قهوتنا على الانترنت
النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    تمام سلسلة محاسن أخلاق المسلم



    أحبتي في الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 133

    الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين
    134


    الأخلاق

    1 - سلسلة محاسن أخلاق المسلم

    الإيثار






    إذا كنت ممن يسهل عليهم العطاء ولا يؤلمهم البذل فأنت سَخِي، وإن كنتَ ممن يعطون الأكثر ويُبقون لأنفسهم فأنت جواد.
    أما إن كنت ممن يعطون الآخرين مع حاجتك إلى ما أعطيت لكنك قدمت غيرك على نفسك فقد وصلت إلى مرتبة الإيثار.
    ورتبة الإيثار من أعلى المراتب، وإنما ينشأ الإيثار عن قوة اليقين وتوكيد المحبة، والصبر على المشقة، مع الرغبة في الأجر والثواب.



    ومن أهم الأسباب التي تعين على الإيثار:

    1-الرغبة في مكارم الأخلاق، والتنزه عن سيئها، إذ بحسب رغبة الإنسان في مكارم الأخلاق يكون إيثاره؛ لأن الإيثار أفضل مكارم الأخلاق.

    2-بُغض الشُّحِّ، فمن أبغض الشُّحَّ علم ألا خلاص له منه إلا بالجود والإيثار.

    3-تعظيم الحقوق، فمتى عظمت الحقوق عند امرئٍ قام بحقها ورعاها حق رعايتها، وأيقن أنه إن لم يبلغ رتبة الإيثار لم يؤد الحقوق كما ينبغي فيحتاط لذلك بالإيثار.

    4-الاستخفاف بالدنيا، والرغبة في الآخرة، فمن عظمت في عينه الآخرة هان عليه أمر الدنيا، وعلم أن ما يعطيه في الدنيا يُعطاه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه.

    5-توطين النفس على تحمل الشدائد والصعاب، فإن ذلك مما يعين على الإيثار، إذ قد يترتب على الإيثار قلة ذات اليد وضيق الحال أحيانًا، فما لم يكن العبد موطنًا نفسه على التحمل لم يطق أن يعطي مع حاجته.



    درجات الإيثار:

    لقد قسم بعض العلماء الإيثار إلى مراتب ودرجات، فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:


    الأولى: أن تُؤْثِرَ الخلقَ على نفسك فيما لا يخْرُمُ عليك دِينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يُفسد عليك وقتًا، يعني أن تُقدمهم على نفسك في مصالحهم، مثل: أن تطعِمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرَى، وتسقيهم وتظمأ، بحيثُ لا يؤدي ذلك إلى ارتكاب إتلافٍ لا يجوز في الدين، وكلُّ سببٍ يعود عليك بصلاح قلبك ووقتك وحالك مع الله فلا تؤثِر به أحدًا، فإن آثرت به فإنما تُؤْثِر الشيطان على الله وأنت لا تعلم.



    الثانية: إيثارُ رضا الله على رضا غيره وإن عظمت فيه المحن وثقلت فيه المؤن وضعف عنه الطول والبدن ، وإيثار رضا الله عز وجل على غيره، هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلْق، وهي درجة الأنبياء، وأعلاها لِلرسل عليهم صلوات الله وسلامه. وأعلاها لأولي العزم منهم، وأعلاها لنبينا صلى الله عليه وسلم، وعليهم، فإنه قاومَ العالم كُله وتجرد للدعوة إلى الله، واحتمل عداوة البعيد والقريب في الله تعالى، وآثر رضا الله على رضا الخلق من كل وجه، ولم يأخذه في إيثار رضاه لومةُ لائم، بل كان همُّه وعزْمُه وسعيه كله مقصورًا على إيثار مرضاة الله وتبليغ رسالاته، وإعلاء كلماته، وجهاد أعدائه؛ حتى ظهر دين الله على كل دين، وقامت حجته على العالمين، وتمت نعمتُهُ على المؤمنين، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاد، وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه، فلم ينل أحدٌ من درجةِ هذا الإيثار ما نالَ، صلوات الله وسلامه عليه.




    هذا وقد جرت سنة الله التي لا تبديل لها أن من آثر مرضاة الخلق على مرضاته: أن يُسخط عليه من آثر رضاه، ويخذُله من جهته، ويجعل محنته على يديه، فيعود حامدُهُ ذامًّا، ومن آثر مرضاته ساخطًا، فلا على مقصوده منهم حصل، ولا إلى ثواب مرضاة ربه وصل، وهذا أعجز الخلقِ وأحمقهم.

