رائعة حقا ومبدعة دومتى فى ود ورعاية الله اخوكى الفارس سيف
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه القصة لانعلم كاتبها أو كاتبتها
لكن جزا الله خيرا من جادت قريحته بها
وعلى الرغم من انها طويلة لكنها تستحق القراءة فعلاً .
كانت ليلة باردة مايعكر هدوءها إلا رائحة المطهر الذي يميز المستشفيات, بالرغم من أني ما كنت أحس بأي الم إلا انني كنت اتقلب على سريري
خائفة من بكره ... لا أدري لماذا ؟ !!!
ابتسمت وأنا أتذكر زوجي, كان يقول :
لاتخافين يالعنود الطب تطور, وأبلف بك العالم لين تشفين, لاتخافين أنا معك.
ابتسمت وأنا أتذكر كلامه والخوف اللي بنظراته وهو يحاول يطمانني .
أمي ياحبيلك يا يمه .... طول الليل كانت تصلي وكل ما فتحت عيوني سمعت صوت همساتها تدعي لي, وتتضرع لله .
ياحبيلك يايمه ويا عيونك اللي مورمه من البكاء
بالرغم من اني ما أشوفها وهي تبكي .
أشياء كثيرة تغيرت ها الأيام , زواري كلهم تغيروا, ما عاد يجيني احد من سني, لا ماعاد الا اشوف الا كبار العايلة اللي يتصفون بالدين والعقل, شيء غريب !!
ماأدري وش سببه ؟! حتى الأحاديث اللي تطرح في غرفتي كلها عن قوة الإيمان والصبر .
وماعاد أحد يذكر لي الأمل في الشفاء, ولا أخبار العايلة!! بنت عمي ولدت ومادريت إلا بالصدفة, سمعت وحده تبارك لأمها في زيارتي ... وش صاير ؟!!!!! والله اني شكيت أنهم يعرفون عني شي انا مااعرفه !
يعني يمكن الطبيب قال في حالتي شي؟!!! .
بس طردت وساوسي بحجة إن الطب تطور, الطبيب شكلة مطمن علي,
وزوجي يقول إني بشفى إن شاء الله أكيد .
قطع صوت أمي حبل افكاري, وهي تناديني :
- العنود قومي وأنا أمك صلي .
ابتسمت وأنا أتذكر كيف أمي تغيرت.
أمي أول من كثر حبها لي في البرد إذا أذن الفجر تهمس في اذني إني اصلي, وكأنها ودها اني ماأسمعها, وإذا ماقمت ( تعيمت ) عني وسكتت وابعدت, وهي تدعي ان الله يهديني.
غريبة من بداية مرضي وهي حريصة على صلاتي, تقومني بصوت حزين مستسلم, ابتسمت وقلت لها : أنا قايمة يمه.
تنهدت وقالت: الله يشفيك يابنيتي .
قلت : يمه .... ليش انتي حزينة؟!
ترى انا طيبة, والله مافيني الا العافية بالذات اليوم.
وطلعت امي وانا اكلمها وتركتني. استغربت, وسكت, وقمت اصلي.
يوم سلمت وقبل لااقوم عن سجادتي إلا باب الغرفة يدق الفجر!!! من جاي هالوقت؟!!!
شفت اخوي محمد يطل علي من الباب. ابتسامته تنور وجهه الملتحي, بس ابتسامة كلها حزن.
قال : كيف حالك يالغالية اليوم؟!!.
وسلم على امي وانحنى يسلم على يدها,
قلت : الحمدلله بخير اليوم أنا طيبة, وأظنهم اليوم بيطلعوني. عندي احساس.
الغريب بالرغم من إني كنت أبي أفرحه إلا انه التفت عني وراح للشباك, وفتحه ووقف عنده شوي وهو يتنفس بعمق ويذكر الله.
وكـأنه يحاول يطرد الشيطان, بعدين قال بدون مايرفع عينه من الأرض : ودي أغير اتجاه سريرك يالعنود .
وقبل لاأرد حرك السرير وخلاه من جهة القبلة ... ابتسمت قلت : ليش ؟!!!!!!!
