قهوتنا على الانترنت
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 37
  1. #11
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    وقت الغسل :

    اختلف العلماء في وقت الغسل للجمعة و تعلقه بالذهاب إليها علي ثلاثة أقوال :
    الأول : اشتراط الاتصال بين الغسل و الرواح . و إليه ذهب مالك و وافقه الأوزاعي و الليث .
    لحديث : " إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل " و في لفظ مسلم : " إذا أراد أحدكم أن يأتي
    الجمعة فليغتسل " .
    الثاني : عدم اشتراط ذلك ، و يجزئ من بعد الفجر لكن لا يجزئ فعله بعد صلاة الجمعة ، و
    يستحب تأخيره إلي الذهاب و إلي هذا ذهب الجمهور .
    الثالث : أنه لا يشترط تقدم الغسل على صلاة الجمعة ، فلو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه ، و إليه
    ذهب داود و نصره ابن حزم ، و حجتها تعلق الغسل باليوم في الأحاديث لا بالصلاة .

    و قد أنكر هذا القول ابن دقيق العيد و قال : يكاد يجزم ببطلانه ، و حكى ابن عبد البر الإجماع
    علي أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة (3).
    فائدة :
    قال النووي : " قال أصحابنا : و وقت جواز غسل الجمعة من طلوع الفجر إلي أن يدخل
    في الصلاة … قالوا : و لا يجوز قبل الفجر . و انفرد إمام الحرمين بحكاية وجه أنه يجوز قبل
    طلوع الفجر ، كغسل العيد علي اصح القولين . و الصواب المشهور أنه لا يجزئ قبل الفجر ،

    و يخالف العيد ، فإنه يُصلى في أول النهار ، فيبقى أثر الغسل ، لأن الحاجة تدعو إلى تقديم غسل العيد ، لكون صلاته أول النهار ، فلو لم يجز قبل الفجر ضاق الوقت و تأخر التبكير إلى الصلاة " (1).
    قال الشوكاني : و الظاهر ما ذهب إليه مالك . لأن مجمل الأحاديث التي أطلق فيها : اليوم علي حديث الباب(1) المقيد بساعة من ساعاته واجب ، و المراد بالجمعة اسم سبب الاجتماع و هو الصلاة لا اسم اليوم(2) .
    قال الحافظ : و مقتضى النظر أن يقال : إذا عرف أن الحكمة في الأمر بالغسل يوم الجمعة و التنظف رعاية الحاضرين من التأذى بالرائحة الكريهة ، فمن خشي أن يصيبن في أثناء النهار ما يزيل تنظفه استحب له أن يؤخر الغسل لوقت ذهابه ، و لعل هذا هو الذي لحظه مالك فشرط اتصال الذهاب بالغسل ليحصل الأمن مما يغاير التنظف و الله أعلم (3).
    مسألة هل يشرع الغسل لمن لم يحضر الجمعة :
    قال الحافظ : و استدل من مفهوم الحديث (4)على أن الغسل لا يشرع لمن لم يحضر الجمعة ، و قد تقدم التصريح بمقتضاه في آخر رواية عثمان بن واقد عن نافع . و هذا هو الأصح عند الشافعية ، و به قال الجمهور خلافاً لأكثر الحنفية (5).
    و يدل لقول الجمهور ما أخرجه البيهقي من حديث ابن عمر مرفوعاً : " من أتى الجمعة من الرجال و النساء فليغتسل ، و من لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال و النساء " قال النووي : رواه البيهقي بهذا اللفظ بإسناد صحيح(*) .
    مسألة : هل يجزئ غسل الجنابة لمن حصلت له عن غسل الجمعة ؟
    اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال :
    الأول : أن غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة و إن لم ينوه ، و أن الغسل حيث وقع في الجمعة قبل الصلاة كفى، أياً كان سببه . و هذا قول جمهور العلماء . قال ابن المنذر : حفظنا الإجزاء عن أكثر أهل العلم من الصحابة و التابعين (6).
    قال الحافظ في شرح قوله صلى الله عليه و سلم : " اغتسلوا يوم الجمعة و إن لم تكونوا جنباً "
    قال : " معناه : اغتسلوا يوم الجمعة إن كنتم جنباً للجنابة ، و إن لم تكونوا جنباً للجمعة " و أخذ منه أن الاغتسال يوم الجمعة للجنابة يجزئ عن الجمعة سواء نواه للجمعة أم لا ، و في الاستدلال به علي ذلك بعد (1).
    الثاني : أنه لا يجزئ و لابد ليوم الجمعة من غسل مخصوص ، و هذا قول ابن حزم و جماعة .
    قال ابن حزم : " برهان ذلك قول الله تعالى ( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) . و قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنما الأعمال بالنيات ، و لكل امرئ ما نوى " .
    فيصح يقيناً أنه مأمور بكل غسل من هذه الأغسال ، فإذا قد صح ذلك ، فمن الباطل أن يجزئ عمل عن عملين أو أكثر … " (2).
    و حكى ابن حزم هذا القول عن جماعة من السلف منهم جابر بن زيد و الحسن و قتادة و إبراهيم النخعي و الحكم و طاءوس و عطاء و عمرو بن شعيب و الزهري و ميمون بن مهران .
    و قد نقل الحافظ عن أبي قتادة أنه قال لابنه و قد رآه يغتسل يوم الجمعة : " إن كان غسلك عن جنابة فأعد غسلاً آخر للجمعة " . أخرجه الطحاوي و ابن المنذر و غيرهما (3).
    القول الثالث : أنه لا يجزئ عنه إلا بالنية ، أي إذا نوى الكل . قال النووي : " و أما إذا وجب عليه يوم الجمعة غسل جنابة فنوى الغسل عن الجنابة و الجمعة معاً فالمذهب صحة غسله لهما جميعاً و به قطع المصنف و الجمهور …. " (**).
    و احتج أصحاب هذا القول بقوله صلى الله عليه و سلم : " إنما الأعمال بالنيات ، و إنما لكل امرئ ما نوى ".
    قال النووي في شرح المهذب : " .. و لو نوى الغسل للجنابة حصل بلا خلاف ، و في حصول غسل الجمعة قولان : أصحهما عند المصنف في التنبيه و الأكثر ين : لا يحصل ، لأن الأعمال بالنيات ، و لم ينوه . و أصحهما عند البغوي حصوله ، و المختار أنه لا يحصل " (***).
    و حمل الحافظ كلام أبي قتادة لابنه علي ذلك ، حيث قال في شرح قوله صلى الله عليه و سلم : " غسل يوم الجمعة " ، قال : " … و استنبط منه أيضاً أن ليوم الجمعة غسلاً مخصصاً حتى لو وجدت صورة الغسل فيه لم يجز عن غسل الجمعة إلا بالنية ، و قد أخذ بذلك أبو قتادة فقال لابنه و قد رآه يغتسل يوم الجمعة : " إن كان غسلك عن جنابة فأعد غسلاً آخر للجمعة " (4).