    قال الشافعي رحمه الله: " رضا الناس غايةٌ لا تدرك فعليك بما فيه صلاحُ نفسك فالزمهُ"، ومعلومٌ أن لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها على غيره، ولقد أحسن من قال:
    فليتك تحلُو والحياةُ مريرَةٌ.. .. .. وليتك ترضى والأنامُ غِضَابُ
    وليت الذي بيني وبينك عامرٌ.. .. .. وبيني وبين العالمين خرابُ
    إذا صحَّ منك الودُّ فالكّلُّ هينٌ.. .. .. وكل الذي فوق التراب تراب
    الثالثة: أن تنسب إيثارك إلى الله دون نفسك، وأنه هو الذي تفرد بالإيثار لا أنت، فكأنك سلمت الإيثار إليه، فإذا آثرت غيرك بشيء؛ فإن الذي آثره هو الحق لا أنت فهو المؤثر على الحقيقة، إذ هو المُعطي حقيقةً.




    مواقف خالدة في الإيثار

    ولقد سجل التاريخ بأحرف من نور مواقف خالدة للمسلمين بلغوا فيها المرتبة العالية والغاية القصوى من الإيثار:
    فهذا سيد الخلق وخاتم النبيين وإمام المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم تأتيه امرأة بُبردة فتقول: " يا رسول الله أكسوك هذه ؟ " فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، فلبسها فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال: " يا رسول الله ما أحسن هذه ؟ فاكسنيها " فقال: " نعم " ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه فقالوا: " ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها، ثم سألته إياها وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئًا فيمنعه، فقال: " رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لَعلِّي أُكَفَّن فيها " .

    وأما أصحابه رضي الله عنهم والتابعون فحدث ولا حرج، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه فقلن: " ما معنا إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من يُضيف هذا ؟ " فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال: هيئي طعامك وأصبحي سراجك (أوقديه) ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها وأصبحت سراجها ونوَّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها، فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ضحك الله الليلة - أو عجب - من فعالكما، فأنزل الله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)[الحشر:].

    وهؤلاء هم الأنصار يعرض أحدهم على أخيه من المهاجرين أن يناصفه أهله وماله فيأبى المهاجر ويقول: " بارك الله لك في أهلك ومالك ".
    وهذا أبو طلحة أكثر الأنصار مالاً وأحب ماله إليه حديقة تسمى بيرحاء يسمع قول الله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)[آل عمران:] فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم معلنًا أنه يتصدق بها لوجه الله تعالى.
    وذاك قيس بن سعد بن عبادة يمرض ويتأخر إخوانه عن زيارته فيسأل عنهم، فيقال له: "إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدَّين، فيقول: أخزى الله مالاً يمنع الإخوان من الزيارة " .
    ثم أمر مناديًا ينادي: " من كان لقيس عليه مالٌ فهو في حلٍّ " .
    فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة الزوار.

    وإن تعجب فعجبٌ أمر هؤلاء الثلاثة الذين آثر كل منهم أخاه بالحياة، فقد قال حذيفة العَدَوي: " انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمٍّ لي، ومعي شيءٌ من ماء، وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته ومسحتُ به وجهه، فإذا أنا به، فقلت: أسقيك ؟ فأشار إليَّ أن نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمي إليَّ أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك ؟ فأشار إليَّ أن نعم، فسمع به آخر فقال: آهٍ، فأشار هشام: انطلق به إليه فجئته، فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات. رحمة الله عليهم أجمعين " .




    من فوائد الإيثار:

    لو لم يكن من فوائده إلا أنه دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام ورفعة الأخلاق لكفى، فكيف وهو طريق إلى محبة الرب سبحانه، وحصول الألفة بين الناس وطريق لجلب البركة ووقاية من الشُّحِّ ؟.





  2. #2
    الصورة الرمزية mona roshdi
    mona roshdi غير متواجد حالياً المشرفه المميزه للأسلامي العام والصوتيات والمرئيات الاسلامية
    تاريخ التسجيل
    27 - 6 - 2008
    ساكن في
    خلف دائرة الأحذان
    المشاركات
    12,425
    مقالات المدونة
    1
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي

    بارك الله فيك حبيبتى
    وجعلة فى ميزان حسناتك
    دمت فى حفظ الرحمن

  3. #3

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mona roshdi مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك حبيبتى
    وجعلة فى ميزان حسناتك
    دمت فى حفظ الرحمن

