جزاكى الله خيرا همسه وبارك الله فيكى
على المسلم أن يكون رحيما بنفسه، فلا يعرضها لعذاب النار، بأن يبتعد عن الذنوب، كبيرها وصغيرها، وأن يسارع إلى التوبة و الاستغفار إذا مادعته نفسه الأمارة بالسوء إلى ارتكابها
يقول ربنا – عز وجل – { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون } [آل عمران:135].
وأعلم أنه إذا هانت عليك نفسك، كانت على الناس أهون، يقول الشاعر:
فنفسك أكرمها فإنها إن تهن عليك فلن تلق لها الدهر مكروما
ومن رحمة الانسان بنفسه ألا يحملها مالا تطيق،وذلك بأن يرعى حق بدنه ونفسه عليه . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن لبدنك عليك حقا » (أخرجه البخاري)
وهناك عوامل تكثر من رحمة الإنسان بنفسه، منها :
1- الإيمان بالله : هو أول خطوة على طريق رحمة المرء بنفسه، فالإيمان بالله يعصمك من النار ويجعلك من أهل الجنة، وتلك أكبر درجات رحمة المرء بنفسه.
وإذا وقر الإيمان بقلب المرء، عاش حياته سعيدا هانئأ؛ لأن هذا الإيمان يجعله قانعا بما قسمه الله له.
2- الثقة بأن الرزق بيد الله : المسلم يرحم نفسه بعدم إجهادها في الجري وراء الدنيا ومغرياتها، فالرزق بيد الله، وهو ما عبر عنه الحديث القدسي : « إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات، فيقول: اكتب عمله، وأجله، ورزقه، وشقي أو سعيد... »
3- عدم تحريم ما أحله الله : على الإنسان أن يتمتع بما أحل الله من طعام وشراب وترفيه في غير معصية الله، فالمولى –عز وجل- يقول : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الايات لقوم يعلمون } [الأعراف:32].
ثمار الرحمة بالنفس• الحياة الطيبة : يتمتع المرء الرحيم بنفسه بحياة هانئة طيبة لا تستحوذ عليه مشاكل الحياة اليومية . قال تعالى : { ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياتة طيبة ولنجزينهم أجرهم باحسن ما كانوا يعملون } .
• الرضا بالعيش: أن كل رحيم بنفسه يكون راضيا بعيشه، قانعا بما قسمه الله له . قال صلى الله عليه وسلم : « قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه »
• ثواب الجنة في الآخرة : يحظى من رحم نفسه بطاعته لله وعمله على مرضاته بجنات الخلد في الأخرة . يقول رب العزة: { إن الذين أمنوا و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لايبغون عنها حولا }
• ويقول أيضا : { وعد الله المؤمنين و المؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم }
كن رحيما بالناس
يكتمل إسلام المرء إذا أصبح رحيما بالناس على أختلاف أنواعها وطوائفها، ومن ذلك:
• الرحمة بالوالدين: على الإنسان أن يرحم والديه فمهما أولى الناس برحمته، ولقد حثنا القرآن على ذلك بقوله: قال: { وبالوالدين إحسانا } وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم :أنه قال: « رغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة»
• الرحمة بالأبناء: من رحمة المسلم بأبنائه ألا يفرق بين ذكورهم وإناثهم، وأن يحسن تربيتهم ورعايتهم، ومن ذلك قول رسولنا الكريم : « اتقوا الله واعدلوا في أولادكم »، ويقول الشاعر أحمد شوقي في مدح الرسول :
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
وقال الشاعر
ولدي، وهل شيء أعز علي منك وأكثر
والكون انت وما سوا ك زيادة لا تذكر
• الرحمة بالصغير: الأطفال وصغار السن يسعدون برحمة الكبار، ويتعلمون من خلالهم كيف يكونون رحماء عندما يكبرون. يروى أن أمرأة سئلت: أي الأولاد أحب إليك؟ فقالت الغائب حتى يرجع، والمريض حتى يشفى، والصغير حتى يكبر. ومن رحمته صلى الله عليه وسلم انه كان إذا سمع بكاء طفل أسرع في الصلاة حتى تسرع أمه إليه.
