بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ
السَّلَامُ عَلَيْكُم وَرَحْمَةُ اللهِ وَبرَكَاتُه
مَقْطَعٌ سَمعتُه للشّيخ العريفيّ بَيْنمَا أتصفّح النّت ، وَقد كَان كَما يبْدُو فِي بَرْنَامجٍ لكنّي لَسْتُ أعلمُه، فِي
قَناةِ اقْرَأْ ..
عَلى لِسَانِ الشَّيْخِ :
صلَى أحدُ الشّبابِ معي فِي المسْجدِ ، وَبعد الصَّلاةِ رَأيتُه، فَسلّمْتُ عَليْهِ ، وَقَالَ لِي :
يَا شَيْخ أُريدُكَ أَنْ تقْرَأ عَليّ أنا متضَايق – أيّ الرّقيَّة الشّرعيَّة - ، وَأنَا عَادَةً لَا أقُوم بِهَذا ، فَسألتُه :
ممّ تُعَـانِي ؟!
فَقال : ضِيقٌ .. ضِيقٌ شَديدٌ !!
فقلتُ لَه : مَاذا تَشْعُر بِالضّبط ، عنْدكَ مُشْكِلَة معيّنَة ؟!
فَقَال : أنَا فِي ضِيقٍ ، لَوْ وُزّعَ عَلى أهْلِ المَدينةِ كلّهَا لكَفاهُم !! .. ثُمّ انْفجَر بَاكياً
وقَد كَان هَذا الشّاب فِي الرّابعة وَالعشْرين منْ عمرهِ ، طَالبٌ جامعيٌّ ، وَابنُ شَخْصيّة مَعْرُوفَةٍ ، فعنْدمَا أخْبرنِي بِاسمِه واسْم وَالدهِ عَرفتُ وَالدهُ فهوَ منْ كِبَارِ المَسْؤُولين ، فَقد كَان الشّاب منعمّا
سَيّارَة آخر مُوديلْ ، وَمَالٌ كَثيرٌ ، وَقَصْرٌ ، كَلُّ هَذا لَمْ يُحَقِّق لَهُ السَّعَـادَةَ !
وذكَر لِي أنّ لَديهِ عَلاقاتٍ مَع بَعْضِ الفتيَـاتِ ، وَلكنّه فِي ضيقٍ شَديدٍ ! ، ثُمّ أخذَ يَبْكي ويقُول أنّهُ يَشْعرُ بضيقٍ شَديدٍ فِي صَدْرهِ ! .. ويكَادُ يَمُوت منْه !
فَأوّل مَا سَألته : أتُصَلِّي ؟!
فَقَال : لَا .. لَا أصلِّي ..!
قُلت لَه : لِمَ لَا تُصلِّي ؟! مَاذَا فَعلَ اللهُ بِكَ لِتَتْرُكَ الصَّلَاةَ ؟! أبيْنَك وَبين اللهِ عَداوَةٌ !
وَ سَألتُه : ألَا تُصَلِّي إطْلاقَاً ؟!
قَـال : إذَا أحْرجتْ ! .. إذا كَان عندنَا عزُومَةٌ مثلاً ، وصلّ القَادمُون مَع بَعْضٍ ، صَلّيت ، وَلوْ بِلا طَهَارَةٍ ، أوْ قَد أخْرُج معهُم للمسْجد فَلا أدْرك إلّا ركعتين ، وَقد لا أتمّ الصّلاة
قُلت لَه : منْذُ مَتى وَأنْت عَلى هَذهِ الحَال ؟!
فَقَـال : منْذُ تسْع سنَواتٍ !!
فقُلت : منْذ تسْع سنَواتٍ ، وأنْت قدْ قطعتَ ما بيْنك وَبيْن رَبّك ، وَتُريد أنْ تَكُون سَعيداً !!؟وَالله لَا تَسْعد ! لَا بِالبَناتِ ، وَلابشربِ الخَمرِ ،وَلا بنَظر للحَرام . ....
فنَصحتُه بِأنْ يصلِّي لأسْبُوع ، ويوَاظِب عَلى الصَّلاةِ فِي المَسْجدِ وَفِي الصَّفّ الأوَّلِ ، ويعُود لِي الثّلاثَاء المُقْبِل ..
وَفِي ذلِك اليَوْم ، خرجْتُ من المَسْجدِ وَقد كُنت نَسيتُه ، فوَجدتُه ينْتَظرُني فِي المَكَانِ ذَاتِه ، وَما إنْ رَآني حَتّى قَال : اللهْ يجْزِيك خير ! وَالله إنّي فِي سَعادةٍ مَا ذُقتهَا منْذ تسْع سَنواتٍ !
فيقُول العريفيّ :
الرّجُل قَد اسْتخدمَ نَفْسه لِمَا خُلقَ لَه ، فهُوَ خُلق للعبَادةِ ، كَالكَأْسِ ، خُلق لنشْرب بِه المَاء ، لَا يُمْكن أنْ نَسْتَخدمَهُ للكِتَابَةِ ، وَلَا يُمْكِن أنْ نَسْتَخْدِمَهُ بَدَلاً عَنِ الحِذاءِ أو النّظَّارَةِ !
خُلق لِشَيْءٍ معيّن يُسْتَخدمُ لَه ..! كَذلِك أنْت ، إنَّما خُلقت لِعبَادةِ اللهِ تَعالى ، إذا اسْتَخدمْت جَسدك وَرُوحك فِي غَيْر مَا خُلقتْ لَه ، لَنْ تَتَحَقَّقَ لَكَ السَّعَـادَة .