فاروق جويدة هو أحد أشهر الشعراء المصريين في العصر الحديث تمكن من امتلاك قلب وفكر الكثير من الناس وخاصة الشباب، يجد القارئ لقصائده العديد من المعاني الجميلة التي تفيض بالمشاعر المعبرة والأحاسيس، فنجده ينظم قصائد الحب الحالمة الناعمة إلى جانب القصيدة الوطنية الثائرة، وقد برع في كليهما.
ولم يكتف جويدة بعشقه للشعر، فهو أيضاً صاحب حس صحفي مميز له آراءه الجريئة التي نجده يحمل فيها الهم المصري والعربي معاً، وله مقالة بصحيفة الأهرام المصرية بعنوان "هوامش حرة" يعرض من خلالها آراءه المختلفة، قال عنه أحد الشعراء "إن فاروق جويدة يستطيع أن يذبح بخيوط من حرير".
النشأة
ولد فاروق جويدة في العاشر من فبراير 1945م، بقرية أفلاطون بمركز قلين، محافظة كفر الشيخ، درس بكلية الآداب قسم صحافة جامعة القاهرة وتخرج منها عام 1968م، دخل إلى عالم الصحافة كمحرر بالقسم الاقتصادي بجريدة الأهرام عام 1968، ثم أصبح سكرتير تحرير بالأهرام عام 1975، أصبح بعد ذلك مشرف علمي على الصفحة الثقافية بالأهرام عام 1978 والتي تعد أول صفحة ثقافية يومية في تاريخ الصحافة العربية، ثم تولى رئاسة القسم الثقافي، وبعدها أصبح مساعد رئيس تحرير الأهرام عام 2002.
وجويدة عضو بكل من نقابة الصحفيين، جمعية المؤلفين، اتحاد الكتاب، لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة،كما أن له العديد من المشاركات الفعالة في عدد من المهرجانات الشعرية الغربية والدولية، ومثل مصر في العديد من المناسبات الثقافية الدولية بآسيا وأوروبا، وألقى مجموعة محاضرات عن تجربته الشعرية بعدد من الجامعات، وشارك في المؤتمرات الثقافية التي أقامتها منظمة التربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، كما مثل مصر في اليوم العالمي للشعر بباريس عام 1999، وهو عضو مؤسس في الأكاديمية العالمية للشعر التي أنشأتها منظمة اليونسكو عام 2001 بمدينة فيرونا الإيطالية ضمن 15 شاعراً تم أختيارهم غلى مستوى العالم.
أسلوبه الشعري
تمتع جويدة بأسلوب شعري سهل وسلس تمكن من خلاله من إيصال مشاعره وكلماته لجميع الأشخاص بمختلف طبقاتهم الثقافية، واخترق جويدة كافة الألوان الشعرية بداية بالقصيدة العمودية، وانتهاء بالمسرح الشعري، وتميز شعره بصدق الكلمة الشعرية، وفاضت جمله بالحب والوطنية.
كما تميزت أشعار جويدة بغوصها في المشاعر كافة فعندما تتجه قصائده للحب نجد ألفاظ شعرية رقيقة تتراقص وتنسدل معبره عن حالة رائعة من الحب، وعندما تكون القصيدة وطنية نجد بها ألفاظ قوية معبرة ثائرة تعلن عن حالة من الغضب والألم والخوف على الوطن، لم يلجأ جويدة للألفاظ الصعبة فلا يميل للاستعراض بالمفرادات اللغوية المعقدة الغامضة على حساب المتلقي وإنما يقدم له المشاعر والأحاسيس كافة كما لو كان يقولها على لسان من يستمع إليها ويعيشها.
ويذهب بعض الشعراء في رأيهم أن من يكتب الشعر بغرض التوصيل للناس فهو يكتب شعر سطحي، بينما يرى فاروق جويدة أن عبقرية الشعر في بساطته فإذا تمكن الشاعر من توصيل أفكاره ومشاعره من خلال قصائده وأبياته الشعرية للمتلقي بمستوياته المختلفة، فهنا تكمن عبقرية الشاعر وليست سطحيته، ويرى جويدة أن لو مر الزمان وبقى من إجمالي قصائد الشاعر 3 أو 4 قصائد فهو إذن شاعر عظيم.
من أشعاره الوطنية تلك التي أهداها لأطفال العراق بعنوان "من قال إن النفط أغلى من دمي" ويقول فيها:
أطفال بغداد الحزينة يسألون
عن أي ذنب يقتلون
يترنحون على شظايا الجوع
يقتسمون خبز الموت.. ثم يودعون
شبح "الهنود الحمر" يظهر في صقيع بلادنا
ويصيح فينا الطامعون…
من كل صوب قادمون
من كل جنس يزحفون
تبدو شوارعنا بلون الدم
والكهان في خمر الندامة غارقون
بغداد لا تتألمي
مهما تعالت صيحة البهتان
في الزمن العمي
فهناك في الأفق البعيد صهيل فجر قادم
في الأفق يبدو سرب أحلام
يعانق أنجمي
مهما تواري الحلم عن عينيك
قومي.. واحلمي
ولتنثري في ماء دجلة أعظمي
فالصبح سوف يطل يوماً
في مواكب مأتمي
الله أكبر من جنون الموت
والزمن البغيض الظالم
بغداد لا تستسلمي
بغداد لا تستسلمي
من قال إن النفط أغلي من دمي؟!
