قهوتنا على الانترنت
ابحث عن :  
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 25
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي مي زيادة .....حياتها واعمالها

    ولدت ماري زيادة (التي عرفت باسم ميّ)

    في مدينة الناصرة بفلسطين العام 1886


    ابنةً وحيدةً لأب من لبنان وأم سورية الأصل فلسطينية المولد.
    تلقت الطفلة دراستها الابتدائية في الناصرة, والثانوية في عينطورة بلبنان.
    وفي العام 1907, انتقلت ميّ مع أسرتها للإقامة في القاهرة. وهناك, عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنكليزية,
    وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته, عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها.
    وفيما بعد, تابعت ميّ دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.
    وفى القاهرة, خالطت ميّ الكتاب والصحفيين, وأخذ نجمها يتألق كاتبة مقال اجتماعي وأدبي ونقدي, وباحثة وخطيبة.
    وأسست ميّ ندوة أسبوعية عرفت باسم (ندوة الثلاثاء), جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوة من كتاب العصر وشعرائه,
    كان من أبرزهم: أحمد لطفي السيد, مصطفى عبدالرازق, عباس العقاد, طه حسين, شبلي شميل, يعقوب صروف,
    أنطون الجميل, مصطفى صادق الرافعي, خليل مطران, إسماعيل صبري, وأحمد شوقي.
    وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام ميّ حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته.
    أما قلب ميّ زيادة, فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده, رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة(!).
    ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا: من 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك عام 1931.
    نشرت ميّ مقالات وأبحاثا في كبريات الصحف والمجلات المصرية,
    مثل: (المقطم), (الأهرام), (الزهور), (المحروسة), (الهلال), و(المقتطف).
    أما الكتب, فقد كان باكورة إنتاجها العام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية,
    ثم صدرت لها ثلاث روايات نقلتها إلى العربية من اللغات الألمانية والفرنسية والإنكليزية.

    وفى أعقاب رحيل والديها ووفاة جبران تعرضت ميّ زيادة لمحنة عام 1938, إذ حيكت ضدها مؤامرة دنيئة,
    وأوقعت إحدى المحاكم عليها الحجْر, وأودعت مصحة الأمراض العقلية ببيروت.
    وهبّ المفكر اللبناني أمين الريحاني وشخصيات عربية كبيرة إلى إنقاذها, ورفع الحجْر عنها.
    وعادت ميّ إلى مصر لتتوفّى بالقاهرة في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 1954.


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    الحياة أمامكِ

    الحياة أمامك, أيتها المصرية الصغيرة, ولك أن تكوني فيها ملكة أو عبدة:
    عبدةً بالكسل, والتواكل, والغضب, والثرثرة, والاغتياب, والتطفل, والتبذُّل, وملكة بالاجتهاد, والترتيب, وحفظ اللسان, والصدق, وطهارة القلب والفكر, والعفاف, والعمل المتواصل.
    فإن عشتِ عبدةً بأخلاقكِ كنتِ حملاً ثقيلاً على ذويك فكرهوكِ ونبذوكِ. وإِذا عشتِ ملكةً أفدتِ أهلك ووطنك وكنتِ محبوبة مباركة.
    فأيهما تختارين?
    إذا اخترتِ الملك فروّضي نفسكِ على المكارم منذ الساعة, لأن الملوك يسلكون طريق العز منذ الصغر

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    عام سعيد

    كلمة يتبادلها الناس في هذه الأيام ولا يضنّون بها إلاّ على المتشح بأثواب الحداد, فإِذا ما قابلوه جمدت البسمة على شفاههم وصافحوه صامتين كأنما هم يحاولون طلاء وجوههم بلونٍ معنويٍّ قاتم كلون أثوابه.

    ما أكثرها عادات تقيِّدنا في جميع الأحوال فتجعلنا من المهد إلى اللحد عبيدًا! نتمرّدُ عليها ثم ننفِّذ أحكامها مرغمين, ويصح لكل أن يطرح على نفسه هذا السؤال: (أتكون هذه الحياة (حياتي) حقيقة وأنا فيها خاضع لعادات واصطلاحات أسخر بها في خلوتي, ويمجُّها ذوقي, وينبذها منطقي, ثم أعود فأتمشى على نصوصها أمام البشر)?

    يبتلى امرؤٌ بفقد عزيز فيعين لهُ الاصطلاح من أثوابه اللون والقماش والتفصيل والطول والعرض والأزرار فلا يتبرنط, ولا يتزيا, ولا ينتعل, ولا يتحرك, ولا يبكي إِلاّ بموجب مشيئة بيئته المسجلة في لوائح الحداد الوهمية, كأنما هو قاصر عن إِيجاد حداد خاص يظهر فيه - أو لا يظهر - حزنه الصادق المنبثق من أعماق فؤاده.

    إِذا خرج المحزون من بيته فلا زيارات ولا نُزَه ولا هو يلتقي بغير الحزانى أمثاله. عليه أن يتحاشى كل مكان لا تخيِّم عليه رهبة الموت; المعابد والمدافن كعبة غدواته وروحاته يتأممها وعلى وجهه علامات اليأس والمرارة.

    وأما في داخل منزله فلا استقبالات رسمية, ولا اجتماعات سرور, ولا أحاديث إِيناس. الأزهار تختفي حوله وخضرة النبات تذبل على شرفته, وآلات الطرب تفقد فجأة موهبة النطق الموسيقي; حتى البيانو أو الأرغن لا يجوز لمسه إِلاّ للدرس الجدي أو لتوقيع ألحان مدرسية وكنسية - على شريطة أن يكون الموقّّع وحده لا يحضر مجلسه هذا أحد. أما القرطاس فيمسى مخططًا طولاً وعرضًا بخطوط سوداء يجفل القلب لمرآها.

    كانت هذه الاصطلاحات بالأمس على غير ما هي اليوم, وقد لا يبقى منها شيء بعد مرور أعوام, ولكن الناس يتبعونها الآن صاغرين لأن العادة أقوى الأقوياء وأظلم المستبدين.

    إن المحزون أحق الناس بالتعزية والسلوى; لسمعهِ يجبُ أن تهمس الموسيقى بأعذب الألحان, وعليه أن يكثر من التنزه لا لينسى حزنه فالحزن مهذب لا مثيل له في نفسٍ تحسنُ استرشاده, وإِنما ليذكر أن في الحياة أمورًا أخرى غير الحزن والقنوط.

