الحمد لله حمدا يليق بجلاله و اثنى عليه ثناءا يوازى مزيده و اشكره شكرا يوافى نعمته ......... و بعد
يقول الله تعالى ( و من يتوكل على الله فهو حسبه ان الله كاف امره ) و قال رسول الله ( من احب ان يكون اقوى الناس فليتوكل على الله )
و التوكل هو . الرضا بفعل الله اى اعتماد القلب على الله لا على احد سواه
و ما ذاق العبد حلاوة التوكل على الله و احس بمذاقها فى قلبه الا اغناه الله و سخر له ما يسهل له اسباب رزقه
و لذالك فان هناك ملكين نزلا من السماء الى الارض احدهما بالمشرق و الاخر بالمغرب ثم رجعا اخر النهار الى السماء
فالتقيا فقال احدهما لصاحبه اين كنت ؟ قال فى المشرق ارسلنى ربى الى كنز رجل امرنى ان اخسف به الارض فخسفته
فقال الاخر و انا ارسلنى ربى بامر عجيب ان اخرج الكنز من قرار الارض و اجعله بدار رجل فقير بالمغرب ليس له درهم و لا دينار
فسمعهما رضوان خازن الجنه فقال قصتى اعجب من ذالك ان الله تعالى امرنى
ان اذهب الى دار ذالك الرجل الفقير الذى صار الكنز فى داره و اعد الكنز كم درهم و كم دينار
ثم امرنى ان ابنى قصورا فى الجنه بعدد كل درهم و دينار لصاحب الكنز الذى قام بدفنه فى الاول و الفقير الذى سيأخذه
فقال الملكان ربنا اطلعنا على هذه الكرامه التى اكرمت بها صاحب الكنز و الفقير
فقال سبحانه و تعالى لما خسف الكنز قال صاحبه الحمد لله الذى جعلنى راضيا بقدره
و اما الفقير فلم يفرح بالكنز و قال ان فى خزانت الله ما لا يحوجنى الى غيره
انظروا اخوتى الى عظيم ثواب التوكل على الله و التوكل لا بد و ان يكون مقترنا بالتقوى فان ذالك تفسير قول الله
( و من يتقى الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب )
نعم فالتوكل على الله افضل بكثير من التواكل و الطمع و الافتراء و الكذب و اصطناع الحيله
فان سليمان عليه السلام خرج يوما الى شاطىء البحر فوجد نملة فى فمها ورقه خضراء
فلما وصلت الى الماء خرج ضفدع فحملها على ظهره و غاص بها قليلا ثم رجعت
فسألها سليمان عن ذالك فقالت يا نبى الله فى البحر صخره صماء و فى وسطها دوده
و قد وكلنى الله برزقها كل يوم مرتين و خلق ملكا على صورة الضفدع
يحملنى الى الصخره فتنشق فتخرج الدوده و تاخذ منى الورقه و تقول
سبحان من خلقنى و فى البحر اسكننى و من الرزق لم ينسنى
الان اتضح لنا جميعا ان عملية الرزق ليست بالذكاء و لا بالحيله
و لكنها مقسومه بامر الله تعالى موكل بها و ستصل الى صاحبها لا تخطأه و لا تفوته
و لابد معها من التوكل على الله المقترن بالتقوى و العمل الصالح و الاخلاص فى ذالك كله
عسى الله تعالى ان يهدينا سبلنا و يرزقنا حسن التوكل عليه
و حلاوة تقواه انه ولى ذالك و مولاه