    قال المنبر: لكن هناك وجه آخر يمكن أن يحمل عليه كلام أبي قتادة غير الإجزاء و عدمه ، ألا و هو تحصيل فضيلة مخصوصة لمن يقصد إلى غسل الجمعة و ينويه كما جاء عند ابن خزيمة و ابن حبان و الحاكم و غيرهم عن عبد الله بن أبي قتادة قال : دخل علي أبي و أنا أغتسل يوم الجمعة ، فقال : غسلك هذا من جنابة أو للجمعة ؟ قلت : من جنابة . قال : أعد غسلاً آخر ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلي الجمعة الأخرى " (1).
    فائدة :
    قال الحافظ في الفتح : " حكى ابن العربي و غيره أن بعض أصحابهم قالوا : يجزئ عن الاغتسال للجمعة التطيب ، لأن المقصود النظافة .
    و قال بعضهم : لا يشترط له الماء المطلق بل يجزئ بماء الورد و نحوه .
    و قد عاب ابن العربي ذلك و قال : هؤلاء وقفوا مع المعنى ، و أغفلوا المحافظة على التعبد بالمعين ، و الجمع بين التعبد و المعنى أولى . انتهى .
    و عكس ذلك قول بعض الشافعية بالتيمم (*)، فإنه تعبد دون نظر المعنى .
    أما الاكتفاء بغير الماء المطلق فمردود ، لأنها عبادة لثبوت الترغيب فيها فيحتاج إلى النية ، و لو كان لمحض النظافة لم تكن كذلك ، و الله أعلم " . أ ﻫ (2).
    و نقل ابن عثيمين عن شيخ الإسلام قوله : " جميع الأغسال المستحبة إذا لم يستطع أن يقوم بها ، فإنه لا يتيمم عنها ، لأن التيمم إنما شرع للحدث . و معلوم أن الأغسال المستحبة ليست للتطهير ، لأنه ليس هناك حدث حتى يتطهر منه (****).



    يتـــــبع





    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  2. #12
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    3-التنظيف :

    و التنظيف أمر زائد على الاغتسال ، جاءت به السنة كما في حديث سلمان مرفوعاً عند البخاري : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة و يتطهر ما استطاع من طهر ، و يدهن من دهنه ، أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى " (*)
    و التنظف أمر زائد عن الاغتسال ، و يكون بقطع الرائحة الكريهة و أسبابها من الشعور التي أمر الشارع بإزالتها فيسن حلق العانة و نتف الإبط و حف الشارب و تقليم الأظافر ، و هذا لا يكون كل جمعة . و لكن يتأكد إذا فحشت، و قد وقت النبي صلى الله عليه و سلم لها ألا تزيد عن أربعين يوما .



    يتـــــبع

    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  3. #13
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    4-استعمال الطيب و الدُّهن :

    فيسن استعمال الطيب إن وجد ، لحديث أبي سعيد قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الغسل واجب علي كل محتلم ، و أن يستن و أن يمس طيباً إن وجد " .
    قال عمرو بن سليم راوي الخبر : أما الغسل فأشهد أنه واجب ، و أما الاستنان و الطيب ، فالله أعلم أ واجب هو أم لا ؟ و لكن هكذا في الحديث (1).
    و بوب البخاري في صحيحه للحديث بقوله : باب الطيب للجمعة .
    قال الحافظ : لم يذكر حكمه أيضاً لوقوع الاحتمال فيه كما سبق (2).
    و قوله ( إن وجد ) و في رواية مسلم : " و يمس من الطيب ما يقدر عليه " فهذا يدل علي تأكده كما قال النووي ، و يؤخذ من اقتصاره علي لمس الأخذ بالتخفيف في ذلك . و جاء في رواية لمسلم ( و لو من طيب المرأة ) . قال الحافظ : و هو ما ظهر لونه و خف ريحه (3). قال النووي : فإباحة الطيب للرجل هنا للضرورة لعدم غيره ، و هذا يدل على تأكيده و الله أعلم (4).
    و اختلف العلماء في حكم الطيب ، و الجمهور أنه سنة و ليس بواجب ، و حكى القرطبي الإجماع علي ذلك حيث قال في تعليق علي الحديث : ظاهره وجوب الاستنان و الطيب لذكرهما بالعطف ، فالتقدير : الغسل واجب ، و الاستنان و الطيب كذلك . قال : و ليسا بواجبين اتفاقاً ، فدل على أن الغسل ليس بواجب (5).
    و قد اعترض على دعوى الإجماع ، حيث نقل الحافظ عن ابن المنير قوله : … و على أن دعوى الإجماع في الطيب مردودة ، فقد روى سفيان بن عيينة في جامعه عن أبي هريرة أنه كان يوجب الطيب يوم الجمعة و إسناده صحيح . و كذا قال بوجوبه بعض أهل الظاهر (1).
    و أما استحباب الدُّهن (2)فلحديث سلمان الفارسي عند البخاري مرفوعاً : " لا يغتسل رجل يوم الجمعة و يتطهر ما استطاع من طُهر و يدَّهن من دُهنه ، أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما كتب له ، ثم ينصت إذا تكلم الإمام ، إلا غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى " (3).
    و قد بوب البخاري للحديث بقوله : باب الدُّهن للجمعة .
    قال الحافظ :
    قوله ( و يدَّهن ) المراد به إزالة شعث الشعر به ، و فيه إشارة إلي التزين يوم الجمعة (4).



    يتـــــبع




    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  4. #14
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    5-استعمال السواك :

    و قد دلت السنة على استحباب السواك للجمعة ،لحديث أبي سعيد قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الغسل واجب على كل محتلم ، و أن يستن و أن يمس طيباً إن وجد " و لعموم الأحاديث في استحباب السواك لكل صلاة . و قد بوب البخاري في صحيحه بقوله : باب السواك يوم الجمعة …
    قال الزين بن المنير : لما خصت الجمعة بطلب تحسين الظاهر من الغسل و التنظيف و التطيب ناسب ذلك تطيب الفم الذي هو محل الذكر و المناجاة ، و إزالة ما يضر الملائكة و بني آدم (1).
    و قال الحافظ في تعليق علي حديث حذيفة : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا قام الليل يشوص فاه "، و وجه مناسبته لعنوان الترجمة قال : و وجه مناسبته أنه شرع في الليل لتجمل الباطن فيكون في الجمعة أحرى ، لأنه شرع لها التجمل في الباطن و الظاهر(2) .


    يتـــــبع














    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  5. #15
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    6-تخصيص لباس حسن للجمعة :


    لحديث عبد الله بن سلام عن أبي داود و غيره أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما على أحدكم إن وجد ، أو ما على أحدكم إن وجدتم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته " (3).
    قال في عون المعبود : و الحديث يدل على استحباب لُبس الثياب الحسنة يوم الجمعة ، و تخصيصه بملبوس غير ملبوس سائر الأيام(4) .
    و قد بوب البخاري في صحيحه باب يَلبس أحسن ما يجد ، و أورد فيه حديث ابن عمر " أن عمر رأى حلة سِيراء ( 5 )عند باب المسجد ، فقال : يا رسول الله ، لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة " (6)، و وجه الاستدلال من جهة تقريره صلى الله عليه و سلم لعمر على التجمل يوم الجمعة ، و قصر الإنكار على لبس تلك الحلة لكونها كانت حريراً .



