هو : راقد بغرف مظلمة ويضع رأسه على صدرها وهى تجلس متكئة تستند بظهرها على سريره وتحتوى رأسه بصدرها وتبكى تتساقط دموعها دون أن تدرى على وجهه
يمسح وجه من دموعها ويحاول جاهدا أن يعتدل فى جلسته لينظر الى وجهها الملائكى مخاطبا لها بكل ضعف ووهن
ريم كم مرة قلت لك لاتبكى لاأستطيع أن أرى أحلى عين بالوجود مبللة بالدموع
فترد قائلة أبدا أنا لاأبكى ولكن عينى من كثرة السهر وعدم النوم تدمع قليلا
وتحتوى وجه بعينيها وتقول له
كريم لاتشغل بالك أنا بخير والأطباء طمنونى عليك مجرد وقت ونعود لحياتنا الطبيعية
مجرد وقت ونذهب لبيتنا ونغادر هذه المستشفى
أتعلم غدا سنضحك على تلك الذكريات المؤلمة ونحمد الله أنها مرت بسلام
غدا سنتذكر ونشتاق لأيام المستشفى والعاملين بها والأطباء
وتحاول أن تصطنع أبتسامة تدخل بها الطمأنينة الى قلبه
كريم يضحك بأستهزاء ويصطنع تصديقها ويقول لها أن شاء الله
ريم تقول له
هل تتذكر أول يوم رأيتك فيه هل تتذكر كيف كتب موظف شئون الطلاب بالجامعة اسمك بالكلية معى وكل منا يعتقد انه أسمه فصدفة عجيب أن يكون أسمى ريم محمد محمود ويكون أسمك كريم محمد محمود ونتشاجر
أنت تقول الكاف مكتوبة بخط خفيف وأنا أقول لاتوجد كاف الى أن ثبت أنه يوجد أسمان أعتقد موظف الجامعة أنه أسم واحد لولا أختلاف الأسم الأخير
ولتبريره الموقف قال لاتغضبوا
أنتم شخص واحدأنتى ريم وهو مثلك أيضا والكاف للتشبيه
فيبقى ريم كريم
وأضحكنا معه
ومن هذا اليوم وريم ككريم وكريم كريم
أحبك ياأنا أحبك كما لم أحب من قبل
أحبك بكل ماتعلمت وشعرت وعشقت من أساليب الحب
أحبك ياعمرى يابعضى وكلى يازوجى وحبيبى وتضمه الى قلبها وتغرق فى بكاء مرير ويجهش كريم بالبكاء كطفل صغير بحضن أمه يتشبس بحضنها خوفا من المجهول
كريم بصوت مبلل ومغرق بالدموع ريم أنا عارف
ريم عارف ايه حبيبى
عارف ان خلاص مافيش فايدة المرض تمكن منى وماهى الا لحظات
تصرخ ريم بحرق وتستجديه أرجوك كريم أرجوك ماتقولش كدة
كدب مين يقدر يدخل بعلم ربنا
ربنا فوق الطب فوق العلم ربنا بيحبنا وعمره مايفرقنا
من فضلك ماتكملش
لا ياريم أنا حاسس انى خلاص النهاية قربت حاسس بالموت
حاسس ببرودة أطرافى وجسمى تقيل
وقلبى بيألمنى
ريم أنا مش خايف من الموت أنا خايف اسيبك لوحدك انا عرف حزنك وعارف حبك
لا ياكريم صدقنى لو مت انا هاموت وراك انا هادفن نفسى حيه
ايه لازمة الحياة من غيرك الحياة من غيرك ماتتعش احسن
وتأخذ وجه بكفيها وتمطره بالقبلات وتبلله أيضا بالدموع
وتقترب من أنفه لقد تعودت أن تستنشق نفسه
ماهذا السكون تقترب من شفتاه لتجد شفاه صامته ساكنة
تصرخ ريم ك---------------------ريم
تمتلىء الغرفة بعديد من الأطباء وكثير من الممرضات وعديد من الأجهزة
وضغط بجهاز النبض على القلب عله يعود لدقاته
وفى اخر الغرفة تقف ريم وجهها بكفها تبتهل وتصلى بصوتها راجية الله أن يعود لها كريم
ولكن يقف كريم بجانبها ينظر لها يحاول تهدئتها ولكنها لاتراه
يحاول الأمساك بها ولكنه لايستطيع
ماذا حدث ينظر كريم فى الغرفة زحام شديد وفجأة ينفض الزحام
وتخلو الغرفة الا من جسد ملقى على السرير
يتعجب كريم انه جسدى
أأأأأأأأأأأأأأأأأأه
هل مت
اذن انا
انا
انا روح يالله
يجلس كريم بجانب جسده وينظر لريم وهى بجانبه تضع رأسها على صدره
وتبكى تمسك بيده وتقبلها وتضعها على وجهها تتلمسها
ينظر اليها ويقول حبيبتى لهذا الحد تحبينى
ألهذا الحد تتألمين لفراقى
ليتك تستطيعى رؤيتى
ليتك تستطيعين سماعى
يدخل أخرون الغرفة ويخرجون منها ريم ويأخذون جسدى
وريم تبكى منهارة وفجأة تسقط مغشيةعليها
وأخيرا زحام كبير عديد من الأهل والأصدقاء يبكون ويترحمون على
الحمد لله الجميع يذكرنى بالخير
ولكن أين ريم
هاهى ومن حولها أصدقاءنا الكل يواسيها
وهى لاتنظر الا لجثمانى الملقى بالتابوت على الأرض
احبك ياريم
الجميع يتأهب لحملى ريم لاتتركينى ريم أين وعدك لى
ريم أخر كلماتك ستدفنى نفسك معى حيه
ريم أين وعدك
هل تتركينى وحيدا مع الموت
رجل يحفر القبر ويضع الجثمان بالتراب
وأجد نفسى وحيدا بغرفة مظلمة وأصوات أقدام تتباعد
الصوت يبعد ويبعد أختفى صوت الأقدام
أصبحت وحيدا ياكريم
لايوجد حى يدفن مع ميت مهما كان شدة حبه
ياربى ماهذا الضجيج ماهذه الجلبة ماهذا العويل
ك-----------------ريم
ماهذا الصوت أنه صوتها
كيف لاأصدق ماأسمعه
هل للموت هلاوس كما توجد بالحياة
ويقترب الصوت ليجد امامه ريم
حبيبتى كيف جئتى لعالمى
ااغضبت الله وجئتى قبل ميعادك
تكلمى
لا ياحبيبى لن ولم أغضب ربى
ولكن قلبى آبى أن يدق ويحيا بدون حبى
آبى الجسد أن يعيش بدون روحى
آبى الكيان أن يتنفس بصدرى
كل الحياة تتوقف ببعدك عنى
وذهبت الروح لبارئها قبل أن تخطو وتبعد عنك قدمى
وجئتك ليكون الموت لقاء روحى
فانا معك ياقلبى
حتى الموت لن يأخذك منى
النهاية
جينا النمرسى