قال وهو مارفع عينه من الارض وبصوت مرتعش: أفضل علشان إذا دعيتي الله تكونين مواجهة للقبلة. قلت وأنا أضحك : محمد أخاف ذي بدعة, انتبه.
ولارد علي , حط مصحف جنب سريري وخرج وتركني, ولحقته امي, وأنا ابتسمت وأنا أتذكر المناقشات الحاده اللي كانت تدور بيننا في امور الدين.
كان دايم ينصحني ويوعظني, وأنا بالرغم من إني احترمه إلا اني كنت اناقشه في أي فكرة يقولها, وأقول اللي في خاطري , وهو كان متقبل للناقشة ويرد برحابة صدر.
رجعت لسريري وتمددت عليه, فعلا هالمكان أحسن من الأول, هنا أقدر اشوف الحديقة اللي برا, وأشوف العصافير تغرد في الصبح.
تذكرت شباك غرفة بنتي سارة, أكيد العصافير متجمعة عنده الحين. ياما أزعجتني أصوات تغريدها, وفتحت الشباك علشان أفرقها, لاتقوم حبيبتي سارة وترتاع. يوه.... وينك ياسارة؟!! بكرة بتنامين في حضني إن شاء الله , وأبعوضك عن الايام اللي قضيته بعيدة عنك في المستشفى, بكرة أبشم ريحتك ياعمري.
دخلت امي, وقلت: يمه سارة تراها الايام الاخيرة تجيها كوابيس, عساك وصيتي نورة عليها لاتفارقها لو دقيقة في الليل لين اجي .
قالت أمي: ما عليك انتي, سارة مرتاحة, فكري بنفسك بس
تمددت على سريري وأنا اطالع الساعة على الحائط , الدكتور بيجي الساعة 10 وأبقوله اني أبطلع خلاص , ماله داعي أربك اهلي وزوجي أكثر من كذا, وخاصة أخوي ماجد قرب عرسه. وسحبت مجلة أزياء , وفتحت على صفحة الموديل اللي اخترته لزواج اخوي ماجد, واتخيلت شكلي وانا لابسته, يووووه أبقهر كثير من البنات اللي ينافسوني في العايلة, ابكسر عينهم
وقعد أفكر.. كيف اقنع الخياطة علشان توافق تخيطه بسرعة؟! وغفيت.
وقمت على صوت اخوي محمد يقرأ قرآن عند راسي, وفتحت عيوني , وابتسمت له, قلت: محمد مابعد رحت البيت؟!!!
يووه وعملك؟!!!..
مارد علي وكمل قراية لين ختم السورة, وهذا أبو سارة زوجي الحبيب اللي مسك يدي وقال وهو يبتسم بحنان: هاه العنود... عساك ماحسيتي بشيء ؟!
استغربت من سؤاله! قلت: لا أنا ياخالد طيبة, ما فيني إلا العافية, وودي اطلع الصراحة.
قال : الله يشفيك.
وابتعد عني بسرعة لاأشوف دموعه , وفي هاللحظة سمعنا دقات على الباب, ودخلت الممرضة لتعلن عن وصول الطبيب. وي هاللحظة زوجي نقز من مكانه كأنه مقروص, وخرج بسرعة مثل الواحد اللي يبي يهرب, أما أنا فقلت للمرضة بحماس: خليه يدخل انا جاهزة.
ودخل الطبيب, طبيبي يشبه أخوي محمد كثير, مسلم ملتزم ملتحي ومحترم, ما أذكر انه مره إنه رفع عينه في عيني إلا للضرورة, وأنا أستحي منه مره, بس أثق فيه وأعتبره زي اخوي, قال: هاه كيف حالك يالعنود ؟!!
الحمدلله يا دكتور , انا اليوم افضل يوم لي من بداية مرضي , وابي اطلع خلاص, اشتقت لبيتي.
اخوي في هاللحظة طلع بسرعة ولحقته امي وتركوني لحالي مع الطبيب والممرضة, الظاهر كانوا يتوقعون انفجار لغم , قال الدكتور بوجه جامد مافيه من الاحساس ذره, وكأنه مو هو اللي يتكلم إلا كأنه يحكي بلغه هو نفسه مايعرفها, قال:
العنود انا بكتبلك خروج.
ونور وجهي بابتسامة وأنا أدس يديني تحت الغطوة لا يشوفها الطبيب, وكمل كلامه بوجه جامد:
العنود أنتي وحده مؤمنة وأكيد عارفة ان الموت حق, ويسكت.
تسارعت انفاسي وانا أقول: ايه.... كمل يا دكتور.
- حالتك ميؤس منها, وبطلعك علشان تقضين آخر ايامك في المكان اللي تحبينه .
ورجع لصمته وسكت الطبيب, وسكت كل شيء في الغرفة, بس انا ما عاد اسمع إلا صوت أنفاسي وصوت أكوااام الأمل اللي انهدت في قلبي , ومن الصدمة رميت غطوتي بعيد وقمت بحماس, وكأني بدافع عن حياتي, وكأن الطبيب هو اللي يبي يسلبها مني, وانحنيت, ولأول مره أحط عيني في عين طبيبي اللي ما رفعها عن الارض , وقلت بحماس:
- يادكتور!!! لا تقول كذا أنا طيبة! دكتور!!! وش هالكلام؟!!! دكتووور كيف الطب يعجز عن حالتي أنا؟!!! أنا؟!!! أصلا أبو سارة قال إنه يبي يلف العالم !!! كيف المرض ينتصر على شبابي وحيوتي؟!! أنا أقوى منه أكيد .
- يالعنود الموت والحياة بيد الله والطب وسيلة, وما أدري يمكن يبقالك ساعات أو أيام أو أسابيع ؟!! بس حالتك يالعنود ما عاد نقدر نسيطر عليها .
وسكت .
وقبل لايطلع قال , وكأنه يبي يخفف عني:
- وأبعطيك أقوى المهدئات ولا راح تحسين بالألم في باقي أيامك إن شاء الله .
---------------------
حسيت ساعتها اني مجوفة فاضية من الداخل, حسيت الدنيا سودا حواليني , وبدت تتضح لي صوره من بعيد في مخيلتي, أول صوره شفتها كانت صورة بنتي سارة وهي تضحك وعمرها شهور.
وبعدين شفت صورة زواجي وأنا لابسه أبيض وزوجي ماسك يدي بفخر , وهذي امي وهذي زميلتي في المدرسة شفتها, مع اني من بداية الصيف ماقابلتها ولا كلمتها , وهذولا عصافير غرفة سارة.
وآخر صوره شفتها قبل لاأفوق كانت فستان زواج ماجد اللي اخترته من مجلة الأزياء .
حسيت بأختناق وضيق, هذا حضن امي اللي دخلت علي وضمتني, وأبعدها عني بقوة وقاومت علشان اتخلص من حضنها, وسمعت صوت زوجي يكلم الطبيب عند الباب , طالعت امي بعصبية, وقلت : يمه مابي اشوف خالد.
كانت رغباتي اوامر في ذيك الساعة, ركضت وردته من عند الباب, ماكنت أبي أشوفه, كنت متأكدة إني ما راح أتحمل شوفته هو بالذات, حسيت ' إنه بيذكرني بأيام الرخاء وأنا الحين في شدة وينكم ياأهلي ؟!! بس مابي غيركم .
مابيكت ولا نزلت مني ولا دمعه , وكأن الخبر كان فوق مستوى البكاء, بالعكس تحمست وقلت :
-يالله ابطلع
اكملت اجراءات خروجي , وقبل لااطلع جت المريضة اللي بتاخذ غرفتي , طالعت عيونها فيها بريق أمل تختلف تماماً عن نظرتي انا , كانت نظرتي ميته عميقة مالها لمعة .
سبحان الله للأمل بريق في العيون .
وطلعت قلت لااخوي : محمد ماابي بيتي ابي اروح لغرفتي قبل لااعرف خالد .
وفعلا اخوي بدون اوامري كان رايح لبنت اهلي .
