قهوتنا على الانترنت
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: صله الرحم

  1. #1

    افتراضي صله الرحم

    ما صله الرحم؟

    قال ابن منظور- رحمه الله- : " وصلت الشيء وصلا وصلة ، والوصل ضد الهجران " .
    وقال : " ويقال : وصل فلان رحمه يصلها صلة وبينهما وصلة : أي اتصال وذريعة " .
    وقال : " التواصل ضد التصارم " .

    وقال : عن صلة الرحم : " قال ابن الأثير : وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار ، والعطف عليهم ، والرفق بهم ، والرعاية لأحوالهم ، وكذلك إن بعدوا وأساءوا ، وقطع الرحم ضد ذلك كله "

    باي شئ تكون صله الرحم

    صلة الرحم تكون بأمور عديدة ؛ فتكون بزيارتهم ، وتفقد أحوالهم ، والسؤال عنهم ، والإهداء إليهم ، وإنزالهم منازلهم ، والتصدق على فقيرهم ، والتلطف مع غنيهم ، وتوقير كبيرهم ، ورحمة صغيرهم وضعفتهم ، وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة- كما مر- إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه ، أو يصلهم عبر الرسالة ، أو المكالمة الهاتفية .
    وتكون باستضافتهم ، وحسن استقبالهم ، وإعزازهم ، وإعلاء شأنهم ، وصلة القاطع منهم .
    وتكون- أيضا- بمشاركتهم في أفراحهم ، ومواساتهم في أفراحهم ، وتكون بالدعاء لهم ، وسلامة الصدر نحوهم ، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم ، والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم . وتكون بعيادة مرضاهم ، وإجابة دعوتهم .
    وأعظم ما تكون به الصلة ، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر . وهذه الصلة تستمر إذا كان الرحم صالحة مستقيمة أو مستورة .
    أما إذا كانت الرحم سافرة أو فاسقة فتكون صلتهم بالعظة والتذكير ، وبذل الجهد في ذلك .
    فإن أعيته الحيلة في هدايتهم- كأن يرى منهم إعراضا أو عنادا أو استكبارا ، أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم ، ويهوي في حضيضهم- فلينأ عنهم ، وليهجرهم الهجر الجميل ، الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه ، وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب ، لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه .
    ثم إن صادف منهم غرة ، أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة- فليقدم وليعد الكرة بعد الكرة .
    ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب ، ونصحهم أن ينبه على مسألة مهمة في هذا الباب ، ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب ، والحرص على دعوتهم باللين ، والحكمة ، والموعظة الحسنة ، وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود وبالتي هي أحسن ؛ لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم .
    وذلك يرجع إلى عدة أسباب ، ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يولون هذا الجانب اهتمامهم ، ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك لأفلحوا في دعوة أقاربهم ولأثروا فيهم أيما تأثير .
    ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم ، وأن يولوهم شيئا من الاهتمام ، والصلة ، والاعتبار ، ونحو ذلك مما يحببهم بالأقارب ، ويحبب الأقارب بهم .
    كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها ، وعلمائها ، وأن تجلهم ، وتصيخ السمع لهم ، وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم ، والحط من شأنهم .
    فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريا بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال ، ومراتب الفضيلة .

