قهوتنا على الانترنت
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 20
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    كووول نشأة الدقهلية التسمية أسبابها و مدلولها


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    قسم العرب بعد فتح مصر أرض الدلتا إلى قسمين هما : الحوف والريف وكان الحوف يشمل الأراضي الواقعة شرق فرع دمياط من عين شمس إلى دمياط وكان الريف عبارة عن بقية أراضى الدلتا إلى الإسكندرية. وجعل العرب مراكز الحوف 14 كورة والريف 31 كورة وكانت الكورة تعادل في مساحتها المركز في الوقت الحاضر. ثم عدل هذا التقسيم في القرن الثالث الهجري وصارت أراضى الدلتا أقسام هي الحوف الشرقي والحوف الغربي وبطن الريف ثم ألغى في عهد الفاطميين واستبدل به تقسيم آخر كانت فيه مصر مقسمة إلى 22 إقليماً منها 13 كورة (إقليم) بالوجه البحري ومنها: (المرتاحية- الشرقية - الدقهلية - الأبوانية).
    و المرتاحيه هو اسم أحد الأقاليم المصرية بالوجه البحري في العهد العربي وكان يقال له كورة المرتاحية، وكان إقليم المرتاحية واقعاً في المنطقة التي تشمل اليوم بلاد مركزي المنصورة وأجا وكان يجاوره من الناحية الشمالية إقليم الدقهلية الذي كان في تلك الوقت واقعاً في المنطقة التي تضم اليوم بلاد مراكز فارسكور ودكرنس ومنية النصر والمنزلة. ومن أهم قرى إقليم الدقهلية في ذلك الوقت "دقهلة" وهي من القرى القديمة وورد ذكرها في كتاب المماليك والمسالك لابن خردوازية باسم كورة دقهلة وإليها ينسب إقليم الدقهلية من وقت الفتح العربي لمصر وكانت مساكن قرية دقهلة القديمة واقعة شرق ترعة الشرقاوية ومكانها الآن يعرف باسم عزبة الكاشف وبسبب ما أصاب مساكنها من تقادم أنشأ سكانها قرية جديدة لهم باسم دقهلة أيضا تقع إلى الشمال الغربي من دقهلة القديمة وعلى بعد كيلو متر واحد منها.
    وأصبحت دقهلة قاعدة كورة الدقهلية من أول الفتح العربي واستمرت قاعدة لإقليم الدقهلية إلى إقليم المرتاحية وصار إقليماً واحداً باسم "أعمال الدقهلية والمرتاحية" وفى تلك السنة نقلت القاعدة من دقهلة إلى أشمون طناح " أشمون الرمان" لتوسطها بين الإقليمين المذكورين.
    و فى اوائل الحكم العثماني اختصر اسم هذا الإقليم الذي يشمل الدقهلية والمرتاحية إلى اسم الدقهلية ونقلت القاعدة إلى المنصورة عام 1527م.
    و كانت حدود هذا التقسيم الإداري الجديد بلدة السنبلاوين جنوباً إلى قرب بلدة شربين شمالاً أما الأراضي الواقعة على ضفتي فرع دمياط فيما يلي هذا الإقليم فكانت تسمى ثغر دمياط أما أراضى الجزء الجنوبي من محافظة الدقهلية الحالية فكانت تسمى إقليم نوسا التي كانت قاعدة إقليم المرتاحية ويشمل الآن مركزي أجا وميت غمر.
    قاعدة مديرية الدقهلية : أنشأها الملك الكامل محمد بن الملك العادل ابى بكر بن أيوب من ملوك الدولة الأيوبية في سنة 616 هـ. ونقل ابن دقماق من كتاب الانتصار عن كتاب تقويم البلدان للمؤيد عماد الدين بأن المنصورة بناها الملك الكامل بن العادل قبالة جوجر عند مفترق النيل على دمياط واشموم، وبينهما جزيرة تسمى البشمور بناها في وجه العدو لما حاصر الفرنج دمياط، قال ابن دقماق: والصواب ان المنصورة قبالة بلدة تسمى طلخة وجوجر بعيده عنها ثم قال: وهي مدينة بها حمامات وأسواق وهي على ضفة النيل الشرقي.
    و ذكرها المقريزى في خططه فقال: إن هذه البلد على راس بحر اشموم (البحر الصغير الآن) تجاه ناحية طلخا، بناها الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب في سنة 616 هـ عندما ملك الفرنج مدينة دمياط، فنزل في موضع هذه البلدة وخيم به ، وبنى قصراً لسكناه وأمر من معه من الأمراء والعساكر بالبناء فبنيت هناك عدة دور ونصبت الأسواق، وأدار عليها سوراً مما يلي البحر (فرع النيل الشرقي) وستره بالآلات الحربية والستائر، وسميت هذه المدينة المنصورة تفاؤلا لها بالنصر ولم يزل بها حتى استرجع مدينة دمياط ، ثم صارت مدينة كبيرة بها المساجد والفنادق والحمامات والأسواق كما ذكرنا.
    وكانت بلد أشمون طناح التي تعرف اليوم باسم اشمون الرمان بمركز دكرنس قاعدة لإقليم الدقهلية والمرتاحية ومقر ديوان الحكم فيه إلى آخر أيام دولة المماليك.
