ولا رجاء لقاء الخالق.
{ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا } أي: هلا نزلت الملائكة تشهد لك بالرسالة وتؤيدك عليها أو تنزل رسلا مستقلين، أو نرى ربنا فيكلمنا ويقول: هذا رسولي فاتبعوه؟ وهذا معارضة للرسول بما ليس بمعارض بل بالتكبر والعلو والعتو.
{ لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ } حيث اقترحوا هذا الاقتراح وتجرأوا هذه الجرأة، فمن أنتم يا فقراء ويا مساكين حتى تطلبوا رؤية الله وتزعموا أن الرسالة متوقف ثبوتها على ذلك؟ وأي كبر أعظم من هذا؟.
{ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا } أي: قسوا وصلبوا عن الحق قساوة عظيمة، فقلوبهم أشد من الأحجار وأصلب من الحديد لا تلين للحق، ولا تصغى للناصحين فلذلك لم ينجع فيهم وعظ ولا تذكير ولا اتبعوا الحق حين جاءهم النذير، بل قابلوا أصدق الخلق وأنصحهم وآيات الله البينات بالإعراض والتكذيب والمعارضة، فأي عتو أكبر من هذا العتو؟" ولذلك بطلت أعمالهم واضمحلت، وخسروا أشد الخسران، وحرموا غاية الحرمان.
{ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ } التي اقترحوا نزولها { لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ } وذلك أنهم لا يرونها مع استمرارهم على جرمهم وعنادهم إلا لعقوبتهم وحلول البأس بهم، فأول ذلك عند الموت إذا تنزلت عليهم الملائكة قال الله تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } ثم في القبر حيث يأتيهم منكر ونكير فيسألهم عن ربهم ونبيهم ودينهم فلا يجيبون جوابا ينجيهم فيحلون بهم النقمة، وتزول عنهم بهم الرحمة، ثم يوم القيامة حين تسوقهم الملائكة إلى النار ثم يسلمونهم لخزنة جهنم الذين يتولون عذابهم ويباشرون عقابهم، فهذا الذي اقترحوه وهذا الذي طلبوه إن استمروا على إجرامهم لا بد أن يروه ويلقوه، وحينئذ يتعوذون من الملائكة ويفرون ولكن لا مفر لهم.
{ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا } { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }
{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ } أي: أعمالهم التي رجوا أن تكون خيرا لهم وتعبوا فيها، { فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا } أي باطلا مضمحلا قد خسروه وحرموا أجره وعوقبوا عليه وذلك لفقده الإيمان وصدوره عن مكذب لله ورسله، فالعمل الذي يقبله الله، ما صدر عن المؤمن المخلص المصدق للرسل المتبع لهم فيه.
{ 24 } { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا }
أي: في ذلك اليوم الهائل كثير البلابل { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ } الذين آمنوا بالله وعملوا صالحا واتقوا ربهم { خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا } من أهل النار { وَأَحْسَنُ مَقِيلًا } أي: مستقرهم في الجنة وراحتهم التي هي القيلولة، هو المستقر النافع والراحة التامة لاشتمال ذلك على تمام النعيم الذي لا يشوبه كدر، بخلاف أصحاب النار فإن جهنم ساءت مستقرا ومقيلا وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل، فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء لأنه لا خير في مقيل أهل النار ومستقرهم كقوله: { آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ }
ياه ه ه
وحشتوني اوي:x غبت عليكوا كتير
منتوا عرفين الظروف
بس علي فكره انا زعلانه جدا منكم:(
لو انا ولا اكرام مش موجودين انتوا متدخلوش
وتكتبو السوره اللي عليها الدور والتفسير:(:(:(
يلا المسامح كريم;;)
هنقراء سورة مريم
{ 1 - 6 ْ} { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ْ}
أي: هذا { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ْ} سنقصه عليك، ونفصله تفصيلا يعرف به حالة نبيه زكريا، وآثاره الصالحة، ومناقبه الجميلة، فإن في قصها عبرة للمعتبرين، وأسوة للمقتدين، ولأن في تفصيل رحمته لأوليائه، وبأي: سبب حصلت لهم، مما يدعو إلى محبة الله تعالى، والإكثار من ذكره ومعرفته، والسبب الموصل إليه. وذلك أن الله تعالى اجتبى واصطفى زكريا عليه السلام لرسالته، وخصه بوحيه، فقام بذلك قيام أمثاله من المرسلين، ودعا العباد إلى ربه، وعلمهم ما علمه الله، ونصح لهم في حياته وبعد مماته، كإخوانه من المرسلين ومن اتبعهم، فلما رأى من نفسه الضعف، وخاف أن يموت، ولم يكن أحد ينوب منابه في دعوة الخلق إلى ربهم والنصح لهم، شكا إلى ربه ضعفه الظاهر والباطن، وناداه نداء خفيا، ليكون أكمل وأفضل وأتم إخلاصا، فقال: { رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ْ}
أي: وهى وضعف، وإذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ْ} لأن الشيب دليل الضعف والكبر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته.
{ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ْ} أي: لم تكن يا رب تردني خائبا ولا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا ولدعائي مجيبا، ولم تزل ألطافك تتوالى علي، وإحسانك واصلا إلي، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا.
{ وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي ْ} أي: وإني خفت من يتولى على بني إسرائيل من بعد موتي، أن لا يقوموا بدينك حق القيام، ولا يدعوا عبادك إليك، وظاهر هذا، أنه لم ير فيهم أحدا فيه لياقة للإمامة في الدين، وهذا فيه شفقة زكريا عليه السلام ونصحه، وأن طلبه للولد، ليس كطلب غيره، قصده مجرد المصلحة الدنيوية، وإنما قصده مصلحة الدين، والخوف من ضياعه، ورأى غيره غير صالح لذلك، وكان بيته من البيوت المشهورة في الدين، ومعدن الرسالة، ومظنة للخير، فدعا الله أن يرزقه ولدا، يقوم بالدين من بعده، واشتكى أن امرأته عاقر، أي ليست تلد أصلا، وأنه قد بلغ من الكبر عتيا، أي: عمرا يندر معه وجود الشهوة والولد. { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ْ} وهذه الولاية، ولاية الدين، وميراث النبوة والعلم والعمل، ولهذا قال: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ْ}
أي: عبدا صالحا ترضاه وتحببه إلى عبادك، والحاصل أنه سأل الله ولدا، ذكرا، صالحا، يبق بعد موته، ويكون وليا من بعده، ويكون نبيا مرضيا عند الله وعند خلقه، وهذا أفضل ما يكون من الأولاد، ومن رحمة الله بعبده، أن يرزقه ولدا صالحا، جامعا لمكارم الأخلاق ومحامد الشيم. فرحمه ربه واستجاب دعوته فقال:
{ 7 - 11 ْ} { يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا * قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا * قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ْ}
أي: بشره الله تعالى على يد الملائكة بــ " يحيى " وسماه الله له " يحيى " وكان اسما موافقا لمسماه: يحيا حياة حسية، فتتم به المنة، ويحيا حياة معنوية، وهي حياة القلب والروح، بالوحي والعلم والدين. { لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ْ} أي: لم يسم هذا الاسم قبله أحد، ويحتمل أن المعنى: لم نجعل له من قبل مثيلا ومساميا، فيكون ذلك بشارة بكماله، واتصافه بالصفات الحميدة، وأنه فاق من قبله، ولكن على هذا الاحتمال، هذا العموم لا بد أن يكون مخصوصا بإبراهيم وموسى ونوح عليهم السلام، ونحوهم، ممن هو أفضل من يحيى قطعا، فحينئذ لما جاءته البشارة بهذا المولود الذي طلبه استغرب وتعجب وقال: { رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ْ}
والحال أن المانع من وجود الولد، موجود بي وبزوجتي؟ وكأنه وقت دعائه، لم يستحضر هذا المانع لقوة الوارد في قلبه، وشدة الحرص العظيم على الولد، وفي هذه الحال، حين قبلت دعوته، تعجب من ذلك، فأجابه الله بقوله: { كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ْ}
أي: الأمر مستغرب في العادة، وفي سنة الله في الخليقة، ولكن قدرة الله تعالى صالحة لإيجاد الأشياء بدون أسبابها فذلك هين عليه، ليس بأصعب من إيجاده قبل ولم يكن شيئا.
{ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ْ} أي: يطمئن بها قلبي، وليس هذا شكا في خبر الله، وإنما هو، كما قال الخليل عليه السلام: { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ْ} فطلب زيادة العلم، والوصول إلى عين اليقين بعد علم اليقين، فأجابه الله إلى طلبته رحمة به، فـ { قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ْ} وفي الآية الأخرى { ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ْ} والمعنى واحد، لأنه تارة يعبر بالليالي، وتارة بالأيام ومؤداها واحد، وهذا من الآيات العجيبة، فإن منعه من الكلام مدة ثلاثة أيام، وعجزه عنه من غير خرس ولا آفة، بل كان سويا، لا نقص فيه، من الأدلة على قدرة الله الخارقة للعوائد، ومع هذا، ممنوع من الكلام الذي يتعلق بالآدميين وخطابهم،. وأما التسبيح والتهليل، والذكر ونحوه، فغير ممنوع منه، ولهذا قال في الآية الأخرى: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ْ} فاطمأن قلبه، واستبشر بهذه البشارة العظيمة، وامتثل لأمر الله له بالشكر بعبادته وذكره، فعكف في محرابه، وخرج على قومه منه فأوحى إليهم، أي: بالإشارة والرمز { أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ْ} لأن البشارة بـ " يحيى " في حق الجميع، مصلحة دينية.
{ 12 - 15 ْ} { يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا * وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ْ}
دل الكلام السابق على ولادة يحيى، وشبابه، وتربيته، فلما وصل إلى حالة يفهم فيها الخطاب أمره الله أن يأخذ الكتاب بقوة، أي: بجد واجتهاد، وذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه، وفهم معانيه، والعمل بأوامره ونواهيه، هذا تمام أخذ الكتاب بقوة، فامتثل أمر ربه، وأقبل على الكتاب، فحفظه وفهمه، وجعل الله فيه من الذكاء والفطنة، ما لا يوجد في غيره ولهذا قال: { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ْ} أي: معرفة أحكام الله والحكم بها، وهو في حال صغره وصباه.
{ و ْ} آتيناه أيضا { حَنَانًا مِنْ لَدُنَّا ْ} أي: رحمة ورأفة، تيسرت بها أموره، وصلحت بها أحواله، واستقامت بها أفعاله.
{ وَزَكَاةً ْ} أي: طهارة من الآفات والذنوب، فطهر قلبه وتزكى عقله، وذلك يتضمن زوال الأوصاف المذمومة، والأخلاق الرديئة، وزيادة الأخلاق الحسنة، والأوصاف المحمودة، ولهذا قال: { وَكَانَ تَقِيًّا ْ} أي: فاعلا للمأمور، تاركا للمحظور، ومن كان مؤمنا تقيا كان لله وليا، وكان من أهل الجنة التي أعدت للمتقين، وحصل له من الثواب الدنيوي والأخروي، ما رتبه الله على التقوى.
{ و ْ} كان أيضا { بَرًّا بِوَالِدَيْهِ ْ} أي: لم يكن عاقا، ولا مسيئا إلى أبويه، بل كان محسنا إليهما بالقول والفعل.
{ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ْ} أي: لم يكن متجبرا متكبرا عن عبادة الله، ولا مترفعا على عباد الله، ولا على والديه، بل كان متواضعا، متذللا، مطيعا، أوابا لله على الدوام، فجمع بين القيام بحق الله، وحق خلقه، ولهذا حصلت له السلامة من الله، في جميع أحواله، مبادئها وعواقبها، فلذا قال: { وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا ْ} وذلك يقتضي سلامته من الشيطان، والشر، والعقاب في هذه الأحوال الثلاثة وما بينها، وأنه سالم من النار والأهوال، ومن أهل دار السلام، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى والده وعلى سائر المرسلين، وجعلنا من أتباعهم، إنه جواد كريم.
{ 16 - 21 ْ} { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ْ}
لما ذكر قصة زكريا ويحيى، وكانت من الآيات العجيبة، انتقل منها إلى ما هو أعجب منها، تدريجا من الأدنى إلى الأعلى فقال: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ ْ} الكريم { مَرْيَمَ ْ} عليها السلام، وهذا من أعظم فضائلها، أن تذكر في الكتاب العظيم، الذي يتلوه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، تذكر فيه بأحسن الذكر، وأفضل الثناء، جزاء لعملها الفاضل، وسعيها الكامل، أي: واذكر في الكتاب مريم، في حالها الحسنة، حين { انْتَبَذَتْ ْ} أي: تباعدت عن أهلها { مَكَانًا شَرْقِيًّا ْ} أي: مما يلي الشرق عنهم.
{ فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا ْ} أي: سترا ومانعا، وهذا التباعد منها، واتخاذ الحجاب، لتعتزل، وتنفرد بعبادة ربها، وتقنت له في حالة الإخلاص والخضوع والذل لله تعالى، وذلك امتثال منها لقوله تعالى: { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ* يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ْ} وقوله: { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا ْ} وهو: جبريل عليه السلام { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ْ} أي: كاملا من الرجال، في صورة جميلة، وهيئة حسنة، لا عيب فيه ولا نقص، لكونها لا تحتمل رؤيته على ما هو عليه، فلما رأته في هذه الحال، وهي معتزلة عن أهلها، منفردة عن الناس، قد اتخذت الحجاب عن أعز الناس عليها وهم أهلها، خافت أن يكون رجلا قد تعرض لها بسوء، وطمع فيها، فاعتصمت بربها، واستعاذت منه فقالت له: { إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ ْ} أي. ألتجئ به وأعتصم برحمته، أن تنالني بسوء. { إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ْ} أي: إن كنت تخاف الله، وتعمل بتقواه، فاترك التعرض لي، فجمعت بين الاعتصام بربها، وبين تخويفه وترهيبه، وأمره بلزوم التقوى، وهي في تلك الحالة الخالية، والشباب، والبعد عن الناس، وهو في ذلك الجمال الباهر، والبشرية الكاملة السوية، ولم ينطق لها بسوء، أو يتعرض لها، وإنما ذلك خوف منها، وهذا أبلغ ما يكون من العفة، والبعد عن الشر وأسبابه.
وهذه العفة - خصوصا مع اجتماع الدواعي، وعدم المانع - من أفضل الأعمال.
ولذلك أثنى الله عليها فقال: { وَمَرْيَمَ ابْنَة عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا ْ} { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ْ} فأعاضها الله بعفتها، ولدا من آيات الله، ورسولا من رسله.
فلما رأى جبريل منها الروع والخيفة، قال: { إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ْ} أي: إنما وظيفتي وشغلي، تنفيذ رسالة ربي فيك { لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ْ} وهذه بشارة عظيمة بالولد وزكائه، فإن الزكاء يستلزم تطهيره من الخصال الذميمة، واتصافه بالخصال الحميدة، فتعجبت من وجود الولد من غير أب، فقالت: { أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ْ} والولد لا يوجد إلا بذلك؟".
{ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ ْ} تدل على كمال قدرة الله تعالى، وعلى أن الأسباب جميعها، لا تستقل بالتأثير، وإنما تأثيرها بتقدير الله، فيري عباده خرق العوائد في بعض الأسباب العادية، لئلا يقفوا مع الأسباب، ويقطعوا النظر عن مقدرها ومسببها { وَرَحْمَةً مِنَّا ْ} أي: ولنجعله رحمة منا به، وبوالدته، وبالناس.
أما رحمة الله به، فلما خصه الله بوحيه ومن عليه بما من به على أولي العزم، وأما رحمته بوالدته، فلما حصل لها من الفخر، والثناء الحسن، والمنافع العظيمة. وأما رحمته بالناس، فإن أكبر نعمه عليهم، أن بعث فيهم رسولا، يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، فيؤمنون به، ويطيعونه، وتحصل لهم سعادة الدنيا والآخرة، { وَكَانَ ْ} أي: وجود عيسى عليه السلام على هذه الحاله { أَمْرًا مَقْضِيًّا ْ} قضاء سابقا، فلا بد من نفوذ هذا التقدير والقضاء، فنفخ جبريل عليه السلام في جيبها.
{ 22 - 26 ْ} { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ْ}
أي: لما حملت بعيسى عليه السلام، خافت من الفضيحة، فتباعدت عن الناس { مَكَانًا قَصِيًّا ْ} فلما قرب ولادها، ألجأها المخاض إلى جذع نخلة، فلما آلمها وجع الولادة، ووجع الانفراد عن الطعام والشراب، ووجع قلبها من قالة الناس، وخافت عدم صبرها، تمنت أنها ماتت قبل هذا الحادث، وكانت نسيا منسيا فلا تذكر. وهذا التمني بناء على ذلك المزعج، وليس في هذه الأمنية خير لها ولا مصلحة، وإنما الخير والمصلحة بتقدير ما حصل.
فحينئذ سكن الملك روعها وثبت جأشها وناداها من تحتها، لعله في مكان أنزل من مكانها، وقال لها: لا تحزني، أي: لا تجزعي ولا تهتمي، فــ { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ْ} أي: نهرا تشربين منه.
{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ْ} أي: طريا لذيذا نافعا { فَكُلِي ْ} من التمر، { وَاشْرَبِي ْ} من النهر { وَقَرِّي عَيْنًا ْ} بعيسى، فهذا طمأنينتها من جهة السلامة من ألم الولادة، وحصول المأكل والمشرب والهني.
وأما من جهة قالة الناس، فأمرها أنها إذا رأت أحدا من البشر، أن تقول على وجه الإشارة: { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ْ} أي: سكوتا { فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ْ} أي: لا تخاطبيهم بكلام، لتستريحي من قولهم وكلامهم. وكان معروفا عندهم أن السكوت من العبادات المشروعة، وإنما لم تؤمر بخطابهم في نفي ذلك عن نفسها لأن الناس لا يصدقونها، ولا فيه فائدة، وليكون تبرئتها بكلام عيسى في المهد، أعظم شاهد على براءتها، .فإن إتيان المرأة بولد من دون زوج، ودعواها أنه من غير أحد، من أكبر الدعاوى، التي لو أقيم عدة من الشهود، لم تصدق بذلك، فجعلت بينة هذا الخارق للعادة، أمرا من جنسه، وهو كلام عيسى في حال صغره جدا، ولهذا قال تعالى:
{ 27 - 33 ْ} { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ْ}
أي: فلما تعلت مريم من نفاسها، أتت بعيسى قومها تحمله، وذلك لعلمها ببراءة نفسها وطهارتها، فأتت غير مبالية ولا مكترثة، فقالوا: { لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فًريًّا ْ} أي: عظيما وخيما، وأرادوا بذلك البغاء حاشاها من ذلك.