    يتـــــبع


























    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  6. #16
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    7-التبكير إلي الجمعة :
    فيستحب التبكير إلى الجمعة لحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ، و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، و من راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ، و من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، و من راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر " (1).
    قال ابن القيم في توجيه اختصاص الجمعة بذلك : أنه لما كان في الأسبوع كالعيد في العام ، و كان العيد مشتملاً علي صلاة و قربان ، و كان يوم الجمعة يومَ صلاة ، فجعل الله سبحانه التعجيل فيه إلي المسجد بدلاً من القربان و قائماً مقامه ، فيجتمع للرائح فيه إلي المسجد الصلاة و القربان .
    و قد دل الحديث علي استحباب التبكير إلي الجمعة في الساعة الأولى ، و قد اختلف الفقهاء في هذه الساعة علي ثلاثة أقوال ، ذكرها النووي في شرح المهذب، قال :
    الأول : الصحيح عند المصنف و الأكثرين : من طلوع الفجر .
    و الثاني : من طلوع الشمس . و به قطع المصنف في التنبيه ، و ينكر عليه الجزم به .
    و الثالث : أن الساعات هنا لحظات لطيفة بعد الزوال ، و اختاره القاضي حسين و إمام الحرمين و غيرهما من الخراسانيين و هو مذهب مالك …. " (2).
    و احتج أصحاب هذا القول عليه بحجتين :
    إحداهما : أن الروح لا يكون إلا بعد الزوال .
    الثانية : أن السلف كانوا أحرص شيء على الخير ، و لم يكونوا يغدون إلى الجمعة من وقت طلوع الشمس ، و أنكر مالك التبكير إليها في أول النهار ، و قال : لم ندرك عليه أهل المدينة .
    و قال : أما الذي يقع بقلبي ، فإنه إنما أراد ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات …
    قال أبو عمر ابن عبد البر : و الذي قاله مالك تشهد له الآثار الصحاح من رواية الأئمة و يشهد له أيضاً العمل بالمدينة عنده ، و هذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل ، لأنه أمر يتردد كل جمعة لا يخفى على عامة العلماء .
    قال فمن الآثار التي يحتج بها مالك ، ما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا كان يوم الجمعة ، قام على كل باب من أبواب المسجد ملائكة ، يكتبون الناس ، الأول فالأول ، فالمهَجَّر إلي الجمعة كالمُهدي بدنة ، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة (1)… " الحديث … فجعل الأول مُهَجَّراً ، و هذه اللفظة إنما هي مأخوذة من الهاجرة و التهجير و ذلك وقت النهوض إلى الجمعة ، و ليس ذلك وقت طلوع الشمس …
    و قال النووي في الرد علي قول مالك و من وافقه : " … و معلوم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخرج إلى الجمعة متصلاً بالزوال ، و كذلك جميع الأئمة في جميع الأمصار ، و ذلك بعد انقضاء الساعة السادسة فدل عليى أنه لا شيء من الهدى و الفضيلة لمن جاء بعد الزوال و لا يكتب له شيء أصلاً ، لأنه جاء بعد طي الصحف ، و لأن ذكر الساعات إنما كان للحث علي التبكير إليها و الترغيب في فضيلة السبق و تحصيل فضيلة الصف الأول و انتظارها و الاشتغال بالتنفل و الذكر و نحوه ، و هذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال شيء منه و لا فضيلة للمجيء بعد الزوال ، لأن النداء يكون حينئذ و يحرم التأخير عنه … " (2).
    و قال ابن قدامة في الرد علي قول مالك أيضاً : " … و أما قول مالك فمخالف للآثار ، لأن الجمعة يُستحب فعلها عند الزوال ، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يبكر بها ، و متى خرج الإمام طويت الصحف ، فلم يُكتب من أتى الجمعة بعد ذلك ، فأي فضيلة لهذا ؟ ! …. (3)
    و قال ابن القيم في الرد علي أدلة مالك و من وافقه :
    " قلت : و مدار إنكار التبكير أول النهار على ثلاثة أمور (4):
    إحداها : على لفظة الرواح ، و أنها لا تكون إلا بعد الزوال .
    و الثاني : لفظة التهجير ، و هي إنما تكون بالهاجرة وقت شدة الحر .
    و الثالث : عمل أهل المدينة ، فإنهم لم يكونوا يأتون من أول النهار .
    فأما لفظة الرواح ، فلا ريب أنها تطلق على المضي بعد الزوال ، و هذا إنما يكون في الأكثر إذا قُرنت بالغدو ، كقوله تعالى : ( غدوها شهر و رواحها شهر ) ، و قوله صلى الله عليه و سلم : " من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلاً في الجنة كلما غدا أو راح " … (1)
    و قد يطلق الرواح بمعنى الذهاب و المضي ، و هذا إنما يجيء إذا كانت مجردة عن الاقتران بالغدو .
    و قال الأزهري في التهذيب : سمعت بعض العرب يستعمل الرواح في السير في كل وقت ، يقال : راح القوم : إذا ساروا ، و غدوا كذلك … و من ذلك ما جاء في الأخبار الصحيحة الثابتة ، و هو بمعنى المضي إلي الجمعة و الخفة إليها ، لا بمعنى الرواح بالعشي .
    و أما لفظ التهجير و المهجَّر ، فمن الهجير و الهاجرة ، قال الجوهري : هي نصف النهار عند اشتداد الحر ، تقول منه : هجَّر النهار … و يقال أتينا أهلنا مهجَّرين ، أي في وقت الهاجرة و التهجير ، و التهجُّر : السير في الهاجرة ، فهذا ما يقرر به قول أهل المدينة .
    قال آخرون : الكلام في لفظ التهجير كالكلام في لفظ الرواح ، فإنه يطلق و يراد به التبكير .
    قال الأزهري في التهذيب : روى مالك عن سُمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو يعلم الناس ما في التهجير لاستبقوا إليه " (2).
    وفى حديث آخر مرفوع : " المهجّر إلى الجمعة كالمهدى بدنة "
    قال و يذهب كثير من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث تفعيل من الهاجرة وقت الزوال ، و هو غلط ، و الصواب فيه ما روى أبو داود المصاحفي عن النضر بن شُميل أنه قال : التهجير إلي الجمعة و غيرها : التبكير و المبادرة إلى كل شيء ، قال : سمعت الخليل يقول ذلك . قاله في تفسير هذا الحديث .
    قال الأزهري : و هذا صحيح ، و هي لغة أهل الحجاز و من جاورهم من قيس …
    قال الأزهري : و سائر العرب يقولون : هجَّر الرجل : إذا خرج وقت الهاجرة …
    قال ابن القيم : و أما كون أهل المدينة لم يكونوا يروحون إلى الجمعة أوَّل النهار ، فهذا غاية عملهم في زمان مالك رحمه الله ، و هذا ليس بحجة ، و لا عند من يقول : إجماع أهل المدينة حجة ، فإن هذا ليس فيه إلا تركُ الرواح إلى الجمعة من أول النهار ، و هذا جائز للضرورة ، و قد يكون اشتغال الرجل بمصالحه و مصالح أهله و معاشه و غير ذلك من أمور دينه و دنياه أفضل من رواحه إلى الجمعة من أول النهار .
    و لا ريب أن انتظار الصلاة بعد الصلاة و جلوس الرجل في مصلاه حتى يصلي الصلاة الأخرى ، أفضل من ذهابه و عوده في وقت آخر للثانية ، كما قال صلى الله عليه و سلم : " و الذي ينتظر الصلاة ثم يُصليها مع الإمام أفضل من الذي يصلي ثم يروح إلى أهله "(1) ، و أخبر أن الملائكة لم تزل تصلي عليه مادام في مصلاه "(2) و أخبر " أن انتظار الصلاة بعد الصلاة مما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ، و أنه الرَّباط "(3) و أخبر " أن الله يُباهي ملائكته بمن قضى فريضة و جلس ينتظر أخرى " (4).
    و هذا يدل على أن من صلَّى الصبح ، ثم جلس ينتظر الجمعة ، فهو أفضل ممن يذهب ثم يجيء في وقتها ، و كون أهل المدينة و غيرهم لا يفعلون ذلك ، لا يدل على أنه مكروه ، فهكذا المجيء إليها و التبكير في أول النهار "(5) .
    و قال الخطابي في شرح هذا الحديث : " معنى راح قصد الجمعة و توجه إليها مبكراً قبل الزوال .
    قال : و إنما تأولناه هكذا لأنه لا يتصور أن يبقى بعد الزوال خمس ساعات في وقت الجمعة .
    قال : و هذا شائع الكلام ، تقول : راح فلان بمعنى قصد ، و إن كان حقيقة الرواح بعد الزوال و الله أعلم (6).
    و اختلف في المراد بالساعات ، أهو المتبادر إلي الذهن من العرف فيها ، قال الحافظ : " و فيه نظر : إذ لو كان ذلك المراد لاختلف الأمر في اليوم الشاتي و الصائف ، لأن النهار ينتهي في القصر إلى عشر ساعات ، و في الطول إلى أربع عشرة . و هذا الإشكال للقفَّال ، و أجاب عنه القاضي حسين بأن المراد بالساعات ما لا يختلف عدده بالطول و القصر ، فالنهار اثنتا عشرة ساعة ، لكن يزيد كل منها و ينقص ، و الليل كذلك ، و هذه تسمى الساعات الآفاقية عند أهل الميقات و تلك التعديلية ، و قد روى أبو داود و النسائي و صححه الحاكم من حديث جابر مرفوعاً : " يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة " و هذا و إن لم يرد في حديث التبكير ، فيستأنس به في المراد بالساعات .
    و قيل : المراد بالساعات بيان مراتب المبكرين من أول النهار إلي الزوال ، و أنها تنقسم إلى خمس . و تجاسر الغزالي فقسمها برأيه ، فقال : الأولى من طلوع الفجر إلي طلوع الشمس ، و الثانية إلي ارتفاعها ، و الثالثة إلي انبساطها ، و الرابعة إلى أن ترمص الأقدام ، و الخامسة إلى الزوال .
    و اعترضه ابن دقيق العيد بأن الرد إلى الساعات المعروفة أولى ، و إلا لم يكن لتخصيص هذا العدد بالذكر معنى ، لأن المراتب متفاوتة جداً … " (1).

