أتيتني من بعيد حاملة معكي آهات ودموع جعلتني اكتشف ان الانسان يستطيع ان يحمل ما لا تستطيع الجبال حمله استقبلتكي واستقبلتها قبلكي كما تستقبل الام الحانية ولدها المغترب الذي لم تره لسنين ورحبت بكي كما يرحب بالهيئات الدبلوماسية في زياراتها السياسية ...
اردتي أن تتكلمي فقلت لكي لا تتعبي نفسكي وسردت لكي قصتكي التي كنتي ستخبريني فوقفتي صامتة لحين ثم قلتي اني ، فقاطعتكي وقلت نعم انتي تبحثين عمن يسمعكي ويأخد بيدكي ويفهم حتى صمتكي ...
فقلتي لكني أخشى ، قلت لكي نعم وانا اخشى كذلك أن أتعلق بمن لا أدري أين سيكون مرساه ...
فقلتي هذا ما أبحث عنه فوضعنا النقاط على حروفنا الاستهلالية لعلاقتنا ...
مضت أيامآ وأسابيعآ وانا اسمعكي وانتي تسمعيني وأنا أفهمكي وأنتي تفهميني ...
لكن في لحظة تاهت حروفكي قبل نقاطكي ، أنا لم ولن ألومكي لضياعها فكلنا نبحث عمن يفهمنا من همساتنا التي تخرج منا بصعوبة ومن كلماتنا التي أضاعت حروفها لا بل ويفهم صمتنا ومن يشعرنا بوجودنا ويكون موجودآ حين نريده في أصعب لحظاتنا التي يكسوها الصمت ، فحاولت أن الملم معكي حروفكي وأن اساعدكي في ترتيب نقاطها وحركاتها فأقنعتني بأنكي استعدتها بالرغم من تأكدي بأنكي لم تجديها بعد ...
لكن شعوري بالآلام التي كان يسببها سؤالي ( ما بكي ؟ ) او حتى كلامي بأنكي لا زلتي تحتاجي الوقت لتتمكني من استعادتها جعلني أكتم حروفي وكلماتي وأحاول أن أجمد احساس قلبي الذي كان يشعرني بمدى تعبكي ، فحاولت أن أجعل لقائنا دومآ جماعيآ وأتهرب من أي سببآ يجعل حوارنا خاصآ بعد أن تأكد لي بأني السبب لضياع حروفكي بعد ظهوري في حياتكي فكنت حذرآ جدآ في اختيار مفرداتي ...
لكن للأسف الظروف كانت أحيانآ تفرض علينا بعض الحوارات الجانبية وكم كنت أتعذب حينها لاني كنت ألمس حجم ذلك الألم الهائل في داخلكي دون مقدرتي على ايجاد حل ، لكني كنت انأى بالبوح بما يتعبني لكي واحاول أن لا أقترب منكي لدرجة تجعلني أدمن كلماتكي وأحن لكلماتكي ...
ذلك لأنكي بدأتي تفهمين حروفي وتحلين ألغازها وتعرفين ما ورائها ...
وعندما شعرت يومآ بأني أملك شيئآ مميزآ ينتمي لكي وحدكي بدأت أقترب منكي بحذر شديد دون أن أشعركي لأني لم أكن أريد أن اوصل لكي شيئآ الا بعد تأكدي أقلها من عقلانية وامكانية ارتباطنا لاني قد اقتنعت بكي فعلآ ليس الان بل منذ زمن لكني أخفيت ما كنت أملكه لحين تأكدت من امكانية ان نكون معآ غدآ تحت سقف واحد ...
وبعدها ساعدتني الظروف قليلآ حين كانت سببآ في غيابكي فشعرت حاجتي الملحة لكي انتي فقط بالرغم من أنكي كنتي الطرف الأحدث من أصدقائي الذين كنت أملك مع كل منهم ومنهن لحظات مشابهة للتي كنت املكها معكي فقد وقفت معهم ووقفوا معي عند حاجتي لمن يساعدني وفي هذه الفترة اكتشفت فعلآ بأني أملك لكي الكثير ما يتعدى حدود الصداقة ويجتاز كلمة تعويد ...
