جزاك الله خيرا اخى احمد وبارك الله فيك على الفائدة الكبيرة من الموضوع
التعامل مع الخطأ
د. يحيى بن إبراهيم اليحي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
روى البخاري في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال صل الله عليه و سلم بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ، فَقَالَ: (( انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا )).
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ. قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ.
قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ )). قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلاَ رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ )). فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ )).
فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
3684 عَنْ عَلِيٍّ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَأَبَا مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِسٌ، قَالَ: (( انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ )).
فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَقُلْنَا: الْكِتَابُ. فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ. فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا، فَلَمْ نَرَ كِتَابًا. فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ. فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهِيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ، فَأَخْرَجَتْهُ.
فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ )). قَالَ حَاطِبٌ: وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ صلّى الله عليه وسلّم، أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( صَدَقَ، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا )). فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ: (( أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟ ))، فَقَالَ: لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ )). فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
وقفات مع قصة حاطب:
1. فيها دلالة عظيمة من دلائل النبوة حيث أخبر صلّى الله عليه وسلّم عن المرأة وموقعها والخطاب الذي معها فوجدها الصحابة رضي الله عنهم كما أخبر.
2. يقين الصحابة بصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجاءت محادثتهم للمرأة بأسلوب الأمر الجازم: (( أخرجي الكتاب ))، ولم يقولوا لها: هل معك كتاب؟ ثم عقبوا على هذا بالتهديد للمرأة بتجريدها للتفتيش عن الكتاب.
3. شأن العورة عند العرب فضلا عن أهل الإسلام، فالمرأة لما رأت حزمهم وجزمهم على تجريدها إن لم تخرج الكتاب خشيت على عورتها فأخرجت الكتاب.
4. لقد رسم النبي صلّى الله عليه وسلّم منهجا عادلا وحكيما في معاملة الناس عند وقوعهم بالخطأ والذنب تمثل بالنقاط التالية:
· التثبت من الخبر قبل الحكم عليه، وفي هذه الحادثة تم التثبت من أوثق المصادر وهو الوحي، حيث جاءه الوحي بخبر الكتاب وموقع المرأة.
· معرفة الأسباب التي دفعته إلى الخطأ، فقد قال لحاطب: (( ما حملك على ما صنعت )).
· ترك المخطئ يبدي حجته وعذره وفسح المجال له ليتحدث عن كل ما في نفسه، فقد ترك النبي صلّى الله عليه وسلّم حاطبا يتحدث عن كل ما في نفسه بدون أي مقاطعة أو تعنيف.
· إذا عرف صدق المخطئ وإن لم تكن حجته مقنعة فيعلن عن صدقه ولا يبخس هذه الخصلة الطيبة فقد قال صلّى الله عليه وسلّم بعد أن أنهى حاطب حديثه: (( أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ )).
· إذا كان عذره لا يقاوم خطأه فإنه يرجع إلى سوابقه وسجلاته وفيها يتم جمع الحسنات والأعمال الصالحة وحشدها إلى جانب خطئه، فقد ينغمر هذا الذنب ببحر حسناته، فقد رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى ملف حاطب ووجده قد شهد بدرا فكان هذا كافيا في قبول عذره وعدم معاقبته بعد أن كانت معاقبته قائمة لولم تكن له هذه السابقة.
قال ابن القيم رحمه الله: (من قواعد الشرع والحكمة أيضاً أن من كثرت حسناته وعظمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل، فإنه لا يحتمل أدنى خبث.
ومن هذا قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لعمر: (( وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ))، وهذا هو المانع له صلّى الله عليه وسلّم من قتل من جَسَّ عليه وعلى المسلمين وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر صلّى الله عليه وسلّم أنه شهد بدراً، فدل على أن مقتضى عقوبته قائم، لكن منع من ترتب أثره عليه ما له من المشهد العظيم، فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات.
ولما حض النبي صلّى الله عليه وسلّم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقة العظيمة قال: (( ما ضر عثمان ما عمل بعدها )).
وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلّى الله عليه وسلّم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة: (( أوجب طلحة )).
وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له، ألقاها على الأرض حتى تكسرت، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقال: (شابٌّ بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي)، وأخذ بلحية هارون وجرَّهُ إليه وهو نبي الله، وكل هذا لم ينقص من قدره شيئا عند ربه، وربه تعالى يكرمه ويحبه. فإن الأمر الذي قام به موسى، والعدو الذي برز له، والصبر الذي صبره، والأذى الذي أوذي به في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور، ولا تغير في وجهه ولا تخفي منزلته.
وهذا أمر معلوم عند الناس مستقر في فطرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ونحوهما، حتى إنه ليختلج داعي عقوبته على إساءته وداعي شكره على إحسانه، فيغلب داعي الشكر داعي العقوبة، كما قيل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع
وقال آخر:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحدا فأفعاله اللاتي سررن كثير
والله سبحانه يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته، فأيهما غلب كان التأثير له، فيفعل بأهل الحسنات - الذين آثروا محابه ومراضيه، وغلبتهم دواعي طبعهم أحيانا - من العفو والمسامحة ما لا يفعله مع غيرهم)(1).
مثال تطبيقي للكلام النظري الذي قرره ابن القيم:
قال ابن القيم تعليقا على قول الهروي: (( الرجاء أضعف منازل المريدين )): (شيخ الإسلام حبيب إلينا، والحق أحب إلينا منه، وكل من عدا المعصوم صلّى الله عليه وسلّم فمأخوذ من قوله ومتروك. ونحن نحمل كلامه على أحسن محامله ثم نبين ما فيه).
ثم حمل كلامه على أحسن وجه ممكن، ثم قال: (( وهذا وجه كلامه وحمله على أحسن المحامل.
فيقال: هذا ونحوه من الشطحات التي ترجى مغفرتها بكثرة الحسنات، ويستغرقها كمال الصدق وصحة المعاملة وقوة الإخلاص وتجريد التوحيد، ولم تضمن العصمة لبشر بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس:
إحداهما: حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة، ولطف نفوسهم، وصدق معاملتهم، فأهدروها لأجل هذه الشطحات، وأنكروها غاية الإنكار، وأساؤا الظن بهم مطلقا. وهذا عدوان وإسراف. فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة، وأهدرت محاسنه، لفسدت العلوم والصناعات، والحكم، وتعطلت معالمها.
والطائفة الثانية: حجبوا بما رأوه من محاسن القوم، وصفاء قلوبهم، وصحة عزائمهم، وحسن معاملاتهم عن رؤية عيوب شطحاتهم ونقصانها. فسحبوا عليها ذيل المحاسن. وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها. واستظهروا بها في سلوكهم.
وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون.
والطائفة الثالثة: وهم أهل العدل والإنصاف، الذين أعطوا كل ذي حق حقه، وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته، فلم يحكموا لصحيح بحكم السقيم المعلول، ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح، بل قبلوا ما يقبل، وردوا ما يرد ))(2).
لكم أن تعلموا غلاء ثمن الدقيقة في رمضان ، لا تضيعوا أوقاتكم في كلام لا يفيد ، وهموم لا تنقضي ، ومشاكل لا تنقطع ، وتفكير في مستقبل لم يأت بعد
في الدقيقة الواحدة تسبح مائة تسبيحة، وتقرأ صفحةً من المصحف، وتطالع ثلاث صفحات من كتاب، وتكتب رسالة، وتتلو سورة الإخلاص ثلاثاً.
هكذا زن الأمور ، الوقت رأس مالك فلا تخاطر .
البحث على جميع مواضيع العضو أحمد عمر
جزاك الله خيرا اخى احمد وبارك الله فيك على الفائدة الكبيرة من الموضوع
شكرآ اخى احمد على النفع والافاده
جزاك الله خيرآ
بارك الله فيك
جزاك الله كل خير
وبارك الله فيك
تنبيــــه هـــــــــامعلى الأعضاء ذوي التواقيع ذات الصور النسائية العارية وكلام الحب عدم التواجد في القسم الإسلامي لأنه يسئ لهذا القسم
وحان الرحيلوأرحل في موكب الراحلينوحول الركاب الطيور تحوماستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعهالبحث على جميع مواضيع العضو Ahmad Misk
والله يا احمد روعة
ويا ريت الكل بالفعل يتخذ من الرسول عليه الصلاة والسلام قدوة ومن كلامه منهج ويمشي عليه
الف شكر لك
بارك الله في عمرك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)