-
سـأخون وطني..............محمد الماغوط
محمد الماغوط....
صاحب "العصفور الأحدب"و"غرفة بملايين الجدران"و"الفرح ليس مهنتي"و"حزن في ضوء القمر".........
ذاك رجل اتكأ على جدران الحياة وتوسد حجارة الوطن والتحف أحزان العرب.... فلم ينم.. ولم يعرف يوماً الأحلام الوردية..أحلامه كانت مثل حياته أسود وأسود...ظل فزعاً حتى انسل في قبره كما الطفل الجزع في حضن أمه الميتة...رسم حزن الانسان العربي بأقسى وأعذب الابتسامات.. وابتسامته الوحيدة ارتسمت على وجهه حين مات..
طوّع الكلمات حتى صارت له إماءه اللغوية الخاصة التي لا تخدم سيداً غيره ....
كلماته مسنونة كالخنجر وذلك سرها في أنها تصل إلى هدفها فتصيبه...
ترى قلبه في لسانه ولا تتحير بما وراء هذا الرجل الضخم المتجمد من أساطير...
ولد في العام 1934في عائلة تنسب للفقر كما ينسب البدوي للصحراء...وجاء إلى دمشق عام 1948متوجاً بحزنه وكآبته التي لازمته حتى الكفن...
تعرض للسجن والتعذيب والهروب فتفجر بركان ذخيرته الشعرية سخطاً وهجاءً واحتجاجاً على كل شيء حتى على محمد الماغوط نفسه....
أحببت أن أعرفكم على هذا العملاق الأدبي" كولومبوس الشعر الجديد " كما يقال عنه....
ولنرى واقعنا حين يطل من عيون الماغوط...
سأخون وطني....
نصيحة لكل مواطن عربي يمينياً كان أم يسارياً، مع الحل السلمي أم مع الحل العسكري، إذا ما أصابه عارض صحي، ألا يراجع طبيباً مختصاً.
كنت أردد هذا الكلام وسواه. وأنا في طريقي إلى آخر عيادة رسمية أو خاصة لم أطرق بابها بعد. وكانت كأية عيادة في العالم الثالث، أرضها مغطاة بالمرضى وجدرانها مغطاة بالشعارات، وعندما جاء دوري امتثلت على الفور بين يدي الطبيب ومعي كل الوثائق التي تثبت خطورة حالتي وقلت له: دكتور، أستحلفك بالله، بالبنسلين، بالترومايسين، وبقضية قضايانا الكبرى فلسطين، أنقذني. أذني مسدودة منذ أمد طويل. فسألني الدكتور بصوت مرتفع: منذ متى يا بني؟
ـ لا أعرف يا دكتور، كل ما أعرفه أن قناة السويس فتحت وأذني لم تفتح.
ـ هل أصبت بمثل هذه الحالة في صغرك، أو بالأحرى هل تحمل من طفولتك مرضاً معيناً؟
ـ أبداً، لم أحمل من طفولتي حتى الآن سوى هموم القضية وكنت دائماً سليم الجسم والطوية، ودائم البهجة والسرور لأن الله الحبيب خلقني في هذه المنطقة الحبيبة. وكنت طوال حياتي، إذا ما طنت أذني أو التهب حلقي نتيجة الإفراط في السهر والتدخين والشراب، أعرج على أقرب صيدلية وآخذ حبة أو ملعقة شراب وينتهي الأمر عند هذا الحد، إلى أن التقيت ذات يوم بأحد أصدقائي المثقفين وأنا أهم بدخول إحدى الصيدليات لمثل هذه الغاية. فسألني باهتمام مما أشكو، فقلت له لا شيء مجرد "وشة" خفيفة في الأذن... برشامة وينتهي الأمر. فاستوقفني بحزم قائلاً: لا، راجع طبيباً مختصاً. لقد تطور الطب كثيراً في السنوات الأخيرة، وعلينا نحن المثقفين أن نؤمن بالاختصاص، ونشجع المختصين ونسهل عليهم مهمتهم. لا تقاطعني. وإذا لم تفعل بنصيحتي، لا أنت صديقي ولا أنا صديقك.
وفي اليوم التالي راجعت طبيباً مختصاً. وفي الأسبوع التالي كان عندي من التحاليل والصور الشعاعية والوصفات الطبية ما يعادل مؤلفاتي كلها.
لقد كان له ما أراد واستأصل لي اللوزتين. وكل ما أذكره بعد ذلك، هو أنني منذ غادرت المستشفى وقال الطبيب وهو يودعني "معافى إن شاء الله" لم أعرف طعم العافية. فبعد يومين التهبت أذني اليسرى واليمنى، والتهبت المنطقة، وصارت الوشة اثنتين. وكلما شربت قدح ماء، يعود بعد قليل ليخرج من فمي وأنفي. أما بالنسبة لانسداد الأذن فقد أصبح عندي تقليداً لا يناقش فيه. فصرت لا أسمع ما يقال ولا يفهم ما أقول. ولما كنت جليس مقاهي ومدمن مناقشات، فكنت لا تراني إلا ويدي حول صيوان أذني متسائلاً بصوت مرتفع عن كل كلمة تقال ومستفسراً عن كل رأي يطرح على طاولتي وطاولات الآخرين. ولما كانت معظم مناقشات المقاهي سياسية، فقد أخذ روادها يظنون بي الظنون، واعتقدوا أنني من إياهم، ولذلك صاروا يتهربون من أسئلتي إذا سألت، ويصمتون إذا ما دخلت.
وكنت لا أنفك أراجع الطبيب تلو الطبيب والمستشفى تلو المستشفى دون نتيجة. لقد كانوا يتقاذفونني ككرة القدم، شعبة الأذنية حولتني إلى العينية، ومن العينية إلى العصبية، ومن العصبية حولوني إلى الداخلية، ولو تابعت الانصياع لأوامرهم لحولوني إلى الخارجية والدفاع.
ولذلك عيل صبري وسلمت أمري لله. ورتبت أموري على أساس أن أعيش بقية عمري بأذن واحدة خاصة وأنه لم يعد في المنطقة، بشعاراتها وسياساتها وخطبائها وإذاعاتها وأخبارها وأغانيها ما يستحق أن يسمع. لكن يا دكتور، لاحظت في الآونة الأخيرة أن الضجر قد زال من النفوس وحل محله الهياج والترقب والانفعال، وحمى وطيس المناقشات من جديد في المقاهي. واستنفر الجميع حول أجهزة الإذاعة والتلفزيون، فثار فضولي خاصة وأنه صار يتناهى إلى سمعي بكثرة اسم سادات سادات ـ بيغن بيغن، فقلت: الحالة غير طبيعية ولا بد أن أنباء هامة تتواتر في المنطقة، ويجب أن أسمعها، وبأذنيّ الاثنتين، لا بأذن واحدة. فقال لي الطبيب بصوت مرتفع كعادته منذ أول المعاينة: من الأفضل ألا تسمعها؟
فقلت له: ما الفائدة؟ إذا كنت سأعيش نتائجها
فقال: هل قمت بتحليل للدم؟
ـ طبعاً. انظر هذه هي التحاليل وهذه هي الأدوية وهذه هي الصور الشعاعية. انظر هذه صورة للجيوب الأنفية، وهذه صورة للرئتين، وهذه صورة للأذن الملتهبة... وهذه... لا لا هذه لا علاقة لها بالموضوع. فسألني مقطباً: ما هذه الصورة العجيبة التي تحاول إخفاءها وراء ظهرك.
فقلت له: هذه صورة للوضع السياسي في المنطقة ولا علاقة لها بالموضوع.
فقال وهو يحدق إلى الصور والتحاليل: من الواضح أن في أذنك سوائل تؤدي إلى انسدادها. ماء أو زلال أو ما شابه.
فقلت له: حتى ولو كان فيها بترول يجب أن تفتح.
فقال بعصبية: يا بني أذنك بحاجة إلى عملية جراحية.
فقلت له: وأنا أستلقي بثيابي على طاولة العمليات: إنني جاهز، هات أمواسك ومشارطك.
قال: انهض لا يوجد عندي مخدر.
قلت: لا داعي لذلك، إنني مخدر منذ عام 1948.
سنكمل بعد الفاصل.....مع خيانة جديدة
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
نقل مميز يا طيف بارك الله فيكى موضوع فعلا مميززز
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
مشكورة منون لمرورك وتسلمى
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
من مسرحية (خارج السرب) 1999
محمد الماغوط......
في نهاية المسرحية يقول عاطف مُستخدَم المسرح : بطل المسرحية
معقولة جولييت وهم؟ وروميو وهم؟ وشكسبير وهم؟
والحب والصداقة والزمالة ورفقة المسرح والسفر والمدرسة والطفولة والمعتقلات وهم؟
وثورة الفكر والفن والعلوم، والفلسفة والفلك والرياضيات، والثورة الروسية والثورة الفرنسية وثورة سبارتاكوس وهم؟
وموسيقى بيتهوفن، وأوبرا فاغنر وقصائد لوركا وأراغون وعيون إلزا وهم؟
والتراث والمعاصرة والمتنبي والمنفلوطي، ويوسف وهبي ويوسف الخال ومجلة شعر، والناقد والآداب والأديب، والمعارك الأدبية وهدير المطابع وهم؟
والتاريخ والجغرافيا وجبال الصوان، وبعلبك أنا شمعة على دراجك، وياحرية يا طفلة وحشية، وشوارع القدس العتيقة والحديثة وفيروز والرحابنة وأطفال الحجارة وكهول الحجارة وأزهار غوغان، وسنابل فان كوخ وملائكة روفائيل، والربيع الخريف وكل الفصول والحضارات والفنون والأطفال والعصافير والفراشات بهالعالم وهم؟
وما عاد فيه حقيقة بهالعالم غير اسرائيل والبترول؟
أكيد هي مؤامرة ليجننوني مسرحياً وعاطفياً واقتصادياً، بس أنا ما راح جن، بجنن بلد، لأني أنا مو وهم.. أنا حقيقة وهي إيدي، وهي رجلي، وهادا كتفي، وهادا انفي، وهادا راسي ومؤمن عليه كمان.
وهادا مسرح، وهادا شباك تذاكر، وهَي مكنسة وهاد صرصور وهادا وطن.
يحدّه من الشرق البحر الأبيض المتوسط وجزيرة قبرص وجزيرة مالطا، ومن الغرب المحيط الهندي ومضيق هرمز والطنب الكبرى والطنب الصغرى
ومن الجنوب تركيا والبحر الأسود وبحر قزوين ومضيق البوسفور ومضيق الدردنيل
ومن الشمال كينيا ونيجريا ومنابع نهر النيل ومضيق جبل طارق وبقية افريقيا
وفوق بالسما.. القمر العربي عربسات عم يراقب الرايح والجاي، وتحت الأرض سجون ومعتقلات وزنزانات فردية وجماعية، وغير ذلك من البنى التحتية المعروفة من المحيط إلى الخليج، وكلها من الباطون والاسمنت المسلح، وبواب وشبابيك حديد ما بتمر منها البرغشة، فـ... وين بدها تطير اسرائيل؟ وين؟
(وينتصب على قدميه شامخاً باسماً مرفوع الرأس كجندي نازي في ذروة انتصاراته)
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
نص الفراشة
من كتاب (سأخون وطني - هذيان في الرعب والحرية) 1987
مواطن عربي قتل في إحدى المظاهرات الشعبية إبان الحماسة الوطنية التي اجتاحت المنطقة بعد الاستقلال. يشتاق وهو إلى جوار ربه إلى زوجته وأطفاله وبلاده. فترفرف روحه من الشوق والفضول في كبد السماء، ويجري الحوار التالي مع زوجته التي كادت أن تنساه
الزوج: كيف الصحة والأولاد والجيران؟
الزوجة: بخير. وأنت؟
الزوج: وهل هناك أروع من أن يموت الإنسان في سبيل بلاده ومبادئه. ولكن فراقكم أدمى قلبي أكثر من جراحي
الزوجة: وماذا نقول نحن. آه لو تعرف ماذا فعلت خالتك أم حمود، وماذا قالت عمتك أم حميدان عندما أذيع نبأ موتك
الزوج: لاأريد أن أستنفد المكالمة في أخبار شخصية. أريد أن أسأل عن القضايا الكبرى التي قضيت من أجلها. طمنيني: ما أخبار حركة التحرر العربي؟
الزوجة: عال
الزوج: وحركة عدم الانحياز؟
الزوجة: ممتازة
الزوج: والحرية في الوطن العربي؟
الزوجة: بتبوس إيدك
الزوج: والسجون؟
الزوجة: فارغة
الزوج: عظيم. عظيم. لأن حلمي الكبير كان الاستفادة من تلك القاعات الرهيبة بعد إخلائها، إما كمسارح لرقص الباليه، أو معاهد لتطوير الموسيقا الشرقية. فبماذا تستغلونها الآن؟
الزوجة: ما زلنا حائرين بين الباليه والموسيقا
الزوج: عظيم. عظيم. وبرامج الإصلاح الزراعي هل اكتملت؟
الزوجة: إلى حد كبير
الزوج: إذاً، أصبح كل شيء متوفراً ورخيص الثمن بالنسبة للطبقة الكادحة
الزوجة: طبعاً وخاصة الفاكهة
الزوج: رائع. رائع. ولكن حذار، لا تكثروا من التفاح. فهو يسبب (الكتام). ولا تسرفوا في التهام الموز على الطالع والنازل فهو يزيد نسبة النشويات ويشوه أجسام العمال العرب ويعوقهم عن أداء واجبهم
الزوجة: اطمئن من هذه الناحية
الزوج: وبالنسبة للمشاريع الاقتصادية الكبرى؟
الزوجة: كالمطر. ونحن الآن نقطف ثمارها
الزوج: إذاً، فالأموال العربية لعبت دورها كما يجب. فنحن أغنياء كما أذكر
الزوجة: بل من أغنى أهل الأرض. ولولا هذه الاموال لانهار الاقتصاد البريطاني والأميركي، منذ سنوات
الزوج: (بعد تفكير) على كلٍ، ما دامت هذه الاموال فائضة عن حاجة الوطن العربي، بعد أن قضى على الفقر والجهل والأمية والبطالة، فلا مانع من مساعدة الغير. إنها من شيم العرب كما تعرفين
الزوجة: هل تريد شيئاً آخر؟
الزوج: ما أخبار فلسطين؟
الزوجة: ارفع صوتك إنني لا أسمع
الزوج: لا أستطيع ذلك. وإلا استيقظت أرواح الشهداء العرب من حولي
الزوجة: معك حق. وأنا تعبت والطبخة على النار. ماذا تأكلون عندكم؟
الزوج: لا تغيري الموضوع. ما أخبار فلسطين؟
الزوجة: ولو، وهل هذا سؤال يُسأل بعد هذه السنين؟
الزوج: أعرف ذلك. ولكنني ما زلت قلقاً على اليهود. لا تلقوهم في البحر. خيّروهم بين العيش بيننا بسلام أو العودة إلى بلدانهم الأصلية
الزوجة: تكرم
الزوج: ولا تقسوا عليهم أثناء التسفير، فالعفو عند المقدرة، لأن العرب كما تعلمين أثناء الفتح الإسلامي وأثناء حروبهم مع الفرس والروم كانوا...........................
