![]()
أعنِّي على ضعفي ,أمدَّني بعونك ياذا العون العظيم ..
ضاقت بي الدنيا , فوسِّع عليبرحمتك ..
وفرِّج عنِّي ما أهمَّني يامعين العاجزين..
لاإله إلا أنت سبحانك أبعدعنِّي الظالمين ..آمين
![]()
لا اله الا الله عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون
العــــــــالم المقلــــــــوب
يُذكر في إحدى القصص الشعبيّة المصرية أن رجلاً وقف بالمقلوب على أم رأسه رافعًارجليه إلى السماء، ثم نظر إلى الناس من حوله وقال: "ما لكم يا جماعة مقلوبينليه؟ "!لقد كان يريد أن ينقلب الناس على رؤوسهم لكي يراهم على حال الاعتدال .. إنهحقّا مثل العالم اليوم بطرازه الأمريكي المتغطرس ونظامه العالمي المتناقض وأفكارهالوضعيّة العنصريّة. غير أن عدد المقلوبين اليوم أكثر بأضعاف مضاعفة من عددالأسوياء. إنه العالم المقلوب الذي يستحل قتل المدنيين الأبرياء باسم حريّتهم ،وأسر الجموع المسالمة باسم ( العدالة )، واقتحام أسوار البيوت الآمنة باسم ( الأمنإنّه العالم المقلوب الذي يشّرع الزنا ويقنّن الشذوذ ويشجع تعدد الخليلات والأخدانوالصداقات المسفّهة والحريات المخلّة، بينما يستنكر الارتباط الشرعي والزواج المبكرويجّرم تعدد الزوجات!! إنه العالم الذي يدعو لتحديد النسل ويجيز الإجهاض ثم يطورالاستنساخ!.. إنه العالم الذي ينادي بالحريات الشخصية في العبادة والملبس والهيئةوالمعاشرة، ثم يحارب الحجاب ويتوعد بحلق اللحى ونشر الخمور!.. إنه العالم الذيينادي بإيصال التفسخ والعري إلى كل بصر ويورد الأغاني والموسيقى إلى كل سمع، وهو هوالذي يصم آذانه عن نداءات الثكالى واستغاثات اليتامى وزفرات المظلومين! إنه العالمالمقلوب الذي يتلذذ بصور الآلاف من قتلانا، ويستمتع بلقطات التعذيب للآلاف منأسرانا، بينما يرى صور قتلاهم مخالفة للأعراف الدوليّة والاتفاقيات الجنيفيّة...! إنه العالم الذي يدّعي محاربة الإيدز ككارثة عالمية وينفق لذلك المليارات، وهو الذييشجع الانحراف الجنسي ويعتبر العفاف مرضًا نفسيًّا وكبتًا للغرائز، والحجاب وصايةًعلى المرأة وتقييدًا لحريتها..! إنه العالم الذي يرصد عدد الموتى من سوء التغذيةويصور الجوعى في عراء البرد والهجير، وهو هو الذي يتلف فائض الأطعمة حرقًا ونسفًالكيلا ترخص أثمانها..! إنّه العالم الذي ينسى الضحيّة ويحرّم القصاص ويجرّم البتروالجلد على أنها انتهاك لحقوق المجرم الأفّاك، ويتناسى حقوق المقتول والمهتوكوالمروَّع والمسروق والمظلوم. إنه العالم الذي يشجب الدفاع عن النفس، ويستنكرالعمليات الإستشهادية التي قامت تحت ضغط القهر والتجويع والتجريف وتهديم البيوتوإفساد المزارع والممتلكات..! إنه العالم الذي يتباكى على حقوق الغاصبين المحتلّين،ثم لا يبالي بعقود من المذابح والاحتلال والسفك والجزر وهدم السقوف على رؤوسالمدنيين العزّل من نساء وأطفال وشيوخ ..! إنه العالم الذي ظل يقصف شعبًا