صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
من التكبير إلى التسليم
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
الحمد لله الذي أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وشرع الشرائع، وسن الأحكام وأوضح لعباده الحلال والحرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه. وبعد:
فقد كنت جمعت بعض الكلمات في صفة الصلاة النبوية حسب ما وصل إليه علمي، واجتهدت في الإنتقاء والإختيار مع الإقتضاب والإيجاز، فذكرت بدء الدخول في الصلاة إلى نهايتها، وأعرضت عن المسائل المختلف فيها، حيث إن الخلاف يشوش على العامة ويوقع في الحيرة.
ثم ذكرت الأوراد والذكر بعد الصلاة باختصار، وكذا بعض النوافل، وقد رتبها بعض الإخوان وطلب الإذن في نشرها، فأذنت له في ذلك رجاء أن ينفع الله بها، مع أن الكتب في ذلك كثيرة متوفرة والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً.
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم
1 - يجب على المسلم إذا أراد الصلاة أن يكون طاهراً من الحدث الأكبر والأصغر، ويرتفع الحدث الأكبر بالغسل، ويرتفع الحدث الأصغر بالوضوء، فيسبغ الوضوء، فيتوضأ وضوءاً كوضوء النبي صلى الله عليه وسلم .
2 - يشرع للمصلي أ ن يجعل له سترة يصلي إليها إن كان إماماً أو منفرداً.
3 - ثم - إذاكان إماماً - فإنه يلتفت يميناً فيقول: " استووا ". ثم شمالاً فيقول: " استووا ".
4 - ثم يستقبل القبلة, بجميع بدنه، وينوي بقلبه الصلاة التي يريدها، ولايتلفظ بالنية. فلا يقول أصلي لله صلاة كذا وكذا، لأن التلفظ بالنية بدعة.
5 - ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلاً: (( الله أكبر )) رافعاً يديه مضمومتي الأصابع ممدودة مستقبلاً بهما القبلة، إلى حذو منكبيه أو إلى حيال أذنيه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته بالتكبير حتى يسمع من خلفه وكان يرفع يديه تارة مع التكبير وتارة بعد التكبير وتارة قبله. ثم إن كان إماماً يقول من خلفه (( الله أكبر )).
وفي حال وقوفه يكون بصره إلى محل سجوده.
7 - ثم يسكت هنيهة للاستفتاح، ومما روي من استفتاحه صلى الله عليه وسلم:
«اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد» .
وتارة يستفتح بقوله: «سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك» .
وتارة يستفتح بقوله: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» . وغير ذلك مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم. والأفضل أن يأتي بهذا تارة وبهذا تارة مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من الاستفتاحات.
8 - ثم يستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم فيقول: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ". أويقول: " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم...".
9 - ثم يبسمل فيقول: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ بها. ولم يثبت أنه جهر بالبسملة جهراً مستمراً؛ لكنه قد يسمعه المأمون أحياناً يقرأها في السرية، أي يرفع صوته قليلاً؛ فلا يسمعه إلا القريب منه.
10 - ثم يقرأ الفاتحة وهي: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} [الفاتحة:2-7]. وكان صلى الله عليه وسلم يقف على رأس كل آية، ولايصلها بما بعدها.
11 - وبعد الفاتحة كان صلى الله عليه وسلم يجهر بالتأمين في الجهرية قائلاً: " آمين "، ويجهر به من خلفه حتى يرتج المسجد.
12 - ثم يسكت بعد الفراغ من الفاتحة ولا يطيل.
13 - ثم يقرأ ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة كاملة في كل ركعة غالباً، وقد يقرأ السورة في ركعتين، وقد يقرأ بعض سورة، وكان صلى الله عليه وسلم يقف على رأس كل آية ولا يصلها بما بعدها.
14 - وكان صلى الله عليه وسلم يقرأفي صلاة الفجر والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء جهراً، ويقرأ في صلاة الظهر والعصر سراً.
15 - فإذا فرغ من القراءة سكت بقدر ما يترادّ إليه نَفَسهُ قبل أن يركع.
