مقال قرأته واعجبني.....
عرف العرب منذ القدم بالكرم ، ثمّ جاء الإسلام ليشجّع أكثر على أعمال الخير و يضع لها اتجاهات
و أطرا وعلامات و أهدافا واضحة ، كان التضامن و التكافل الاجتماعي أهمها ، حتّى وصل الأمر في عهد
عمر بن عبد العزيز إلى أنّ خزائن الدولة قد فاضت و لم يوجد فقير أو محتاج ليعطى مالاً.
فكان نظاماً سبّاقاً لحل المشاكل المالية.
لا أتحدّث هنا عن المؤسسات أو الجهات الخيرية ، و لا حتّى عن الوازع الديني بحدّ ذاته ،
بل أتحدّث عن الفرد نفسه و الحس بالمسؤولية تجاه الآخرين ، عن التعامل بإنسانية ،
عن الضمير الغائب لدى الكثيرين ، عن حب الخير و مساعدة الآخرين ، عن القوى الكامنة داخلنا
و نرفض استخدامها. كيف نرسّخ مبدأ أنّك جزء من مجتمع و لست كائناً منفصلاً و منعزلاً
عن بقيّة البشر. كيف نلغي جملة: "ما دخلني" من قواميسنا. ؟؟؟؟؟؟؟
كثير من الأسئلة يمكن أن تطرح ضمن هذا السياق:
لماذا يكون من السهل علينا أن نرمي زوائد طعام
المائدة في القمامة ويصعب علينا إرسالها إلى فقير أو جائع؟
لماذا نتعامل مع المشاكل المالية الصعبة
لشريحة كبيرة من المجتمع و كأنها أمر لا يهمنا أو تخص أشخاصاً يعيشون على كوكب آخر؟
لماذا نصرف آلاف الدنانير على "عيد ميلاد" لكلب و لا نفكر بمنح منح دراسية جامعية لطلبة متفوقين و فقراء؟
كيف يمكن أن ننام ملء جفوننا بعد وجبة دسمة و نحن نعلم أن أسرة جارنا لم تجد ما تأكله منذ يومين؟
لماذا نطمع إلى درجة أن نستخدم أساليب ملتوية لشراء المواد الأساسية المدعومةبأسعار منخفضة
وحرمان المواطنين منها لبيعها بأسعار مرتفعة و ربحية؟
لماذا لا نقدّم أي شيء للآخرين إلا إذا كنّا ننتظر مقابلاً أو مصلحة؟
لماذا يتبرّع الغرب و نمتنع نحن عن ذلك؟
لماذا نلغي الزكاة ونتحايل على انفسنا للتهرب من دفعها؟؟؟؟؟
لماذا نرمي كل الحمل على حكوماتنا و دولنا و نتناسى دورنا و أهميّته؟
بغض النظر عن ديانات أولائك الأشخاص أو اتجاهاتهم إلا أن الكثير من مشاهير الغرب يتبنون قضايا إنسانية
و يتبرعون بالملايين لأجل المشاريع الخيرية و علاج المرضى و إطعام الجياع و فتح المدارس
و دعم المنكوبين أو غيرها من الأعمال التي تحتاجها المجتمعات من الأشخاص المتنفّذين
في كافّة الاتجاهات.
كما أن المجتمعات الغربية تمكّنت على الرغم من غياب الدين من جعل أعمال الخير أمراً أساسيّا ،
لا أمراً نادراً و مستغرباً كما هو الحال لدينا ، بالإضافة إلى غرس بذرة حب الخير دون انتظار مقابل.
تراجعنا كثيراً ، حتّى في أكثر الأمور إنسانية .......
و لا زلنا نتخبّط في دائرة الـ"أنا" غير قادرين على رؤية ما هو أبعد من ذلك حتّى
لو كان الطوفان ، فمتى سنستيقظ؟