علمت أن رزقى لن يأخذه غيرى فاطمئن قلبى ------ اللهم اجزى ابا سيف الدين عنا وعن المسلمين خير الجزاء
لقد خلق الله تعالى العالم كله بيده وأخرجه من العدم الى الوجود بقدرته و خلق العباد بكلمته و أحاط بما لديهم بعلمه و صيرهم على طاعته بقهره ورعاهم و رباهم بقيوميته و رزقهم و تولاهم بربوبيته و أخدع رقابهم له بألوهيته فلا مانع لما أعطى و لا معطى لما منع لا اله الا الله و لا معبود بحق سواه خلق الخلق و أحصاهم عددا و قسم الارزاق و لم ينسى أحدا تكفل برزق عباده كافرا او مؤمنا عاصيا كان او كافرا فلم يفرق بين احد من عباده بل سوى بين من وحده و من اشرك به غيره فجمع جميع خلقه تحت قوله ( و ما من دابه فى الارض الا على الله رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل فى كتاب ) فالارزاق جميعها بيد الله وحده هو صاحب التصريف فيها يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر فلم يتخذ الله تعالى شريك له فى تقسيم الارزاق فذالك كفر به تعالى الله عن ذالك علوا كبيرا فهو وحده تعالى المتفرد برزق عباده يزيد لهم فيه ببركته و ينقصه بعدله كل على حسب أقتداره فلا يستطيع انسان ان يمنع رزق انسان اخر او يمنع الرزق ان يصل الى صاحبه لان الله تعالى هو المقسم و هو الموصل و لا يجوز فى حقه تعالى العجز او الخطا فلا حيله فى الرزق فالله تعالى قبل ان يخلق الانسان فى بطن امه تولاه تعالى بالتربيه و اودع عنده من يقوم بحفظه و هو فى جوف رحم امه ثم لما شاء تعالى للجنين ان يعيش على الارض لم يلقى بحمل رزقه على كاهل ابواه بل تولى الله تعالى رزقه بنفسه و ضمن له تعالى مقومات الحياه فكتب له رزقه و أجله و سعده و شقوته و امر ذالك الانسان بالسعى من اجل التوصل الى رزقه فمع تولى الله تعالى رزق ذالك الانسان بنفسه و ضمانه له فلا مجال لبشر بان توسوس له نفسه او يزله الشيطان فى ان يفكر فى قطع رزق أحد من الخلق او الوقوف على باب بيته لمنع الرزق ان يصل اليه فمن يفكر بهذا الفكر الاحمق فهو جاهل بل و كافر لانه قبل ان يفكر فى قطع الرزق لغيره لابد له ان يمنع من يرزقه و هو الله تعالى ان يرزقه و هذا تجبر و ظن سوء يوصل الى حد الكفر فقلد روى فى الخبر ان سيدنا سليمان بن داوود عليهما السلام سئل نمله و قد وهبه الله تعالى علم كلام الطيور و الحيوانات و الدواب سئل سليمان ذات يوم نمله كم تأكلين طوال السنه فقالت النمله أأكل حبتان من القمح طوال السنه فأخذ سليمان هذه النمله ووضعها فى قاروره من الزجاج ثم وضع معها حبتان قمح و حبسها بداخل القاروره ووضعها فى قصره و بعد مرور سنه جاءها سليمان وفتح القاروره ليراها أأكلة الحبتان ام لا حتى يعطيها غيرهما فوجدها لم تأكل سوى حبه واحده فتعجب و سئلها لماذا أكلة حبه واحده و انتى تأكلين حبتان طوال العام فقالت كنت وانا على الارض أثق فى ان الله سيرزقنى حبتان كل سنه فكنت أأكل الحبتان كلهم و انا مطمأنه و لكن لما حبستنى انت داخل القاروره و معى الحبتان خشيت ان تنسانى فأموت فأكلت حبه و تركت الاخرى مدخرا فقال سليمان سبحان من رزقكى و انت ضعيفه لا حول لك و لا قوة ربى و ربك الله ثم سجد و تركها على الارض لتأكل من رزق الله هذه النمله ضربت لنا نحن البشر على ضعفها و قله حيلتها اروع الامثال فى التوكل على الله و حسن الثقة به تعالى فكيف حالنا نحن البشر و نحن نفكر افكار شيطانيه