16 - ثم يركع مكبراً رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو فروع أذنيه، ويتبعه المصلون خلفه بالتكبير والركوع مع رفع الأيدي؛ - إن كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً - هذا الذي دلَّت عليه السُّنة ولاعبرة بمن أنكر الرفع مع شهرته.
وكان في ركوعه صلى الله عليه وسلم يهصر ظهر ه ويسوي به رأسه، حتى لو وضع عليه الإناء لاستقر، ويُمكّن يديه من ركبتيه معتمداً عليهما مفرجاً بين أصابعه، ويُنحيّ يديه عن جنبيه، وقد يطيل الركوع أحياناً، وينكر على من يخفف الأركان، وينهى عن نقر كنقر الغراب.
وفي الركوع أمر صلى الله عليه وسلم بتعظيم الرب، وشرع التسبيح بقول: «سبحان ربي العظيم» ثلاثاً، أوأكثر من ذلك. وكان يقول أحياناً: «سبحان ربي العظيم وبحمده» ثلاثاً. وكان يقول: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح»، وكان يقول أذكاراً وأدعية في الركوع غير هذا. وكان ينهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود.
17 - ثم يرفع رأسه من الركوع رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أوفروع أذنيه قائلاً: «سمع الله لمن حمده» . إن كان إماماً أو منفرداً، ثم يقول بعد ما يستتم قائماً : «ربنا ولك الحمد» وكان صلى الله عليه وسلم يقول أحياناً: «ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شىء بعد» .
وأحياناً يزيد فيقول: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لامانع لما أعطيت، ولامعطي لما منعت، ولاينفع ذا الجد منك الجد» .
ولم يشرع للمأمومين أن يقولوا: «سمع الله لمن حمده» بل يقتصرون على التحميد، وذلك بعد تمام القيام، فقد قال صلى عليه وسلم: «وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» .
ولا دليل لمن قال: " إن المأموم يقول: سمع الله لمن حمده ".
ثم يضع يده اليمنى على كَفِّه اليسرى والرسغ والساعد كما فعل في قيامه قبل الركوع.
وكان صلى الله عليه وسلم يطيل هذا الركن حتى يقول القائل: قد نسي، وينكر على من يخففه، ويأمر فيه بالطمأنينة، وترك العجلة، وينهى المأمومين عن الرفع قبله، ويهدد من رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله وجهه وجه حمار.
18 - ثم يكبر ويخر ساجداُ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يرفع يديه عندما يخر للسجود، بل قال ابن عمر: " ولا يفعل ذلك في السجود "، ويمكن أنه فعل ذلك في مرة أو مرتين لبيان جواز الرفع.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا انحط للسجود يقدم ركبتيه قبل يديه، ويسجد على سبعة أعضاء وهي: وجهه، ويداه، وركبتاه، وأطراف قدميه. ويُمكِّن جبهته وأنفه من الأرض، ويرفع ساعديه عن الأرض، ويجافي جنبيه عن عضديه، ويرفع بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وينصب قدميه معتمداً عليهما جاعلاً أصابع رجليه باتجاه القبلة، وبطونهما مما يلي الأرض، ويعتمد على كفيه ويبسطهما ويضم أصابعهما ويوجههما إلى القبلة، ويضعهما على الأرض حذاء منكبيه أوحذاء الجبهة أوحذاء فروع أذنيه فكل هذا من السنة. وكان ينهى صلى الله عليه وسلم أن يبسط المصلي ذراعيه انبساط الكلب.
ويقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى» ثلاثاً أو أكثر. ويستحب أن يقول: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» . ويقول: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» .
وقد حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء في السجود، وقد نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، ونهى عن العجلة فيه، وأمر بالطمأنينة فيه.
19 - ثم يرفع رأسه مكبراً ويجلس بين السجدتين، وكان يرفع يديه مع هذا التكبيرأحياناً، ويفرش رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، ويضع يديه على فخذيه مبسوطتي الأصابع.
وكان صلى الله عليه وسلم أحياناً يقعي، أي: ينتصب على عقبيه وصدور قدميه.
ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يشير بالسبابة في هذا الجلوس، ويمكن أنه فعل ذلك مرة لبيان الجواز، ويقول: «رب اغفر لي، وارحمني، وارفعني، واهدني، وعافني، وارزقني»، وأحياناً يقول: «رب اغفر لي، رب اغفر لي » .
وكان صلى الله عليه وسلم يطيل هذا الركن حتى يقول القائل: قد نسي، وينهى عن تخفيفه.
20 - ثم يسجد السجدة الثانية مكبراً، ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى.
وبذلك تتم الركعة الأولى.
21 - ثم ينهض مكبراً معتمداً على ركبتيه لا على الأرض، ويصلي الركعة الثانية كالأولى دون تكبيرة الإحرام ولا الاستفتاح ولا التعوذ.
22 - ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جلسة الاستراحة بعد الركعة الأولى أوبعد الركعة الثالثة إلافي آخر حياته، وفيها احتمال.
23 - ثم يصنع في الركعة الثانية مثل ما صنع في الأولى غير أنها أقصر.
24 - ثم يجلس بعد الركعة الثانية للتشهد الأول - إن كان في الصلاة تشهدان: كالظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويجلس مفترشاً كما في السجدتين.
ثم يقرأ التشهد الأول وهو: «التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليكم أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله» .
وكان صلى الله عليه وسلم يبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى، ويقبض أصابع كفه اليمنى كلها، ويشير بإصبعه السبابة عند ذكر الله تعالى، أو عند الشهادتين، وأحياناً يقبض الخنصر والبنصر ويُحلِّق الوسطى مع الإبهام ويرفع السبابة.
وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن إقعاء الكلب وهو: أن يلزق الرجل إليتيه بالأرض وينصب ساقيه، ويضع يديه بالأرض كما يقعي الكلب، وهذا الإقعاء الجائز بين السجدتين.
وكان صلى الله عليه وسلم يخفف هذا التشهد جداً حتى كأنه يجلس على الرضف، أي الحجارة المحماة.
25 - ثم ينهض مكبراً رافعاً يديه للركعة الثالثة، ويعتمد في نهوضه على ركبتيه لا على الأرض.
26 - ثم يقرأ الفاتحة وحدها، ولا يقرأ شيئاً بعدها، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الركعتين الأخيرتين بعد الفاتحة شيئاً.
ثم يصلى الركعة الرابعة، ويفعل فيها كما فعل ف الثالثة، ويخففهما - أي الثالثة والرابعة - عن الأوليين.
27 - وبعد الركعة الرابعة من الظهر والعصر والعشاء أوالثالثة من المغرب أوالثانية كالصبح والجمعة والعيدين؛ يجلس للتشهد الأخير، ويقرأ فيه التشهد الأول، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: «اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صلِّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».
وكان يقعد في التشهد أحياناً متوركاً أي: يفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويخرج قدميه من ناحية واحدة، ويجعل اليسرى تحت فخذه وساقه، وينصب اليمنى وأحياناً يفرشها. ويلقم كفه اليسرى ركبيه يتحاملُ عليها.
28 - ثم إذا فرغ من التشهد الأخير يستعيذ بالله من أربع فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال» .
29 - ثم يدعو لنفسه قبل السلام، ومن الدعاء الذى شرعه صلى الله عليه وسلم : «اللهم إنِّي ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولايغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» .
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم: «اللهم حاسبني حساباً يسيراً» . ويسأل الله الجنة ويتعوذ به من النار. وغيرها من الأدعية الثابتة عنه .
30 - ويختم صلاته بالتسليم فيلتفت عن يمينه قائلاً: «السلام عليكم ورحمة الله»، حتى يُرى بياض خده الأيمن، وعن يساره كذلك، وزيادة: «وبركاته» رويت عنه في حديث واحد، ولعله قالها مرة لبيان الجواز.
31 - وبعد السلام يستغفر الله ثلاثاً، ويقول: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام» قبل أن ينصرف إلى المصلين إن كان إماماً. ويبقى مستقبل القبلة مقدار ما يقول ذلك.
32 - ثم ينصرف إلى المصلين، وأكثر ما كان ينصرف صلى الله عليه وسلم عن يمينه، وأحياناً ينصرف عن يساره.
