شافعيات
** كان عالما متواضعا وقال :
كلما أدبي الدهر أر أني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي
** مما كتبه في حب الإمام أبوحنيفة :
لقد زان البلاد ومن عليها إمام المسلمين أبو حنيفة
بآثار وفقه مع حديث كآيات الزبور على صحيفة
فما بالمشرقي له نظير ولا بالمغربين ولا بكوفة
فرحمة ربنا أبدا عليه مدى الأيام ما قرأت صحيفة
** وفي تعامله مع السفهاء قال :
يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا
** كان شديد التواضع وقال :
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة
وردا عليه قال الإمام أحمد بن حنبل في أبيات حكيمة وطريفة :
تحب الصالحين وأنت منهم
ومنكم سوف يلقون الشفاعة
وتكره من تجارتهم معاصي
وقاك الله من شر البضاعة
** كان لا يحب الثرثرة ويفضل الصمت وقال :
وجدت سكوتي متجرا فلزمته إذا لم أجد ربحا فلست بخاسر
وما الصمت إلا في الرجال متاجر وتاجر يعلو على كل تاجر
** يتضح من كلمات الشافعي كم طعن من صديق وقد قال ذات يوم :
كن ساكنا في ذا الزمان بسيئره وعن الورى كن راهبا في ديره
واغسل يديك من الزمان وأهله واحذر مودتهم تنل من خيره
إني اطلعت فلم أجد لي صاحبا أصحبه في الدهر ولا في غيره
فتركت أسفلهم لكثرة شره وتركت أعلاهم لقلة خيره
** ومن أروع ما كتب دعاء لله يتذلل فيه للخالق ويبكي ذنوبه ويسأله رضاه ونستمتع بأبيات شافعية عطرة :
إليك إله الخلق أرفع رغبتي وإن كنت يا ذا المن والجود مجرما
ولما قسا قلبي وضاق مذاهبي جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منة وتكرما
فلولاك لم يصمد لإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك أدما
فياليت شعري هل أصير لجنة أهنا وأما للسعير فأندما
فلله در العارف الندب إنه تفيض لفرط الوجد أجفانه دما
يقيم إذا ما الليل مد ظلامه على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحا إذا ما كان في ذكر ربه وفيما سواه في الورى كان أعجما
ويذكر أياما مضت من شبابه وما كان فيها بالجهالة أجرما
فصار قرين الهم طول نهاره أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي كفى بك للراجين سؤلا ومغنما
ألست الذي غذيتني وهديتني ولا زلت منانا على ومنعما
عسى من له الإحسان يغفر زلتي ويستر أوزاري وما قد تقدما
تعاظمني ذنبي فأقبلت خاشعا ولولا الرضا ما كنت يارب منعما
فإن تعف عني تعف عن متمرد ظلوم غشوم لا يزايل مأتما
فإنت تنتقم مني فلست بأيس ولو أدخلوا نفسي بجرم جهنما
فجرمي عظيم من قديم وحادث وعفوك يأتي العبد أعلى وأجسما
حوالي فضل الله من كل جانب ونور من الرحمن يفترش السما
وفي القلب إشراق المحب بوصله إذا قارب البشرى وجاز إلى الحمى
حوالي إيناس من الله وحده يطالعني في ظلمة القمر أنجما
أصون ودادي أن يدنسه الهوى وأحفظ عهد الحب أن يتلثما
ففي يقظتي شوق وفي غفوتي منى تلاحق خطوي نشوة وترنما