قهوتنا على الانترنت
النتائج 1 إلى 7 من 7
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    8 - 1 - 2009
    ساكن في
    CD-RW
    العمر
    34
    المشاركات
    1,153
    مقالات المدونة
    2
    النوع : ذكر Italy

    مميز الانسان الحالي لم يكن الوحيد على الارض (the nintrdal) جنس ما قبل البشر.........>

    تشير المستحاثات إلى ان الانسان الحالي لم يكن الوحيد على الارض، وانما الاخير فقط، إذ عاش قبله انواع اخرى من البشر. ومن المثير ان الانسان الراهن عاصر انسانا آخر لفترة حوالي 15 الف عام هو الانسان المسمى: النيندرتال، وحدث هذا قبل حوالي 35 الف سنة فقط. إنقراض هذا الانسان قد يكون دليلا على انه لم يكن في احسن تصميم، غير ان وجوده يبقى دليلا على ان الطبيعة قد قامت بالعديد من التجارب قبل ان تصل إلى النموذج الأفضل. هذا الامر يطرح عدة تساؤلات: متى انفصل النيندرتال عن الشجرة الرئيسية، ولماذا فشل إنسان النيندرتال في حين نجح الانسان الحالي في تجربة "الصراع على البقاء" لتحقيق مبدأ " البقاء للافضل"؟

    تمكن العلماء من وضع خريطة الجينوم لجزء كبير من مورثات النيندرتال، بواسطة تكنيك جديد. الفرق بين مورثات النيندرتال ومورثات الانسان الحالي ستستخدم لمعرفة السر خلف نجاح الانسان الحالي وفشل الانسان السابق، ولتحديد الجينات التي تميزنا ودراستها.

    منذ عام 1856، حيث تم إكتشاف مستحاثة إنسان النيندرتال لاول مرة، تحيط بهذا الانسان الكثير من الاسرار. إلى ماقبل سنة واحدة كان الاعتقاد سائداً وسط العلماء بإستحالة وضع خريطة كاملة لجينوم هذا الانسان، ولكن العلماء الأمريكيين والسويديين والالمان يقومون بوضع هذه الخريطة الان. خلف هذا النجاح يقف تكنيك جديد يسمح بفك شفرة كود المورثات بسرعة تزيد بمئة مرة كما كان الوضع عليه في السابق. الخارطة كاملة ستكون جاهزة بعد حوالي سنتين من الان.

    النيندرتال سيكون هو الكائن المنقرض الاول الذي وضعت له خريطة جينوم، مما سيمكن من اعطاء الكثير من المعلومات لفك احجية هذا الانسان، والاكثر اهمية، انه سيحدثنا عن انفسنا. من خلال مقارنة الحوض الجيني للنيندرتال مع حوضنا الجيني ليمكن ان نتعرف على المورثات التي جعلتنا نتفوق على الاخرين.

    مانعرفه اليوم ان النيندرتال عاش في أوروبا عندما كانت تختلف اختلافا كبيرا عن أوروبا الحالية. لقد كانت أوروبا تمر بفترة العصر الجليدي وتملك من الحيوانات مايمكن مقارنته بأفريقيا اليوم، ولكن في جو بارد. كانت سهول أوروبا مملوءة بقطعان من البيزون والاحصنة المتوحشة إضافة إلى الماموث ووحيد القرن ذو الصوف، جميعهم كانوا يعيشون جنبا إلى جنب مع الاسود والضباع والنمور.

    النيندرتال الأوروبي هو فرع من الشجرة التي ظهر منها الانسان الحالي، وقد جاء من أفريقيا في وقت مبكر. كان انسان النيندرتال ذو بنية قوية وقصيرة وهو صياد ماهر، يتقن إشعال النار وصناعة الرماح، كما يقوم بدفن موتاه.

    قبل حوالي 150 الف سنة، وعندما كان انسان النيندرتال منتشر في عموم أوروبا وفي اقسام من آسيا الداخلية، نشأ جنس الانسان الهومو سابينس لاول مرة من الجد الاقدم لانسان النيندرتال، الباقي في أفريقيا.

    عندما وصل الانسان الجديد إلى أوروبا شكل تحدياً لوجود النيندرتال وبدأ العد التنازلي لقدرته على البقاء ومنافسة الانسان الجديد. لااحد يعرف بالضبط كيف حدث هذا، ولكن المستحاثات واللقى التي عثر عليها في انحاء متفرقة من أوروبا تشير إلى ان الانسان الجديد وصل إلى أوروبا من الشرق والجنوب الشرقي قبل حوالي 45 الف سنة، وعاصرا الانسان الاقدم لفترة تقترب من 15 الف سنة، وهي الفترة التي يصبح فيها انسان النيندرتال الاخير محشورا في منطقة شبه جزيرة الايبر، حيث تقع حاليا اسبانيا والبرتغال .

