فالحب الأول، هو تلك التجربة الأولى التي تحركت فيها مشاعرنا، والتي قد تكون أيضًا الحركة الفطرية نحو الجنس الآخر، ولأننا مشغوفون بأن نكبر ونصبح مثل الكبار نحب، فإننا نتمسك بها ونطورها ونهيئ الأجواء لتصبح قصة حب نواجه بها العالم ونتحداه؛ لأننا أصلا نبحث عن كل ما نتحدى به العالم سواء في طريقة التفكير أو طريقة الملبس.
ولا مانع أيضا أن نتحداه بقصة حب رغم السخرية والرفض الذي نقابل به من المحيطين بنا، فسخريتهم ورفضهم تزيد الحب اشتعالا؛ ولأنها فترة اشتعال المشاعر؛ ولأنها فترة المبالغة في كل شيء، يصبح لهذا الحب طعما مختلفا لا يمكن نسيانه.
رواية لم تكتمل
ويبقى الحب الأول كرواية لم تكتمل يظل هو الحلم الذي لو اكتمل لتغير وجه الدنيا، لو تزوجتها لكانت هي التي فهمتني، لكانت هي التي أسعدتني.
ولأن لا بد لكل إنسان من حلم يخرج فيه إحباطاته من الواقع، لذا يظل الحب الأول هو الوهم الجميل الذي نعرف جميعا أنه وهم، ولكننا لا نتخلى عنه، ونتحدث عنه كأنه حقيقة؛ لأننا نحتاج ذلك.
ولكننا في الواقع لا ندرك أننا ونحن نسميه الحب الأول نكون قد اعترفنا بوجود حب ثان وثالث، ولكن المسألة ليست في الترتيب ولكنها في النوعية، فالحب يتعدد ويتكرر ولكن لكل حب طمعه المختلف.
غير أن ما يبقي الحب الأول متميزا أنه يظل في ذاكرتنا حبا وحلما لم يتحقق، في حين أن الحب الثاني والثالث يأخذ مناحيَ مختلفة ويسير في طرق واقعية كل حسب ظروفه.
ولتظل كلمة الروائي إحسان عبد القدوس هي الحاسمة: "في حياة كل منا وهم كبير اسمه الحب الأول".
مشكورا اكثر من رائع