    ألا رُبَّ قائلٍ يقول إن المحزون من طبعه لا يميل إِلي غير الألوان القاتمة والمظاهر الكئيبة, إِذن دعوه وشأنه! دعوه يلبس ما يشاء ويفعل ما يختار! دعوا النفس تحرّك جناحيها وتقول كلمتها! فللنفس معرفة باللائق والمناسب تفوق بنود اللائحة الاتفاقية حصافة وحكمةً.

    بل أرى أن أخبار الأفراح التي يطنطن بها الناس كالنواقيس, ومظاهر الحداد التي ينشرونها كالأعلام, إنما هي بقايا همجية قديمة من نوع تلك العادة التي تقضي بحرق المرأة الهندية حيةً قرب جثة زوجها. وإِني لعلى يقينٍ من أنه سيجىءُ يومٌ فيه يصير الناس أتم أدبًا من أن يقلقوا الآفاق بطبول مواكب الأعراس والجنازات, وأسلم ذوقًا من أن يحدثوا الأرض وساكنيها أنه جرى لأحدهم ما يجري لعباد الله أجمعين من ولادةٍ وزواجٍ ووفاة.

    وتمهيدًا لذلك اليوم الآتي أحيِّي الآن كلَّ متشّحٍ بالسواد; أما السعداء فلهم من نعيمهم ما يغنيهم عن السلامات والتحيات.

    أحيِّي الذين يبكون بعيونهم, وأولئك الذين يبكون بقلوبهم: أحيِّي كلَّ حزين, وكل منفردٍ, وكل بائسٍ, وكل كئيب. أحيِّي كلاًّ منهم متمنية له عامًا مقبلاً أقلَّ حزنًا وأوفر هناء من العام المنصرم.

    نعم, للحزين وحده يجب أن يقال: (عام سعيد)!



  4. #5
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    تسلمي مايا
    مشكورة جدا على اهتمامك
    ربي يسلم عمرك

  5. #6
    تاريخ التسجيل
    16 - 12 - 2008
    ساكن في
    في ارض ربنا الواسعه
    المشاركات
    2,909
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي مجلة مي زيادة .....

    في هذا الكتاب:
    تبحر الكاتبة نوال مصطفى في أعماق قصة حياة الأديبة والمفكرة الفريدة مي زيادة ... وتكشف أسراراً كانت لا تزال - حتى الآن – يكتنفها الغموض وتحيطها مساحة من الضباب! فهل أحبت مي؟ ومن هو صاحب قصة الحب الأسطورية في حياتها؟! هل أصيبت الأديبة - الظاهرة – مي بالجنون في أخريات أيامها أم كانت قصة مختلفة ومؤامرة خسيسة نسجت بذكاء لإغتيالها معنوياً ثم مادياً؟
    لقد كانت مي زيادة صاحبة أشهر صالون أدبي في القرن العشرين .. وكان صالونها ملتقى أدباء وعمالقة الفكر في عصرها . وكانت مثقفة من طراز فريد.. تجيد ست لغات وتصل قامتها الأدبية إلى قامات كبار رجال الفكر في عصرها.
    وهذا الكتاب إبحار عميق وترجمة صادقة لحياة مفكرة ورائدة تستحق أن تقرأ.


    (اختير كتاب: " مي زيادة .. أسطورة الحب والنبوغ " في معرض الكتاب الدولي لعام 2000 كأفضل عمل ثقافي وتلقت نوال مصطفى هذا التكريم المشرف من الرئيس حسني مبارك في الإحتفال الذي يحضره كتاب ومفكرو مصر في بداية المعرض.)





    ( مى زيادة ) شخصية فريدة في الأدب العربي . ربما كانت هي وأندريه شديد أعظم أديبتين .. ومى تكتب بالعربية وأندريه شديد تكتب روايات ومسرحيات وشعراً بالفرنسية. ومن الصعب أن تنظر إلى ( مى) أو تقترب منها دون أن يلسعك عذابها وتوجعك أحزانها وتشفق عليها.

    فقد أحاطها وحاط بها أعلام الفكر والسياسة والأدب في زمانها. فكانت حيرتها : فكلهم يحبونها ويصارحونها بذلك . وهي لا تحب واحد منهم .. أو تدعي ذلك . فقد كان قلبها في مكان آخر . ولم تشأ أن تعترف . وقد ألقى بها الصراع العنيف في مستشفى الأمراض العقلية في بيروت. وإن كان رأيي أنها ولدت في مستشفى الأمراض العقلية فليس صالونها الأدبي الذي فتحته في سنة 1913 إلا إحدى غرف التعذيب في الأساطير الإغريقية القديمة..

    وبعد أن نقرأ حياة ( مى) وأبعادها وأعماقها وأوجاعها يمكنك أن تتجه إلى ( مى) ذاتها .. مرآتها .. فتقرأ بقلمها وألمها .. ففي الحالتين سوف تجد ما يثيرك ويشغلك. فهذه الفتاة اكتوت مرتين بالنار : نار العزلة والانطواء والحرمان , ومرة ثانية بوهج أعظم المفكرين والشعراء في حياتها.. وقد واجهت كل هؤلاء وحدها وإنفردت بهم .. ثم إنفردت بنفسها تبكي حظها وموهبتها حتى إنهارت في النهاية وعادت إلى مصر وقد شابت وتحطمت وصارت رماداً للنجم الساطع : ( مى زيادة) الفلسطينية السورية اللبنانية المصرية , وحيدة الموهبة فريدة العذاب في لوحة حب وإعجاب وصدق بريشة نوال مصطفى!

    بقلم : أنيس منصور



    قبل أن تقرأ..
    لماذا هذا الكتاب عن مي زيادة؟



    تردد هذا السؤال داخلي أكثر من مرة , وفي أكثر من مرحلة من مراحل إنجاز هذا العمل.
    لماذا أكتب عن مى الآن .. وبعد حوالي ستين عاماً على رحيلها عن دنيانا؟! لماذا أكتب عن مى بعد كل ما كتبته هي عن نفسها وكل ما كتبه الآخرون عنها ؟! وهل قصة مى زيادة في حاجة إلى من يرويها بعد أن اعتلت مكان القمة في الأدب العربي المعاصر .. وملأت بنبوغها سماء الفكر والثقافة طوال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي؟! هل هي في حاجة لمن يكتب عنها؟!
    ...

    تراءت أمامي جملة موجعة كتبتها مى بخط يدها قبل الرحيل:
    أتمنى أن يأتي بعدي من ينصفني!
    إذن لا مفر!
    سأكتب قصتك يا مي ؛.. وستقرؤها الأجيال التي لم تقرأ لك .. ولم تستمع إلى محاضراتك وخطبك وأحاديثك . سأكتب قصتك وأروي الحقيقة الحزينة ليعرفها الذين اختلطت ملامح صورتك في عيونهم وطالها الضباب.. بعد كل ما قيل عن نهايتك المأساوية.
    سأكتب قصتك كما عشتها في كل ما خطته ريشتك.. في كل ما سكبه قلبك على الورق من آلام ووجع , وترجمه إحساسك وأناتك وعذابك المكتوم.. المكتوب!