    لايوجد مايدل على حدوث إبادة جماعية ، ولربما خسروا الصراع على الطعام او لربما ذابوا اثنياُ مع الانسان الجديد، ولكن الاحتمال الاخير يفترض ان يكونوا قد تركوا آثارهم الجينية في الانسان الحالي، فهل فعلوا؟

    تكنيك خريطة الجينوم يتحسن قد يظهر للبعض استحالة إمكانية استخراج الخارطة الجينية من مستحاثة لها من العمر حوالي 40 الف سنة، وهو نفس الاعتقاد الذي كان، قبل سنة واحدة فقط، يملئ العلماء الذين يجرون إعداد الخريطة اليوم وهم العالم السويدي Svante Pääbo, من معهد ماكس بلانك الألماني في لبيزيغ، وزميله الأمريكي Edward Rubin, من مختبر بيركلي في كاليفورنيا.

    تكنيك تحديد المورثات جرى تطويره بشكل كبير في السنوات الاخيرة واليوم اصبح اسرع وارخص. الهدف من التطوير كان للوصول إلى امكانية ان يتمكن كل طبيب من معالجة المرضى على خلفية خريطتهم الجينية الخاصة. حاليا تجري شركات البيوتكنيك تطوير مالايقل عن 20 طريقة جديدة لوضع خريطة الجينيوم. الشركة المسماة 454 Life Sciences, مثلا استخرجت طريقة متطورة تجعل العملية اسرع بمئة مرة من السابق من خلال القيام بعدة تحاليل في وقت واحد وبشكل متوازي.

    هذا الامر اعطى العالم السويدي Svante Pääbo, فكرة وضع خريطة الجينوم لانسان النيندرتال، ليبدء بجمع عينات العظام من متاحف العالم الطبيعية، حيث يوجد 300 لقية عظمية، ليتمكن في النهاية مع زميله الأمريكي من تقديم خارطتين الاولى تحوي على مليون والثانية على 65 الف زوج جيني لنيندرتال.

    نتائج كلا الخريطتين تتفقان مع بعضهم البعض ويكشفان للمرة الاولى ان العظام تعود لرجل. إضافة إلى ذلك تظهر النتائج ان خط تطور الانسان والنيندرتال قد افترقا قبل حوالي 500 الف سنة. وايضا اظهرت النتائج ان كلا النوعين لم يختلطا جينيا، ولكن العلماء حذرين في استخلاص النتائج النهائية، إنطلاقا من ان المليون زوج جيني ليسوا إلا نقطة في بحر، بالمقارنة مع ان الجينوم العام يبلغ ثلاث مليارات زوج جيني. إضافة إلى ذلك تعطي معلومات عن فرد واحد فقط، ومن الممكن ان يكون هناك اختلاف بين المجموعات في المناطق المتعددة. الجواب الاخير على فيما إذا كان النيندرتال يستطيع التزواج مع الانسان يمكن الحصول عليه عندما ينتتهي انشاء خريطة الجينوم كاملة، ويفضل ان تكون من عدة عينات من مناطق مختلفة.

    وعلى كل حال فهذا أحد السؤالين الكبيرين فقط، فالسؤال الثاني هو: لماذا اختفى النيندرتال. وإذا لم يكن قد اختفى بسبب ذوبانه جينيا في الهومو سابينس (الانسان الحالي)، او بسبب إبادة جماعية فلا يبقى إلا احتمال واحد ممكن: لقد فشل في المنافسة على الموارد وبالتالي في الصراع على البقاء، امام الانسان الجديد، حسب توضيح العالم Richard Klein, من جامعة ستينفورد الأمريكية.

    حيث ان كلا الانسانين كانوا يعيشون على الصيد وجمع النباتات، ولكن الانسان الجديد عندما جاء إلى أوروبا كان يملك تكنيكاً أكثر تطورا وعلى الاغلب يملك ايضا بنية اجتماعية مختلفة وسلوك مختلف، ساعده على إستغلال الطبيعة بشكل أكثر فعالية.

