عَن أبي هُريرة رضي الله عنه قال : قامَ أَعرَابِيُّ فَبَالَ في المَسجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ( دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَولِهِ سَجلامِن مَاءٍ أَو ذَنُوبًا مِن مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثتُم مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبعَثُوا مُعَسِّرِينَ)
المعني العام والشرح
انتشر الإسلام في البدو والحضر وسطع نوره في طرق المدينة وشعاب الصحاري وغزا شغاف القلوب الهينة اللينة والقلوب القاسية الجافة
كان الأعراب خلف أغنامهم يسمعون بهِ فيؤمنون ثم ينتهزون فرصة قربهم من المدينة فينزلون إليها ويقصدون مسجدها لينعموا برؤية رسول الله صلوات الله عليه وتسليمه ومشافهته
ومن هؤلاء الأعراب الجفاة ذو الخويصرة اليماني دخل المسجد النبوي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فسلم ثم صلى ثم قال بصوت جهوري : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لقد حجرت واسعاً بل قل : اللهم ارحمني ومحمداً والمسلمين
ثم قام ذو الخويصرة فانتحى ناحية من المسجد وفي زاوية من زواياه وقف يبول ورآه الصحابة فثارت ثائرتهم وصاحوا : مه. مه. اكفف. اكفف. به. به. توقف. توقف ، وثاروا عليه واتجهوا نحوه يزجرونه ويردعونه فناداهم رسول الرحمة قائلاً: تعالوا دعوه دعوه لا تقطعوا عليه بوله دعوه فليكمل إنه جاهل بالحكم إنه لايقصد إساءة للمسجد إنه يظن أن المكان الذي هو فيه كبقية أماكن الصحراء إنه يظن أنه متى بعد عن الناس تبول كيف شاء قدروا ظروف الرجل فقد بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين يسروا ولا تعسروا وتحملوا أخف الضررين تنجس المكان وانتهى الأمر وقطعكم لبوله سيحدث بهِ ضرراً وسيلوث بدنه وثوبه وأماكن أخرى من المسجد
قالوا: فما العمل يارسول الله ؟
فقال ائتوني بدلو كبير مملوء ماء فجاءوا به فقال : صبوه على مكان بوله شيئاً فشيئاً تطهر الأرض
ثم دعا الرجل وبغاية الرفق ومنتهى اللين قال له : إن هذه المساجد لا يليق بها البول والقذر فقد خصصت لذكر الله والصلاة
قال:أحسنت يارسول الله،وجزاك الله خيراً بأبي أنت وأمي،لن أعود لمثله
والمقصود ب ( هريقوا) أي صبوا على مكان بوله
والسجل بفتح السين وسكون الجيم هو الدلو العظيمة والذنوب بفتح الذال وضم النون هو الدلو المملوءة ماء ولا يقال على الدلو الفارغة ذنوب