    فائدة :
    قال النووي : " من جاء في أول ساعة من هذه الساعات و من جاء في آخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو غيرهما ، و لكن بدنة الأول أكمل من بدنة من جاء في آخر الساعة ، و بدنة المتوسط متوسطة … " (2).



    يتـــــبع




    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  7. #17
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    8-استحباب المشي إليها و عدم الركوب من غير عذر :

    قال ابن قدامة : " و المستحب أن يمشي و لا يركب ، لقوله : ( و مشي و لم يركب ) (1). و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه لم يركب في عيد و لا في جنازة (2). و الجمعة في معناهما ، و إنما لم يذكرها ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان باب حجرته شارعاً في المسجد يخرج منه إليه ، فلا يحتمل الركوب . و لأن الثواب علي الخطوات …. " (3).
    قال النووي : " … قوله صلى الله عليه و سلم : ( و مشى و لم يركب ) فقد قدمنا عن حكاية الخطابي عن الأثرم أنه للتأكيد ، و أنهما بمعنى . و المختار أنه احتراز من شيئين : أحدهما : نفي توهم حمل المشي علي المضي و الذهاب و إن كان راكباً . و الثاني : نفي الركوب بالكلية ، لأنه لو اقتصر علي المشي لاحتمل أن المراد وجود شيء من المشي و لو في بعض الطريق ، فنفى ذلك الاحتمال و بين أن المراد مشي جميع الطريق و لم يركب في شيء منها … " (4).
    قال ابن قدامة في المغني : " و يستحب أن يكون عليه السكينة و الوقار في حال مشيه ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم : " إذا سمعتم الإقامة فامشوا و عليكم السكينة و الوقار ، و لا تُسرعوا "(5) و لأن الماشي إلي الصلاة في صلاة ، و لا يشبك بين أصابعه ، و يقارب بين خطاه ، لتكون أكثر لحسناته ، و قد روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه خرج مع زيد بن ثابت إلي الصلاة ، فقارب بين خطاه ، ثم قال : " إنما فعلتُ لتكثر خطانا في طلب الصلاة " (6)" (7).
    قال النووي في شرح المهذب : " … و اتفقت نصوص الشافعي و الأصحاب علي أن السنة أن يمشي إلي الجمعة بسكينة و وقار ، و به قال جمهور العلماء من الصحابة و التابعين و من بعدهم … و أما قول الله تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله ) فمعناه : اذهبوا و امضوا لأن السعي يطلق علي الذهاب و علي العدو ،فبينت السنة المراد به " (1).
    و قد بوب البخاري في صحيحه باب المشي إلي الجمعة و قول الله جل ذكره ( فاسعوا إلي ذكر الله ) … و أورد حديث " لا تأتوها و أنتم تسعون "(2) . قال الحافظ : " إِشارة منه إلى أن السعي المأمور به في الآية غير السعي المنهي عنه في الحديث ، و الحجة فيه أن السعي في الآية فسر بالمضي ، و السعي في الحديث فسر بالعَدو لمقابلته بالمشي حيث قال : " لا تأتوها تسعون و ائتوها تمشون " "(3)
    قال ابن قدامة في المغني : " و روينا عن بعض الصحابة أنه مشى إلي الجمعة حافياً فقيل له في ذلك ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من اغبرت قدماه في سبيل الله ، حرمها الله علي النار " " (4)(5).
    فائدة :
    قال علماء التفسير : في التعبير بقوله : ( فاسعوا إلي ذكر الله … ) لطيفة، و هي أنه ينبغي للمؤمن أن يقوم إلي صلاة الجمعة بجد و نشاط و عزيمة و همة …
    قال الحسن : " و الله ما هو سعي الأقدام ، و لقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا و عليهم السكينة و الوقار ، و لكن بالقلوب و النية و الخشوع . و قال قتادة : السعي أن تسعى بقلبك و عملك (6).



    يتـــــبع




    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  8. #18
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    عدم تخطي الرقاب :

    و ذلك لقوله صلى الله عليه و سلم للذي جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة : " اجلس فقد آذيت و آنيت "(1) .
    و اختلف العلماء في حكم التخطي على أقوال :
    الأول : الكراهة إلا أن يكون قدامهم فرجة لا يصلها إلا بالتخطي ، فلا يكره حينئذ .
    و هو مذهب الشافعية (2)و رواية عن أحمد(3) ، و به قال الأوزاعي و آخرون .
    قال أحمد : يدخل الرجل ما استطاع ، و لا يدع بين يديه موضعاً فارغاً ، فإن جهل فترك بين يديه خالياً فليتخطَّ الذي يأتي بعده ، و يتجاوز إلى الموضع الخالي ، فإنه لا حرمة لمن ترك بين يديه خالياً ، و قعد في غيره .
    و قال الأوزاعي : يتخطاهم إلى السعة ، و قال قتادة : يتخطاهم إلى مصلاه .
    و قال الحسن : تخطوا رقاب الذين يجلسون على أبواب المساجد ، فإنه لا حرمة لهم(4) .
    الثاني : الكراهة مطلقاً .
    حكاه ابن المنذر عن سلمان الفارسي و أبي هريرة و سعيد بن المسيب و عطاء .
    و روي عن أحمد : إن كان يتخطى الواحد و الاثنين فلا بأس لأنه يسير فعفي عنه ، و إن كثر كرهناه (5) . و حمل ابن قدامة هذه الرواية في حق من لم يفرطوا ، و إنما جلسوا في أماكنهم لامتلاء ما بين أيديهم ، لكن فيه سعة يمكن الجلوس فيه لازدحامهم (*).
    قال ابن عثيمين : و لكن الذي أرى أنه لا يتخطى حتى و لو إلى فرجة ، لأن العلة و هي الأذية موجودة ، و كونهم لا يتقدمون إليها قد يكون هناك سبب من الأسباب ، مثل أن تكون الفرجة في أول الأمر ليست واسعة ثم مع التزحزح اتسعت فحينئذ لا يكون منهم تفريط ، فالأولى الأخذ بالعموم و هو ألا يتخطى إلى فرجة(6).
    الثالث : الكراهة إذا جلس الإمام على المنبر ، و لا بأس قبله، و هو قول مالك .