    رسم توضیحي لأماكن إنتشار النيندرتال والفروقات بينه وبين الانسان الحالي

    الانسان الجديد يملك قدرات أفضل العالم كلين يعتقد ان النيندرتال انقرض بسبب الجوع، وان هذا الامر جرى بشكل سريع، حوالي مئتين من السنوات لكل مجموعة. هذا التوضيح يتطابق مع الصورة التي تظهر ان الانسان الجديد كان يمر بمرحلة إزدهار إبداعي في فترة ماقبل 70 الف سنة، رافقتها إنتشار سريع في مختلف المناطق اجبرت الانواع الاخرى من البشر على الانحسار. فكرة " الانفجار او الازدهار الابداعي" تجد جذورها في العديد الملاحظات، ليس اقلها معرفتنا بان الانسان الجديد لم يبدأ بالهجرة والتوسع بالانتشار إلا قبل 60-70 الف سنة، بالرغم من ان المستحاثات التي عثر عليها وتعود له، تظهر انه كان موجودا كنوع منذ 200 الف سنة. مالذي جعله يتأخر بالانتشار؟

    وقت هجرته تتطابق مع فترة بدء ظهور زخم أكبر من الادوات المتطورة والمنتجات الفنية، وإضافة إلى ذلك يظهر تحليل مورثات الانسان الحالي ان جميع البشر خارج أفريقيا ينتمون إلى المجموعة نفسها التي تعيش في شرق أفريقيا. هذا يقدم لنا صورة عن حدوث تغيير نوعي عند الاجداد الاوائل جعلهم أكثر قدرة على الابداع مما مهد الطريق لإنتشارهم بفترة قصيرة والتضييق على الانواع الاخرى واخراجها من حلبة المنافسة خاسرة.

    هذا التغيير النوعي هو الاساس الذي جعل نوعنا متفوقا على بقية الانواع الانسانية وهو الذي ميز الانسان الحالي وهو الذي خلق القدرة لدينا للابداع في الصيد والزراعة والثقافة، والفرق الجيني بيننا وبين النيندرتال يمكنه ان يهدينا إلى هذه الجينات تحديداً.

    ثلاثة ملايين إختلاف يفرق بيننا منذ الان يعرف العلماء جزء من الاختلافات الجينية التي تجعل الانسان متميزاً بالمقارنة مع اقرب كائن حي قريب لنا: الشمبانزي، والذي يجمعنا جد مشترك معه قبل حوالي 5 ملايين سنة. مع تحديد الفروقات الجينية بيننا وبين النيندرتال يمكن الوصول إلى دقة أكبر في قراءة اسباب إنسانيتنا، إذ بينما يفرقنا عن الشمبانزي 35 مليون اختلاف جيني تشير التوقعات الاحصائية إلى انه يوجد حوالي 3 ملايين اختلاف جيني فقط بيننا وبين النيندرتال. صورة توضح الهیکل العظمي للإنسان الحالي و النیاندرتال

    نتائج التحاليل الاولية تشير إلى اننا نتشارك مع النينيدرتال فيما بين 99,5 - 99,9% من الحوض الجيني. إضافة إلى ذلك سيتمكن العلماء من رؤية فيما إذا كانت الفروقات بيننا وبين الشمبانزي تفرقنا عن القرود فقط ام انها ذاتها التي فرقتنا عن النيندرتال ايضا. في مثل هذه الحالة سيكون من المثير دراسة هذه الجينات لمعرفة مالذي جعل الانسان إنساناً.

    خريطة الجينوم للنينيدرتال لوحدها لايمكنها كشف مالذي يجعلنا مميزين. هذه المعلومة نحصل عليها من خلال المزيد من الابحاث التي تظهر وظيفة الجينات التي تفرق بيننا. هذا يعني انه لازال هناك الكثير من الجهود التي يجب بذلها لتحليل وظيفة كل جين، ولكن جينوم النيندرتال وسيلة لاتعوض، إذ يشبهها العلماء بحجر الرشيد الذي عثر عليه في مصر والذي كان مفتاحا للغة الهيروغليفية.







    إنسان نياندرتال



    جال إنسان نيانديرتال طوال عشرات الآلاف من السنين السهول المكشوفة في أوروبا، يواجه الدببة والماموث والشتاء المتجمد في عصر الجليد.

    وبعد ذلك اختفى. فأثار اختفائه جدالا وتوقعات دامت لأكثر من قرن، وما زال الغموض يكتنفه حتى اليوم.

    تخيل نفسك في حقبة مرت قبل مائة ألف عام، حيث كانت طبقة من الجليد بسماكة ميل كامل تغطي سيبيريا وسكاندينافيا، أما باقي أوروبا، فتغطيها مساحات شاسعة من المروج، ورياح عاتية ونباتات ضعيفة. في الوديان المحمية، كان إنسان نيانديتال يختبئ تحت الصخور وفي الكهوف، يصطاد بعض الحيوانات المألوفة اليوم، ويواجه أخرى انقرضت اليوم. دببة الكهوف المخيفة، وأسود الكهوف، وعمالقة الثيران، والماموث الصوفي.

