قهوتنا على الانترنت
ابحث عن :  
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. افتراضي قبسات قرآنية إنك بأعيننا ؟ أي حصن منيع هذا ، أن نكون بعين الله ، ترعانا وتحفظنا ؟؟








    قبسات قرآنية
    إنك بأعيننا ؟
    أي حصن منيع هذا ، أن نكون بعين الله ، ترعانا وتحفظنا ؟؟
    إنه الموقع الذي لا يؤتى ، والموضع الذي لا يطال ، والحصن الذي لا ينال ؟
    إنه المدار الآمن من الخوف ، والمسار الآمن من الضلال ، والطريق الآمن من الانحراف ..

    لكم يشعر الطفل بالاطمئنان عندما يكون في كنف والديه ، يحس أنه تحت اعينهما اللتين ترعيانه ؟؟
    ولكم يحس الانسان بالراحة والأمان حين يكون الى جانب صاحب جاه وسلطان ؟؟

    فكيف لو كان في حمى الرحمن ، ورعاية الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ؟
    تلكم هي أبعاد قوله تعالى : [ واصبر لحكم ربك إنك بأعيننا ]
    وذلكم هو المراد من قوله عز وجل لموسى عليه السلام : [ والقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني ]

    لكم يطمع أحدنا أن يكون في معية كبير من الكبراء وزعيم من الزعماء وعظيم من العظماء ، فكيف لو أنه في معية كبير الكبراء وزعيم الزعماء وعظيم العظماء ؟
    من ذا الذي يجير المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ؟
    من لديه الأمان يوم الفزع الأكبر ؟

    من ذا الذي يحفظ الأبصار أن تزيغ ، والقلوب أن تبلغ الحناجر ، والعقول أن تضيع ، والنفوس أن تضل ؟
    إنه الله تعالى .. عينه التي لا تنام ، وجاهه الذي لا يضام ..
    إنه الحمى المصون والجوار الآمن المأمون ..

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن الله عز وجل أمر يحي بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بهن أ وأن يأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن . آخرهن : وآمركم بذكر الله .. وان مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره ، فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه . وان العبد أحصن ما يكون من الشيطان اذا كان في ذكر الله ] راجع الترهيب والترغيب ج2/ ص396
    الفرصة للتوبة والانابة
    يقول الله تعالى [ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ، وازّينت ، وظن أهلها أنهم قادرون عليها ، أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ، فجعلناها حصيداًً ، كأن لم تغن بالأمس ، كذلك نفصل الآيات لقوم بتفكرون ] يونس 24
    يلفتنا هذا السياق القرآني الى جملة حقائق يجب أن تبقى ماثلة أمامنا ، وأن لا تغادر تفكيرنا ، ففيها العبرة والذكرى ، وفيها السداد والرشاد ..
    * ألأرض ماضية في زخرفها وزينتها ، بشواهق البنيان ، وروائع العمران ، ووسائل الراحة ، وصنوف المخترعات والمكتشفات ، وأدوات الاتصال والانتقال ، وعوالم العطور والزينة ، مما يؤكده سياق قرآني آخر يجليه قوله تعالى [ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والخيل المسو مة ، والانعام والحرث ، ذلك متاع الحياة الدنيا ، والله عنده حسن المآب ] أل عمران 14
    * ألناس ـ تبعا لذلك ـ سيكونون أشد انجذابا اليها ، وانشغالا بها ، وبالتالي غفلة عن الموت والأجل ، والانشغال بصالح العمل، يصدق فيهم قوله تعالى [ فخلف من بعدهم خلف ، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ] مريم59
    * ويظن هؤلاء أنهم باتوا قادرين على التحكم بمقدرات الانسان والكون والحياة من خلال المكتشفات العلمية ، والتجليات الطبية ، كعلم الهندسة الوراثية ، والاستنساخ ، واسلحة الدمار الشامل وغيرها ، مما يزيدهم غفـــلة و طغيانــا .
    [ أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ؟ أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ؟ أفأمنوا مكر الله ، فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون ] الاعراف 97-99
    * وتتجلى قدرة الله ، ويأتي أمره ، في أخذ الأرض ومن عليها ، وهم في أبهى حللهم ، وأكمل زينتهم ، وأعلى قوتهم [ أتاها أمرنا ] إنه صاحب الشأن ، الفعال لما يريد ، والقاهر فوق عباده ،[ الذي أمره اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ]
    * وينتهي السياق القرآني بدعوة صارخة الى التنيه والتفكر ، هي أشبه بالصدمة [ كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ] فالفرصة للتوبة والانابة ـ قبل وقوع الواقعة ـ لاتزال قائمة ، فاذا وقعت فلا فرصة بعدها ولا سانحة من جديد ؟ وصدق الفاروق عمر حيث يقول [ حاسبوا انفسكم قبل أن تحاسبوا وزنزها قبل أن توزنوا ، وتهيئوا للعرض الآكبر ، فاليوم عمل ولا حساب ، ويوم القيامة حساب ولا عمل ] فنسأل الله تعالى الهدى والسداد ، والحمد لله رب العالمين .
    ليلة الجمعة 19 ربيع الأول هـ1423/ 31/5/2002 م