    ***

    وبدأت الرحلة الصعبة للإبحار داخل ذلك الزمن الجميل . زمن كان للفكر فيه هيبة.. وللأدب والثقافة إحترام وإجلال . وكان المبدعون هم صفوة المجتمع.. وليسوا رجال الأعمال! زمن كان الحدث الثقافي لا يقل في أهميته عن الحدث السياسي. والمعارك الأدبية تجد من القراء مالا تجده المعارك السياسية.

    زمن مى .. والعقاد .. وطه حسين .. وجبران خليل جبران .. وأحمد شوقي .. وأحمد لطفي السيد .. ومصطفى صادق الرافعي .. وإسماعيل صبري .. وحافظ ابراهيم .. وخليل مطران.

    زمن الإبداع والفكر والثقافة حينما ملأت أنواره نهايات القرن التاسع وبدايات القرن العشرين. زمن ارتفعت فيه هامات العبقريات المصرية في كل المجالات : الأدب .. الموسيقى .. الغناء .. الشعر .. الطب .. الهندسة .. زمن الابداع الكلي .. فالابداع لا يتجزأ .. وشعاعه يمتد ويسري في شرايين المجتمع.

    وزمن مى هو ذلك الزمن الجميل .. وكانت هي زهرة هذا الزمان .. والمرأة الوحيدة التي تألقت وتفردت وسط باقة من العمالقة الرجال في عصر لم يكن مسموحا للمرأة بأن تخرج للحياة العامة. ولم يكن متاحاً لها أن تلتقى بالرجال في ندوات ثقافية أو ملتقيات أدبية.

    كانت مى ظاهرة أدبية.. ثقافية .. أنثوية .. إنسانية! هكذا أراها .
    ظاهرة أدبية.. لأنها كتبت بالفرنسية .. وترجمت عن الألمانية.. وعلمت نفسها اللغة العربية فقرأت القرآن والشريعة – رغم أنها مسيحية – وكتبت العربية بلغة هي مزيج فريد من كل اللغات التي أتقنتها وقرأت وكتبت بها.. ونستطيع أن نطلق عليها لغة مى أو مفردات وقاموس مى الخاص . فلأسلوبها هذه النكهة الخاصة جدا التي لا تجدها إلا في سطورها وصورها التعبيرية ومفرداتها.. ووصفها الدقيق للمشاعر الإنسانية التي تتميز به الآداب الأوربية.

    وهي ظاهرة ثقافية .. لأن ثقافتها انفتحت على عدة لغات فقرأت بالفرنسية والألمانية والإيطالية والعربية .. وتنوعت قراءاتها في فروع الثقافة المختلفة : فلسفة .. أدب .. شعر .. فن تشكيلي .. موسيقى .. تراث .. آثار .. قرأت مى في كل هذا .. وبكل اللغات..!

    وهي ظاهرة أنثوية .. لأنها صنعت من نفسها نموذجاً غير مسبوق بين نساء عصرها وحتى في الأجيال التي تلت جيلها . فقد كسرت حاجز التمييز بين الرجل المبدع والمرأة المبدعة.. التقت بمفكري عصرها ورواده من الرجال وحاورتهم وناقشتهم في كل القضايا الأدبية والفكرية بندية ومقدرة عالية. وذلك في صالونها الشهير الذي كان منارة إشعاع وثقافة في المجتمع المصري في ذلك الوقت.

    وهي ظاهرة إنسانية .. لأن مى كما قالت عن نفسها تمثل النموذج " الأيدياليزم " في الحياة .. أي المثالي المفرط في افتراض حسن نوايا البشر . وهي ظاهرة إنسانية أيضاً لأن نشأتها الدينية المتزمتة في مدارس الراهبات أورثتها التزاماً دينياً أخلاقياً صارماً .. فلم تعرف تحرر العواطف كما عرفت تحرر الفكر والإبداع . ولم ير هذين الخطين بتواز داخلها . بل كثيراً ما اصطدما وتناقضا .. وتصارعا!

    وهي ظاهرة إنسانية كذلك.. لأنها لم تعش حياة كاملة أبداً بل عاشت دائماً نصف حياة ! خافت من الحب.. وخافت أن يجرها إلى الخطيئة .. وفي نفس الوقت لم تجد القلب الحقيقي الذي يحتضن مخاوفها ويضمها بصدق .. وكان ذلك سبب كارثة حياتها.

    وكان قدرها أن تصاحب الوحدة منذ طفولتها المبكرة .. ثم في نهايات أيامها المأساوية . وبينهما عاشت سنوات المجد والشهرة والتألق والنجاح .. سنوات عاشت فيها تحت الأضواء والناس من حولها . ورغم كل هذا كانت تعيش وحدة من نوع آخر .. وفراغ نفسي وعاطفي وروحي شديد القسوة.


    ***

    لهذا أكتب عن مى .. أكتب قصتها ليس فقط من واقع ما قرأت لها وعنها .. ولكن من داخل كاتبة . امرأة تدرك معنى أن تكتب امرأة وأن تخرج عن الإطار المألوف والسائد والعادي! وفي مجتمع يسوده الرجال.. وتعرف كم تتضاعف معاناة هذه الكاتبة إذا كانت من الطراز " الأيدياليزم" الذي كانته مى!!

    ولهذا كان هذا الكتاب.......


    ***

    اخترت أن أبدأ فصول الكتاب بطفولة مى .. تلك الفترة التي أثرت على كل حياتها فيما بعد .. حيث ألحقها والدها إلياس زيادة الفلسطيني الجنسية بمدارس الراهبات الداخلية .. بعيداً عن دفء الوطن وحضن الأسرة . ولا أعرف لماذا كانت هذه القسوة التي زرعت مشاعر الوحدة والخواء العاطفي في قلب الصغيرة النابغة وهي لا تزال طفلة..!

    ولدت مى أو ماري إلياس زيادة وهذا هو اسمها الحقيقي في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886 لأب لبناني ماروني وأم فلسطينية أرثوذكسية .. وقضت سنوات عمرها الأولى في مدارس داخلية في لبنان , ثم نزحت مع والدها ووالدتها إلى مصر في عام 1908 .. كان عمرها اثنين وعشرين عاماً .. فتاة في ريعان الشباب .. وظلت في مصر – التي كانت تعتبرها وطنها الأساسي- حتى توفيت في 18 اكتوبر عام 1941 .