    سيطر إنسان نيانديرثال على أوربا بكاملها على مدار أجيال غابرة، إلى أن ظهر نوع جديد وحديث من البشر وأخذ ينمو وينتشر ببطء من أفريقيا. يبدو أن إنسان النياندرتال والقديم الآخر قد تعايشا بسلام ظاهر. ثم اختفى إنسان نيانديتال.

    لماذا اختفى إنسان نيانديتال ليتحول الإنسان المعاصر الشكل البشري الوحيد السائد على الأرض؟

    لا نملك إجابة على هذا السؤال، أي أنه جواب تصعب الإجابة عليه، ولكن هناك مجموعة من الأبحاث الجارية على الأحافير والأبحاث الأثرية المتعلقة بالبقايا التي خلفها.

    لم يخمد إعجابنا بهذا الإنسان القديم منذ مائة وخمسين عاما، حين التقينا به لأول مرة. وقد منحه الفنانون ملامحه البشرية، ويعمل أخصائيو التاريخ البشري على جعله يمشي ويتحدث من جديد. ومع ذلك ما زال السؤال المتعلق بصلته بنا يطرح نفسه. هل تعايش النيانديتال والإنس العصري بسلام؟ أم بنزاع؟ هل تبعا مسارات منفصلة؟ هل يحتمل أن يتزاوجا؟ هناك مسألة واضحة واحدة في نظر علماء الآثار، وهي أن حياة النيانديرتال، لم تكن سهلة.

    =-=-=--=-=

    عام ألف وثمانمائة وستة وخمسون، عثر على هيكل عظمي بشري في كهف ضمن وادي نياندير الألماني. وقد أثار اكتشافه جدال دام أكثر من مائة وخمسين عاما، حول النيانديرتال.

    قام علماء الآثار مع بداية القرن في تمشيط السفوح المحيطة بجنوب فرنسا، بحثا عن عظام النيانديرتال.

    وصفت المحاولة الأولى لإجراء دراسة علمية على هذا الاكتشاف على يد لاشابيل بالكارثة، فقد ضللت جيلا بكامله. شوهت عظام هذا النياديرتال بسبب التهاب في العظام. ولكنها جعلت العالم الفرنسي يستخلص منها بأن ساقي إنسان النياديرتال عموما كانت مقوسة، ما حال دون استقامة مشيه، فولدت بذلك صورة رجل الكهوف الوحشي.

    كيف لهذا المخلوق البائس أن يتفوق على صعوبات عصر الجليد؟ والحقيقة أن العلماء يبذلون قصارى الجهود لتسليط الضوء على أحفور العظام.

    وهم يعتمدون على أحدث التقنيات المعاصرة للتوصل إلأى صورة حقيقية للنيانديرتال، هي نفس التقنيات التي تعتمدها الشرطة للتعرف على المفقودين. يحتاج الطبيب الفني مايكل أنديرسون أولا إلى نسخة جمجمة خاصة به، وقد صنع قالبا للجمجمة في سبيل ذلك.

    هذا قالب من قطع ثلاث. تطبع إحداها العينان. هذه هي النسخة، إنها نموذج مطابق للأصل، وهي الطبعة النهائية.

    جمجمة النيانديرتال مشابهة للجمجمة البشرية، كما أن مقاييسها تبقى ضمن المعدل العام للإنسان المعاصر. ولكن هناك مجموعة من المزايا الفريدة لجمجمة النيانديرتال. يبرز من بينها الجبهة المنخفضة، والأهداب العالية هنا، كما تمتاز فتحات أنف كبيرة، هذا ما يميز جمجمة النيانديرتال إلى جانب الذقن المنحدرة إي أنها ليست مدببة كما هو حال غالبية الذقون البشرية المعاصرة.

    اعتمد أنديرسون على نصوص التشريح البشري الحديث للحصول على طبقة من عضلات شمع شبيهة بتلك التي غطت في الماضي جمجمة النيانديرال.

    العضلات، التي تغطي الجمجمة، هي ذات العضلات التي تغطي الجمجمة المعاصرة.يقول علماء التشريح ان هذا الشخص كان في الأربعين من عمره، أي أنه عجوز قياسا لأعمار النيانديرال. بقي سنان فقط في الجمجمة ما يوحي بأنه أصبح عاجزا عن العناية بنفسه، ويؤكد بأن الحياة كانت صعبة على النيانديرتال. حاولت أن ألون شعر الذقن بالرمادي أو الرصاصي، ولكن من المحتمل أن يكون وجهه مليء بالندوب، وقد تعرض لضربات شديدة. هذه صورة تقريبية له. أعتقد أن هذه الصورة قد تعرف من قبل أبناء القبيلة التي ينتمي إليها.

