قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( بِحَسْبِ امرئٍ مِن الشر أنْ يَحقِرَ أخاه المسلم )) : يعني يكفيه مِن الشر احتقارُ أخاه المسلم ، فإنه إنما يَحتقِرُ أخاه المسلم لتكبُّره عليه ، والكِبْرُ مِن أعظم خِصال الشر ، وفي صحيح مسلم عن النبىَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال : (( لا يدخل الجنةَ مَن في قلبه مِثقالُ ذرةٍ مِن كِبْر )) .
قوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (( كُلُّ المسلم على المسلم حرام دمُه ومالُه وعِرضُه )) : وهذا مِمَّا كان النبىُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يَخطبُ به في المجامع العظيمة ، فإنه خطب به في حَجَّةِ الوداع يوم النحر ، ويوم عرفة ، واليوم الثاني مِن أيام التشريق ، وقال : (( إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ ، كحُرمةِ يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا )) ، وفي روايةٍ للبُخارىِّ وغيره : (( وأبشاركم )) .
وفي سُنن أبي داود عن بعض الصحابة أنهم كانوا يسيرون مع النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فنام رجلٌ منهم ، فانطلق بعضهم إلى حبلٍ معه ، فأخذها ، ففَزِع ، فقال النبىُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( لا يَحِلُّ لمُسلمٍ أنْ يُرَوِّعَ مُسلمًا )) صحيح الجامع .
وخرَّج أحمد وأبو داود والترمذىُّ عن السَّائِب بن يزيد ، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : (( لا يأخذُ أحدكم عصا أخيه لاعبًا جادَّاً ، فمَن أخذ عصا أخيه ، فليَرُدَّها إليه ))حسن : أبو داود .
قال أبو عُبَيْد : يعني أن يأخذ متاعَه لا يُريدُ سرقتَه ، إنما يُريدُ إدخالَ الغيظ عليه ، فهو لاعِبٌ في مذهب السرقة ، جادٌّ في إدخال الرَّوْعِ والأذى عليه .
قال رجلٌ لعمر بن عبد العزيز : ‹‹ اجعل كبيرَ المسلمين عندك أبًا ، وصغيرَهم ابنًا ، وأوسطَهم أخًا ، فأىّ أولئك تُحِبُّ أنْ تُسِيء إليه ؟! ›› .
ومِن كلام يَحيى بن مُعاذ الرازي : ‹‹ ليكن حَظُّ المؤمن منك ثلاثة : إنْ لم تنفعه فلا تَضُرَّه ، وإنْ لم تُفرِحه فلا تَغُمَّه ، وإنْ لم تمدحه فلا تَذُمَّه ›› .