الموضوع رقم 3 ....في مسابقة الركن الادبي

[أحمد عمر]

أين الطريق ؟
لما كانت الناس تجوب البلاد ابتغاء الكسب وتجتهد في السعي تحصيلا للثروة وطلبا للمجد .. بينما ظل أناس ساكنون .. يعيشون .. دائمون .. داخل " قهوة الزمان " تلك القهوة نجد عليها الناس أشكال وألوان .. تتعدد الفئات وقد تتعدد اللغات .. تتعدد الأعمار بين الكبار والصغار ... هذا رجل خارج على المعاش .. وهذا شاب لسه مستقبله معداش الكل ينظر للطريق .. الطريق به أناس كثيرون .. يمشون .. قد يرجعون أو لا .. تلك سنة الحياة .

أمام القهوة يمر رجل مجذوب يبدو عليه من ملابسه الفقر الشديد .. لكنه يهذي قائلا :
أطفي النور يا ماه .. أتعودت أعيش في الظلمة .. و إيه الفايدة يا ناس من النور .. طول ما الكل في ساقية بتدور .. بتدور بيهم مش عارف على فين .. ولا قولوا لي السكة منين ؟؟ السكة منين ...
اجتمع كل من في القهوة على صوت الرجل المجذوب و أخذ يردد : الحكاية في كلمتين ... اتنين ..
رجع الزمن الجميل وقال : وديني للنيل ... راح للنيل وقال : مالك يا نيل ؟ إيه وسخك أنا سايبك طول عمري نظيف وجميل ...
رد النيل وقال : شوف الشباب كتير حوليا مش لاقين .. متجمعين .. هربنين .. ولا اللي جالي خايفين .. يرمي هواهم ليوم الدين .. أنا كنت زمان جنة .. أخاف دلوقت أكون سجين ..
روحوا أسألوا الهرم عليهم .. وأبو الهول شاهد عليهم .. ولا الناس أن كانوا سامعين .. أن كانوا سامعين ..
وترك الرجل المكان وكان هو حديث "قهوة الزمان " فأخذ من في القهوة يتحدون .. ويتشاورون .. عن ذلك المجذوب الذي لم يظهر عليه لون من ألوان الهذيان ...
فقال المعلم صاحب القهوة : يا سلام بقى هو ده كلام عاقلين ؟! ده مجنون ابن مجانين .. وأخذ يضحك ..
رد عليه الأستاذ "عادل" : يا راجل قول كلمة حق في حياتك .. ده كلام في الصميم .. هتفوقوا ولأمتي تفضلوا ساكتين فصاح صبي المعلم قائلا : وأنت يا معلم فهمت كلامه على كده ؟!
فرد المعلم قائلا : غور ياد وشوف الزباين جتك البلاء والبلا .
وقال المعلم : إلا قول لي يا أستاذ "عادل" إيه رأيك في الكلام ده ؟!
فرد قائلا : ده كلام طالع من القلب للقلب والله . ألم تعلم أن الجاهل يضيع زمانه كله في اللهو واللعب ، ولا يزال الجاهل لاهيا ، يبيت قلبه خاليا ، ويصبح طرفه ساهيا ..
ده كلام باين يا أستاذ "عادل " قوي قوي .
أه طبعا أمال أنت فاكر إيه حتى أسأل الشيخ "حكيم" وهو يقول لك على الإفادة ..
فأقبل الشيخ "حكيم" قائلا : في الليل تنقطع الأشغال ، وتدور الخواطر ، ويتسع مجال القلب ، وتؤلف الحكمة . والأقدار نافذة ، والأحكام جارية ، والأمور متصرفة ، والحركة بركة كما يقولون .. فعلى الإنسان أن لا يبقى خاملا كسولا ، فعليه أن ينشط عقله ، ويمرن نفسه على اكتساب الخبرات حتى إذا قلت فأوجز ، وإذا وعدت فأنجز ، فالإنسان يجتني ما يشتهي ، وإذا فعل ما ينبغي فسيسعى إليه .. فاعلم أن الإنسان "يا معلم " بالقلب واللسان ، فانطق بالحكمة ، وكن عالي الهمة ، وعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به .. مش كده ولا إيه ؟!
فعم الصمت على المكان وأصبح المجذوب في طي النسيان ...
ويا رب تعجبكم القصة يا بني الإنسان

[طيف عابر]

تم فتح الموضوع للتعليق والرد