• الرحمة بالأيتام: الأيتام هم أحوج فئة في المجتمع إلى الرحمة بهم، والتقرب بالخير إليهم، ولذلك قال تعالى: { فأما اليتيم فلا تقهر }.
وقال صلى الله عليه وسلم: « أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة (وأشار باصبعيه السبابة و الوسطى) »
• الرحمة بالخدم والعبيد: ليس من الإسلام ان يسيئ المرء معاملة الخدم، بل أتى الإسلام داعي إلى الرحمة بهم و حسن معاملتهم. وقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا مسعود الأنصاري يضرب خادمه فقال له: « اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام »
• الرحمة بمن عاهدت من الأعداء يضرب الإسلام أروع الأمثلة في معاملة الأعداء طالما أن هناك مواثيق وعهودا بيننا وبينهم.
• وعند فتح مكة أحسن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معاملة كفارها، فعفا عنهم قائلا: « اذهبوا فأنتم الطلقاء»
وهناك عوامل يكثر من رحمة الإنسان بالناس منها:
1- بر الوالدين : لقد جعل الله تعالى بر الوالدين وطاعتهما من طاعته، فقرن بين الإحسان إلى الوالدين وبين عبادته، وذلك في قوله : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلآ إياه وبالولدين إحسانا } [:]
2- القدوة : إن المسلم لا يفوته أن يقتدي بالرسول وصحابته الكرام، فهو (صلى الله عليه وسلم) قدوتنا في الرحمة التي أرسل للناس بها . يقول سبحانه: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } ويصفه تعالى قائلا: { عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم }
3- تذكرة قدرة الله : الله تعالى هو القهار فوق عباده، ألا أن رحمته سبقت غضبه، فقد كتب على نفسه الرحمة . وهو سبحانه يحب من عباده الرحماء يقول : { إنما يرحم الله من عباده الرحماء }
4- الصوم : لقد شرع الله الصوم تهذيبا لنفس المؤمن، حتى يشعر الصائم بجوع الفقير وعطشه، فيلين قلبه له، ويرحمه، ولقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته كثيري الصوم، فلانت قلوبهم و اتصفوا بالرحمة.
5- التواضع : من خلق المسلم أن يكون متواضعا، فلا يسمح للتكبر أن يتسرب إلى نفسه، إيمانا منه بأن الكبرياء لله وحده . يقول (صلى الله عليه وسلم) : « لن يدخل الجنة شيء من الكبر »
ولقد كان رسولنا آية في التواضع، فهو القائل : « لاتعظوني كما تعظ الأعاجم ملوكها، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد (اللحم الجاف) بمكة »
6- قراءة القرآن : لقد أنزل الله كتابه نورا وهدى ورحمة للعالمين، وجعل في تلاوته وتدبر آياته شفاء للقلوب ، يقول ربنا في كتابه العزيز :{ وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين }، كما يقول تعالى :{ وننزل عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين }
7- التسامح والصبر : لسي هناك أدل على رحمة المرء من تسامحه مع من أساء إليه، وعبر القرآن عن ذلك بقوله :{ ادفع بالتي هي أحسن }
وعبر الشاعر عن التسامح بقوله :
كن كالنخل عن الأحقاد مرتفعا يرمي بصخرة فيلقي أطيب الثمر
ثمار الرحمة بالناس
• وحدة المجتمع وقوته : المجتمع الذي يتخلق أفراده بالرحمة يكون قويا متحدا فالمجتمع الذي يعطف كبيره على صغيره، وغنيه على فقيره يكون قادرا بأفراده على التصدي للشدائد ومواجهة المحن.
• ثواب الجنة في الآخرة : يدخل الله تعالى عبده الذي يرحم الناس جنات الخلد بنعيمها المقيم . فقد أعطى الله تعالى أحد عباده مالا وفيرا فقال : « ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال : يا رب، آتيتني مالا فكنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز، فكنت أيسر على الموسر، وأنظر المعسر، فقال الله تعالى له : أنا أحق بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي »، وهكذا، فقد أدخله الله جزاء رحمته بالناس .
تحياتي لكم
تسلم اديكى همسه موضوع رائع وممتاز بارك الله فيكى
![]()
التعديل الأخير تم بواسطة MR.Mahmoud ; 6 - 11 - 2008 الساعة 02:09 AM
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)