{ يَا أُخْتَ هَارُونَ ْ} الظاهر، أنه أخ لها حقيقي، فنسبوها إليه، وكانوا يسمون بأسماء الأنبياء وليس هو هارون بن عمران أخا موسى، لأن بينهما قرونا كثيرة { مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ْ} أي: لم يكن أبواك إلا صالحين سالمين من الشر، وخصوصا هذا الشر، الذي يشيرون إليه، وقصدهم: فكيف كنت على غير وصفهما؟ وأتيت بما لم يأتيا به؟. وذلك أن الذرية - في الغالب - بعضها من بعض، في الصلاح وضده، فتعجبوا - بحسب ما قام بقلوبهم - كيف وقع منها، فأشارت لهم إليه، أي: كلموه.
وإنما أشارت لذلك، لأنها أمرت عند مخاطبة الناس لها، أن، تقول: { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ْ} فلما أشارت إليهم بتكليمه، تعجبوا من ذلك وقالوا: { كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ْ} لأن ذلك لم تجر به عادة، ولا حصل من أحد في ذلك السن. .
فحينئذ قال عيسى عليه السلام، وهو في المهد صبي: { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ْ} فخاطبهم بوصفه بالعبودية، وأنه ليس فيه صفة يستحق بها أن يكون إلها، أو ابنا للإله، تعالى الله عن قول النصارى المخالفين لعيسى في قوله { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ْ} ومدعون موافقته.
{ آتَانِيَ الْكِتَابَ ْ} أي: قضى أن يؤتيني الكتب { وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ْ} فأخبرهم بأنه عبد الله، وأن الله علمه الكتاب، وجعله من جملة أنبيائه، فهذا من كماله لنفسه، ثم ذكر تكميله لغيره فقال: { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ْ} أي: في أي: مكان، وأي: زمان، فالبركة جعلها الله فيَّ من تعليم الخير والدعوة إليه، والنهي عن الشر، والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله، فكل من جالسه، أو اجتمع به، نالته بركته، وسعد به مصاحبه.
{ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ْ} أي: أوصاني بالقيام بحقوقه، التي من أعظمها الصلاة، وحقوق عباده، التي أجلها الزكاة، مدة حياتي، أي: فأنا ممتثل لوصية ربي، عامل عليها، منفذ لها، ووصاني أيضا، أن أبر والدتي فأحسن إليها غاية الإحسان، وأقوم بما ينبغي له، لشرفها وفضلها، ولكونها والدة لها حق الولادة وتوابعها.
{ وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا ْ} أي: متكبرا على الله، مترفعا على عباده { شَقِيًّا ْ} في دنياي أو أخراي، فلم يجعلني كذلك بل جعلني مطيعا له خاضعا خاشعا متذللا، متواضعا لعباد الله، سعيدا في الدنيا والآخرة، أنا ومن اتبعني.
فلما تم له الكمال، ومحامد الخصال قال: { وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ْ} أي: من فضل ربي وكرمه، حصلت لي السلامة يوم ولادتي، ويوم موتي، ويوم بعثي، من الشر والشيطان والعقوبة، وذلك يقتضي سلامته من الأهوال، ودار الفجار، وأنه من أهل دار السلام، فهذه معجزة عظيمة، وبرهان باهر، على أنه رسول الله، وعبد الله حقا.
بسم الله الرحمن الرحيم
اليكم حلقات تفسير سوره مريم
بصوت الشيخ محمد متولى الشعراوى
جعله الله فى ميزان حسناته
http://www.as7apcool.com/vb/images/smilies/40.gif حمل من هناااااااا
http://www.MegaShare.com/191440
http://www.megashare.com/191592
http://www.megashare.com/191618
طبعا لابد من فك الملفات
تقبل الله منا ومنكم وجعله فى ميزان حسناتكم:x:-*
http://www4.0zz0.com/2010/09/11/22/338679298.gifhttp://www4.0zz0.com/2010/09/11/22/863225281.gif
ميرسى اوى ليك بكد
بارك الله فيك
بون بون
جزاكم ربي خيراً
موضوع أكثر من رائع أخي أكرام
وحمد لله على سلامتك
لا حرمنا الله من وجودك
وكل التقدير والأحترام
لطيور الجنة
على المجود الرائع
بارك الله لكم