خائبه خاسره فى اننا نستطيع ان نقطع ارزاق غيرنا من البشر او ان نمنع وصول الرزق الى غيرنا لنأخذه نحن هناك أناس كثيره جاهل تفكر و هى صاحبه المحلات التجاريه و الشركات الكبرى فى انها بمجرد ان ترفض او تطرد العامل من شركتها او محلها بذالك تكون قد قطعت رزقه فهذا التفكير خائب و فاعله دنىء فقد يصل بتفكيره هذا الى حد الكفر بالله تعالى و لعياذ بالله و لكن الحقيقه ان رزق العامل لما كان يشتغل فى هذه الشركه او هذا المحل كان يحوله الله الى صاحب الشركه او المحل ليصل هذا الرزق عن طريقه الى العامل عنده اذا فصاحب الشركه او المحل يعتبر ما هو الا واسطه للرزق وسيله خاويه و قد ينال بذالك صاحب الشركه او المحل الثواب العظيم من الله لان الله تعالى اعطاه من فضله الشركه او المحل ثم جعل الانسان العامل عنده أمانه يرزقه الله تعالى بواسطته فان عامله صاحب الشركه او المحل معامله طيبه و اكرمه ينال من الله تعالى الاجر و الثواب و ان عامله معامله سيئه يقلصه الله تعالى فيقبض بعضا من رزقه و لا يزال صاحب الشركه او المحل يعامل العامل عنده معامله سيئه و كانه صاحب الفضل عليه و ينسى ان الفضل كله بيد الله و لا فضل لبشر على بشر الا بالتقوى و العمل الصالح حتى يزداد تقلص من الله فى رزقه حتى تزول النعمه منه و يتحول من صاحب شركه او محل الى مجرد مديون يطارده السجان و تأرقه الاحزان ليل نهارا جزاءا وفاقا لانه تبتر على نعمه الله تعالى و نسب الفضل الى نفسه و نسى ربه و عامل عماله معامله سيئه و كأنه يرزقهم فكان جزاءه أن ازال الله النعمه عنه فانكشف ستره حتى يذوق وبال أمره و يعانى ما عاناه العامل الفقير عنده فيتعلم حسن الخلق مع غيره و عدم التكبر على عماله الذين هم سفراء الله عنده لان الله تعالى قال فى حديث قدسى ( الاغنياء وكلائى و الفقراء سفرائى و فى روايه عيالى فاذا بخل وكلائى على عيالى أدخلتهم النار و لا أبالى ) فلابد للانسان ان يكون حسن الثقه فى الله تعالى بانه سيرزقه مادام يسعى على لقمه العيش و يتحرى الحلال فيها و لابد للانسان ان يتوكل على الله حتى يصل الى رزقه قال تعالى ( و من يتوكل على الله فهو حسبه ان الله كافى أمره سيجعل الله من بعد عسر يسرى ) و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لو أنكم توكلتم على الله حسن توكله لرزقكم كما يرزق الطير فى الهوى تغدوا خماصا و تعود بطانا ) الانسان الذى لا يربط نفسه بالعمل عند غيره من المحلات التجاريه او الشركات و يعتمد على نفسه فى السعى للوصول الى رزقه و الحصول على لقمه عيشه فهو الافضل و يعتبر من الاحرار طالما يمتلك من الخبرات و الامكانيات و المؤنه التى تمكنه من الاستمرار فى الحياه لانه بسعيه سيصل الى رزقه الذى اعده الله تعالى له و سيحصل على لقمه عيشه التى ضمنها الله تعالى له دون ان يعرض نفسه لحتكار التجار الاشرار الفجار الذين هم اول من تسعر بهم يوم القيامه النار الذى يحسون انهم هم الذين يرزقونه من خلال المرتب الذى يقبضه و يحصل عليه من خلال عمله عنده مع ان العامل يحصل على مرتبه بعرق جبينه و مجهوده و شغله لا بفضل صاحب العمل و امتنان عليه فمن اصحاب المحلات و الشركات من يستهويهم الشيطان ببعض ما اكتسبوا فيصول لهم انهم يرزقون العمال عندهم و ان العمال لو تركوهم سيموتون من الجوع و سينقطع رزقهم اذا قاموا بطردهم من محلاتهم او