    الإصلاح بين القوامة والإمامة
    يقول الله تعالى في وصف عباد الرحمن ، وهو أصدق القائلين : { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين اماما } الفرقان 74
    لكم تحمل هذه الأية الكريمة من المعاني الدالة الداعية الى التزام أولويات الاصلاح والتغيير .. فالاصلاح عنوان عريض لسنة التغيير الالهية { ولن تجد لسنة الله تبديلا } اختصرها القرآن الكريم بقوله تعالى { إن الله لايغير ما بقوم حتى بغيروا ما بأنفسهم }
    فالاصلاح في الاسلام منهج تغييري شامل الجوانب ، متكامل الحلقات ، متعاقب الخطوات، محدد المراحل ، لاتتحقق جدواه بعيدا عن هذه الاعتبارات جميعا ؟
    وعندما يعتري المشروع الاسلامي تعثر او فشل واخفاق يكون السبب ، اختلال هذه المعيار ، واهتزاز تلكم الاعتبارات ، وعدم ملاحظة الأولويات في سنة التغيير ؟
    وبالعودة الى الآية أعلاه ، نجدنا حيال خطوتين أساسيتين لامناص منهما في عملية الاصلاح والتغيير : الأولى تتصل باصلاح وتغيير النفس والاقربين ، والثانية تتعلق بمهمة اصلاح المجتمع والأخرين .
    ومن خلال السياق القرآني يتأكد أنه لامناص من أن يكون البدء بقوامة الاصلاح في الاسرة والجماعة والمحيط الضيق ، ليتحقق من خلال ذلك نشوء ذرية صالحة تقر الأعين وتثلج الصدور ، وهو ما يجليه الشطر الأول من الآية [ ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ] ولتليها بعد ذلك خطوة اكبر وأعم وأشمل ترتقي فيها مسؤولية التغيير من دائرة القوامة الى دائرة الإمامة ، تتجلى بقوله تعالى { واجعلنا للمتقين إماما ]
    إن شرط الاضطلاع بإمامة المتقين والصالحين ، هو تحقق الصلاح والتقوى فيمن يتقدم لذلك لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، والى ذلك كانت اشارة الخطاب القرآني [ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ] والنجاح في إصلاح الشأن العام يجب أن يسبقه ويؤكده النجاح في اصلاح الشأن الخاص ابتداء ، والا كانت الخطوة متعثرة وغير قابلة للنجاح ؟
    وهل يكون جديرا بتولي إمامة واصلاح الأخرين من فشل في قوامة واصلاح الأقربين ؟
    إن القفز فوق الآولويات الشرعية في الاصلاح من شأنه يحبط المشروع الاسلامي ويعطل عملية التغيير ، إن على مستوى الأفراد والجماعات ؟
    على هذا سار الأولون فحققوا النجاحات والانتصارات ، وتقلدوا امامة وقيادة العالم .
    كان الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله يجمع أهله ويقول لهم [ إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا ، وإن الناس ينظرون اليكم كما ينظر الطير الى اللحم . فإن وقعتم وقعوا ، وإن هبتم هابوا . وإني والله لا أولي رجلا منكم وقع فيما نهيت الناس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانه مني ، فمن شاء منكم أن فليتقدم ومن شاء فليتأخر ] ابن الجوزي 206
    ومن روعة ما قاله الخليفة الراشدي علي بن ابي طالب في هذا المعني كذلك قوله [ من نصب نفسه للناس اماما ، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالاجلال من معلم الناس ومهذبهم ]
    هكذا تـُهتك العصم وتحل النقم ؟

