عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما كان يقول : ( كان الْمُسلمُونَ حين قَدِمُوا الْمَدينَةَ يَجتَمِعُونَ فَيَتَحَـيَّـنُونَ الصَّلاةَ ليس يُنَادَى لها , فَتَكَلَّمُوا يَوْماً في ذلك , فقال بَعْضُهُمْ : اتَّخِذُوا نَاقُوساً مِثلَ ناقُوسِ النَّصَارَى , وقال بَعْضُهُمْ : بَلْ بُوقاً مِثْلَ قَرْنِ اليهُودِ , فقال عُمَرُ : أَولا تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِي بالصَّلاةِ ؟ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : يا بلالُ قُمْ فَنَادِ بالصَّلاةِ )
المعنى العام والشرح
كان المسلمون بمكة قليلي العدد يستخفون كثيراً في صلاتهم ولا يكادون يجتمعون وإذا اجتمعوا ترقبوا دخول الوقت وتحينوا حينه وزمنه ثم قاموا إلى الصلاة دون أذان أو إقامة
فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني المسجد النبوي وكثر المسلمون ولم يعودوا يخشون الجهر بالعبادة استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في وسيلة يجمع بها الناس للصلاة
فقال بعضهم: نرفع راية فإذا رآها المسلمون علموا أنه قد حان الوقت للصلاة فجاءوا ولم يقبل هذا الإقتراح لأن الراية لايراها إلا قلة من المسلمين ثم إنها لا ترى بالليل فلا تنفع للإعلان بالعشاء والفجر
قال بعضهم نوقد ناراً عند حلول وقت الصلاة
قال صلى الله عليه وسلم : إن رفع النار من فعل المجوس ولانحب أن نتشبه بهم
قال بعضهم نتخذ قرناً وبوقاً ننفخ فيه فيرتفع الصوت فيسمعه من يريد الصلاة
قال صلى الله عليه وسلم : اتخاذ البوق من فعل اليهود فلا نتشبه بهم
قال بعضهم نتخذ ناقوساً
قال صلى الله عليه وسلم : اتخاذ الناقوس من فعل النصارى
سكت صلى الله عليه وسلم قليلاً يفكر أليس النصارى أقرب الناس مودة للذين آمنوا؟
أليست المشابهة في عمل من أعمالهم أقل خطراً على المسلمين من مشابهة غيرهم؟
لِما لا نتخذ ناقوساً حتى يأتي أمر الله ؟
فأمر صلى الله عليه وسلم بصنع ناقوس
قال عمر لِما لا نبعث الآن رجلاً عالي الصوت إلى مكان مرتفع أو إلى باب المسجد فينادي بالصلاة؟ يجمع الناس لها ورضى رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي عمر فقال : يابلال قم ونادِ بالصلاة فقام بلال فنادى : الصلاة جامعة
وانصرف المسلمون إلى بيوتهم تلك الليلة وهم مشغولون بما دار من حديث ومنهم عبد الله بن زيد قال :انصرفت وأنا مهتم لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت في منامي وأنا بين النائم واليقظان رجلاً يحمل ناقوساً في يده
فقلت : ياعبد الله أتبيع الناقوس؟
فقال : وما تصنع بهِ ؟
فقلت : ندعو بهِ إلى الصلاة
قال : أفلا أدلك على ماهو خير من ذلك ؟
فقلت له : بلى
فقال : تقول
الله أكبر ، الله أكبر
الله أكبر ، الله أكبر
أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن لا إله إلا الله
أشهد أن محمداً رسول الله
أشهد أن محمداً رسول الله
حي على الصلاة ، حي على الصلاة
حي على الفلاح ، حي على الفلاح
الله أكبر ، الله أكبر
لا إله إلا الله
فلما أصبح عبد الله بن زيد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى وكان الوحي قد نزل بالأذان فقال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد : إنها لرؤيا حق قم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فيؤذن بهِ فإنه أندى منك صوتاً وسمع عمر الأذان وكان قد رأى في منامه ما رأى عبد الله بن زيد فخرج يجري يجر رداءه فقال يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل هذا
( كان المسلمون حين قدموا المدينة):مهاجرين من مكة
(فيتحينون الصلاة): أي يقدرون أحيانها ليأتوا إليها والحين الوقت والزمن
(اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى) : كان ناقوس النصارى أولاً خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها فتحدث صوتاً ثم صاروا إلى الناقوس المعروف اليوم في الكنائس والمدارس
(بل بوقاً مثل قرن اليهود): البوق والقرن اسطوانة واسعة من الطرف البعيد ضيقة من الطرف الذي ينفخ فيه تضخم الصوت وترفعه ويقال له : الصور ، و الشابور
(أولا تبعثون رجلا) : أي أتقتدون بالنصارى واليهود ولا تبعثون رجلاً؟
(ينادي بالصلاة) : أي الإعلام بالصلاة بأي لفظ لا بلفظ الأذان
(قم فنادِ بالصلاة) : المراد الإعلام المحض والمراد من <<قم>> قيل الوقوف ، وقيل الذهاب إلى البعد