    فضائل صله الرحم
    أما فضائل صلة الرحم فحدث ولا حرج ؛ ففضائلها كثيرة ، وعوائدها جمة ، وهذه الفضائل تنتظم خيري الدنيا والآخرة ، ونصوص الكتاب والسنة في ذلك متظاهرة ، وكذلك أقوال العلماء والحكماء ، فمن تلك الفضائل ما يلي :
    1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر : فعن أبى هريرة- رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه </B>
    2- صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق : فعن أنس بن مالك رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه ومما قاله العلماء في معنى زيادة العمر ، وبسط الرزق الواردين في الحديث ما يلي :
    1- أن المقصود بالزيادة أن يبارك الله في عمر الإنسان الواصل ، ويهبه قوة في الجسم ، ورجاحة في العقل ، ومضاء في العزيمة ، فتكون حياته حافلة بجلائل الأعمال .
    2- أن الزيادة على حقيقتها ؛ فالذي يصل رحمه يزيد الله في عمره ، ويوسع له في رزقه .
    ولا غرو في ذلك ؛ فكما أن الصحة وطيب الهواء ، وطيب الغذاء ، واستعمال الأمور المقوية للأبدان والقلوب من أسباب طول العمر- فكذلك صلة الرحم جعلها الله سببا ربانيا ؛ فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان : أمور محسوسة تدخل في إدراك الحواس ، ومدارك العقول . وأمور ربانية إلهية قدرها من هو على كل شيء قدير ، ومن جميع الأسباب وأمور العالم منقادة لمشيئته " .
    وقد يشكل هذا الأمر على بعض الناس فيقول : إذا كانت الأرزاق مكتوبة ، والآجال مضروبة لا تزيد ولا تنقص ، كما في قوله- تعالى- : وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف :34] . فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث السابق .
    والجواب : أن القدر قدران :
    أحدهما : مثبت ، أو مبرم ، أو مطلق ، وهو ما في أم الكتاب - اللوح المحفوظ- الإمام المبين- فهذا لا يتبدل ولا يتغير .
    والثاني : القدر المعلق ، أو المقيد ، وهو ما في صحف الملائكة ، فهذا هو الذي يقع فيه المحو والإثبات .
    قال شيخ الإسلام- ابن تيمية- رحمه الله تعالى- : " والأجل أجلان : مطلق يعلمه الله ، وأجل مقيد ، وبهذا يتبين معنى قوله صلى الله عليه وسلم : من سرة أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه
    فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا ، وقال : إن وصل رحمه زدته كذا وكذا ، والملك لا يعلم أيزداد أم لا ، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر ، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر " .

    وقال في موطن آخر عندما سئل عن الرزق : هل يزيد أو ينقص ؟
    فأجاب :الرزق نوعان : أحدهما : ما علمه الله أن يرزقه ، فبهذا لا يتغير ، والثاني : ما كتبه ، وأعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب
    ثم إن : " الأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه ؛ فإن كان قد تقدم بأن يرزق العبد بسعيه واكتسابه ألهمه السعي والاكتساب ، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب ، وما قدره له بغير اكتساب- كموت مورثه- يأتيه بغير اكتساب " .

    " فلا مخالفة في ذلك لسبق العلم ، بل فيه تقييد المسببات بأسبابها ، كما قدر الشبع والري بالأكل والشرب ، وقدر الولد بالوطء ، وقدر حصول الزرع بالبذر ، فهل يقول عاقل بأن ربط المسببات بأسبابها يقتضي خلاف العلم السابق ، أو ينافيه بوجه من الوجوه " .
    </B>3- صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ، قال : نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؛ قالت : بلى ، قال : فذلك لك
    4- صلة الرحم من أعظم أسباب دخول الجنة : فعن أبي أيوب الأنصاري- رضي الله عنه- أن رجلا قال : يا رسول الله ، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصل الرحم
    5- صلة الرحم طاعة لله عزوجل : فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل .
    قال- تعالى- مثنيا على الواصلين : وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [الرعد :21]
    6- وهي من محاسن الدين : فالإسلام دين الصلة ، ودين البر والرحمة ، فهو يأمر بالصلة ، وينهى عن القطيعة ، مما يجعل جماعة المسلمين مترابطة ، متآلفة ، متراحمة ، بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق ، ولا توليه اهتمامها .
    7- وهى مما اتفقت عليه الشرائع : فالشرائع السماوية كلها أمرت بالصلة ، وحذرت من ضدها ، وهذا يدل على فضلها ، وعظم شأنها .
    8- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل : فهي مكسبة للحمد ، مجلبة للثناء الحسن ، حتى إن أهل الجاهلية ليتمدحون بها ، ويثنون على أصحابها ؛ فهذا الأعشى يمدح الأسود بن المنذر بن يزيد اللخمي ، فيقول :
    عنده الحزم والتقى وأسى الصرع