أحد الجيران: ولــَـك سد بوزك العمى شو أجدب
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
http://www.arabicdream.com/forums/st...ue2/spacer.gif
الجاحظ
العربي الأول: صباح الخير
العربي الثاني: صباح لبنان،والضفة الغربية، وجنوب لبنان، وروافد نهر الأردن، واتفاقية سيناء، وكامب ديفيد، وعقد الإذعان، ومؤتمرات القمة، وخلافات المقاومة، وحرب الخليج، ومجازر صبرا وشاتيلا، ومجازر طرابلس، وقوانين الطوارئ والأحكام العرفية. يا قليل الذوق والتهذيب.
الأول: ماذا فعلت حتى تثور كل هذه الثورة وترفع عليَّ حذاءك؟
الثاني: عربي ويقال له صباح الخير!
الأول: ماذا يقال له إذاً؟
الثاني: يقال له: صباح الجلطة، صباح الديسك، صباح الشلل النصفي..
الأول: آسف.
الثاني: قلها مرة ثانية وسأشكوك إلى الشرطة،إلى محكمة القيم.
الأول: لم أكن أقصد استفزازك أبداً.
الثاني: ثم ما هذه الخدوش التي في وجهك؟
الأول: مناقشة عائلية بسيطة. وأنت، ما هذه الهضبة التي في رأسك؟
الثاني: ضربتني زوجتي بالطنجرة.
الأول: طنجرة عادية؟
الثاني: ألومنيوم.
الأول: لا. نحن أرقى منكم.أنا ضربتني زوجتي بطنجرة بخار.
الثاني: ولذلك قد يصفر رأسك في أية لحظة عندما تنضج آلامك.
الأول: هل هذه نكتة؟
الثاني: نعم.
الأول:عجيب.
الثاني: ولكنها نكتة ملتزمة، لا يضحك لها المواطن فوراً كالنكتة البورجوازية العفنة. ولكن فيما بعد، بعد شهر أو شهرين، لأن القيمة الجدلية للنكتة...
الأول: وهل عندكم الكثير من هذه النكات الملتزمة؟
الثاني: مجموعة لا بأس بها . وبمجرد أن تقرها اللجنة المركزية، والمكتب السياسي واللجان الشعبية في الأقاليم ويجربها المسؤولون شخصياً في بيوتهم، سوف تطرح على الجماهير في أحد أعيادها القومية.
الأول: كان الله في عون هذه الجماهير.
الثاني: تحيا الجماهير
الأول:تحيا .
الثاني: يعيش الشعب العربي يا..
الأول: يعيش . يعيش . يعيش.
الثاني: تسقط الأحلاف الاستعمارية تا...
الأول: أرجوك . دعنا من هذا الحديث، فربما سمعتنا المخابرات.
الثاني: اطمئن. أنا نفسي مخابرات . كيف أبدو؟
الأول: سبحان الخالق . ولكن في هذه الساعة المتأخرة من الليل، والشوارع مقفرة، والناس كلهم نيام، من تراقب؟ بزوغ الشمس من الناحية الأمنية!
الثاني: بزوغ أي شيء . وإذا لم أجد ما أراقبه ، أراقب نفسي.
الأول: هذه حال لم أسمع بها من قبل.
الثاني: بل هناك حالات كثيرة مشابهة . أنا مثلاً أعرف صحفياً إذا لم يجد جهة يقبض منها يقبض من نفسه.
ومطربة تغني أمام المرآة لنفسها وتصرخ بحماس: ما صار . ما صار .
وبرلمانياً سابقاً يخرج من دورة المياه ويقول: انتهت الجلسة .
الأول: يبدو لي أن أعصابك في غاية الإرهاق .
الثاني: ثلاث ليال لم أعرف طعم النوم .
الأول: من تراقب؟
الثاني: لا أعرف .
الأول: لمَ لم تذهب إذاً إلى بيتك وتنام مع زوجتك وأطفالك؟
الثاني: لا أستطيع لأنني أنا أيضاً مراقب.
الأول: يا له من عالم عجيب .
الثاني: نعم يا صديقي، فعندنا لا بد من مخابرات تراقب المخابرات .
ومن طالب لمراقبة الطلاب .
ومن كاتب لمراقبة الكتّاب .
ومن سائق لمراقبة الركاب .
ومن سكّير لمراقبة السكارى .
ومن قاضٍ لمراقبة القضاة .
ومن مهندس لمراقبة المهندسين .
ومن حرفي لمراقبة الحرفيين.
ومن فنان لمراقبة الفنانين .
ومن صحفي لمراقبة الصحفيين .
ومن رياضي لمراقبة الرياضيين .
ومن مسافر لمراقبة المسافرين .
ومن سجين لمراقبة المساجين .
ومن يميني لمراقبة اليمينيين .
ومن يساري لمراقبة اليساريين .
ومن ناصري لمراقبة الناصريين .
ومن وحدوي لمراقبة الوحدويين .
ومن وافد لمراقبة الوافدين .
ومن فدائي لمراقبة الفدائيين .
ومن متفائل لمراقبة المتفائلين .
ومن يائس لمراقبة اليائسين.
ومن متحضر لمراقبة المتحضرين.
بمنعى أن السلطة تراقب الشعب، والشعب يراقب السلطة .
الأول: وإسرائيل تراقب الجميع!
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
بجد موضوع هايل ومجهود جميل جدا
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة MaRiYoMa
بجد موضوع هايل ومجهود جميل جدا
مشكورة جدا مريومة لمرورك واهتمامك
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
المواطن والكلب
........................
كان المثقف العربي غارقاً في بث همومه ومكنونات صدره للكلب الصغير المتثاقل ترفاً واسترخاء في احدى سيارات السلك الديبلوماسي الأجنبي وسط تجمع المارة وسخريتهم، عندما أقدم أحد رجال الشرطة مسرعاً بمسدسه وهراوته وأصفاده وغيرها من عدة الديموقراطية العربية.
المثقف: سنتابع حديثنا فيما بعد.
الكلب: لم يرتجف صوتك وتصطك ركبتاك؟
المثقف: لقد جاء الشرطي؟
الكلب: وإن جاء، ما علاقته بك أو بسواك؟
المثقف: إذا لم تفهموا هذه العلاقة حتى الآن فلن تفهموا ما يجري في منطقتنا أبداً.
الكلب: أنا لا أخاف من حلف الأطلسي.
المثقف: لأن حلف الأطلسي قد يراجع بشأنك إذا ما تعرضت لمكروه.
الكلب: أليس لك أهل وأصدقاء يراجعون بشأنك؟
المثقف: طبعاً. ولكن المشكلة أن الذين سيراجعون بشأني سيصبحون هم اوتوماتيكيا بحاجة إلى من يراجع بشأنهم. الآن وصل الشرطي. أرجوك أن تتصرف وكأنك لا تعرفني.
الشرطي: ما هذا التجمع وسط الشارع؟
المثقف: الا تسمعون؟ ممنوع التجمع إلا لرجال الأمن.
الشرطي: هيا . كل في حال سبيله.
المثقف: مواطن يتحدث إلى كلب، هل هي فرجة؟
الشرطي: بل جريمة.
المثقف: قبل أن ترفع هذه العصا يجب أن تعرف، وأنت رجل القانون، لا يوجد في أي عرف أو دستور أو بيان وزاري ما يمنع المواطن من التحدث إلى كلب؟
الشرطي: من ندرة الاشخاص والمنابر والمتفقهين من حولك حتى تتحدث بما تعانيه إلى هذا المخلوق المنفر الغريب؟
المثقف: ولمن أتحدث يا سيدي.
الكتاب مشغولون بالجمعيات السكنية.
والفنانون بالمسلسلات الخليجية.
والمعلمون بالامتحانات.
والطلاب بمعاكسة الفتيات.
والتجار باحصاء الارباح.
والفقراء بغلاء الأسعار.
والمسؤولون بالخطابات.
الشرطي: عمّ كنتما تتحدثان؟
المثقف: موضوعات عامة. كنا نتحدث عن الحب.
الشرطي: كذاب. لا أحد يحب أحداً.
المثقف: عن الصداقة.
الشرطي: أيضاً كذاب. لا أحد يثق بأحد.
المثقف: عن الصحافة العربية.
الشرطي: لا أحد يقرأها.
المثقف: عن الاذاعات.
الشرطي: لا أحد يسمعها.
المثقف: عن الإنتصارات.
الشرطي: لا أحد يصدقها.
المثقف: عن المقاومة الفلسطينية.
الشرطي: لا أحد يحس بوجودها.
المثقف: عن حرب الخليج.
الشرطي: لا أحد يبالي بها.
المثقف: عن الزراعة.
الشرطي: لا أحد يزرع شيئاً. كل طعامنا صار معلبات. عمّ كنتما تتحدثان للمرة الأخيرة؟
المثقف: بصراحة، كنت احدثه عن قضية الصراع العربي - الإسرائيلي من الألف إلى الباء.
الشرطي: ياللفضيحة. تتحدث عن أهم قضية عربية إلى كلب وأجنبي أيضاً.
المثقف: لا تحمل الموضوع أكثر مما يحتمل. اعتبره تتمة للحوار العربي - الاوروبي.
الشرطي: ولماذا كنت تطلعه على صحفنا المحلية.
المثقف: كنت أتلو عليه احدى الافتتاحيات.
الشرطي: وكيف كان تعقيبه عليها؟
المثقف: لقد عوى.
الشرطي: كلب متواطىء.
المثقف: لماذا تتحدث عنه بكل هذه الضعة والاستصغار يا سيدي؟ صحيح أنه كلب صغير بحجم قبضة اليد ولكن انظر إليه كيف يبدو وادعاً مطمئناً، وواثقاً من كل شيء، يعرف متى يأكل ومتى يشرب ومتى يخرج إلى النزهة ومتى يعود منها، ومتى ينام ومتى يستيقظ. باختصار: كلب صغير يعرف مصيره ورجل طويل عريض لا يعرف مصيره. آه يا سيدي الشرطي.
أنا الإنسان العربي، لو كان لي حقوق كلب فرنسي أو جرو بريطاني لصنعت المعجزات بقلمي البائس ودفتري المهترىء هذا. هل سمعت بإلياذة هوميروس؟
الشرطي: لا.
المثقف: بالأوديسة؟
الشرطي: لا.
المثقف: بملحمة غلغامش؟
الشرطي: لا.
المثقف: بالكوميديا الإلهية لدانتي؟
الشرطي: لا.
المثقف: بمسرحية فوست لغوته؟
الشرطي: لا.
المثقف: إذن بماذا سمعت؟
الشرطي: منذ غزو لبنان لم أسمع إلا أغنية "صيدلي يا صيدلي".
المثقف: إذن: هل تسمح لي بأن أعوي معه قليلاً.
الشرطي: لا هيّا أمامي.
المثقف: لن أمشي في الشارع هكذا.
الشرطي: ماذا تريد؟ موكباً رسمياً!
المثقف: أريد طوقاً حول عنقي فقد أهرب. كمّامة على فمي فقد أعض.
الشرطي: من ستعض يا هذا؟
المثقف: قد أعض الأرصفة. البنوك. الجماهير. اليمين. اليسار. الشرق. الغرب. الجنوب.
الشمال. اخفض مسدسك يا سيدي ولا تصدق ما أقول ففي النتيجة لن أعض إلا لساني على قارعة الطريق، أو أصابعي حتى يتصل الناب بالناب لأنني آمنت بشيء ما في يوم من الأيام. أليس كذلك يا سيدي الشرطي؟
الشرطي: أرجوك لا تضربني على الوتر الحساس وإلا تركت عملي وانضممت إلى المحادثات معكما.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
لمبتدأ والخبر
بعد أن أتى الجراد السياسي في الوطن العربي على الحاضر والمستقبل، يبدو أنه الآن قد التفت إلى الماضي، وذلك حتى لا يجد الإنسان العربي ما يسند ظهره إليه في مواجهة الأخطار المحيطة به سوى مسند الكرسي الذي يجلس عليه، بدليل هذا الحنو المفاجيء على لغتنا العربية، وهذه المناحة اليومية في معظم صحف واذاعات المنطقة، على ما أصاب قواعدها من تخريب وما يتعرض له صرفها ونحوها من عبث واستهتار، حتى لم يعد احدنا يعرف كيف يقرأ رسالة أو يدوّن رقم هاتف.