33 - وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته الذكر بعد الصلاة ومن ذلك:
«لاإله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» .
ثم يقول: «سبحان الله» ثلاثاً وثلاثين «والحمدلله» ثلاثاً وثلاثين، «والله أكبر» ثلاثاً وثلاثين، ويقول تمام المائة «لاإله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير» .
ثم يقرأ آية الكرسي وهي قوله تعالى: {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة:255ْ].
ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} [الإخلاص:1-4].
و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِن شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق:1-5].
و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ} [الناس:1-6].
يقرأ هذه الآيات بعد كل صلاة، ويستحب تكرارها ثلاث مرات بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب.
34 - وقد شرع صلى الله عليه وسلم لأمته صلاة النوافل قبل الفرائض وبعدها غالباً. ومن ذلك صلاة الرواتب فقال صلى الله عليه وسلم: «من صلّى اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعاً بنى الله له بيتاُ في الجنة» .
وهي كالآتي:
- ركعتان قبل صلاة الفجر.
- أربع ركعات قبل صلاة الظهر وركعتان بعدها.
- ركعتان بعد صلاة المغرب.
- ركعتان بعد صلاة العشاء.
ويستحب أن يصلي قبل العصر أربع ركعات واثنتين قبل صلاة المغرب، واثنتين قبل صلاة العشاء. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.
وحث صلى الله عليه وسلم على المواظبة على التطوع بما تيسر، كصلاة الليل، والضحى، والتراويح في رمضان، وغير ذلك مما صح عنه .
35 - والمرأة تصنع في الصلاة كما يصنع الرجل في كل شىء. ولا يستثنى من ذلك إلا بعض المسائل: كمسألة سترة الثياب، ومسألة القراءة، فالرجل يجهر في الصلاة الجهرية أما المرأة فإنها تسر.
هذا ما تيسر جمعه من صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا كما رأيتموني أُصلي» . وأخبر صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة هي قرة عينه وبها يريح نفسه.
فعلى المسلم أن يحافظ على الصلاة كما وردت حتى تكون له نوراً ونجاة يوم القيامة بإذن الله. والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مدار الوطن
رد: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
عليه الصلاة والسلام
بارك الله فيك احمد ونفعك بما قدمت ونفعت
رد: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
عليه الصلاة والسلام .جزاك الله كل خير يا اخ احمد
وجعله في ميزان حسناتك
رد: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه وسلم الله يباركلك يا احمد انت شاب ولا كل الشباب
رد: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
عليه افضل الصلاة والسلام
جزاك الله عنا كل خير
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
أولاً : اعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة فإنما تقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسك ، وحينئذٍ حافظ على أن يكون قلبك مشغولاً بصلاتك، كما أن جسمك مشغول بصلاتك، جسمك متجه إلى القبلة إلى الجهة التي أمرك الله عز وجل فليكن قلبك أيضاً متجهاً إلى الله . أما أن يتجه الجسم إلى ما أمر الله بالتوجه إليه ولكن القلب ضائع فهذا نقص كبير، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا غلب الوسواس - أي الهواجس - على أكثر الصلاة فإنها تبطل ، والأمر شديد .
فإذا أقبلت إلى الصلاة فاعتقد أنك مقبل على الله عز وجل .
وإذا وقفت تصلى فاعتقد أنك تناجي الله عز وجل ، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قام أحدكم يصلي ، فإنه يناجي ربه) رواه البخاري .
وإذا وقفت في الصلاة فاعتقد أن الله عز وجل قبل وجهك ، ليس في الأرض التي أنت فيها، ولكنه قبل وجهك وهو على عرشه عز وجل ، وما ذلك على الله بعسير، فإن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ، فهو فوق عرشه ، وهو قبل وجه المصلي إذا صلى ، وحينئذٍ تدخل وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل ، ومحبته ، والتقرب إليه .
فتكبر وتقول : الله أكبر .
ومع هذا التكبير ترفع يديك حذو منكبيك ، أو إلى فروع أذنيك .
ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع، كما صح ذلك في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) رواه البخاري .
ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- (نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة) رواه البخاري .
