لاول مرة ومنذ زمن بعيد استيقضت قبل صوت المنبه واذابي لم انزعج كان حتى يوم امس حين يرن .. ينتابني شعور صاخب حيث يتوقف كل شئ ويمتزج ظلام الغرفة بضياء الصباح المخترق من ستائر النافذة
فيقذفني هذا الصوت خارج فراشي
محاولة اسكات هذا الشئ الذي اعتادت امي ان تضعه بعيدا عن يدي .
اخذت حقيبتي المدرسية بعد ان تناولت الافطار وكان مميزا هذه المرة بل ان
كل شئ احسه مميز هذا الصباح.
كانت صديقتي تنتظرني بالباب كالعادة – ونحن ذاهبتان الى المدرسة – لاول
مرة انتبه الى صوت العصافير وهي تزقزق على شجرة تناثرت اطرافها وتدلت
اغصانهاعلى جدار بيت جارتنا العجوز الوحيدة والتي اعتادت ان تقف في باب
دارها كل صباح تنظر الينا ونحن نذهب الى المدرسة .
كنت اخاف منها كثيرا ولم اسلم عليها ابدا ولكن اليوم ابتسمت في وجهي وقالت
صباح الخير ايتها الحورية الجميلة.
تقدمنا في المسيربأتجاهالمدرسة – وصلنا الى الشارع العام وانا وصديقتي
نتهامس في مواضيع المذاكرة لهذا اليوم ولم تزعجنا اصوات السيارات المارة
مثل كل مرة بل كأنها لم تصل الى مسامعي ..
في هذه الاثناء وفجأة حدث دوي كبير – ترآى لي مشهد المنبه في كل صباح
وتركز في نظري شئ طائر اسود يتجه نحوي – وصوت المنبه لا زال يرن
في اذني وهذا الشئ يقترب بسرعة هائلة ويدي لا تصل الى المنبه لاسكاته
والاصوات الصاخبة تعلو اكثر واكثر وصوت المنبه يعلو معها – ونظري
لازال متسمرا صوب ذلك الشئ الاسود المتجه نحوي .
وفجئة سكت كل شئ
المنبه – الصخب – اصوات السيارات – لحظة هدوء لم اشهد لها مثيل
واذا بي اجد نفسي اسقط ببطئ في ظلام تزداد كثافته شئ فشئ حتى
وصلت الى عتمة شديدة ورهيبة – سمعت بعدها صرخات عالية وكثيرة
وكلام لم افهمه يتردد بتكرار – ايضا لم افهمه.
ثم اشرق نور جميل وكأنه اشراقة شمس مفاجئ في منتضف الليل
استيقضت - - وجدت نفسي ممدة على الارض والى جانبي صديقتي
جالسة تصرخ وتبكي وتستغيث وكان قميصها الابيض قد تلطخ بالدم
فحملها رجل بسرعة واخذها بعيدا
ثم نظرت حولي فـأذا بالناس تحيط بي من كل جانب –
نهضت ووقفت على قدمي والناس من حولي – لازالوا في مكانهم
نظرت الى ما ينظرون واذا بي اجد نفسي ممددة على الارض وجسدي
غارق بدماء قد صبغت بلونها الاحمر كل ملابسي والارض من حولي
صوبت بنظري الى الشارع فوجدت دخان ونار تشتعل في سيارات
كثيرة والناس منشغلة بأطفائها
لكني سليمة !! هكذا اجد نفسي – اكثر اشراقا واكثر بهاءا وملابسي لم
يصلها شئ .
ولكن تلك الممددة على الارض والنائمة على دمائها هي انا ايضا - -
بل انا سليمة وواقفة مع الناس - - شئ كالحلم لم افهمه بعد .
كان بالجانب الاخر اطفالا ونساء وشيوخا وبنات وبنين - - يشع من
خلالهم نور بهي – يلوحون لي بأيديهم وينادونني بأسمي - -
اسعدني ذلك فذهبت اليهم بسرعة فأخذوني معهم وهم يرحبون مستبشرين
ويسبحمن بحمد الله ويهللون بعظمة الخالق البارئ المصور
كانت صورهم جميلة وطلعتهم بهية – وايضا وجدت نفسي اجمل وابهى
وانا اذهب معهم في طريق وكأني امشي ورجلي لم تطئ ارضا تدوسها بل
وكأني اطير كفراشة في حديقة خضراء رياضها غناء
وذا بي اسمع صوت امي تصرخ آلمني صريخها فالتفت خلفي فوجدتها
تفترش الارض قرب جسدي الممدد هناك وتصرخ بأسمي
حاولت ان اذهب اليها لاقول لها انا هنا انا سليمة ها انا ذا لكنهم منعوني
فذهبت معهم في نورهم وبهائهم ولكن ظل بي شئ من الحزن على امي