    و لما استولى العثمانيون على مصر رأوا بلدة أشمون الرمان فضلاً عن بعدها عن النيل الذي كان هو الطريق العام للمواصلات في ذاك الوقت قد اضمحلت وأصبحت لا تصلح لإقامة موظفي الحكومة، ولهذا اصدر سليمان الخادم والى مصر آمرا في سنة 933 هـ ، 1527 م بنقل ديوان الحكم من بلدة أشمون الرمان إلى مدينة المنصورة لتوسطها بين بلاد الإقليم وحسن موقعها على النيل وبذلك أصبحت المنصورة عاصمة إقليم الدقهلية ومقر دواوين الحكومة من تلك السنة إلى اليوم.
    و فى سنة 1871م انشئ قسم المنصورة ، وجعلت المنصورة قاعدة له ثم سمى مركز المنصورة من سنة 1881م ولاتساع دائرة المنصورة وكثرة أعمال الإدارة والضبط فيها أصدرت نظارة الداخلية في سنة 1890 قراراً بإنشاء مأمورية خاصة لبندر المنصورة ، وبذلك أصبح البندر منفصلاً عن مركز المنصورة بمأمورية قائمة بذاتها.
    و المنصورة اليوم من اشهر وأكبر مدن الإقليم الجنوبي مشهورة بحسن موقعها على الشاطئ الشرقي لفرع النيل الشرقي فرع دمياط وبمركزها التجاري العظيم بالوجه البحري .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    صور من كفاح شعب الدقلية
    إتجه الاستعمار الأوربي تحت شعار الحملات الصليبية بقواته محاولاً طعن مصر قلب العالم العربي النابض بعد أن تبين له أنه لا بقاء لنفوذه في آي جزء من أجزاء العالم العربي ما دامت مصر بعيدة عن قبضته ولقد استطاعت مصر أن تصد هجمات الصليبيين سواء كانت مباشرة أو ضد البلاد العربية، وتستطيع مصر أن تفخر بهذا الجهاد الذى تقوم به غير مدفوعة إليه بكسب مادي أو توسع إقليمي ولم يخفى ذلك على العرب فكانت حملات متكررة على شمال الوادي والتي أسهمت فيه الدقهلية بالنصيب الأوفر في تحطيم قوى الاستعمار.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    الحروب الصليبية
    لقد كانت الحروب التي أطلق عليها الحروب الصليبية عبارة عن حملات قامت بها أوربا في العصور الوسطى من القرن الحادي عشر إلى القرن السادس عشر الميلادي وظلت متواصلة زهاء قرنين من الزمان لاستعباد الشرق وكسر شوكته وامتصاص دم أبنائه.
    وإن خلع الصفة الدينية على هذه الحروب ينطوي على مجافاة الواقع والحق ذلك لأنها لا تختلف عن أية حروب أخرى اعتاد الغرب أن يشنها على الشرق طمعاً في استعماره ولقد كان إطلاق الصليب على تلك الحروب نفاقاً وبهتاناً لأنها اتخذت من الدين شعاراً تخفى رجال السياسة وراء أهدافهم ولكي يظفر هؤلاء الساسة بتأييد البابوات ورجال الدين عمدوا إلى إثارة التعصب الديني التي كانت تتمشى مع عقلية أوربا في ذلك العصر الذي خيمت علية ظلمة الجهل والرجعية

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    المنصورة ولويس
    أعلن لويس التاسع ملك فرنسا انه سيقود غزوة صليبية هائلة؛ لاستعادة شرف الصليبين الذي فقدوه في المنصورة وانه سيعرف كيف يحقق أهدافه كاملة في الاستيلاء على مصر هكذا زعم لويس المغرور ... وتجمعت جيوش هذه الحملة في قبرص في ربيع سنة 1248 وعلى رأسها الملك القديس كما كانوا يسمونه ومعه زوجته (مرجريت) واخوته وبنو عمه وكثير من الأمراء الإقطاعيين الإنجليز والفرنسيين، أبحرت الحملة التي كان قوامها خمسين آلفا من المقاتلة متجهة إلى الشواطئ المصرية، وألقت مراسيها خارج دمياط كما فعلت الحملة السابقة . وكان ، الملك الصالح أيوب بدمشق حين وصلت الحملة إلى دمياط فلما علم بأخبارها عاد مسرعاً إلى مصر غير أن المنية عاجلته في طريق عودته، فأخفت زوجته "شجر الدر" خبر وفاته لحين عودة ابنه توران شاه من حصن (كيفا) ، وقادت هي حركة المقاومة، ووافقت على الخطة التي وضعها الظاهر (بيبرس البندقدراى) وبناء على هذه الخط أخفى بيبرس القوات المصرية داخل المنصورة، أمر بمنع التجول وأن يلزم المنصوريون مساكنهم لا يخرجون منها إلا بإذن، كما أمر العساكر المصرية الأيوبية تظل في كمانتها حتى صدور الإشارة إليها. ثم دخل الصليبيون بقيادة "روبرت ونت ارتوا" المنصورة ظهر ذلك اليوم من الناحية الشرقية فوجدوا مدينة خالية من المقاومة، وظن رو برت أن عسكر المنصورة وأهلها قد هربوا منها، بعد ان سمعوا ما حل بمعسكر جديلة (قرية قريبه من المنصورة في طريق دمياط كان الصليبيون قد استولوا عليها قبل