شركاتهم فهذا اشراك و كفر و بطر و تجبر نعوذ بالله تعالى منه لذالك طمئن الله تعالى قلوب عباده و القى فى صدورهم السكينه و الرضا بأن اخبرهم بأنه تعالى هو المتكفل برزق العباد لا احد غيره ثم أمر ميكائيل عليه السلام و هو من كبار الملائكه المقربين ان يقسم الارزاق على العباد فى مطلع فجر كل يوم حتى يزيد الله تعالى بذالك عباده بان رزقهم سيصل اليهم لا محاله و لا يستطيع اى قوة على الارض ان تمنع وصول الرزق الى صاحبه ثم لكى يزداد الانسان تأكيد اخبره الله تعالى بان خزائنه مملؤه لا تنفذ و لا تعجز مهما كان تعداد البشر حتى لو اجتمع الثقلان الانس و الجن فى مكان واحد وكان بعضهم لبعض ظهيرا و طلب كل واحد منه مسئلته و اعطى كل واحد منهم رزقه فلا تنفد الخزائن و لا تقل بل هى ممتلآه و الله تعالى يده المقدسه سخيه جواده معطائه ينفق كيف يشاء لا تبخل و لا تنفذ قال الله تعالى فى الحديث القدسى ( يا بن ادم لا تخف من فوات الرزق ما دامت خزائنى مفتوحه و لا تخف من ذى سلطان ما دام ملك و سلطان لا يزول يا بن ادم خلقتك من اجلى و خلقت كل شىء من اجلك فان اطعتنى اطاعك كل شىء يا بن ادم لى عندك فريضه و لك عندى رزق فان خالفتنى فى فريضتى لم اخالفك فى رزقك فوعزتى و جلالى لو ان انسكم و جنكم اجتمعوا فى صعيد واحد و طلب منى كل واحد مسئلته لاعطيت كل واحد مسئلته و لم ينقص ذالك من ملكى شيئا جفت الاقلام و انطوت الصحف ) الله تعالى هو الذى يتكلم فمن الذى يخاف من فوات رزقه الله اكبر الله تعالى يقسم بذاته المقدسه فمن الذى يستطيع ان يتحدى الله تعالى و يقطع رزق احد من عباده مهما أعيته الحيل و مهما فعل من المكر لانه يتعامل مع الله و ليس الانسان الذى يريد قطع رزقه و الله تعالى يقول ( الا لا يحيق بالله المكر السىء ) و يقول تعالى ( و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ) اذا لابد ان يفرح الانسان بهذا الضمان الالهى الذى اعطاه له الله تعالى من انه سيحصل على رزقه و سيصل الى لقمه عيش لا يستطيع انسان يقطع ذالك او يمنعه مهما فعل من الحيل و مهما اوتى من المكر لانه لا حيله على الله فى رزق و لا كيد على الله فى ملك لان الرزق كله بيد الله هو المتصرف فيه بقدرته و هو الذى سيوصله لعباده بقيوميته فهذا لص يسكن فى الصحراء ليقطع الطريق على القوافل التى تمر من امامه و يستولى على ما فيها بالسرقه و القوة و القتل و تحت تهديد السلاح فيريد الله تعالى لهذا اللص بالهدايه و ان يريه الصواب و ان يشيل عن عينيه العصابه السوداء ليبصر الحقيقه ليعلم يقينا انه لن يستطيع بوقفته هذه ان يقطع رزق احدا او ان يستولى على قوت أحد بقوته حيث يقف هذا اللص فى منتصف الصحراء فى الشمس المحرقه ليشاهد بعينيه طائر يحمل فى فمه رغيف من العيش و طير به فى الجبل فيوقظ ذالك المشهد العجيب غريزة حب الاطلاع عنده فيركب فرسه و يتتبع هذا الطائر لينظر الى اين يستقر الطائر و لمن يحمل الرغيف و لما دخل الطائر كهف مظلم فى جوف الجبل و خرج بدون الرغيف نزل اللص من على فرسه و استل سيفه و دخل هذا الكهف فشاهد رجل ضرير أعمى يجلس فى أحد زوايا الكهف و هو يأكل الرغيف فى فمه فاقترب اللص من الاعمى و سئله ايها الرجل من انت هل انت نبى ام رسول ام ولى من الاولياء فقال الاعمى لست هذا و لا ذالك و لكننى انسان عادى مثلك قد أخذ الله بصرى بعد كبر سنى فاردت ان أحج