الجاسوسية في كتاب
جاسوس في الفضاء (1)د.نبيل فاروقموسوعة الجاسوسية، أو كتاب الجواسيس (Spy Book)، هو_في رأيى الشخصي_ أعظم كتاب حظت به البشرية، حول التجسس والجاسوسية، فهو يضم بين غلافيه، كل ما يمكنك أن تعرفه، أو تفهمه، من غوامض وتاريخ وأسرار ذلك العالم الفريد المثير.. عالم الجاسوسية..
والكتاب صادر عن دار النشر الأمريكية الشهيرة،(Random House) ، ويحمل رقم الإيداع الدولى ، (ISBN 0-679-42514-4)، ومؤلفاه هما (نورمان بولمان)، و(توماس ب. ألن)، وكلاهما من أشهر المتعاملين مع عالم الجاسوسية والمخابرات، منذ زمن طويل...
ومن العسير جداً انتقاء أمور محدودة، من موسوعة كاملة، أعرضها في مساحة محدودة، ولكن من الممكن جداً أن ننتقي بعض موضوعاتها الفريدة؛ لإلقاء الضوء عليها، بصورة أو أخرى...
وأوّل هذه الموضوعات، هو موضوع أقمار التجسس الصناعية، أو كما يطلقون عليها، (عيون السماء)، إلا أنني ولأسباب عديدة، أفضّل تسميتها بـ (جواسيس الفضاء)..
والواقع أن الأقمار الصناعية هي من أهم مصادر الاستخبارات الإستراتيجية وإلى حد ما، الاستخبارات التكتيكية والاستخبارات التقنية في النصف الثاني من القرن العشرين، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، والكتاب يورد تصريح الرئيس الأمريكي (ليندون جونسون)، عندما قال في وصف أهمية الأقمار الصناعية الفوتوغرافية، في مارس 1967:
- لم أكن أرغب في أن أحب أو أود هذا، ولكننا أنفقنا 34 أو 40 بليوناً من الدولارات، على برنامج الفضاء، ولو لم نكن قد حصلنا منه إلا على المعرفة، التي خرجنا بها من صور الأقمار الصناعية الفضائية، فسيكون هذا أكثر قيمة بعشرة أضعاف، من التكلفة الإجمالية للبرنامج؛ لأننا اليوم نعرف كم يمتلك عدونا من الصواريخ، مما ألقى كل تخميناتنا واستنباطاتنا السابقة للرياح، فقد كنا نفعل أشياء نحن في غنى عنها، وكنا نبني أشياء لم تكن بنا حاجة إليها. وكنا نتحمل مخاوف ما أغنانا عنها.
وتقول الموسوعة: إن المجهودات المبكرة لتحري جميع الاستخبارات عن طريق الفضاء بدأت في 1946-1947، عندما تم عمل اختبار إطلاق لصواريخ V-2 الألمانية، التي ابتكرت خلال الحرب العالمية الثانية، وتم تزويدها بكاميرا صغيرة، بواسطة الجيش الأمريكي. وزودت الكاميرا بجهاز تسخين لحمايتها من برودة الارتفاعات العالية وكذلك بمظلة للعودة إلى الأرض سالمة، بحيث يمكنها التقاط الصور، من أعلى ارتفاع ممكن، والذي لم يكن يزيد أيامها عن مائة ميل، (عندما تعذر إنتاج العدد الكافي من صواريخ الـV-2 فى عام 1947، تم تثبيت الكاميرات على مناطيد البحث شاهقة الارتفاع؛ لاستكمال الاختبارات، على الرغم من أنهم كانوا محدودين بارتفاع يزيد قليلاً عن 100.000 قدم. ولقد تم استخدام فكرة المنطاد هذه بعد ذلك، في دور الاستطلاع الإستراتيجي على الاتحاد السوفيتي).
أما أول خطوة رئيسية باتجاه التطوير الأمريكي لأقمار الاستطلاع الصناعية، فقد جاءت من تزكية من (راند كورب) في 1954م، بأن تسلك القوات الجوية هذا المسلك، وأن تمتلك زمام المبادرة، في أمر حيوى إستراتيجي، إلى هذا الحد..
ومؤخراً، في نفس السنة، وبدون علم (براند)، وبعلم عدد قليل جداً من القوات الجوية، اعتمد الرئيس (أيزنهاور) للـCIA تطوير طائرة التجسس يو-2 من أجل الاستطلاع العلوي على الاتحاد السوفيتي..
كان دعم (أيزنهاور) للـU-2 -ومن ثم للأقمار الصناعية- نابعاً من اهتمامه بمعرفة التطويرات السوفيتية للأسلحة النووية الإستراتيجية التي من شأنها أن تهدد أمن الولايات المتحدة، بنسخة نووية من هجوم (بيرل هاربور)..
وفي عام 1954م طلب (أيزنهاور) من (جيمس ر. كيليان)، رئيس معهد (الماسوشتس) للتكنولوجيا، أن يرأس هيئة مستشارين؛ لإمعان النظر في احتمالات تطويرات الصواريخ الإستراتيجية، طويلة المدى. واحتشد حوالى 50 عالماً ومهندساً، على درجة عالية من الكفاءة، من الأكاديمية، والمعامل والحكومة؛ لإمعان النظر في الأوجه المتنوعة للأسلحة الهجومية الإستراتيجية، والدفاع الإستراتيجيي، وتقنيات الاستخبارات الإستراتيجية. ورأس (أدوين هـ.لاند) الذي اشتهر باختراعه للكاميرا البولارويد Polaroid، هيئة فرعية على المخابرات، تختص بهذا الأمر، شديد الحساسية..
ولقد بدأ تقرير تلك المجموعة، في عام 1955م، وهو تقرير في غاية السرية، بالبداية الهامة التالية:
"يجب علينا أن نزيد من عدد الحقائق الصعبة، التي اعتمدت عليها تقديرات مخابراتنا؛ ليكون متاحاً لنا إنذار إستراتيجي أفضل؛ وذلك للتقليل من حجم المفاجأة في نوع الهجوم، وللتقليل من خطر التقدير المبالغ فيه أو بخس التقدير لما يتهددنا."
ولقد ناقشت الهيئة تطوير طائرة التجسسU-2، والتي من الممكن أن تصبح طور الاستخدام في 1956 ومن المتوقع أن يكون لها فائدة كبرى، لولا أمر واحد..
أمر خطير.. جداً.