ذلك بأيام ) وتويت آماله في النصر القريب. وانتشر الفرسان الصليبيون بخيولهم في الشوارع والأزقة والحارات تمهيداً لذهاب روبرت بنفسه إلى القصر السلطاني في أقصى الناحية القريبة من المنصورة التسليم والاعتراف بالنصر الصليبي التام . غير أن روبرت كان مخدوعاً، إذ لم يكد يقترب من القصر السلطاني حتى صدرت أوامر القائد (بيبرس البندقدارى) بيده حركة تطويقية متفق عليها فأباد الجنود المصريون ورجال المقاومة، أعدادا ضخمة من الخيالة الصليبية المنتشرة في الشوارع والأزقة والحارات ، ثم أطبقوا على روبرت وفرقته عند باب القصر السلطاني من جميع الجهات وهرب روبرت كما هرب مئات من الصليبين أملا في النجاة. وهنا يتجلى الدور البطولى لأهل المنصورة الذين سهموا في إبادة الصليبين؛ إذ كانوا يستبسلون في قتالهم بكل ما تصل إليه أيديهم من أسلحة ونحوها، كما كانوا يطاردونهم أثناء هروبهم.. أما روبرت فقد لجأ إلى بيت قريب من القصر السلطاني، واعتصم به أملا في إيجاد وسيلة للفرار ... لكن أهل المنصورة لم يلبثوا ان اقتحموا هذا البيت ، واخرجوا قائد الحملة (روبرت) قتيلاً. وتذكر المراجع التاريخية ان قتلى الصليبين في معركة المنصورة هذه بلغ حوالي ألف قتيل، على حين أن مصادر أخرى تذكر أن قتلاهم زادت على ألف وخمسمائة قتيل. .. بداية النهاية.. وصل الملك توران شاه، وتسلم قيادة الجيش العربي، وبدأ أعماله الحربية بالاستيلاء على جميع المراكب الفرنسية التي تحمل المؤن للمعتدين، وبذلك وعرقل خطوط إمدادهم، فاضطرهم إلى التقهقر بعد ان نقدت ذخيرتهم وعتادهم الحربي، وطاردتهم قوات المقاومة الشعبية، واخذ الفدائيون العرب يغيرون على الجيش الصليبي أثناء انسحابه تجاه دمياط، ثم طوقوهم وسدوا عليهم طريق الانسحاب ودارت المعركة الفاصلة. بلغ قتلى الصليبين في هذه المعركة - كما يذكر المؤرخون - ثلاثين ألفا، غطت جثثهم وجه الأرض وكان هذا اليوم عظه وعبرة لكل معتد أثيم. عاقبة الباغي دارت المعركة الفاصلة عند ميت النصارى ( منية النصر) قرب شرمساح، وكانت تعرف هذه البلدة باسم منيه ابى عبد الله وبدأت طلائع النصر تقترب، وعندما ايقن لويس التاسع ملك فرنسا ان لا أمل في النصر، فقد رأى فلول جيشه تفر، واستحر فيهم القتل أمام عينيه، عرض على (الطواشي رشيد الدين) والأمير (فخر الدين القيمرى) التسلم، وطلب الأمان لنفسه ولمن بقى معه من خاصة عساكره وحاشيته ، فأجابه إلى الأمان الذي طلب. ولكن بعض الفرنسيين أخذتهم العزة بالآثم، فلقوا ما يستحقونه من مصر مرير على أيدى الوطنيين. واستسلم لويس الحزين لنهايته الأليمة حيث أرسل أسير إلى دار (إبراهيم بن لقمان) قاضى المنصورة، وكاتب الإنشاء فبقى بها سجيناً في حراسة الطواشي "صبيح المعظمى" ينتظر ما يفعل به. وامتلأت الدور بالضباط الصليبين الأسرى، وبالقادة من الإنجليز ، والفرنسيين، وأنشئ معكسر خارج المدينة لينزل به من بقى من جيش لويس من الأسرى والجرحى. لقد اشترط أبناء الدقهلية المنصورون تسليم دمياط، ، وجلاء الحملة الغادرة عن الإقليم قبل إطلاق سراح الملك الأسير أو غيره من كبار الأسرى، كما اشترطوا دفع فدية كبيرة للملك ولكبار ضباطه، ولم يكن أمام لويس إلا الإذعان لمشيئة المنتصر، فافتدى نفسه وبقية جنده بفدية كبيرة قدرت بعشرة ملايين من الفرنكات وقد تغنى الشعراء بهذا النصر المبين ، فهذا جمال الدين بن مطروح الوزير الشاعر يقول:
    قل للفرنسيس إذا جئتهم مقال صدق من قئـول فصيح
    قد ساقط الحين إلى أدهم ضاق به عن ناظريك الفسيح
    وكل أصحابك أودعتهم بحسن تدبيرك بطن الضريح
    خمسون ألفا لا يرى منهم إلا قتيل أو أسير جريح
    فقل هلم ان اضمروا عودة لأخذ ثأر أو لقصد صحيح
    دار ابن لقمان على عهدها والقيد باق والطواشي صبيح
    لقد اسر أبناء الدقهلية لويس التاسع في دار ابن لقمان، وتركوه مقيداً في حراسة أحد العبيد، فالعرف العسكري يقضى بأن القواد والملوك عندما يؤسرون لا يقيدون بل يتركون في حراسة ضباط عظام، لقد كان لويس الحزين أسيرا في دار ابن لقمان مقيداً لا يحرسه إلا أحد العبيد مبالغة في إذلاله، والنيل من كبريائه وشعر لويس نفسه بمرارة هذا المصير فلقد ولدت الملكة مولوداً جديداً أثناء المعركة رأى نور الحياة، ونجم أبيه موشك على الأفول لقد سمى لويس وليده " تربستان" ومعنى هذه التسمية وليد الأحزان. ومنذ ذلك الوقت يطلق المؤرخون أحيانا على لويس التاسع اسم الملك الحزين.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    المنصورة ونابليون