ومع احترامنا لكل حرف في لغتنا، ومع تقديرنا لجميع ظروف الزمان والمكان في كل جملة ومرحلة في الوطن العربي لا بد أن نسأل:
ما الفائدة من الاسم إذا كان صحيحا... والوطن نفسه معتلاً؟
أو اذا كانت هذه الجملة أو تلك مبنية على الضم أو الفتح ... والمستوطنات الاسرائيلية مبنية أمام أعيننا على جثث التلاميذ والمدرسين الفلسطينيين.
ثم، لم وجدت اللغة أصلاً في تاريخ أي أمة؟ أليس من أجل الحوار والتفاهم بين أفرادها وجماعاتها؟
فأين مثل هذا الحوار الآن فيما بيننا؟
هل هناك حوار مثلا بين التاجر والزبون؟
بين العامل ورب العمل؟
بين المالك والمستأجر؟
بين الراكب والسائق؟
بين المحقق والمتهم؟
بين الابن والأب؟
أو بين الزوج والزوجة؟
أيضاً لم تعد هناك حاجة لأن تسأل عن أي شيء، أو تجيب على أي شيء. فالأسعار، مثلا في السينما، مكتوبة في كل بطاقة، وفي المستشفى، فوق كل سرير. وفي المطعم، في كل فاتورة، وكل ما حول المواطن العربي أصبح سعره واضحاً ومعروفاً ومكتوباً على جميع جوانبه، من الألبسة والأحذية والفاكهة والخضروات والبيوت والبارات والمزارع والعقارات إلى الرياضيين والمطربين والكتاب والصحفيين. ولم يبق إلا أن يكتب على الشعوب سعرها ومنشؤها ومدى صلاحيتها للاستعمال.
والأهم من كل هذا وذاك: هل هناك حوار بين السلطة والشعب في أي زمان ومكان في هذا الشرق؟
فأي مسؤول انكليزي، مثلاُ، عندما يختلف في الرأي مع أي كان في محاضرة أو مناقشة في بلده يأتي بحجة من شكسبير لاقناع مستمعيه.
والايطالي يأتي بحجة من دانتي.
والفرنسي يأتي بحجة من فولتير.
والألماني يأتي بحجة من نيتشة.
أما أي مسؤول عربي فلو اختلف معه حول عنوان قصيدة لأتاك بدبابة فتفضل وناقشها.
ولذا صار فم الإنسان العربي مجرد قنّ لايواء اللسان والأسنان لا أكثر. وفي مثل هذه الأحوال:
ماذا يفعل حرف الجر المسكين أمام حاملة طائرات مثلاً؟
أو الفتحة والضمة أمام مدفع مرتد يتسع لمجمع لغوي؟
وما دام الحوار الوحيد المسموح به في معظم أرجاء الوطن العربي هو حوار العين والمخرز فلن ترتفع إلا الأسعار.
ولن تنصب إلا المشانق.
ولن تضم إلا الأراضي المحتلة.
ولن تجر إلا الشعوب.
لذلك كلما قرأت أو سمعت هذا أو ذاك من الشعراء والصحافيين أو المذيعين العرب "يجعجع" عن الديموقراطية والعدالة والحرية، وينتصر على الصهيونية ويقضي على التخلف، ويتوعد هذا ويهدد ذاك، وهو جالس في مقهاه، أو وراء مذياعه، لا أتمنى سوى تأميم اللغة العربية من المحيط إلى الخليج وتكويمها في بيدر أو ساحة عامة في قلب الوطن العربي، وتكليف موظف مختص وراء أذنه قلم وأمامه سجل بجميع الكتاب والشعراء والأدباء العرب وينادي عليهم بأسمائهم ويسألهم فرداً فرداً:
- أنت أيها الشاعر التقليدي كم كلمة من أمثال: رماح، رمال، جراح، بطاح، تريد؟ تفضل مع السلامة.
- وأنت أيها الشاعر الحديث، كم كلمة من أمثال: تجاوز، تخطي ابداع، تأنس، تريد؟ تفضل مع السلامة.
- وانت أيها المذيع العصبي، كم كلمة من أمثال: " في الواقع "، " في الحقيقة "، و"جدلية" ، و"شمولية"، و" نظرة موضوعية " و" قفزة نوعية " ، تريد؟ تفضل مع ألف سلامة.
- وأنت أيها المناضل والمتطرف والمتفرغ لكل محاضرة وندوة ومناسبة، كم كلمة من أمثال: دم، دماء، استعمار، امبريالية، شعوب، "وحدة الشعوب "، " وحدة المصير "، كوبا، نيكاراغوا، وكم مناقصة فوقها تريد؟ تفضل ومع ألف سلامة.
فقبل احترام اللغة يجب احترام الانسان الذي ينطق بها.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
للوحة المسمارية
صوت: ألو ... مقهى النخبة، هنا نيويورك. أريد أيوب العربي.
أيوب: هو الذي يتكلم.
الصوت: أنا الدكتور جافييه بيريز دي كويلار. الم تعرفني؟
أيوب: مع الأسف.
الصوت: ولو، أنا الأمين العام الجديد للأمم المتحدة. ما هذا؟ تكاد تنتهي مدة ولايتي ولم تعرفني أو تحفظ اسمي؟
أيوب: بسيطة يا سيدي، فنصف الوزراء الذين يتحدثون باسمي وبيدهم لقمتي ومصيري لا أعرف أسماءهم، وبعضهم لا أسمع به إلا عند تشكيل الوزارة. على كل حال، أهلاً وسهلا، أية خدمة؟
الصوت: تعرف أن الاستعدادت بذكرى الإعلان عن حقوق الإنسان قد بدأت.
أيوب: أي انسان! الإنسان الآلي؟
الصوت: لا. لا. الإنسان العادي الذي من لحم ودم ومشاعر. الإنسان الذي يزرع لنأكل، ويغزل لنلبس ويموت لنحيا.
أيوب: وما علاقتي أنا بهذا الموضوع؟
الصوت: إن الأمم المتحدة معنية هذا العام بإقامة احتفالها السنوي بهذه المناسبة في إحدى دول العالم الثالث.
أيوب: ألم تجدوا سوى دول العالم الثالث مكانا للاحتفال بحقوق الإنسان؟
الصوت: لا. لأن هذه الحقوق في تلك البلاد وخلافاً للتقارير ما زالت موضع شك. ولهذا وجّهت الدعوة إلى كبار الكتاب والفنانين والتكنوقراطيين للمساهمة في هذا الاحتفال ليأتي فيلماً وثائقياً وشهادة حية أقف من خلالها على واقع هذا الإنسان وطموحاته، وعلى العوامل التي تجعل وتيرة نموه أقل بكثير من طاقاته وإمكاناته. وأريدك أن تشرف عليه شخصياً من حيث استقبال المدعوين وملاطفتهم، وترتيب أماكن جلوسهم، ومراجعة كلماتهم. انني أعتمد كثيراً على خبرتك وحكمتك في نجاح هذا الاحتفال.
أيوب: ولكنني تركت الأدب والسياسة منذ زمن بعيد.
الصوت: هذا ليس موضوعاً سياسياً أو أدبياً، إنه موضوع إنساني . هل تخليت عن إنسانيتك أيضاً؟
أيوب: لا. ولكنك فاجأتني بمهمة خطيرة ليس عندي أي استعداد نفسي أو معنوي للاضطلاع بها. ليس عندي حتى الثياب اللائقة لأظهر بها في هذه المناسبة.
الصوت: سترتدي ثياب الأمم المتحدة.
أيوب: حسناً . وزمان ومكان الاحتفال؟
الصوت: كل هذه المعلومات ستصلك برقياً في حينه.
أيوب: والتعويضات!
الصوت: ستكون مغرية وبعملة البلد المضيف.
أيوب: لا أنا يساري ولا أقبض إلا بالدولار.
الصوت: وكيف صرت يسارياً بين ليلة وضحاها؟
أيوب: كما صار الأستاذ محمد حسنين هيكل. هل هو أحسن من غيره؟
الصوت: جهّز نفسك للسفر فوراً.
* * * *
أيوب: وما أن وصلت إلى مكان الاحتفال حتى هرع كبير الموظفين المكلّف بمرافقتي للاطلاع على كافة الاجراءات المتخذة، يشرح لي الآمال المعلّقة على هذا الاحتفال وسط بحر من الوفود والصحفيين والمصورين والمراسلين الذين تقاطروا من جميع أرجاء آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية: هذا يعبيء غليونه، وذلك يشعل سيجاره، والذي يراجع كلمته، والذي يختصر منها، أو يضيف عليها، وضحكات من هنا وتعليقات من هناك. وما أن بلغت القاعة المخصصة للاحتفال حتى صرخت بمرافقي: ما هذه الفوضى؟ من سمح لهم بالجلوس بهذا الترتيب العشوائي؟
المرافق: لقد اختار كل وفد مكاناً وجلس فيه وليس عندي أية سلطة تحول دون ذلك.
أيوب: أما أنا فعندي مثل هذه السلطة. ثم من هؤلاء الذين يجلسون في الصف الأول ويلفون ساقاً على ساق بكل هذه العظمة؟
المرافق: وفود من الدول العربية.
أيوب: وماذا جاؤوا يفعلون بهذه المناسبة؟ من وجّه اليهم الدعوة؟ ما من مؤتمر أو مهرجان في مناسبة حقوق الانسان، أو حقوق الملاحة، أو حتى حقوق الفقمة.. إلا وتراهم جاهزين بكلماتهم وتوصياتهم وبرقيات تأييدهم واستنكاراتهم. يا إلهي. هل ينامون بثيابهم في المطارات؟ أخرجهم حالا من القاعة كلها، بل حتى لو وجدت في هذا المبنى ولو "تواليت عربي" سأقدم استقالتي وأنسحب.
المرافق: ألا يمكن أن نسمح لهم بالبقاء ولو كمراقبين؟
أيوب: مراقبين على ماذا؟ على حقوق الإنسان؟ هل أنت أجدب؟ هل يؤتمن الثعلب على الدجاج؟ هيّا ... ليغادروا المكان، ولتقف جميع الوفود في الزاوية ريثما أعيد ترتيب الجلوس حسب هذه اللائحة التي أعددتها بنفسي. فهناك أصول ومقامات يجب أن تراعى في مثل هذه الأحوال.
المرافق: وهذه لائحة يا سيدي بأهم البحوث والموضوعات التي ستلقى في الاحتفال. هل أتلوها عليك؟
أيوب: طبعاً، وبسرعة.
المرافق: كلمة الافتتاحة سيلقيها الدكتور خوريا موريا من الأرجنتين عن الجذور التاريخية لحقوق الإنسان عند جان جاك روسو. ثم يعقب عليه الدكتور غوهو موهو من أفريقيا الوسطى بمقولة ديمومة الإنسان لهيغل.
أيوب: عظيم ولكن أسرع.
المرافق: ثم هناك التكنولوجيا ومستقبل الإنسان.
الاسطورة وخيال الانسان.
الميثولوجيا وطقوس الانسان.
فولتير وروح الانسان.
بيكاسو وضمير الانسان.
بريجينسكي وجسد الانسان.
شوبان وشفافية الانسان.
ثم بيتهوفن وعظمة الانسان. والحركة الرابعة من السمفونية الثالثة وقدر الإنسان.
ثم آسيا تنهض.
أمريكا اللاتينية تتمخض.
افريقيا تتحفز.
أيوب: عظيم . عظيم . والآن، يجب أن يكون ترتيب الجلوس على الشكل التالي:
في الصف الأول: يجلس الحدادون والنجارون والسباكون واالمقاولون والمهربون وأصحاب الملاهي والكباريهات.
المرافق: سيدي. ما هذا؟
أيوب: لا أريد مناقشة أو اعتراضا من أحد فهذا الترتيب نهائي. وجاء نتيجة دراسة ميدانية في معظم أرجاء العالم الثالث. ثم، لو لم أكن موضع ثقة سيادة الأمين العام للأمم المتحدة لما كلفني بهذه المهمة، وأرجو عدم مقاطعتي بعد الآن.
يليهم في الصف الثاني: أصحاب البنوك وتجار العقارات والموبيليا والمفروشات.
يليهم: السفراء والقناصل ورؤساء البعثات الأجنبية.
يليهم: القضاة والأطباء والمحامون والمهندسون.
يليهم: الطلاب والمدرسون والمقررون والمفتشون.
يليهم: العمال والفلاحون والحراس والليليون.
يليهم: الحمالون وماسحو الأحذية والباعة المتجولون.
يليهم: النشالون والجانحون وأرباب السوابق.
وأخيراً، يليهم: الكتاب والصحفيون وأرباب القلم.
ثم: ليوضع في مقدمة الجميع بوط عسكري.
واحتفلوا وناقشوا بعد ذلك حتى يورق الصوان.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
يا شارع الضباب
كلما حلت بالأمة العربية كارثة، أو مرت عليها ذكرى كارثة، وقرأت أو سمعت أو شاهدت بهذه المناسبة مظاهرة أو مسيرة محروسة من جميع الجهات لأنها عفوية، يتقدمها صف من وجهاء وأعيان القضية. يسيرون متلاصقين كتفاً لكتف وخصراً لخصر وركبة لركبة. مثل فرقة الدبكة. معبرين بوجوههم المقطبة المجهمة عن ذكرى العار القومي. أو يوم الحداد العالمي، دون أن تنزل من عين أي منهم دمعة واحدة. سرعان ما أتلمس ما تبقى من شعري وأنا اتساءل عما إذا كانت هناك علاقة بالفعل بين الرعب والأهوال والمفاجآت وبين نمو الشعر؟ لأنه إذا كانت مثل هذه العلاقة موجودة فعلاً، فمعنى ذلك أنه لن ينقضي العام الأول من المطر، لأية سيارة تاكسي لكي تنقلني إلى أي مكان في هذا الليل البهيم، وإذا بشاعر تقدمي يبرز لي من الضباب ويبادرني بلهفة: - أين أنت يا رجل؟ عندي حفلة تعارف صغيرة في البيت وحبذا لو تقبل دعوتي.
