مشكورة عالكلمات الرائعة
موضوعك جميل ومميز
بادرني الفيلسوف قائلاً : حدثيني ايتها الفيلسوفة
هززت رأسي بعجب وقلت: أنا؟ ياسيدي الفيلسوف أنا أتعلم
منك..
قال: أنا أسأل فقط، لاغير.
قلت: أليس السؤال مفتاح المعرفة؟
قال: أيتها الفيلسوفة .. ها أنت تسألين وإني أرى بيدك المفتاح الذهبي.
نظرت الى يدي ... وجدت مرآة ... نظرت فيها ثم نظرت اليه.
قلت : لا أرى الا مرآة ... أين المفتاح؟
قال: سترينه
قلت: إسأل
قال: أنظري في المرآة .. ماذا ترين؟
نظرتُ في المرآه .. ابتسمتُ... لم اكن ادري ان كنت سأرى مفتاحاً ذهبياً..
قلت : أرى ابتسامة.
قال: من أين جاءت هذه الإبتسامة؟
قلت: من روحي.
قال وهل الإبتسامة دليل السعادة؟
قلت: ربما....
قال: أليست هي مظهر من مظاهر السعادة ؟
قلت: ولكن ليست بالضرورة دليلاً للسعادة ... فكم من ابتسامة تربعت على شفة حزين!
قال: ومن أين تأتي السعادة؟
قلت: من الروح ايضا ...
قال: إذا كانت السعادة والإبتسامة تنبعان من الروح هل يصح القول ان الإبتسامة هي رسول السعادة؟
قلت: كم من رسول خان الرسالة؟
قال: أنت تسألين .. لا تلعبي دوري ... أجيبينى.
قلت :عذراً كان الجواب في سؤالي.
قال: ألا ترين انك تهربت من الجواب بالسؤال؟
قلت: ربما...
قال: تقولين ان السعادة تنبع من الروح ولكن لا شيء يولد من لاشيء .. ما الذي يتفاعل في الروح ليولد السعادة؟
قلت: هذا سؤال جوابه يطول الشرح فيه.
قال: حسنا ... لأبسِّط السؤال ... ما دور الآخرين في خلق السعادة؟
قلت: دورهم كدوري لهم ... يعيدون لي ما أعطيتهم ملوناً بألوانهم الخاصة ... ماهم إلا صدىً لذلك النغم الذي يعزفه قيثار روحي.
قال: أليس هذا غروراً؟
قلت: كلا يا سيدي ...
قال: ألا يعنى ذلك انك لا تجدين في اعماقهم سوى الخواء؟ وما يعود اليك انما هو منك واليك؟
قلت: كلا ... ان لم يكن في اعماقهم سوى الخواء لما كان بإمكانهم رجع الصدى ملونا.... ان الخواء يبتلع كل عطاء وفاقد الشيء لا يعطيه.
قال: إذاً ... هو ليس الصدى الذي يعود اليك؟
فكرت ... إن لم يكن الصدى فماذا يكون؟ وان كان الصدى يعيدونه لي ، فماذا يعود لهم؟ صدى الصدى؟ وماذا يكون صدى الصدى ثم صدى الصدى إلا رنينا خاوياً ثم يتلاشى؟
قال: هه؟ الصمت ... أهو عجزٌ أم عطاءٌ أوفر؟
قلت: إن نصف العقل يقتل بالكلام .. إني أعيد لذلك النصف الحياة.
صمت الفيلسوف ... وأطلت النظر في المرآة بحثاً عن المفتاح الذهبي ...
قلت: نبع السعادة في روحي يعزف أنغاما ويرسل بها عبر الأثير ، وحينما تلتقي روحاً أخرى تفجِّر فيها ينابيعَ تعزف بدورها أنغاماً وترسل الصدى ملوناً ومحملاً بنغماتٍ جديدة ...
قال: وماذا بعد؟
قلت: وأنا أرسل النغم من جديد عبر الأثير فيلتقى أرواحاً أخرى .... البعض فيها خواء لا يهزه نغم ولا يرويه زلال... وقد يتولد فيها حسد وحقد لعجزها عن العطاء.
قال: هل انت قادرة على تحمل رد فعل كهذا؟
قلت: الارواح الطيبة التي يهزها العطاء ويطربها النغم تفوق الخواء عدداً.. وحين تعزف أنغامها يتردد صداها ويكبر ويتوزع ، ثم يعلو ويعلو حتى يصبح سمفونية رائعة تضيع في خضمها نبرات الخواء وحقد الحاقدين وحسد الحاسدين...
إبتسم الفيلسوف ...