ونزلت ودخلت البيت بس مالقيت في استقبالي الا خواتي الكبار ؟؟ والبيت كانهم اخلوه لي ؟؟ هذا بيت اهلي العامر اللي الكل داخل طالع ؟؟ الحين هادي كانه مقبرة ؟!! .
رحت لغرفتي ورميت عبايتي كنت ناوية اتحمم واغير ملابسي , واستعد علشان اضم سارة لصدري بس الحين غيرت رايي , ماابي اشوف ساره , ماابي اشعر انه معتمده علي في شي , ابي اوكل امرها لله , ونعم بالله . ابخليها في وداعة الرحمن ومن يحفظ الودائع مثل الله ؟ دخلت امي وهمست بصوت واطي , قالت : العنود وش تبين تاكلين ؟ !!! ولا شي . قلتها بحزن وقوة :
يمه ماابي شي . امي كانت اول دايم تتابع اكلي وتجبرني اني اكل , حتى بعد ماتزوجت كانت تحرجني عند زوجي اللي كان يضحك من حرصها على اكلي , وكاني طفلة, بس اليوم ولأول مره احترمت رغبتي وسكتت وكأنها تقول : ماله داعي الاكل مادام آخرته للدود .
يابنيتي زوجك يبي يشوفك . قلت بصوت عالي وكاني اكلمهم من العالم الآخر.... : لا ماابي اشوفه. وطلعت ورجعت مرهـ ثانية , قالت : ترا خالد يقول اذا وافقتي تشوفينه هو ينتظر في المجلس مع اخوك .
بس انا قررت اني مااعذب احد واني اقضي آخر أوقاتي لحالي , قلت : يمه روحي ... ان بغيتك ناديتك .
- ابقعد عندك اوسع صدرك .
- يمه ماني فاضية ووقتي قصير .
طلعت وانا اتذكر الوقت اللي كنت أضيعه في أمور تافهه مثلا مجلة الأزياء اللي اخترت موديل زواج ماجد منها, جلست في المكتبة ساعتين علشان اختارها وأشتريها , والحين تركتها في المستشفى ونسيت رقم الصفحه, وماراح البس الفستان ابداً .
يالله يا وقتي اثريك كنت غالي الحين !!! عندي اشياء كثيرة أبي أسويها بس ما عرفت !! زي الطالب إذا أعلن المدرس انه باقي له عشر دقايق من وقت الامتحان, وهو مابعد كتب بالورقه شي, بيسلم ورقته قبل العشر الدقايق ماتنتهي, لأنه راح يتوهـ بين الأسئلة.
وأنا هذا شعوري أبدأ بإيش ولا إيش!! جلست أفكر شوي وطلعت ورقة وقلم, قلت أبكتب وصية ... وصية ؟!!!!! زي الأفلام اللي كنت اتابعها. يا ما سهرت أطالع ناس ( أظنهم ) أردى خلق الله , وهم يفتعلون حكايات تافهة مالها بالواقع صلة !!! يا خسارة ذاك الوقت كان ربي نازل في السماء يقول : هل من مستغفر فاغفر له ؟! هل من داعي فأجيبه ؟!! يا خسارة ليتني قمت وصليت ودعيت إن الله يخليني لسارة وأبوها, على الأقل رحت لسارة وضميتها لصدري .
وفجأة رميت الورقة والقلم, وقمت وفتحت الدولاب , وطلعت فستان حرير كان خالد يحب يشوفه علي, ولبسته ولبست جزمة مناسبة, وفكيت شعري وطلعت دهن العود و حطيته على شعري, ووقفت قدام المراية وتأملت صورتي. يالله كم باقي من الوقت ويندس هالجمال في التراب؟!! كم باقي من الوقت وتمشي الحشرات على هالخد النظر؟!! كنت اعتني بجسمي, حمامات زيت وكريمات, وأكافح التجاعيد, بس ليتني وصلت لسن التجاعيد !! خسارة الوقت الممل اللي قضيته وانا اوزع شرائح الخيار على وجهي ! ياخسارة ! ليتني رحت قريت سورة من القرآن ولا لعبت مع سارة حبيبتي قبل لاتفقدني.