    الرابع : التحريم ،و هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه(1) . و اختاره ابن المنذر و قال : لأن الأذى يحرم قليله ، يحرم كثيره ، و هذا أذى كما جاء في الحديث الصحيح …(2).
    و قال ابن عثيمين : و الصحيح أن تخطي الرقاب حرام في الخطبة و غيرها ، لقول النبي صلى الله عليه و سلم لرجل رآه يتخطى رقاب الناس : " اجلس فقد آذيت " (3)
    و أما الإمام فلا يكره له التخطي إذا لم يجد طريقاً ، لأنه موضع حاجة (4).فإن كان يمكن الوصول إلى مكانه بلا تخط فإنه كغيره في التخطي ، لأن العلة واحدة(5) .
    و يلحق بالإمام في انتفاء الكراهة في التخطي من عرضت له حاجة فخرج لها ثم رجع، لأنه قاصد للوصول لحقه ، و إنما الحرج على من تأخر عن المجيء ثم جاء فتخطى (6).
    و كذا إذا لم يمكن الصلاة إلا بالدخول و تخطيهم جاز ، لأنه موضع حاجة (7).


    يتـــــبع

    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  9. #19
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    شروط صلاة الجمعة



    تنقسم شروط صلاة الجمعة إلى قسمين :


    أولاً : شروط الوجوب المتفق عليها:

    و هما شرطان في وجوب جميع الأحكام الشرعية و صحتها باتفاق الأمة و الأدلة متوافرة علي ذلك :

    1- الاسلام :
    فلقوله تعالى ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، و لأن في إيجاب ذلك عليهم تنفيراً ، فعفي عنه ، و قال صلى الله عليه و سلم في حديث معاذ : " ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، و أن محمداً رسول الله ، فإن هم أجابوك لذلك ، فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم و الليلة " (1).
    و كذا قوله تعالى : ( و ما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ) [ التوبة : 54 ] قال أهل العلم : فإذا كانت النفقات مع كون نفعها متعدياً لا تقبل منهم ، فالعبادات التي نفعها غير متعد من باب أولى لا تقبل منهم (2).
    قال النووي في المجموع : " … و أما الكافر الأصلي فاتفق أصحابنا في كتب الفروع على أنه لا تجب عليه الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و غيرها من فروع الإسلام . و أما في كتب الأصول فقال جمهورهم هو مخاطب بالفروع كما هو مخاطب بأصل الإيمان . و قيل : لا يخاطب بالفروع . و قيل : يخاطب بالمنهي عنه كتحريم الزنا و السرقة و الخمر و الربا و أشباهها دون المأمور به كالصلاة .
    و الصحيح الأول ، و ليس هو مخالفاً لقولهم في الفروع ، لأن المراد هنا غير المراد هناك ، فمرادهم في كتب الفروع أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم ، و إذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي ، و لم يتعرضوا لعقوبة الآخرة . و مرادهم في كتب الأصول : أنهم يعذبون عليها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر ، فيعذبون عليها و على الكفر جميعاً ، لا على الكفر وحده ، و لم يتعرضوا للمطالبة في الدنيا ، فذكروا في الأصول حكم أحد الطرفين ، و في الفروع حكم الطرف الآخر و الله أعلم "(3).
    و أما المرتد فيلزمه الصلاة في الحال ، و إذا أسلم لزمه قضاء ما فات في الردة .
    قال النووي في المجموع : " قال الشافعي و الأصحاب : يلزم المرتد إذا أسلم أن يقضي كل ما فاته في الردة أو قبلها ، و هو مخاطب في حال الردة بجميع ما يخاطب به المسلم ، و إذا أسلم لا يلزمه إعادة ما كان فعله قبل الردة من حج و صلاة و غيرهما و الله أعلم "(1) .
    و قال الشيرازي في المهذب : " و إن كان مرتداً وجبت عليه ، و إذا أسلم لزمه قضاؤها ، لأنه اعتقد وجوبها و قدر على التسبب إلى أدائها ، فهو كالمحدث "(2) .



    2- العقل :
    فلقوله صلى الله عليه و سلم : " رفع القلم عن ثلاثة ، عن النائم حتى يستيقظ ، و عن الصبي حتى يشب ، و عن المعتوه حتى يعقل "(3) . و في رواية : " و عن المجنون حتى يفيق "(4) .
    و زوال العقل إما أن يكون بجنون ، و يلحق به كل من زال عقله بسبب مباح ، و أن يكون بسبب محرم ، كمن شرب المسكر أو تناول دواء من غير حاجة فزال عقله .
    فأما الأول : و هو من زال عقله بسبب غير محرم ، كمن جن أو أغمى عليه ، أو زال عقله بمرض أو بشرب دواء لحاجة أو أكره علي شرب مسكر فزال عقله ، فهذا قال فيه النووي : " … لا صلاة عليه ، و إذا أفاق فلا قضاء عليه بلا خلاف للحديث ، سواء قل زمن الجنون و الإغماء أم كثر . هذا مذهبنا .و قال أبو حنيفة رحمه الله : إن كان الإغماء دون يوم و ليلة لزمه قضاء ما فات فيه ، و إن كان أكثر فلا .و نقل ابن حزم عن عمار بن ياسر و عطاء و مجاهد و إبراهيم النخعي و حماد بن أبي سليمان و قتادة أن المغمى عليه يقضي .
    دليلنا القياس على المجنون و على ما فوق يوم و ليلة … "(5) .
    و قال ابن قدامة في المغني : " و المجنون غير مكلف ، و لا يلزمه قضاء ما ترك في حالة جنونه ، إلا أن يُفيق في وقت الصلاة ، فيصير كالصبي يبلغ ، و لا نعلم في ذلك خلافاً … "(6) .
    و قال الحزمي : ( و المغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت في حال إغمائه ) .
    قال ابن قدامة : " و جملة ذلك أن المغمى عليه حكمه حكم النائم ، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها علي النائم ، كالصلاة و الصيام .
    و قال مالك و الشافعي : لا يلزمه قضاء الصلاة إلا بعد أن يُفيق في جزء من وقتها …
    و قال أبو حنيفة : إن أغمى عليه خمس صلوات قضاها ، و إن زادت سقط فرض القضاء في الكل ، لأن ذلك يدخل في التكرار فأسقط القضاء ، كالمجنون … " (1).
    قال ابن قدامة : " و لنا ما روي أن عماراً غشي عليه أياماً لا يُصلي ثم استفاق بعد ثلاث ، فقيل : هل صليت ؟ فقال : ما صليتُ منذ ثلاث (2). فقال أعطوني وضوءاً فتوضأ ، ثم صلى تلك الليلة . و روى أبو مجْلز أن سمرة بن جندب قال : المغمى عليه يترك الصلاة ، أو فيترك الصلاة ، يُصلي مع كل صلاةٍ صلاةً مثلها . قال : قال عمران : زعم ، و لكن ليصليهن جميعاً . روى الأثرم هذين الحديثين في سننه . و هذا فعل الصحابة و قولهم ، و لا نعرف لهم مخالفاً فكان إجماعاً ، و لأن الإغماء لا يُسقط فرض الصيام ، و لا يؤثر في استحقاق الولاية علي المغمى عليه ، فأشبه النوم …
    و لا يصح قياسه على المجنون ، لأن المجنون تتطاول مدته غالباً ، و قد رفع القلم عنه ، و لا يلزمه صيام و لا شيء من أحكام التكليف ، و تثبت الولاية عليه ، و لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام ، و الإغماء بخلافه ، و ما لا يؤثر في إسقاط الخمس لا يؤثر في إسقاط الزائد عليها ، كالنوم " (3).
    و دعوى الإجماع لا يسلم لها ، فقد ذكر الدارقطني و البيهقي في سننهما عن ابن عمر أنه أغمي عليه يوماً و ليلة فلم يقض . و في رواية : ثلاثة أيام و لياليهن . و روى محمد بن الحسن عنه القضاء في اليوم و الليلة (4).
    و أما الثاني : و هو من زال عقله بسبب محرم ، بأن شرب المسكر عمداً عالماً به مختاراً ، أو شرب دواء لغير حاجة و هو مما يزول به العقل فزال عقله ، فلا تصح صلاته في ذلك الحال ، فإذا عاد عقله لزمه القضاء .
    قال ابن قدامة : " … و أما السكر و من شرب محرماً يزيل عقله وقتاً دون وقت ، فلا يؤثر في إسقاط التكليف ، و عليه قضاء ما فاته في حال زوال عقله . لا نعلم فيه خلافاً ، لأنه إذا وجب عليه القضاء بالنوم المباح ، فبالسكر المحرم أولى " (5).