    ولذلك ظل شعور " اللامنتمية" يلازم هذه الكاتبة الفريدة.. فالأقطار الثلاثة التي تنتمي إليها : لبنان .. فلسطين .. مصر كل منها يفتخر بأنها واحدة من نوابغه .. لكن أحداً من تلك الأوطان لم يعطها ما تستحق من تكريم حتى الآن.

    وكثيراً ما عبرت مى بقلمها عن هذه الغصة وتلك المرارة التي تشعر بها نتيجة لهذه الغربة الدائمة وعدم الانتماء . فكتبت في أحد مقالاتها ذات مرة تقول : " أين وطني"؟! ولدت في بلد , وأبي من بلد , وأمي من بلد , وسكني في بلد , وأشباح نفسي تنتقل من بلد إلى بلد . فلأي هذه البلدان أنتمي , وعن أي هذه البلدان أدافع؟!

    أما الفصل الثاني .. فيروى قصة قدومها إلى مصر مع والدها , والاستقرار فيها , وبداية التفاف كبار رجال الفكر حولها كظاهرة فريدة في الأدب العربي. ثم التقائها بأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد الذي احتضن نبوغها , وكان له الفضل في إقناعها بالكتابة باللغة العربية ودراسة الأدب العربي . وأهدى إليها القرآن الكريم ومجموعة من كتب الأدب لتبدأ مشوارها مع اللغة العربية قراءة وكتابة.

    وساعدت مى التي كانت تُدرس اللغة الفرنسية لبنات صاحب جريدة " المحروسة" في بداية سنوات حياتها في مصر في تدعيم الثقة بين والدها وصاحب المحروسة.. وبعد فترة بسيطة تركها صاحب الجريدة لوالد مى إلياس زيادة ليكون صاحبها ورئيس تحريرها.
    وهكذا بدأت عملها الصحفي في جريدة المحروسة من خلال باب ثابت كانت تكتبه تحت عنوان " يوميات فتاة" .

    وفي الفصل الثالث .. تفاصيل ما كان يدور في صالون مي أشهر صالون أدبي في القرن العشرين .. وكيف وصف رواد الفكر والأدب والفن هذا الصالون.

    الفصل الرابع.. نقرأ عن مشاهير الأدباء والشعراء الذين أحبوا مى.. وكيف أحبها كل منهم وعبر عن هذا الحب ومنهم : محمود عباس العقاد .. مصطفى صادق الرافعي .. إسماعيل صبري .. أحمد لطفي السيد .. أحمد شوقي .. وآخرون.

    الفصل الخامس.. يرصد ويسجل موقف هؤلاء الرجال الذين أحبوها " لكنهم لم ينصفوها" . هؤلاء الذين انبهروا بسحرها الخاص .. ونسوا الإنسانة . والمبدعة فساهموا في إطفاء الشمعة التي كانت.

    أما الفصل السادس .. فيروي تفاصيل قصة الحب الغريبة .. العجيبة التي لم يعشها في هذا الكون ربما إلا مى .. وجبران! فقد عاشا لمدة تسعة عشر عاماً من الحب والعذاب .. الاشتياق والحرمان .. اللقاء والفراق .. فقط على الورق!!

    الفصل السابع .. يتحدث عن بداية المؤامرة التي وقعت في شباكها .. وكانت السبب في مأساتها .. والفصل الثامن يروي الأيام الأخيرة التي عاشتها في بؤس ثقيل .. وعزلة تامة .. وانسحاب من الحياة في صورة رفض لأي طعام أو شراب .. واستسلام كامل للموت!

    والفصل التاسع .. يتضمن أهم ما كتبته مى من مؤلفات وكتب ومقالات .. ويحتوي على مقتطفات متنوعة مما كتبته.

    كلمة أخيرة.. أود أن أقولها في حق هذه الكاتبة الفريدة . إن مى زيادة التي كانت مشحونة بحلم التنوير والتطوير ومأخوذة بالمعرفة. ومزودة بكنوز من تراثنا ومن الآداب العالمية في آن معاً .. نظلمها إذا أطلقنا عليها " عروس الأدب النسائي" كما وصفوها في زمانها . فلقد كانت مى مفكرة من طراز فريد يندر أن نجد مثيله بين الرجال!

    والآن .. إليكم قصة مى . كما رأيتها بعين قلبي..!
    التعديل الأخير تم بواسطة القطه الرومانسيه ; 6 - 1 - 2009 الساعة 07:08 AM


    ده انا ياما زمان دوقت الاحزان وتقولى ده قدرك ونصيبك

    دلوقتى عرفت ازاى تشتاق وتقولى تعبت من الاشواق

    كان فين الحب ده كله زمان هتقول يا حب هقول يا فراق
    البحث على جميع مواضيع العضو القطه الرومانسيه

  6. #7
    تاريخ التسجيل
    16 - 12 - 2008
    ساكن في
    في ارض ربنا الواسعه
    المشاركات
    2,909
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي قصة حياة ((مي زياده)) الجزء التاني

    مي زيادة

    ريحانة الشرق






    مي زيادة، الشاعرة والأديبة، والخطيبة، والناقدة، والرائدة في الحركة النسائية؛ هذه المبدعة عانت في حياتها الكثير من الآلام، بالرغم من كل ما قدمته من أعمال في سبيل إنماء الثقافة العربية ونهضة المرأة العربية.
    لقد عاشت مي في ظل أجواء نهضوية، حيث تفجر في ذاك العصر الإنطلاق الأدبي، وكان توهجاً من توهج هذا العصر، وقد برهنت أن الأديب لا ينسلخ عن عصره، ولا يمكنه أن يتوهج في عصر منطفئ.
    حقاً، لقد عاشت مي زيادة في حقبة تاريخية نهضوية، في عصر مخضرم، أنتج عمالقة النهضة الحديثة في الشرق العربي، وأعلام هذه الحقبة أدباء كانوا أم علماء، تميّزوا على وجه الإجمال بالتفرّغ لنشاطاتهم الإبداعية، فأتيح لهم من وسائل التعمّق والإتقان ما لم يُتح للذين جاؤوا بعدهم.
    كما كان هذا العصر أيضاً، عصر رائدات النهضة النسائية، منهن سابقات لمي، وقد مهدن الطريق لأخواتهن ومنهن: الشاعرة عائشة التيمورية، وزينب فواز العاملية وهدى شعراوي وملك حفني ناصيف المعروفة بباحثة البادية والشاعرة الدمشقية ماري عجمي والصحافية اللبنانية لبيبة الهاشم، والأديبة عفيفة صعب وسلمى صايغ وغيرهن.