واشتد قوله في ذلك حتى قال: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم) رواه البخاري ومسلم .
ولهذا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى تحريم رفع المصلي بصره إلى السماء، وهو قول وجيه جداً لأنه لا وعيد على شيء إلا وهو محرم .
فتخفض بصرك وتطأطئ رأسك لكن كما قال العلماء : لا يضع ذقنه على صدره -أي لا يخفضه كثيراً- حتى يقع الذقن وهو مجمع اللحيين على الصدر بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره .
ويستفتح ويقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) رواه أبو داود، وهذا هو الاستفتاح الذي سأل أبو هريرة النبي -صلى الله عليه وسلم - حين قال : يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ فذكر له الحديث .
وله أن يستفتح بغير ذلك وهو : (سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك) رواه أبو داود .
ويستفتح صلاة الليل بما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستفتح به وهو : (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كان فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) رواه مسلم .
ولكن لا يجمع بين هذه الاستفتاحات، بل يقول هذه مرة وهذه مرة ليأتي بالسنة على جميع وجوهها .
ثم يقول {بسم الله الرحمن الرحيم} بعد التعوذ .
ويقرأ الفاتحة ، والفاتحة سبع آيات أولها {الحمد لله رب العالمين}، وآخرها {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، ودليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (قال الله تبارك وتعالى : "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد : {الحمد الله رب العالمين} يقول الله تعالى : حمدني عبدي ويقول العبد : {الرحمن الرحيم} قال الله : أثنى علي عبدي . ويقول العبد: {مالك يوم الدين} يقول الله تعالى: مجدني عبدي . فإذا قال : {إياك نعبد وإياك نستعين} قال الله : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم ..} الآية قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) رواه مسلم ، فتبين بهذا الحديث أن أول الفاتحة {الحمد لله رب العالمين} .
أما البسملة فهي آية في كتاب الله ، ولكنها ليست آية من كل سورة، بل هي أية مستقلة يؤتى بها في كل سورة سوى سورة براءة فإنه ليس فيها بسملة ، وليس فيها بدل ، خلافاً لما يوجد في بعض المصاحف، يكتب على الهامش عند ابتداء براءة، "أعوذ بالله من النار، ومن كيد الفجار، ومن غضب الجبار ، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين" وهذا خطأ ليس بصواب، فهي ليس فيها بسملة وليس فيها شيء يدل على البسملة .
فإذا انتهى من الفاتحة يقول: (آمين) ومعاناها : اللهم استجب، فهي اسم فعل أمر بمعنى استجب .
ثم يقرأ بعد ذلك سورة ينبغي أن تكون:
في المغرب غالباً بقصار المفصّل .
وفي الفجر بطوال المفصّل .
وفي الباقي بأوساطه .
والمفصل أوله {ق} وآخره {قل أعوذ برب الناس}، وسمي مفصلاً لكثرة فواصله .
وطوال المفصل من {ق} إلى {عم} ، وأوساطه من {عم} إلى {الضحى} .
وقصاره من {الضحى} إلى آخر القرآن.
ولا بأس بل من السنة أن يقرأ الإنسان بطوال المفصل، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في المغرب بـ (الطور) و(المرسلات) رواه البخاري ومسلم .
وبعد أن يقرأ السورة مع الفاتحة .
يرفع يديه مكبراً ليركع ويضع اليدين على الركبتين، مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جانبيه، ويسوي ظهره برأسه فلا يقوسه، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
ويقول : (سبحان ربي العظيم) رواه أحمد وأبو داود يكررها ثلاث مرات.
ويقول أيضاً: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لّي) رواه البخاري.
ويقول أيضاً : (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع.
ثم يرفع رأسه قائلاً: (سمع الله لمن حمده) رواه البخاري ومسلم . رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه .
ويضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في هذا القيام لقول سهل بن سعد : (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) رواه أحمد والبخاري.
وهذا عام يستثنى منه السجود والجلوس والركوع:
لأن السجود توضع فيه اليد على الأرض
والجلوس على الفخذين .
والركوع على الركبتين.
فيبقى القيام الذي قبل الركوع والذي بعده داخلاً في عموم قوله :(في الصلاة) .
