قهوتنا على الانترنت
صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 123456 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 95
  1. #11

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mona roshdi مشاهدة المشاركة


    اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك


    اخى فى الله

    شكرااا لك على الموضوع الطيب

    يثبت فترة ان شاء الله

    تحياتى وتقديرى

    اختكم فى الله
    منى رشدى
    جزانا الله واياكم
    شكرا لمرورك


  2. #12

    افتراضي

    اسم الله : المولى(1)
    اسم ( المولى ) ورد مطلقاً ومضافاً :

    هذا الاسم ورد في القرآن الكريم ، ورد مطلقاً وورد مضافاً ، فالله عز وجل يقول :

     وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) 
    ( سورة الأنفال )
    وفي آية ثانية :

     وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) 
    ( سورة الحج )
    ورد مضافاً :

     ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) 
    ( سورة محمد )
    وقوله تعالى :

     قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) 
    ( سورة التوبة)

    الحاجة إلى التدين :

    أيها الإخوة الكرام ، أريدَ بهذا الاسم العلمية ، وأريدَ به الدلالة على كمال الوصفية ، وهذا الاسم ينقلنا إلى موضوع دقيق ، وهو الحاجة إلى التدين .
    الحاجة إلى التدين حاجة في أصل فطرة الإنسان ، لماذا ؟ لأن الإنسان خلق ضعيفاً ، هكذا خلقه الله عز وجل .

    نقاط مهمة في خلق الإنسان :

    1 – الضعف :

    وهذه نقطة ضعف في أصل خلقه ، ولكنها لصالحه تماماً ؛ كهذه الوصلة الضعيفة في الآلات الغالية جداً ، لو جاء تيار كبير لساحت ، وانقطع التيار ، وسلم الجهاز ، فطبيعة ضعف الإنسان لصالحه ، لأن الإنسان خلق ضعيفاً ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته ، فشقي باستغنائه ، خلق ضعيفاً ليفتقر في ضعفه ، فيسعد بافتقاره ، قال تعالى :

     يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ (15) 
    ( سورة فاطر)
    الإنسان بكامل قوته ، وبكامل جبروته أحياناً ، وبكامل طغيانه قطرة دم لا ترى بالعين تتجمد في بعض أوعيته أو في دماغه فيصاب بالشلل ، وفي مكان آخر يصاب بالعمى ، وفي مكان ثالث يصاب بفقد الذاكرة ، فالإنسان ضعيف ، وقد خُلِق ضعيفاً ليفتقر بضعفه ، فيسعد بافتقاره ، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته ، فشقي باستغنائه ، لذلك أحياناً يغتني الإنسان أو يقوى فينسى ربه ، قال تعالى :

     كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى (7) 
    ( سورة العلق )
    مع أنه ضعيف ، ومع أنّ أي خلل في جسمه يجعل حياته جحيماً ، أحياناً قد يقوى بماله أو بمنصبه أو بعلمه المادي فيطغى ، لذلك :

    إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)
    (سورة المدثر)
    إذاً : من فضل الله علينا ، ومن نعمته العظمى أننا ضعاف ، ومع الضعف الافتقار إلى الله ، ومع الافتقار إلى الله سعادة وأيّ سعادة ، قال تعالى :

    ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُم أَذِلَّةٌ ﴾
    ( سورة آل عمران الآية : 123 ) .
    أما في حُنين :

    ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْض بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾
    ( سورة التوبة ) .
    أيها الإخوة الكرام ، الآية :

     وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) ﴾
    ( سورة النساء )
    هكذا خلق ، وهذا الضعف في أصل خلقه لصالحه .
    أذكركم مرة ثانية ، الضعف في الإنسان تماماً كالقطعة تسمى بالمصطلح الأجنبي الفيوز ، قطعة في آلة غالية جداً ، عظيمة النفع ، معقدة التركيب ، هذه القطعة الضعيفة إذا جاء تيار قوي من شأنه أن يحرق الآلة تسيح هذه الوصلة الضعيفة ، فيسلم الجهاز ، وكذلك الإنسان ، هذا أول بند في نقاط ضعف الإنسان .

