تسلمى على السرد الرائع والشيق للاحداث وتقديم المعلومة
حقيقة اغتيال جمال عبدالناصر في غرفة الأكسجين علي يد السوفيت
كانوا يعتبرونه العقبة الكبري امام تحقيق مطامعهم في الشرق الأوسط، فأعيتهم الحيل وفشلت معه المحاولات المستميتة للتخلص منه..
جندوا له العملاء من كل الجنسيات وزرعوا له اياديهم الخفية في كل مكان، دسوا له السم، ووضعوا له خطط الاغتيال المحكمة، لكنهم فشلوا، بعد ان حاولوا مرارا وتكرارا ان يكسروا هامته العالية وشموخه الذي لا يعرف الانحناء..
انه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي صدق في وصفه الامريكان وربما لأول مرة في تاريخهم، حينما وصفته المخابرات المركزية الأمريكية بأنه الرجل الذي بلا رذائل!
ومنذ تاريخ وفاته في الثامن والعشرين من سبتمبر من عام 1970 والروايات التي يتم تداولها بين الناس وبعض صناع التاريخ عن محاولات اغتيال جمال عبدالناصر التي كانت وراء وفاته لا تنتهي... بداية من اشاعة تسميمه واستخدام بعض التقنيات الطبية الخاصة كالعلاج الطبيعي والتدليك في ذلك، وصولا إلي احتمالية دس السم في فنجان القهوة أو طبق الشوربة الذي اعتاد ان يتناولهما في فندق النيل هيلتون من خلال بعض العملاء.
ومع كل هذا تظل الوثيقة الجديدة التي ظهرت للنور مؤخرا والتي كشفت عنها لأول مرة صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية في عددها الصادر بتاريخ 3/2/2005 هي الأكثر اثارة للدهشة والفزع ايضا ان جاز التعبير!
فالوثيقة البريطانية التي تم الكشف عنها طبقا لقانون الوثائق السرية البريطانية بمناسبة مرور 30 عاما علي صدورها المؤرخ بتاريخ 29/5/1974 تؤكد في محتواها أن السوفيت تورطوا في إعطاء الرئيس الراحل علاجا يتضمن الاكسجين خلال رحلة استشفائه في موسكو عام 1970 وهم موقنون من وفاته خلال 3 أشهر!
ويقول نص الوثيقة التي بعث بها أم. مارشال القنصل البريطاني بالرباط يوم 29 مايو 1974 إلي الخارجية البريطانية: 'احاط القنصل المصري هنا الآنسة 'ماسوه' السكرتيرة الثانية بسفارتنا بقصة غير عادية قال فيها ان المصريين الآن مقتنعون بأن الروس قد اعطوا عبدالناصر حينما ذهب إليهم قبل فترة قصيرة من وفاته، علاجا يتضمن الاكسجين وعادة ما يعطي إلي رواد الفضاء، بما يعني التأكيد علي أنه سيموت بعد 3 أشهر'.
واختتم القنصل البريطاني في الوثيقة ليقول: 'من البديهي ان حقيقة هذه القصة عرضة للتساؤلات، ولكنها وكمؤشر علي ما اصبح عليه المصريون هنا مسعدون للقول به عن الروس لقد هزتني كأمر مثير للاهتمام'!
انتهي نص الوثيقة المفاجأة والتي تأخذ بعدا آخر مختلفا عن كل الروايات التي قيلت عن الأسباب الحقيقية وراء وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، فمن المعروف تماما ان كثيرا من أجهزة المخابرات الغربية تورطت بشكل قريب أو بعيد في المحاولات الفاشلة التي دبرت لاغتيال الرئيس الراحل وكان علي رأسها المخابرات البريطانية والأمريكية والإسرائيلية وفقا لشهادات من عملوا بها.
ولكن ان يتورط الاتحاد السوفيتي السابق والذي كان يعد الحليف الأول لعبدالناصر في فترة الستينيات وربما الأوحد ايضا في ظل الأزمات والتكتلات التي احيكت ضد مصر في عهده، فهذا ما يجعل الوثيقة وما تحتويه من معلومات خطيرة اجحافا للحقيقة ومحلا لعلامات استفهام كبيرة لبلد وقف في وقت ما ضد العالم من أجل مصر. فكيف يسعي للخلاص من زعيمها؟
رفقاء عبدالناصر استنكروا هذه الوثيقة بشدة وكان أول شخص من المهم ان نعرف منه حقيقة ما تتدعيه هذه الوثيقة هو الدكتور الصاوي حبيب، طبيب الرئيس الراحل والوحيد الباقي علي قيد الحياة من الفريق الطبي المعالج له، متعه الله بالصحة والعافية.
رد الدكتور الصاوي كان غير متوقع، فلقد احتد وانفعل بشدة رافضا الحديث عما تحتويه هذه الوثيقة واصفا اياها بأنها آراء للآخرين وهو لا يعلق علي آراء الآخرين منهيا حديثه معنا بجملة واحدة: لا تعليق!