    وحمل لمضلع الأثقال
    وصلات الأرحام قد علم الناس

    وفك الأسرى من الأغلال
    9- أنها تدل على الرسوخ في الفضيلة : فهي دليل كرم النفس ، وسعة الأفق ، وطيب المنبت ، وحسن الوفاء ، وصدق المعشر .
    ولهذا قيل : " من لم يصلح لأهله لم يصلح لك ، ومن لم يذب عنهم لم يذب عنك " .
    10- شيوع المحبة بين الأقارب : فبسببها تشيع المحبة ، وتسود الألفة ، ويصبح الأقارب لحمة واحدة ، وبهذا يصفو عيشهم ، وتكثر مسراتهم .
    11- رفعة الواصل : فإن الإنسان إذا وصل أرحامه ، وحرص على إعزازهم- أكرمه أرحامه ، وأعزوه ، وأجلوه ، وسودوه ، وكانوا عونا له .
    ولم أر عزم لامرئ كعشيرة

    ولم أر ذلا مثل نأي عن الأهل
    12- عزة المتواصلين : فالأرحام المتواصلون ، المتوادون المتآلفون- يعلو قدرهم ، ويرتفع ذكرهم ، فيكون لهم شأن ، ويحسب لهم ألف حساب ، فلا يتجرأ أحد أن يسومهم خطة ضيق ، أو أن يمسهم بلفحة من نار ظلم ؛ فيظلون بأعز جوار ، وأمنع ذمار .
    بخلاف ما إذا تقاطعوا ، وتدابروا ؛ فإنهم يذلون ويسترذلون ، فيلقون هوانا بعد عز ، وضعة بعد رفعة ، ونزولا بعد شمم .

    الامور المعينه علي الصله

    هناك آداب يجدر بنا سلوكها مع الأقارب ، وهناك أمور تعين على صلة الرحم ؛ فمن ذلك ما يلي :
    1- التفكر في الآثار المترتبة على الصلة : فإن معرفة ثمرات الأشياء ، واستحضار حسن عواقبها- من أكبر الدواعي إلى فعلها ، وتمثلها ، والسعي إليها .
    2- النظر في عواقب القطيعة : وذلك بتأمل ما تجلبه القطيعة من هم ، وغم ، وحسرة ، وندامة ، ونحو ذلك ، فهذا مما يعين على اجتنابها والبعد عنها .
    3- الاستعانة بالله : وذلك بسؤال التوفيق ، والإعانة على صلة الأقارب .
    4- مقابلة إساءة الأقارب بالإحسان : فهذا مما يبقي على الود ويحفظ ما بين الأقارب من العهد ، ويهون على الإنسان ما يلقاه من شراسة أقاربه وإساءتهم .
    ولهذا أتى رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني لي قرابة أصلهم ويقطعونني ، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي ، وأحلم عنهم ويجهلون علي .
    قال : لئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم الملل ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك قال الإمام النووي- رحمه الله تعالى- في شرح هذا الحديث : " وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم ، بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم ، ولا شيء على هذا المحسن ، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته ، وإدخالهم الأذى عليه . وقيل : معناه أنك بالإحسان إليهم تخزيهم ، وتحقرهم في أنفسهم ؛ لكثرة إحسانك ، وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم ، كمن يسف الملل .
    وقيل : ذلك الذي يأكلونه من إحسانك ، كالملل يحرق أحشاءهم ، والله أعلم " .
    فهذا الحديث عزاء لكثير من الناس ممن ابتلوا بأقارب شرسين ، يقابلون الإحسان بالإساءة ، وفيه تشجيع للمحسنين على أن يستمروا على طريقتهم المثلى ؛ فإن الله معهم ، وهو مؤيدهم ، وناصرهم ، ومثيبهم .
    ومن أجمل ما قيل في ذلك ، قول المقنع الكندي :
    وإن الذي بيني وبين بني أبي

    وبين بني عمي لمختلف جدا
    إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم

    قدحت لهم في كل مكرمة زندا
    وإن كلوا لحمي وفرت لحومهم

    وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
    ولا أخمل الحقد القديم عليهم

    وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
    وأعطيهم مالي إذا كنت واجدا