مؤلفاته وأشعاره
قدم جويدة العديد من الكتب والمؤلفات القيمة التي تنوعت ما بين القصائد الشعرية والقضايا السياسية والثقافية وأدب الرحلات، بالإضافة للمسرحية الشعرية فقدم ثلاث مسرحيات هي " الوزير العاشق، دماء على ستار الكعبة، الخديوي، هولاكو" وقد مثلت هذه المسرحيات مصر في العديد من المهرجانات المسرحية العربية.
وتعد كتب جويدة هي الأكثر مبيعاً بين غيره من شعراء عصره، نذكر من كتبه: بلاد السحر الخيال، ليس للحب أوان، فاروق جويدة – الأعمال الشعرية، دائماً أنت بقلبي، رحلتي "الأوراق الخاصة جداً"، طاوعني قلبي في النسيان، لأني احبك، في عينيك عنواني، كانت لنا .. أوطان، لن أبيع العمر، ويبقى الحب، وللأشواق عودة، هوامش حرة، أعاتب فيك عمري، شيء سيبقى بيننا، ألف وجه للقمر، أخر ليالي الحلم، زمان القهر علمني، قصائد للوطن، أموال مصر كيف ضاعت، بلاد السحر والخيال، شباب في الزمن الخطأ، قضايا ساخنة، آثار مصر كيف هانت، من يكتب تاريخ ثورة يوليو، وغيرها العديد من المؤلفات والقصائد القيمة، والتي تم ترجمة العديد منها إلى عدد من اللغات مثل الإنجليزية والفرنسية وغيرها، وقد تم تناول أعماله الإبداعية في عدد من الرسائل الجامعية سواء في الجامعات المصرية أو العربية.
كما أن لفاروق جويدة مقال في الأهرام بعنوان "هوامش حرة"، فهو صحفي متميز بالإضافة لإجادته للشعر، يقول عن نفسه أنا عربي حتى النخاع، له أراء سياسية حرة شغل باله الهم المصري والعربي وله العديد من الآراء الجريئة في ذلك.
ونظم جويدة العديد من القصائد والمسرحيات الشعرية والتي تم تقديمها في شكل فني وغنائي، فغنى له كاظم الساهر "قصيدة بغداد"، وغنت سمية قيصر قصيدة "في عينيك عنواني" والتي قام محمد عبد الوهاب بتلحينها وأكملها الموجي، كما قدم على خشبة المسرح المسرحية الشعرية مثل مسرحية " الوزير العاشق" بطولة سميحة أيوب وعبد الله غيث.
جوائز وتكريم
حصد جويدة العديد من الجوائز والأوسمة منها: جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2001، وجائزة كفافيس الدولية في الشعر وتسلم الجائزة في احتفالية أقيمت في مدينة "قوله" باليونان في الثاني من سبتمبر2007، وتمنح هذه الجائزة للمبدعين من مصر واليونان، وتحمل اسم شاعر الإسكندرية العالمي كفافيس بهدف تنمية العلاقات الثقافية بين اليونان ومصر.
مما قاله جويدة في الحب
وأنت الحقيقة لو تعلمين
يقولون عني كثيراًكثيراً
وأنت الحقيقة لو يعلمون
لأنك عندي زمان قديم
وأفراح عمر وذكرىجنون
وسافرت أبحث في كل وجه
فألقاك ضوءا بكل العيون
يهون مع البعد جُرحالأماني
ولكن حبك ... لا يهون
وقال في الحب أيضاً:
لماذا أراك وملء عيوني
دموع الوداع؟
لماذاأراك وقد صرت شيئا
بعيدا.. بعيدا..
توارى.. وضاع؟
تطوفين في العمر مثلالشعاع
أحسك نبضا
وألقاك دفئا
وأشعر بعدك.. أني الضياع
إذا ما بكيتأراك ابتسامه
وإن ضاق دربي أراك السلامة
وإن لاح في الأفق ليل طويل
تضيء عيونك.. غلف الغمامة![]()
كأنك في الأرض كل البشر
كأنك درب بغير انتهاء
وأني خلقت لهذا السفر..
إذا كنت أهرب منك.. إليك
فقولي بربك.. أينالمفر؟!
ومن إحدىالقصائد المؤثرة التي عبرت عن اهتمامات جويدة المختلفة والتي حمل في جزء كبير منهاالهم العربي قصيدة " ملعون يا سيف أخي"، والتي يصور فيها المعاناة التي تعرض لهاالفلسطينيون بعد الحصار الذي تعرضت له للمخيمات الفلسطينية في لبنان، ويقولفيها:
لم آكل شيئا منذبداية هذا العام
والجوع القاتل يأكلني
يتسلل ما في الأحشاء
يشطرني فيكل الأرجاء
أرقب أشلائي في صمت
فأري الأشلاء.. هي الأشلاء
من منكميمنحني فتوي باسم الاسلام
أن آكل ابني
ابني قد مات
قتلوه أمامي
قدسقط صريعا بين مخالب جوع لا يرحم
وبعد دقائق سوف أموت
ودماء صغيري شلال
يتدفق فوق الطرقات
أعطوني الفرصة كي أنجو من شبح الموت
لا شيء أماميآكله لا شيء سواه.
