بسم الله والحمد كل الحمد لله ولا معبود بحق سواه ولا اله الا الله .............. وبعد
فان الارزاق كلها بيد الله تعالى يقسمها سبحانه على عباده بالعدل فلا احد يستطيع ان يحول دون وصول رزق الله لاحد فياخذه لنفسه ولا ان يصنع الحيل ليزيد رزقه فلا حيلة فى الرزق ولذالك اطمان العارفين بربهم الطائعين المؤمنين الى ذالك فكان الحسن البصرى يقول علمت ان رزقى لا ياخذه احد غيرى فاطمن قلبى وقد تحقق ان التوكل على الله فى موضوع الرزق فرع من فروع التوحيد فمن اعتقد ان رزقه على مخلوق يعمل عنده وانه بانقطاع عمله عنده ينقطع رزقه فقد اشرك بالله فى وحدانيته للتقسيم الرزق ولذالك امر الله نبيه بالتوكل عليه فى جميع الامور ليعلم الامة كلها حسن التوكل عليه فقال تعالى ( فان تولوا فقل حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) وكذالك لا ينفى التوكل على الله الاخذ بالاسباب والسعى على تحصيل الرزق كما قد يتوهم البعض بل هو ايضا مامور به فقد قال اعرابى للنبى ااعقل ناقتى ام اتركها و اتوكل فقال النبى اعقلها وتوكل اخرجه الترمزى والطبرى ولكن التوكل على الله يصحبه دائما السعى على الرزق وعدم التواكل وقد اخرج الترمزى والحاكم عن ابن عمر قال قال النبى ( لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا ) فلابد وان يتوكل الانسان على الله وحده فى الرزق و يعتقد يقينا ان الله وحده هو الرزاق وان الانسان الذى يعمل عنده وهو صاحب العمل ما هو الا كالالات التى تعمل بامر لله يرزقه الله برزقك وان عملك عنده سبب من اسباب تحصيل رزق الله لك فلا تتكل على صاحب العمل فى رزقك حتى لا يوكلك الله اليه فتخسر الدنيا والاخره وذالك هو الخسران المبين وكذالك اعلم انك مهما بلغت الجهد وبزلت المجهود حتى ترضى صاحب العمل عنك فلن يرضى عنك ابد لانه واحد من الناس و رضا الناس غاية لا تدرك فاذا ما اصبحت فاسعى على رزق وحصله ولا تتكاسل او تتقاعس عن العمل فلا يقول احد ما دام لى على الله رزق فسوف انام ولا اعمل فهو الخطا فى فهم معنى وصول الرزق لك ووصوله لك من طريق واحد فقط هو السعى والعمل فقد التقى ابراهيم بن ادهم رضى الله عنه برجل فقال له ابراهيم ما بدء امرك الذى بلغك هذا قال مررت ببعض الصحراء فرايت طيرا مكسور الجناحين فيها اى الصحراء فقلت انظر من اين يرزق هذا فقعدت بجواره فاذا انا بطير قد اقبل فى منقاره جراده فوضعها فى منقار الطير المكسور جناحيه فقلت لنفسى ان الذى قيدهذا الطير لهذا الطير قادر على ان يرزقنى حيث كنت فتركت التكسب والتجارة واشتغلت بالعباده فقال ابراهيم له ولما لا تكون انت الطير الصحيح الذى اطعم الطير العليل حتى تكون انت الافضل منه اما سمعت ان النبى يقول اليد العليا خير من اليد السفلى فاخذ الرجل بيد ابراهيم وقبلها وقال انت افضل منى و استاذى ) ثم اذا تسبب الانسان فليجتهد ان لا ينظر الى اسبابه ولا يقف عندها بل يجعل الله تعالى مطمح نظره و مرمى قصده كالسائل يقصد الناس بوعاء فى يده ولا ينظر اليه وانما ينظر الى الذين يعطونه فلا ينظر الانسان الى صاحب العمل مثلا انه يرزقه ولكنه ينظر الى الله الذى يعطيه الرزق فيرزقك من خلاله فصاحب العمل وسيله من وسائل الله لتوصيل الرزق الى من عمل عنده وليس غايه ينقطع رزق العامل بانقطاعها و انما اذا انتقل العامل من عمله عند رجل الى عمل اخر ينتقل رزقه معه لان العامل يعلم ان غاية رزقه بيد