قهوتنا على الانترنت
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    18 - 11 - 2007
    ساكن في
    الاردن
    العمر
    33
    المشاركات
    14,186
    النوع : انثيJordan

    افتراضي قصصٌ .. رواها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-

    الملك الزاهد في ملكه

    (د.عثمان قدري مكانسي)

    قال التلميذ لشيخه ، وقد جلس بين يديه صباح يوم صيفي جميل ، بعد أن انتهى الناس من صلاة الفجر : يا مولاي لمَ تقوم الشعوب في كثير من الأحيان بثورات على حكامهم ؟
    قال الشيخ :
    قد يظلمون رعيتهم ، فيُحمّلونهم ما لا يُطيقون ،
    وقد تكون أحكامهم جائرة ،
    وقد يتهاونون في تحمل مسؤولياتهم ،
    وقد يفشلون في اتخاذ الأسباب التي تحفظ كرامة الأمة ،
    وقد يتعاونون مع العدو لضعف يشعرون به أمامه ولا يعملون على الاستعداد له ،
    أو يتعاملون مع العدو الذي صنعهم ليخدموه ، وليكونوا أداة القمع والإذلال لشعوبهم ... وهناك عوامل كثيرة – يا بني – تدفع الأمم إلى هذه الثورات .
    قال التلميذ :
    ولكنّ الشعوب هي التي تختار حكامها ، وكان أولى بها أن تختار من هو أهل لذلك .
    قال الشيخ :
    صدقت – يا بني – فالاختيار الجيد طريقة سليمة في الوصول إلى سُدّة الحكم ، فاختيار الحاكم يعتمد على أسس سليمة مثل الفهم الواسع ، والأهلية التي يتسم بها مثل : حسن الأخلاق والسيرة والسلوك الطيب ، وعلى رأس ذلك التزامُه بدينه وغَيرتُه عليه ، والعملُ بشريعة الله ، والعدلُ بين الرعية ...
    ولكنْ هناك من يَغصب الحكم غصباً ، وهناك من يرثه وليس أهلاً له ، فيستغلون ملكهم ومناصبهم لمآربهم الشخصية معرضين عن مصلحة الوطن والأمة .. وحين تتحرك الجماهير رافضة أمثال هؤلاء معبرة عن غضبها يتشبثون بكراسيّهم وعروشهم بالنار والحديد ، فإذا هَوت العروش من تحتهم ، ومادت الأرض بهم استعانوا بالأعداء ليتمكنوا ، فلا تجد الشعوب بداً من اقتلاعهم ، فتثور عليهم .
    قال التلميذ :
    أكثر الحكام هذه الأيام من هذا الصنف المخزي - يا سيّدي – ما إنْ يمسكون بمقاليد الأمور حتى يعتقدوا أن الشعوب إنما وُجدت لتخدمهم لا ليخدموها ، فيجمعون الأموال ويتخذون وسائل الراحة لهم ولحاشيتهم وأتباعهم ، ويعتمدون الإذلال والإرهاب سبيلاً لتمكنهم ، واستتباب الأمر لهم ، وينسَون أنهم مسؤولون ، وعلى الله معروضون ، وأمامه محاسبون .
    قال الشيخ :
    هذا صحيح ... ولكنّ تاريخنا يحفل أيضاً بالخلفاء الراشدين ، والولاة العادلين ، والحكام الناصحين ، والملوك الزاهدين .
    قال التلميذ :
    أهناك ملوك زاهدون ؟ .
    قال الشيخ :
    نعم ؛ وما أكثرَهم . بعضهم كان يأكل من عمل يده وكدّ يمينه ، ويتخذ بطانة صالحة تعينه في أمور رعيّته ، ويتابع عن كثب مصالح مملكته ، فيستعمل العاملين المخلصين ، ويعاقب المفسدين ، ويُثْبت في الخدمة النابهين المحسنين ، ويعزل اللاهين العابثين ، ويعاقب الفاسدين .
    وهناك من هاب مسؤوليّة الحكم ، ورأى ضعفه عن الاضطلاع بمسؤوليّته ، فتخلّى عنه ، وتنازل عنه لغيره طواعية مخافة الله أن يسأله : لمَ ضيّعْتَ المسلمين ؟.
    قال التلميذ :
    أفي تاريخنا من فعل ذلك ؟! إني أراهم هذه الأيامَ لا يتركونه إلا إلى القبر أو إلى السجن الطويل .
    قال الشيخ:
    من أمثالهم خالد بن يزيد بن معاوية الأموي ، وإبراهيم بن أدهم الزاهد اللذان تخليا عن الحكم ورفضاه ... وليس هذا حكراً على المسلمين ، فقد حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه عن أحد ملوك بني إسرائيل هرب منهم حين أحسّ أنه ليس أهلاً لما اختاروه له .
    قال التلميذ :
    شوقتني – يا سيدي – أفلا تقص عليّ قصّته ؟!.
    قال الشيخ :
    حبّاً وكرامة – يا بني – فلا يبلغ العالم الفضل إلا عندما يبذل علمه لمستحقيه .