    قال الله تعالى في كتابه الكريم { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ] الصف 5

    إنه لمشهد مخيف ، يستوقف النفس البشرية من أن تزيغ وتنحرف ، لما يترتب على ذلك من تداع وانحدار ثم استغراق في عالم الزيغ وطريق الانحراف ..
    إنه لا إذاغة من الله من غير زيغ من النفس .. ليبقى الانسان مالكا لقراره ، مسؤولا عن تصرفاته ، محددا الطريق الذي يريد بمحض ارادته ومطلق اختياره ، وهو مناط التكليف ومعقد المسؤولية { ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها ]

    وبقدر ما يكون الزيغ والمكابرة والاصرار - بالرغم من المنبهات والمذكرات والمنذرات – تكون الإذاغة ، إذ هي نتيجة طبيعية لسوء الاختيار وسفه النفس وهبوطها واسفافها ؟
    إنه ظلم النفس للنفس ، أشارت اليه آيات بينات كثيرة ، منها قوله تعالى { وما الله يريد ظلما للعباد } غافر31 ومنها قوله تعالى { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها ] السجدة 22 وقوله { إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون } يونس 44
    من الطبيعي أن من يختار طريقا سيوغل فيه - باحثا ومنقبا ومستزيدا - فالذي يهوى العلم يقبل عليه بنهم ، ويرتقي في سلم درجاته الى النهاية . وكذلك شأن من ارتضى الزيغ والانحراف – فردا كان أم جماعة أم دولة وأمة - فانه سيصل الى منتهى الدركات ، بلا مكابح ولا حدود [ فكأنما خر من السماء ، فتخطفه الطير ، أو تهوي به الريح في مكان سحيق ] الحج 31
    الخطورة تكمن دائما في الزيغ الأول ، فان استساغته النفس ، الفته ، وطلبته ، واستسهلت ما بعده .. ولقد كان الامام الشهيد حسن البنا رضوان الله تعالى عليه ، يوصي من جاء ليودعه من الشباب المسلم المسافرين الى بلاد الاغتراب للدراسة او للعمل ، فيقول : احذروا السيجارة الاولى ، والكأس الأولى ، والمرأة الأولى ؟
    من هذه [ الأولى ] تكون بداية هتك العصم ، أعاذنا الله جميعا من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا ، وجنبنا الذنوب التي : تهتك العصم ، وتنزل النقم ، وتمنع النعم .
    كلنا يعلم أن من يرتكب الجريمة الأولى تهون عليه الثانية ، وتصبح الثالثة والرابعة عنده غير ذي بال ؟ وكلنا يدرك أن الجرعة الأولى من المخدر تفتح باب الادمان ؟
    من هنا كانت عناية الاسلام بالوقاية أكبر من عنايته بالمعالجة على قاعدة [ أن درهم وقاية خير من قنطار علاج ] كما كان تحذيره من الصغائر خشية الوقوع في الكبائر ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم [ اياكم ومحقرات الذنوب فانهن لا يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه] وفي الشعر :
    لاتحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
    طاعة ، وخشية ، وتقوى : شرط الفائزين ؟