لكني لم اقف هنا لأصارحكي بل حاولت أن أتقدم أكثر فخضت العديد من الحوارات العائلية التي كنت أخسر جزئآ ولم أكن أيأس وقتها بل كنت دومآ أستأنف الحكم وأعود لأكسبها لحاجتي الملحة لكي وأغلبها التي كنت أكسبها دون الحاجة لاستئناف ، وطرحت عليكي سؤالآ يتعلق بمواصفات الشخص الذي يتمنون اهلكي أن يكون زوجآ لابنتهم فلم أجد ما يغب عني منها ، وأعدت طرح السؤال لأتأكد مما سمعت فكانت اجابتكي نفسها ...
حينها صارحتكي بما عذبني ولم أستطع البوح به وبأني فعلآ اقتنعت بكي وبأن بقايا دقات قلبي التي لا زلت أملك هتفت باسمكي وبأن هوائي الذي أتنفس اختلط برائحتكي أنتي سيدتي ...
فلمست سعادتكي التي كانت تغمركي والسعادة التي زارتني وفتحت لي ذراعيها فتمسكتي بي وتمسكت بكي أكثر واقتربت لكي وعرفت المزيد عنكي وكذا اخبرتكي المزيد عني وكسوت الموضوع بطابع أكثر رسمية فعرفتكي بأهلي الذين كانوا يعرفون ما تعنين لي فتحدثوا معكي وتحدثتي معهم ... وأنتي كذلك أخبرتني العديد عن أهلكي ...
أخبرتني بأن هذا ما كنتي تبحثين عنه وصرحت لكي بأسراري وبحت بها ...
كنت ألمس ابتسامة قلبكي وفرحته وكذلك قلبي الذي لم اسمعه يبتسم هكذا منذ زمن ...
وكنت أشعر بتسارع نبضات قلبي حين أسمع كلمة منكي أو حتى حرفآ ينتمي لاحدى حواراتكي ...
ثم فجأة قلتي لي عذرآ لا استطيع أن أكمل ..
والدموع تملأ عينيكي ، فاعتقدت بأن القدر والنصيب لم يشآءا أن نكمل فأخبرتني لا ليس هما لكني وسكتي ... وطال سكوتكي ثم أتبعتي أشعر بأني سأكون سببآ في تعبك ولا أريد أن أظلمك ...
فوقفت كمن تلقى رصاصة في قلبه لا أدري ماذا أقول ... لكني حاولت استجماع جزءآ من قواي يجعلني قادرآ على نطق بعض الكلمات ...
وكان ما قدرت أن أستجمعه : لماذا ؟ ولا تخافي فأنا أخترتكي وأقبل بكي وأرضى بعيوبكي قبل محاسنكي ، فقلتي لا أستطيع وصمتي بعدها ثم أدرتي ظهركي وذهبتي تجرين خطواتكي بعيدآ دون ذكر سبب حتى ...
لماذا سيدتي ألم يكن هذا مطلبكي الوحيد من هذه الدنيا ؟ وألم تكن هذه آخر امنياتكي التي كنتي تجرين خلف تحقيقها ؟
لماذا حين تحققت محوتها من دفتر امنياتكي وصنفتها في آخر أولوياتكي ...
لا أستطيع أن أقول سوا شكرآ لكي على تلك الايام التي أعدتي لي فيها الأمل وشكرآ على كل ابتسامة منحتها لي وكل شعور صادق شعرته معكي وبكي ...
لكن الا تستحق ايامنا الجميلة التي ملكنا أن تخبريني أقلها بسبب أعزي به قلبي الكسير ؟.؟
أم أن ما أطلبه صعبآ لدرجة انه أكثر صعوبة مما كان مستحيلآ في نظركي ؟