    وإن قل مالي كل أكلفهم رفدا
    5- قبول أعذارهم إذا أخطأوا ، واعتذروا : ومن جميل ما يذكر في ذلك ما جرى بين يوسف- عليه السلام- وإخوته ، فلقد فعلوا به ما فعلوا ، وعندما اعتذروا- قبل عذرهم ، وصفح عنهم الصفح الجميل ؛ فلم يقرعهم ، ولم يوبخهم ، بل دعا لهم ، وسأل الله لهم المغفرة لهم .
    6- الصفح عنهم ونسيان معايبهم ، حتى ولو لم يعتذروا : فهذا مما يدل على كرم النفس ، وعلو الهمة ؛ فالعاقل اللبيب ، يعفو عن أقاربه وينسى عيوبهم ، ولا يذكرهم بها ، ومن جميل ما يذكر في ذلك قول القائل :
    وحسبك من ذل وسوء صنيعة

    مناواة ذي القربى وإن كان قاطع
    ولكن أواسيه وأنسى عيوبه

    لترجعه يوما إلي الرواجع
    ولا يستوي في الحكم عبدان : واصل

    وعبد لأرحام القرابة قاطع
    7- التواضع ولين الجانب : فهذا مما يحبب القرابة بالشخص ، ويدنيهم منه ، وصدق من قال :
    من كان يحلم أن يسود عشيرة

    فعليه بالتقوى ولين الجانب
    ويغض طرفا عن مساوي من أسا

    منهم ويحلم عند جهل الصاحب
    8 - التغاضي والتغافل : فالتغاضي والتغافل من أخلاق الأكابر والعظماء ، وهو مما يعين على استبقاء المودة ، واستجلابها ، وعلى وأد العداوة وإخلاد المباغضة .
    ثم إنه دليل على سمو النفس ، وشفافيتها ، وهو مما يرفع المنزلة ، ويعلي المكانة . والتغاضي والتغافل حسن مع جميع الناس ، وهو مع الأقارب أولى ، وأحرى وأجمل .
    قال ابن حبان- رحمه الله- : " من لم يعاشر الناس على لزوم الإغضاء عما يأتون من المكروه ، وترك التوقع لما يأتون من المحبوب- كان إلى تكدير عيشه أقرب منه إلى صفائه ، وإلى أن يدفعه الوقت إلى العداوة والبغضاء أقرب منه أن ينال منهم الوداد وترك الشحناء " قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- : أغمض عيني عن أمور كثيرة

    وإني على ترك الغموض قدير
    وما من عمى أغضي ولكن لربما

    تعامى وأغضى المرء وهو بصير
    وأسكت عن أشياء لو شئت قلتها

    وليس علينا في المقال أمير
    أصبر نفسي باجتهادي وطاقتي

    وإني بأخلاق الجميع خبير
    9- بذل المستطاع لهم : من الخدمة بالنفس ، أو الجاه ، أو المال .
    10 - ترك المنة عليهم ، والبعد عن مطالبتهم بالمثل : وقد مر بنا أن الواصل ليس بالمكافئ ، فمما يعين على بقاء المودة أن يحرص الإنسان على أن يعطي أقاربه ولا يطالبهم بالمثل ، وألا يمن عليهم بعطائه ، أو زياراته ، أو غير ذلك .
    11- توطين النفس على الرضا بالقليل من الأقارب : فالعاقل الكريم لا يستوفي حقه كاملا ، بل يرضى بالقليل وبالعفو الذي يأتي من أقاربه ، حتى يستميل بذلك قلوبهم ، ويبقي على مودته لهم كما قيل :
    إذا أنت لم تستبق ود صحابة