    فائدة :
    قال النووي : " قال أصحابنا رحمهم الله : إذا لم يعلم كون الشراب مسكراً ، أو كون الدواء مزيلاً للعقل لم يحرم تناوله و لا قضاء عليه ، كالإغماء ، فإن علم أن جنسه مسكر ، و ظن أن ذلك القدر لا يسكر وجب القضاء لتقصيره و تعاطيه الحرام .
    و أما ما يزيل العقل من غير الأشربة و الأدوية كالبنج و هذه الحشيشة المعروفة فحكمه حكم الخمر في التحريم و وجوب قضاء الصلوات و يجب فيه التعزير دون الحد . و الله أعلم "(1) .

    3-الذكورية :
    قال ابن قدامة : " و الذكورية شرط لوجوب الجمعة و انعقادها ، لأن الجمعة يجتمع لها الرجال ، و المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال ، و لكنها تصح منها لصحة الجماعة منها ، فإن النساء كن يصلين مع النبي صلى الله عليه و سلم في الجماعة " (1).
    و أخرج أبو داود من حديث طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الجمعة حق واجب علي كل مسلم إلا أربعة : مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض " (2).
    قال النووي : " … نقل ابن المنذر و غيره الإجماع أن المرأة لا جمعة عليها … و نقل ابن المنذر و غيره الإجماع على أنها لو حضرت و صلت الجمعة جاز ، و قد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم في مسجده خلف الرجال ، و لأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام " (3).
    و قال النووي : " … و لا تجب على الخنثى المشكل للشك في الوجوب ، و ممن صرح به القاضي أبو الفتوح و البغوي و صاحب البيان " (4).




    يتـــــبع




    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    13 - 8 - 2008
    ساكن في
    ارض الله الواسعه
    العمر
    39
    المشاركات
    232
    النوع : ذكر Egypt

    افتراضي


    ثانياً : الشروط المختلف عليها :

    1-البلوغ :

    لقوله صلى الله عليه و سلم : " رواح الجمعة واجب على كل محتلم " (*).
    قال ابن قدامة : " … و أما البلوغ فهو شرط أيضاً لوجوب الجمعة و انعقادها في الصحيح من المذهب ، و قول أكثر أهل العلم ، لأنه من شرائط التكليف ، بدليل قوله عليه السلام : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ )(5) .
    و ذكر بعض أصحابنا في الصبي المميز رواية أخرى أنها واجبة عليه بناء علي تكليفه ، و لا مُعَوَّل عليه " (6).


    و سبق ذكر حديث طارق بن شهاب مرفوعاً عند أبي داود " الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة : مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض " .
    و لكن الصبي يؤمر بها لسبع و يضرب عليها لعشر ، لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه و سلم في حديث سبرة " مروا أبنائكم عليها لسبع و اضربوهم لعشر "(1) .
    قال النووي : " و اعلم أن قوله صلى الله عليه و سلم : ( مروا أولادكم بالصلاة ) ليس أمراً منه صلى الله عليه و سلم للصبي ، و إنما هو أمر للولي فأوجب على الولي أن يأمر الصبي . و هذه قاعدة معروفة في الأصول أن الأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بالشيء ما لم يدل عليه دليل. اهـ
    قال أصحابنا : و يأمره الولي بحضور الصلوات في الجماعة و بالسواك و سائر الوظائف الدينية .



    2-الحرية :
    فلا تجب على العبد لحديث طارق بن شهاب عند أبي داود مرفوعاً : " الجمعة حق واجب علي كل مسلم إلا أربعة : مملوك " .
    قال ابن قدامة في المغني : " فأما العبد ، ففيه روايتان : أحدهما : لا تجب عليه الجمعة …
    و الثانية : تجب عليه ، و لا يذهب من غير إذن سيده . نقلها المَرُّوزي و اختارها أبو بكر ، و بذلك قالت طائفة ، إلا أن له تركها إذا منعه السيد ، و احتجوا بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله ) و لأن الجماعة تجب عليه ، و الجمعة آكد منها ، فتكون أولى بالوجوب . و حكي عن الحسن و قتادة أنها تجب على العبد الذي يؤدي الضريبة ، لأن حقه عليه قد تحول إلى المال ، فأشبه من عليه الدين ".
    قال ابن قدامة : " و لنا ما روى طارق بن شهاب عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض " و لأن الجمعة يجب السعي إليها من مكان بعيد ، فلم تجب عليه ، كالحج و الجهاد ، و لأنه مملوك المنفعة ، محبوس على السيد ، أشبه المحبوس بالدَّين ، و لأنها لو وجبت عليه لجاز له المضي إليها من غير إذن سيده ، و لم يكن لسيده منعه منها كسائر الفرائض ، و الآية مخصوصة بذوي الأعذار ، و هذا منهم " (1).
    و ذهب السعدي إلى أن الجمعة و الجماعة تجب على العبيد و الأرقاء ، لأن النصوص عامة في دخولهم ، و لا دليل يدل على إخراج العبيد و ضعف حديث طارق بن شهاب و قال : ضعيف الإسناد . و ذهب إلى العمل بعموم حديث حفصة عن النسائي مرفوعاً " رواح الجمعة واجب على كل محتلم " ، قال : و هو عام في الحر و المملوك ، و الأصل : أن المملوك حكمه حكم الحر في جميع العبادات البدنية التي لا تعلق لها بالمال (2).
    و قال شيخ الإسلام : تجب إذا أذن له سيده . و هي الرواية الثالثة في مذهب أحمد (3).
    قال ابن عثيمين :و هذا قول وسط بين قول من يلزمه جمعة مطلقاً، و قول من لا يلزمه مطلقاً (4).