قلت مستريباً: من الحضور؟
قال: وفد صداقة من إحدى الدول الإشتراكية. ويسعدني أن تتعرف اليهم.
قلت: آسف.
قال: ولكن هناك كثير من الفودكا. والعشاء "فيليه" من فخذ الغزال. جئت به خصيصاً من أعماق السهول الروسية.
قلت: تقصد أنه غزال تقدمي؟
قال ضاحكاً: تقريباً.
قلت: حسناً لن أذهب ولو كان العشاء "فيليه" من فخذ بريجنيف.
قال: أهو موقف؟
قلت: أبداً، كل ما هنالك أنني لبيت دعوة من هذا النوع من قبل وأقسمت أن لا أعيدها. إذ شربنا نخب كل الأحزاب والقوى والتجمعات التقدمية في أوروبا وأمريكا حتى جاء الخبز والملاعق، ونخب كل الثورات في آسيا وأفريقيا حتى جاءت السلطة وهذا كان منذ سنين. فما بالك الآن والعالم يبيض ثورات؟
قال: لا ... لا ... أنت غاضب لسبب آخر. رفع العلم الاسرائيلي في سماء مصر. لا تحزن يا صديقي ولا تتشاءم. اتفاقيات كامب ديفيد ونظام السادات والحلف الامبريالي كله سيسقط.
قلت بلهفة: كيف؟
قال: بإرادة الشعوب وقواها التقدمية وسوف تعود فلسطين إلى أهلها!!!
قلت: أليس هو الشعار المطروح منذ 1948 قبل الميلاد؟
قال: نعم.
قلت: في هذه الحالة أرجو أن تبلغ صديقي الشاعر يوسف الخطيب أن لا يوجه لي الدعوة لتناول الغذاء في يافا أو حيفا كما فعل صبيحة حرب حزيران.
قال: بل ستحضر وتكون في طليعة المدعوين.
قلت: لا أحب الظهور. وإذا كان لا بد فسأجلس على طرف المائدة.
قال منشرحاً: والآن ما علينا إلا دعم وتأييد التدخل السوفييتي في شؤون أفغانستان بناء على طلب حكومتها. لأن القضية العربية مربوطة جدلاً بما يجري في أفغانسان. وهذا تعليق لكاتب تقدمي انكليزي مصداقاً لما أقول. وبعد أن ألقيت التعليق دون أن أنظر إليه، تقدم ومن خلال الضباب أيضاً طليعي آخر وبادرني معاتباً: "رأيتك تتحدث مع واحد من جماعة موسكو. وهم مشبوهون ومرتهنون لأي نظام والماركسية اللينينية منهم براء. فللوقوف في وجه الامبريالية أعدموا ملايين الفلاحين في الثورة. ليأكلوا خبزهم في نهايتها من حقول الامبريالية وبالرجاء والتوسل. وهذا كتاب لريجيس دوبريه يؤيد هذه المقولة من أول سطر".
وما أن اتبعت الكتاب بالتعليق الذي سبقه حتى برز لي من الضباب أيضاً ناقد متطرف وقال: لقد رأيتك تتحدث إلى واحد من جماعة "ماو" إنهم منحرفون ومزيفون للعقيدة اللينينية - الماركسية. لقد أبادوا العصافير في بلادهم ليتحولوا هم أنفسهم إلى عصافير على أغصان الامبريالية. وكل ما يفعلونه الآن هو الزقزقة عن الاشتراكية. وهذه مقابلة مع رودنسون تفضح أكاذيبهم وعمالتهم.
وما كاد ينصرف حتى كنت وجهاً لوجه مع مخرج من أقصى أقصى اليسار، وقد بادرني مزبداً مرغياً: لقد رأيتك تتحدث مع واحد من جماعة تروتسكي. وهي جماعة منقرضة ومشكوك بأمرها منذ زمن بعيد. وعليك أن تنتظر نهايتهم جميعاً.
قلت: لم يعد عندي جلد حتى لانتظار باص.
قال: ان ما يحتاجه العالم الآن هو يسار جديد يكتسح الأخضر واليابس. وهو في طور التكوين. فكل الشارع العربي يساري.
قلت: نعم. الشارع يساري والأزمة يمينية.
قال: أنت مضلل ومسكين وبحاجة إلى من يرشدك ويحميك. هل تنضم إلينا.
قلت: ابعدني عن السياسة أرجوك.
قال: حسناً هناك لجنة أدبية وليست سياسية للدفاع عن حرية الكاتب العربي وهي يسارية. ما رأيك؟
قلت: لجنة يسارية تنبت هكذا فجأة للدفاع عن الكاتب العربي. عن الفلاح العربي. عن الكندرجي العربي، لن أنتسب إليها قبل أن أعرف بالضبط كم عدد أعضائها وكم دولاراً رأسمالها!
فصرخ مزمجراً: امريكا ... امريكا ... اللعنة على امريكا. إنها وهم، انظر ما جرى ويجري لها في إيران وأفغانستان والسلفادور وبوغوتا على أيدي شعوبها. ونحن جزء من هذا العالم المتفجر، وعليك - شئت أم أبيت - أن تنتظر الثورة العربية الشاملة.
قلت مذعوراً: تقصد أن الثورات التي مرت علينا كانت "أكل هوا" مقدمات! وأن الضربة الكبرى لم تأت بعد؟
قال: طبعاً. ان الماركسية - اللينينية ستنتصر. وسوف تحقق الرفاه المبرمج. والتوازن بين الدخل والانفاق، والانفاق والانتاج، لأن راس المال ...
قاطعته متوسلا ... وأنا أهم بالانصراف: " أخي أمنوا لي خبزاتي ودخاناتي كل يوم وصندلين لولدي كل سنتين وأنا ممنون شوارب ماركس ولينين وانغلز واسبارتاكوس ".
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
ساعة المستقبل
بعد ثلاثين سنة من الثقة المتبادلة بين المواطن العربي وأجهزة الاعلام العربية، نعلم أنه عندما تركز الاجهزة على قضية ما وترعاها فجأة بكل ما عندها من صحف ومجلات وخطب ومهرجانات ومطربين ومطربات، فمعنى ذلك أن نقرأ الفاتحة قريباً على هذه القضية.
أنا مثلا: دون تردد أو مناقشة، ما أن تركز مثل هذه الأجهزة على قضية الحرية فجأة حتى أجهز "شحاطتي" وبيجاماتي وأحلق شعري على الصفر سلفا.
وعندما تركز على موضوع الاشتراكية، أسارع على الفور وأتفقد برادي صحنا صحنا وبيضة بيضة، لأن معنى ذلك أن الناس ستأكل بعضها عما قريب.
وعندما تركز على موضوع النصر والتحرير واستعادة الاماكن المقدسة، أضب الحقائب واستعد للمبيت قريبا أنا وعائلتي تحت أحد الجسور في الفاتيكان، لأن معنى ذلك أن قطعة أخرى من الأرض العربية ستطير.
والآن تركز هذه الأجهزة في مشرق الوطن العربي ومغربه فجأة وبعد خراب البصرة على موضوع الوحدة العربية بحجة أنها الرد الحاسم على ما تطرحه الامبريالية الأمريكية في المنطقة من مشاريع جديدة للتجزئة والتقسيم. ومعنى ذلك أن عدد الدول العربية سيرتفع من 22 إلى 42 دولة. أي بعدد الولايات الأمريكية تقريباً.
ماذا فعل المواطن العربي لحكامه خلال الثلاثين سنة حتى يعامل هذه المعاملة؟
أعطاهم أولاده للحروب.
وعجائزه للدعاء.
ونساءه للزغاريد.
وكساءه لليافطات.
ولقمته للمآدب والمؤتمرات.
وشرفاته وموطىء قدميه للمهرجانات والخطابات.
وطلب منهم نوعاً واحداً من الحرية، وهو النوع المتعارف عليه في أبسط الدول المتحضرة. فأعطوه عشرين نوعا من الحرية لا يوجد لها مثيل لا في الدول المتحضرة ولا في الدول المتوحشة.
وطلب منهم نوعاً واحداً من الاشتراكية، وهو النوع المعمول به في معظم الدول الاشتراكية. فأعطوه خمسين نوعا من الاشتراكية إلا النوع المعمول به في الدول الاشتراكية.
أعطاهم سبع دول عام 1949، لتوحيدها. فأعطوه بعد ثلاثين سنة 22 دولة لا يستطيع 22 بسمارك أن يوحد أنظمة السير فيها.
ومنذ ثلاثين سنة أيضاً أعطاهم قضية ظريفة خفيفة كالفلة، تتمنى معظم الدول والشعوب في ذلك الحين أن يكون عندها قضية مثلها. وهي قضية فلسطين. فأعطوه بالاضافة اليها:
قضية لومومبا.
وقضية المالكي.
وقضية فرج الله الحلو.
وفضية الشوّاف.
وقضية البرازاني.
وقضية بن بركة.
وقضية بن بللا.
وقضية بن عاشور.
وقضية عبد الحكيم عامر.
وقضية برلنتي عبد الحميد.
وقضية علي صبري.
وقضية خزنة عبد الناصر.
وقضية موسى الصدر.
وقضية جنبلاط.
وقضية سعد حداد.
وقضية أحمد الخطيب.
وقضية الخميني.
وأخيراً قضية السادات.
فماذا يتحملّل هذا الإنسان ليتحمّل؟
بمعنى أن ينام المواطن العربي على هم قديم. هذا لا يجوز. وأمر لاترضاه لا أنظمة الحكم العربية، ولا دول عدم الانحياز، ولا منظمة الوحدة الآسيوية الافريقية، ولا منظمة الصحة العالمية.
المفروض كل يوم جديد، هم جديد.
وأن يعود المواطن إلى بيته في المساء وهو لا يحمل لعائلته وأطفاله أكلة جديدة أو ثياباً جديدة، بل قضية جديدة.
وتقول اعلانات الدعاية أن ساعة أوريس التي تتحمل الصدمات هي ساعة المستقبل. قسماً بالله ألف ساعة أوريس لا تتحمل في ثلاث سنوات الصدمات التي يتحمّلها المواطن العربي في ثلاث دقائق - ولذلك كل ما يلزمه هو قشاط جلد من عند الرأس والقدمين ليلفّه الطيارون ورجال الأعمال حول معاصمهم، باعتباره هو لا أحد سواه ساعة المستقبل.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
محاضر الليل
كانت قاعة المحاضرات تغص على اتساعها بمن توافدوا إليها بلهفة الظمآن للمطر من مثقفين وأميين وعمال وموظفين وفلاحين وحرفيين وطلاب ناجحين وراسبين، وفي طليعتهم مشوهو الحروب والعاطلون عن العمل، تركوا بيوتهم ومدارسهم ومزارعهم ومصانعهم متحدين الإنذارات الموجهة إليهم بالفصل عن عملهم، وجاؤوا للاجتماع إلى سيد من سادة الرفض والتنظير في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها أمتهم وشعوبهم وأوطانهم. وكل منهم يحمل في صدره من مرارات الماضي بقدر ما يحمل من الآمال في المستقبل، لعله يسمع كلمة صدق واحدة تعيد له ثقته بنفسه، وتنير له طريق العمل والكفاح وسط هذا الغيهب الإعلامي المترامي من المحيط إلى الخليج.
وما أن وصل المحاضر حتى هب الجميع من مقاعدهم ودوت أركان القاعة بالتصفيق وصيحات التهليل بالكلمة المحاربة والفكر المقاتل، ورفضوا الجلوس إكباراً لعلمه واحتراماً لماضيه وكبر سنه.
كذلك عندما تقدم عريف الحفلة من المحاضر ودعاه للجلوس وراء المنبر، رفض هو الآخر بدوره الجلوس وهم واقفون. كما رفض الوقوف وهم جالسون. وعندما اقترب منه ليهمس في أذنه بشيء ما، رفض الإصغاء إليه ودفعه بعيداً عنه وقال: لا أسرار صغيرة أو كبيرة بعد اليوم تخفى عن الشعوب. ويجب مصارحتها بكل شيء لتعرف من هو عدوها ومن هو حليفها. كما أرفض أن يقاطعني أحد وأنا ألقي محاضرتي، لأن الرفض يجري في دمي، وفي عروقي وأوردتي وشراييني، ومن رأسي إلى أخمص قدمي، وها هي الصور الشعاعية والتقارير الطبية تؤكد لكم على ذلك.
العريف: هناك سؤال يدور على ألسنة المثقفين...
المحاضر: أعرفه، أعرفه تماماً، انني في جميع أقوالي ومؤلفاتي أرفض جميع الحلول السلمية، وقرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن وتوصيات القمم العربية والإسلامية وعدم الإنحياز، وأرفض حدود 1967، وحدود 1956، وحدود 1948، لأنها في النهاية تكريس لوجود اسرائيل كمخلب قط للاستعمار وعلى رأسه أمريكا وحلفاؤها في المنطقة.
العريف: وهناك سؤال آخر حول ...
المحاضر: لا تقاطعني، كما أنني أرفض الوضع العربي الراهن وأرفض الأسس التي يقوم عليها من خلافات ومصالحات، وتصفيات واتفاقات، ومعاهدات لا علاقة بها بالشعوب وأهداف الشعوب. ان هذا ما يريده أعداء هذه الأمة، وعلى رأسهم أميركا وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي. إنني أختنق. إنني أختنق من رائحة التآمر والمؤامرات.
العريف: افتحوا الشبابيك...