ويقول بعد رفعه: (ربنا لك الحمد) رواه البخاري ومسلم.
أو (ربنا ولك الحمد) رواه البخاري ومسلم.
أو (اللهم ربنا لك الحمد) رواه البخاري ومسلم أو (اللهم ربنا ولك الحمد) رواه مسلم.
فهذه أربع صفات ولكن لا يقولها في آن واحد بل يقول هذا مرة وهذا مرة.
وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها: أن العبادات إذا وردت على وجوه متنوعة فإنها تفعل على هذه الوجوه، على هذه مرة ، وعلى هذه مرة ، وفي ذلك ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: الإتيان بالسنة على جميع وجوهها.
الفائدة الثانية: حفظ السنة، لأنك لو أهملت إحدى الصفتين نُسيت ولم تحفظ..
الفائدة الثالثة: ألا يكون فعل الإنسان لهذه السنة على سبيل العادة، لأن كثيراً من الناس إذا أخذ بسنة واحدة صار يفعلها على سبيل العادة ولا يستحضرها، ولكن إذا كان يعودّ نفسه أن يقول هذا مرة وهذا مرة صار متنبهاً للسنة.
وإذا كان الإنسان مأموماً فإنه لا يقول (سمع الله لمن حمده) لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - : (وإذا قال - أي الإمام - سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد) رواه مسلم ويكون هذا في حال رفعه من الركوع قبل أن يستقم قائماً .
وبعد أن يقول (ربنا ولك الحمد) بصفتها الأربع ، يقول : (ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعده، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) رواه مسلم والنسائي.
ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين، لقول ابن عمر: (وكان لا يفعل ذلك في السجود).
ويخرُّ على الركبتين لا على يديه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) رواه البخاري والبعير عند بروكه يقدم اليدين فيخرّ البعير لوجهه، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرّ الإنسان في سجوده على يديه، لأنه إذا فعل ذلك برك كما يبرك البعير، هذا ما يدل عليه الحديث خلافاً لمن قال: إنه يدل على أنك تقدم يديك ولا تخرّ على ركبتيك لأن البعير عند البروك يخرّ على ركبتيه، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم - لم يقل فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير .... فلو قال ذلك، لقلنا نعم إذن لا تبرك على الركبتين، لأن البعير يبرك على ركبتيه، لكنه قال : (فلا يبرك كما يبرك البعير) فالنهي إذن عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه الإنسان ويخر عليه، والأمر في هذا واضح جداً لمن تأمله، فلا حاجة إلى أن نتعب أنفسنا وأن نحاول أن نقول: إن ركبتي البعير في يديه، وأنه يبرك عليهما، لأننا في غنى عن هذا الجدل، حيث إن النهي ظاهر الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه .
ولهذا قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد: إن قوله في آخر الحديث: (وليضع يديه قبل ركبتيه) منقلب على الراوي لأنه لا يطابق مع أول الحديث، وإذا كان الأمر كذلك فإننا نأخذ بالأصل لا بالمثال فإنه قوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه) هذا على سبيل التمثيل، وحينئذٍ إذا أردنا أن نرده إلى أصل الحديث صار صوابه: (وليضع ركبتيه قبل يديه) .
أولاً : اعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة فإنما تقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسك ، وحينئذٍ حافظ على أن يكون قلبك مشغولاً بصلاتك، كما أن جسمك مشغول بصلاتك، جسمك متجه إلى القبلة إلى الجهة التي أمرك الله عز وجل فليكن قلبك أيضاً متجهاً إلى الله . أما أن يتجه الجسم إلى ما أمر الله بالتوجه إليه ولكن القلب ضائع فهذا نقص كبير، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا غلب الوسواس - أي الهواجس - على أكثر الصلاة فإنها تبطل ، والأمر شديد .
فإذا أقبلت إلى الصلاة فاعتقد أنك مقبل على الله عز وجل .
وإذا وقفت تصلى فاعتقد أنك تناجي الله عز وجل ، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا قام أحدكم يصلي ، فإنه يناجي ربه) رواه البخاري .