الى بيت الله الحرام لاؤدى فريض الله وركبه الجمال مع القوم و لما وصلنا الى هذا الجبل أنخنا الجمال لنستريح من السير فأخذت امشى على انفرادى و ارتقب الطريق بعصاتى لاختفى عن أعين القوم فأستتر عنهم لانى اريد ان اقضى حاجتى فلما أطلت عليهم ركبوا جمالهم و نسونى يحسبونى معهم فلم عدت اتحسس الطريق لم اسمع صوت علمت انهم تركونى سهوا فلم أخف لانى حسن الثقة بالله مراقب له فى حياتى فقلت لا حول و لا قوة الا بالله العظيم و أخذت اتحسس الطريق حتى انصدمت بهذا الكهف فأويت اليه مخافة الذئب و لم ينسانى الله تعالى فسخر لى هذا الطائر يأتينى برغيف فى الفطار و فى الغداء و فى العشاء فى مواعيده لا يتأخر عنى لحظه فاستعجب اللص من قصه الاعمى و قال سبحان الله حماقتى صولت لى ان استطيع ان اقطع الطريق على الناس فى البر فبعث الله اليهم ارزاقهم فى الجو فتاب اللص و انصلح حاله و حج الى بيت الله الحرام و هو يقف خلف الامام فى صلاة العشاء فى الكعبه قرأ الامام بعد الفاتحه قوله تعالى ( و فى السماء رزقكم و ما توعدون بلا و رب انه لحق مثلما توعدون ) صرخ اللص التائب و قال باعلى صوته من الذى كذب الله تعالى حتى يقسم ثم شهق و خر ميتا و دفن فى الكعبه و دخل الجنه اذا من اليقين ان يتاكد الانسان ان الارزاق بيد الله و ان يسعى للحصول عليها و ان يثق بانه لن يستطيع من صولت نفسه الخبيثه بالافعال الدنيئه ان يقطع رزق احد لان الرزاق هو الله وحده لا احد غيره فلابد للانسان ان يفرح فى طاعة الله و ان يهنأ بالعيش فى ظلال التوكل على الله و ان يطمأن فان الرازق الله فبذالك عمل العارفون و بهذا تقرب الائمه العابدون كان الحسن البصرى رضى الله عنه و هو احد اعلام التابعين و امام الصوفيه الاولين و احد الزهاد المشهورين كان يمتلك محل تجارى يبيع فيه القماش داخل السوق و كان كلما سمع الاذان قفل محله و ذهب الى المسجد و يظل فى مصلاه بالساعات الطوال ثم يعود و يفتح و يفعل ذالك كل وقت فى جميع الصلوات فقال له احد التجار من حوله الم تخف من ان ياخد رزقك احد بان ياتى اليك المشترى فيجد محلك مغلق فيشترى من محل اخر فقال الحسن البصرى علمت أن رزقى لم يأخذه أحد غير فأطمن قلبى و علمت أن عملى لن يحاسب عليه أحد غيرى فانشغلت به لابد لنا جميعا ان نكون قائمون على الاقتداء بهؤلاء الاعلام النبلاء الذين فازوا بهنىء العيش فى دنياهم و جنه ربهم فى اخراهم و نحن مسلمون لابد و ان نحسن الثقة بالله تعالى و ان نطهر قلوبنا من الزيغ و الافتراء و المكر من اجل تقطيع ارزاق الغير فنحن بذالك نخدع انفسنا فمن الحرى بنا بل و الواجب علينا جميعا ان نتذوق ثمره عطر نسيم رياحين التوكل على الله و ان نتمتع برشف شربت هنىء حلاوة عزب بحار حسن الثقه بالله لنحظى برهيف رغد نعيم راحه ارتياح القلوب بتقوى الله و نترك للساننا و جوارحنا و حواسنا و مظاهرنا التمتع بقول لا اله الا الله لتشهد كل معاملاتنا و ضمائرنا و عقولونا بان محمد رسول الله فاذا ما فعلتم ذالك ووصلتم الى قمم زروة الراحه و النعيم فى الدنيا و الدين فستزكرون ما اقول لكم و أفوض امرى الى الله
علمت أن رزقى لن يأخذه غيرى فاطمئن قلبى ------ اللهم اجزى ابا سيف الدين عنا وعن المسلمين خير الجزاء
حب النبى وهذا القدر يكفينىالبحث على جميع مواضيع العضو محمد مطاوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)