لماذا وصل بنا الحال الى هذا الوضع؟
لماذا اصبح تفكير شبابنا فى الاجنبيات انهم عاهرات ولا يستحقون الا ذلك؟
لماذا لانكرم ضيوفنا كما وصنا الاسلام؟
حتى من لا يفعل ذلك لو راى هذا الوضع لا يحرك ساكنا ويعتبره امر عادى ولا يحاول تغيره؟
لم تكن تدري وهي ابنة الأربعة والعشرين عاما، أن قرارها بأن تتعلم اللغة العربية في مصر، سيجلب عليها كل هذه المتاعب، وسيجعلها تخرج بهذا الانطباع عن البلد الذي أحبته كثيرا قبل أن تزوره، هو الحب نفسه الذي انقلب إلى كراهية وبغض جعلها تصف مصر في لحظة انفعال صادقة بأنها "أسوأ بلد في العالم".
هي أفغانية- تحفظت على ذكر اسمها أو الإشارة له برموز خوفا من أن يسبب لها ذلك مشكلات أكبر- تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات طويلة، ولأنها متفوقة، فقد فازت بمنحة لتعلم اللغة العربية لتساعدها في دراستها للأدب العربي، ومن بين قائمة ضمت عدد من الدول العربية، اختارت هي "مصر" بوصفها البلد العربي الأكبر والأهم لكنها الآن نادمة للغاية على قرارها هذا.
تقول في لهجة حزينة غاضبة "الناس في مصر لا يهتمون بي إلا لشيئين فقط.. أموالي وجسدي.. وكل هذا لأني فقط أجنبية، وعليه فإن السلعة التي تباع للمصريين بجنيه مثلا أدفع أنا فيها الضعف، وأحيانا أكثر من الضعف.. هذا يحدث في المحلات ومع سائقي التاكسي وفي كل وقت ومكان، بالإضافة إلى كم رهيب من التحرش اللفظي والفعلي أثناء السير في الشوارع، الكارثة أني اكتشفت أن هذا ليس مقتصرا عليّ فقط بل يطول كل الأجنبيات اللاتي يدرسن اللغة العربية معي.. لدرجة أن واحدة منهن وهي نيجيرية سمراء تحرش بها أحدهم في الأسانسير عندما جاءت لتزورني ذات يوم ولما دفعته بعيدا عنها أخذ يلوح لها بيده بحركات بذيئة فجاءتني وهي منهارة".
تكمل الفتاة الأفغانية الحكي وتقول بأنها لا تتذكر عدد السيارات التي وقفت لها وهي تسير في الشارع وخرج منها أصحابها يدعونها لمرافقتهم مستدركة: "ذهبت إلى الأردن وسوريا وكنت مستاءة من بعض النظرات التي تطولني هناك من بعض المارة، لكني لما جئت إلى مصر ورأيت النظرات تتحول إلى تحرش باللفظ والفعل عرفت أن ما رأيته في الأردن وسوريا أقل بكثير".
ورغم أنها تنتمي إلى بلد يحتله الأمريكان إلا أنها في هذا المجال لا يسعها إلا أن تتذكر أمريكا بالخير: "في أمريكا لا يمكن لأحد أن يتحرش بآخر لمجرد أنه أجنبي أو لمجرد اختلاف اللون أو الجنس أو الديانة، صحيح أن الأمر اختلف نسبيا بعد 11 سبتمبر ومعي أنا بشكل خاص لأني مسلمة أنتمي إلى أفغانستان، إلا أنه في كل الأحوال لم يحدث لي في أمريكا ما حدث لي في مصر، خصوصا أنه عندما تفاقم الأمر في القاهرة ذهبت إلى أحد أقسام الشرطة لأشكو التحرشات الكثيرة هذه.. وكانت النتيجة أن بعض الضباط تعاملوا باستخفاف وسخرية مع الأمر، فيما كرر بعضهم الآخر نفس العبارات والإيماءات البذيئة التي تعرضت لها في الشارع".
الأمر لا يقف عند مرحلة التحرشات اللفظية أو الجسدية فحسب، بل يصل إلى الحديث الملح عن الحجاب: "أنا مسلمة لكني لا أرتدي الحجاب، وفي أي بلد آخر هذا أمر لا يمثل مشكلة، لكني كلما ذهبت إلى مكان إسلامي في القاهرة، بادرني الكل بالسؤال "لماذا أنت غير محجبة"، ولما أجيبهم بأن لا مشكلة في ذلك أجد معاملتهم قد تغيرت إلى الأسوأ، من دون حتى أن يعرفوا بأني "شيعية"، لهذا أصبحت أريح نفسي وكلما سألني أحد عن ديانتي في القاهرة قلت .."أنا مسيحية".
وهي تلملم أوراق دراستها قالت خاتمة حديثها: "أنا نادمة لأني اخترت القاهرة لدراسة اللغة العربية، وكلما اتصل بي أحد من الزملاء أو الأصدقاء من الخارج ليسأل عن طبيعة الحياة في مصر أنصحهم بألا يأتوها أبدا.. بعدما كنت من أكثر المحبين لهذا البلد قبل أن أزوره الآن أنصح الجميع محذرة.. مصر أسوأ بلد في العالم".
قاسية الجملة الأخيرة بالفعل، لكنها كانت تبدو صادقة جدا وهي تقولها وهو أمر يجعلنا نتساءل.. هل ما تعرضت له فعلا من تحرشات ومضايقات يعني أن مصر أسوأ بلد في العالم فعلا؟
رايت هذا المقال فى موقع بص وطول فحبيت انكم تقروه انت كمان
وتقولوا رايكم فيه