  4. #4

    افتراضي


    أحبتي في الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 133


    الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين
    134





    7 - سلسلة محاسن أخلاق المسلم



    التكــافـل






    التكافل صفة شاملة لصور كثيرة من التعاون والتآزر والمشاركة في سد الثغرات ، تتمثل بتقديم العون والحماية والنصرة والمواساة ، إلى أن تُقضى حاجة المضطر ، ويزول همّ الحزين ، ويندمل جُرح المصاب .
    ولا ينعدم خلق التكافل إلا حينما تسود الأنانية ، وتفتر المشاعر الأخوية، ويستغرق الناس في همومهم الفردية ومشاغلهم الشخصية .
    وقد تآزر بنو هاشم - مسلمهم وكافرهم - مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لئلا تقتله قريش ، وانحازوا به إلى شعب أبي طالب ، وقاطعتهم العرب وحصروهم في الشعب ، وكتبوا صحيفة المقاطعة وعلقوها في الكعبة ، إلى أن اندفع بعض رجال قريش لاستنكار الحصار المضروب على بني هاشم في شعب أبي طالب بدافع خلق التكافل - رغم جاهليتهم - ولم يطمئنوا حتى نقضوا الصحيفة الظالمة التي قضت بهذه المقاطعة .




    وفي واقعنا كثير من صور تكافل أهل الباطل فيما بينهم ، وبعض صور تعاطفهم مع المسلمين ، بدوافع إنسانية أو قومية أو سياسية ، فهل يكون ذلك حافزًا إضافيـًا للتكافل مع أخيك المسلم وأنت به أولى ؟
    كما أن السيدة خديجة - رضي الله عنها - لما أرادت أن تخفف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تخوفه من نزول الوحي ، اتخذت من صفة التكافل التي اشتهر بها محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل النبوة دليلاً عقليـًا على أن الله لا يخزيه ، فقالت : " كلا والله ، ما يخزيك الله أبدًا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلَّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ".(صحيح البخاري) .
    والمهاجر من أحوج الناس إلى أنصار يتكافلون معه ، لغربته وفقره وانقطاعه ، وقد ضرب أنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكبر الأمثلة في التكافل مع إخوانهم المهاجرين ، وكان منهم أن أشاروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يقسم النخل بينهم وبين المهاجرين ، فقال : لا ، فقال الأنصار : " تكفونا المؤونة ، ونشرككم في الثمرة ".(صحيح البخاري) .




    وبذلك عمل بعض المهاجرين في بساتين الأنصار ، وقاسموهم الثمار ، وحُلّت مشكلة البطالة والفقر ، وكان من صور تكافلهم أن " المهاجر كان يرث أخاه الأنصاري دون ذوي رحمه) ".(صحيح البخاري) للأخوة التي آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها بينهما ، وكانت مرحلة استصفت فيها النفوس ، وأخلصت لله تعالى ، ثم نُسخ ذلك .


    وهذا التكافل لا يبرز بأسمى صوره ، إلا كلما تعمقت معاني الأخوة والإيثار ، واندثرت جذور الأنانية والاستئثار .


    سداد دين المدين


    ومما يمكن أن يتميز به مجتمع المسلمين من صور التكافل : إعانة المدين (الغارم) بسداد دينه ، حتى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح الله عليه الفتوح ، واستغنى بيت مال المسلمين ، قال : ((أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفي من، المؤمنين فترك دينـًا ، فعليَّ قضاؤه…)). (رواه البخاري) .
    تحرير الرقيق



    ومن صور التكافل الأخرى ، مساعدة الرقيق في تحصيل حريته ، ومن ذلك أن بريرة - رضي الله عنها - جاءت تستعين بعائشة - رضي الله عنها - في التحرر من رقها ، فكان من تكافل عائشة - رضي الله عنها - معها أن قالت لها : " إن شاء مواليك صببت لهم ثمنك صبة واحدة ، وأعتقتك … ". (مسند الإمام أحمد) .


    دفع دية المقتول
    ومن صور التكافل الشرعية ، التكافل مع القاتل في دفع دية المقتول ، حيث تكلف عصبته وعشيرته الأقربون الموسرون بتحمل دية المقتول ، مواساة وإعانة للقاتل خطًأ ، الذي قد تأتي الدية على كل ماله فترهقه ، ولو عجزت عصبته ، أو لم يكن له عصبة ، دُفعت الدية من بيت المال .