    ومنذ ذلك النصر الذي الحق بشرف فرنسا جرحاً لا يندمل ، وسطر في صفحات تاريخها عاراً لا يمحى، هي تحلم بالثأر من الشرق لشرفها الضائع على ضفاف النيل الخالد. فهذا نابليون يحاول تضميد جراح فرنسا التي تزفت دماءها على أرض الدقهلية في المنصورة وفارسكور، فيأتى بعد خمسة قرون ونصف . مزهوا بانتصاراته في إيطاليا ، ممنيا نفسه بنصر جديد يكسبه الفخر، ويحقق له حلمه في إمبراطورية واسعة في الشرق. فهل يستكين الشعب لطاغية أوربا الجديد؟ وهل ينام على الضيم ويخضع للمستعمر الغاشم؟ ألحق أن هذا الشعب العربي الأبي خير الاستعمار، ودفع ضريبة الحرية كفاحاً مريراً لا يعرف الخضوع والاستسلام فهذا موقفه مع نابليون وحملته سنة 1798م. طرقت جحافل نابليون مصر في صيف عام 1798 وحكام مصر من المماليك في غفلة عن أمرها، واستولت الحملة على الإسكندرية ثم على رشيد تقدمت إلى شبرا خيبت على فرع رشيد حيث تغلبت على قوت مراد بك الأمير المملوكي ثم هزمتها ثانية في إمبابة . لم يجد نابليون الطريق ممهداً أمامه أثناء زحفه في غرب مصر ، فتخطفت المقاومة الشعبية أطراف جيشه، وقاسمته الأرض شبرا شبرا، وامتدت الثورة على المستعمر الغاضب من غرب مصر ، إلى وسطها وجنوبها، وازدادت اشتعالاً في شرقها الأمر الذي دفع نابليون بونابرت إلى محاولة إخماد هذه الثورات فعبر النهر إلى القاهرة التي تركها حكامها من المماليك حاملين معهم ما خف وزنه وغلا ثمنه، تركوا القاهرة لأهلها العزل من السلاح. فدخلها نابليون دخول الحذر الخائف ، فأصدر المنشورات التوددية إلى المصريين حتى يستميلهم إليه. وقد عزعلى المصريين سقوط عاصمتهم في يد الفرنسيين فازدادت الثورة اشتعالاً في أقاليم مصر المختلفة خاصة إقليم الدقهلية، الأمر الذي دفع بونابرت إلى تعيين الجنرال فيال Vail قومندانا لمديريتي المنصورة ودمياط. خرج فيان في أوائل أغسطس سنة 1789 بفرقتين لإخضاع هاتين المديريتين. فقصد أولا إلى مدينة المنصورة، ومكث بها قليلاً بها حامية تحتلها ، غير أن أهالي المنصورة والبلاد المجاورة لم يصبروا على ضيم هذه الحملة ، واجمعوا أمرهم على الفتك بها "ولقد تحقق ذلك في 10 أغسطس سنة 1798 حين اقبل أهالي البلاد المجاورة من مديرية الدقهلية إلى المنصورة ، اختلطوا بأهل المدينة ، واشترك الرجال والنساء في مهاجمة الفرنسيين الذين لزموا معسكرهم حين شعروا بالخطر ، غير أن الثائر حاصروهم وأشعلوا النار في معسكرهم الأمر الذي دفع الفرنسيين إلى إخلاء هذا المعسكر ، قاصدين الهرب إلى دمياط؛ ولكن الثوار الوطنيين قطعوا عليهم الطريق ثم أبادوهم عن أخرهم ، وكان عددهم كما يقول ساباتبيه أحد ضباط فرقتي فيال - 160 قتيلاً أشعلت هذه الواقعة نار الثورة والحمية في البلاد المجاورة ورغم أن نابليون عين قائداً عرف بالقسوة والوحشية هو الجنرال دوجا Dugua قومندانا لمديرية المنصورة ، ورغم أن هذا الجنرال حاول أن يقضى على الثورات الوطنية بكل وسيلة ، ومن ذلك انه قبض على اثنين من زعمائها نالها شرف اتهامهما بإشعال نار المقاومة بالمنصورة واعدمهما، وطاف الفرنسيون برأسيهما في شوارع المدينة. كما اخذ في تعقب المشتركين في هذه الثورة من سكان البلاد المجاورة للمنصورة ، ومعاقبة القرى التي اشتركت فيها أيضا . رغم هذا كله فقد لقي الفرنسيون عناء كبيراً في إخضاع هذا المديرية ، وعلى العكس مما أراد المعتدون اشتدت المقاومة وامتنع كثير من أهالي البلاد عن دفع الضرائب ، وقابلوا الفرنسيين بالرصاص والعصي، وشملت روح الثورة القرى كلها الآمر الذي اعجز الجنرال دوجا عن الانتقام من القرى التي اشتركت في قتل الحامية الفرنسية بالمنصورة. وإزاء هذه الهزيمة الجديدة كان لابد للمستعمر من إرهاب جديد

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    معركة دنديط :
