الحمد لله و الصلاه و السلام على رسول الله و على اله و الصحابه و التابعين الى يوم الدين و بعد

فان من اليقين بالله ان علم ان كل موجريات الامور لا تقع فى ارض الا بمراد الله
و من مرادات الله التى يجب تقبلها برضا و ازعان
جميع انواع الافات و المصائب و الاصابات و النوازل اجمالا و تفصيلا
فلقد قال رسول الله ( ما اصاب المؤمن من نصب و لا وصب حتى الشوكه يشتاكها فيحمد الله عليها الا رفعت له بها درجه و حطت عنه خطيئه و له بها حسنه )
فجميع المصائب هى اولا بتقديره تعالى لانه هو الخالق لها فى علمه القديم ثم تقع بيد العبد المخلوق
فاذا كانت المصيبه مهلكه للعبد فقد وقعت من يد العبد العاصى و تكون من الله له جزاء و عقاب
و اذا كانت المصيبه مصلحه للعبد فقد وقعت من يد العبد الطائع و تكون من الله له احسان و لطف
و على هذا النهج يجب تقبل الافات و النوازل و الايمان بانها جميعا وقعت بعلم الله و باذنه
فهذه المصائب لها وجهان وبهم يرجع وقوعها باذن الله و مشيئته
اولها ان هذه المصائب حدثت فى ارض الله المملوكه لله و لا يقع شىء فى ملك الله الا بمراد الله و مشيئته
و ثانيها ان هذه المصائب حدثت ووقعت فى عبد من عباد الله المخلوق لله و لا يقع شىء فى خلق الله الا بمشيئه الله
و هذه هى اللطيفه المشار اليها فى قوله ( قل كلن من عند الله ) _ ( يصيب برحمته من يشاء ) _ ( ما اصابكم من مصيبه فمن انفسكم ) _ ( قل وقع عليكم من الله رجز و غضب ) ( قل بفضل الله و برحمته فبذالك فليفرحو ) _ ( من عمل صالحا فلنفسه ) - ( و من اساء فعليها ) _ ( و لا تزر وازره وزرا اخرى )
و هذه الايات توضح هذين الوجهين من وجوه افعال الله تعالى بعلمه القديم هذه المصيبه بمشيئته و باذنه
و لذالك يجب تقبلها و الرضا و التسليم بها و عدم الجزع على الوجه الذى يليق بخالقها ازلا وهو الله تعالى
فالله حينما يحب العبد و طاعتها و حسن تقواه و عبادته يريد الله ان يهديه و يعيده الى صفوف العابدين
اذا وقع هذا العبد التقى فى معصيه سهوا بسبب الشيطان او النفس و الهوى
فيوقع الله تعالى به نازله او مصيبه و تكون هذه المصيبه مخصصه اى خاصه لهدايه هذا العبد بمفرده يرجع بها العبد الطائع الى جناب مولاه و يتضرع اليه
فيرحمه الله و يتقبله و يتوب عليه مثل ادم عليه السلام حين اكله من الشجره و موسى مع الخضر حينما اغتر بعلمه و يونس حينما فر من قومه و كذالك الموت فى حق العبد التقى عند وقوع الفتن و الملامح فيكون موته راحه له و نعمه
فهذه النازله و المصيبه هى اللائقه بالله تعالى و هى واجبة الشكر و الحمد لله عند نزولها لان في نزولها سببا فى العوده اليه مع التقوى و حسن التوبه
كذالك اذا كان العبد عاصى متنطع مستمر دائم محب للمعصيه لا ينزجر عنها حينها يعاقبه الله بالمصيبه فتكون هنا المصيبه متعديه اى بوقوعها على نفس العاصى ينزجر و يخاف غيره من الخلق
فيمنعه الله بسبب وقوع المصيبه عليه بالعجز و الجبن و الخوف و بذالك يكون عبره لغيره و عظه لشاكلته
فيمتنع وقوع معصيته و تعديها الى غيره فتكون المصيبه وقتها سببا فى الاتعاظ و العبره و الايه فيهدى الله به قوما كثير
و هكذا يكون وقوع المعصيه و النوازل من انواع النعمه سواء كانت مخصصه او متعديه
و عليه يجب اليقين ان المصيبه و سائر النازلات هى من مدبرات الله محض
و انها من الامور النافعه المصلحه للبلاد و العباد
و يجب عليها الحمد و الشكر و لا يجوز الجزع عندها و لا الكفر

نفعنا الله بما علمنا و هدانا جميعا سواء السبيل

و صلى الله على محمد و اله