قهوتنا على الانترنت
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. افتراضي نوافل المقربين [متجدد]

    1. عبادة المقربين
    2. قال حبيبى وقرة عينى وإنشراح صدرى فى الحديث الجامع المانع الذى يتكون من ثلاث كلمات فقط قدرها فوق موازين الجبال {كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقة}[1] تعالوْ معى ننظر إلى حكمة هذا النبى الأُمى الذى جعله مولاه معجزة للعلماء والمتعلمين من بدء الدنيا إلى يوم الدين؛ تلا على أصحابه - وهو يعلم مقدار شغفهم بحب الله ومبلغ تعلقهم بالقرب من حضرة الله - خطاب الله فى الحديث القدسى الذى يبين فيه الله الطريق المستقيم السوى لكل تقى يريد أن ينال محبة الله جلَّ فى علاه هذا الخطاب يقول فيه الله لأولى الألباب{ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأعْطِيَنَّهُ وَإِنِ اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ}[2] سمع الأصحاب هذا الخطاب - وهم كما ذكرت يريدون أن ينالوا محبة العلىّ الوهاب فسارعوا فى نوافل العبادات منهم من سارع فى قيام الليل، ومنهم من ابتدر صيام الأيام المتتالية من النهار ومنهم من واصل تلاوة القرآن ليل نهار حتى كان بعضهم يختمه فى ثلاث وبعضهم يختمه فى كل يوم وليلة مرة وبعضهم سارع فى الأذكار فنظر النبى بعين بصيرته النورانية الربانية ورأى أن عملهم هذا دعوة إلى الرهبانية وليست هذه هى الدعوة الإسلامية فى حقيقتها فلفت أنظارهم ووجَّه أبصارهم وقال لهم فيما روته كتب السنة {لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُل يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ ؟فَقَالَ: إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُمِيطُ الأَذَىٰ عَنِ الطَّرِيقِ وَتُسْمِعُ الأَصَمَّ وَتَهْدِي الأَعْمَىٰ، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَىٰ بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ فَهَذَا كُلـُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ وَتَبَسـُّمَكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ وَإمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشـَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النـَّاسِ صَدَقَةٌ، وَهَدْيُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضـَّالَّة صَدَقَةٌ}[3] فعدَّد أبواب العبادات للمؤمنين بل جعل كل أعمال المؤمنين إن كان لأنفسهم أو كان لغيرهم إذا سبقتها نيَّة طيِّبة لله فهى عبادة يتقرب بها المرء إلى مولاه حتى من خرج فى كل صباح يسعى ليُحصِّل قوته وقوت أولاده يقول فيه صلوات ربى وتسليماته عليه {أَيُّمَا رَجُلٍ كَسَبَ مالاً مِن حلالٍ فأَطْعَمَ نفسَهُ أو كَسَاهَا فمَنْ دونَه مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، فإنَّ لَهُ بها زكاةً}[4] وقال فى حديث آخر{إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ}[5] فنفقته على نفسه صدقة وكذا على أهله وهى واجبة عليه لا مفر ولكنه إذا إحتسبها عند الله وأداها بنفس طيبة كانت صدقة إذا رفع الأذى من طريق المسلمين فتلكمُ عبادة وإذا أرشد ضالاً ولو إلى أين الطريق أى لو كان يريد أن يصل إلى عنوان ولا يعلم الشارع الموصِّل إليه فأرشده فهذا له عبادة وإذا قاد أعمى واسمع للأجر يقول فيه {مَن قادَ أعمىً أربعينَ خَطوةً وَجَبَتْ لَهُ الجنَّةُ}[6] بل أوجب على المسلم أن يتعلَّم اللغات وتكون له عبادات فقال{إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُؤْجَرُ فِي هِدَايَتِهِ السَّبِيلَ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِلِسَانِهِ عَنِ الأَعْجَمِي}[7] من ترجم الكلام من العربية – والعكس- لأى لغة أعجمية (أى أجنبية بلغتنا اليوم) كانت هذه الترجمة له صدقة فما بالك لو علَّمه العربية لغة كتاب الله جلَّ فى علاه بل زاد النبى فى الأُلفة بين المسلمين فجعل حركاتك