    3-الإقامة :
    فأكثر العلماء أن المسافر في غير معصية لا جمعة عليه .
    قال ابن قدامة : " و أما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه … قاله مالك في أهل المدينة ، و الثوري في أهل العراق ، و الشافعي ، و إسحاق ، و أبو ثور ، و روي ذلك عن عطاء ، و عمر بن عبد العزيز و الحسن و الشعبي . و حكي عن الزهري و النخعي أنها تجب عليه ، لأن الجماعة تجب عليه ، فالجمعة أولى .
    قال ابن قدامة : و لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره ، و كان في حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة ، فصلى الظهر و العصر ، و جمع بينهما ، و لم يصل جمعة ، و الخلفاء الراشدون رضى الله عنهم ، كانوا يسافرون للحج و غيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره ، و كذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و من بعدهم .
    و قد قال إبراهيم : كانوا يقيمون بالريَّ السنة و أكثر من ذلك ، و بسجستان لا يُجَمَّعون و لا يُشَرَّقون . و عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال : أقمت معه سنتين بكابُل ، يقصُر الصلاة و لا يُجَمَّع . رواها سعيد . و أقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يُجَمَّع . ذكره ابن المنذر . و هذا إجماع مع السنة الثابتة فيه ، فلا يسوغ مخالفته " (1).
    و قال في كشاف القناع : " … و لو أقام المسافر سفر طاعة أربعة أيام فأكثر لزمته بغيره " (2).
    و قال النووي في المجموع : " … لا تجب الجمعة على المسافر هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا ، و حكاه ابن المنذر و غيره عن أكثر العلماء . و قال الزهري و النخغي : إذا سمع النداء لزمته .
    قال أصحابنا : و يستحب له الجمعة للخروج من الخلاف ، و لأنها أكمل . هذا إذا أمكنه" .
    قال : " و اتفق أصحابنا على سقوط الجمعة عن المسافر ، و لو كان سفره قصيراً ، فإن نوى إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول و الخروج لزمته بلا خلاف … و إن نوى إقامة دون أربعة أيام فلا جمعة عليه هذا كله في غير سفر المعصية ، أما سفر المعصية فلا تسقط الجمعة بلا خلاف " (3).
    و ذهب ابن حزم إلى وجوب الجمعة على المسافر في سفره : " قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ) [ الجمعة : 9 ] .
    قال : هذا خطاب لا يجوز أن يخرج منه مسافر و لا عبد بغير نص من رسول الله صلى الله عليه و سلم … " (4).
    و قال الصنعاني : " و لا تجب على النازل لأنه داخل في لفظ المسافر ، و إليه ذهب جماعة من الآل أيضاً و هو الأقرب ، لأن أحكام السفر باقية له ، من القصر و نحوه ، و لذا لم ينقل أنه صلى الله عليه و سلم صلى الجمعة بعرفات في حجة الوداع لأنه كان مسافراً "(1) .مما سبق نخلص إلى أن أقوال العلماء في وجوب الجمعة على المسافر في غير معصية يمكن تلخيصها كالآتي :
    الأول : أنه غير مطالب بها مطلقاً لا بنفسه و لا بغيره ، و الأفضل حضورها لأنها أكمل و هذا مذهب جماهير العلماء .
    الثاني : أنه غير مطالب بها بنفسه ، بمعنى أنه لو وجد جماعة مسلمون مسافرون عددهم مائة مثلاً ، و ليس بينهم مستوطنون غير مسافرون ممن تنعقد بهم الجمعة ، فلا تلزمهم الجمعة ، و في صحتها منهم لو صلوها خلاف
    و لكنه يطالب بها بغيره ، بمعنى أنه لو وجد جماعة مسلمون مسافرون في بلد تقام فيه الجمعة لزمتهم الجمعة بغيرهم ، لعموم الأدلة في إجابة النداء ليوم الجمعة .
    و على هذا يمكن حمل كلام من أهل العلم ممن يلزمون المسافر بالجمعة علي ذلك ، كالزهري و النخعي حيث نقل النووي عنهم : إذا سمع النداء لزمته …
    و إلى هذا القول ذهب الشيخ ابن عثيمين حفظه الله حيث قال : " أما المسافر في بلد تقام فيه الجمعة ، كما لو مر إنسان في السفر ببلد و دخل فيه ليقيل ، و يستمر في سيره بعد الظهر فإنها تلزمه الجمعة لعموم قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله و ذروا البيع ) [ الجمعة : 9 ] و هذا عام ، و لم نعلم أن الصحابة الذين يفدون على رسول الله صلى الله عليه و سلم و يبقون إلى يوم الجمعة يتركون صلاة الجمعة ، بل إن ظاهر السنة أنهم يصلون مع النبي صلى الله عليه و سلم "(2).
    فإن قيل : و لم لا يدخل المسافر في عموم الآية في إلزامه بالجمعة إذا كانوا جماعة تنعقد بهم جمعة ، و ما وجه التفريق بين هذا و ذاك ؟
    فالجواب أنه في هذا الحال فلا نداء أصلاً ليدخل المسافر في عمومه ، و نحن نقول إن كان هناك نداء للجمعة لزمه الإجابة ، و لا نلزمه هو بإحداث هذا النداء .

    قال النووي : " قال أصحابنا : الناس في الجمعة ستة أقسام :
    أحدهما : من تلزمه و تنعقد به ، و هو الذكر الحر البالغ العاقل المستوطن الذي لا عذر له .
    الثاني : من تنعقد به و لا تلزمه و هو المريض و الممرض و من في طريقه مطر و نحوهم من المعذورين ، و لنا قول شاذ ضعيف جداً أنها لا تنعقد بالمريض .. حكاه الرافعي .
    الثالث : من لا تلزمه و لا تنعقد به و لا تصح منه ، و هو المجنون و المغمى عليه و كذا المميز و العبد و المسافر و المرأة و الخنثى .
    الخامس(1) : من لا تلزمه و لا تصح منه و هو المرتد .
    السادس : من تلزمه و تصح منه و في انعقادها به خلاف وهو المقيم غير المستوطن ففيه الوجهان المذكوران في الكتاب ، أصحهما : لا تنعقد به " (2).



    5-عدم العذر ، سواء كان العذر لمرض أو مطر أو خوف .

    و أما المرض ، فلحديث طارق بن شهاب مرفوعاً عند أبي داود " الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة : مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض " .
    قال النووي : " لا تجب الجمعة على المريض سواء فاتت الجمعة على أهل القرية بتخلفه لنقصان العدد أم لا ، لحديث طارق و غيره . قال البندنيجي : لو تكلف المريض المشقة و حضر كان أفضل .
    قال أصحابنا :المرض المسقط للجمعة هو الذي يلحق صاحبه بقصد الجمعة مشقة ظاهرة غير محتملة .قال المتولي : و يلتحق بالمريض في هذا من به إسهال كثير . قال : فإن كان بحيث [ لا ](1) يضبط نفسه حرم عليه حضور الجمعة لأنه لا يؤمن تلويثه المسجد . قال إمام الحرمين : فهذا المرض المسقط للجمعة أخف من المرض المسقط للقيام في الفريضة " (2).
    و قال : " الأعمى إن وجد قائداً متبرعاً أو بأجرة المثل و هو واجدها لزمته الجمعة و إلا فلا تجب عليه . هكذا أطلقه المصنف(3) و الجمهور ، و قال القاضي حسين و المتولي : تلزمه إن أحسن المشي بالعصا بلا قائد . هذا تفصيل مذهبنا . و ممن قال بوجوب الجمعة على الأعمى الذي يجد قائداً مالك و أحمد و أبو يوسف و محمد و داود ، و قال أبو حنيفة : لا تجب " (4).
    و أما المطر ، فلحديث ابن عمر : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الباردة : ( صلوا في رحالكم ) . و المطر الذي يعذر به هو الذي يبل الثياب ، لأن في الخروج فيه مشقة .
    و بوب البخاري باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر ، و أورد حديث ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله ، فلا تقل : حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم ، فكأن الناس استنكروا ، قال : فعله من هو خير مني ، إن الجمعة عزمة ، و إني كرهت أن أُحرجكم فتمشون في الطين و الدحض (*)، و الدحض هو الزلق .
    قال الحافظ : و به قال الجمهور . و منهم من فرق بين قليل المطر و كثيره ، و عن مالك : لا يرخص في تركها بالمطر . و حديث ابن عباس هذا حجة في الجواز(**) أ ﻫ.