    أرسل نابليون أوامره إلى قومندان القليوبية الجنرال Murat، مورات لمعاونة دوجا في إخضاع إقليم المنصورة. فانتقل من بنها إلى ميت غمر في أواخر أغسطس سنة 1798، وفى وحشية المستعمر هاجم الجنرال مور بلدة (دنديط) إحدى بلاد مركز ميت غمر التي وجهت إليها تهمة الاشتراك في واقعة المنصورة واستباح جنوده القرية، وانزلوا بها وبأهلها الخراب والدمار في سبتمبر من نفس العام. لم يستكن أهالي دنديط لهذا الإرهاب وانما قاوموا الفرنسيين مقاومة اعتبرت من المفاجآت التي لم يكن يتوقعها الغازي المغتصب، فاضطر نابليون بونابرت إلى إصدار أوامره إلى الجنرال (لانوس) بمساعدة الجنرال مورا على إخماد هذه الثورة والقضاء على مقاومة سكان دنديط. ولقد وضع الجنرال خطته الحربية لمهاجمة الوطنيين الأبطال في دنديط فتولى مورا قيادة الميمنة ولا نوس الميسرة وسار لمهاجمة الثوار الوطنيين في معاقلهم غير ان السير كان متعذر لأن الثوار قطعوا جسور الترع فغمرت المياه الأراضي مما عرقل تقدم هذه الحملة أعطى الوطنيين فرصة للتقهقر عن دنديط إلى قرية (ميت الفروماى) وهناك قاوموا الفرنسيين مستعينين بمدفعين اثنين ... ثم تركوا هذه القرية إلى التلال المجاورة واخذوا في مقاومة الفرنسيين مقاومة أجبرتهم على الارتداد إلى ميت غمر . انتشار الثورة: لم تعد الثورة قاصرة على دنديط وحدها ، ولكنها امتدت في سرعة البرق إلى مختلف البلاد وكانت كلما أخمدت في جهة ظهرت في جهة أخرى بشكل اشد وأقوى، ولقد عبر عن ذلك ريبو الفرنسي نفسه اصدق وأروع تعبير حين قال " كان الجنود يعملون على إخماد الثورة بإطلاق الرصاص على الفلاحين وفرض الغرامات على البلاد لسكن الثورة كانت كحية ذات مائة رأس كلما أخمدها السيف والنار في ناحية ظهرت في ناحية أخرى أقوى واشد مما كانت .. فكانت تعظم ويتسع مداها كلما ارتحلت من بلد إلى آخرى. سرت نار الثورة إلى كل جهات المديرية، واشتدت هذه الثورة في بلاد البحر الصغير التي تقع بين المنصورة وبحيرة المنزلة الأمر الذي اقلق بونابرت وأفزعه، فقد كانت خطته تقوم على تأمين المواصلات بين المنصورة الصالحية وبلبيس ، حتى يطمئن على حدود ممر الشرقية.. وقد كتب إلى الجنرال دوجا في هذا الصدد عدة رسائل تظهر مبلغ اهتمامه بهذا القطاع الثائر. دور المنزلة: وكان لهذه البلدة شأن وخطر في تلك الجهات ، لما امتد في أنحائها من أسباب الثورة، ولظهور جماعة من زعماء الأهالي يحرضون الناس على مقاومة الفرنسيين ، وقد برز من بينهم في تقارير القواد الفرنسيين اسم "حسن طوبار" شيخ بلدة المنزلة كزعيم للمحرضين وخصم عنيد لا يستهان به، ومدبر لحركات المقاومة في هذه الجهات. كان "حسن طوبار" زعيماً لإقليم المنزلة الذي سبب متاعب كثيرة للفرنسيين... كتب ريبو يصف سكان هذه الجهات بقوله "ان مديرية المنصورة التي كانت مسرحاً للاضطرابات ، تتصل ببحيرة المنزلة ، وهي بحيرة كبيرة تقع بين دمياط وبيلوز القديمة، والجهات المجاورة لهذه البحيرة وكذلك الجزر التي يسكنها قوم أشداء ذوو نخوة، ولهم جلد وصبر، وهم اشد بأساً وقوة من سائر المصريين". بدأت الحملة تتحرك على البحر الصغير من المنصورة يوم 16 سبتمبر سنة 1798 بقيادة الجنرال (داماس ووستنج) الذين أنقذهما الجنرال دوجاً، وقد زودهما بالتعليمات التي يجب ابتاعها، وفى هذه التعليمات صورة حيه لحالة البلاد النفسية ومكانة الشيخ "حسن طوبار". تحرك الجنرال على رأس الجنود الفرنسيين، وساروا بالبحر الصغير على ظهر السفن فأرسوا ليلا على مقربة من (منية محلة دمنة) و شعر أهالي المنية باقتراب الحملة فأخلوا بلدتهم وكذلك كان الوضع في القباب الكبرى، وقد كلف الجنرال داماس مشايخ بعض القرى المجاورة ان يبلغوا أهالي القريتين ان يعودوا فإن القوة لن تنالهم بشر إذا دفعوا الضرائب المفروضة عليهم .. وهناك افترق القائدان ، فرجع الجنرال وسنتج إلى المنصورة، ومضى داماس إلى المنزلة لإخضاعها ومعه من الجنود اكثر من ثلاثمائة جندي بأسلحتهم وذخيرتهم غير ان الجنرال دوجا وجد ان هذا العدد من الجند ليس في مقدوره القضاء على مقاومة المنزلة مما دفعه إلى أن يطلب المدد من داماس

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    معركة الجمالية :
