الخبر الأول
"تونس" تمنع المحجبات الحوامل من دخول المستشفيات للولادة
أطلقت السلطات التونسية حملة عنيفة ضد المحجبات مؤخرًا، تمثلت في منع حوامل محجبات في حالة مخاض من دخول المستشفيات، والتعرض لهن في الشوارع، ووسائل النقل، واقتيادهن إلى مراكز الشرطة لنزع حجابهن بالقوة، وإنذار طالبات بالفصل، وعدم السماح لهن بدخول امتحانات الثانوية العامة والمعاهد والجامعات.
وناشد محمد زياد بن سعيد - المنسق الإعلامي للجنة الدفاع عن المحجبات - المنظماتِ الحقوقية بالتدخل لوضع حدٍّ لِما وصفه "بتجاوزاتٍ غير قانونية لا تلتزم بمعايير حقوق الإنسان، أو بالدستور التونسي".
وقال: "الحملة الآن على أشدها ضد المحجبات، وتشمل المنع من حضور امتحانات الثانوية العامة ـ البكالوريا ـ والامتحانات الجامعية، وهي فترة يستغلها النظام في تطبيق إجراءات عنيفة، تحُول دون ارتدائهن غطاء الرأس والرقبة".
ونقلت مصادر إعلامية غربية عن السلطات التونسية نفيها مطاردة المحجبات، لكنها قالت إنها: "تشجع ارتداء الزيّ اللائق بما يتوافق مع التقاليد التونسية".
وأشار محمد زياد بن سعيد، إلى أن: "المنشور رقم 108 لسنة 1981م، الذي تطبقه السلطات التونسية على النساء بصورة متطرفة، يتعارض مع الدستور التونسي، وقد أثبت ذلك حكمٌ قضائيٌّ، وأيّة إجراءات تُتخذ في إطاره؛ تعتبر غير قانونية".
وقال إن: "البرلمان التركي أبطل قانونًا تمنع الجامعات بمقتضاه؛ الطالبات المحجبات من الالتحاق بها، بينما تطبق السلطات التونسية منشورًا لوزارة الداخلية منافيًا للدستور، يجري تشديده كل فترة بدون أي غطاء قانوني من مجلس النواب".
وشرحَ ابنُ سعيد، ذلك قائلاً إن: "ذلك المنشور هو مجرد أمر لمنع اللباس غير المألوف، أو الخارج عن تقاليد تونس في الجامعات والمعاهد والمقار الحكومية، وبذلك لم يورّط نفسه بمنع الحجاب بصورة صريحة، وفي الوقت نفسه؛ يشير إلى منع الملابس غير اللائقة أو العارية"، وأضاف: "ما تمارسه السلطات ضد المحجبات، هو أوامر شفهية غير مكتوبة، يتلقاها مديرو المعاهد التعليمية والجامعات؛ لمنع الطالبات المحجبات من الدخول".
وتابع: "اتصلتْ أمس الاثنين، بنا طالبة بالسنة النهائية، من مرحلة تكوين المهندسين بالمدرسة العليا لمهندسي التجهيز الريفي، وقالت إنها: على أبواب تقديم مشروعها الختامي؛ لكن رئيس قسم المياه أخبرها يوم السبت الماضي، أنه لا يمكنها ذلك حسب القانون، إلا إذا أحضرت شهادة ختم تربص سابق، كانت قد أجرته في الفترة الممتدة من 1 أغسطس إلى 29 منه سنة 2007 بالمندوبية الجهوية للفلاحة بولاية قبلي".
وقال إن: "المندوب الجهويّ للفلاحة عبد الحميد حاجي، رفض تسليمها هذه الشهادة، رغم اتصالها به عدة مرّات، وكان في كل مرة يقول لها: إنك مخالفة للقانون بارتدائك غطاءً فوق شعرك، وإني ألتزم بالتعليمات، ولا يمكنني أن أعطيك هذه الشهادة، ما لم تكشفي عن شعر رأسك".
وأوضحت الطالبة في اتصال بلجنة الدفاع عن المحجبات أنهم: "بسبب غطاء الرأس؛ يعتزمون حرماني من ثمرة جهد، بذلته مدة خمسة عشر عامًا خلف مقاعد الدراسة، حيث كنت دائمًا أحصل على المراتب الأولى".