    فقد ذكر ابن مسعود رضي الله عنه أنه سمع من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن بني إسرائيل استخلفوا خليفة عليهم بعد النبي موسى عليه السلام ، فكان هذا الملك رجلاً صالحاً يعمل جهده نهاراً في خدمة رعيّته ، ويقوم الليلَ تعبّداً لله سبحانه وتعالى . فقام مرة يصلي فوق بيت المقدس في ليلة مقمرة ، صفت فيها السماء ، وسبَحتْ فيها أشعّة البدر الفضّية ، وتلألأت النجوم في كبدها ، فازدادت بهاءً وجمالاً ، وبدأ يحاسب نفسه ، ويعرض عليها ما فعل في خدمة دينه و أبناء ملته ، ويقارن بين ما فعله ، وما يستطيع فعله ، وما يجب أن يفعله ، فوجد نفسه مقصّراً في واجباته نحوهم ، ولم يجد الجرأة أن يقول لهم : اختاروا غيري ، فأنا لا أصلح لكم ، فلربّما حسبوا ذلك منه صلاحاً ، فأبَوا عليه رغبته ، وازدادوا به تمسّكاً ، وقد يعتزل في بيته ، فلا يقبلون منه ذلك ، ويصرّون على عودته ، ولا يُفرّطون به ، وقد يخرج عنهم إلى إحدى القرى متعبّداً منعزلاً ، فيتبعونه ، ولا يُقيلونه . .. ماذا يفعل ؟

    .. فكّر ، وقلّب الأمور ، فهداه تفكيره إلى الهروب بعيداً حيث لا يعرفه أحد .. ولكنّ الجنود يحيطون به ويحمونه ؛. فإذا خرج خرجوا معه ، وإذا أصرّ أن يمشي وحده تبعوه من بُعد خوفاً عليه ، فلا مجال للهرب من الباب ... نظر حوله ، فرأى حبلاً ، ربطه في سقف المسجد ، وتدلّى على الأرض ، وانطلق دون أن يشعر به أحد .. ولم يكتشف حرسه ما فعل إلا صباحاً حين استأخروه ، فصعدوا سقف المسجد فوجدوا الحبل ، ولم يجدوه ....


    أسرع متخفـّياً إلى أن وصل إلى بلدة على شاطئ البحر ، فوجد بعض أهلها يضربون في الرمل لـَبْناً ، فإذا جفّ صار قطعاً صلبة يبنى الناس بها بيوتهم ، فقال لهم : علّموني صنعتكم ، فأعملَ معكم ، فأنا غريب . قالوا : على الرحب والسَّعة ، وصار يعمل معهم ، ويأكل من كسب يده . ..


    وأنس الناس به ، إلا أنهم رأوا منه عجباً ، فقد كان إذا حضرت الصلاة قام يصلي ... ماذا يفعل الرجل ؟ ! إنه يقوم بحركات لا يعرفونها ، ويتلو مالا يفهمون ! ..
    لم يكن الملك الزاهد يتخفّى حين يصلي ويعبد الله تعالى ، ولم يكن يخجل وهو في بلاد الغربة أن يخالف الناس فيما يعتقدون ! إنه ما ترك المُلْك وهرب منه إلا ليعبد الله عز وجل دون أن يتحمّل – على ضعفه – مسؤولية غيره ، لكنه قويّ في الجهر بعقيدته ودينه ! لا يخاف من أحد .. هو على حق ، وصاحب الحق داعية في خلقه وفي عبادته ، يجهر بها ، ويدعو إليها . لا يخشى مغبّة أمره ، والداعية كتاب مفتوح يقرؤه الجميع ، فيرون فيه الفضيلة والأسوة الحسنة والصواب ، فيتبعونه .
    رفع العمال إلى كبيرهم حاكمِ البلدة ما رأوه وما يرونه من هذا الغريب الزاهد المتعبّد ، يصفون له ما يفعله ذلك الرجل الكريم الخُلُق . فأرسل إليه أن يأتيه ، فأبى أن يجيب . طلبه إلى مقابلته مرات ثلاثاً ، فأعرض عن إجابته .


    كان عليه - وهو الداعية - أن يلبي طلبه ويعرض عليه دينه ، فعسى أن يدخل فيه ، وكان عليه أن يقابله ويجيب عن أسئلته ، ويوضح له ما استغلق عليه وعلى عمّاله . لكنّ نقطة الضعف فيه ، هذه التي جعلته يهرب من بلده ، وينسلّ مبتعداً عن رعيّته تاركاً واجبه تجاههم بعد أن وثقوا به ، وسنّموه مسؤوليتهم هي التي جعلته يخطئ مرة ثانية فيأبى الذهاب إلى حاكم البلدة .