    2 – العَجَل :

    نقطة ثانية :

    وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)
    (سورة الإسراء)

    معنى الجزع :

    يريد الشيء السريع ، يريد المتعة الآنية ، لذلك يعيش معظمُ الناس لحظتهم ، يستمتعون ، وينسون آخرتهم ، ينسون مغادرة الدنيا ، فلذلك البطولة لا أن تعيش الماضي ، أو أن تتغنى بالماضي ، ولا أن تعيش الحاضر ، لكن البطولة والعقل والذكاء أن تعيش المستقبل ، ماذا في المستقبل ؟ في المستقبل مغادرة الدنيا ، وأخطر حدث في حياة الإنسان المغادرة ، وما من إنسان أشد عقلاً مِن هذا الذي يعد لهذه الساعة التي لا بد منها ، الإنسان عجول ، يحب البيت الواسع ، والمركبة الفارهة ، والزوجة الجميلة ، ولو أضر هذا بآخرته .

    وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11)
    (سورة الإسراء)
    لذلك حينما يختار الإنسان هدفاً بعد الموت يرقى عند الله ، لأنه عاكس طبعه ، ومعظم الناس يبحثون عن متع آنية ، وعن مكاسب وقتية ، يعيشون لحظتهم ، ولا يعيشون مستقبلهم والكيّس العاقل من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .
    إذاً : البطولة أن تعيش المستقبل ، وأخطر حدث في المستقبل مغادرة الدنيا .

    3 – الهلع :

    نقطة ضعف ثالثة في حياة الإنسان ، قال تعالى :

    ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ .
    ( سورة المعارج ) .
    هكذا خلق .



    معنى ( هلوعًا ) جاء شرحه بعد قليل :

    ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴾ .
    ( سورة المعارج ) .
    إذا شعر الإنسان أن فيه ورما بسيطا إلى أن يتأكد ما إذا كان ورماً حميداً أم خبيثاً لا ينام الليل ، هذا شأن أيّ إنسان ، إن شعر أن في قلبه خللا ، والحياة منوطة بالقلب ، لذلك لا ينام الليل .
    طبيعة الإنسان أنه خلق هلوعا ، إذا مسه الشر كان جزوعا ، ولولا أنه هلوع لما تاب تائب إلى الله ، ولولا أنه هلوع لما اقتيد الإنسان إلى باب الله عز وجل ، ولولا أنه هلوع لما اصطلح مع الله ، لأنه هلوع فالله عز وجل جعله بهذه الصفة لتسهل توبته ، وتسهل عودته إلى الله ، وليصطلح مع الله .
    إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فقد اصطلح مع الله .
    [ ورد في الأثر ] .
    أيها الإخوة الكرام ،

    ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴾ .
    ( سورة المعارج ) .
    الهلوع :

    ﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴾ .
    ( سورة المعارج ) .

    ثلاث نقاط ضعف هي موضع قوة الإنسان :

    الإنسان حريص على سلامته وعلى رزقه ، فأيُّ شبح مصيبة لاحَ له في الأفق يهدد سلامته ، أو يهدد رزقه انخلع قلبه له ، إذاً : الله عز وجل يسوقه إلى بابه ، يسوقه إلى التوبة ، يحمله على التوبة ، يقوده إلى الصلح مع الله عز وجل ، فهذه نقاط ثلاث لصالح الإنسان ، أن الإنسان عجول وضعيف وهلوع .

    ﴿ إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴾ .
    ( سورة المعارج ) .
    فهو حريص على ما في يديه ، لماذا ؟ لأن هذا الحرص يرفع مقامه عند الله إذا أنفقه ، أنت حريص على المال ، فإذا أنفقته ترقى عند الله ، مع أن المال محبَّب ، قال تعالى :
     زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ (14) 
    ( سورة آل عمران) .
    لأن هذه الأشياء محببة إلينا فبإنفاقها يرقى الإنسان ، إذاً : هذه نقاط أساسية في أصل خلق الإنسان لصالحه ، هذه النقاط الثلاث نقاط الضعف في أصل خلقه هي سبب كبير في حاجته إلى التدين ، وأيّ إنسان بحاجة إلى التدين ، حتى الذي يعتقد اعتقادات خاطئة ، حتى الذي يعبد الحجر والشمس والقمر ، ويعبد أشياء من دون الله ، الدافع الأساسي للتدين أنه ضعيف ، خلق الإنسان ضعيفا ، فالبطولة وأنت بحاجة ماسة إلى التدين أن تعبد الإله الحقيقي ، أن تعبد خالق السماوات والأرض ، أما الذين عبدوا من دونه وثناً وشمساً وقمراً وحجراً هم يبحثون عن شيء يطمئنهم ، هم ضعاف ، حتى الإنسان غير المؤمن في منصب رفيع في العالم الغربي يلجأ إلى فلكي ليرسم له مستقبله ، الإنسان ضعيف ، وهذه نعمة كبرى لصالح المؤمن .