    سار الجنرال (داماس) بجنده حتى وصل إلى برنبال الجديدة حيث عسكر بجنوده ليلاً تجاهها، وغادرها قبل شروق الشمس فواصل السير بحراً يريد الجمالية، فبلغها في نحو الساعة العاشرة صباحاً. غير أن سفنه رحلت في بحر أشمون من قلة المياه، فهاجمها الأهالي بإطلاق النار، كما أمطرها وابلا من الحجارة من أسوار بلدتهم، فأمر الجنرال داماس بإنزال الجنود إلى البر لرد هجوم الأهالي ،ولكنه بعد قتال استمر أربع ساعات انسحب من الموقع الذي نزل به، ورأى انه لا يستطيع الثبات فيه ولا متابعة السير في بحر أشمون ، فأضرم النار في الجمالية ، لتشتعل النار الأهالي عن مقاومة الحملة، وعاد أدراجه المنصورة، ومعاً جرحاه وقتلاه. وقد كانت معركة الجمالية ذات شأن وخطر ، وصفها الضابط جاز لاس Gaz las من ضباط كتيبة الجنرال داماس - في تقريره عنها قال : "لما وصلنا بحر اتجاه الجمالية، فوجئت السفن التي كانت تقل الجنود بعاصفة من الأحجار والرصاص انهالت من أسوار البلدة وبيوتها، وفى الوقت نفسه رأينا جموعاً كثيرة من العرب والممالك والفلاحين ليس بيدهم سلاح سوى العصي يهاجموننا بحماسة فيستشهدون بين أسنة رماحنا ". وقد انتهت معركة الجمالية بإحراق البلدة ، وانسحاب الفرنسيين إلى المنصورة فوصلتها في 21 سبتمبر. ومن تتبع سير الحملة يتضح لنا أنها لم توفق في إتمام مهمتها فقد بقى "حسن طوبار" قوياً يثير البلاد، ويستفز الناس للمقاومة وكان الفرنسيون يحسبون له حساباً كبيراً، ويسعون بمختلف الوسائل لكي يضعوه، أو يجتذبوه إلى صفوفهم . وقد كان (حسن طوبار) يخادع الفرنسيين عن خططه ومقاصده ففي الوقت الذي ابلغ فيه رسول داماس انه لا يأبى دفع الضرائب العادية إذا ما ترك حراً كان يستعد للقتال ، كما كان على اتصال بإبراهيم بك زعيم المماليك الذي كان مرابطاً بفلول جيشه في جنوب سورياً، وقد كان على اتصال مستمراً أيضا بقواته المنظمة لمقاومة الفرنسيين، فحسن طوبار كان يشعل الثورة في مختلف البلاد الواقعة بين دمياط والمنزلة والمنصورة ، وبينما كان يثير الأهالي في بلاد البحر الصغير كان في الوقت نفسه يجمع مراكبه في بحيرة المنزلة لمهاجمة دمياط لتخليصها من يد الفرنسيين. ولذا أرسل الجنرال فيال إلى زميله الجنرال دوجا ينذره بقرب هجوم الثوار على مدينة دمياط؛ لأن حسن طوبار يحشد أسطولا كبيراً في بحيرة المنزلة لهذا الغرض ويطلب المدد . قام الثوار بهجوم مهم على دمياط في 16 سبتمبر سنة 1798 واشترك فيه أهالي البلاد المجاورة لدمياط، كما اشترك فيه أيضا أسطول حسن طوبار وقد نجح المهاجمون الثوار في قتل الحراس الفرنسيين في المخافر الأمامية للمدينة، وظل القتال متواصلا ليلة 16 سبتمبر ، غير أن عدم تكافؤ الأسلحة والتنظيم دفع المهاجمين إلى التقهقر والالتجاء إلى قرية (الشعرا) حيث اتخذوها معسكراً تحصنوا به. ونتيجة لحرج مركز الفرنسيين في دمياط اضطر نابليون إلى إرسال الجنرال (اندريوس) ليعاون الجنرال فيال في توطيد سلطان الفرنسيين في تلك الجهات. فتقدم الفرنسيون في 20 سبتمبر للاستيلاء على الشعراء ، وبالرغم من استيلاء الفرنسيين في تلك الجهات فتقدم الفرنسيون في 20 سبتمبر للاستيلاء على الشعراء، وبالرغم من استيلاء الفرنسيين عليها فإن الثورة تفاقمت في البلاد الواقعة بين المنصورة ودمياط، وتعددت حوادث مهاجمة الثوار للسفن الفرنسية القلة للجنود في النيل، مما دفع الفرنسيين إلى التنكيل بالبلاد التي هاجمت السفن كما حدث في (ميت الخولى) حيث اعتدوا على الأهالي ،واستولوا على ما بها من مواش وطيور وحلى. المنزلة مرة أخرى وجد نابليون بونابرت أن السبب في اشتعال نار الثورة في هذه الجهات رجع إلى الروح التي بثها حسن طوبار في نفوس الأهالي لذلك عزم نابليون - كي يستتب له الأمر في هذه الجهات على القضاء على نفوذ حسن طوبار، فأرسل مدداً إلى الجنرال دوجا، وكلفه بالاستيلاء على المنزلة كما كلفه بإرسال كتيبة إلى الجنرال اندريوس للاستيلاء على ما ببحيرة المنزلة من جزائر وسفن. وبدأ الجنرال دوجا في تنفيذ الخطط العسكرية المكلف بها فعهد إلى الجنرال اندريوس أن يذهب إلى المنزلة عن طريق البحيرة كما عهد إلى الجنرال داماس Damas أن يسير إليها بالبر ، وبذلك تطبق القوتان على المدينة من البر والبحر . ولما أحس (حسن طوبار) بخطط الفرنسيين غادر المنزلة ومعه معظم أهلها إلى غره؛ لإعادة تنظيم حركة المقاومة لاسترداد البلاد فدخل داماس المدينة التي وجدها خالية إلا من الشيوخ وعجائز النساء، فأحتلها بعد أن فوت عليه حسن طوبار وكذلك