الحمد لله الذى حكم على جميع خلقة بالموت والفناء ثم البعث الى دار الجزاء للفصل والقضاء العلى الاعلى الولى المولى وما بعثهم من بعد موتهم الا لحكمة هى من الرقود تحت التراب اعلى واسمى وذالك لتجزى كل نفس بما تسعى ليقفوا فى ساحة القضاء للعرض فى محكمة شعارها العدل وقانونها الحق ودستورها اول مادة فيه تقول انه من ياتى ربه مجرما فان له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى وثانى مادة فيه تقول ومن ياتيه مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى وثالث مادته جنات عدن تجرى من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى
لا شىء مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الاله ويودى المال والولد
لم تغنى عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلد
ولا سليمان اذ تجرى الرياح له ... والانس والجن فيما بينها ترد
اين الملوك التى كانت لعزتها ... من كل أوب اليها وافد يفد
حوض هنالك مورود بلا كذب ... لابد من ورده يوما كما ورد
نشهد بانه اله واحد واجد وانه محيى الموتى وانه الحق العلى الاعلى وبه امنا .. وبعد.........
فان ذكر الانسان للموت فى جميع احواله هو افضل له واحوط ويدل على فطانته لانه يستعد له ويعمل من الصالحات ما يضمن به نجاته فى الدار الاخرة وتكون به راحة باله التى هى سر سعادته فى الدنيا متقلدا متمثلا متشبها اخذا بما قال به النبى صلى الله عليه وسلم فى سنته وجاعلا شعاره ونصب عينه ما رواة الترمذى عن شداد بن اوس قال قال النبى صلى الله عليه وسلم ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) و ما رواه بن ماجة عن ابن عمر قال كنت جالسا مع رسول الله فجاء رجل من الانصار فسلم على النبى فقال يا رسول الله اى المؤمنين افضل قال ( احسنهم خلقا ) فقال فاى المسلمين اكيس قال ( اكثرهم للموت ذكرا واحسنهم لما بعده استعدادا اولئك الاكياس ) وذكر الموت على جميع الافعال وعلى مختلف الاحوال من الفطانة والكياسة وذالك لان الموت جمع التذكرة و هو ابلغ فى الموعظه ومن ذكر حقيقة نغص علية لذته الحاضرة ومنعها من تمنيها فى المستقبل ما يشقيها من عمل ما يحرم فعله حتى يصل الى ما تمنى وان سعيه سوف يرى فيأاخذه الله نكال الاخرة والاولى وكذالك فان ذكر الموت يورث الانزعاج عن هذه الدار الفانية والتوجه فى كل لحظه الى الدار الباقية واعلم ان الانسان لا ينفك عن حالتين الحالة الاولى ضيق ومنحة والحالة الثانيه سعة ونعمة فان كان فى حالة الضيق والمنحة فذكر الموت عرف انه لا تدوم شدته فيسهل عليه بعض ما هو فيه فيطمئن ويرضى وان كان فى حالة السعة والنعمة فذكر الموت عرف انه منقطع عنه تارك له فيمنعه من الاغترار به والسكون اليه وينجى واعلم كذالك انه من اكثر من ذكر الموت اكرم بثلاثة اشياء تعجيل التوبة وقناعة القلب ونشاط العبادة ومن نسى ذكر الموت عوقب بثلاثة اشياء تسويف التوبة وترك الرضا بالكفاف والتكاسل فى العبادة وذاكر الموت تجده يحاسب نفسة على ما فرط من عمره ويستعد لعاقبة امره بصالح عمله والتنصل من سالف زله واكثر من ذكر الله تعالى واطاعه فى جميع احواله فهذا هو الزاد ليوم المعاد
والموت هو نزع الروح من الجسد واستخراجها من جميع بدن الانسان بدأ من اظافر قدمه حتى شعر راسه وله سكرات و بواسطته يتم انتقال الانسان من دار الى دار ليقف بين يدى الملك الرحيم بالمؤمنين الجبار بالكفار
ثم يرى بعينه بعد موته جنة ونار وفى قبرة يأتيه الملكان للاختبار
فلابد من التوبة والرجوع الى الله وانت كمسلم بدر بالاوبة الى الله قبل مصرعك وانتقالك من موضعك من سعة الى ضيق و يومها يخونك الصاحب والرفيق ويهجرك الاخ والصديق وتاخذ من فراشك وغطائك الى عرر وغطوك من بعد لين لحافك بتراب ومدر فيا جامع المال والمجتهد فى البنيان ليس لك والله من المال الا الاكفان بل هى والله للخراب والذهاب وجسمك للتراب والمآب فيقال لك يومها اين الذى جمعته من المال فهل انقذك من الاهوال كلا بل تركته الى من لا يحمدك وقدمت بأوزارك على من لا يعذرك
فاترك يا اخى التفكير فى الدنيا وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة
فستذكرون ما اقول لكم وافوض امرى الى الله ان الله بصير بالعباد
