عن بر الوالدين

[مصطفى لطفى0]

السؤال
عندي سؤالا لم أجد له جواباً.
أعلم أن بر الوالدين أمر مهم جدا، واجتهد لأرضي والدتي إن شاء الله تعالى .
ولكن الأمر يختلف مع أبي . فقد عانينا أنا وأخواي منه الأمرين كان يضربنا ويسبنا ولا يكاد ينفق علينا . أبي كان ملتزما ولكن هو ليس إلتزاماً حقيقياً فكان يجبرنا على الصلاة دون أن يشرح لنا أي شيء من الدين بل كان المثل السيئ لنا بسلوكه المشين ، وقبل كل هذا حدث أمر رهيب وخطير: لما كان عمري 8 سنين اعتدى على أبي جنسيا: كنت نائمة وجاء من وراءي ( لواط) فلما أحسست به هرب وبقيت أبكي وحدي في فراشي. في الغد أخبرت أمي فلم تصدقني في البداية ولكن مع الوقت فهمت أنني لم أن كاذبة ولكنها فضلت السكوت.
والآن والدي مطلقان ( لأسباب أخرى) وقد مر على ذلك الأمر الرهيب 15 سنة....الآن عمري 26 سنة ولكنني ما زلت أتذكر الواقعة وكأنه وقعت في الأمس القريب. حاولت أن أنشئ معه علاقة ما ولكنني لم أتمكن فالأمر صعب.
سؤالي هو:
فهل يحرم عليّ أن أقطع علاقتي معه ؟
هل يحق لي أن أختار ولياً غيره لأنه ليس لي خال ولا أخ ؟

الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلقد أمر الله تعالى ببر الوالدين وحث عليه حثاً بالغاً ، وجعل طاعتهما قربة من أفضل وآكد القربات لله ونهى عن عقوقهما وهجرهما وشدد في ذلك غاية التشديد قال تعالى :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين أحسانا " ( الإسراء الآية 23) .
وأمر سبحانه بعبادته وتوحيده وجعل برهما مقروناً بذلك فقال :" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين أحساناً " ( النساء الآية 36) بل قرن شكرهما بشكره سبحانه فقال تعالى :" أن اشكر لي ولوالديك " ( لقمان الآية 14) وروى البخاري عن ابن مسعود قال :" سألت النبي أي الأعمال أحب إلى الله قال : الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي ، قال : الجهاد في سبيل الله " قال القرطبي : ولا يختص بر والوالدين بان يكون مسلمين أ.هـ
فأولى وأحرى برهما إن كانا مسلمين غير مستقيمين وعليه فقطع علاقتك مع أبيك حرام ٌ بل هو من الكبائر فقد ثبت عند البخاري من حديث عبد بنِ عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : "الْكبائرُ : الإِشْراكُ بِاللَّه ، وعقُوق الْوالِديْنِ ، وقَتْلُ النَّفْسِ ، والْيمِينُ الْغَموس" وإذا كان البر فرضاً والهجر حرام ، فالبر لا يتحقق إلا بالإحسان والصلة وإلانة الكلام والنصح والرفق واللين فجاهدي نفسك على نسيان الماضي الأليم فلعله تاب وأقلع وصلي والدك وبريه وإن كرهته نفسك فإن ( الصحابة بايعوا رسول الله على السمع والطاعة في النشط والمكره ) رواه البخاري. وفي رواية فيما نحب ونكره وهذا البيعة تلزم كل مسلم كما ذكر أهل العلم .
ولكن إذا كان ما ذكرت عن أبيك حقاً وخشيت أن يتكرر منه فألزمي الحذر ولا تختلي به ولا تنامي بجنبه.
أما مسألة الولاية في النكاح فإن الشارع جعلها للرجل لأنه أعلم بأحوال الرجال وأدق نظراً فيمن يصلح لأن يسلمه كريمته ولم يجعل الولاية للمرأة في النكاح لأنه قد يخفى عليها الكثير من أحوال الرجال وأخلاقهم وإنما ترك لها الحرية في أن ترفض من لا تحبه .
وإن أولى الناس بولاية المرأة هو أبو الحرة أو ابنها على الخلاف في ذلك.
وعليه فما دام أبوك موجوداً فهو الولي هذا إن كان رجلاً صالحاً غير مجاهر بفسقه. فإن كان من أهل الفسق والمعاصي مجاهرا بذلك فقيل تسقط ولايته وإذا لم يكن لك ولي آخر غيره تولى الولاية القاضي أو من يقوم مقامه.
وقيل لا تسقط ولايته بالفسق وعلى كل حال فمسألة الولاية قد حسمها الشرع بحكمة بالغة تصب في مصلحة المرأة خاصة والمجتمع عامة، وليست المرأة هي التي تختار من يتولى نكاحها. والله أعلم

[بحر الحنان]

[مصطفى لطفى0]

شكرا بحر الحنان على الرد والمتابعة