وكلماتك لإخوانك المسلمين عبادة وكلما نظرت فى وجه مؤمن فتبسمت فى وجهه {تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ}[8] وإذا لم تتبسم فلا تكشِّر فى وجهه أو تعبس عند لقائة، قال {إِنَّ الْعَبْدَ لَيُقَطبُ فِي وَجْهِ أَخِيهِ فَتَلْعَنُهُ الْمَلاَئِكَةُ}[9] فإذا كلمته بكلمة طيبة عندما تلقاه أو تراه فانظر للأجر{ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ}[10] فإذا زدت قليلاً ومدَّدت يدك لتصافحه يقول {إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ اخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتـَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبَهُمَا كَمَا يَتَحَاتُّ الوَرَقُ عَنِ الشـَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِيْ يَوْمِ رِيْحٍ عَاصِفٍ وَإِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوْبَهُمَا مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ}[11] فجعل أعظم العبادات وأكبر النوافل التى يتقرب بها العبد إلى رب البريات هى النوافل التى تتعلق بعباد الله المسلمين وأرجو أن تدققوا الفهم هنا ليست نوافل العبادات ولكنها النوافل التى تنفع المؤمنين والمؤمنات النوافل التى تصلح المجتمعات النوافل التى تيسر الأمور للفقراء والمساكين والبائسين هل اتضح الأمر ؟ مَن الذى يريد أن يكون مع رسول الله فى الجنة فى منزلته ودرجته؟ وما العمل الموصل إلى ذلك؟ ويقول لنا فى ذلك {السَّاعي على الأَرْمَلَةِ والمِسْكِينِ كالمُجَاهِدِ في سَبِيلِ الله أَوْ كَالَّذِي يَصْومُ الْنـَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ ويكون معي في الجنة}[12] أرأيتم هذه العبادة من يسعى على أرملة أو مسكين تكون أيامه كلها مكتوبة عند الله صياماً ولياليه كلها عند الله محتسبة قياماً ياألله بل ونهاره وليله كالمجاهد فى سبيل الله على الدوام هل هذا فقط ؟ لا بل ثم فى الآخرة يُرزق برفقة وصحبة النبى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام فى الجنة ماذا نريد بعد بل ويؤكد هذا المعنى مرة أخرى للنساء لمن تقف نفسها على أولادها فيقول {أنا وامْرَأَةٌ سَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ كهاتَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[13] وجمع بين أصبعيه السبابة والوسطى – أى لا تضع زينة على وجهها – امرأة تأيمت على أولادها ولم تتزوج لتربى أولادها فهى مع النبى فى الجنة ويضرب لأصحابه مثالاً عملياً فى ذلك فقد كانوا سائرين للجهاد فى سبيل الله فى إحدى الغزوات وكان بعض الجند صائمين وبعضهم مفطرين وكان من هديهم وحسن أدبهم ألا يعيب الصائم على المفطر ولا يرى أنه خير منه بصيامه ولا يعيب المفطر على الصائم ولا يرى أنه خير منه بعمله أوجهده ولكنهم كانوا ينظر كل رجل منهم إلى أخيه على أنه أفضل منه وكان يوماً شديد الحرارة ونزلوا بأرض وأمر النبى بإقامة معسكر الجيش فى هذا المكان فذهب الصائمون إلى ركن ركين بحجة أنهم صائمين ومرهقين وقعدوا واستظلوا وقام المفطرون بدقِّ الأوتاد ونصب الخيام وطهى الطعام واحضار الماء وكل ما يحتاج إليه المعسكر من خدمات فقال {ذَهبَ المُفْطِرونَ اليَوْمَ بالأَجْرِ}[14] لأنهم سعوا فى خدمة إخوانهم الَّذين سعوا فى خدمة أنفسهم فالنوافل نوافل البر والقربات منها ما تكون للإنسان فى نفسه وهى التى يقول الله عزَّ شأنه فيها {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} ومنها ما هو أغلى وأعلى وهى خير النوافل والقربات التى ترفع العبد عند مولاه هى التى فيها نفعٌ للمسلمين وفيها إصلاحٌ لأحوال المؤمنين وفيها رفعةٌ لشأن المجتمعات الإسلامية وإصلاحٌ لشئونها ولذلك قال الحبيب فيمن يسعى للصلح بين المسلمين {أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ }[15] الإصلاح بين المسلمين أعظم عند الله فى ميزان النوافل من قيام الليل ومن صيام النهار لماذا؟ لأن هذا العمل عملٌ يحتاجه مجتمع أهل الإيمان مجتمع الذين يقول فيهم النبى العدنان { تَرَىٰ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَىٰ عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَىٰ لَه سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىٰ}[16] وعن أبى هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {كلُّ سَلامى مِنَ النـَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قال: تَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَيْنِ صَدَقَةً، وتُعِينُ الرَّجُلَ عَلى دَابَّتِهِ تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا صَدَقَة وقال: الكَلمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وقال: كُلُّ خطوةٍ يَمْشيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الأذى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ }[17] ولأن دين الإسلام دين حياة فقد جعل الله بفضله ومَنِّه وجوده وكرمه كل أعمال الإنسان إذا سبقها نيَّةٌ صالحةٌ لحضرة الرحمن طاعةً عظمى للديان طاعةً لا تساويها نوافل العبادات ولا الشكليات التى يتمسك بها من ينتسبون للدين والصلاح فى هذا الزمان إن ديننا هو دين العمل الإجتماعى وهو دين التواصل بين المؤمنين ودين المودة والتعاطف بين الموحدين دين يُدخل الرجل الجنة بشهادة المؤمنين له كيف؟ ورد فى الحديث الشريف أنه{مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرَاً. فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ، وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا. فَقَالَ: نَبِيُّ اللَّهِ : وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَالَ عُمَرُ: فِدَى لَكَ أَبي وأُمّي مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًّا فَقُلْتُ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ. ومُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقُلْتُ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ أُثْنِيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْراً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنـَّةُ وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النـَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الاٌّرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الاٌّرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الاٌّرْضِ} [18] إذا شهدنا لرجل بخير دخل الجنة فمَن الذى نشهد له يا رسول الله؟ قال {إِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإِيْمَانِ}[19] وفى رواية { فاشهدوا له بالصلاح} وقوله "يعتاد المسجد" أى يواظب على الصلاة بالمسجد فإذا شهدنا له فإن الله يوم العرض والحساب يُحضر ملفات أعماله وقد تكون كلها أو بها قبائح لا تعدُّ ولا تحدُّ فيُحضر الله الشهود الذين شهدوا له بالإيمان ويُطلعهم على عمله وملفه فيسألهم سبحانه وهو أعلم بهم: لِمَ تشهدون لعبدى وهذا عمله؟ فيقولون كما جاء بالخبر: يارب أنت الذى علَّمتنا ذلك فيقول ربُّ العزة وأين ذلك؟ فيقولون: قلت لنا فى القرآن {وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} شهدنا لأننا رأيناه يدخل المسجد ولم تأمرنا أن ننقِّب عن القلوب أو نفتِّش على الأحوال أو نَطَّلع فى صحائف الأعمال لأن ذلك أمر خاص بالواحد المتعال ولذلك حذَّر النبى من كل مَن يصف المسلم بوصف غير تقى كأن يقول: أنت منافق أو يامنافق أو يقول عنه فى غيبته إنه منافق أو يقول له: أنت نصرانى أو أنت يهودى أو كما استسهل الناس فى زماننا بقول "ياكافر أو هو كافر" سواء فى حضوره أو فى غيبته، قال فيه {إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا إِنْ كَانَ الَّذِي قِيلَ لَهُ كَافِرَاً فَهُوَ كَافِرٌ وَإِلاَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْ قَالَ }[20] يصيب نفسه بهذا السب وهذا الشتم وهذا اللعن الذى خصَّ به أخاه لأنه لا يطَّلع على القلوب إلا حضرة الله جلَّ فى علاه ولا يليق بمسلم مهما كان شأنه أن يصف مؤمناً بالنفاق أو يصف مؤمناً بغير ما وصفه به الله من الإسلام والإيمان وإنما الأمر كما علَّمنا النبى العدنان صلوات ربى وتسليماته عليه {إِني لَمْ أُؤْمَرْ أَنْ أُنَقـِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشـُقَّ بُطُونَهُمْ}[21] لم يأمرنا أن نفتِّش على السرائر أو ننقِّب فى الضمائر وإنما أمرنا أن نحكم على الناس بحسب الظاهر ونشهد لهم بحسب الظاهر فإذا شهد المؤمنون لرجل بالإيمان وجبت له الجنة بل إنه قال فى الحديث الآخر والذى يفتح باب عموم فعل الخير على مصراعيه {إِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مِنْهُ شَرَّاً وَيَقُولُ النـَّاسُ خَيْراً قالَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلاَئِكَتِهِ قَد قَبِلْتُ شَهَادَةَ عِبَادَي عَلى عَبْدِي وَغَفَرْتُ لَهُ عِلْمِي فِيهِ}[22] فيدخل العبد الجنة بشهادة المؤمنين والمؤمنات أو الناس أو جيرانه كما ورد فى الأحاديث الصحيحة ولذا أمر الله المؤمنين أن يتعارفوا وأن يتآلفوا وأن يتكاتفوا وأن تكون بينهم صلات وقربات على كتاب الله وعلى سُنة رسول الله وعلى منهج أصحاب رسول الله أجمعين وها نحن نصلى فى مساجدنا ببلادنا لكن جُلُّنا أو معظمنا لا يعرف الآخر لماذا ؟ لماذا ياإخوانى؟ مع أننا أخوة فى الإيمان؟ وقد قال الحبيب {إِذَا آخَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَسْأَلْهُ عَنْ اسْمِهِ وَاسْم أَبِيِه وَمِمَّنْ هُوَ؟ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ لِلْمَوَدَّةِ }[23] ما دمنا فى محلة واحدة ونجتمع فى بيت الله لابد أن ننفذ قول الله {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}لابد أن نتعارف قد يكون حجة البعض لِمَ أتعارف وأنا عندى سكنى وعندى أموالى وعندى ما أحتاج إليه ولا أحتاج إلى أحد إن لم تحتج إليه فى الدنيا فأنت فى أمَّس الحاجة إليه فى الدار الآخرة ولو كان فقيراً مسكيناً تحتاج إلى شهادته لتدخل الجنة ربما تحتاج إلى شفاعته ولذلك قال الحبيب فى صحيح سُنته {اسْتَكْثِرُوا مِنَ الإخْوَانِ فَإنَّ لِكُل مُؤْمِنٍ شَفَاعَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ }[24]ربما تحتاج إلى أخيك فى شفاعة يوم القيامة فإن للعالِم سبعين شفاعة يشفعها فى سبعين رجلاً كلهم قد استوجب النار وكل مؤمن له شفاعة وكذا وكذا من أنواع الشفاعات والمكرمات بل إن من إكرام الله لنا جماعة المؤمنين أنه ربما أتعرف على رجل ذو وجاهة ومنزلة عند الله وأنا بعملى القاصر لا أبلغ منزلته ولكنى تعرفت عليه وتآخيت معه فى بيت الله وكما نعلم كلنا أنه من ضمن السبعة الذين يُظلُّهم الله بظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه "رجلان تآخيا فى الله اجتمعا على الله وافترقا عليه" فعند القيامة وكما ورد بالخبر{قيل: إن أحد الأخوين في الله تعالى يقال له: ادخل الجنة فيسأل عن منزل أخيه فإن كان دونه لم يدخل الجنة حتى يعطى أخوه مثل منزله فإن قيل له: لم يكن يعمل مثل عملك فيقول: إني كنت أعمل لي وله فيعطى جميع ما يسأل لأخيه ويرفع أخوه إلى درجته}[25] وكنت أعمل لى وله أى خذ عملى وأجرى واقسمه بينى وبينه ولذلك قال صاحب الإحياء مؤكداً هذا المعنى ومحببا فى التآخى فى الله {ويقالُ إنَّ الأخوين في الله إذا كانَ أحدُهمَا أعلَى مَقَامَاً منَ الآخر رُفِعَ الآخرُ معهُ إلى مقامه وإنه يلتحق به كما تلتحق الذرية بالأبوين والأهل بعضهم ببعض لأن الأخوة إذا اكتسبت في الله لم تكن دون أخوة الولادة قال تعالى[ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شيءٍ}[26] وفى الخبر{ماتحَابَّ اثنَان فى الله إلا رَفَعَ اللهُ أقَلـَّهٌمَا مقَاماً إلى مَقَام صَاحِبِهِ وَ إنْ كَانَ دُونَهُ فى الْعَمَل} لأن أُخوة الإسلام هى الرابطة التى حرص عليها المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام وهى التى حلَّت مشاكل المسلمين عندما هاجر الفقراء المهاجرون إلى الأنصار أصحاب المدينة الأفضل حالاً أو الموثرين فحُلت مشاكلهم بالأُخُوة بينهم بفعل سيد الأولين والآخرين ونحن كذلك لن تُحلَّ مشاكلنا إلا إذا تآخينا فيما بيننا وتواصلنا فى بيت ربنا وفى شوارعنا ومع جيراننا ومع سكان شوارعنا ووضعنا أيدينا فى أيدى بعض وقد قال الحبيب {لاَ يَزَالُ اللَّهُ فِي حَاجَةِ العَبْدِ مَا دَامَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ}[27] وأجاب النبى السائل له: أى الأعمال أفضل؟ فقال له {إِدخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ أَوْ سَتَرْتَ عَوْرَتَهُ أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَتَهُ}[28] وروى عن حضرته{إِنَّ أَحَبَّ أَلاعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تعَالَى بَعْدَ الفَرَائِضِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى المُسْلِمِ}[29]
    3. [1] أخرجه البخارى عن جابر ومسلم عن حذيفة
    التعديل الأخير تم بواسطة رجب السيد ; 1 - 5 - 2012 الساعة 03:53 PM

  2. افتراضي

    قضاء حوائج الناس
    الباب الثاني فى العبادات الخاصة الذي كان يقصده الخواص من أصحاب رسول الله هو قضاء حوائج المؤمنين والسعى فى مصالح المسلمين ابتغاء وجه الله والناس فى هذا الزمان لا تعتبر هذا العمل عبادة وإنما تعتبره خدمة مقابل خدمة أو رشوة مقابل آداء الخدمة وهذا هو الذي صَعَّب حياة المسلمين وجعلها حياة مملوءةً بالمشقة والتعب والعناء أما سيدنا رسول الله فقد علم الرعيل الأول السعى فى هذا العمل منهم سيدنا أبو بكر الصديق الذي كان يمشي فى طرقات المدينة ليتحسس أحوال المسلمين ويبحث عن المسكين الذي لا عائل له ولا أنيس له ولا مصدر دخل له ليقوم به ويمده طلباً لمرضاة الله وكم فى الأمة من مسكين ليس له ناصر ولا معين ولا عائل ولا دخل وانشغل المسلمين بأمورهم الشخصية وشهواتهم البطنية عن هذه الأحاسيس الإيمانية التى نبه عليها خير البرية بقوله {لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَاناً وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ}[1] وقد يبيت المرء فى الصلاة أو فى قراءة القرآن لكن جاره جوعاناً ولا يملك شيئاً فهل تجزئ هذه الصلاة؟ هل تنفعه هذه الطاعة عند الله وتمنعه من المسائلة يوم لقاء الله ذلك مع قول الله فى حديثه القدسي يوم القيامة {يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ:أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ:يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ:أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذٰلِكَ عِنْدِي؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ:اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذٰلِكَ عِنْدِي}[2] ماذا يقول؟ هل يقول: كنت أصلي؟لمَ لا تتحسس أحوال إخوانك المسلمين؟وقد كان سيدنا أبوبكر يتحسس وكذلك سيدنا عمر كان يتحسس لا يتجسس فإننا الآن نتجسس لكنهم كانوا يتحسسون والفرق نقطة بين التحسس والتجسس لكن هذه النقطة تجعل الفرق بينهما كما بين المشرق والمغرب فهذا من عمل أهل الجنة وذاك من عمل أهل النار وقد رأى سيدنا أبوبكر مسكينةً لا عائل ولا زائر لها فكان يذهب لهذه المرأة العجوز ليقضى لها كل مصالحها فيكنس البيت ويرشُّه ويملأ لها الماء ويأتى لها بالطعام ويصنعه لها ثم يذهب وكان سيدنا عمر كذلك وكان تنافسهم فى هذا المجال {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} وليس التنافس فى الحطام كما يحدث في هذه الأيام وعندما كان يبحث سيدنا عمر عن أمثال هؤلاء المنقطعين عثر على هذه العجوز لكنه كلما ذهب إليها وجد جميع مصالحها مقضيَّة فسألها عمن يقوم لك بذلك؟ قالت:هناك رجل يأتيني كل يوم لكنى لا أعرفه قال: متى يأتى؟ قالت: قبل الفجر بساعة قال: أنتظر قبل الفجر بساعتين لأرى من يكون هذا الرجل وعندما فعل وجد أن الذي يذهب للمرأة هو سيدنا أبوبكر فعاتب نفسه شديداً وقال: تباً لك يا عمر أتتبع أسرار أبى بكر هذا حال الأولين وكان على ذلك التابعون بل كنا نسمع سلفنا الصالح بعد ختام الصلاة يقرأون الفواتح ومن ضمنها الفاتحة للمنقطعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين لا زائر لهم ولا أنيس فكان أقل ما يحرصون عليه نحوهم الدعاء لهم أى أنهم يتذكرونهم ويذكرون الناس بهم ولكن كيف صار الحال اليوم أصبحنا نسمع فى هذه الأيام فى الكثير من بلاد المسلمين أن الجيران اشتموا رائحة كريهة ولما أبلغوا الشرطة وأتت وفتحت الباب يجدون شيخاً كبيراً أو أمَّاً كبيرة قد ماتت وتحلل الجسم وأنتشرت الرائحة وقبلك لم يشعر بها أحد هل يصح أن يحدث هذا فى مجتمع المسلمين والمؤمنين؟ كيف؟ نفترض أنه ليس لها ابن ولا أخ ولا أخت ولاقريب أليس لها جيران؟ للأسف أصبح الجيران كلٌ مشغولاً بنفسه ولا يريد أن يلقى السلام على جاره إلا إذا قبض ثمنا دنيوياً وهذا من الأمراض التى استشرت الآن فى الأمة المحمدية لأنهم ظنوا أن العبادات التى يريدها منهم ربُّ البرية هى الصلاة والصيام والزكاة والحج والشكليات وتلاوة القرآن ونسوا الواجبات نحو المسلمين والمسلمات وهو أعظم الواجبات والنوافل والقربات فى حق المسلمين والمسلمات كما أخبر بذلك وعلمنا سيد السادات عندما يأتى للواحد منا خيرٌ يفرح له الجيران؟ كذلك لو حصل على منصب كبير يفرح الجيران لأن جميع مصالحهم ستقضى لكن حدث العكس عندما تولى سيدنا أبوبكر خلافة المسلمين فقد فوجئ بأن جيرانه غير سعداء بذلك فسألهم عن السبب؟ فقالوا: أنت الذي كنت تحلب لنا الإبل والشياه والماعز أما وقد أصبحت الخليفة فإننا لن نجد من يحلب لنا فقال: سأظل على عهدى معكم فكان يفعل ذلك من أجل دوام المحبة ففى ابن عساكر عن أبى هريرة عن النبى{تهادُوا تَحَابُّوا} فكان يهديهم وقته وجهده حتى بعد أن صار حاكماً وهكذا أمر الحبيب ومن يجلس فى خلوة فى بيته ولا ينزل منه إلا لصلاة الجمعة ويقول: أنا مشغول بالله وأصلى وأصوم وأتلو القرآن هل يستوى هذا مع من يرعى مصالح الجيران؟ لا فإذا كان هناك لمسلم حاجة وأنا أستطيع ابلاغها فإن حضرة النبي قال فى ذلك {أَبْلِغُوا حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إِبْلاَغَ حَاجَتَهُ فَمَنْ أَبْلَغَ سُلْطَاناً حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيع إِبْلاَغَهَا ثَبَّتَ الله قَدَمَيْهِ عَلَىٰ الصِّرَاطِ}[3] لماذا يا رسول الله؟ قال{مَنْ مَشَىٰ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ، أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ}[4] أيَّة مصلحة فإن كان جارى لا يستطيع شراء الخبز وأنا أستطيع واشتريته له فإنه يُكتب لى فى كل يوم عبادة ستين سنة كذلك إن كانت جارتى مريضة وليس عندها ماء وأنا عندي وملأت لها يومياً فإنى كذلك آخذ كل يوم عبادة ستين سنة وإذا لم يكن عندها كبريت وأعطيتها عود كبريت فإنى كذلك آخذ أجر عبادة ستين سنة وكذلك فى كل شيء إن كان صغيراً أو كبيراً لكن للأسف امتنع الناس عن هذه الأشياء الآن وصدق قول الحكيم العليم {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}أى المعونة فلماذا تحرمون أنفسكم هذا الأجر وليس هذا وحسب لكن سيدنا رسول الله قال {من قضى لأخيه حاجة كنت واقفاً عند ميزانه فإن رجح وإلاّ شفعت له}[5] فأين العبادة التى تُحَصِّل ذلك؟ هذه العبادة لو كانت موجودة بيننا جماعة المسلمين فمن الذي يحتار من الموحدين؟