أتخيل وجه موريس صادق وتيري جونز وغيرهم من المتشددين وكارهي الإسلام الآن، وأراهم فرحين مسرورين لنجاحهم في استفذاذ كل مسلم علي وجه الأرض، وأوجه حديثي إلي من لدينا من خطباء أفاضل، وإلي أولئك الذين لهم باع في حوادث الإرهاب التي شوهت صورة الإسلام، لا أثتثني أحد، ولا أقلل من أحد.. أحترم غيرتكم، فالغيرة واجبة علي كل مسلم حتي وإن كان في فهمه ما يسيئ للإسلام،،، إنه ليس وقت الشعارات الرنانة والخطب الموزونة التي يلجأ إليها هواة الشهرة والإعلام كلما سنحت لهم الفرصة لممارسة هواياتهم التي يحبون، علينا ان نتعقل قليلا قبل أن نصير رد فعل دموي يتجه في طريق رسمه مجموعة من مثيري الفتن المحرضين علي الكراهية والتناحر، فالحقيقة التي تُعمي أبصارنا الآن عن مخطط بعض أقباط المهجر وبعض أذنابهم داخل مصر، ان هناك فيلما يتناول حياة الرسول صلي الله عليه وسلم بطريقة عبثية مسيئة، الظاهر منها أنها تريد تشويه صورة الرسول عليه صلوات الله وسلامة والتشكيك في أصل الرساله التي حملها للعالم وهو ليس بوارد إطلاقا مهما فعلوا ومهما صنعوا من أفلام، فنحن علي يقين وايمان أن رسالة محمد لن تنتهي، فهي الحق الذي جاء لينير البشرية جمعاء، لكن هناك أمر آخر نجهله يضاف الي هذا الهدف البغيض من نشر هذا العمل بهذه الصورة القذرة،،
فالغرض الخفي لهذه المؤامرة التي تحاك ويستخدم فيها أشد انواع الخبث ليس فقط الإيقاع بين المسلمين والمسيحيين وبث روح الكراهية بينهم، وليس العمل علي اثارة الفتنة الطائفية في البلاد التي بها أقليات مسلمة أو قبطية أوالعكس، فهذا لا يعتبر الغاية، انما من الممكن ان يدرج تحت اسم "الوسيلة" التي يتخذها الحاقدين علي الإسلام ويخشون من تزايد انتشاره وامتداده أكثر فأكثر، فنحن لم نعد في زمن الفتوحات، ولسنا في زمن نتنقل فيه من مكان الي أخر حتي نتمكن من نشر ما لدينا من أفكار، فوسائل الأتصال وايصال المعلومات وتداولها أصبحت يسيرة إلي درجة بعيده، وتزايد أعداد من يعتنقون الاسلام كل يوم في الدول الأروبية والغربية ليست بالهينة، بل وتسبب الرعب لكل كاره.

كذلك فالأخبار التي تنتشر كل يوم تلو الآخر عن تحقق العلم من معجزات القرآن الكريم وأثباته لها معجزة بعد الأخري – وهي ليست محل شك - وما يترتب عليها من توجه الانظار والقلوب نحو الاسلام، يسبب الرعب لأعداء الاسلام علي مستوي العالم وفي قلب الحاقدين بكل مكان، فماذا عليهم أن يفعلوا؟ هل ينتظروا حتي يصل الاسلام الي منازلهم؟ هل ينتظروا حتي يعتنق ابنائهم وزوجاتهم الاسلام؟ أم يخططون جيدا لإظهار الإسلام والمسلمين علي هيئة الهمج والغوغاء الدمويين وتثبيت الصورة التي ارتسمت في ذهن الغرب عن العرب عامة وبخاصة المسلمين بعد احداث 11 سبتمبر؟

علينا جميعا أن نتذكر أن موعد الاعلان هذا الفيلم المسئ قدد حدد مسبقا في الذكري الحادية عشرة لأحداث 11 سبتمبر ليعيد ما يترتب عليه من أحداث، صغيرة كانت أو كبيرة، الصورة التي رسمها الإعلام الأمريكي في ذهن العالم جراء هذه الأحداث، ولا يهم أحد إذا ما ترتب علي هذه الإستفذاذات سفك دماء مسلم أو مسيحي أو حتي دماء الآلاف منهم، فالهدف معروف وهو الإسلام عامة والوسيلة هي الإساءة الي رسوله الكريم لما له لدينا من مكانه.

إنها منظومة تعمل من أجل الحد من انتشار الإسلام ككل، ولا تستهدف مصر فقط أو الدول العربية فقط، إنما تستهدف العالم الإسلامي بأكمله، تريد ان تخلق من الذرائع ما يمكن تحالفات الغرب من إقتحام دول الإسلام دولة تلو الدولة تحت لواء الحرب علي الإرهاب، فهي حروب صليبية جديدة تتعلل بالإرهاب، وبكراهية المسلمين للمسيحين التي لم نعرف عنها شئ إلا بعد أن رأينا وجوه هؤلاء المتشددين أمثال القس العنصري المتشدد " تيري جونز" صاحب دعوي حرق المصحف، وأمثال موريس صادق الذي اسقطت عنه محكمة القضاء الاداري الجنسية المصرية عام 2009 لتحريضه ضد أمن وسلامة مصر وغيرهم من المتشددين بالداخل والخارج، أقباط كانوا أو مسلمين، فالتشدد لا دين له، ورايته الكراهية.

فهل علينا أن ننجر إلي الغضب الأعمي لنحقق لهم ما يريدون؟ أم علينا أن نكبح جماح غضبنا ونصرف الأمر كما علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بحكمة، وان نظهر خلق الإسلام حتي في أحلك الظروف التي نتعرض لها وأصعبها.

فالإسلام لم ينتشر بالسيف، وانما بالخلق قبل أي شئ، فخلق محمد بن عبدالله كانت معلومة للجميع قبل أن يهبط عليه الوحي، والله سبحانه وتعالي قادر علي حماية رسوله الكريم، وبتر ألسنه من يسيئون إليه وإلي محكم آياته، لكن الله عز وجل له حكمته في كل ما يحدث، وإن احسنا استغلال ما حدث واردنا أن نقلب السحر علي الساحر، علينا ان نظهر للعالم اجمع حسن خلق المسلم، ونريهم أخلاقيات الإسلام حتي يرغب من يريد له الله الهداية في ان يعرف أكثر عن الإسلام، وان يقرأ عنه ويبحث بدقة اكثر، فتتجلي له الحقائق التي أخفاها عنه إعلام الغرب الاسود.

لكن الأن، وبعد إحراق السفارة الأمريكية في ليبيا ومقتل سفير الولايات المتحدة لديها ، وبعد مهاجمة وإقتحام السفارة الأمريكية بمصر، فهل اعدنا الحق لرسول الله صلي الله عليه وسلم؟ هل توقف عرض الفيلم المسئ؟ هل تم حذفه واستجاب لنا العالم؟ لا لم يحدث ذلك، بل للأسف لقد ساهمنا في نشر فيلم جنسي هزلي بدافع أننا نغير علي رسولنا الكريم، للأسف الشديد نحن من نصنع مشاهير التطرف ونجعل منهم أسماءا وشخصيات معروفة وهم أقل شأنا من أن نعيرهم إهتمامنا في الأساس.

هاني الفرماوي
[email protected]