1- كان الجو شديد الحرارة ... ولم يستطع الدكتور فخري وعائلته تحمل هذا الجو ... لذا قرر ان يصحب عائلته في رحلة إلي الساحل الشمالي حيث الهواء العليل والماء الوفير ...
إستيقظ الابناء في هذا اليوم وقد أعدو كل ما يحتاجونه ... وكذلك كان الدكتور فخري قد اعد سيارته العتيقه لهذه الرحلة التي قد تستمر ساعات كثيرة ... ومن لا يعرف سيارة الدكتور فخري فليسأل عنها طلابه في الجامعة ... فالسيارة تعد من العلامات المميزة التى تشتهر بها الجامعة ... فيشير لها الطلاب عند تعريف انفسهم ( احمد علاء شاهين ... تالته صيدلية ... الجامعة إلي فيها عربية الدكتور فخري ..) .... فهي من اشهر السيارات الموجودة في الجامعة ليس لغلاء سعرها اوحداثتها .... بل لمرور قرون عديدة على صنعها ... فيشك البعض في انها من اوائل السيارات التي قد تم إختراعها ... وبالطبع يتبادل الطلاب النكات والقفشات على هذه السيارة التي تبلغ سرعتها القصوى 50 كيلومتر على الطرق السريعة , وبالرغم من ذلك يرفض الدكتور فخري بيعها او التخلي عنها ليشتري سيارة اخرى ... فهو يعتبرها كأحد ابنائه ... فهل يتخلى عاقل عن أبنائه ؟!
حاول ابناء الدكتور فخري وزوجته إقناعه بان هذه السيارة لن تستطيع إيصالهم للساحل الشمالي ... فقد تمر شهور عديدة حتى يصلو لوجهتهم ... بل قد يقضو أغلب الطريق في دفع السيارة .... لكن كان رده المعتاد ( العربية دي مش هستغنى عنها طول ما انا عايش على وش الارض ..... وإذا كان على المشوار بتاع الساحل الشمالي فانا اوعدكو في خلال اربع ساعات بس هنكون هناك ( وهو رقم قياسي يصعب على هذه السيارة ان تحققه ... بل من المستحيل ان يتحقق ذلك من الناحية العملية )
لم تجد العائلة مفر من ركوب السيارة ... وعلى النقيض كان الدكتور فخري في سعادة بالغة , فهو يعشق هذه السيارة على الرغم من المشاكل الكثيرة التي تجلبها له ... امسك بالمقود بلهفة وضمه إليه كما تضم الام إبنها الغائب عنها سنوات عديدة ... إنطلق بالسيارة مرددا في حماس شديد ( جايلك يا ساحل يا شمالي ) .... وكانت جملته الاخيرة كافيه لجعل أبنائه ( احمد ومها ) يبتسمون في سخرية مشككين في تحقق هذه العبارة .
كان مشهد السيارة وسط السيارات الاخرى اقرب ما يكون من مشهد لأحد القطط التي ضلت طريقها وسط قطيع من الافيال ... ولذلك نادرا ما تمر بجوارهم سيارة وإلا وكان جميع من فيها يضحكون بسخرية على هذه السيارة .... وكانت السيارة تتغاضى عن هذه السخافات وتسير بشموخ وكبرياء ... و إستمرت في طريقها لا تبالي بمن يسخر منها ولا تلفت إلي قريناتها من السيارات الفارهة ... حتى إقترب منها سيارة بها مجموعة من الشباب الذين اطلقو ضحكات وتصفيرات كبيرة ... ولم يتمالك الدكتور فخري اعصابه ... فإقترب من السيارة وهو يصرخ فيهم ( عيب كده ... خلي عندكو دم ) ....... لكن الشباب تمادو في سخريتهم وارتفعت اصوات ضحكاتهم .... وكان ذلك كفيل بان تخرج السيارة اخيرا عن صمتها .... لحظات قليلة إشتد فيها إحمرار السيارة .. وتطاير الدخان من جميع انحائها ... ويبدو ان ما هي إلا لحظات قليلة ويحدث إنفجار كبير ...
حبس جميع من في السيارات المجاورة انفساهم وهم يرون هذه السيارة وهي على وشك الإنفجار ... بل إن كثير منهم تركو سياراتهم وإنطلقو هاربين ... شعر الدكتور فخري وعائلته بحرارة شديدة داخل السيارة وهمو بالخروج ... ولكن ....
يتبع