    هذا نموذج عن النيانديرتال بكامله. وقد أعده أنديرسون انطلاقا من التقنيات الدقيقة نفسها. لم تعد العظام القديمة تعكس صورة من الضعف والوحشية، بل صورة مألوفة عن القوة والصلابة والعضلات.

    أول ما يمكن ملاحظته عند النظر إلى النيانديرتال، سواء كان ذلك النموذج المكتمل أو مجرد العظام، سترى أنها كانت متراصة جدا.

    يمكن القول مثلا أن العضلات التي تغطي العظام، كانت توازي ضعف العضلات البشرية. أي أن بنيته الجسمانية كانت أشبه ببطل كمال الأجسام العالمي، دون العمل على صنعه. كانوا جميعا هكذا، لأن الأجسام هي جزء من كفاحهم اليومي من أجل البقاء، وليس للفوز بالمنافسة العالمية.

    يعتبر استهلاك الطاقة العالية من المشاكل التي ترتبت عن هذه البنية. فهو أشبه بالرياضي الذي يجب أن يستهلك سعرات كثيرة، ما وضع النيانديرتال في حلقة مفرغة. فهو يحتاج إلى سعرات كثيرة ليحافظ على قوته الجسدية، ولكن الحصول على هذه السعرات يدفعه إلى العمل المستمر للحصول على كميات الطعام. وهكذا كان عالقا في دوامة تجدد نفسها.

    لماذا تمتع النيانديرتال بجسم أبطال كمال الأجسام؟ تجيب الأدوات التي صنعوها على هذا السؤال.

    إنها أدوات يتطلب صنعها الكثير من البراعة. وقد صنعها النيانديرتال، ليتوصل بذلك إلى أدوات يمسكها بالأيدي، كأن يمسك السكين من شفرتها وليس من الممسك، أو الرماح الغير فعالة عند الرماية. ما كان يعرف القوس والنشاب، أي أنه كان مجبر على الاقتراب لمسافات فاعلة، ربما عبر الكمائن، لينقض على فريسة بحجم الغزال على سبيل المثال.

    أي أن أدواته المحدودة وقوة جسمه الصلبة، المعززة بعضلات هائلة، تركت أثرا لها على العظام. ولكن هذه العظام نفسها تتحدث عن تاريخ أكثر سوادا، عن كفاح النيانديرتال المستميت للبقاء على قيد الحياة. سنتحدث عن ذلك بعد قليل.

    =-=-=-=

    تتحدث عظام النيانديرتال عن قصص مخيفة للمخاطر التي تعرض لها الكائن التاريخي في عصر الجليد.

    إريك ترينكاوس: وجدنا عظام الوجوه محطمة، وعظام الأذرع والأقدام والأيدي وكسور متنوعة في جميع أجزاء الجسم تقريبا، ويبدو أنهم تحركوا رغما عنها.

    الشيق في الأمر هنا هو أن الكسور التي تجدها في أجسامهم شبيهة بالكسور التي تعثر عليها في صور أشعة مصارعي الثيران على وجه الخصوص. يوحي ذلك بالمواجهات المباشرة مع الحيوانات الهائلة الحجم.

    الصدمات، وتشوهات النمو وانخفاض معدلات الحياة، كلها توحي بأن النيانديرتال كان يواجه أوقاتا عصيبة. وأن أي نوع من الكائنات البشرية الحديثة التي انتقلت إلى تلك المنطقة، لأي سبب كان، سواء تعلقت بالنظام أو التكنولوجيا، تمكنت من زيادة معدل الحياة لديها، وقدرة صغارها بمختلف الأعمار على البقاء حية، إلى جانب النمو الضمني من الناحية الديموغرافية، سيؤدي عبر آلاف السنين إلى الحلول محل سكان النيانديرتال.

    لكن المخاطر وحدها لم تكن سبب في عدم تفوق النيانديرتال، يعتقد لويس بينفورد الذي تخصص بالنيانديرتال طوال ثلاثين عاما، أن بعض الجوانب المتعلقة بالسلوك، جعلته أقل قدرة على التأقلم مع المتغيرات من الإنسان المعاصر. يبدو أن عدم كفاءته في استخدام النار كانت من أبرز هذه الفوارق.