واستطرد زياد بن سعيد: "الدوائر الرسمية في تونس تتعامل مع الحجاب على أنه لباس طائفيّ ودخيل، ولا ندري المقصود بالطائفي في دولة معظم سكانها من المسلمين السنة"، وقال إن: "الحملة ضد المحجبات تتخذ أشكالاً متفاوتة على مدار العام، ما بين التخفيف والتشدد، وخصوصًا في موسم الامتحانات وبداية العام الدراسي، ووصلت في بعض الفترات لمنع ولادة الحوامل المحجبات في المستشفيات، واعتقال من تغطّي شعرها أثناء سيرها في الشارع، أو وجودها في وسائل النقل العامة، واقتيادها إلى مخافر الشرطة، وترهيبها بالمنع من الدراسة، أو الامتحانات أو دخول السجن، والحصول على توقيعها على التزام بخلع غطاء الرأس".
وتابع بن سعيد: "توقيعاتهن على التزامات نزع الحجاب مخالفة للقانون، ولا يؤاخذن عليها قضائيًّا؛ لأنها تناقض حقوقهن التي كفلها لهُنَّ الدستور التونسي، والمرجعيات الحقوقية الدولية"، وقال إن: "معظم الجامعات والمعاهد تتطرّف في تفسير عبارة "اللباس غير المألوف" الواردة في المنشور "108".. وتعتبر أن المقصود منه غطاء الرأس والرقبة، وبالتالي لا بد من كشفهما تمامًا وبوضوح ليصبح اللباس مألوفا، ولكن البعض يجتهد في محاولة للتخفيف، فيسمح للطالبة بارتداء القبعة".
وأضاف زياد بن سعيد أنه: "تقابل مع عميد إحدى الكليات، وعرف منه أنه يلجأ للحل الوسط، فلا تعرّي المحجبة شعرها، ولا تغطيه بالقماش، وإنما ترتدي قبعة أو ما شابه ذلك، وأغلبية المحجبات في الكلية تفهّمن هذا الوضع".
وأشار إلى أن: "التعرّض للمحجبات في الشوارع يختلف من حيث المكان والزمان؛ فعند زيارة الرئيس الفرنسي ـ ساركوزي ـ لتونس في الشهر الماضي، وكان مقررًا له أن يتجول في الشوارع القديمة، قامت فرق الشرطة، قبل أسبوع من ذلك، بتنظيفها مما تسميه اللباس الطائفي".
وأوضح أن: "بعض المحجبات يقاومْنَ رجال الشرطة، ويرفضن خلع حجابهنّ، فيتم أخذ بطاقات الهوية منهن حتى يذهبن إلى مراكز الشرطة لاستلامها، وفيها يتعرضن للتعنيف والويلات".
وقال إن: "لجنة الدفاع عن المحجبات تقوم بفضح هذه الممارسات إعلاميًّا، خصوصًا، وأن العديد من العائلات لجأت إلى إبقاء بناتها في المنازل، وقطعهن عن التعليم"، مشيرًا إلى أن: "اللجنة تقوم بدور حقوقيٍّ أيضًا لا يشمل المسلمات فقط، فحتى لو انتهكت الشرطة حق راهبة من الراهبات في أي كنيسة بتونس؛ فسوف تدافع عنها".
وأوضح زياد بن سعيد أن: "لجنة الدفاع عن المحجبات تقوم أيضا بنشر الوعي بين النساء لتعريفهن بأن المنشور رقم (108) لمنع الحجاب غير قانوني، وقد نجحت في جعلهن يقاومنه في كثير من مناطق تونس، وخصوصًا في الكليات والمعاهد، واللجوء إلى القضاء دفاعًا عن حقوقهن".
وأكد أن: "اللجنة تمارس ضغوطًا على مديري المؤسسات التعليمية الذين يتخذون إجراءاتٍ ضد المحجبات، وتقوم بنشر أسمائهم في بيانات، تُبث عبر الإنترنت، وترسل نسخًا منها إلى مكاتبهم، حتى إن البعض بدأ يخشى من مطاردة الإنتربول له؛ إذا خرج من تونس، فيلجأ إلى تطبيق منشور المنع بلطف".
ويعتبر القانون 108 الصادر عام 1981م، في عهد الرئيس الراحل "بورقيبة" الحجابَ زيًّا طائفيًّا، وليس فريضة دينية، ويحظر ارتداءَه في المدارس والجامعات والمعاهد، وجرى تجديده بالمنشور 102 عام 1986م.
وفي أكتوبر من العام الماضي، أسقطت المحكمة الإدارية التونسية بحكم ابتدائيّ، قرار وزير التربية والتكوين، إيقاف معلّمة عن العمل في مدرسة بمدينة "حمام الأنف"، ووقف راتبها 3 شهور لارتدائها "لباسًا يوحي بالتطرف"!! واعتبرت المحكمة أن هذا المنشور يدخل في مجال الحريات الفردية نظرًا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري والديني والفكري، وما يعكسه من ميول شخصية.