    الولادة والهجرة






    ولدت مي زيادة في الحادي عشر من شهر شباط العام 1886 من أب لبناني هو الياس زخور زيادة، من قرية «شحتول» الكسروانية، وأم فلسطينية هي نزهة خليل معمر، في بلدة الناصرة، التي هاجر إليها الياس وعمل مدرساً في مدرسة الأرض المقدسة.
    تلقت مي مبادئ القراءة والكتابة في الناصرة، ثم في مدرسة عينطورة «مدرسة الراهبات» وكانت في الثالثة عشرة من عمرها، في القسم الداخلي، بين عامي 1900 و1903. وفي هذه المدرسة نشأت في ظل التعاليم الدينية. وعندما تسلطت روح الإستبداد والقهر، والإضطهاد العثماني في لبنان، كانت في المقابل الحريات سائدة في مصر التي هاجر إليها الياس زيادة مع عائلته في العام 1908.
    توافقت هجرة مي الى القاهرة مع إكتمال أنوثتها، فأصبحت إمرأة ناضجة آسرة الجمال، وقد راقت الحياة الجديدة لها، رغم المصاعب التي واجهت أسرتها في بداية حياتها في القاهرة.
    دخلت الجامعة ودرست تاريخ الفلسفة العامة وتاريخ الفلسفة العربية، وعلم الأخلاق على المستشرق الإسباني «الكونت دو جلارزا» وتاريخ الآداب العربية على الشيخ محمد المهدي وتاريخ الدول الإسلامية على الشيخ محمد الخضري.







    صالون مي الأدبي




    عبت الصالونات الأدبية دوراً مهماً في نشر الثقافة، وإلقاء الضوء على إنتاج الأدباء والمفكرين والتعريف بالآداب المختلفة، ودفع الأدباء المغمورين الى النجاح والشهرة.
    بدأت مي بعقد صالونها عام 1913، في منزلها الكائن في شارع عدلي، كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع. ثم انتقل عام 1921 الى إحدى عمارات جريدة الأهرام واستمر حتى الثلاثينات من القرن الماضي.
    ومن روّاد صالون مي، أعلام النهضة العربية ومنهم: إسماعيل صبري، منصور فهمي، ولي الدين يكن، أحمد لطفي السيد، أحمد زكي، رشيد رضا، مصطفى عبد الرزاق، يعقوب صروف، شبلي شميل، سلامه موسى، إسماعيل مظهر، أحمد شوقي، خليل مطران، ابراهيم المازني، عباس محمود العقاد، أنطوان جميل، صادق
    الرافعي، طه حسين وغيرهم.
    حقق هذا الصالون نجاحاً كبيراً، وذلك بسبب الخصائص الذاتية لشخصية مي، فإخلاصها وشبابها وتألق نبوغها وسحر حديثها، روى ظمأ روّاد الصالون، فأثّرت في أدب عصرها من الناحيتين الإنسانية والفنية. وكان الصالون يزدحم، وتناقش فيه الكتب الجديدة والقصائد الحديثة.







    أدب ونضال




    تنوعت الفنون والآداب التي عالجتها مي على اختلاف موضوعاتها، ولم تكتف بفن أدبي واحد، وتميّزت بالشعر والترجمة والخطابة والمقالة والنقد، ويرجع ذلك الى مواهبها المتعددة وملكاتها المنفردة، وهي تعتبر ظاهرة فذّة في عصرها، اتّسم أدبها بسمات كثيرة.
    نبغت مي في عصر النيوكلاسيكية، أي في عصر جرى فيه بحث الأسلوب العربي الأصيل، وروعي فيه مقدار من التجديد البعيد عن التطرّف والتكلّف، وكان حرص النقّاد آنذاك على سلامة اللغة وأصالتها حرصاً شديداً جعلهم ينتقدون تجديد شوقي ويحاسبونه على هفوات لا نحسب لها اليوم حساباً.






    حياة مي العشقية




    الحب حسب رأي مي، هو الذي يجعل العالم هيكلاً تخشع فيه النفوس، فتجثو للعبادة والصلاة والاتحاد الروحي مع جميع قوى الكون، هو هذا الذي نعنيه عند ما نتكلم في الحب ونعظّم عواطف الحب.
    الجانب العاطفي - العشقي - الوجداني في حياة مي زيادة هو أكبر الجوانب التي احتلت حيّزاً واسعاً من إهتمامات الباحثين والكتاب، ولكن رغم كل ذلك فقد بقي هذا الجانب غامضاً ومبهماً، وطرح الكثير من علامات الإستفهام.
    ولا ريب أن هذا الجانب ترك آثاراً واضحة على مسار حياتها، وترك أيضاً بصماته على نتاجها ونتاج المفكرين والمحبين لها.
    وحفلت حياة مي بالعشاق والمحبين كما كانت حياة جبران خليل جبران الذي أحبها وأحبته عبر الأثير والرسائل المتبادلة، وجبران واحد من عشّاق مي الكثيرين، وهي واحدة من عشيقاته الكثيرات، وثمة تشابه في التوترات النفسية وعقدها بين الإثنين.






    مي وجبران




    كانت شهرة جبران قد اجتازت المحيطات وبلغت الأراضي العربية ومن ضمنها مصر. وقرأت مي كتبه، فشعرت أن كتاباته تنم عن عاطفة إنسانية عالية ونادرة، وأخذت تتبع أخباره وما ينشره بإهتمام كبير، وأحست بجاذب خفي يشدّها نحوه، رغم بعد المسافات. وبعد تردد كتبت له رسالة عام 1912، تعرّفه فيها بنفسها وبنشاطها الأدبي، ظناً منها بأنه سيهمل هذه الرسالة. وبعد فترة، تلقّت مي رسالة جوابية منه، فكانت فاتحة باب العلاقة بين الإثنين. بدأت هذه العلاقة مبنية على أساس إعجاب مي بمؤلفات جبران رغم أنها في كثير من النواحي كانت تخالفه الرأي.
    أعجبت به إعجاب المناقضة، ومع مرور الزمن تحوّل الإعجاب الى صداقة، فإلى حب، علاقة روحية عشقية متبادلة، وكل ذلك عبر الرسائل المتبادلة.
    لقد أحبت مي في جبران ميثاليتها هي، وميثالية جبران في مؤلفاته ورسائله، ومع ذلك قاومت، وأرادت ان تحكّم عقلها في علاقتها بجبران، ولكن عاطفتها غلبت العقل والتعقّل.
    وفي حياة مي أكثر من رجل، سهرت الليالي من أجله، تدبّج له خطابات طافحة بالعشق، وتظهر له عاطفة نيران العشق والشوق، ومن هؤلاء: عباس محمود العقاد، واسماعيل صبري، واحمد لطفي السيد، والرافعي وانطون الجميّل وامين الريحاني، وشبلي الشميّل ويعقوب صرّوف وولي الدين يكن.
    واجتازت شهرتها حدود مصر والعالم العربي، وبلغت حدود الهند، فبعد أن راسلها الشاعر العراقي كاظم الدجيلي، أهداها شاعر الهند الأكبر طاغور إحدى قصائده الإنكليزية التي تحمل عنوان «طائر الصباح».
    وكانت مي تصبو الى العيش في صميم الحياة ولا ترضى مطلقاً بأن تحيا على الهامش، وترغب في أن تترك أثراً منها حيثما حلت، وأن تطبع كل ما تمسه بطابع خاص. وكل هذا بغية تحطيم القوانين التي وضعها الرجل، والتي أعطته السيادة على المرأة، ووضعت المرأة في خانة الدونية. ولكن هذه الشخصية المتمردة ما
    كانت تستقر على حال، كانت أبداً في غليان مستمر، وفي حيرة دائمة. تمقـت الــيوم ما اشتهته بالأمس، كانت عذبة وضارية في وقت واحد. وكل هذا انعكس سلباً على حياتها العاطفية


