يتلهف العرب والعجم .. يستغيث صبيان السياسة الجدد .. أزلام العصور الوسطى والفكر الظلامى .. أعداء سلطة العقل والتنوير .. يرفعون عقيلتهم وأياديهم للسماء.. ونسوا أن السماء لا تمطر ذهبا ولا نفطا.. عيونهم وأفئدتهم ترنو نحو كعبة النظام الراسمالى العالمي .. البيت الأبيض في واشنطن ..ترنو أبصارهم إلى المنقذ الجديد باراك اوباما .. يحاولون تزييف العقل العربي ،وعقول الفقراء والمسحوقين والمستضعفين في العالم ، وكأنه سيخلص البشرية من آفات ما خلفه بوش الكبير والصغير ، وكأن بوش ابن المرأة البيضاء ذات الشعر الأشقر سيختلف عن باراك اوباما ابن الرجل الأسود ذو الشعر المجعد ، لدرجة أن بعضهم يشبه باراك اوباما بسبارتاكوس ( قائد ثورة العبيد ) ، لكن الفرق بينهما أن باراك اوباما وصل إلى أعلى قمة في النظام الراسمالى المالي العالمي ، بينما سبارتاكوس تحول لحمه وعظمه ورفاقه للحيوانات المتوحشة ، فذاك قد انتصر في معركة الديمقراطية الليبرالية المزيفة ، وسبارتاكوس قد انهزم في معركة الإنسان الأول ضد العبودية والظلم والاضطهاد.
هل نسى العرب معارك التاريخ أن لا فرق في الجوهر بين الديمقراطيين والجمهوريين ، فكلاهما يتسابق للبيت الأبيض مدعوما بالطغمة المالية والعسكرية ، وأن الحزبين الكبيرين ينتقون ممثليهم في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بكل دقة منذ ما قبل ميلاده ، ومعرفة مدى قدرته على التعبير والالتزام بالدفاع عن مصالح الطغم المالية والنفطية والعسكرية ،والشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات ، ولا يمكن لاى منهما أن ينحرف عن ما تم تخطيطه في دوائر المال السياسية والاقتصادية ، ومراكز البحوث والدراسات الإستراتيجية ، وأجهزة الاستخبارات الأمريكية مثلما لا فرق بين حزب العمل الاسرائيلى ( يدعى أنه يساري ) ، وحزب الليكود اليميني فكلاهما يمارس إرهاب الدولة ، وكلاهما تلوثت أياديه وطائراته بالدم الفلسطيني ؟؟؟ ولا يعترفا بحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ،وحق اللاجئين في العودة لديارهم طبقا للقرار 194 ،ولا بقرارات الشرعية الدولية التي قدمت اعترافها بإسرائيل بشكل مجاني دون تحقيق الشق الثاني من هذا الاعتراف المشروط بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة طبقا لقرار التقسيم عام 1947 ، ومع ذلك فقد نجح التضليل الاعلامى بتسويق إسرائيل للرأي العام الغربي ، باعتبارها واحة الديمقراطية المزعومة في منطقة الشرق الأوسط!!!
لقد بلغ عدد الرؤساء الأمريكيين الذين وصلوا إلى البيت الأبيض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية اثنا عشر رئيسا بدءا من هاري ترومان ، ودوايت أيزنهاور ، وجون كيندى ، وليندون جونسون ، وريتشارد نيكسون ، وجيرالد فورد ، وجيمي كارتر ، ورونالد ريجان ، وجورج بوش الأب ، وويليام كلينتون ،وجورج بوش الابن ، وأخيرا وليس آخرا باراك اوباما ، فكم عدد الحروب التي خاضوها ضد البشرية؟؟ أنهم المسئولون عن الجوع والفقر والحروب ،والظلم الاجتماعي الذي يجتاح البشرية والإنسانية ، هم المسئولون عن الإرهاب الذي يكتسح العالم .. كم من أسلحة الدمار يمتلكون ، ويستخدمونها في حروبهم ضد الشعوب ، وضد من لا يقف إلى جانبهم ؟؟ أليسوا هم من يحمون الطغم العسكرية والفاشيين الجدد ، ويمارسون الانقلابات المسلحة ضد الديمقراطيين الحقيقيين ، والتقدميين ، والشيوعيين ، والإسلاميين المتنورين .. أليست أمريكا من تحاصر الدول التي تبنى نظمها السياسية الخاصة بها بعيدا عن التبعية والإلحاق الامريكى ،ويمارسون العقاب الجماعي والحصار والتجويع للشعوب التي لا تأتمر بأمرها ، فأينما وجدتم بلاء وحروبا وانقلابات لا تستبعدوا اليد الأمريكية والعقب الحديديةالامريكية ، فهي الشرطي السيئ السمعة والصيت في هذا العالم ؛حتى أن الرأي العام في أوربا في استطلاعات الرأي يؤكد أن أمريكا وإسرائيل تمثلان الأكثر تهديدا للسلم العالمي ، والكثير الكثير يمكن الحديث عن أمريكا وليس آخرها ما يجرى في العراق وأفغانستان وكوبا وسوريا وكوريا الشمالية والعديد من الدول في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية .
لا يغرنكم الشعارات الانتخابية والمناظرات التليفزيونية بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أمريكا، فهي كمسرح الدمى تلهب المشاعر ، وتفتن في الشكل ، لكن الجوهر هو الاستماتة في الدفاع عن النظام الراسمالى العالمي واقتصاد السوق الحر الذي يقوم على الاستغلال والاضطهاد والعربدة ، والأزمة المالية الاقتصادية الحالية التي تلف أمريكا ودول أوربا وآسيا والخليج العربي والعديد من الدول إلا تأكيدا على صحة نبوءة كارل ماركس العلمية.
لقد عكست تصريحات باراك حسين اوباما ثلاثة لاءات أولها اعتبار قيام الدولة العبرية معجزة ، وتمسكه الدائم بأمن إسرائيل ، ولن يتهاون أبدا في مسالة أمنها ، وثانيها اعتبار القدس عاصمة الدولة العبرية متجاهلا احتلال إسرائيل للقدس العربية عام 1967، وكلها تصريحات منحازة لإسرائيل ، وثالثها لن يسمح أن تطور إيران برنامجها النووي ، وسيعمل بكل الوسائل لمنعها ، أليست هذه نفس السياسة الخاطئة التي اتبعها بوش الابن؟؟ فهل بارك اوباما هو المنقذ ؟؟ وهل بعد هذا يمكن أن نضع البيض كله في السلة الأمريكية؟؟
لقد أكدت الحياة والواقع وتجارب الشعوب ، وكافة معارك النضال السياسية والاقتصادية والاجتماعية والطبقية التي تخوضها الشعوب انه كلما ازداد وعى الشعب بنفسه وبقدرته ، وبمعرفة لظروفه الموضوعية فانه يدرك أنه أعظم منقذ لنفسه ،أما الشعب الجاهل فانه ينتظر النصر من الخارج .
عودوا لشعوبكم ، فالشعب هو المنقذ الحقيقي لأوطانكم من هيمنة النظام الراسمالى العالمي، وأزماته الاقتصادية ، والعولمة المتوحشة ، واستعباد الشعوب ، الذي يولد الأزمات والحروب ، ويمتص خيرات الشعوب ، ويساهم في بؤسها وجوعها وجهلها ، ويعيق تطورها ودورها في الحضارة الإنسانية ، ولا تنتظروا الفرج من اوباما أو غيره.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)