المحاضر:لا، انني أرفض التهوية، وهناك ملايين العمال والفلاحين والمناضلين محرومون من النور والهواء في أعماق السجون والمناجم وآبار النفط في آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية، آه إنني بردان.
العريف: أشعلوا المدفأة.
المحاضر: لا، إنني أرفض التدفئة وهناك ملايين الرعاة والبحارة والصيادين يكدحون تحت الثلج والصقيع في المزارع والمعامل والمصانع، في خدمة البرجوازية والاحتكارات العالمية. لا، لا تصفقوا أرجوكم، ادخروا راحات أيديكم لحمل السلاح. لحمل العصي والحجارة. لضرب المصالح والاحتكارات الأمريكية في آسيا وفي افريقيا وفي أمريكا اللاتينية، وفي كل مكان من العالم، وشكراً لإصغائكم.
العريف: عفواً استاذ، ان الحضور لا زال متشوقاً للمزيد من هذه الدرر ويريد أن يعرف المزيد من الفظائع التي ارتكبتها أمريكا في فيتنام وكمبوديا ولاوس وتشيلي والسلفادور، لأننا نمر في نفس الظروف التي مرت وتمر بها.
المحاضر: آسف، فعندي التزامات بمحاضرات كثيرة في معظم أرجاء العالم الثالث والالتزام شعاري، كما هو معروف. وعلينا جميعاً أن نوقف المؤامرة، وننقذ الأجيال الطالعة مما تخبئه لها أمريكا من مخططات ومكائد.
العريف: رجاء أستاذ، هناك سؤال من أحد المستمعين.
المحاضر: ما اسمه؟
العريف: جابر.
المحاضر: أرفض الإجابة على أي سؤال منه لأن اسمه يبتدىء بنفس الحرف الذي يبتدىء به اسم جيمي كارتر وجيرالد فورد وجورج واشنطن...
العريف: هناك سؤال آخر من إحدى فتياتنا المشتعلات حماساً لك ولمؤلفاتك، ويتعلق بدور المرأة العربية في هذه المرحلة ...
المحاضر: وما اسم صاحبة السؤال؟
العريف: نعيمة.
المحاضر: أرفض حتى الجلوس معها في مكان واحد لأن اسمها يبتدىء بنفس الحرف الذي يبتدىء به اسم المدمرة نيوجرسي... على كل حال، لم تعد الشعوب بحاجة إلى أسئلة وأجوبة. فكل شيء بات واضحاً امامها الآن. ولا عدو لها سوى أمريكا وحلفائها في العالم أجمع وإلى اللقاء على أشلائهم جميعاً.
وبعد أن غادر القاعة وهو يمسح العرق عن جبينه، والرذاذ عن شفتيه، لحق به متسول في الظلام...
المتسول: حسنه لله يا محسنين...
المحاضر: هل معك صرافة مئة دولار؟
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
العرّاف
...................
ما هذا ؟
أمة بكاملها تحل الكلمات المتقاطعة وتتابع المباريات الرياضية، أو تمثيلية السهرة ، والبنادق الاسرائيلية مصوبة إلى جبينها وارضها وكرامتها وبترولها.
كيف اوقظها من سباتها، وأقنعها بأن أحلام اسرائيل اطول من حدودها بكثير، وان ظهورها أمام الرأي العام العالمي بهذا المظهر الفاتيكاني المسالم لا يعني أن جنوب لبنان هو نهاية المطاف؟
فهي لو أعطيت اليوم جنوب لبنان طوعا واختيارا لطالبت غدا بشمال لبنان لحماية أمنها في جنوب لبنان.
ولو اعطيت كل لبنان لطالبت بتركيا لحماية أمنها في لبنان.
ولو اعطيت تركيا لطالبت ببلغاريا لحماية أمنها في تركيا.
ولو أعطيت اوروبا الشرقية لطالبت بأوروبا الغربية لحماية أمنها في أوروبا الشرقية.
ولو أعطيت القطب الشمالي لطالبت بالقطب الجنوبي لحماية أمنها في القطب الشمالي.
وملآت حقائبي بالخرائط والمستندات والرسوم التوضيحية ويممت شطر الوطن العربي أجوب ارجاءه مدينة مدينة وبيتا بيتا.
وحدثتهم كمؤرخ عن نوايا اسرائيل العدوانية وأطماعها التاريخية في أرضنا وأنهارنا ومياه شربنا. وعرضت عليهم كطوبوغرافي الوثائق والمستندات السرية والعلنية وباللغات العربية والانكليزية والتركية ... ولكن، لا أحد يبالي.
ثم تحدثت إليهم كفنان. وعرضت أمامهم أشهر اللوحات التشكيلية والرسوم الكاريكاتورية التي تصور اسرائيل كمخلب قط للاستعمار، كرأس جسر للإمبريالية، كأفعى تلتف، كعقرب يلسع، كحوت، كتنين، كدراكولا، كريا وسكينة ... تقتل وتفتك وتتآمر ... ولا أحد يبالي.
ثم تحدثت إليهم كخبير طاقة. وحذرتهم من أن منابع النفط هي الهدف التالي لاسرائيل. وأننا، كعرب، قد نعود إلى عصر الحطب في المضارب، ونفخ النار بالشفتين وطرف الجلباب ... ولا أحد يبالي.
ثم تحدثت إليهم كطبيب، عن تسميم الطلاب والطالبات في الضفة الغربية، والجثث المفخخة في مجازر صبرا وشاتيلا. وعن التنكيل المستمر بأهلنا في الأراضي المحتلة، ومصادرة البيوت، وطرد السكان، وتحديد الاقامة، ومنع السفر، ومنع العودة، واغلاق المدارس، وتغيير المجالس البلدية، وقمع المظاهرات، واطلاق غاز الاعصاب، والقنابل المسيلة للدموع، والمسيلة للتخلف ... ولا أحد يبالي.
ثم تحدثت إليهم كأب. ونبهتهم إلى أن كل مدرسة في الوطن العربي قد تصبح مدرسة بحر البقر، وكل كاتب أو شاعر قد يصبح كمال ناصر أو غسان كنفاني. وكل رئيس بلدية أو دائرة حكومية قد يعود إلى بيته على عكازين كبسام الشكعة وكريم خلف ... ولا أحد يبالي.
ثم تحدثت إلى الفلاحين كفلاح. وإلى العمال كعامل. وإلى التجار كتاجر. وإلى اليمينيين كيميني. وإلى اليساريين كيساري. وإلى المزايدين كمزايد. وإلى المعتدلين كمعتدل. وإلى العجائز كعجوز. وإلى الأطفال كطفل ... وقلت لهم أن اتفاق شولتز مثله مثل اتفاقيات كامب ديفيد واتفاق سيناء وكل الاتفاقات التي تمت من وراء ظهوركم. فهو مصوغ بدقة متناهية كابتسامة الجوكندا بحيث لا أحد يعرف إذا كان يبتسم لنا أم يسخر منا. ولذلك فان دولا عربية متخاصمة لم يكن يتصور أحد أنها يمكن أن تتصالح ... قد تصالحت بسببه. وأن دولا اخرى صديقة لم يكن يتصور أحد أنها قد تختلف، قد اختلفت بسببه ... ولكن للتحركات السياسية حدودا. وللجهود الدولية معايير لا يمكن الاخلال بها. وأن مؤتمر الشعب العربي الدائم وقضيته المركزية فلسطين لا يستطيع أن يستمر في عقد جلساته الطارئة إلى ما لا نهاية ما لم يلق استجابة من هنا أو دعما من هناك.
وان المقاومة الوطنية في لبنان مهما كانت باسلة، لا تستطيع وحدها القضاء عليه ما لم تعمم هذه التجربة في كل بلد عربي.
وقصصت عليهم أحسن القصص عن البطولة والفداء. والروعة في أن يكون الإنسان ثائراً من أجل وطنه ينصب الكمائن ويطارد الأعداء في شعاب الجبال. وفي فترات الاستراحة يضم بندقيته إلى صدره ويقرأ على ضوء القمر الرسائل الواردة إليه من الوطن، إذ في كل صفحة خصلة شعر من خطيبة، أو ورقة يابسة من حبيب.
وقرأت عليهم بنبرة مؤثرة وغاضبة أجمل قصائد المقاومة والنضال، لناظم حكمت ولوركا وهوشي منه ومحمود درويش وسميح القاسم... ولا أحد يبالي.
الكل ينظر إليّ تلك النظرة الحزينة المنكسرة كغصن وينصرف متنهداً إلى عمله.
ماذا أفعل أكثر من ذلك لأثير نخوتهم وغضبهم ومخاوفهم؟
هل أضع على وجهي قناعاً يمثل سنّي بيغن الأماميتين المشؤومتين؟ أم أضع عصابة سوداء على عينّي مثل موشي دايان، وأقفز حول أسرّة الأطفال في ظلام الليل؟
هل أعرض في الساحات العامة صورا شعاعية لما يعتمر في صدر شارون وبيريز وارينز وايتان وغيرهم من ضغينة وحقد على هذه الأمة وما يبيتون لها ولشعوبها من قهر وذل وجوع ودمار؟
هل فقدت الشعوب العربية احساسها بالأرض والحرية والكرامة والانتماء إلى هذه الدرجة؟
أم أن الارهاب العربي قد قهرها وجوّعها وروّعها وشرّدها سلفا أكثر بكثير مما فعلته وما قد تفعله اسرائيل في المستقبل؟
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
تقدم ملموس
خرج المسؤول اللبناني المكلف بتحقيق الوفاق الوطني في لبنان من مكتب المسؤول الأعلى الذي كلفه وهو يفرك يديه حماسة وأملا بنجاح مهمته. وفور خروجه اجتمع بمستشاره القانوني لشؤون الوفاق وقال له وهو يتحاشى قذيفة "هاون": لبنان يحترق. لبنان بأرضه وشعبه ووجوده يتعرض لمؤامرة كبرى. ومسيرة الوفاق الشامل والمدروس لا يمكن ايقافها ودحرها، فمن أين نبدأ؟ فقال المستشار وهو يتحاشى قذيفة " آر. بي. جي" نبدأ من أول الخيط من اخوته العرب.
المحطة الأولى: كنا دائماً مع لبنان وسيادته وحريته، ونحن كدولة مواجهة، فما توافق عليه دول المواجهة نحن موافقون عليه.
دولة مواجهة: كنا دائماً مع لبنان وسيادته وحريته، ونحن كدولة مواجهة، فما توافق عليه دول المساندة نحن موافقون عليه.
دولة مساندة: كنا دائماً مع شعب لبنان وسعادة لبنان. ونفتقد أمنه واستقراره في جميع الظروف والأوقات وخاصة في فصل الصيف. ونحن كدول مساندة نظل في النتيجة أعضاء في الجامعة وما توافق عليه الجامعة نحن موافقون عليه.
الجامعة العربية: كان لبنان ولا يزال عضواً فعالاً في الجامعة، ولذلك فالمأساة التي يتعرض لها مسؤوولية عربية بالدرجة الأولى. ولذلك ما توافق عليه جميع الدول العربية دون استثناء نحن موافقون عليه، بما في ذلك مصر.
مصر: نوافق على ما توافق عليه الدول المتحضرة فقط.
الدول المتحضرة: كنا دائماً نعي دور لبنان الحضاري والثقافي في المنطقة، ولذلك ما توافق عليه السعودية نحن موافقون عليه.
السعودية: كان لبنان ولا يزال عزيزاً علينا غالياً على قلوبنا. ونحن كبلد اسلامي فما توافق عليه الدول الاسلامية الاخرى نحن موافقون عليه.
الدول الاسلامية: يحتل لبنان وما يتعرض له من مصاب جزءا كبيراً من دعواتنا وصلواتنا وخاصة في مواسم الحج والعمرة. لأننا نعتبر سلامته من سلامة راولبندي أو مقاديشو. ونحن كأعضاء في دول عدم الانحياز، فما توافق عليه هذه الدول نحن موافقون عليه.
دول عدم الانحياز: كان لبنان ولا يزال عضواً محترماً ومرموقاً في كتلة عدم الانحياز، وكنا دائماً نعتبر مصيره جزءا من مصير باندونغ وكولومبو. ونحن كأعضاء في الأمم المتحدة فما توافق عليه هذه المنظمة نحن موافقون عليه.
الأمم المتحدة: كان لبنان عضواً بارزاً ونشطاً في الأمم المتحدة. ولكن ماذا يمكن لهذه المنظمة أن تفعل له أو لغيره دون مساعدة روسيا وأمريكا.
روسيا: كان لبنان بلداً صديقاً ومناضلاً عنيداً من أجل السلام. ونحن دائماً حريصون على أمنه واستقراره. فبعد أزمة القمح والأزمة الصحية للرئيس بريجينيف وأزمة الجينز في بلادنا تحتل أزمة لبنان حيزاً كبيراً من اهتمامنا وتفكيرنا لأننا نعتبر مستقبله جزءاً من مستقبل أوكرانيا وقفقاسيا. ولكن حتى لا نضطر لمجابهة نووية مع أمريكا بسببه، فما توافق عليه أمريكا نحن موافقون عليه.
أمريكا: كنا دائماً مع استقلال لبنان وسيادته على جميع أراضيه. وفي كل مؤتمر عن أزمة الطاقة، أو خطاب في البيت الأبيض عن قناة بانما، أو مناسبة انتخابية في أوكلاهما، كان لنا فقرة أو فقرتان عن لبنان. ولذلك ما يوافق عليه اللبنانيون بجميع أحزابهم وطوائفهم نحن موافقون عليه.
الكتائب: ما يوافق عليه الأحرار نحن موافقون عليه.
الأحرار: وما توافق عليه الرابطة المارونية نحن موافقون عليه.
الرابطة: وما توافق عليه الكتلة الوطنية نحن موافقون عليه.