    على دخن أكثرت بث المعايب
    12- مراعاة أحوالهم ، وفهم نفسايتهم ، وإنزالهم منازلهم : فمن الأقارب من يرضى بالقليل ، فتكفيه الزيارة السنوية ، وتكفيه المكالمة الهاتفية ، ومنهم من يرضى بطلاقة الوجه والصلة بالقول فحسب ، ومنهم من يعفو عن حقه كاملا ، ومنهم من لا يرضى إلا بالزيارة المستمرة ، وبالملاحظة الدائمة ؛ فمعاملتهم بمقتضى أحوالهم يعين على الصلة ، واستبقاء المودة .
    13- ترك التكلف مع الأقارب ورفع الحرج عنهم : وهذا مما يغري بالصلة ؛ فإذا علم الأقارب عن ذلك الشخص أنه قليل التكلف ، وأنه يتسم بالسماحة- حرصوا على زيارته وصلته .
    14- تجنب الشدة في العتاب : حتى يألف الأقارب المجيء ، ويفرحوا به ؛ فالكريم هو الذي يعطي الناس حقوقهم ، ويتغاضى عن حقه إذا قصر فيه أحد . ثم إن كان هناك من خطأ يستوجب العتاب فليكن عتابا لطيفا رقيقا .
    15- تحمل عتاب الأقارب وحمله على أحسن المحامل : وهذا أدب الفضلاء ، ودأب النبلاء ؛ ممن تمت مروءتهم ، وكملت أخلاقهم ، وتناهى سؤددهم ، ممن وسعوا الناس بحلمهم ، وحسن تربيتهم ، وسعة أفقهم .
    فإذا ما عاتبهم أحد من الأقارب ، وأغلظ عليهم لتقصيرهم في حقه- حملوا ذلك على أحسن المحامل ؛ فيرون أن هذا المعاتب محب لهم ، مشفق عليهم ، حريص على مجيئهم ، ويشعرونه بذلك ، بل يعتذرون له من تقصيرهم ؛ حتى تخف حدته وتهدأ ثورته فبعض الناس يقدر ويحب ويشفق ، ولكنه لا يستطيع التعبير عن ذلك إلا بكثرة اللوم والعتاب .
    والكرام يحسنون التعامل مع هؤلاء ، ويحملون كلامهم على أحسن المحامل ، ولسان حالهم يقول : لو أخطأت في حسن أسلوبك لما أخطأت في حسن نيتك .
    16- الاعتدال في المزاح مع الأقارب : مع مراعاة أحوالهم ، وتجنب المزاح مع من لا يتحمله .
    17 . تجنب الخصام وكثرة الملاحاة والجدال العقيم مع الأقارب : فإن كثرة الخصام والملاحاة والجدال تورث البغضاء ، والانتصار للنفس ، والتشفي من الطرف الآخر ، بل يحسن بالمرء مداراة أقاربه ، والبعد عن كل ما من شأنه أن يكدر صفو الوداد معهم .
    18- المبادرة بالهدية إن حصل خلاف مع الأقارب : فالهدية تجلب المودة ، وتكذب سوء الظن ، وتستل سخائم القلوب ، كما قيل :
    إن الهدية حلوة

    كالسحر تجتذب القلوبا
    تدني البعيد من الهوى

    حتى تصيره قريبا
    وتعيد مضطغن العداوة

    بعد بغضته حبيبا
    تنفي السخيمة عن ذوي

    الشحنا وتمتحق الذنوبا
    19- أن يستحضر الإنسان أن أقاربه لحمة منه : فلا بد له منهم ، ولا فكاك له عنهم ، فعزهم عز له ، وذلهم ذل له ، والعرب تقول : " أنفك منك وإن ذن وعيصك منك لان كان أشبا 20- أن يعلم أن معاداة الأقارب شر وبلاء : فالرابح فيها خاسر ، والمنتصر مهزوم ، كما قال البحتري في صلح بني تغلب :
    وفرسان هيجاء تجيش صدورها

    بأحقادها حتى تضيق دروعها
    تقتل من وتر أعز نفوسها

    عليها بأيد ما تكاد تطبعها
    إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها

    تذكرت القربى ففاضت دموعها
    شواجر أرماح تقطع بينهم

    شواجر أرحام ملوم قطوعها
    وكما قال الآخر : قومي هم قتلوا أميم أخي

    فإذا رميت يصيبني سهمي
    فلئن عفوت لأعفون جللا

    ولئن سطوت لأوهنن عظمي
    21- الحرص التام على تذكر الأقارب في المناسبات والولائم : ومن الطرق المجدية في ذلك أن يسجل الإنسان أسماء أقاربه ، وأرقام هواتفهم في ورقة ، ثم يحفظها عنده ، وإذا أراد دعوتهم فتح الورقة حتى يستحضرهم جميعا ، ويتصل بهم إما بالذهاب إليهم ، أو عبر الهاتف أو غير ذلك . ثم إن نسي واحدا منهم فليذهب إليه ، وليعتذر منه ، وليسع في رضاه ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
    22- الحرص على إصلاح ذات البين : فمما ينبغي على الأقارب- وعلى الأخص من وهبهم الله محبة في النفوس - أن يبادروا إلى إصلاح ذات البين إذا فسدت ، وألا يتوانوا في ذلك ؛ لأنها إذا لم تصلح ويبادر في رأب صدعها فإن شرها سيستطير ، وبلاءها سيكتوي بناره الجميع .
    23- تعجيل قسمة الميراث : حتى يأخذ كل واحد نصيبه ، ولئلا تكثر الخصومات والمطالبات ، ولأجل أن تكون العلاقة بين الأقارب خالصة صافية من المكدرات .
    24- الحرص على الوئام والاتفاق حال الشراكة : فإذا اشترك الأقارب في شراكة ما فليحرصوا كلى الحرص على الوئام التام ، والاتفاق في كل الأمور ، وأن تسود بينهم روح الإيثار والمودة ، والشورى والرحمة ، والصدق والأمانة ، وأن يحب كل واحد منهم لأخيه ما يحبه لنفسه ، وأن يعرف كل طرف ماله وما عليه .
    كما يحسن بهم أن يناقشوا المشكلات بمنتهى الوضوح والصراحة ، وأن يحرصوا على التفاني ، والإخلاص في العمل ، وأن يتغاضى كل منهم عن صاحبه ، ويجمل بهم- أيضا أن يكتبوا ما يتفقون عليه .
    فإذا ساروا على تلك الطريقة حلت فيهم الرحمة ، وسادت بينهم المودة ، ونزلت عليهم بركات الشركة .
    25- الاجتماعات الدورية : سواء كانت شهرية أو سنوية أو غير ذلك ، فهذه الاجتماعات فيها خير كثير ؛ ففيها التعارف ، والتواصل ، والتواصي ، وغير ذلك خصوصا إذا كان يديرها أولو العلم ، والحصافة .
    26- صندوق القرابة : الذي تجمع فيه تبرعات الأقارب واشتراكاتهم ، ويشرف عليه بعض الأفراد ، فإذا ما احتاج أحد من الأسرة مالا لزواج ، أو نازلة ، أو غير ذلك بادروا إلى دراسة حاله ، وساعدوه ورفدوه ؛ فهذا مما يولد المحبة ، وينمي المودة .
    27- دليل الأقارب : فيحسن بالأقارب أن يقوم بعضهم بوضع دليل خاص ، يحتوي على أرقام هواتف القرابة ثم يطبع ويوزع على جميع الأقارب ، فهذا الصنيع يعين على الصلة ، ويذكر المرء بأقاربه إذا أراد السلام عليهم ، أو دعوتهم للمناسبات والولائم .
    28- الحذر من إحراج الأقارب : وذلك بالبعد عن كل سبب يوصل إلى ذلك ، فيبتعد الإنسان عن الإثقال عليهم ، وينأى عن تحميلهم ما لا يطيقون ، ومما يدخل في هذا أن يراعي القرابة أحوال الوجهاء ، وذوي اليسار في الأسرة فلا يكلفوهم ما يوقعهم في الحرج ، ولا يلوموهم إذا قصروا في بعض الأمور مما لا طاقة لهم بها ؛ فبعض الأسر تكلف وجهاءها وأكابرها ما لا يطيقون ، ولا تعذرهم عند أي تقصير .
    29- الشورى بين الأقارب : فيحسن بالأقارب أن يكون لهم مجلس شورى ، أو أن يكون لهم رؤوس يرجعون إليهم في الملفات وما ينوب الأسرة من النوازل ؛ حتى يخرجوا برأي موحد ، أو مناسب يرضي الله ، ويوافق الحكمة والصواب . ويحسن بأولئك الرؤوس أن يكونوا من ذوي الرأي والسداد ، والحلم ، والبصيرة ، وبعد النظر .
    30- وأخيرا : يراعى في ذلك كله أن تكون الصلة قربة الله : خالصة لوجهه وحده لا شريك له ، وأن تكون تعاونا على البر والتقوى ، لا يقصد بها حمية الجاهلية ولا عيبتها .
    هذا ما تيسر جمعه وتقييده في هذا الباب ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلي الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
    التعديل الأخير تم بواسطة احمد حسين ; 6 - 6 - 2009 الساعة 01:51 AM











    أهم شيء أن لا تتوقف عن التساؤل


    البحث على جميع مواضيع العضو احمد حسين

  2. افتراضي

    جزاك الله كل خير على الموضوع احمد حسين

 

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©