    قال تعالى في كتابة الكريم وهو أصدق القائلين { ومن يطع الله ورسوله ، ويخش الله ، ويتقه ، فأولئك هم الفائزون }
    إنها للفتة قرآنية جامعة ، حددث للانسان طريق السعادة والفلاح في الدنيا ، وسبيل الفوز والنجاة في الآخرة .. من خلال محطات تكليفية ثلاث :
    أولها : طاعة الله تعالى ، وطاعة رسوله ..
    وتتجلى هذه الطاعة بانفاذ أمره ونهيه . فهو أمر بالطاعات والمكرمات ، كالصدق والاخلاص والأمانة والوفاء والعدل والصبر والطهر والبذل والانفاق .. وهو دعا الى الاحتكام الى شرعه والنزول عند حكمه والدعوة الى دينه والجهاد في سبيله . فقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم ، فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ، إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير لكم وأحسن تأويلا } النساء 59
    كما تتجلى الطاعة في شقها الثاني ووجهها المقابل بانفاذ نهيه – وهو الأهم – لكونه يتصادم مع أهواء النفوس ، ويتعاكس وحظوظها وشهواتها ، ولا اكتمال للطاعة الا بانفاذ الشقين معا . قال الماوردي رحمه الله في كتابه[ ادب الدنيا والدين ] : { ليس يخلوا حال الناس فيما أمروا به ونهوا عنه ، من فعل الطاعات واجتناب المعاصي ، من أربعة أحوال : 1- فمنهم من يستجيب الى فعل الطاعة ، ويكف عن ارتكاب المعاصي ، وهذا أكمل احوال أهل الدين ، وأفضل صفات المتقين فهذا يستحق جزاء العاملين وثواب المطيعين . 2- ومنهم من يمتنع عن فعل الطاعات ، ويقدم على ارتكاب المعاصي ، وهي أخبث أحوال المكلفين ، وشر صفات المتعبدين ، فهذا يستحق عذاب اللاهي عن فعل ما أ ُمر به من طاعته ، وعذاب المجتريء على ما أقدم عليه من معاصيه . 3- ومنهم من يستجيب ال فعل الطاعات ، ويقدم على ارتكاب المعاصي ، فهذا يستحق عذاب المجتريء ، لأنه تورط بغلبة الشهوة على الاقدام على المعصية ، وإن سلم من التقصير في فعل الطاعة }
    وثانيها : خشية الله تعالى . والخشية [ خوف يشوبه تعظيم] كما يقول الراغب ، وهي [ خوف مقرون بمعرفة ] كما يقول فيروز أبادي ]
    ومن آثار الخشية هذه في نفس المؤمن بكاؤه من خشية الله ، وسرعة توبته وإنابته الى الله ، وعدم اصراره إتيان ما يسخطه عزوجل . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول { عينان لا تمسهما النار : 1- عين بكت من خشية الله 2- وعين باتت تحرس في سبيل الله } رواه الترمذي . وقال الحسن البصري : { المؤمن من خشي الله بالغيب ، ورغب فيما رغب الله منه ، وزهد فيما اسـخط اللـه } الدر المنثور للسيوطي
    والى مجمل هذه المعاني كانت اشارة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال { لا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم ، وأعتزل عدوك ، واحذر صديقك الا الامين ، ولا أمين الا من خشي الله ، وتخشع في القبور ، وذِ ل عند الطاعة ، واستعصم عند المعصية ، واستشر الذين يخشون الله }
    وثالثها : تقوى الله تعالى ، وهي أرقى الكمالات ، وأصحابها في اعلى المقامات مصداقا لقوله تعالى { إن المتقين في جنات ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ]
    وفي بيان معنى التقوى أشار" الراغب " بقوله { التقوى في تـعاريف الـشـرع : حفظ النفس عما يؤثم ، وذلك بترك المحظور ، ويتم ذلك بترك بعض المباحات } وقيل : { هي المحافظة على آداب الشريعة ، ومجانبة كل ما يبعد المرء عن الله تعالى } وقيل { هي ترك حظوظ النفس ومباينة الهوى }
    أما عطاءات الله تعالى للمتقين فقد حكتها واشارت اليها العشرات من الآيات القرآنية : كالعون والنصر والفرج والخروج من المحن والرزق والتوفيق والعصمة والمغفرة وعلو الدرجات ، ومنها المقام الأمين الذي وعد به المتقون .
    جعلنا الله من المتقين ، والهمنا سلوك دروب الصالحين ، وحشرنا مع صفوة خلقه وحسن اولئك رفيقا ، والحمد لله رب العالمين .
    مسيرة الهدى تبدأ بخطوة