    يمكن القول أن الإنسان المعاصر حين لا يجد مصادر وفيرة من الوقود في البيئة المجاورة، يأتي بالحجارة ويشعل النار فيها، ومع احتراق الوقود تزداد السخونة في الحجارة حيث يمكنه بعد أن تخمد النار أن يحمل هذه الحجارة إلى مناطق نومه، وهي تبدو في الأبحاث الأثرية كحجارة مواقد مشققة. لم يتم العثور على مثل هذه الحجارة في مناطق النيانديرتال، رغم إقامته في ظروف بيئية قاسية، ولكنه لم يعتد على مثل هذا السلوك الضروري.

    ولكن إن صح ما يقوله بينفورد، فهناك مشكلة أساسية أكبر، تكمن في فشل وضع الخطط، والاستفادة من توقع أحداث المواسم القادمة، كما هو حال مواسم وفرة السلمون.

    وجدنا صعوبة في العثور على عظام السلمون ضمن مناطق النيانديرتال رغم شهرتها بوفرة هذه الأسماك على اعتبار أنها غذاء أساسي للدببة التي عاصرتهم. أي أنهم على ما يبدو كانوا يستغلون البيئة بشكل عشوائي، وليس انطلاقا من خطط وجداول موسمية مبرمجة، كما يفعل الإنسان العصري.

    فهل مات النياندرتال لقلة ذكائه؟ تقول الجمجمة الأثرية أن دماغه بحجم الدماغ المعاصر، بل وربما أكبر. هنا نطرح السؤال القائل: كيف يستخدمه؟

    أعتقد أن النياندرتال كان ذكيا، ولكن طريقة الذكاء المستخدمة نظمت بطريقة مختلفة من حيث تحقيق الأهداف. كما أن سلوكه شبيه جدا بسلوكنا باستثناء أنهم مجموعة من البشر التي تحتاج إلى برنامج بداية ليصبحون مثلنا. أعتقد أن في ذلك بعض الرومانسية، لأنه لا ينظر إلى الأمور من منطلق ما كانوا فعلا عليه. هذا ما نود معرفته، وما يسعى إليه الكثيرون.

    ما الذي كان عليه النياندرتال فعلا. ظهرت أثناء البحث المستمر عن هويته، معلومات جديدة حول العلاقات الغير اعتيادية بين رجال النياندرتال ونسائهم.

    =-=-=-=-=

    عاش إنسان النياندرتال وتحمل ظروف حياته القاسية طوال مائة ألف عام. بعد ذلك ظهر الإنسان المعاصر في أفريقيا أولا، لينتشر بعد ذلك تدريجيا في الشرق الأدنى وأوروبا، حتى حوالي خمسة وثلاثين ألف عام، حيث اختفى النياندرتال عن وجه البسيط.

    يبدو أن هناك الكثير من مزيج شهدته مناطق أوروبا الوسطى أكثر من الغرب. ولكن يبدو أن المسألة قد جرت سلما، وحتى في غرب أوروبا، حيث يبدو أن النياندرتال قد اختفى بأعداد هائلة دون حدث معين، من المحتمل جدا أنه تعرض للمنافسة على الموارد.

    السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يعتبر النياندرتال فرع جانبي مات وانتهى بالنسبة لنا؟ أم أن كل منا يدب على الأرض حاملا معه أثرا من هذا النوع البشري الغريب في جيناته؟

    لا شك أن علماء البيولوجيا والكيمياء قادرون أكثر على التحدث عن نسبة الجينات التي نتقاسمها مع النياندرتال، وقد أكدوا أننا نتقاسم حوالي خمسة وتسعين بالمائة من المواد الجينية مع الشمبانزي، ما يعني أننا نتقاسم الكثير مع النياندرتال رغم غياب التهجين بيننا.

    إن كنا نتقاسم الكثير، فلماذا غاب النياندرتال وأسلوبه في الحياة عن الأرض؟ يؤكد لويس بينفورد أن خصوصيات في سلوك النياندرتال جعلته يختفي من الوجود. ولا يوجد خصوصية أبرز من العلاقة بين ذكور وإناث النياندرتال.

    هل كانوا مجتمعا يعتمد العائلة خليته الأساسية التي يتعاون فيها الآباء والأمهات على رعاية أبنائهم؟ هذه مسألة نود أن نعرف عنها المزيد.

    توصل بينفورد في موقع النياندرتال في كومبي غرينال جنوب غرف فرنسا، إلى خلاصة بالغة الأهمية. تقول نظريته أن الرجل والمرأة، كانا يعيشان بعيدا عن بعضهما البعض. وكانا يأكلان كل ما يجدانه خارج الكهوف. أي أنهما لم يحملا شيئا معهما لتقاسمه في الكهف، أي أن المؤسسة الإنسانية الحيوية، العائلة، قد غابت تماما.