وإذا وقفت في الصلاة فاعتقد أن الله عز وجل قبل وجهك ، ليس في الأرض التي أنت فيها، ولكنه قبل وجهك وهو على عرشه عز وجل ، وما ذلك على الله بعسير، فإن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ، فهو فوق عرشه ، وهو قبل وجه المصلي إذا صلى ، وحينئذٍ تدخل وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل ، ومحبته ، والتقرب إليه .
فتكبر وتقول : الله أكبر .
ومع هذا التكبير ترفع يديك حذو منكبيك ، أو إلى فروع أذنيك .
ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع، كما صح ذلك في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) رواه البخاري .
ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- (نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة) رواه البخاري .
واشتد قوله في ذلك حتى قال: (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم) رواه البخاري ومسلم .
ولهذا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى تحريم رفع المصلي بصره إلى السماء، وهو قول وجيه جداً لأنه لا وعيد على شيء إلا وهو محرم .
فتخفض بصرك وتطأطئ رأسك لكن كما قال العلماء : لا يضع ذقنه على صدره -أي لا يخفضه كثيراً- حتى يقع الذقن وهو مجمع اللحيين على الصدر بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره .
ويستفتح ويقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) رواه أبو داود، وهذا هو الاستفتاح الذي سأل أبو هريرة النبي -صلى الله عليه وسلم - حين قال : يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ فذكر له الحديث .
وله أن يستفتح بغير ذلك وهو : (سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك وتعالى جدك ، ولا إله غيرك) رواه أبو داود .
ويستفتح صلاة الليل بما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستفتح به وهو : (اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كان فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) رواه مسلم .
ولكن لا يجمع بين هذه الاستفتاحات، بل يقول هذه مرة وهذه مرة ليأتي بالسنة على جميع وجوهها .
ثم يقول {بسم الله الرحمن الرحيم} بعد التعوذ .
ويقرأ الفاتحة ، والفاتحة سبع آيات أولها {الحمد لله رب العالمين}، وآخرها {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ، ودليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (قال الله تبارك وتعالى : "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد : {الحمد الله رب العالمين} يقول الله تعالى : حمدني عبدي ويقول العبد : {الرحمن الرحيم} قال الله : أثنى علي عبدي . ويقول العبد: {مالك يوم الدين} يقول الله تعالى: مجدني عبدي . فإذا قال : {إياك نعبد وإياك نستعين} قال الله : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل . فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم ..} الآية قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) رواه مسلم ، فتبين بهذا الحديث أن أول الفاتحة {الحمد لله رب العالمين} .
أما البسملة فهي آية في كتاب الله ، ولكنها ليست آية من كل سورة، بل هي أية مستقلة يؤتى بها في كل سورة سوى سورة براءة فإنه ليس فيها بسملة ، وليس فيها بدل ، خلافاً لما يوجد في بعض المصاحف، يكتب على الهامش عند ابتداء براءة، "أعوذ بالله من النار، ومن كيد الفجار، ومن غضب الجبار ، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين" وهذا خطأ ليس بصواب، فهي ليس فيها بسملة وليس فيها شيء يدل على البسملة .
فإذا انتهى من الفاتحة يقول: (آمين) ومعاناها : اللهم استجب، فهي اسم فعل أمر بمعنى استجب .
ثم يقرأ بعد ذلك سورة ينبغي أن تكون:
في المغرب غالباً بقصار المفصّل .
وفي الفجر بطوال المفصّل .
وفي الباقي بأوساطه .
والمفصل أوله {ق} وآخره {قل أعوذ برب الناس}، وسمي مفصلاً لكثرة فواصله .
وطوال المفصل من {ق} إلى {عم} ، وأوساطه من {عم} إلى {الضحى} .
وقصاره من {الضحى} إلى آخر القرآن.
ولا بأس بل من السنة أن يقرأ الإنسان بطوال المفصل، فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في المغرب بـ (الطور) و(المرسلات) رواه البخاري ومسلم .
وبعد أن يقرأ السورة مع الفاتحة .
يرفع يديه مكبراً ليركع ويضع اليدين على الركبتين، مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جانبيه، ويسوي ظهره برأسه فلا يقوسه، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
ويقول : (سبحان ربي العظيم) رواه أحمد وأبو داود يكررها ثلاث مرات.