وقفت وطالعت جسمي هالجسم الممشوق بيتمدد في القبر بعد ساعات . يا ترى ضلوعي هذيبتلتقي بضمة القبر ؟! يا ترى رقبتي اللي يا ما رفعت راسي لفوق بتنحني على صدري ؟!! ولا بتغل إلى رجولي؟! وتذكرت كيف اصريت إني أنضم لنادي, وكيف احتلت على ابو سارة واستخدمت جميع الوسائل لين سحبت منه الموافقة سحب, بالرغم من إنه ما كان موافق من قلبه, وكان كارهـ , ويقول : هالوقت انا اولى به يالعنود . بس لا زواج ماجد قرب, وكنت ناوية اكون فتنة الحفل فيه, والحين الله ينجيني من فتنة الممات. طلعت علبة مجوهراتي ومسكت خاتم كبير اشتريته أيام زواجي , كانت في الخاتم نقوش, تفحصت النقش, وطرا على بالي طاري .... يا ترى أنا كنت أزكي عن هالذهب ولا لا ؟!! أظن ابو سارة كان يزكي عن ذهبي, أظن بس ماني متأكدة ما قد سألته ابد, وتفحصت النقش مرة ثانية وفركت جبهتي وأنا أتساءل ... يا ترى هالرسوم بتطبع في جبهتي وأكوى بها ولا بينجيني الله ؟!!! تأملات غريبة طرت على بالي, ومشى الوقت بسرعة وأنا بين أدويتي المهدئة وبين صلواتي وقرآني.
في الليل طلعت من الغرفة ولقيت سجادة أمي عند الباب, أمي مانامت تصلي وتدعي وجلست عندها والتفتت علي, نظراتها تجمع حنان أمهات الدنيا كلها, ناظرتني نفس نظراتها لي يوم كنت طفلة, قالت : تبين شي يابنيتي ؟!!
- يمه أبي رضاك .
وانفجرت تبكي. بكت ....بكت .... وأنا تحجرت الدموع في عيوني ولا دمعة هليتها, وانتظرت لين هدت, وقالت : أنا راضية عنك يابنتي. والله إنك من بين اخوانك كلهم أقل وحده تعبتني في الحمل والولادة والتربية, أنا راضية عنك يابنتي والله يرضى عنك إن شاء الله .
تنهدت براحه وقمت من عندها ومشيت لمحت اختي طالعه من الغرفة, أختي من أسبوع ماشفتها, بس غطت وجهها بيدها وكأنها شايفة شبح, ودخلت لغرفتها بسرعة, ومشيت .
كنت أدور بالبيت مثل مومياء أعدوها لتابوتها, أمشي ببطء .
كل أهل البيت سهرانين, وش هالليلة الغريبة؟! كل واحد ماخذ له زاوية وجالس لحاله, هالليلة تشبه ليلة السفر, صح هي فعلا ليلة سفر, وتذكرت كيف كنت أقلق في كل ليلة سفر ولا أنام, صحيح إن سفري كان سياحة إلا إني اتقلب في فراشي, وكل شوي أروح أتأكد إن أغراضي جاهزة .
يووووهـ اليوم سفرتي غير, سفرتي مافيها رجعة, ومفاجأة وماني مستعده له ابد
مشيت على صوت ترتيل أخوي محمد للقرآن, كنت أتبع الصوت لين دخلت عليه, محمد أعز أخواني على قلبي. ماأنسى أول أيام التزامه كيف كانوا اهلي يعلقون عليه بحجة انه متشدد, وكنت أشجعه, أعرف إن هذا صالحه دنيا وآخره, وقلت له يصبر عليهم ويحتسب, وهو الربحان في الاخير. وفعلا بدا يجني ثمار صبره والحين الكل يثق فيه وياخذ شوره.
جلست جنبه وهو يقرأ تغيرت نبرة صوته يوم دخلت وبدت تتذبذب, وباين كيف كان يكافح علشان يثبتها في مستوى واحد وارتفع صوته علشان يسيطر على ضعفه, وأنهى السورة والتفت علي, قلت : - محمد .... وش انا مقبلة عليه ؟!!
