قلبي و قلمي و أنــا
الحلـــ ( 2 ) ــــقـة
" تحاورت أنا و قلمي و قلبي حول أي موضوع سأكتبه، ترددت كثيرا و توقفت كثيرا .. و علي حين غرة سالت دمعة مني لتفجر بركان كلمات أعاد بريق غاب عني طويلا، شد قلمي قامته استعدادا للكتابة ثانية و ما أن لامس قلمي الورقة أمامي .. توقفت برهة حول مواضيع كثيرة تؤرقني، إلي أن تدخل قلبي و نصحني و عاهدني برسالة موضوع مهم"
أمسكت بقلمي بشدة و شعرت به من بين أصابعي يطلق صيــحة، ليست صيحة ألم و إنما صيحة استعداد للدخـول في معركة جديدة .. معركة الموضــوع الجديــد. و لكـن ... الحــب مـوضوع لا تكفي الكلمات لوصفه أو حتى لتعبر عن قيـد أنملة في هذا المحيــط العميق، أطلقت ما شابه بصيحة استهجان و قلت لقلبي: كيــف يمكنني أن أبدا أو حتى أتكلم عن هذا الموضوع؟
شعـرت بقلبي يشفق علي، و بصوت دافئ حنـون قال لي: أُشعُر بحديثي بداخلك .. و اَشعِـر بكلماتك خارجا، اَشعِــر بكلمات كسيف من نــور، اَشعِر بنــور حتى يري ما قد تــاه العالم عنــه. أنْصـتُ باحترام لقلبي و لمعلمي، و وضعت يدي علي قلبي و ابتسمت، و يا له من رد علي أستــاذ كثيرا ما نصحني و أفادني و أرشدني في أوقات محنتي، ابتسمت و لم أجد كلمات من ذهب تعبـر عن امتناني لقلبي ... غيـر كلمـات السكــوت.!!
أغمضت عيناي و أنصت بعمق لحديث قلبي، و سمعت و شعرت:
الحب ليست بكلمة عاديــة، ليست مجـرد كلمــة بحرفين، في رأي هي أسمي الكلمات في جميع اللغـات ... إنها الكلمة التي تمتلئ بالمعاني في حرفيها، الكلمة التي تنشر السعادة بحرفيها. لو حاولت تفسيـر (ح) و (ب) لخرجت منها بكلمات تكفي لملء بحــر عواطفنــا جميعا. لو أمكن تلخيص كلمة (حب) إلي بضعة كلمات فإني أختـار:
الخيـر، الدفء، الصدق و الأمان
الأمـن، الأمل، الرحمـة و الحنان
العدل، الإخلاص، الثقـة و السلام
ســرت في جسدي قشعريرة سريعــة، ألهبت مشاعري و بنات أفكاري ... فَتحت عيناي ببطء محاولا رسم هذة الصــورة التي رسمها قلبي في خيالي علي الواقع أمــامي، حاولت رسم الصـورة بأحرف ذهبيـة لامعـة، كل هذا و قلمي بين أصابعي كالفارس علي جواده ممشوق القوام مستعـد للهجـوم في أي وقت ... ابتسمت له بقلب خافق و بدأت في الكتــابة ....
الحـب كالهـواء موجـود في كـل مكـان و مع ذلك تعددت أوجه الحـب. فهنــاك حب الله و حب الدين، حب الأم و حب الأب، حب الإخـوة و حب الأسـرة، حب العائلـة و حب الأصدقاء، حب العشاق و حب الإنتمـاء، حب العادات و حب التقاليـد، حب الذات و حب الآخرين ........ تعددت أوجه الحـب، تعددت مفاهيـم الحـب و لكن كل الأوجه و المفاهيـم تصب في بوتقة الحــب الأكبـر. تساءل قلمي: الحـب الأكبــر؟!! رددت عليـه قائلا:
" الحـب الأكبر هو الاحتواء ذو الكيـــان الواحد .... أي الشعــور الأمثــل المتكامل"
شعــرت بقلبي و كأنه يرقص سعيــدا، و علي حين غـرة إنقبض قلبي إنقباضة ارتجف لها جسدي لدرجة أني رأيت أصابعي ترقص مع قلمي علي أنغام خفيـة غير مسموعـة، لدرجـة أني شعـرت بأن لي جناحين أطير بهما عاليـا، اندهشت و سألت قلبي متعجبـا: ما هذة الإنقباضة الغريبة؟!!! أجابني قلبي حانيـا: إنها إنقباضة الحـب الأكبــر.!!!
أنـْصـتُ بإنتباه شديد لمعلمي و كلماته تسـري في عروقي، شعـرت بقلبي يقــول: الحـب الأكبـر هي الغـاية الخفيـة التي يريد أن يصــل إليها البشــر و لا يعرفونـها، الحـب الأكبــر كمثـل همسـة في عالم صاخـب، قليل فقـط من استطاعوا سماعها. إذا أدركت الذات البشـرية مفهـوم الحب الصحيـح لزالت كل العقبــات و الخلافــات، يجب علي البشـر أن يفهمــوا:
"الحب هو الشعــور بالاستمرارية و الطمأنينة، إنه الشعـور باللانهائيــة و الخلــود"
أفلت قلمي ببطء و سقــط من بين أصابعي و تبـاطأ الوقـت من حـولي .... و بدأت أفكــر و أتعمق في أفكــاري، متسائلا عن هــذة الكلمــات ... شيئـا فشيئــا رجــع كل شئ حـولي إلي ما كان عليــه و عاد الوقت إلي حاله من جديد و بهدوء تباطأت عجــلة أفكــاري إلي أن توقفت. مرت لحظات سكــون في الغرفــة حـولي و نظرت بعدها لقلمي نظــرة تحمـل معاني كثيـرة و تساؤلات أكثـر، و نظـرت لموضع قلبي و شـــردت في أفكــاري من جديـد.
كلمة اللانهائيـة و الخلـود قد صدمتني، هل فعلا الحب هـو ذلك الشعـور؟ و لكـن كيف؟
ظللت أسبح و أتعمق في أفكاري بعيـــدا، إلي أن رسـوت علي شاطئ الواقـع أمامـي، رســوت .... رســوت بابتسامة لامعــة تشــع تساؤلات و إجــابات عديــدة لموضــوع الحــب، أدركت و فهمــت ما يقصــده معلمي، الحــب .. يا لها من نعمــة و هبــة للبشــر أجمعيــن. أخـذت نفسـا عميقــا استعداداً لخـوض أكبــر معركـــة موضــوع في حياتي، إنه موضــوع الحــب .... !!!
انتظروا الحـلقات القـادمة و مــوضوع الحــب
الهمسـة في عالم صاخب، القليل فقط من استطاعوا سماعها
AhMeD El Za3eEm