ويقول أيضاً: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لّي) رواه البخاري.
ويقول أيضاً : (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
ويكثر من تعظيم الله سبحانه وتعالى في حال الركوع.
ثم يرفع رأسه قائلاً: (سمع الله لمن حمده) رواه البخاري ومسلم . رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه .
ويضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في هذا القيام لقول سهل بن سعد : (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) رواه أحمد والبخاري.
وهذا عام يستثنى منه السجود والجلوس والركوع:
لأن السجود توضع فيه اليد على الأرض
والجلوس على الفخذين .
والركوع على الركبتين.
فيبقى القيام الذي قبل الركوع والذي بعده داخلاً في عموم قوله :(في الصلاة) .
ويقول بعد رفعه: (ربنا لك الحمد) رواه البخاري ومسلم.
أو (ربنا ولك الحمد) رواه البخاري ومسلم.
أو (اللهم ربنا لك الحمد) رواه البخاري ومسلم أو (اللهم ربنا ولك الحمد) رواه مسلم.
فهذه أربع صفات ولكن لا يقولها في آن واحد بل يقول هذا مرة وهذا مرة.
وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمها: أن العبادات إذا وردت على وجوه متنوعة فإنها تفعل على هذه الوجوه، على هذه مرة ، وعلى هذه مرة ، وفي ذلك ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: الإتيان بالسنة على جميع وجوهها.
الفائدة الثانية: حفظ السنة، لأنك لو أهملت إحدى الصفتين نُسيت ولم تحفظ..
الفائدة الثالثة: ألا يكون فعل الإنسان لهذه السنة على سبيل العادة، لأن كثيراً من الناس إذا أخذ بسنة واحدة صار يفعلها على سبيل العادة ولا يستحضرها، ولكن إذا كان يعودّ نفسه أن يقول هذا مرة وهذا مرة صار متنبهاً للسنة.
وإذا كان الإنسان مأموماً فإنه لا يقول (سمع الله لمن حمده) لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - : (وإذا قال - أي الإمام - سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد) رواه مسلم ويكون هذا في حال رفعه من الركوع قبل أن يستقم قائماً .
وبعد أن يقول (ربنا ولك الحمد) بصفتها الأربع ، يقول : (ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعده، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) رواه مسلم والنسائي.
ثم يكبر للسجود بدون رفع اليدين، لقول ابن عمر: (وكان لا يفعل ذلك في السجود).
ويخرُّ على الركبتين لا على يديه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) رواه البخاري والبعير عند بروكه يقدم اليدين فيخرّ البعير لوجهه، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرّ الإنسان في سجوده على يديه، لأنه إذا فعل ذلك برك كما يبرك البعير، هذا ما يدل عليه الحديث خلافاً لمن قال: إنه يدل على أنك تقدم يديك ولا تخرّ على ركبتيك لأن البعير عند البروك يخرّ على ركبتيه، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم - لم يقل فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير .... فلو قال ذلك، لقلنا نعم إذن لا تبرك على الركبتين، لأن البعير يبرك على ركبتيه، لكنه قال : (فلا يبرك كما يبرك البعير) فالنهي إذن عن الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه الإنسان ويخر عليه، والأمر في هذا واضح جداً لمن تأمله، فلا حاجة إلى أن نتعب أنفسنا وأن نحاول أن نقول: إن ركبتي البعير في يديه، وأنه يبرك عليهما، لأننا في غنى عن هذا الجدل، حيث إن النهي ظاهر الصفة لا عن العضو الذي يسجد عليه .
ولهذا قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد: إن قوله في آخر الحديث: (وليضع يديه قبل ركبتيه) منقلب على الراوي لأنه لا يطابق مع أول الحديث، وإذا كان الأمر كذلك فإننا نأخذ بالأصل لا بالمثال فإنه قوله: (وليضع يديه قبل ركبتيه) هذا على سبيل التمثيل، وحينئذٍ إذا أردنا أن نرده إلى أصل الحديث صار صوابه: (وليضع ركبتيه قبل يديه) .