ابتسم بحماس ودموعه تهل وقعد يحكي لي عن رحمة الله, وهو محافظ على ابتسامته الطيبة بالرغم من دموعه, وحكى لي كيف إن الله رحيم بعباده, وإنه أحن عليهم من الأم على ولدها, قلت : - محمد كيف الموت ؟!!!
-إن شاء الله بيكون سهل كـ....
وقاطعته وقلت : - محمد وش البرزخ ؟!!!
كنت أفكر بصوت عالي وأبي أحد يسمعني, بس قال : - البرزخ هي الحياة بين الدنيا والآخرة و ......
- محمد كيف بيكون حالي إذا مادعيتوا لي ؟!!!
ورفع يدينه للسماء واجتهد بالدعاء , وأنا طلعت من عنده, وبدون لاأشعر ساقتني رجليني للمجلس, كنت أبي أعرف ابو سارة هناك ولا راح ينام على سريره اللي اعرف إنه مايرتاح إلا عليه, وجا في بالي فكرة ... يا ترى بيتزوج بعدي ؟!!!! أكيد أنا أعرف ابو سارة ما يحب الوحدة ... يا خسااااارة .
دخلت المجلس ورفع راسه لي تمنيت اني مالقيته, وتراجعت وناداني, قال : - العنود تعالي يا حبي الأول والأخير.
وبكى ساعتها بس بكيت, أنا كنت عارفة إني ما راح أتحمل شوفته هو بالذات, قلت : - مالك عندي شيء يا خالد خلاص الموت بيخطفني منك اليوم, يمكن أشوفك في الجنة كاننا من أهلها إن شاء الله .
- إن شاء الله إنك من أهلها, أنا راضي عنك يا العنود , ومن ماتت وزوجها راضي عنها دخلت الجنة.
- بس أنا كنت مقصرة معك كثير .
- بالعكس حياتي معك كانت حلم جميل, ما تمنيت إني أفيق منه يا العنود . كل شيء معك كان له طعم حتى زعلك ودموعك وغضبك, كنت في جنة يا العنود, وكنت متأكد إنها ما راح تستمر السعاده اللي كنت فيها .... العنوووود والله ما أنساااك .
وحرك يده بقوه وصرخ : - والله العظيم ما تغيبين عن بالي.
وهو يحلف أنا كنت أتخيله وهو ماسك يد عروسه الجديدة, ويطالعها بفرح وهي تبادله النظرات !! خسارة كان زوج نموذجي وكنت أحبه, خساره ... الله يخلفه علي, وقمت طلعت وكملت رحلتي الكئيبة.
هالمرة وقفت عند الباب اللي سارة تنام وراه, وقفت وانا احاول ابلع عبرتي, ترددت ادخل ولا لا. سارة كانت متعلقة فيني كثير أول أيام مرضي, كانت تبكي طول الليل تبيني, بس في الاخير رضخت للظروف وتعلمت كيف تنام بعيد عن حضني, حاولت إني ما أدخل علشان خاطرها, ليش أقٌلب مواجعها؟!! بس حسيت إني إذا ما شفتها بتتحوال آخر ساعاتي إلى ثواني, ولأول مرة أتصرف بأنانية وأفتح الباب وأدخل, كانت اختي نورة تنام جنبها على الأرض, وجلست وانحنيت على سارة وشميتها, يا حبيبتي يا سارة , وحست اختي نوره فيني, وقامت مرتاعة وقالت: العنود؟!!! . نورة ماشفتها من كم اسبوع بس ماسلمت عليها, كنت أودع العالم وماني فاضية أسلم, قلت: - نورة أنا بنام جنب سارة اليوم. وابتعدت وهي مترددة, وتمددت جنب سارة وضميتها وبكيت, والتفت على نورة, قلت : - نورة تراني كان ودي أشوف سارة وهي تكبر, كنت أتمنى أشوفها عروس, قولي لها في يوم زواجها يا نورة. الله يخليك كنت ابيهم يذكروني ويترحمون علي بس في ذاك اليوم. ولا سارة ماأظن إنها بتهل دمعتها علي لأنها ما عرفتني زين, تذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم إن الابن الصالح ينفع والديه, والتفت على سارة, ودي أصب عليها التربية كلها في ذيك الساعة كنت ابيها تطلع صالحة . وتممدت جنبها.