الكتلة: وما يوافق عليه الأرمن والأكراد نحن موافقون عليه.
الأكراد: وما يوافق عليه حراس الأرز نحن موافقون عليه.
حراس الأرز: وما يوافق عليه سعيد عقل نحن موافقون عليه.
سعيد عقل: ما يوافق عليه صنين وقلعة جبيل وأعمدة بعلبك نحن موافقون عليه.
أعمدة بعلبك: ما يوافق عليه أعمدة السياسة أنا موافقة عليه.
المرابطون: ما يوافق عليه الاشتراكيون نحن موافقون عليه.
الاشتراكيون: ما يوافق عليه الناصريون والقوميون والشيوعيون نحن موافقون عليه.
الشيوعيون: ما يوافق عليه اتحاد العمال نحن موافقون عليه.
اتحاد العمال: وما يوافق عليه اتحاد الكتاب نحن موافقون عليه.
اتحاد الكتاب: ما يوافق عليه أدونيس نحن موافقون عليه.
أدونيس: أنا موافق، إذا وافق سان جون بيرس.
جميع الكتاب والشعراء وأصحاب الفعاليات والعاهات: ما توافق عليه جميع الميليشيات المسلحة نحن موافقون عليه.
المنظمات المسيحية: ما توافق عليه المنظمات الفدائية نحن موافقون عليه.
المنظمات الفدائية: وما توافق عليه السلطة الشرعية نحن موافقون عليه.
السلطة الشرعية: وما توافق عليه القوات الدولية نحن موافقون عليه.
القوات الدولية: ونحن موافقون اذا وافقت قوات سعد حداد.
سعد حداد: وأنا موافق إذا وافقت ... اسرائيل.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
الحديقة قرب الغابة
...........................
اجمل شعارات هذه الأمة واعرقها. بل ثوب زفافها الأبيض. ماذا حل بها؟ ماذا بقي منها غير الازرار الصدئة والاكمام المتهدلة والجيوب الفارغة؟
شعارات نقية يطلقها اناس انقياء وبلمح البصر تصبح كثياب عمال الدباغة مع أن الكل يدعي النظافة وتعقيم اليدين.
معاهد جامعات مخابر تكنولوجيا، ومع ذلك حكمة قيلت قبل أربعين قرناً على ظهر بعير تحكمنا وتسيطر على افعالنا ونحن على متن الجامبو أو الكارافيل وعلى ارتفاع اربعين ألف قدم عن سطح الأرض.
ما أذرب السنتنا في اطلاق الشعارات. وما ارشق ايدينا في التصفيق لها، وما أعظم جلدنا في انتظار ثمارها، ومع ذلك فان منظر ثائر عربي يتحدث عن آلام شعبه للصحفيين وهو يداعب كلبه الخارج لتوه من الحمام، أو منظر طفل مقنزع في صدر سيارة بمفرده أمام مدرسة خاصة أو حضانة أطفال، وعلى مسافة أمتار من ظل سياراته يقف المئات تحت الشمس المحرقة بانتظار باص، يلغي مفعول عشرين دراسة ومائة محاضرة والف أغنية واهزوجة عن العدالة والاشتراكية. كأن هناك من اختص في تجويف الشعارات العربية وتفريغها كالخلد من أي محتوى... ولا يقر له قرار ما لم يتركها لمن سيجيء من بعده وهي كالبطيخة المنهوشة بالأسنان حتى القشرة البيضاء.
كأني بهؤلاء وأمثالهم منذ أول مظاهرة عام 1948 اصطفوا على طريق النضال العربي وكل منهم وضع شعاراً من الشعارات في "حلة" ووقف وراءها وبيده مغرفة وراح يفرغ ما بها كبائع السحلب.
وعندما تصبح هذه الشعارات ضجة بلا محتوى... يعودون إلى الصف مرة ثانية ويقفون رتلاً احاديا وراء بعضهم كما في النظام المنضم وكل منهم يحمل فرشاة في يمينه وسطل دهان في يساره، ويبدأ بلصق التهمة تلو التهمة على ظهر الذي أمامه بينما تكون فرشاة الذي وراءه تعمل في ظهره وتلصق عليه ألف تهمة مماثلة. حتى أصبح ظهر المواطن العربي مع مرور الأيام والعهود والمراحل كواجهة السينما أو لوحة الاعلانات.
وفي المقابل هناك فريق ثالث يتألم ويخبط كفاً بكف لهذه الحالة.. ويدعو إلى الشفقة والرحمة بهذه الأمة ... ثم يتلفت يمنة ويسرة وينهش منها ثمن سيارته ويمضي.
ويأتي آخر ينهش منها ثمن طقم كنبايات.
وآخر ثمن مزرعة دواجن.
وآخر ثمن كباريه.
وآخر ثمن شاليه.
وآخر محضر بناء.
وآخر تعهد قمامات.
وهذه خاتم سونيتر.
وتلك فسطان سواريه للصيف.
وتلك معطف فرو للشتاء.
وهذه الأمة ترتجع كالنعجة في موسم القصاص بعد أن جردت من كل ما يسترها ولم يبق منها إلا الأنسجة والاعصاب.
ولكن حذار:
يحكى أن نمراً في سيرك هندي بعد أن تقدم به العمر وأحيل على التقاعد كأي دركي عجوز، دفن رأسه بين قائمتيه وانزوى بعيداً عن الأعين، لكن الحيوانات الاخرى لم تتركه وشأنه فراح كل ما في السيرك من قطط صغيرة وقردة وثعالب وسحالي وببغاوات وسعادين يتحرش به ذهاباً وإياباً. وهو صامت لا يروم، تعففاً وسأماً، ولكن في يوم من الأيام عندما زادوا من تحرشهم لم يطق صبراً على ذلك. فانتظرهم حتى مروا قافلة واحدة ورفع يده وهوى بها عليهم. فقضى على الجميع بضربة واحدة.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
اصلاحية نورمبورغ العربية - امتحان التخرج
مدير الاصلاحية: الاسم؟
نزيل الاصلاحية: لا أعرف.
المدير: اسم الأب؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: اسم الأم؟
النزيل: نسيت.
المدير: مكان وتاريخ الاقامة؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: عازب أم متزوج؟
النزيل: نسيت.
المدير: المهنة؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: علامات فارقة؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: فئة الدم؟
النزيل: نسيت.
المدير: الوضع المادي؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: الأمراض التي اصبت بها من قبل؟
النزيل: نسيت.
المدير: متى استعمرت الدول العربية؟
النزيل: نسيت.
المدير: ما هي أشهر معارك العرب في العصر القديم؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: في العصر الحديث؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: في العصر الوسيط؟
النزيل: نسيت.
المدير: من هو خالد بن الوليد؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: طارق بن زياد؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: الزير أبو ليلى المهلهل؟
النزيل: نسبت.
المدير: متى وقعت معركة القادسية؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: اليرموك؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: حطين؟
النزيل: نسيت.
المدير: من هو المتنبي؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: أبو العلاء المعري؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: أبو خليل الفراهيدي؟
النزيل: نسيت.
المدير: ما هل المعلقات السبع؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: لماذا كانت تعلّق على جدار الكعبة؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: أين كانت تعلّق؟
النزيل: نسيت.
المدير: ما هي المذاهب الأدبية للوطن العربي؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: عدد الأحزاب؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: عدد المذاهب؟
النزيل: نسيت.
المدير: متى ولد عبد الناصر؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: متى مات؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: من هو عبد الناصر؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: متى خرج آدم من الجنة؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: من هو آدم؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: من هي حواء؟
النزيل: نسيت.
المدير: ما هي البورجوازية؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: الرأسمالية؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: الاشتراكية؟
النزيل: نسيت.
المدير: من أول انسان نزل على سطح القمر؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: ما هو القمر؟
النزيل: لا أدري.
المدير: ما هي النجوم.
النزيل: نسيت.
المدير: ما هو المطر؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: ما هو الربيع؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: ما هي الفصول الأربعة؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: ما هي الجهات الأربعة؟
النزيل: نسيت.
المدير: ما هو البحر؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: ما هو الهواء؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: ما هو الاوكسجين؟
النزيل: نسيت.
المدير: والآن، ما هو وزنك؟
النزيل: لا أعرف.
المدير: طولك؟
النزيل: لا أذكر.
المدير: لون الشعر والعينين؟
النزيل: نسيت.
المدير: عظيم، مدهش، تجربة رائعة لا تصدق. هل معنى ذلك أنك لم تعد تذكر أي شيء على الاطلاق يا بني؟
النزيل: نعم باستثناء كلمة صغيرة.
المدير: ما هي؟
النزيل: فلسطين.
المدير: فلسطين! اعدام.
النزيل: شكراً.
المدير: قف بعيداً مسافة مئة كيلومتر.
النزيل: وواحد.
المدير: من أي قرية أنت يا بني؟
النزيل: لا قرى عندنا.
المدير: من أي مدينة؟
النزيل: لا مدن عندنا.
المدير: من أي شعب؟
النزيل: لا شعوب عندنا.
.................................................. .....
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
مكوك الفضاء العربي
ناطق عربي: بعد أن هب الشعب العربي هبة الرجل الواحد وحصل على استقلاله بالعرق والدموع والدماء، وطرد المستعمر الغاشم من بلادنا شر طردة وبعد أن أممنا القناة وجابهنا العدوان الثلاثي وسطرنا أروع آيات البطولة والفداء في حرب السويس.
وبعد أن كسرنا احتكار السلاح، وأطلقنا شعار "نعادي من يعادينا ونصالح من يصالحنا".
وبعد أن أسقطنا "حلف بغداد" و"مبدأ ايزنهاور" و"مشروع جونسون" وأرسينا قواعد عدم الانحياز وسياسة الحياد الايجابي بعيداً عن هيمنة الدول الكبرى.
وبعد أن أطلقنا حركة التحرر العربي في المنطقة وراحت القلاع الرجعية تتهاوى تباعاً تحت ضربات الشعوب في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية.
وبعد أن حشدنا طاقاتنا، ونظمنا اعلامنا وبرامجنا على أساس أن اسرائيل مخلب قط للاستعمار، وشوكة في خاصرة الوطن العربي. وبعد أن انتظرناها من الشرق فجاءت من الغرب. أطلقنا شعار: " ما يؤخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة "، وفوقه لاءات الخرطوم الشهيرة: لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات.
وبعد أن تجاوزنا هذا كله في حرب اكتوبر حينما حررنا الارادة العربية وحطمنا العنجهية الاسرائيلية أمام الملأ.
وبعد أن قطعنا امدادات النفط عن الدول المؤيدة للعدوان، وجعلنا من زعمائها وأقطاب صناعتها يهرعون إلينا معتذرين متقربين متملقين.
وبعد أن عايشنا العمل الفدائي ورعيناه بالمال والسلاح حتى استقام عوده واشتد ساعده برا وبحرا وجوا في جميع أرجاء المعمورة واعتلى منصة الأمم المتحدة، أرفع منبر دولي في العالم.
وبعد أن وقفنا وقفتنا الغضوب من مبادرة السادات واتفاقية كامب دايفيد واتفاقية الصلح المنفرد وعزلنا مصر شعبياً ورسمياً ونقلنا مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس.
وبعد أن أكدنا على أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وأنه لا صوت يعلو صوت المعركة.
وبعد ان استوعبنا حرب لبنان ومنعنا اسرائيل من تحقيق أي من مخططاتها التوسعية نتيجة للتلاحم البطولي بين الشعبين اللبناني والفلسطيني أمام آلة الحرب الاسرائيلية المتعجرفة.
وبعد أن تفهمنا حرب الخليج وحصلنا على صفقة الأواكس المتطورة رغم جهود اللوبي الصهيوني داخل الكونغرس الأمريكي وخارجه ومن معه من العناصر المؤثرة في مراكز التأثير في الإدارة الأمريكية.
وبعد أن احتوينا خلافات المقاومة بعد خروجها من لبنان وأكدنا على ديموقراطية القرار الفلسطيني وعلى عدم الاستئثار به من أي طرف كان.
وبعد أن تفهمنا واستوعبنا جميع مراحل الأزمة في المنطقة عربياً وفلسطينياً ولبنانياً وخليجياً في قمة فاس الاولى وقفزنا قفزة نوعية في قمتها الثانية.
وبعد أن طافت اللجنة السباعية المنبثقة عنها أرجاء العالم من أمريكا إلى روسيا إلى فرنسا إلى بريطانيا إلى الصين لشرح الموقف العربي وجوهر الصراع في المنطقة من جميع جوانبه، ولوضع حد لممارسات اسرائيل العنصرية وأهدافها التوسعية، وبعد أن عرّينا اسرائيل دولياً وأوقعناها في عزلة خانقة، بعد أن توصلنا مع حلفائنا إلى اتخاذ القرار تلو القرار بطردها من الأمم المتحدة ومن معظم اللجان الثقافية والاقتصادية والتكنولوجية المنبثقة عنها.
وبعد أن لعبت الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج دورها الريادي في المعركة وقالت بلسان احزابها ونقاباتها ومنظماتها لا لمشروع ريغان، كما قالتها من قبل لمشروع روجرز والقرارين 242 و 334 ولكافة الحلول الاستسلامية والطروحات التصفوية.
وبعد أن لعبت الصحافة العربية المقيمة والمهاجرة دورها الحضاي في طرح الحقائق الموضوعية ولتعرية الصهيونية العالمية ثقافياً واعلامياً واعلانياً.
وبعد أن لعب البترول العربي دوره القيادي المتميز سياسياً واقتصادياً وصحافياً وفكرياً وفنياً وتلفزيونياً على الصعيد الاقليمي والدولي لرأب الصدع وتوفير الجهد العربي للنهوض بمسؤولياته في المعركة.