قصيدة "لا تنتظر أحداً"
لا تنتظر أحدا ً
فلن يأتي أحد
لم يبق شيء غير صوت الريح
والسيف الكسيح
ووجه حلم يرتعد
الفارس المخدوع ألقي تاجه
وسط الرياحوعاد يجري خائفاً
واليأس بالقلب الكسير قد أستبد
صور علي الجدران ترصدهاالعيون
وكلما اقتربت ...تطل وتبتعد
قد عاد يذكر وجهه
والعزم في عينيه
والأمجاد بين يديه
والتاريخ في صمتٍ سجد
الفارس المخدوع في ليل الشتاء
يدور مذعوراً يفتش عن سند
يسري الصقيع علي وجوه الناس
تنبت وحشة فيالقلب
يفزع كل شيء في الجسد
في ليلة شتوية الأشباح
عاد الفارس المخدوعمنكسراً
يجر جواده
جثث الليالي حوله
غير الندامة ما حصد
قصيدة "الخيوللا تعرف النباح"
أتيتكنهرا حزين الضفاف
فلا ماء عندي ولا سنبلة
فلا تسألي الروض كيف انتهيت
ولا تسألي النهر من أهمله
أنا زهرة من ربيع قديم
أحب الجمال .. وكمظلله
حقائق عمري بقايا سراب
وأطلال حلمي به مهملة
وجوه علي العين مرتسريعا
فمن خان قلبي .. ومن دلله
ولا تسألي الشعر من كان قبلي
ومن فيرحاب الهوي رتله ؟
أنا عابد في رحاب الجمال
رأي في عيونك ماأذهله
لم يحصر جويدة نفسه في إطار الشعر فقط، فانطلق مناقشاً القضاياالثقافية والسياسية والفكرية المعاصرة، ملتزماً بقضايا وطنه وأمته، فكانت ولازالتله العديد من المقالات القوية والتي أثارت البعض وأغضبتهم أحياناً، ولكنه ظلمتشبثاً بقلمه جاعلاً منه لساناً يعبر من خلاله عن رأيه الخاص وأراء الشعوبالعربية، وأصبحت مقالاته المعنونة تحت أسم "هوامش حرة" بالأهرام ينتظرها الكثير منالأشخاص لما فيها من تعبير عنهم وعن مشاكلهم، ولما تفتحه من مساحة حرة لطرح مختلفالقضايا.
قدم الكاتب والأديب إبراهيم خليل إبراهيم كتاب بعنوان " الحب والوطن في حياة فاروق جويدة" والكتاب عبارة عن دراسة أدبية حول أشعار فاروقجويدة التي قدمها في الحب والوطن ويضم الكتاب ثلاثة أقسام القسم الأول مخصص للحب فيشعر فاروق جويدة، أما القسم الثاني فالوطن في شعر جويده أما القسم الثالث فيضمالصورة الشعرية وخصوصيتها في شعره.
من اجمل الشعراء الذي اشعر وانا أقرأ له اني اسبح في عالم كلماته وأغرق في بحور حروفه..............
وأحب ايضا ان اضيف قصيدة كلما قرأتها اشعر انها تحاكيني:
وتاب القلب........
وظللت ابحث عنك بين الناس
تنهرني خطايا
وسنين عمري في زحام الحزن
تتركني شظايا
في كل درب من دروب الأرض
من عمري..بقايا
وعلى جدار الحزن
صاح اليأس
فارتعدت دمايا
ودفنت في أنقاض عمري
أجمل الاحلام
يبكيها صبايا
حتى رأيتك بين أعماقي
وجودا..في الحنايا
من كان يا عمري
يصدق انني
يوما أضعت العمر
أبحث عن هوايا
قد كان في قلبي يعيش
وكان يسخر من خطايا!!
لا تعجبي إن قلت
أني رأيتك
قبل ان تأتي الحياه
وبأنني يوما
عشقتك في ضمير الغيب
سرا..لا أراه
كم تاه عقلي
في دروب الحب
وانتحرت..خطاه..
كم عاش ينبش
في بقايا اليأس
يسأل عن هواه
لكن قلبي كان يصمت
كان يدرك منتهاه
فلقد أحبك
قبل ان تأتي الحياه
عاتبت قلبي
كيف يتركني وحيدا
في الدروب
كم ظل يخدعني
فيحملني الضلال
إلى الذنوب
قد كنت في قلبي
ولم أعرف سراديب القلوب
إني أضعت العمر معصية
وجئت الآن عندك
كي أتوب
وأمام بابك
جئت أحمل توبتي
لا حب غيرك
لا ضلال
ولا ذنوب!!
.............................................