    ان شاء الله اقدر اجيب معلومات اكتر واكتر عن الاسطوره العظيمه الذي انلت اعجابي بها ويارب تنيل اعجابكم


    ده انا ياما زمان دوقت الاحزان وتقولى ده قدرك ونصيبك

    دلوقتى عرفت ازاى تشتاق وتقولى تعبت من الاشواق

    كان فين الحب ده كله زمان هتقول يا حب هقول يا فراق
    البحث على جميع مواضيع العضو القطه الرومانسيه

  7. #8
    تاريخ التسجيل
    16 - 12 - 2008
    ساكن في
    في ارض ربنا الواسعه
    المشاركات
    2,909
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي ((مي زيـــاده )) الجزء التالت

    نكبات مي




    ما بين عام 1929 وعام 1932، تراكمــت النكبات على مي زيادة، بموت والدهــا الياس زيادة عام 1929، بعد موت إسماعــيل صبري 1923، وولي الديـن يكن 1921، ثم جبـران عام 1931 ووالدتها عام 1932، وهـذا، فجّر لديها بركان الخوف والقلق، وزاد من إضطرابها النفسي، خاصة بعــد أن أفاقت من خدر آلامها، فداهمها الواقع الضاري بكل ما انطوى عليه من أسى منغّص ويأس ناهش، فوجدت نفسها مستوحدة، لا حنان يهدهد أعماقها الصارخة، ولا عزاء يضمّد الكبد العليلة، ولا شيء يعيد إليها سحر الشباب ونضارته وإشراقته، وقد وصف الدكتور حالتها بقوله: «أخذ ميلها الى العزلة يظهر بعد أن فقدت والديها، وبعد أن غمر الحزن قلبها ونفسها ولكنها لم تقطع صلتها بالناس فجأة، وإنما قلّلت لقاءهم.
    بعد عام 1932 أترعت كأس الألم، وأخذت تفتش عن الأحياء فلا تجد حولها إلا ظلاماً يتراءى خلاله شبح تنعق فوقه الغربان، حسب رأي الدكتور جميل جبر، وما زاد من هواجسها وتشاؤمها استغلال أقاربها لوحدتها، ليظهروا أطماعهم بثروتها وممتلكاتها وأخذوا يتحينون الفرص للانقضاض عليها.
    رحلاتها الى أوروبـا، لم تخفف من مشكـلتها، بل تفاقــم شعـور الإضطهاد لديها، حتى أخذت تهلوس وتصـرخ: «لا.. لن تأخذ مالي»، وهي في تلك الحالة بعثت رسالة الى قريبها يوسف زيادة، تشرح له فيها حالتها وآلامها. ذهب الدكتور زيـادة الى مصر، وعاد برفقتها، وإذ رأى أن أعصابها لم تهدأ نقـلها الى العصفورية (مركز للمجانين)، وتم الحجر عليها وعلى أملاكها بحجة أنها مجنونة، الأمر الذي حدا بالصحافة للإحتجاج على هذه الفعلة السيئة تجاه ريحانة الشرق. وإثر الضغوط الرافضة لهذا العمل تم نقلها الى مستشفى ربيز، حيث زارها المفكر أمين الريحاني، فأضربت عن الطعام استنكاراً لسوء معاملتها.
    بعد خروجها من المستشفى سكنت قرب الجامعة الأميركية، ودُعيت في عام 1938 الى إلقاء محاضرة حول «رسالة الأديب الى الحياة العربية» في الجامعة الأميركية، فسمع الحضور أعذب صوت وشاهدوا أجمل وجه، واتزانها العقلي دحض كل المزاعم المغرضة عن جنونها. وبعد ذلك انتقلت مع الريحاني الى الفريكة، ومنها عادت الى مصر، بعد أن فُك الحجر على ممتلكاتها، وقد قالت: «الحرية الشخصية هي التي هاجمني فيها جرّدني منها أولئك الأقارب الذين رموني بالجنون، ونشروا عني الإشاعات المتنوعة في الشرق والغرب طمعاً بالمال وفي المتاع الفاني».
    في الثامن عشر من تشرين الأول العام 1941 ماتت ريحانة الشرق مي زيادة قهراً ويأساً. وعندما أسلمت الروح لم تجد حولها لا صديقاً ولا نسيباً ولا رفيقاً، بل رأت سقفاً مظلماً تدلت منه خيوط العنكبوت، وكانت جنازتها مثالاً في البساطة، «نعش قاتم سار وراءه لطفي السيد، انطوان الجميل، خليل مطران، إيمي خير نفر
    قليل من الأصدقاء».
    وكان القبـر الذي وارى جسدها يتحدث بلسانها: «هذا قبر فتاة لم ير الناس منها غير اللطف والبسمات، وفي لبها الآلام والغصّات... قد عاشت وأحبت وتعذبت وجاهدت ثم قضت».
    كانت مي زيادة الأديبة والناقدة والشاعرة شاهدة عصرها، وعكست أمانيه، في صفحات إن أعوزها أحياناً ول النفس، ورصف البناء، فلم يعوزها لا الشعور العميق، ولا حرارة التعبير ولا صدق التجربة. والشعب الذي ضحّت من أجله الكثير لم ينصفها لا في حياتها ولا في مماتها...