وبعد أن أكدنا على هذا الاتجاه أمام مؤتمرات القمة ومجموعة دول عدم الانحياز ومنظمة الوحدة الافريقية والمؤتمر الإسلامي في كولومبو، ودوة الحوار العربي - الاوروبي وحوار البحر المتوسط في مالطا وفي جميع المحافل والمناسبات الدولية منذ مؤتمر غلاسبورو بين الشرق والغرب إلى المؤتمر الأخير بين الشمال والجنوب.
عابر سبيل: وبعد كل هذه اللفة والدورة سنجلس على الخازوق المعد لنا منذ عام 1948.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
شكراً على المجهود الرائع
واختيار الموضوع يا طيف
تيمور
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة timor
شكراً على المجهود الرائع
واختيار الموضوع يا طيف
تيمور
شكرا كتير تيمور على مرورك واهتمامك وردك
فعلا اسعدتنى جدا
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
الاقنية الرومانية
المسافر: أعددت جدول مباحثاتي مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، وركبت رأسي قبل طائرتي، وانطلقت إلى تونس الخضراء. ولما علم بأنني "كاتب" استقبلني في المطبخ، ولكنه بدد في الحال ما اعتبرته إهانة شخصية لي، عندما ربت على كتفي وجدول مباحثاتي وقال:
القليبي: لا تبتئس يا بني، فأول تعارف بين خروتشوف ونيكسون تم في المطبخ، وأنا أجتمع بك في هذا المكان تقديراً مني ومن الجامعة التي أمثلها للدور الكبير الذي يلعبه الأدب والادباء في هذه المرحلة.
المسافر: شكراً يا سيدي.
القليبي: وقد كان بودي أن استقبلك شخصياً في المطار، وأعود بك من سيارة الجامعة وتحت أعلامها.
المسافر: كم علماً لها الآن يا سيدي؟
القليبي: لا أعرف. ولكن منذ الاعلان عن اتفاق شولتز بين لبنان واسرائيل لم أغادر مكتبي ولم أر حتى زوجتي وأطفالي، بانتظار ردود الفعل العربية عليه.
المسافر: وهل هو خطير لهذه الدرجة يا سيدي؟
القليبي: إنه بالتأكيد سوف يقلب معظم التحالفات والتوازنات القائمة في المنطقة. فاسرائيل هي اسرائيل، لا يمكن أن تعيد شيئاً اخذته بالقوة دون ثمن يوازيه وأكثر.
المسافر: ولكنها أخذت سيناء بالقوة ثم أعادتها بالكامل للشقيقة مصر.
القليبي: وأخذت جنوب لبنان بدلاً منها.
المسافر: ولكنها ستعيده حسب نصوص الاتفاق. فما هي المشكلة اذن يا سيدي؟
القليبي: ما الذي ستأخذه من العرب بدلاً منه. إنها في أعقاب كل حرب تضع الأمة العربية وفي طليعتها لبنان في زاوية حادة كمنقار الصقر، ليكون شعبها العصافير المطلوبة دولياً واقليميا، فهل نسمح لها بذلك؟
المسافر: كلا، وألف كلا، ولكن كيف؟
القليبي: بالارتفاع إلى مستوى المسؤولية.
المسافر: وهل هذا الاتجاه متوفر الآن يا سيدي؟
القليبي: نعم، وعندي تأكيدات قاطعة حول هذا الموضوع.
المسافر: ولكن ها قد مضت أسابيع وأكثر على توقيع الاتفاق، والصمت العربي يكاد يكون مطبقاً.
القليبي: بالعكس، هذا دليل على استغراق الدول العربية في دراسة الاتفاق وتقييمه من جميع جوانبه قبل تحديد موقفها النهائي. فالمرحلة خطيرة والمسؤولية أخطر. وأنا أتوقع ظهور هذه المواقف وردودها إلى أمانة الجامعة تباعاً بين لحظة وأخرى. ويبدو أن وجهك خير عليّ، وعلى الجامعة العربية، وعلى الأمة العربية بأسرها.
المسافر: وجهي أنا، لماذا؟
القليبي: ألا تسمع لاقطة البرقيات الالكترونية كيف أخذت تصفر؟ إن سيل البرقيات أخذ يتوالى. لا تعبث بها أرجوك. إنها برقيات تاريخية في ظرف تاريخي.
المسافر: اذن تفاؤلك كان في محله؟
القليبي: طبعاً. فعندي تأكيدات حول ذلك.
المسافر: برقية عاجلة من ثلاث دول عربية دفعة واحدة تعلن رفضها القاطع للاتفاق. عظيم، وهذه برقية من ثلاث دول اخرى تعلن موافقتها المبدئية عليه. على كل حال، موقف.
وهذه برقية من أربع دول جديدة تعلن تحفظها مؤقتاً من الاتفاق، ريثما تقوم باتصالا تها مع الدول التي رفضت الاتفاق لتعرف لماذا رفضته. ومع الدول المؤيدة له، لتعرف لماذا أيدته، وذلك حرصاً منها على وحدة الصف العربي.
وهذه برقية جديدة من دولة جديدة، تعلن أنها ترفض الاتفاق إذا كان يتناقض مع مقررات قمة فاس، وذلك حرصاً على وحدة الهدف.
وهذه برقية من دولة اخرى، تعلن موافقتها على الاتفاق إذا كان لا يتناقض مع مقررات قمة فاس والرباط حرصاً منها على وحدة المصير.
وهذه برقية ثانية من الدول التي كانت قد رفضت الاتفاق بشكل قاطع، تعلن موافقتها المبدئية عليه، إذا كان يسمح بعودة مصر إلى الحظيرة العربية، وذلك لأسباب تتعلق بأمنها القومي.
وهذه برقية من الدول التي كانت قد وافقت عليه بشكل مبدئي، تعلن رفضها القاطع له إذا كان غطاء لمشروع ريغان، لأسباب تتعلق بسياستها الاستراتيجية.
وهذه برقية من خمس دول اخرى تعلن تحللها من كافة التزاماتها السابقة، وأنها ستحدد موافقها الجديدة من الاتفاق بعد تفسير الملاحق المرفقة به، لأسباب تتعلق بأمنها السياسي.
وهذه برقية أخرى مستعجلة من الدول التي كانت قد رفضته ثم أيدته، تعلن أنها لا تستطيع تحديد موقفها النهائي قبل أن تتضح مواقف كافة الاطراف على الساحة اللبنانية، لاسباب تتعلق بدورها القومي.
وهذه برقية مستعجلة اخرى من الدول التي كانت قد أيدته ثم رفضته تعلن أيضاً، أنها لا تستطيع تحديد موقفها النهائي من الاتفاق، لأسباب تتعلق بدورها الجغرافي.
وهذه برقية من الأغلبية الصامتة، بين الدول العربية، تعلن أنها ما زالت كالعهد بها، وفية لالتزاماتها، أمينة على مبادئها، ثابتة على مواقفها في رأب الصدع وتوفير الجهد لتحرير لبنان ورفاهية شعبه وفرض سلطته الشرعية على كامل ترابه. ولكنها لا تستطيع بلورة موقفها النهائي من الاتفاق، قبل فرز كافة المعطيات التي كانت قائمة على الساحة اللبنانية قبل المفاوضات، وبلورتها مع كافة المعطيات التي استجدت على الساحة العربية خلال المفاوضات. ومن ثم بلورة الموقف في لبنان من الدول المؤيدة لانتمائه العربي قبل الاتفاق، والمعارضة له بعد الاتفاق، وذلك لأسباب تتعلق بدوره الفلسطيني والعربي على حد سواء. والله الموفق.
المسافر: الموفق على ماذا؟
القليبي: على كسب الوقت، ريثما تتضح بعض الأمور.
المسافر: واضحة كعين الشمس، فكل هذه العواطف المشبوهة والكلمات المعسولة عربياً ودولياً، عن الأدوار التاريخية والحضارية في المنطقة، من أجل الغاء دور الثورة الفلسطينية وحجب الاضواء عنها أرضاً وفكراً وشعباً.
القليبي: بل لنصرتها وحماية وحدتها وأهدافها. وعندي تأكيدات قاطعة بذلك. ألو سنترال ... أعطني الثورة الفلسطينية.
السنترال: لا صوت لها يا سيدي.
القليبي: ابحث عنها في أي مكان، أريد أن أتحدث معها بأي وسية.
السنترال: مستحيل يا سيدي، فمكاتبها في تونس، ومعسكراتها في عدن، ومقاتلوها في البقاع، وصحافتها في قبرص، وأطفالها في المخيمات، وشهداؤها في البرادات، وشبابها في مراكز الهجرة والجوازات.
القليبي: أعطني المسؤول الفلسطيني الذي تجده.
السنترال: سافر إلى كوبا لنصرة الشعوب في أمريكا اللاتينية.
القليبي: الأحداث تتصاعد، أعطني وزير الخارجية الكوبي.
السنترال: سافر إلى المنطقة لوقف الهجمة اليمينية الشرسة عليها وعلى اليسار العربي.
القليبي: أعطني رئيس اليسار العربي.
السنترال: أي يسار؟
القليبي: اليسار العربي الماركسي.
السنترال: عرفته. لقد سافر لأداء مناسك العمرة.
القليبي: الأحداث تتشابك. أعطني مفتي المنطقة لأعرف ما هي القصة.
السنترال: سافر إلى موسكو لحضور الاحتفالات بذكرى ميلاد لينين.
القليبي: بصراحة ... لم نعد نفهم ما يجري، وما سيجري.
المسافر: وهذا المطلوب.
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
شجار عائلي....
الأول: لماذا تختبىء في هذا البرميل؟ وفي مثل هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ قل الحقيقة وإلا أبلغت عنك الحارس أو منظمة " أوبيك" .
الثاني: وأين أختبىء اذن؟
الأول: ومم أنت هارب؟
الثاني: من الصحفيين والسياح الأجانب.
الأول: لماذا؟
الثاني: في الحقيقة. منذ ان احتلت اسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية، وأعلنت القدس عاصمة أبدية لها، وعزلت مصر، وضربت المفاعل النووي العراقي، ووصلت إلى بيروت، وشردت المقاومة بحراً وبراً وجواً، وألحقت بها الحركة الوطنية، ولم تتحقق أهدافها، كما يؤكد لنا الاعلام العربي بكل اعتزاز وفخر، صار هدفي الوحيد كعربي أن أتوارى عن الأنظار حتى لا يصيبني أحد بالعين، أو يقتطع أحد ثوار أمريكا اللاتينية وايرلندا خصلة من شعري أو مزقة من ثيابي للتبرك بها في معاركهم الدائرة هناك. أو أن يحاصرني الصحافيون والسياح الأجانب بالأسئلة أو ينوموني مغناطيسياً، ليعرفوا السر الذي يجعل العربي يحقق الانتصار تلو الانتصار في جميع الظروف والمناسبات وهو يتثاءب في المقاهي، فالموضوع يحتاج إلى كثير من الحيطة والحذر.
الأول: بل تحتاج إلى لطمة على هذا الوجه، وهل شعوب أوروبا وأمريكا وروسيا عديمة انتصارات أيها المغفل؟
الثاني: طبعاً. لقد حقق المساكين كلهم مجتمعين، انتصاراً يتيماً واحداً على ألمانيا منذ أربعين سنة وانتهى الأمر. بينما نحن العرب، نحقق كل يوم عشرات الانتصارات دون ملاجىء وصفارات إنذار ومشوهي حرب كما كان عندهم. ولذلك فهم يغارون منا، ويحاولون المستحيل لمعرفة السر الكامن وراء هذا الاسهال في الانتصارات المتلاحقة، وهذا يفرض علينا أن نكون كتومين ومقتضبين في أحاديثنا معهم، وأن لا نبوح بأية كلمة عن أسرار هذه الانتصارات لأنها ملك للمستقبل وللأجيال اللاحقة.
الأول: اطمئن، فكل محاولاتهم ستتحطم على صخرة الصمود والمقاومة العربية ..
الثاني: ومع ذلك، حذار من أية كلمة هنا أو هناك.
الأول: لا توصي حريصاً، فعندي مكان لكل أسرار العالم، ولكن ليس عندي مكان أنام فيه.
الثاني: انزل إلى جانبي في هذا البرميل، ماذا تنتظر؟
الأول: وهل يتسع لاثنين؟
الثاني: إنه يتسع لمؤتمر قمة، أفلا يتسع لاثنين من رعاياه؟
الأول: افسح لي مكاناً إذن؟
الثاني: تفضل على الرحب والسعة. وقهوتك المرة جاهزة.
الأول: شكراً. أنا لا أشرب إلا الفودكا.
الثاني: أنت يساري اذن؟
الأول: ومتطرف أيضاً.
الثاني: وماذا تفعل عندي في هذا البرميل اذن؟
الأول: وأين أنام في هذا البرد القارس؟
الثاني: في قلوب الجماهير.
الأول: وإذا تكشفت في الليل؟
الثاني: تغطيك الدولة اعلامياً.
الأول: أنا لست موظفاً ولا علاقة لي بأية جهة رسمية. أنا مناضل قطاع خاص، ومتفائل أيضاً.
الثاني: أما أنا فيائس ومتشائم قطاع عام.
الأول: لولا هذا البرد المريع لما بقيت معك لحظة واحدة.
الثاني: هناك أزمة طاقة.
الأول: اذن نحن نجلس في أزمة الطاقة.
الثاني: وأين أزمة الطاقة؟
الأول: في البرميل.
الثاني: وأين البرميل؟
الأول: في الوطن.
الثاني: وأين الوطن؟
الأول: في قلوبنا، في قلوب الجماهير.
الثاني: وأين الجماهير؟
الأول: في البرميل، اذن دحرجونا إلى فلسطين، إلى حيفا ويافا.
الثاني: اخفض صوتك، جاءت الدورية.
الأول: إلى الناصرة، إلى بيت لحم.
