فتحت ساره عينيها لتجد نفسها فى حجرة فى المستشفى وبجوارها أباها وحماتها فقالت : أين علي؟ ماذا حدث؟
قال الأب بحزن : اطمئنى يا ابنتى..انه يصلى الظهر فى مسجد المستشفى وسيأتى حالا
عقدت حاجبيها عندما تذكرت شيئا وقالت بفزع : الـ ... الطفل ...طفلى ؟؟
سالت دموع الحماة رغما عنها وأشاح الأب بوجهه بألم وهو يقول : احمدى الله يا ابنتى, لقد كدت تموتين, لقد نجوت بمعجزة
تجهم وجهها بشدة وشردت عيناها وهى تقول بصدمة : لقد فقدت جنينى؟
أغمضت عينيها بألم وقالت بحزن : أردت هذا الطفل بشدة, أردته أكثر من أى شئ فى الحياة
أكملت وكأنما تتحدث الى نفسها : والآن فقدت آخر خيط يربطنى به, لا لوم ان مزق هذه الصفحة من حياته, وبدأ صفحة جديدة تنسيه الآلام التى عاناها
قالت الأم ودموعها تسيل : ماذا تقولين يا ابنتى, علي لايمكن أن يتركك أبدا, فهو يحبك كثيرا
أعلم ولدى جيدا فهو شهم ونبيل ومحب و.........
بلحية سوداء
لم تكن الكلمة الأخيرة بصوت حماتها , مما دفعها لتلتفت بكل كيانها لذلك الصوت الذى تعشقه كثيرا...
علي
هتفت بكل المشاعر الحبيسة التى تفجرت من أعماقها, ومعها دموعها الغزيرة التى أبت أن تخرج من بين جفونها الا من أجل هذا الرجل
تأملت بحب كبير وجهه الذى بدأ يتلون بلحية خفيفة حول فمه الذى يحمل ابتسامته المميزة وهو يقول : كيف حال زوجتى الآن؟
أسبلت جفنيها بخجل وألم فى صمت
جلس بجوارها على الفراش, وانسحب الأب والأم مغادرين الحجرة فى هدوء وأغلقوا الباب خلفهم
قال علي والإبتسامة لاتزال تزين وجهه : الطبيب يقول أن بامكانك العودة الى البيت غدا
تشبثت بيده وقالت وهى تنتحب ودموعها تجرى كالأنهار : علي, أرجوك لاتتركنى, لقد أحببتك, أحببت كل شئ فيك, شخصيتك, رجولتك, أخلاقك, شهامتك, حتى لحيتك السوداء, أحببتها
منذ أن عرفت أن طفلك ينمو بداخلى وأنا أقضى الليالى وأنا أتخيله وأتخيل ملامحه تشبهك, عينيه, أذنيه, أنفه, حتى أننى قد أتخيل فى بعض الأحيان أن تكون له لحية سوداء كلحيتك
رفع احدى حاجبيه وقال بسخرية مصطنعة : طفل بلحية سوداء؟
قالت بتوسل أليم : علي, عدنى أنك لن تتركنى ابدا
قال بحب : لن أتركك أبدا الا اذا تركتينى
قاطعته بانفعال : لا... ولا حتى هذه, عدنى الا تتركنى مهما حدث, حتى لو أخطأت وطلبتها منك بلسانى...لاتتركنى ابدا
قال بعاطفة جياشة وهو يحبس دموعه بعناد : وكيف أتركك..ألم تعلمى بعد ؟ فى جماعتنا الزواج هو أسر للمرأة...أنت غنيمتى... وهل يترك الإرهابى غنيمته؟..هل نسيتى؟
أنا ارهابى بلحية سوداء .همجى .عدوانى. متخلف. متطرف. مهووس ومتعصب لآرائى الدينيه ...و.. سيكوباتى
أرادت أن تضحك ولكنها عجزت تماما, قالت وهى مازالت متعلقة بكفه ودموعها تغرق وجهها ووسادتها : أنا مخطئة..أنا مجرمة.. سامحنى
قال بأسف : انت التى يجب أن تسامحينى..لقد عجزت عن حمايتك وحماية.......
ابتلع الكلمة حتى يمنع دموعه من الخروج من سجنها
قالت بألم وندم : لقد حاولت أن احميه..حاولت
عندما قابلت جيف اول مرة وأعطانى الكبسولة كنت خائفة للغاية ..أدركت أن هذه الكبسولات ستؤذى طفلى, هربت منهم حتى لا يؤذونه, أردت ان اعود اليك فقط لأعطيك طفلك وبعدها فليقتلونى أو يشنقونى لا أبالى......ولكنى.....
وضع أصابعه على فمها ليسكتها وقال بحنان مبدلا الموضوع : ما هذا التصرف الأحمق الذى قمت به؟ لن أسامحك ابدا على تلك الفعلة السوداء
حدقت فيه بذهول وانقطع بكاءها للحظات وهى تقول بارتباك : ما..ماذا فعلت؟
أخرج اللعبة الصغيرة التى على شكل كلب من الفراء من جيبه ونظر اليها مدعيا الغضب فى قسماته وقال : ماهذا؟
هل كنت تحملين هذا فى حقيبتك وانت فى شهور الحمل الأولى؟
هزت رأسها ببطء وعلى وجهها ارتسمت الدهشة
تمعر وجهه وجحظت عيناه بطريقته التمثيلية التى تعرفها جيدا : تريدين لطفلى أن يخرج للحياة بفرو قطيفه وأنف سوداء وبدلا من ان يبكى ينبح؟
قالت بدهشه : ماذا؟ لم أفهم؟
قال بطريقته الساخرة : لدينا هنا اعتقاد خرافى عن شئ يسمى الوحم
تريدين لطفلى ان يشبه هذا؟
لاتكررى ذلك التصرف الأحمق ثانية, احضرت لك لعبة جميلة لتنظرى اليها وتتمعنى فيها
شهقت ساره من المفاجأة وهى تتأمل الدمية التى أخرجها علي من خلف ظهرة وهو يضحك ضحكته المميزة : نياهاهاهاها
كانت دمية قبيحة للغاية, سوداء قاتمه, لها عين واحدة وشعرها أشعث وانفها أحمر
صمتت قليلا ثم تفجرت ضحكاتها ودموعها فى آن واحد, وأمسكت الدمية وأخذت تضربه فى صدره وهى تقول : ألن تكف عن تصرفاتك المجنونه ومقالبك الطفوليه هذه ؟
قال باسما : وكيف استطيع ان انتزع ضحكاتك اذا؟
هزم البكاء الأليم ضحكاتها وضحكاته أيضا فأمسك كفها بين يديه واقترب منها وقال مقاوما باستماته حزنه الشديد والمه لأجلها : ساره, لاتبكى حتى أخبرك بالمفاجأة التى أعددتها لك
سنسافر معا فى رحلة
همست من بين دموعها : مطروح
هز رأسه نفيا وهو يهمس : بل مكان آخر, أجمل مكان فى العالم
سنذهب معا لقضاء العمرة
حدقت فيه بدهشة وقالت : حقا؟
قال بحب : ألم تطلبى منى التعرف على قائدى الأعظم؟ سآخذك اليه
قالت بندم كبير : وهل...هل سيتقبلنى؟
قال بحب وهو يجذب رأسها اليه حتى لاترى دموعه التى عجز تماما عن حبسها وسالت على لحيته الخفيفه, ويضع قبلة حانية على شعرها : عندما تصلى الى هناك.....ستعرفين
تمت بحمد الله وفضله
مع تحيات الكاتبة سامية