    ان شاء الله احاول اقدر اعرض لكم كتاباتها اللي فوق الوصف




    ده انا ياما زمان دوقت الاحزان وتقولى ده قدرك ونصيبك

    دلوقتى عرفت ازاى تشتاق وتقولى تعبت من الاشواق

    كان فين الحب ده كله زمان هتقول يا حب هقول يا فراق
    البحث على جميع مواضيع العضو القطه الرومانسيه

  8. #9
    تاريخ التسجيل
    16 - 12 - 2008
    ساكن في
    في ارض ربنا الواسعه
    المشاركات
    2,909
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي كتابات ((مي زياده )) الجزء الرابع

    مساجلة الرمال




    الظلام يولِّي هاربًا, وعمود الفجر يكاد ينشقَ. عما قليل تشرق الشمس فلا يلبث قرصها أن ينقلب أتونًا يُصلينا نار السعير.

    سيان لدينا الليل والنهار. كل يوم ننتظر من الظلام عذوبة تحت أنوار الكواكب الواهية. ولكن حرارة الشمس تظلُّ مستودعة في كياننا فنلبث في اتقادٍ واضطرامٍ يومًا بعد يوم, وليلةً بعد ليلة.

    إنما جعلتنا الأقدار متحاذيات متلاصقات لنفرش هذه الأرض ونكوِّن منها الصدأة المحترقة. يتهموننا بأن لمسنا يشوي اليد والقدم شيّا, ولكن أَلَسْنَا نعاني في كياننا المقدورَ علينا من عذاب السعير? ودِدتُ لو أنَّ لي دمعاً أذرفُه من فرط السآمة والحنق والألم!

    طالما شهدنا الخلائق تهبط علينا وقد أضناها التعب والوصب, فنفق الحيوان على صدرنا, ومات الإنسان بين يدينا, ووجد كل منهما عندنا ملجأ طبيعيّا يتلقاهما ويضمهما إليه. ونحن الجائعات الظامئات المتعبات على الدوام, ليس لنا من يرثي لحالنا ويسعفنا. نحن التائقات إلى التفلت من حالتنا الراهنة, ليس لنا أن نمضى في علوٍّ ما ونهبط في مستقر ٍّ غير هذا. وأتعبني من هذا الوجود القاحل في ديمومة السكوت والجمود!

    أولا تتحركين وتنتقلين عندما تطؤك سنابك الخيل وأخفاف البعير وأقدام الإنسان, لدن مرور هاتيك القوافل التي ما فتئت تطوينا منذ أن كان الدهرُ وليدًا?.

    ليست هذه هي الحركة التي ننشد. إن شوقًا عميقًا فينا يتلهَّف على حركة من نوع آخر.

    كم من حركةٍ مفاجئةٍ خبرت عندما عصفت بي السموم في النهار أو الحَرور في الليل! زعازع وأنواء انتزعتني في عنفٍ من مقرِّي إلى مقر آخرٍ, فما كنتُ منتقلةً إلاَّ من الرمضاء إلى الرمضاء حيث السعيرُ دائمٌ والأوار مقيم!

    وأنا تلقَّفتني العواصف غير مرة. فحطت بي يومًا عند ساحل البحر فامتزجتُ بالماءِ ورسبتُ في القعر, وأغفلني هناك زمنا الدّهرُ الوسنان. ثم قذفت بي الأمواج على الشاطئ, فتناولتني الزوبعة الهوجاء, وردتني إلى مستقرى في هذه البطحاء!

    وأنا كم حدت بي الريح إلى حيث الينابيع تتفجَّر والمياه تجري! إلى حيث الأرض كريمة والأشجار ظليلة, وقد نوَّرت الأزهار هنا وهناك وهنالك على صفحة الروض, وتشابكت الرياحين بمثيلاتها من شذى النباتات فعبق الهواء بأريج العطور!...

    -لا تذكرنَ الماء والعطر والظلال لرمالٍ شقية قضى عليها بالمحل والاضطرام والصدى, لا ترهفن فينا أشواقًا تأبى التحقيق!

    أتوق إلى الذوبان في سائل ما, ولو كان ذياك السائل القاني الذي رأيناه أحيانًا على جسد الإنسان والحيوان! ولكننا غير قابلات للجرح الذي يغسل قحلنا بنجيع الدماءِ, ولن نكون يومًا قمينات بابتسامة الحياة وعذوبة الحنان.

    قضى علينا بأن نكون دوامًا في حكم الموتى, وقد حُرمنا نِعَمًا يجنيها غيرنا في جنّةِ الأرضِ.

    أنكون في حكم الموتى ونحن نشتاق ونتعذَّب? ألا ليت كلّ قافلة عابرةٍ تسير بي إلى حيث ينيخ الركبُ! حيث الخيمة المضيافة والناس يضرمون النار ويأكلون, وينهلون الماءَ ويرتوون! واحنيني إلى هناءِ المضارب! واحنينى إلى كيانٍ قابل للريّ والارتواء!

    لو كان لي أن أرجو الوصول يومًا إلى تلك الحالة الراغدة لأعانني الرجاءُ على الاحتمال, وكان لي منه العزاء والسلوي! ولكننا في هذه البطاح الصمَّاء البكماء, إنما وُجدنا لنقطع كلّ صلةٍ بين الحياة والحياة!

    ويلك! ماذا تقولين?! نحن قاحلات جائعات ظامئات مشتاقات, ولكننا وُجِدنا لنكون صِلةً بين الحياة ولباب الحياة!

    أوَلا ترين الفجر يتلألأ في الأفق سنيّا? غبار دقيق من النور يتناثر حولي كأنه سحيق من الذهب والبلور. هذا يوم عيد.

    لولا هذا اليوم وما ميّزهُ بين الأيام, ما كانت تلك القوافل العديدة, قوافل الحجاج التي نراها منذ قرون وقرون ذاهبةً آئبةً.

    لقد شهدتُ القوافل ذاهبةً آئبةً منذ أن خرجتُ على الصحراء رملاً, وتعرَّفتُ قوافل العرب الرحَّل وقوافل الغزاة والمحاربين والشعراء والعاشقين.

    وكم من حداءٍ سمعتُ!

    تلك القوافل تعددت ألوفاً وألوف الألوف منذ أربعة عشر قرنًا, وتبدَّل الغرض من ترحالها منذ أن انبثق من سويداء قلب الصحراء جحفل النصر العظيم. فصارت القوافل قوافل الذكرى والعبادة والسلام, تقبلُ علينا في عجاجة وردِيَّة من قصيّ الأبعاد حيث يخيَّل أن الآفاق تتحرَّك, وتغادرنا في عجاجةٍ وردية لتتوارى وراء الآفاق التي تحنو على وديعتها الفريدة الغالية.