الثاني: إذا لم تسكت، فلن يدحرجوك إلا إلى بيت خالتك.
الأول: أعظم برد في العالم هو برد روسيا، هناك حيث تظل متجمداً باستمرار أمام عظمة الانجازات التي حققتها الشعوب.
الثاني: نحن والحمد لله، دون ثلج أو صقيع أو أوحال، متجمدون منذ الجاهلية حتى الآن.
الأول: أعظم وحل في التاريخ هو وحل روسيا. هناك حيث تنزلق أقدام المجتمع من الاقطاع إلى الاشتراكية إلى الشيوعية دون أن يشعر أحد بذلك. إنه وحل صبور وداهية.
الثاني: أما الوحل العربي، فهو عصبي وانفعالي جعل الأمة العربية بكاملها تتزحلق خلال شهور فقط من تحرير فلسطين وضرب مصالح الشرق والغرب إلى تحرير النبطية وسوق الغرب وتصبح على خير.
الأول: كل هذا الذي حدث ويحدث لأن الشكل النهائي لخريطة النضال العربي لم يكتمل بعد.
الثاني: إذا بقيت مفاهيم النضال العربي كما هي عليه الآن، فإن الشكل النهائي لخريطته، وخريطة الوطن العربي نفسه، لن يكون في المستقبل إلا كشكل الخنفس بعد أن يقول له حلاق السجن " نعيماً " وتصبح على ألف خير.
الأول: هل تنام؟
الثاني: نعم وشراع الحق حطام.
الأول: إلى متى؟
الثاني: حتى تنتهي مفاوضات خلدة.
الأول: ولكنها لن تنتهي كما تريد أمريكا.
الثاني: ولا روسيا.
الأول: لا تقرن اسم صديقة الشعوب بعدوة الشعوب.
الثاني: اهدأ قليلاً ستقلب بنا البرميل.
الأول: لينقلب العالم بأسره، لن تنتهي المفاوضات كما يحلو لأعداء هذه الأمة. فالخلافات قائمة على قدم وساق فيما بينهم. أين الراديو؟ أريد أن أسمع الأخبار.
الثاني: بدون راديو أو صحف أو تلفزيون. أنا أقول لك آخر الأخبار وأول الأخبار منذ النكبة حتى الآن.
كل طبخة سياسية في المنطقة، أمريكا تعدها، وروسيا توقد تحتها، واوروبا تبردها، واسرائيل تأكلها، والعرب يغسلون الصحون...............
-
رد: سـأخون وطني..............محمد الماغوط
أنين في محبرة محمد الماغوط .....
الذين لا يتحدثون إلا عن الأدب الجاد و المسرح الجاد و الخبز الجاد و الأفلام الجادة و المواعيد الجادة هم في الحقيقة أكبر مهرجين في الساحة الأدبية ولا ينقصهم إلا دلال عقاري جاد يقنع زياد مولوي بالتخلي لهم نهائيا عن مسرح الخيام .
فالمسرحية الجادة من وجهة نظرهم هي التي ما إن تبدأ حتى يبحث المشاهد عن أقرب مخرج للنجاة ولو من المدخنة .
و الفيلم الجاد هو أن تحجز في السينما مقعدا و في دير الصليب سريرا
و الرسم الجاد هو الذي تحتاج كل لوحة منه إلى شرطي سيشرح للمتفرجين بعصاه و صفارته أين تبدأ الخطوط و أين تنتهي .
و الراقصة الجادة هي التي لا تهز خصرها أمام الجمهور إلا و هي متأبطة ملفات روجيه غارودي من جهة و رواية " الياطر " من جهة أخرى .
و الغرام الجاد هو أن ينتحي العاشقان ركنا بعيدا عن ضوضاء الناس و متاعب الحياة ... و يتهامسان تحت ضوء القمر عن الرقابة التموينية و الثغرات في قانون الإصلاح الزراعي .
و السباحة الجادة هي أن يلبس المثقف مايوها رصينا و يستلقي على ظهره في حوض السباحة و يطالع مجلة الموقف الأدبي أو جريدة اللوموند .
و المطرب الجاد و الملتزم بقوت شعبه و ثقافة مواطنيه هو الذي لا يغني كعبد الوهاب " سهرت منه الليالي " أو " ياما بنيت قصر الأماني " بل يغني " تثقفت منه الليالي " و " ياما بنيت فرن الأماني "
هؤلاء الجادون المتجهمون الذين يعتقدون بأن أفضل طريقة لدعم العمل الفدائي و تحرير الأرض المحتلة و بناء الصناعات الثقيلة و تطوير مناهج التربية المدرسية هي أن يظلوا مقطبين من المهد إلى اللحد و ألا يدعوا أحدا يرى أسنانهم الجادة إلا في المناسبات الكبرى !
هؤلاء .. أنا لا أكتب لهم .. ولا أقرأ ..
أكتب للآخرين .. للأنقاء أكثر من المطر قبل أن يلامس الأرصفة .. لمن لا يعرفون إذا كانت " اللوموند " تصدر في باريس أو في أبو ظبي .
للذين يولدون و يموتون من دون أن يغادر أحدهم قريته أو يتخلى عن أصدقاءه أو يغير نوع تبغه أو يبدل طريقة استلقاءه على عشب البيادر أو بلاط السجون .
للعامل الذي ينهي فطوره على ظهر دراجته .
و الخادمة الغبية التي تغطي وسادتها بدموعها كلما أسرت أميرة في مسلسل إذاعي ولا تهنأ بنوم حتى يفرج عنها في الحلقة المقبلة لتعود إلى قصرها و وصيفاتها و هي إلى سطلها و ممسحتها !
أكتب للفلاح الذي يتبارك بالمطر و ينتشي بالبرق و يطرب للرعد ، ولا شيء يضيء وجهه في ظلمات الشيخوخة سوى عقب لفافته .
للذين يموتون و يولدون و هم يقتعدون أرصفة قصر العدل و ردهات الدوائر العقارية و الكراجات العمومية من دون أن يقابلوا أحدا غير ظلالهم على الأرصفة .
أكتب للمطر .. للحب .. للحرية .. للربيع .. للخريف ..
أكتب لأعيش ............
-
سوبر ماركت الشرق الاوسط .....
طالب:عندك ديوان ( قرارة الموجة ) لنازك الملائكة؟
البائع: عندي ديوان (كيف تركب الموجة)
الطالب: تأليف من؟
البائع: أبرز الشعراء والكتاب العرب
عامل: عندك خبز؟
البائع: بالخبز وحده لا يحيا الانسان
مثقف: اذن اعطنا كيلو حرية
البائع: ليس عندي سوى حرية استيراد وتصدير
المثقف: وحرية التعبير؟
البائع: بالمشمش
المرضعة: عندك "حفاضات" أجف من القماش بمرتين
البائع: كان عندي كمية كبيرة ونفدت الطلب عليها كثير هذه الأيام
المرضعة: عجيب مفقودة في جميع المحلات ما السبب؟
البائع:لأن الكبار بدأوا يتهيأون لاستعمالها قريبا
المرضعة: لماذا؟
البائع: المرحلة العربية المقبلة تتطلب ذلك
مراهق: عندك صورة لنجلاء فتحي في باريس؟
البائع: لا عندي صورة بيغين في القاهرة وشارون في صيدا
مهاجر:عندك شريط "لبنان يا أخضر حلو"
البائع: لا
المهاجر: "خضرا يا بلادي خضرا"
البائع: لا
مناضل: عندك كتاب "قصر الحمراء مفخرة العرب"؟
البائع: لا
المناضل: قصيدة "وللحرية باب"؟
البائع: لا،لا. افهموا من أول كلمة لم يعد هناك ما هو أخضر أو أحمر سوى اشارات المرور
مؤرخ: عندك نظارات مقربة؟
البائع: لا
المؤرخ: مبعدة؟
البائع: لا
المؤرخ: يجب ان أعثر على واحدة بأية طريقة
البائع: لماذا؟ فلسطين لن تراها قريتك لن تراها الحرية لن تراها الربيع لن تراه المستقبل لن تراه فلماذا تتعب أنفك البائس بحملها؟
مطلقة: عندك فيلم "أريد حلا" لفاتن حمامة؟
البائع: كل الحلول بيد أمريكا
مقاول: عندك خشب معاكس وحديد مبروم؟
البائع: لا عندي ظروف معاكسة وشعب مبروم .....
-
رائعه الحرف دوما
وإبداع من قبل
وأستمر حتى الأن
تقديرى واحترامى
طيف عابر }
اللهـــم
اغفر لها و أرحمها وعافيهِا واعفوا عنها
وأكرم نزلها ووسع مدخلها
وأغسلها بالماء والثلج والبرد
ونقهِامن الذنوب و الخطايا
كما ينقى الثوب الأبيض
من الدنس
اللهم أوسع عليها قبرها
وفرش قبرها من فراش الجنة
اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة
ولا تجعلها حفرة من حفر النارِ
يا رب العالمين
اللهم
أبدلها دارا خيرا من دارها
وأهلا خيرا من أهلها
وزوجا خيرا من زوجها
وأدخلها الجنة
وأعذها من عذاب القبر
ومن عذاب النار
اللهم أجزها عن الإحسان
إحسانا
وعن الإساءة عفواوغفرانا
اللهم
إن كانت محسنه فزد في حسناتها
وإن كانت مسيئه فتجاوز عنها
يا رب العالمين
اللهم
أدخلها الجنة من غير حساب
ولا سابقة عذاب
اللهم أنسها في وحدتها
وأنسها فى وحشتها
وأنسها في غربتها
اللهم
أنزلها منزلا مباركا
وأنت خير المنزلين
اللهم أنزلها منازل الصديقين الشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا
اللهم
أعذها من عذاب القبر وجاف الأرض عن جنبيها
اللهم املأ قبرها بالرضا والنور
والفسحة والسرور
اللهم قها السيئات
ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته
اللهم
إنها في ذمتك
وحبل جوارك
فقهِا
فتنة القبر وعذاب النار
وأنت أهل الوفاءوالحق
فاغفرلها
وارحمها إنك أنت الغفور الرحيم
اللهم اغفر لها فى المهديين
واخلفها في عقبها في الغابرين
واغفر لنا ولها يا رب العالمين
وأفسح لها في قبرها
ونور لها فيه
اللهم
إنها عبدك وابن عبدك وابن أمتك
خرجت من روح الدنيا
وسعتها ومحبوبيها
وأحبائها
فيها إلى ظلمة القبر
وما هى لاقيه
كانت تشهدُ
ألا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك
وأنت أعلم بها
اللهم
إنها نزلت بك وأنت خير منزول بها
وأصبحت فقيره إلى رحمتك
وأنت غني عن عذابها
أتها برحمتك ورضاك
وقها فتنة القبر وعذابه
وأتها برحمتك الأمن من عذابك
حتى تبعثها
إلى جنتك يا أرحم الراحمين
اللهم
ارحمها تحت الأرض واسترها يوم العرض
ولا تخزها يوم يبعثون
اللهم يمن كتابها
ويسر حسابها
وثقل بالحسنات ميزانها
وثبت على الصراط أقدامها
وأسكنها فى أعلى الجنات
فى جوار نبيك ومصطفاك
اللهم
اجعل عن يمينها نورا
وعن شمالها نورا
ومن أمامها نورا
ومن فوقها نورا
حتى تبعثها أمنه مطمئنه
فى نورِ من نورك
اللهم
انظر إليها نظرة رضا
فإن من تنظرإليه نظرة رضا
لا تعذبه أبدا
اللهم
أسكنها فسيح الجنان واغفر لها يا رحمن
اللهم
اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم
فإنك أنت الله الأعز الأكرم
اللهم
إنها جاء ببابك وأناخت بجنابك
فجد عليها بعفوك
وإكرامك وجودك وإحسانك
اللهم
إن رحمتك وسعت كل شيء
وهى شيء
فارحمها رحمة تطمئن بها نفسها
وتقر بها عينها
اللهم
احشرها مع المتقين إلى الرحمن وفدا
اللهم
احشرها في زمرة المقربين وبشرها بروح وريحان
وجنة نعيم
اللهم
احشرها مع أصحاب اليمين
واجعل تحيته سلام لك من أصحاب اليمين
اللهم
بشرها بقولك
كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية
اللهم اجعله من
الذين سعدوا ففي الجنة
خالدين فيها مادامت السموات والأرض
اللهم
لانزكيها عليك
ولكنا نحسب أنها أمنه وعملت صالحا
فاجعل لها جزاء الضعف
بما عمل واجعلها في الغرفات من الآمنين
اللهم
إنها خافت مقامك
فاجعل لها جنتين ذواتى أفنان
بحق قولك
ولمن خاف مقام ربهِ جنتان
اللهم
إنها صبرت على البلاء
فلم تجزع
فامنحها درجة الصابرين
الذين يوفون أجورهم بغير حساب
فأنت القائل
إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
اللهم
إنها كانت مصليه فثبتها على الصراط
يوم تزل الأقدام
اللهم
إنها كانت لك صائمه
فأدخلها الجنة
من باب الريان
اللهم
إنها كانت لكتابك تاليه
فشفع فيها القرأن
وارحمه يا رحمن من النيرأن
واجعلها يا رحمن ترتقى في الجنة
إلى أخر أية قرأتها وأخر حرف تلاته
اللهم
ارزقها بكل حرف من القرأن حلاوة
وبكل كلمة كرامة وبكل أية سعادة
وبكل سورة سلامة وبكل جزء جزاء
اللهم
هذا الدعاء
ومنك الإجابة
وهذا الجهد
وعليك التكلان
سبحان ربك رب العزة
عن ما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
وصلى اللهم على نبيك محمد
وعلى أله وصحبه الطيبين الطاهرين
وسلم تسليما كثيرا