    الإنسان محتاجٌ إلى مولى :

    أيها الإخوة الكرام ، دققوا في قوله تعالى :

     وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) 
    ( سورة الأنفال) .
    أنت بحاجة إلى مولى ، بحاجة إلى مرجع ، بحاجة إلى مربٍّ ، بحاجة إلى سند ، بحاجة إلى من يدعمك ، بحاجة إلى من تتوكل عليه ، بحاجة إلى من يطمئنك ، بحاجة إلى جهة قوية تحتمي بها من شرور أعدائك ، هذا شيء طبيعي جداً في الإنسان ، إلا أن المؤمن وصل إلى الإله الحقيقي ، وصل إلى خالق السماوات والأرض ، وصل إلى مَن بيده كل شيء ، وصل إلى من بيده مصائر الخلائق ، والله عز وجل ما أمرك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك :

     وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) 
    ( سورة هود)
    متى أمرك أن تعبده ؟ بعد أن طمأنك ، فلابد أن تعتقد أن الله هو المعطي وحده ، وهو المانع ، وهو الخافض ، وهو الرافع ، وهو المعز ، وهو المذل ، وهو الناصر ، وهو المغني ، وهو الرازق ، هذا التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد ، التوحيد ألا ترى مع الله أحداً ، التوحيد أن ترى يد الله تعمل وحدها ، التوحيد أن تتجه إلى الله ، فلذلك التوحيد يقود إلى طاعة الله عز وجل ، وهو نعم المولى ، هو عليم ، لا تحتاج مع الله إلى إيصال ، ولا إلى حلف يمين ، هو يعلم ، وبعضهم قال : الحمد لله على وجود الله ، هو يعلم هو معك ، أعداءك بيده ، أقرب الناس إليك بيده ، فإذا أحبك الله سخر لك أعداءك ليخدموك ، وإذا تخلى الله عنك ـ لا سمح ولا قدر ـ يتطاول عليك أقرب الناس إليك ، فهذه كلمة دقيقة جداً : ليس إلا الله ، وهذا معنى : لا إله إلا الله .
    وكما بينت في لقاءات سابقة أنه لا ينبغي أن تقول : الله ضار ، الله ضار نافع ، يضر لينفع ، ومانع معطٍ ، يمنع ليعطي ، وخافض رافع ، يخفض ليرفه ، ومذل معز ، يذل ليعز ، إذاً : أسماء الله تعالى كلها حسنى ، والذي يبدو لك من شدة و جبروت هي لصالح المؤمن :

     فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (147) 
    ( سورة الأنعام)
    مثلٌ للتوضيح : تصور ابنا له أب محترم جداً ، عالم أخلاقي ، وضعه المادي جيد جداً ، وهذا الأب حريص على ابنه حرصاً لا حدود له ، هيأ له غرفة خاصة ، تابع تربيته الأخلاقية ، تربيته الإيمانية ، تربيته الدينية ، تربيته العلمية ، تربيته الاجتماعية ، تربيته النفسية ، تربيته الجسمية ، تربيته الجنسية ، تابعه ووضعه في أفضل المدارس ، هيأ له أفضل المدرسين ، اهتم بصحته ، اهتم بعاداته ، وتصور ابنا ماله أب ، وأمه مشغولة عنه بالأسواق ، وهو في الأزقة ومداخل البنايات ، من مخفر إلى مخفر ، من مكان إلى مكان ، عنده تُهَمٌ كثيرة جداً ، تُهَمٌ أخلاقية ، و تُهَمٌ مالية ، وعنده سرقات ، وله إضبارة واسعة ، وازن بين هاذين الشابين ، شاب بأعلى درجات الانضباط والكمال ، وشاب بأسوأ درجات التفلت والانحلال .