وابتسمت ...ترى هل أجبت؟ أم أنني أعطيته زاداً لمزيدٍ من التساؤلات؟ وماذا تعني ابتسامته؟
وضع يده على خده واتكأ برأسه عليها وبدأ ينقر بأصابع يده الأخرى على المنضدة ... تبينتُ في نقر أصابعه المتقن نغماً اعرفه.
قال: انظري في المرآة.
نظرت في المرآة ..رأيت صالة دائرية كبيرة تضيئها ثريات كريستالية فخمة، والأضواء تتراقص فيها كحبيبات غبار ذهبية هربت لتوها من النجوم ، فوجدت حريتها لاول مرة وتراقصت كفراشات ملونة في حقل بهيج.
أمعنت النظر ... أهذا شتراوس؟
نظر الي وبرم شاربه تم غمز بعينه ضاحكاً.... نعم انه جوهان شتراوس*1..
وبدأ العزف... نساءٌ بثيابٍ طويلةٍ زاهية الألوان .. ورجالٌ بلباسٍ رسمي أسود، بنطال وجاكيت محزق طويل، وقمصان بيضاء ... انه احتفالٌ كما يبدو ... اصطف الرجال والنساء في وسط الصالة وبدأوا الرقص .. الضحكات تتعالى ... الأيادي تعانق بعض لتفترق وتلتقي بأخرى ثم تفترق من جديد.. عيون تلتقي وتبتسم ... عيون تتابع أخرى .... أيادٍ تسابق أخرى لتمسك بيدٍ أثيرة ... إبتسمتُ .. رأيت وجهاً أعرفه هناك... وجهاً طالما رأيته في مرآتي ... حدقت في المرآة مرة اخرى ... أين انا؟ فيينا؟ مع شتراوس؟ من الذي ألبسني تلك الثياب؟ سارت بي قدماي دون وعي مني لأرقب الرقص والراقصين عن كثب ... امتدت يدٌ لي وجذبتني برفقٍ ... اختلطت خطواتي المترددة بالخطى الراقصة ... والتقت يدي بيدٍ أخرى وافترقت ثم التقت بأخرى ...
ما أجمل أنغامك يا يوهان ... وكم هو جميلٌ عالمك هذا ... كيف كان لك أن تغير ذلك الجو الأرستقراطي المتعالي الى جو بهيج تتعالى فيه الضحكات وتخفُّ به الأقدام والأيادى والأرواح على وقع انغامك العذبة؟؟
أراك يا يوهان تغمز من جديد ... أهذه إشارة سعادةٍ ورسول محبة؟ ام انها صدىً لتلك الضحكات والإبتسامات التى أراها تتخاطف أمام نظري وتمر بسمعي؟ ام هي إشارة لنهاية المطاف؟
نعم... انها النهاية...توقف النغم ... توقف العزف ... إنصرف الحاضرون ... أمسكت بذيل ثوبي الطويل الذى كان يزحف ورائي بكسل على الأرضية المرمرية ...
إستدرت ... رأيت الفيلسوف يبتسم وقد توقف عن النقر بأصابعه على المنضدة.
قال لي متسائلأ: لماذا تمسكين بطرف ثوبك؟
قلت : انتهت الرقصة ...
قال أين كنت؟
قلت: في عالم آخر .. كنت أبحث عن المفتاح الذهبي
قال وهل وجدتيه؟
قلت : كلا.. ولكني حظيت بلقاء جوهان شتراوس ... وعشت لحظات في صدى الدانوب الجميل **2 وعظمة الامبراطور ***3
قال: وكيف دخلت ذلك العالم دون مفتاح؟
قلت: أيها الفيلسوف ... ماذا تقول؟
قال: أيتها الساحرة التي تدخل عوالماً اخرى ، هلا اخبرتِني عن سرِّ المفاتيح الذهبية؟
قلت : سرّها في يديك ... أما أنا فقد وجدت باباً مفتوحا فدخلت..
قال: لنا لقاء آخر... وموعد مع أبواب أخر ...
إبتسمت....
......................
موضوع اكتر من رائع
تسلمى جينا للقصة الجميلة والكلمات الاجمل
لاتجادل الاحمق فقد يخطىء الناس فى التفريق بينكما
لست مجبره ان يعرف الاخرين من انا!!!
فمن لديه مؤهلات القلب ! والعقل ! والروح!سأكون امامه كالكتاب المفتوحالبحث على جميع مواضيع العضو شيري العسولة
يسلمووو علي التوبك الجميل بجد
وموضع رائع
تقبلي مروري علي صفحاتك
وحوارك الجميل
موضوع اكتر من رائع
بجد تحفه
تسلم الايادى
بالتوفيق
ومما زادنى فخراً و تيهاً *** وكدت بأخمصى أطأ الثريا
دخولى تحت قولك يا عبادى ** و أن صيرت أحمداً لى نبياً
البحث على جميع مواضيع العضو ابو تريكه
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)