أما الآن فقد أصبحت المصالح معلقة بالمصالح مع أن قضاء المصالح عبادة الصالحين وعبادة من يريدون أن يكونوا ورثة لسيد الأولين والآخرين لذلك أراد رسول الله أن يُعّرف أصحابه روَّاد مسجده المبارك الذين كان معظمهم قائماً للَّيل منهم من يصلى ومنهم من يقرأ القرآن العبادة الأهم فقال بعد صلاة الفجر واستمع لأبى هريرة يروى قال{قالَ رَسُولُ اللّهِ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِماً؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ: مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟، قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قالَ: مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضاً؟، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ: مَنْ تَبعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَاَزَةً؟، قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: مَا ٱجْتَمَعَتْ هٰذِهِ الْخِصَالُ قَطُّ في رَجُلٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ}[6] وأراد الحبيب أن يعطيهم درساً عملياً أن العبادة الأعلى والأرقى والأعظم التى تتعلق بالمسلمين كتشييع الجنازة وعيادة المريض وقضاء المصالح وقد جمعها صلى الله عليه وسلم فى قوله الشريف {ما عبد الله بشيء أفضل من جبر الخاطر}[7] وذلك لأنك عندما تزور المريض فإنك تجبر خاطره وعندما تشيع جنازة فإنك تجبر خاطر أهل المتوفى وعندما تقضى مصلحة المؤمن فإنك تجبر خاطره وهى عبادة المؤمنين التى قال فيها حضرة النبي {تَرَىٰ الْمُؤْمِنِينَ - هل قال فى صلاتهم أو فى صيامهم؟ لا ولكنه قال - فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَىٰ عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَىٰ لَه سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىٰ }[8] إذاً فالعبادة الأعلى هى العبادة التى فيها توادٌّ وتراحمٌ والتى فيها تعاطف للمؤمنين والمؤمنات وبين المومنين والمؤمنات
    [1] المستدرك للحاكم عن عائشة
    [2] صحيح مسلم عن أبى هريرة.
    [3] الطبراني وأبو الشيخ من حديث أبى الدرداء.
    [4] للطبرانى فى الأوسط والحاكم فى مستدركه والبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس.
    [5] لأبى نعيم الحافظ فى الحلية بإسناده من حديث مالك بن أنس والعمري عن نافع عن ابن عمر، وفى التذكرة في أحوال الموتى، و فى الدر المنثور.
    [6] رواه ابن خزيمة في صحيحه عن أبى هريرة.
    [7] مراقى العبودية لإبن تيمية، وفى كشف الخفاء
    [8] رواه البخارى عن النعمان بن بشير.





    الإصلاح بين المسلمين
    [COLOR=#0000ff] ونأخذ باباً ثالثاً وهو باب هام فى هذه الأيام كذلك رأى سيدنا رسول الله أصحابه منشغلين بالطاعات والعبادات فقال لهم أولاً {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلٍ – أي إياكم وأن تعتمدوا على العمل – قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ برحمته} وفى رواية {إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ}[1] وإياك أن تظن أن العمل وحده هو الذي يدخلك وإنما الذي يدخلك هو فضل الله ورحمة الله وإكرام الله وعطف الله وحنان الله لأنه سبحانه لو حاسبك على العمل فماذا يفعل العمل إذ لو حاسبك فقط بالإخلاص فماذا يبقى من العمل؟ ثم عاد أخرى وقال {أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَل مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ»؟ - يقصد النوافل منها – قَالُوا: بَلَى. قَالَ: إصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ لا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ أَقُولُ: تَحْلِقُ الدِّينَ}[2] وقد رأينا ذلك واضحاً جلياً فى هذه الأيام فما الذي رقق الدين وجعل الدين ضعيفاً فى نفوس المسلمين؟فساد ذات البين وفساد النفوس والقلوب والمشاكل التى لا منتهى لها ولا حصر بين المسلمين والمسلمات ومعظمها من أجل المادة الفانية التى سنتركها جميعاً ونسافر إلى الله إذاً فالعبادة الأعلى هنا هى الصلح فإذا عرفت أن أخاك المسلم الذي بجوارك يخاصم فلاناً فقد أصبح فرضاً عليك التدخل فى الإصلاح بينهما – فمن منا الآن يشعر أن إصلاح ذات البين فريضة عليه؟ لا أحد فالكل يقول: لا شأن لي بينما يجب عليك فى ذلك أن تبذل كل ما فى وسعك وإن صدقت فسيُصلح الله شأنهما على يديك ثق بذلك فعندما أرسل سيدنا عمر رجلين من أهل الزوجين وذهبا ثم عادا ولم يصلحا قال لهما: إن نيتكما غير سليمة لأن الله يقول {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا} أصلحا النيَّة واذهبا مرة أخرى فلما أصلحا النية تمَّ الصلح بينهما وصدق الله تعالى ولو تدخلت وحدك بعد أن تأخذ العون من الله وتطلب التوفيق من الله فإنك ستحل مشكلة بين عائلتين ربما فشل فى حلها الكثيرون قبلك لأنه من الجائز أن يكون لمن سبقوك مآرب أو مصالح فقد يتدخل واحد منهم من أجل أنه سيرشح نفسه فى الإنتخابات ويريد تأييد هؤلاء وعائلاتهم وهنا لا تكون النية خالصة لله أما إذا تدخل الإنسان لله فلا بد أن يتحقق الصلح بأمر الله جل فى علاه ونحن كمسلمين لو عرف كل واحد منا أن أي مشكلة تعرض عليه وجب عليه أن يتدخل فوراً لحلها وإن لم يستطع بنفسه يستعين بنفر من إخوانه إذا عرفنا ذلك وفعلناه هل يكون قضايا ومشاكل فى المحاكم أو خصام فى المجتمعات؟ أبداً ياإخوانى فهذه فريضة نستطيع أن نسميها فريضة غائبة فى هذه الأيام ولو جلس واحد ليلة أو ساعة للإصلاح بين متخاصمين إلى أن تمَّ الصلح وآخر قضى هذه الليلة فى جوار البيت الحرام وصلى لله ألف ركعة من الأفضل عملاً منهم؟ أجيبونى الذي أصلح بين المتخاصمين هو الأفضل عملاً بل وحذَّر النبى فى النهاية كل من يقدر على نفع إخوانه ولايفعل ولا يهتم إلا بنفسه ولا يعرف غير المصلحة مقابل المصلحة ولا عمل لله أو من يستطيع ويمسك ويبخل فقال منبِّهاً ومحذِّراً {وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَدَعُ الْمَشْيَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ قُضِيَتْ أَوْ لَمْ تُقْضَ إلاَّ ابْتُلِيَ بِمَعُونَةِ مَنْ يَأْثَمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُؤْجَرُ فِيهِ}[3] وهذه يا إخوانى بعض الأبواب التى توصل الإنسان لوراثة الكتاب والتى يدخل بها فى قول العلى الوهاب {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} من هم؟ هم من تكلمنا عنهم وقاموا بهذه الأدوار وهذا ما جعل مجتمع المدينة المنورة وغيرها من المجتمعات الإسلامية مجتمعات تقيَّة نقيَّه ليس فيها حزازيَّة ولا عصبيَّة ولا جدال ولا سبٌّ ولا شتمٌ ولا فيها خيانة ولا سرقة لماذا؟ ذلك لأن هَمَّهم كلَّه كان إصلاح أحوال إخوانهم المسلمين
    [عزيزي الزائر يتوجب عليك التسجيل للمشاهدة الرابطللتسجيل اضغط هنا]
    [1] رواه أحمد وإسناده حسن عن أبى سعيد الخدري.
    [2] رواه أحمد والترمذي وأبى داوود عن أبى الدرداء.
    [3] رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الترغيب والترهيب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    13 - 4 - 2010
    ساكن في
    القاهره
    العمر
    49
    المشاركات
    32,835
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي

    اسأل
    مالك الملك
    الذي يهب ملكه لمن
    يشاء
    أن يغمركِ بنعيم الإيمان
    وعافية الأبدان
    ورضا الرحمن وبركات
    الإحسان
    وأن يسكنكِ أعلى الجنان
    أسأل الذي سجدت له الجباة
    وتغنت بإسمة الشفاة
    وتجلى سبحانة في علاة
    وأجاب
    في هذا اليوم من دعاة أن يعطي قلبك
    مايتمناه
    ويغفر ذنبك
    وماوالاة
    ويمنحك ووالديكِ الجنة
    ورضاة
    ويبارك بيومكِ هذا
    وماتلاة
    مِسآحآت من آلشكر لحروفك هنآ ..
    بآرك الله فيك ..
    رفع الله شآنك في الآرْض وآلسمآءْ
    وآبعد عنكِ آلبلآء وآسكنكِ فسيح آلجنآنْ ،،


  4. افتراضي

    جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

 

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©