سعيد بن جبير الشهيد الضاحك
كنت بالامس القريب قد سمعت خبر استشهاد المجاهد البطل اسامه بن لادن على ايدى قله من الجيش الامريكى المخابراتى الخاص فى بيت له فى باكستان فغضبت لهذا الخبر كثيرا و حزنت ليس على شخص بن لادن كشيخ و داعيه مسلم فحسب وانما على بن لادن المجاهد الصابر المرابط الثرى الذى ترك امواله و قصوره و اعتلى الجبال و تكفف الطعام و لكنه لم يهاب الموت طلبا لعز الشهاده ادعوا الله ان يتقبل شهادته و ينعم فى الفردوس الاعلى مع المجاهدين الاولين السابقين
و لذالك قررت ان اكتب اليوم عن شخصيه نالت شرف الشهاده من الصحابه الكرام و التابعين الاعلام شخصيه تعتبر شبيهة المثل باسامه بن لادن فالتمس من حضراتكم ان ان نخلع نعال حب الدنيا و نمشى على اطراف اصابع الحياء تورعا و تادبا مع الشهيد التقى العارف بربه الكاره لغرور الدنيا الزائف الزاهد فى مترفه المخادع
ابو محمد سعيد بن جبير وارث علم عبد الله بن عباس الشرعى و احد اعلام التابعين
عاش فى فترة خلافة عبد الملك بن مروان فخرج عنه و انشق عن خلافته و عاداه لما شاهد عبدالملك بن مروان عسف مسرف فى القتل سافر سعيد بن جبير الى مكه فقبض عليه هناك و اخذه الجنود الى الحجاج بن يوسف الثقفى و كان الحجاج لا يعرف بن جبير
فقال له الحجاج ما اسمك ؟ قال سعيد بن جبير فقال الحجاج بل انت شقى بن كسير فقال بن جبير بل كانت امى اعلم باسمى منك فقال الحجاج شقيت امك و شقيت انت قال بن جبير الغيب يعلمه غيرك فقال الحجاج لابد ان اضعك فى نارا تلظى قال بن جبير لو علمت ذلك لاتخذتك الها قال الحجاج فما قولك فى محمد ؟ قال بن جبير نبى الرحمه و امام الهدى فقال الحجاج ما قولك فى على بن ابى طالب اهو فى الجنه ام هو فى النار ؟ قال بن جبير لو دخلتها و عرفت من فيها عرفت اهلها فقال الحجاج فما قولك فى الخلفاء ؟ قال بن جبير لست عليهم بوكيل فقال الحجاج ايهم احب اليك ؟ قال بن جبير ارضاهم لخالقى فقال الحجاج ايهم ارضى للخالق ؟ قال بن جبير علم ذلك عند الذى يعلم سرهم و نجواهم قال الحجاج فما بالك لم تضحك ؟ قال بن جبير و كيف يضحك مخلوق خلق من طين و الطين تاكله النار فقال الحجاج فما بالنا نحن نضحك ؟ قال بن جبير لم تستوى القلوب فاراد الحجاج ان يغرى سعيد بن جبير بمباهج الدنيا و لهوها فامر باللؤلؤ و الزبرجد و الياقوت فجمعه بين يديه فقال له بن جبير ان كنت يا حجاج جمعت هذا لتتقى به من فزع يوم القيامه فصالح و الا ففزعه واحده تذهل كل مرضعة عما ارضعت و لا خير فى شىء جمع للدنيا الا ما طاب و زكا ثم دعى الحجاج بالعود و الناى فلما ضرب بالعود و نفخ فى الناى بكى سعيد فقال الحجاج ما يبكيك ؟ فقال بن جبير الحزن النفخ ذكرنى يوما عظيما يوم ينفخ فى الصور و اما العود فشجرة قطعت فى غير حق و اما الاوتار فمن شاه تبعث معها يوم القيامه فقال الحجاج و يلك يا سعيد قال بن جبير لا ويل لمن زحزح عن النار و ادخل الجنه فقال الحجاج اختر يا سعيد اى قتله اقتلك بها فقال بن جبير اختر لنفسك يا حجاج فوالله لا تقتلنى قتلة الا قتلك الله مثلها فى الاخرة فقال الحجاج افتريد ان اعفو عنك ؟ قال بن جبير ان كان العفو فمن الله و اما انت فلا براءه لك و لا عذر قال الحجاج اذهبوا به و اقتلوه فلما خرج بن جبير ضحك فاخبر الحجاج فرده اليه و قال ما اضحكك قال بن جبير عجبت من جراءتك على الله و حلم الله عليك فقال الحجاج اقتلوه فلما بسط النطع ووضعوا راسه عليه قال بن جبير وجهت وجهى للذى فطر السماوات و الارض حنيفا و ما انا من المشركين فقال الحجاج و جهوا به لغير القبله قال بن جبير اينما تولوا فثم وجه الله فقال الحجاج كبوه على وجهه فقال بن جبير منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة اخرى فقال الحجاج اذبحوه فضحك بن جبير و قال اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله خذها منى حتى تلقانى يوم القيامه عند ربى فذبح بن جبير و نال الشهاده عند الله و لما علم الحسن البصرى ان الحجاج ذبح سعيد بن جبير قال اللهم ائت على فاسق ثقيف و الله لو ان ما بين المشرق و المغرب اشتركوا فى قتل سعيد لكبهم الله فى النار و لما حضرت الحجاج الوفاه كان يغيب عن الوعى ثم يفيق و يقول مالى و سعيد بن جبير و كان اذا نام الحجاج راى فى المنام سعيد بن جبير اخذا بمجامع ثوبه و يقول له يا عدو الله فيما قتلتنى فيستيقذ الحجاج مذعورا و يقول مالى و سعيد بن جبير فلما توفى الحجاج رؤى فى المنام فقيل له ما فعل الله بك ؟ فقال قتلنى بكل قتيل قتلته قتله و قتلنى الله بقتلة سعيد بن جبير سبعين قتله
رحمة الله و تحياته و بركاته على سعيد بن جبير اثابه الله بالفردوس الاعلى و اعزه بلباس الشهاده و جمعنا مع الراضى عنهم خاصته يوم نلقاه انه ولى ذالك و مولاه