    أعرف تلك الوديعة, فقد ساقتنى إليها الريح مرةً! هناك مثوى ذاك الذي عرف كيف يلقي في أرواح الشعوب روحًا حَيَّةً خالدة.

    فتى الصحراء! فتى الصحراء الذي اصطفاه ربُّهُ ليحمل الكتاب, فهجر دياره, وسلاحه كتاب فغزا به العالمين!

    الفاتح الذي لا يشبهه فاتح! إنه لم يغزُ البلدان والأمصار وكفى, بل غزا القلوب بسرِّه, وفتح النفوس بسحره, يوم خروجه من الديار هو بدء تاريخ الهجرة. وها الناس على توالي القرون, وقد هاموا بجاذبيته النورانيَّة, يهجرون ديارهم وخيراتهم ويقتحمون المفاوز والأخطار ليحجوا إلى البقعة الصغيرة العظيمة التي تجمَّع عندها معنى الديار والأوطان, وتركزت فيها ثقة اليقين وانبعث منها نور الإيمان!

    سيد الغزاة والفاتحين! إنه فتانا, فتى الرمضاء وفتى الرمال! إنه جاءَ بمعجزة المعجزات فأخرج الخصب الخصيب من ديار القحط والجدب!

    فتى الصحراء العجيب, ذو العينين الدعجاوين حيث أودعت السماء نطفة الضياء! إن ذكراه لممتزجة بذكرانا!

    - نحن الرمال لم يكن وجودنا عبثًا كما زعمنا في أجلنا المديد الأليم! نحن الجامدات, كنا مبعث الحركة والحياة! نحن القاحلات, كنا وما زلنا سبيل الهجرة الخصيبة.

    أشرقت الشمس - شمس اليوم الأول من العام الهجريّ. من الرمضاء تتصاعد أشباح أثيرية تدور رشيقةً في نور النهار الجديد. وقد أصبحت أفواج الرمال القريبة والبعيدة كلّها جوقة واحدة تنشد:

    نحن الرمال القاحلة,

    لا خصب يوازي خصبنا!

    نحن الرمال الجامدة

    هل من حياةٍ كحياتنا?


    يارب تنال اعجابكم


    ده انا ياما زمان دوقت الاحزان وتقولى ده قدرك ونصيبك

    دلوقتى عرفت ازاى تشتاق وتقولى تعبت من الاشواق

    كان فين الحب ده كله زمان هتقول يا حب هقول يا فراق
    البحث على جميع مواضيع العضو القطه الرومانسيه

  9. #10
    تاريخ التسجيل
    16 - 12 - 2008
    ساكن في
    في ارض ربنا الواسعه
    المشاركات
    2,909
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي ((مي زياده)) الجزء الخامس

    عينطورة




    لياليكِ يا عينطورة, لياليكِ هي التي أيقظت قلبي

    يا قريةً وادعةً, يا عشّاً لا يمكن أن يُنسى

    أمسياتك كانت ملاذى, وظلمتها شقيقتي,

    بل شقيقة روحي التي لا يُدرك كنهها في عمقها

    وعنفوانها!

    (يا هذه البرية! يا هذا الخلاء في لبنان!

    إنى لألقى على كل صخرة من صخورك, تحت

    كل شجرة من أشجارك, نثرات من كياني: أنثر

    الابتسامات, والزفرات, والأحلام, والأغاني,

    والآمال, والإعجاب والتأمّل...

    يلوح لي أحيانًا أني طرحتُ عليكَ كل ما في

    وسعي, وأني ألقيتُ إليك بنهاية منتهى اقتداري,

    ولكنني كلما أحببتُك زدت نموًا واقتدارًا, كلما

    دفقت عليكِ, يا قمم جبالي, عواطفي وذهولي

    تجدّد فىّ الحبّ, وزكت الحماسة, فإذا بي مثلكِ

    باقية.

    أحبكِ, وسأحبكِ على الدوام







    أمـــــل




    لقد جئت أتفيّأ ظلال الصفصاف

    قرب الينبوع النمير حيث يرقد المساء,

    وحيث الأغصان المنحنية تداعب كتفي,

    والماء يترقرق مرتلاً نشيد الأمل.

    أمل! كلمة لا ينفك يرددها الفؤاد

    أمل! زهرة طُبعت على جباه الأطفال,

    أمل! نشيد حب قدسيّ, وأريج بنفسج سحريّ

    أمل! مثلنا الأعلى الذي نتوق إليه.

    أيها الأمل: أنت الحياة وأنت الطبيعة

    أنت البلسم الشافي لسأمنا جميعًا,

    أنت حلم اليوم, وأنشودة الغد

    أيها الأمل الذي يكشف لنا عظمة الخالق ويجذبنا إليه







    وداع لبنان




    وداعًا

    وداعًا يا جبال لبنان

    إن داعي الرحيل يدعو!

    وداعًا لقممك الوردية الزرقاء

    المتعالية وسط فيوض النور!

    مصر موطني تناديني

    بصوتٍ عميق القرار, طويل التمديد

    وها قد فتح شراعي جناحه

    ليسبح بي نحو المكان البعيد.

    ألا أنشدني أيها البحر شجىَّ أغانيك

    لقّنّي مجهول الأحاديث, وأوحى إلىّ مكتوم الأسرار

    وذا عذري إذا ما ظهرت يومًا

    على غرارة وطرب, ومرح واغتباط

    وكنت طورًا حزينةً, ساهيةً, وَسْني

    كطيرٍ يحلم عند ضفة الغدير,

    وإن طمت عليّ حينًا شعائر الرفق والعطف

    حتى لتستدرّ دموعي, وتذيب جوانحي,

    فيخيّل أني ألمس الكون وأحتضنه بأسره

    إذ أداعب هدبات العشب الساذج النضير,

    وها أَنَذا في هذا المساء - مساء الوداع

    أبصرك يا لبنان, جميلاً كحُلُمٍ أقبل على نهايته

    فأتملاّك بصبابة من يتملّى الوجه المحبوب

    لدن فراقٍ ستكرّ بعده دورات الزمان.

    وها أنتَ تتباعد عني, وتغيب عن ناظري,

    فخمودًا يا حزني! ووداعًا يا وطني!

    أن في كلمات الفراق والمواساة

    لتتبخّر أوتار جناني!




    ده انا ياما زمان دوقت الاحزان وتقولى ده قدرك ونصيبك

    دلوقتى عرفت ازاى تشتاق وتقولى تعبت من الاشواق

    كان فين الحب ده كله زمان هتقول يا حب هقول يا فراق
    البحث على جميع مواضيع العضو القطه الرومانسيه

 

 
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21 - 1 - 2009, 11:54 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©