    يجب أن نتخيل أنهم يأكلون غالبية ما يستهلكون من طعام فرديا وفي موقع العثور عليه. أما الأشياء التي كانوا يعودون بها إلى الكهف فهي تلك التي تحتاج إلى تحضير، كما هو حال التكسير أو التسخين أو ما شابه ذلك. أي أننا لا نرى صورة عائلة تأتي إلى البيت لتناول الطعام. هذا ما تبين من مختلف الأنواع التي عثرنا عليها في الكهوف. والوتيرة التي استطعنا فيها تمييز مناطق الإناث عن الذكور، وهذه مسألة خاضعة للجدال، علما أن هناك شبه إجماع يوحي بأن الأنثى كانت تسكن بمفردها في أغلب الأحيان، وأن الرجال كانوا يأتون بين الحين والآخر، المهم أن الحياة بينهم لم تكن مجموعة دائمة مختلطة.

    هل كان التعاون بين المرأة والرجل من أسباب تفوق الإنسان المعاصر على النياندرتال؟ ذلك التفوق الذي أودى بالنياندرتال إلى عالم النسيان. يتعارض الكثيرون مع بينفورد، ويقدمون الأدلة التي تثبت اهتمامه بالعائلة، وتؤكد أن تفكيره شبيه جدا بتفكيرنا.

    يعتبر النياندرتال أول إنسان دفن موتاه متعمدا. لدينا حوالي عشرين مقبرة للنياندرتال تضم أطفالا ونساء ورجال وشيوخ، يدفنون من يموت من أبنائهم سواء كانوا أطفالا أو راشدين. ما يوحي بأنه يهتم بالفرد لما له من دور اجتماعي هام في المجموعة. بالتالي فإن أهمية هذا الفرد إلى جانب الرغبة في تعزيز الدور الاجتماعي الذي يقوم به، تجرى مجموعة من الطقوس التي نسميها مراسيم الدفن.

    لا أرى ما يقنع في الإثباتات التي يقدمونها حول العناية بالجرحى أو الشيوخ التي لها صلة بالجانب الحسي أو الوجهة الروحية تجاه العالم. هناك أنواع من الحيوانات التي تبدي بعض التحمل والعناية وتساهم في دعم الحيوانات المصابة أحيانا. وهناك أمثلة جميلة بين قرود المكاك في اليابان، التي تعتني جماعيا بصغارها التي تولد بتشوهات أو ضعف خلقي. لهذا لا أرى في الأدلة التي تقدم أي إثبات مقنع.

    إنهم يتحركون ويمشون ويحملون الأدوات وينطقون باللغة، أي انهم يتمتعون بكفاءات شبيهة بنا. قد يعبرون بلهجة مختلفة عنا لأن أفواههم ووجوههم أكبر ولكن إذا حاولت أن تعلمهم الصينية أو الإنجليزية أو الفرنسية أو السواحلية أو أي لغة أخرى. لن يجدوا أي صعوبة في التحدث باللغات البشرية.

    ولكن لويس بينفورد يعتقد أن الإنسان المعاصر هو صاحب أول اللغات الفعلية.

    لسنا هنا بصدد الاتصالات، علم أن الإنسان القديم اعتمد وسيلة فعالة. لم تكن بالضرورة خطابة أو أصوات بمخارج تشكل منظومة اتصال كاملة. تكمن الفكرة في كيفية التنظيم.

    ترى ما الذي حدث فعلا عند اللقاء بين النياندرتال عديم اللغة والتكنولوجيا وسبل جمع الطعام من جهة، والإنسان العصري الحديث كليا؟

    التوقعات هنا تصبح شيقة جدا انطلاقا من المعلومات الأوروبية الغربية، التي توحي بأن النياندرتال قد عاش في الفترة التي كان فيها الإنسان العصري الحديث موجودا.

    انتشر تدريجيا، وامتزج مع النياندرتال، وأنجبوا صغارا أجدادهم من النياندرتال والإنسان المعاصر بيولوجيا وتشريحا، وهذا انتشر ما نجم عن هذا التهجين جنوبا وشمالا، حتى التوصل إلى ما نعرفه اليوم بالإنسان المعاصر، وبالتالي الاختفاء الكلي قبل خمسة وثلاثين عاما لما يعرف اليوم بالنياندرتال.

