إن كل ما حولها يصرح بالجدب... الصحراء تضرب فى عمق الأفق. لتلقى بشمس المغيب الحمراء التى عجزت أشعتها عن اختراق الكثبان الرملية فظهرت تلك الظلال بقعا سوداء. تنمو وتتسع.
لون الجفاف الأصفر يصبغ كل شىء، إلا أن وجودهما هو الحقيقة الخضراء الوحيدة ضحكات سنواتهما العشر يتردد صداها فى الكون من حولهما... ذرات الرمال تتقافز فرحة، تحتضنهما فى حنو يتنافى مع قسوتها المعهودة كانا من عاداتهما اللعب فى الصحراء بعيدا عن حدود قريتهما.. يمرحان يتسابقان ... بل حتى يتشاجران. "هيا يا خالد، لقد تأخرنا".
قالها محمد لرفيقه وهو ينظر لقرص الشمس الذى بدأ يقترب من الأرض. رد خالد فى عناد" لن أتحرك قبل أن تحكى لى ما قالته لك جدتك بالأمس. كما وعدتنى".
- هيا وسأحكى لك فى الطريق.
- لا. لن أتحرك قبل أن تحدثنى بالأمر كاملا.
- حسنا لقد جلست جدتى بجانب فراشى قبيل نومى وأخذت تعبث بيدها فى شعر رأسى.
- كم أشعرنى ذلك بالراحة – بدأ النوم يأخذ طريقه نحوى... وصوتها يتسلل كحلم جميل فى رأسى وهى تغنى لى... حين صار الحلم كابوسا مخيفا أفزعنى. نظر خالد فى اهتمام وبدا الترقب جليا فى كلماته وهو يقلو: - ماذا حدث؟ هل تحولت جدتك لعفريت؟.