    و مثل المطر في المشقة الريح أو العواصف الشديدة و البرد الشديد غير المعتاد و الذي يشق على الناس الخروج فيه للصلاة ، و كل أمر تلحق الناس فيه مشقة عظيمة يعذرون به في ترك الجمعة و الجماعة .
    و ذهب بعض العلماء إلى البرد الشديد لا يبيح التخلف عنها بلا ريح لسهولة اتقائه ، و لا الريح دون برد لأنها لا تضر إلا إذا آذت الأعين و عاقت المسير ، فمدار الأمر إذن المشقة .
    و حكي عن مالك أنه كان لا يجعل المطر عذراً في التخلف عن الجمعة .
    و أما الخوف ، فلحديث ابن عباس مرفوعاً قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا : و ما المعذور ؟ قال : " خوف أو مرض ، لم تقبل منه الصلاة التي صلى " (1).
    و الخوف ثلاثة أنواع :
    أحدهما : الخوف على المال من سلطان أو لص ، أو يكون له خبز في تنور أو طبيخ على النار و ما أشبه ذلك ، فهذا كله عذر عن الجمعة و الجماعة ، لأنه خوف فيدخل في عموم الحديث .
    الثاني : الخوف على نفسه ، مثل أن يخاف من سلطان يأخذه أو عدد أو سبع أو سيل .
    الثالث : الخوف على ولده و أهله أن يضيعوا ، أو يكون ولده ضائعاً و يرجو وجوده في تلك الحال فيعذر بذلك لأنه خوف (2).


    5-هل يشترط عدد معين للجمعة ؟
    اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافاً كثيراً ، قال الحافظ في الفتح : " و جملة ما للعلماء فيه خمسة عشر قولاً :
    الأول : تصح من الواحد . نقله ابن حزم(1) .
    الثاني : اثنان كالجماعة . و هو قول النخعي و أهل الظاهر و الحسن بن حي(2) .
    الثالث : اثنان مع الإمام ، عند أبي يوسف و محمد(3) .
    الرابع : ثلاثة معه . عند أبي حنيفة(4) .
    الخامس : سبعة ، عند عكرمة(5) .
    السادس : تسعة ، عند ربيعة(6) .
    السابع : اثنا عشر ، عنه في رواية(7) .
    الثامن : مثله غير الإمام ، عند إسحاق(1) .
    التاسع : عشرون في رواية ابن حبيب عن مالك(2) .
    العاشر : ثلاثون ، كذلك(3) .
    الحادي عشر : أربعون بالإمام عند الشافعي(4) .
    الثاني عشر : غير الإمام عنه ، و به قال عمر بن عبد العزيز و طائفة(5) .
    الثالث عشر : خمسون عن أحمد في رواية ، و حكى عن عمر عبد العزيز(6) .
    الرابع عشر : ثمانون حكاه المازري .
    الخامس عشر : جمع كثير بغير قيد

    قال الحافظ : " و لعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل ، و يمكن أن يزداد العدد باعتبار زيادة شرط كالذكورة و الحرية و البلوغ و الإقامة و الاستيطان فيكمل بذلك عشرون قولاً "(1)
    قال الشوكاني : " و أما اشتراط جمع كثير من دون تقييد بعدد مخصوص فمستنده أن الجمعة شعار ، و هو لا يحصل إلا بكثرة تغيظ أعداء المؤمنين ، و فيه أن كونها شعاراً لا يستلزم أن ينتفي وجوبها بانتفاء العدد الذي يحصل به ذلك ، على أن الطلب لها من العباد كتاباً و سنة مطلق عن اعتبار الشعار ، فما الدليل على اعتباره ؟ نيل الأوطار (3/233 )

    و قد احتجت كل طائفة لقولها ببعض الآثار لا تخلو من ضعف أو مقال ، قال ابن حزم بعد أن ساق الآثار التي احتج بها أصحابها : فكل هذه آثار لا تصح ، ثم لو صحت لما كان في شيء منها حجة ، لأنه ليس في شيء منها إسقاط الجمعة عن أقل من العدد المذكور(2) ، إلا ما أخرجه البيهقي و أبو داود من حديث كعب بن مالك قال : " أول من جمَّع بنا في المدينة سعد بن زرارة قبل مقدم النبي صلى الله عليه و سلم في نقيع الخضمات . قلت – أي عبد الرحمن بن كعب - : كم كنتم ؟ قال : أربعون رجلاً "(3) .
    قال ابن حزم بعد تصحيحه لهذا الخبر : و لا حجة له(4) في هذا ، لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يقل إنه لا تجوز الجمعة بأقل من هذا العدد …(5)
    قال ابن حزم : " و أما حجتنا فهي ما قد ذكرناه قبل من حديث مالك بن الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له : " إذا سافرتما فأذنا و أقيما ، و ليؤمكما أكبركما "(6) ، فجعل عليه السلام للاثنين حكم الجماعة في الصلاة … "(7).
    و قال الشوكاني في النيل : " و اعلم أنه لا مستند لاشتراط ثمانين أو ثلاثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة ، كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد ، و أما من قال أنها تصح باثنين فاستدل بأن العدد واجب بالحديث و الإجماع ، و رأى أنه لم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص ، و قد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين ، و لا فرق بينها و بين الجماعة ، و لم يأت نص من رسول الله صلى الله عليه و سلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا، و هذا القول هو الراجح عندي…"(8).

    ذهب ابن تيميه إلى أنها تنعقد بثلاثة ، قال في الاختيارات :
    " و تنعقد الجمعة بثلاثة ، واحد يخطب و اثنان يستمعان ، و هو إحدى الروايات عن أحمد ، و قول طائفة من العلماء.و قد يقال بوجوبها علىالأربعين لأنه لم يثبت وجوبها على من دونهم ، و تصح ممن دونهم ، لأنه انتقال إلى أعلى الفرضين كالمريض ، بخلاف المسافر فإن فرضه ركعتان "(1).
    و قوى ابن عثيمين مذهب أهل الظاهر و قال : لكن ما ذهب إليه شيخ الإسلام أصح ، إذ لابد من جماعة تستمع ، و أقلها اثنان ، و الخطيب هو الثالث ، و حديث أبي الدرداء(2) يؤيد ما قاله الشيخ(3) .






    يتـــــبع

    اللهم أنت أعلم بى من نفسى ، وأنا أعلم بنفسى منهم
    اللهم إجعلنى خيرا مما يظنون ، واغفر لى مالا يعلمون ولا تؤاخذنى بما يقولون

    البحث على جميع مواضيع العضو المشتاق لرحيق الجنه

 

 
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©