    فماذا يفعل حاكم البلدة العاقل ؟ .. جاء بنفسه .. جاء تحمله دابّته .. فلما رآه الرجل فرّ ، فاتّبعه ، فأسرع هارباً ، فلما سبقه ناداه الحاكم : يا هذا ، انتظر ولا تخف . لا أريد بك سوءاً .. دعني أكلمك ! ..
    فلمّا رأى الرجل أنه لا بد من الإجابة توقف حتى كلّمه ، وقصّ عليه خبره ز ولم يُخفِ عنه أنه كان ملكاً ، وأنه فرّ من الله إلى الله خوفاً أن يحمل تـَبـِعَة الحكم الثقيلة ، فهو ليس أهلاً لذلك ، فقد يخطئ ويظلم ، والظلم ظُلُمات يوم القيامة .
    وقر في قلب الرجل الآخر ما قاله الأول ، وقال له : إني لأظنني لاحقاً بك ، سائراً على منوالك ،أنا مثلك يا أخي ، شغلتني الدنيا والعمل لها عن عبادة ربي ، فانقطعت لها ، وكدت أنساه ، ما أنت بأحوج إلى ما صنعتَ منّي . ... خذني معك ، فأنا منك وأنت منّي .. لسنا من أهل هذه الدنيا الفانية ، والعاقل يعمل للحياة الباقية .. هناك عند من لا يُخيّب سائله ، ولا يًضَيّع للعبد وسائله ، في كنف الله الكريم ..


    نزل الرجل عن دابّته ، تركها لمن يريدُها ، ثم تبع صاحبه الذي رأى فيه الإخلاص لله تعالى ، والحب العميق لما عند الله .. تآخَيا في الله .. والحب في الله .. والتآخي فيه ذروة الإنسانيّة ، وقمّة السموّ ، إن السبب الذي يربطهما خالد أبديّ ، ليس لهوى النفس فيه مكان ... تنقطع جميع الأسباب الدنيَويّة ، ويبقى الحب في الله والأخُوّةُ فيه قوية متصلةً ، دائمة النماء ، يرويها النبع الثـّرّ على مرّ مدى الأيام ..
    انطلقا يعبدان الله تعالى ، فعرفا طعم العبوديّة الرائق ، وعاشا في رحابها ما شاء الله لهما أن يعيشا ، وسألا الله تعالى أن يميتهما متجاورَين أخوين في الدنيا والآخرة .
    قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه : ماتا برُمَيْلة مصر ، لو كنت هناك لأريتُكم قبرَيْهما ... فقد وصفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكأنني أراهما رأْيَ العين .

    رواه الطبراني في المعجم الكبير
    ج 1- ص/216 والأوسط ج2ص/ 112

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    8 - 11 - 2007
    ساكن في
    http://www.4quran.com/
    المشاركات
    4,853
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي

    إني لأظنني لاحقاً بك ، سائراً على منوالك ،أنا مثلك يا أخي ، شغلتني الدنيا والعمل لها عن عبادة ربي ، فانقطعت لها ، وكدت أنساه ، ما أنت بأحوج إلى ما صنعتَ منّي . ... خذني معك ، فأنا منك وأنت منّي .. لسنا من أهل هذه الدنيا الفانية ، والعاقل يعمل للحياة الباقية .. هناك عند من لا يُخيّب سائله ، ولا يًضَيّع للعبد وسائله ، في كنف الله الكريم ..
    نفعنا الله واياكم
    لكم أن تعلموا غلاء ثمن الدقيقة في رمضان ، لا تضيعوا أوقاتكم في كلام لا يفيد ، وهموم لا تنقضي ، ومشاكل لا تنقطع ، وتفكير في مستقبل لم يأت بعد
    في الدقيقة الواحدة تسبح مائة تسبيحة، وتقرأ صفحةً من المصحف، وتطالع ثلاث صفحات من كتاب، وتكتب رسالة، وتتلو سورة الإخلاص ثلاثاً.
    هكذا زن الأمور ،
    الوقت رأس مالك فلا تخاطر .



    البحث على جميع مواضيع العضو أحمد عمر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    18 - 11 - 2007
    ساكن في
    الاردن
    العمر
    33
    المشاركات
    14,186
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    جزاك الله خيرا اخى احمد وبارك الله فيك

  4. #4

    افتراضي

    لقد كان فى قصصهم عبرة
    جزاكم الله خيرا على القصة المفيدة جدا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    12 - 11 - 2007
    العمر
    35
    المشاركات
    1,995
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي

    شكرآ اختى ساندرا على القصص الجميله
    بارك الله فيكى
    وجزاكى الله خيرآ
    مشكووووووووووره

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    18 - 11 - 2007
    ساكن في
    الاردن
    العمر
    33
    المشاركات
    14,186
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    جزاك الله خيرا اخى وليد
    جزاكى الله خيرا اختى يارا
    بارك الله فيكم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    11 - 5 - 2008
    ساكن في
    فى قلب اللى بيحبونى
    العمر
    38
    المشاركات
    1,451
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي

    شكرا على القصص
    تسلم الايادى



    يومآ ما سيأتى موعد الرحيل

    البحث على جميع مواضيع العضو خاطر

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    18 - 11 - 2007
    ساكن في
    الاردن
    العمر
    33
    المشاركات
    14,186
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    جزاك الله خيرا اخى خاطر وبارك الله فيك

 

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 2 - 10 - 2009, 11:53 PM
  2. مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 20 - 9 - 2009, 04:27 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©