وما أدري كم من الوقت مر ؟!! ولأول مره أسمع صوت آذان الفجر ولا أقدر أتحرك, أحس رجولي مكبلة كأني في كابوس, عيني ثابتة على سقف الغرفة . حاولت أتحرك ما قدرت وصورة سارة في عيوني وهي نايمة , كنت ابي أضمها ثانية ما شبعت منها . أغيب عن الوعي وأصحا ثانية, شفت العالم يصرخون حواليني, غرفة بنتي الهادية امتلت بالناس اللي يبكون, هذي امي وهذا اخوي محمد وهذا زوجي وهذا واحد ما أعرفه, أظنه طبيب. جسمي الغض كان متشنج, والتفت سيقاني ببعض, كنت ابي ابكي استغيث بس ما أقدر أتحرك, قلبني الطبيب يمين ويسار كني خرقة بين يديه, وكلم اهلي وسمعت صوت بكاء شديد .
ولدتك امك يا ابن آدم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا
فاعمل إن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكا مسرورا
وهينا حسيت بقبلة رطبة على خدي, وفتحت عيوني, لقيت وجه قريب من وجهي, وابتسامه هبلا !!!!!
سارة !! هذي سارة بنتي !!
ضميتها وبكيت .... بكيت ... وش صار؟! وين أنا فيه ؟!! وسمعت صوت خالد من دورة المياه, وهو يغسل ويقول : - العنود وش فيك رجعت لك كوابيسك مره ثانية؟!! تعوذي من الشيطان وقومي يالله أنا الغيت كل مواعيدي علشان أوديك للخياطة .
وحمدت الله إن هذا كان حلم, وإني إلى الآن أقدر أضم سارة , قلت : - لا مابي أروح للخياطة؟!
ما أبي أترككم يا خالد. طلع من دورة المياه, وهو مبتسم بتعجب, وقال : - وزواج ماجد؟!!
- عندي فستان عادي ابلبسه. وابتسم وكأنه مو مصدق كلامي وفتحت الشباك وشفت العصافير, واستنشقت هواء نقي, وحمدت الله إن ذيك الليلة الرهيبة كانت حلم, بس حلم ممكن يصير من
من يضمن حياته ؟!! وقررت إني أستعد لها من اليوم.
لولا الهرم والفقر والثالث الموت
يالآدمي بالكون يا عظم شانك
سخرت ذرات الهوا تفهم الصوت
وخليتها أطوع من تحرك بنانك
جماد تكلمها وهي وسط تابوت
تاخذ وتعطي ما صدر من بيانك
وعزمت من فوق القمر تبني بيوت
من يقهرك او هو طويل زمانك
لولا الثلاث وشان من قدر الفوت
نفذت كل اللي يقوله لسانك
-------------------------------
اللهم احسن خاتمتنا جميعا وجعلنا ممن استعدوا لهذا اليوم
لا تنسوني من صالح دعائكم
قد كان العمر في عينيك امنا............ وضاع الامن حين رحلت عنيالبحث على جميع مواضيع العضو سلمي عادل
رائعة حقا ومبدعة دومتى فى ود ورعاية الله اخوكى الفارس سيف
بارك الله فيك
استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم واتوب اليهالبحث على جميع مواضيع العضو haboosh
القصة طويلة بس بجد راااائعة ياسلمى
اللهم احسن خاتمتنا
تسلم الايادي
معلش يا بحر الحنان انا قلت في الاول انها طويلة بس الحمد لله انها عجبتك نورتي الموضوع
قد كان العمر في عينيك امنا............ وضاع الامن حين رحلت عنيالبحث على جميع مواضيع العضو سلمي عادل
تسلم الايادي
بارك الله فيك
شكرا لك وربنا يوفقك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)