كاملاً لمايزيد على عشر سنوات لأن نظامه لم يستقبل لجنة الأمم المتحدة المتجسسة، وهو هوالعالم الذي يحل لجنة تقصي الحقائق في جنين في ليلة واحدة ..! إنه العالم الذي يصفمجرمي الحروب برجال السلام ويخلع عليهم الجوائز النوبلية والأوسمة الشرفيّة؛ فهدمالمساكن في نظره تطهير، وقطع الأشجار عنده إصلاح، وقتل الأطفال في عرفه مكافحةللإرهابيين، أما هدم المستشفيات وقصف الأحياء بالطائرات الحربيّة فما هو إلا تدميرللبنى التحتيّة للإرهاب!! وهو هو الذي يصف المدافعين عن ترابهم وأعراضهم وشرفهمبأنهم مجرمون وانتحاريون لا يستحقون الحياة!! إنّه العالم الذي ينادي بحقوق الكلبةوالخنزيرة والقطة، ثم يضع أسرى الحرب المسلمين في حظائر عارية لا تصلح حتىللمواشي!! إنّه العالم الذي يطوّر أسلحته الفتّاكة و أنظمته الصاروخية ويستحل أنيجول كما يريد في تخوم العالم وأجوائه ومضائقه، بينما يحرِّم على الشعوب الإسلاميّةرفع صوت الاحتجاج والتعبير عن الرأي!! إنه العالم الذي يعتبر النيل من الإسلام حريةرأي وحق تعبير، بينما يعتبر انتقاد الإجرام الصهيوني معاداة للساميّة ونزعةعنصريّة!! إنه العالم الذي سخّر إعلامه ومناهجه لاحتقار كل ما هو عربي أو إسلامي،ثم يتهم مناهج التوحيد بالعداء للإلحاد والفسق والعنصريّة...!! إنه العالم المتطاولالذي يقسّم الأراضي الإسلامية بدعوى الحكم الذاتي وحق الاستقلال وحريّة تقريرالمصير، بينما يغض الطرف عن احتلال أجزاء من البلاد الإسلامية لعقود وعقود، ومنيدافع فإنما هي حركات انفصالية وتمرد مدني وتجمعات أصوليّة تستحق الردع والقمع. إنّه العالم الذي يدعي صيانة الآثار وحفظ التاريخ، وهو هو الذي يهدم الجوامع وكبريات المساجد فى فلسطين و في الهند والبلقان والشيشان؛ بل ويحوّل بعضها إلى بارات وملاهٍ كمافي فلسطين الحبيبة!! إنّه عالم الحريات الذي يكتّم كل شكوى ويكمّم كل نجوى من أهلالشرق، بينما يسوغ لنفسه تعديل المناهج وتعيين المناصب والتحكم في نتائجالانتخابات؛ بل وتفسير الوحي وإصدار الفتاوى في الحجاب وقيادة المرأة للسيارةوالجهاد!! إنّه العالم الذي احتكر لنفسه حق توزيع الألقاب وتعريف المصطلحات حسبمصلحته الأنانيّة الظالمة الغاشمة؛ فهذا إرهابي.. وهذا متطرف.. وأولئك يشكلون محورالشر..؛ أما هؤلاء فهم رموز الحضارة والمدنيّة وجنود السلام!! إنّه العالم الذييدعي الحفاظ على البيئة والارتقاء بالصحة العالميّة، وهو هو الذي يهدد بالنوويةويصب اليورانيوم المنضّب على رؤوس المدنيين ويصّدر المنتجات المسمومة إلى العالمالثالث!! إنه العالم المنكود الذي ينادي بالإنسانية والحرية والمساواة وهو الذييبني علاقاته على العنصريّة والمصلحة الماديّة والحسد والبغضاء واحتقار الآخر!! فماذا بقي لنا من حرياتنا التي يتشدقون بها؟! إنه - باختصار شديد - هذا العالمالمغلوب.. هذا العالم المقلوب..!! والآن ما هو الحل مع هذا العالم الذي يقف على أمرأسه؟! هل الحل أن ننقلب نحن أيضًا ونرفع أرجلنا عاليًا حتى ننتظم تحت راية النظامالعالمي الجديد؟ هل نتنكر لمبادئنا العالمية السامية وشريعتنا الربّانيّة الخالدةوعقولنا السليمة!! كلاّ والله.. فالحلُّ بين أيدينا، والعلاج أمامنا ( إن تنصرواالله ينصركم.. ). إن القلّة الماديّة أو الضعف العسكري والحصار الاقتصادي على الصعيدالشعبي،والأسر والجراحات والقتل والنفي على الصعيد الفردي؛ ليست أبدًا مبرراتللتفريط في عزتنا المستمدة من عزّة الله الأزليّة الأبديّة، ولا مسوغات لتنكبشريعتنا الغراء والإعراض عن الإقتداء بصفوة خلق الله - عليه أفضل الصلاة وأزكىالتسليم -. إننا يجب ألا نغفل تحت أي ظرف ولا للمحة بصر عن ثوابتنا، فالدين عندالله الإسلام، والعزّة لله ولرسوله وللمؤمنين، والعاقبة للمتقين، والحق ظاهرٌوالباطل زهوق، وإن أرغى وأزبد. إن حالات الضعف والتضييق هي مظنة الالتجاء الصادقإلى الله والتمسك الخالص بالمبادئ المنجية في الدنيا والآخرة وطلب النصرة من مصدرهاالحق (إن ينصركم الله فلا غالب لكم). لكأني أسمع هتاف الثبات والعزّة حتى في مواطنالابتلاء و الهزيمة الماديّة من أفواه الأنبياء والصالحين والصابرين، وفيهم نوح بعدأن عجز: ( رب إني مغلوب فانتصر ) وإبراهيم في المنجنيق: حسبي الله ونعم الوكيل، وموسىبين فكيّ الموت: ( كلا.. إن معي ربي سيهدين )، ومؤمن آل فرعون أمام سيل الطغيانالهادر: ( مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار )، وسحرة آل فرعون أمام منصّةالإعدام: ( فاقض ما أنت قاض.. إنما تقضي هذه الحياة الدنيا )، ومحمد - عليه الصلاةوالسلام - تحت الحصار في طريقه إلى المنفى: ( لا تحزن إن الله معنا ).. وطفل صاحبةالأخدود أمام لفح النار: ( أثبتي يا أماه.. فإنّك على الحق ).. وغيرهم وغيرهم في طريقالتضحيّة والثبات الطويل المديد. هذه دعوة أرسلها إلى كل مؤمن ومؤمنة، حاكمًاومحكومًا، شقيًّا أو سعيدًا، غنيًّا أو فقيرًا، طليقًا أو أسيرًا، ذكرًا أو أنثى.. أن يثبت أمام سيل الباطل وتلاعبه بالألفاظ والأحكام الشرعيّة، ويعضّ على الثوابتبنواجذ الصبر، وألا يفرط في المبادئ حتى في ساعات الضعف، ولعلها ساعة شدة وتزولبنفحات الفرج، وظلمة سوف تنجلي بفيالق الإصباح، وإنا لنرجو من الله ما لا يرجون،فلنغير صدأ النفوس بسواطع الحق حتى يغير الله علينا بالنصر والتمكين، ولنتصدرالعالم في آفاق الإيمان و القيم ولنحقق موعود الله لنقيم شرعه المطهر وننقذ هذاالعالم المنكوب .. المغلوب .. المقلوب .. المكبوب!!
( أفمن يمشي مُكبًّا على وجهه أهدىأمّن يمشي سويًّا على صراط مستقيم ).
[email protected]
التعديل الأخير تم بواسطة أبوعمر ; 22 - 2 - 2009 الساعة 07:45 PM
يشرفنى مرورك الكريم
وجزاك الله خيرا
مع تمنياتى للجميع بمزيد من التقدم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)