    استنقاذ الأسير


    ومن أشد الصور : استنقاذ الأخ الأسير بكل غالٍ وثمين ، وقد روي أن سلمة بن الاكوع غزا " هوازن " مع أبي بكر - رضي الله عنه - فنفله جارية من بني فزارة من أجمل العرب ، فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة ، فقال له : ((لله أبوك ، هبها لي)) فوهبها له ، ففادى بها أسارى من أسارى المسلمين كانوا بمكة .(صحيح سنن ابن ماجة) .
    ولا شك أن ذلك من أرقى صور الإيثار والتجرد .



    ويروي أبو هريرة - رضي الله عنه - أنه أتى خيبر مع رهط من قومه ، وقد فتحت خيبر على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، (فكلّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين ، فأشركونا في سهامهم ).(مسند الإمام أحمد) .
    إذا لم تكن النفوس تطيب بمثل هذا ، فسوف تفتقدها في ميادين التضحية ، وسوف لا تجدها عند الهيعة ومظان الموت .
    ونقل عن عمر - رضي الله عنه - أيضـًا قوله في الأسرى : " لأن أستنقذ رجلاً من المسلمين من أيدي الكفار أحبّ إلي من جزيرة العرب ".(حياة الصحابة) .



    كفالة الأرملة واليتيم


    وحين يفرز الجهاد أرامل وأيتامـًا ومعوّقين ، فليس من الوفاء تغافلهم بعد أن قدم أولياؤهم الروح في سبيل الله تعالى ، ولذلك اعتبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((الساعي على الأرملة والمسكين ، كالمجاهد في سبيل الله ، أو القائم الليل الصائم النهار)). (صحيح البخاري) .
    بل وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كافل اليتيم بأن يكون رفيقه في الجنة .



    ولا ننسى أن نشير إلى التكافل النفسي فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبّر عنه بالإجمال فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)). (رواه مسلم) .


    وقد بلغ من تكافل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتفقد صحابته الذين لا يراهم ، ويسأل عن مشاكلهم ، وأمثلة ذلك في السنة كثيرة ، نختار منها ما ورد في قصة إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - وفي آخرها أنه جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعض المغازي مثل بيضة الدجاجة من ذهب ، فتذكر سلمان - رضي الله عنه - وأنه بقي عليه مال ليُعتق نفسه ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : ((ما فعل الفارسي المكاتَب ؟ )) فأرسل - صلى الله عليه وسلم - إليه واستدعاه ، فلما جاء سلمان قال له: النبي - صلى الله عليه وسلم - ((خذ هذه فأدّ بها ما عليك يا سلمان)). (مسند الإمام أحمد) .
    قال سلمان : " فأوفيتهم حقهم وعُتقت فشهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق ثم لم يفتني معه مشهد " .
    وكم يكتسب الداعية قلوب المدعوين حين يرون أنه يفكر بهم ، ويسعى في أمرهم ويهيئ الخير لهم ؟!



    ومن التكافل الشعوري : تفقد حال الأخ والاطمئنان على ظروفه ، وتطييب خاطره ، فقد ورد أن ثابت بن قيس بن الشماس لمّا نزل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (الحجرات/2) قال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حبط عملي وأنا من أهل النار ، وجلس في أهله حزينـًا ، فتفقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له : " تفقدك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالك ؟ " وأخبروه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((لا ، بل هو من أهل الجنة)) (مسند الإمام أحمد) .
    وهكذا يشعر كل فرد بقيمته وكل مدعو بمنزلته في نفس مربيه .



    ومن أسمى الأخلاق : أن يُقابَل التكافل بعفة نفس المحتاج ؛ كما فعل عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - حين رفض تقاسم المال والزوجتين مع الأنصاري ، وقال له : " بارك الله لك في أهلك ومالك ، أين سوقكم ؟ ".(صحيح البخاري) .
    وطلب أن يدله على السوق ليعمل بيديه ويعتمد على نفسه ، بل كانت ظاهرة عامة بعد خيبر لما استغنى المهاجرون ؛ إذ ردوا إلى الأنصار ما كانوا أكرموهم به ، فقد ورد أنه : " لما فرغ من قتال أهل خيبر ، فانصرف إلى المدينة ، ردّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم من ثمارهم… ".(صحيح البخاري) .
    وإن مجتمعـًا يشيع فيه التكافل ، لهو المجتمع المتماسك الذي يستطيع أن يجاهد في سبيل الله تعالى صفـًا كأنه بنيان مرصوص ، بينما تجد مجتمع الأنانية والبخل متصدعـًا من الداخل ، تأكله العداوات والأحقاد قبل حراب الأعداء ، فأي المجتمعين نختار لأنفسنا ؟! وبأي الأخلاق نتحلّى ؟ !



    شكرا لموقع إسلام ويب







 

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©