    قال الله تعالى وهو أصدق القائلين : { ويزيدُ اللهُ الذين اهتدوا هدىً ، والباقياتُ الصالحاتُ خيرٌ عند ربك ثوابا وخيرٌ مرداً } مريم 76

    تـلفتنا هذه الآية الكريمة الى حقيقة هامة قد نكون عنها غافلين ، وهي أن الهداية مبدؤها ومنطلقها الهدى ، وأنه لاهداية من الله دونما هدى من النفس ؟ وأنها ـ أي الهداية ـ تزيد وتنقص ، وتتقدم وتتراجع ، بحسب ما يرافقها ويتفاعل معها من عوامل القوة والضعف . ولقد لفت رسول الله صلى الله عليه وسلم الى هذا حيث حض على تــجديد الهداية والايمان ، فقــال : { جددوا ايمانكم ..} قيل : يارسول وكيف نجدد ايماننا ؟ قال : {اكثروا من قول لا إله الا الله } رواه أحمد
    فكما ان تحقيق الربح المادي يحتاج الى تجارة ، وكما أن التجارة تتطلب دربة ودراية وشطارة ، والى اقدام ومغامرة ، كذلك الربح الايماني والهدى الرباني ، فانهما يحتاجان الى خطوة اولى ومبادرة ، والى رصيد يوضع في الحساب ، وبعدها تتابع الخطوات وتتلاحق المكتسبات وتنمو الهداية بعون الله تعالى ، والى ذلك جاءت اشارته تعالى { ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ]
    إنه لابد من رأسمال يوضع بين يدي كل عمل .. فالاجتهاد في العلم هو رأسمال المتعلم كي ينجح .. وتعهد الزروع بما تحتاجه من بذور واسمدة وسقاية هو رأسمال المزارع كي يجني ويربح .وهكذا في كل شأن من شؤون الحياة ، فانه لابد من مبادرة وخطوة اولى على الطريق ؟
    لقد أدرك سلفنا الصالح هذه المعادلة ، فأقبلوا على الله فأقبل عليهم .. تقربوا اليه فتقرب منهم .. أحبوه فأحبهم .. حفظوه فحفظهم .. نصروه فنصرهم ..
    ومن خلال هذا البعد الايماني تشكلت لدى الأولين من الصالحين قاعدة ربحية تصاعدية ، تتناغم فيها وتـنمو النعم والشكر .. فمن أحدث الله له نعمة أحدث له شكرا .. فان أحدث لله شكرا زاده الله نعما .. فزاده شكرا فغمره بنعمه ، وعمه بفضله ، وهو القائل سبحانه [ لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ]
    فمن طمع في الارتقاء أخذ بأسبابه ، وأول اسبابه الارادة والتصميم ، ثم المبادرة والمصابرة وصدق الشاعر حيث يقول :
    ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
    إن بلوغ درجة الولاية مبدؤه : الولاء لله تعالى ، وموالاته ، واستباق الخيرات ، وترك المنكرات ، واهتبال الفرص واقتناص السوانح وتصيد المناسبات والنفحات ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ألا إن لله تعالى في ارضه لنفحات ، الا فتعرضوا لها ]
    نسوا الله فأنساهم أنفسهم
    الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الانسان مالم يعلم ..
    الحمد لله ، خلق الانسان علمه البيان ..
    والصلاة والسلام على سيد الأنام محمد وعلى أله وصحبه ، ومن دعا بدعوته ، وسار على طريقته ، واتبع سنته الى يوم الدين .. وبعد :
    فيقول الله تعالى : { لاتكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم } صدق الله العظيم ..
    إنه التحذير الرباني المخيف للانسان من عاقبة نسيان الله تعالى .. فنسيان الله عزوجل يعني نسيان كل شيء سواه ، لأنه نسيان الأهم والأكبر والأعظم ، ومؤداه الطبيعي والحتمي نسيان الأصغر ، وكما أن نسيان الخالق يعني نسيان المخلوق ، فإن نسيان الله تعالى يعني نسيان النفس التي خلقها الله ، ولا يكون حفظها إلا بحفظ الله تعالى ، مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام :{ إحفظ الله يحفظك ، إحفظ الله تجده تجاهك .. الحديث }
    ومن علائم نسيان العبد لله أن تتبعه الغفلة عن ذكره ومخالفة أمره ، وأن يتملكه الهوى .. وهوكلما أمعن في النسيان هوى في لجج الضلال والظلام ، حتى لايكاد يرى معلماً من معالم الهدى ، أو يميز بين الخبيث والطيب ، فينسى نفسه ، ويتخلى عن تعهدها بما يلزمها طريق الرشاد ، ويدرأ عنها الغي والفساد ، فتصبح لعبة بيد ابليس يعبث بها كيف ما شاء ؟ وصدق الله تعالى حيث يقول { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ، ونحشره يوم القيامة أعمى ، قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا ، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تـُـنسى ، وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى }
    إن معرفة الله تعالى ، والاطمئنان بذكره ، ودوام شكره ، والشعور بقربه ، مدعاة لاتباع أمره ، والتزام دربه ، مما يمسك النفس عن الضلال ، ويقيها غوائل الزيغ ، طالما أنها موصولة بمن برأها وخلقها وسواها ، والى ذلك كانت اللفتة النبوية مضيئة ومحكمة في قوله صلى الله عليه وسلم : { يا ابن آدم ، أطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شي ، وإن فـُتـُـك فاتك كل شيء ، وأنا أقرب اليك من كل شيء }
    فنسأل الله تعالى دوام ذكره ، وعظيم شكره ..
    ربنا هب لنا قلبا ً ذاكرا ً ، ولسانا ً شاكرا ً ، وبـَـدَ نا ً على البلاء صابرا . ربنا وتقبل دعاء