    أي مفارقة ساخرة في أن تساهم الشعوب القديمة التي اعتبرت يوما أقل من البشر، أن تساهم اليوم في جينات جميع الأحياء منا.

    لم يبق اليوم أي من النياندرتال حيا. ولكنهم لم يختفوا عن وجه الأرض بلا تفاعل بل نقلوا جيناتهم وصغارهم الذين تحولوا بدورهم إلى أسلاف لأوروبا المعاصرة.

    وهكذا منح النياندرتال وجه البشر، وهو شبيه بنا في أشياء كثيرة.

    اعتنوا بالمرضى والمصابين في عالم تجتاحه الأوبئة والمخاطر. قاموا بدفن موتاهم بعناية فائقة، وربما أملوا بحياة أفضل في العالم الآخر. ولكنهم عجزوا عن التفكير بما يتعدى غذاء يومهم وبقائهم على قيد الحياة. يبدو أن قصر النظر هذا هو السبب في فنائهم. ومن المحتمل كأبناء لهم، أن نفعل أكثر من هذا لنتذكر ما جرى.
    رسم توضيحي للنمقارنه بين النيندرتال والبشر]
    رسم توضيحي للنمقارنه بين النيندرتال والبشر
    http://www.angelic.org/originalsite/neandertable.jpg

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    18 - 11 - 2007
    ساكن في
    الاردن
    العمر
    33
    المشاركات
    14,186
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    بارك الله فيك اخى وجزاك الله خيرا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    8 - 1 - 2009
    ساكن في
    CD-RW
    العمر
    34
    المشاركات
    1,153
    مقالات المدونة
    2
    النوع : ذكر Italy

    افتراضي

    بشكرك ساندرا 3 مره مش عارف اقولك ايه الصراحه

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    16 - 11 - 2007
    ساكن في
    دنيا فانية
    المشاركات
    24,705
    النوع : انثيJordan

    افتراضي

    عاش إنسان النياندرتال وتحمل ظروف حياته القاسية طوال مائة ألف عام. بعد ذلك ظهر الإنسان المعاصر في أفريقيا أولا، لينتشر بعد ذلك تدريجيا في الشرق الأدنى وأوروبا، حتى حوالي خمسة وثلاثين ألف عام، حيث اختفى النياندرتال عن وجه البسيط.
    يعتبر النياندرتال أول إنسان دفن موتاه متعمدا. لدينا حوالي عشرين مقبرة للنياندرتال تضم أطفالا ونساء ورجال وشيوخ، يدفنون من يموت من أبنائهم سواء كانوا أطفالا أو راشدين. ما يوحي بأنه يهتم بالفرد لما له من دور اجتماعي هام في المجموعة. بالتالي فإن أهمية هذا الفرد إلى جانب الرغبة في تعزيز الدور الاجتماعي الذي يقوم به، تجرى مجموعة من الطقوس التي نسميها مراسيم الدفن.

    سبحان الله
    فعلا معلومات اول مرة اسمعها وغريبه كمان وكويس هلأ بعرف شو يعني نيندرتال
    يسلموووووووووو عالمعلومات

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    14 - 10 - 2008
    ساكن في
    بعيد عن عيون الناس
    المشاركات
    7,357
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي

    معلومات وحاجات حلوة خالص
    تسلم على التوبك الطوووووووووووووويل ده

  6. #6
    الصورة الرمزية mona roshdi
    mona roshdi غير متواجد حالياً المشرفه المميزه للأسلامي العام والصوتيات والمرئيات الاسلامية
    تاريخ التسجيل
    27 - 6 - 2008
    ساكن في
    خلف دائرة الأحذان
    المشاركات
    12,425
    مقالات المدونة
    1
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي

    معلومة جديدة أول مرة تمر على
    دائما رائع ومتميز
    حفظك الله ورعاك
    دمت دائمآ مبدع ومتميز

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    8 - 1 - 2009
    ساكن في
    CD-RW
    العمر
    34
    المشاركات
    1,153
    مقالات المدونة
    2
    النوع : ذكر Italy

    افتراضي

    بشكركم كلكم
    وانا مبسوط بجد ان الموضوع افادكوا
    بمعلومات لاول مره بتقرءوها


 

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23 - 2 - 2011, 05:47 PM
  2. وفاة مايكل جاكسون(صورة مايكل داخل الاسعاف)
    بواسطة ملكة القلوب في المنتدى صور
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 28 - 10 - 2010, 04:24 PM
  3. اقصانا لاهيكلهم تعال واعرف قصة الهيكل المزعوم
    بواسطة وليد الاسلام في المنتدى أحسن ناس
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27 - 7 - 2008, 05:09 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©