الأهالي فرصة الانتقام من زعيمهم ومنهم. أما حملة الجنرال اندريوس فقد فشلت في مهمتها بسبب تكاثر سفن الأهالي حول سفنه، ومحاولة الأهالي إغراقها فاضطر إلى العودة إلى دمياط. هكذا كانت الحركة الواسعة المدى التي أقلقت بال الفرنسيين زمنا، وهكذا كانت بطولة ذلك الرجل الذي أزعج قواد الجيش الفرنسي وتردد اسمه في تقاريرهم ورسائلهم ، وورد اسمه في رسائل نابليون نفسه غير مرة كعنوان للمقاومة الأهلية القوية. لقد ظل إقليم الدقهلية يكافح هؤلاء المستعمرين في عنف، وشغل إخضاعه الفرنسيين اكثر من شهرين، وكلفهم ثمناً غالياً من جنودهم وقوادهم ، ففقدوا فيه وحده - حتى آخر أكتوبر 1798 ما يقرب مما فقدوه في سائر بلاد القطر منذ وطئت أقدامهم الدنسة أرض الوطن الحبيب.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    الدقهلية وقناة السويس :
    لم تكد الحملة النابوليونية الفاشلة تعود إلى فرنسا في سنة 1801م حتى كانت قد خلفت وراءها في الشرق عامة وفى مصر خاصة طابوراً من الجواسيس وان تكن سمتهم قناصل.. وكان من بينهم ولعله من شرهم المدعو ( ماتيو ديلسبس) الذي احتال على حاكم مصر الضعيف محمد سعيد وحصل منه على امتياز قناة تصل بين البحرين الأبيض والأحمر، بشروط مجحفة بحق مصر، وكان من بين هذه الشروط أن يقوم العمال المصريون بالحفر، ونقل التراب ، وبناء المنشآت سخرة دون مقابل. وتحدثنا الوثائق التاريخية أن هذه الشركة المشؤومة لجأت إلى نقر أسمتهم " مقاولي الأعمال" وكانوا في الغالب أوربيين أو من صقلية ومالطة ورودس وكريت يعرفون بعض العربية، وكان الواحد مهم يحيط نفسه بعصابة نفسه بعصابة من أمثاله ويتعهد للشركة بتقديم الأعداد الهائلة من العمال لقاء مبلغ معين، وينطلق هؤلاء اللصوص ليأتوا بهذا العدد المطلوب بأسلوبهم الذي يتلخص في الالتجاء إلى الباشبوزق " المأمور" الذي يلزم شيخ البلد يجمع العمال المطلوبين ، فينطلق جنوده وأعوانه في كل قرية يقبضون على الأهالي ويربطونهم بالسلاسل ويقودونهم إلى مناطق تجمعهم حيث بتسلمهم المتعهد وينال الباشبوزق "المأمور" وأعوانه إتاواتهم على هذا العمل البربري الذي يتنافى مع ابسط مبادئ الإنسانية ويمضى رجال المتعهد بهؤلاء المساكين في حراسة قوية إلى موضع الحفر الذي يصلونه بعد أسبوع سيراً على أقدامهم، فإذا بلغوه بعد هذه الرحلة الشاقة بدءوا عملهم. وياله من عمل مضن شاق .. لقد كان على الواحد منهم أن يحفر من طلوع الشمس إلى غروبها . حتى إذا قبل الليل كان عليه أن يقوم بحراثة الأرض التي تنبت له ما يأتدم به من "الفجل ، والجرجير والكرات " ولم يكن يملك الماشية، فكان يستعيض عن المحراث بالفأس.. وكان عليه أن يشترك مع جماعة من زملائه ليقيموا لأنفسهم مسكناً من الطين يتكدسون فيه بالعشرات .. وكان أولئك لعمال يقاضون اجر أعمالهم كل أسبوعين ، وكان الأجر المقدر فرنك في الأسبوع ، أي أن اجر العامل كان حوالي ستة مليمات في اليوم يحتجز منها المتعهد ثمن الخبز وثمن الماء ويخصم ما يشاء من الباقي نظير العقوبات... لقي العمال خلال هذا العمل المرير صنوفاً من العذاب بالإضافة إلى الإرهاق في العمل وفى هذه القسوة التي كانوا يعيشون فيها فتكت بهم الأمراض فلا يمر يوم حتى يتساقط فيه صرعى مئات العمال نتيجة المرض والإرهاق غير من كان يقتلهم المقاولون وأعوانهم من الجبابرة الطغاة برصاصهم وسياطهم إذا ابدوا التذمر أو الاعتراض ..ولا نغالي إذا قلنا أن مياه هذه القناة جرت على رفات عشرات الألوف من أجدادنا المكافحين ممن صدق فيهم قول الشاعر :
    رب فلاح شكت في كفه فأسه الصماء إذ خارت قواه لم يزل يحفرها حتى جرى ماؤها وهو مشوب بدماه
    من أجل اليوم المشهود هذه الصورة الأليمة من كفاحنا المرير الذي قاسى منه الشعب ما قاسى ،وعانت منه الدقهلية قبل غيرها معاناة مريرة، بحكم موقعها المتاخم لمنقطة العمل - فدفعت ثمنه غالياً من دماء أنبائها وجادت بأرواح الألوف منهم مؤمنه، بأنه سوف يأتي اليوم الذي يقوم فيه من أبنائها من يثأر لما لحقهم من ظلم فيسترد القناة لنا، ولن تكون لغيرنا أبدا، وان دماء أجدادنا لن تسيل بعد اليوم ذهباً في خزائن المستعمرين. لقد كانت صحية الحق هذه تكريماً لأبناء الدقهلية قبل غيرهم ارتفعت بها هاماتهم، وقرت بها أرواح أجدادهم، فهي ترفرف اليوم من حولك - يا بطل التأميم - إحتفاء بك راضية مرضية.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    10 - 9 - 2008