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    13 - 4 - 2010
    ساكن في
    القاهره
    العمر
    48
    المشاركات
    32,835
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي

    اسأل
    مالك الملك
    الذي يهب ملكه لمن
    يشاء
    أن يغمركِ بنعيم الإيمان
    وعافية الأبدان
    ورضا الرحمن وبركات
    الإحسان
    وأن يسكنكِ أعلى الجنان
    أسأل الذي سجدت له الجباة
    وتغنت بإسمة الشفاة
    وتجلى سبحانة في علاة
    وأجاب
    في هذا اليوم من دعاة أن يعطي قلبك
    مايتمناه
    ويغفر ذنبك
    وماوالاة
    ويمنحك ووالديكِ الجنة
    ورضاة
    ويبارك بيومكِ هذا
    وماتلاة
    مِسآحآت من آلشكر لحروفك هنآ ..
    بآرك الله فيك ..
    رفع الله شآنك في الآرْض وآلسمآءْ
    وآبعد عنكِ آلبلآء وآسكنكِ فسيح آلجنآنْ ،،


 

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 22 - 3 - 2012, 10:44 PM
  2. جميع حلقات المسلسل الكوميدى( بيت العيله)...........؟
    بواسطة المبدع في المنتدى مسرحيات و مسلسلات برامج التوك شو
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 20 - 9 - 2011, 04:33 PM
  3. حقك عليا .. حقك علي قلبي .. حقك علي عيني .....!!؟؟!
    بواسطة xXx SHaDY xXx في المنتدى كلام في الحب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 4 - 4 - 2009, 04:28 AM
  4. مراهقة الرجال بعد سن الأربعين ؟؟
    بواسطة همسة ولاء في المنتدى شباب كوول
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15 - 11 - 2008, 10:13 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©