ربه فلا يحزن على تركه صاحب العمل الاول الذى كان يعمل عنده ولا يهن عند صاحب العمل الثانى لان رزقه بيد الله مقسوم له وواصل اليه اين كان ما دام يعمل بالاسباب الموصلت الى ذالك فان الله تعالى حفظ رزق اصحاب السفينه وهم مساكين لا حول لهم ولا قوة فبعث الله لهم النبى موسى والخضر عليه السلام حتى يخرق السفينه فيظهر انها معيوبه فلا ياخذة الملك غصبا ليستخدمها فى الحرب فيتركها للمساكين ليحصلوا ارزاقهم من خلال عملهم عليها وكذالك تكفل الله بحفظ الكنز لليتامى المدفون تحت الجدار فاقامه الخضر وقوى بنيته و دعم تشيده حتى لا ينقض و ينهدم ويظهر الكنز فياخذة غيرهم فحفظه الله لهم حتى يبلغا ويستخرجا كنزهما رحمة منه بهم وحفاظا على رزقهم فان الذى حافظ على رزق هؤلاء قادر على حفظ رزقك حتى يصل اليك كاملا غير ناقص ولا ياخذه غيرك فليس الرزق بيد احد من الخلق لكنه بيد الله تعالى وحده هو الرزاق ذو القوة المتين وما دام الرزق بيد الله وحده فلا حيلة على الله فى رزق وحسب المؤمن قول الله تعالى فى الحديث القدسى ( عبدى لا تخف من فوات الرزق ما دامت خذائنى مفتوحه عبدى لى عندك فريضه ولك عندى رزق فان خالفتنى فى فريضتى لن اخالفك فى رزقك ولو اجتمع الانس والجن فى صعيد واحد وعلى قلب رجل واحد وطلب كل واحد منى مسالته لاعطيت كل واحد مسالته و ما نقص ذالك من ملكى شيئا ولو اجتمع الانس والجن على ان يضرك بشيئا ما استطاعوا ان يضروك الا بما قد كتبته عليك ولو اجتمعوا على ان ينفعوك بشىء لم ينفعوك بشيئا الا بما قد كتبته لك جفت الاقلام وانطوت الصحف ) فلا رازق الا الله ولا توكل الا على الله ولا مانع الا ما منع ولا معطى الا ما اعطى ولا نافع سواه فهو يجير ولا يجار عليه العادل الذى قسم بالحق المتكفل بكل عبد قال تعالى وقوله الحق ( وما من دابة الا على الله رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها ) واجمل الرزق وفصله فى السماء حتى يعجز الجاحدين وتقصر امالهم بالتكالب على الارض والتكسب فيها بجمعها وتملكها بغرض احتجازها لانفسهم وضرر الناس بالانتفاع بما فيها فقال تعالى ( وفى السماء رزقكم وما توعدون ) فلا حيلت على الله لرزق ولا كيد عليه فى ملك ( فان الارض لله يورثها من يشاء والعاقبة للمتقين ) فالصدق ما قال الله والعدل فى قسمتها والرضا كل الرضا فى رضاه فالله اكبر الله اكبر هنيا لمن رضى عنه مولاه و هيهات هيات لمن جعل الهه هواه
عليك بتقوى الله ان كنت غافلا *** ياتيك بالارزاق من حيث لا تدرى
فكيف تخاف الفقر والله رازق*** فقد رزق الطير والحوت فى البحر
ومن ظن ان الرزق ياتى بقوة *** ما اكل العصفور شيئا من النسر
تزول عن الدنيا فانك لا تدرى *** اذا جن عليك الليل هل تعيش الى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة ... وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى امسى واصبح ضاحكا *** واكفانه فى الغيب تنسج وهو لا يدرى
فمن عاش الفا والفين *** فلابد من يوم يسير الى القبر
فتقوى الله وحدة هى مفتاح الرزق والخوف منه تعالى هو السعادة الكبرى لكل انسان ورضاه هو اسمى ما يصل اليه المؤمن فقد قال تعالى ( ومن يتقى الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) فكن مطمئنا واثقا ولا تحزن فان الرازق الله
هدانى الله واياكم الى طاعته وتقواه والخوف منه وجعلنى واياكم من المتوكلين هداكم الله وجعلكم من الراشدين