    ساكن في
    مركز الاحلام
    العمر
    37
    المشاركات
    3,102
    مقالات المدونة
    14
    النوع : ذكر Egypt الفريق المفضل  : الاهلي

    افتراضي

    الدقهلية و الثورة العرابية :
    كلنا يعرف الظروف التي أعقبت حفر قناة السويس وكيف أن سياسة إسماعيل وتبذيره على شهواته وملذاته أوقعت البلاد في ضائقة مالية لم يكن لها من مبرر . فأودت هذه الضائقة بإسماعيل نفسه وبالبلاد فأوقعتها فريسة سهلة في يد الأجنبي الذي تدخل في شئونها وسيطر على اقتصادياتها وسياستها وأدارتها.. ولم يجد أبعاد إسماعيل شيئاً في إصلاح هذه الحال التي بلغت مداها من السوء والفساد، فقد خلفه توفيق صنيعه الاستعمار وعميله الأول ، والذي يدين لإنجلترا بتوليته الحكم. تحيطه حاشية من أمثال رياض التركي الأصل ، ونوبار الأرمني، وعدد من الأتراك المرتزقة الذين تقلدوا المناصب الرئيسية في الجيش، فكانت لهم وحدهم القيادة والسيادة ، وكان بأيديهم الآمر والنهى، فحرموا الأكفاء من أبناء الشعب الذي كانوا فى تقديرهم (فلاحين ) لا يصلحون لمثل هذه المناصب وهم الذين شهد لهم التاريخ بحسن البلاء في حروبهم ببلاد اليونان ، ثم بانتصاراتهم الرائعة على بنى جلدتهم جيوش السلطان العثماني في الشام وآسيا الصغرى، وكادوا يدقون بمدافعهم أبواب عاصمة العثمانيين (إستانبول) ذاتها. ولم ينم الشعب على هذا الضيم بل رفع صوته عالياً مطالباً بحقوقه في ثورة عارمة قادها ضابط من الشعب، والتف حوله زملاؤه من الضباط الأحرار ذلك هو الضابط أحمد عرابي الذي أصبح زعيماًَ شعبياً التفت حوله القلوب وأيدته وفوضته نائباً عنها يحقق لها ما تصبوا إليه من العزة والكرامة. وكان حول عرابي في انتفاضته هذه الضباط وجنود أحرار من صميم هذا الشعب المكافح ومن أبناء الفلاحين البواسل الذي ذاقوا من اضطهاد أسرة محمد على واستغلالها الكثير فتاقت نفوسهم إلى الخلاص من نيران هذا الطغيان ،وكان بلاؤهم الحسن في الثورة العرابية. ولقد لعبت الدقهلية دورها في هذه الثورة، وسمهم أبناؤها بنصيب مشرق في البطولة والتضحية فاستشهد منهم من استشهد في ساحة العزة والشرف. وإذا كانت الثورة العرابية لم تحقق أهدافها فقد كان ذلك نتيجة لعوامل أبرزها خيانة الإقطاعيين، وممالأة الباشوات للاستعمار وللحاكم الأجنبي المتسلط ، لأنهم شاركونه في استغلال هذا الشعب بصورة بشعة تحميها الألقاب التي يخلعها عليهم، وأكثرهم من اسر جلبها محمد على ، واقطعهم الأرض فتوار ثورها حتى أصبحوا هم السادة ، وأصحاب الأرض الحقيقيون هم العبيد الأجراء. وكان ثمن هذه الخيانة أن منيت البلاد بالاستعمار الإنجليزي البشع، وظل أهلها يرزحون تحت نيره سنوات طوال، تغلى في قلوبهم مراجل الحقد على هذا المصير يتلفتون للدليل الذي يتبعونه في رحلتهم نحو الحرية، فهم على طول الطريق يتلفتون للدليل الذي يتبعونه فى رحلتهم نحو الحرية. وسار بهم في هذا السبيل القويم مصطفى كامل الذي اسلم الرسالة من بعده إلى محمد فريد. ولكن الاستعمار البغيض، والحاكم الأجنبي ، الإقطاع الجشع هذا الثالوث الرهيب لم يغفلوا عن مناهضة هذه الانتفاضات ، وتعويقها كي لا تبلغ غايتها.. إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 وفرضت على المصريين الأحكام العرفية، وقبضت على أصحاب الآراء الحرة ونفتهم خارج البلاد ، كما جندت بالقوة اكثر من مليون من المصريين، وأرسلتهم وقوداً إلى ميادين القتال المختلفة في الشام والعراق ، واستولت على خيرات البلاد ووسائل النقل فيها .. فقاست البلاد من ذلك ما قاست مؤملة الخلاص من هذا الجور عندما تنتهي الحرب العالمية الأولى، فيجلو المستعمر كما وعدها وتحصل البلاد على استقلاها. وانتهت الحرب ولم يف المستعمر بوعوده، وكان لابد للشعب من عمل إيجابي ليحقق أمنيته، فكانت ثورة سنة 1919.

 

 
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 17 - 4 - 2010, 10:10 PM
  2. مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 13 - 10 - 2008, 05:19 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©