أما سامي شرف الوزير الأسبق لشئون الرئاسة فيقول: ليس كل وثيقة تفرج عنها السلطات البريطانية هي وثيقة رسمية يعتد بها وبما تحتويه من معلومات، والكلام الوارد في هذه الوثيقة خطير بالفعل ومن المهم ان نبحث وراءه لاثبات حقيقته التي أوكد علي حد علمي والي الآن انها معلومات غير صحيحة.
ويضيف: علي حد علمي لم يحدث ان اثير هذا الموضوع امامي ولم يقل لي الرئيس عبدالناصر انه تلقي علاجا بالاكسجين اثناء رحلتي استشفائه في سخالطوبا في الاتحاد السوفيتي عامي 1969 و.1970
ويعطي سامي شرف لطبيعة هذه الوثيقة بعدا سياسيا واستراتيجيا غاية في الأهمية فيقول: ان الوثيقة تقول انها صادرة عن القنصل البريطاني في الرباط، ومن المعروف تماما ان المغرب كان يعد التمركز الأكبر في المنطقة العربية للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية في تلك الفترة، وعندما يصدر هذا الكلام عن القنصل المقيم في المغرب، فهذا يعني ان الأمر له بعد سياسي كبير لحساب مخابرات اجنبية للعمل علي تشويه صورة جمال عبدالناصر وما تبعه من تاريخ خالد ومشرف.
ويفسر سامي شرف تحليله لهذه الوثيقة قائلا: انهم يريدون اغتيال صورة جمال عبدالناصر الباقية عند الشعوب العربية مثلما حاولوا اغتياله حيا وكل ما تمثله مصر الثورة. وهذه الوثيقة تعمل علي تشويه صورة عبدالناصر من خلال التأكيد انه ارتمي في احضان السوفيت وهم من قاموا بالتخلص منه في النهاية!
ولكن من المثير للدهشة فعليا، هو ما قاله الرئيس الراحل أنور السادات في مذكراته الشخصية 'البحث عن الذات' في الصفحة رقم 259 من كتابه عقب عودة الرئيس عبد الناصر من رحلة علاجه الأخيرة للاتحاد السوفيتي والتي استغرقت 20 يوما وكان السادات وقتها نائبا للرئيس قال ما يلي: 'استغرقت رحلة عبد الناصر 20 يوما، فقد ادخلوه غرفة الاكسجين الخاصة برجال الفضاء ليجدد خلايا جسمه كله، حتي أنني عندما التقيت به في مطار القاهرة عند عودته من موسكو دهشت، فقد بدا أصغر من سنه بعشرين سنة علي الأقل'!!!
نفي سامي شرف حقيقة ما رواه السادات وقال إنه لا علم له بما رواه السادات في مذكراته، مؤكدا أنه كان الأقرب للرئيس عبد الناصر ومنهيا تعليقه بمطالبة الخارجية المصرية أن تفصح لنا عن اسم القنصل المصري لسفارتنا في الرباط عام 1974 حتي نضع النقاط فوق حروفها، لقد كنت في السجن في تلك الفترة ولا أعرف من هو قنصلنا هناك في ذلك الوقت.
ويقول السفير وفاء حجازي 'مساعد وزير الخارجية المصري السابق': إنني مندهش جدا من هذا الكلام والذي اسمعه لأول مرة من خلالكم، وأنا لم يطرح هذا الموضوع أمامي بأي حال من الأحوال سواء من قريب أو بعيد أو حتي خلال الدردشة العادية بيننا كعاملين في سفارة موسكو علي وجه الإطلاق في ذلك الوقت.
ويؤكد حجازي أن الأشخاص الذين لهم علم حقيقي بما جري أثناء رحلة استشفاء الرئيس عبد الناصر هم الفريق الطبي المعالج له وليس مجرد دبلوماسي بريطاني يعمل في بلد بعيد، ليته حتي كان يعمل في موسكو حتي تكون الرواية مقنعة!
ويضيف حجازي من ناحية أخري معلقا علي طبيعة العلاقات التي كانت تربط مصر بالاتحاد السوفيتي: إنها أمر لا يدعو للتعليق، لأن مواقف السوفيت مع مصر كانت واضحة للجميع، وما قيل مجرد افتراضات غير قابلة للتصديق حتي من قبيل المنطق، منهيا كلامه بأن هذه الوثيقة لا تخرج عن كونها مجرد 'كلام حشاشين'!!!
أما محمد فايق وزير الإعلام الأسبق فيؤكد أن وفاة عبد الناصر كانت طبيعية ولا مجال للمزايدة في هذا الأمر. ويضيف: إن الفحص الدقيق الذي أجري للرئيس عبد الناصر عقب وفاته أكد بشكل قاطع أن وفاته كانت طبيعية، لأن الشك في مسألة وفاته بفعل فاعل كان هاجسا قويا لكل المقربين منه في ذلك الوقت، ولكن جاءت بعد ذلك التقارير الطبية لتؤكد أن الوفاة طبيعية.
وينفي فايق معرفته بالقنصل المصري في الرباط في ذلك الوقت، مؤكدا أن مصر لم يكن لديها قنصل أصلا إنما سفير فقط.
ويضيف قائلا: إن عام 1974 كان عام الاشاعات بحق، ومن عاشوا تلك الفترة من التاريخ يعرفون تماما أن كثيرا من الاشاعات والأقاويل ظهرت عقب وفاة عبد الناصر ووصلت إلي أوجها في تلك الفترة للنيل من تاريخ عبد الناصر وعلاقته بالسوفيت في شبه حملة منظمة للقضاء علي عهده!! كما أننا يجب أن نعلم أن ليس كل الوثائق التي يفرج عنها حسب قانون الوثائق السرية البريطانية هي وثائق هامة، فقد تكون الوثيقة مجرد حكاية أو أحاديث خاصة بين السفراء والدبلوماسيين وطالما هذه الوثائق ليست ذات مصادر موثوق فيها ومعروفة للجميع، فهي وثائق لا أهمية لها بالمرة!
ويري الكاتب الناصري محمد عودة أن هذه الوثيقة هي دليل جديد علي تزييف الحقائق والتاريخ، وإذا ما كان هناك مؤامرات جادة لقتل عبد الناصر فقد كان مدبروها الانجليز والأمريكان وليس السوفيت!
ويضيف: ولعل التاريخ يشهد بأول محاولة حقيقية لاغتيال عبد الناصر، حينما جندت المخابرات البريطانية طباخا يونانيا في فندق النيل هيلتون الذي كان يتردد عليه الرئيس ودسوا له السم في الشوربة، فما كان من الطباخ إلا أن ارتعشت يداه عند تقديم الطبق، واعترف بالسم الموجود في الطعام!
ويروي واقعة أخري عن المحاولات الأمريكية لاغتيال عبد الناصر فيقول: لقد صرح أيزنهاور يوما بعد إلقاء عبد الناصر لخطاب حماسي قائلا: ألا يوجد أحد يستطيع أن يجعل هذا الرجل يصمت؟ فما كان من وزير الخارجية الأمريكية دالاس إلا أن أصدر تعليماته لجهاز المخابرات بضرورة تدبير خطط لاغتيال عبد الناصر، وحينما طلبوا توقيع الرئيس الأمريكي علي خطة الاغتيال مثلما هو متبع في مثل هذه الحالات، رفض أيزنهاور الامضاء وقال: ليته كان معنا، والمشكلة إنه ضدنا ولكن ليس إلي درجة الاغتيال!
ويؤكد عودة أن هذه الوثيقة من صنع المخابرات البريطانية في لعبة سياسية تهدف من ورائها إلي تلطيخ تاريخ لكل من عبد الناصر والسوفيت، فرجل الشارع العربي الآن أصبح عنده حنين خاص لزمن عبد الناصر وما به من كرامة وعزة وشموخ لا ينكسر ولا يتنازل.
وتأتي شهادة الطب لتضع الحد الفاصل أمام هذه الوثيقة فيقول الدكتور مرسي أمين 'أستاذ جراحة القلب والصدر بكلية الطب جامعة قناة السويس' متسائلا: ماذا يعني العلاج بالأكسجين؟ وهل من الممكن أن يكون أداة اغتيال في يد الطب؟ أولا العلاج بالأكسجين هو علاج يحتاجه أي مريض بالقلب في مراحله المتقدمة، ويكون في الغالب عنده تضخم في عضلة القلب أو مشاكل عميقة في الرئتين، وبناء عليه يحتاج هذا المريض إلي العلاج بالأكسجين بضغط ونسب معينة نظرا لما تسببه هذه الحالات المتأخرة من نقص حاد في الأكسجين في الدم، ويتم إعطاؤه عن طريق أجهزة التنفس الصناعي.
يقول د. مرسي: إن رواد الفضاء يحتاجون للاكسجين بصفة خاصة نتيجة أن بعدهم عن الجاذبية الأرضية ينتج عنه قلة امتصاص الاكسجين في الرئتين وبذلك يتم امدادهم به عن طريق نسب وضغط معينين، وهو ما أشارت إليه الوثيقة من أن العلاج له علاقة برواد الفضاء.
وعما إذا كان اعطاء الاكسجين بنسب خاطئة من الممكن أن تظهر علاماته علي الجسم، في حالة ما إذا كان الرئيس عبد الناصر قد تعرض بالفعل لجرعات زائدة من الاكسجين غير المحدد النسب والضغط العلمي وفق حالته الصحية، يجيب الدكتور مرسي علي الفور: كان لابد من أن يظهر ذلك، سواء كان من خلال تأثر الرئتين والتي قد تنفجر من شدة ضغط الاكسجين، أو من خلال تلف بعض خلايا المخ نتيجة لزيادة ضغط الاكسجين به والتي قد تنفجر هي الأخري.
وينفي الدكتور مرسي بشدة أن هناك علاقة تربط بين اعطاء المريض علاجا بواسطة الاكسجين وبين تحديد الفترة الزمنية التي سيعيشها حتي تحدث الوفاة مثلما قالت الوثيقة من أن الوفاة ستحدث خلال 3 أشهر من نهاية تداويهبالاكسجين .
موضوع متميز ومعلومات اول مره بعرفها رنيم بارك الله فيكى وجزاكى الله خيرا
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)