    اسمعوا الآية :

     ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) 
    ( سورة محمد)
    لك مرجع ، لك كتاب تقرأه ، هذا حرام ، هذا حلاب ، لك إله تدعوه في الليل ، لك إله عظيم تسأله فيجيبك ، تستغفره فيغفر لك ، تتوب إليه فيتوب عليك ، لك مرجع ، في حياتك منظومة قيم ، هناك شيء حلال وشيء حرام ، شيء ممكن وشيء غير ممكن ، شيء مباح وشيء مكروه ، شيء واجب وشيء مستحسن ، أنت تعيش بمنظومة قيم ، وهذا من فضل الله علينا .

     ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) 
    [ سورة محمد]
    يصعد صعوداً حاداً ، ويسقط سقوطاً مريعاً ، يأتيه المال من كل جهة فينفقه بلا وعي ، مع الكبر والغطرسة ، فيسحقه الله عز وجل ، ويدمر ماله ، الفرق كبير جداً .


     أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) 
    ( سورة السجدة)


     أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) 
    ( سورة القلم )


     أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61) 
    ( سورة القصص ) .


    أيها الإخوة ، من نعم الله الكبرى أن يكون الله عز وجل وليك ، قال تعالى :

     نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) 
    ( سورة الأنفال) .
    آية واحدة تملأ قلبك طمأنينة :

    ﴿ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾
    ( سورة البقرة الآية : 216 ) .
    إذا فتح الله عليك باب الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء ، فربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
    (( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )) .
    [ أخرجه مسلم]
    لذلك أيها الإخوة ، قال تعالى :

    ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)
    ( سورة محمد )
    الله عز وجل يتولى أمرنا ، وقد تضيق علينا الدنيا ، وأحيانا تشح السماء ، فيقيم المسلمون صلاة الاستسقاء ، ويلجؤون إلى الله ، أحياناً يأتي شبح مرض ، هذا المرض سبب توبة نصوح ، أحياناً يأتي شبح فقر ، هذا الفقر يسوقنا إلى باب الله ، بطولتك أن تفهم حكمة الله في المصائب ، البطولة أن ترى حكمة الله في أفعاله ، لأن الله عز وجل حكيم .
    كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، وإرادة الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق.
    نعم المولى ، فهو عليم ، حكيم ، قدير ، وقعت في ورطة ـ لا سمح الله ولا قدر ـ إن دعوته أولاً فهو موجود ، ثانياً يسمعك ، ثالثاً قادر على أن يلبيك ، رابعاً يحبك ، فهو موجود وسميع ، وقدير ورحيم .


    تولِّي الله حفظ ونصرَ أنبيائه :

    1 – موسى عليه السلام :
    لذلك قال تعالى :

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ .
    ( سورة الشعراء ) .
    فرعون من ورائهم ، والبحر من أمامهم .

    ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ .
    ( سورة الشعراء ) .

    2 – يونس عليه السلام :
    سيدنا يونس كان في بطن الحوت :

     فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) 
    ( سورة الأنبياء الآية : 88 ) .



    شيء آخر :

    ﴿ قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا ﴾ .
    ( سورة التوبة الآية : 15 ) .

    أنت حينما تطيع الله عز وجل وحينما تعبده دقق ينشأ لك حقاً عليه ألا يعذبك ، لذلك :

     وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ  .
    ( سورة المائدة : 18 )
    لو أن الله قبِل دعواهم لما عذبهم ، لأن الله لا يعذب أحبابه .

  3. #13

    افتراضي

    هذا ما يتمتّع به المؤمن الذي تولاّه الله :

    1 – الأمن :

    المؤمن يتمتع بأمن لا يتمتع به أحد على الإطلاق ، والدليل :

    ﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾ .

    ( سورة الأنعام ) .
    لو أن الآية : أولئك الأمن لهم ، أي لهم ولغيرهم ، هذه البلاغة عبارة قصر وحصر .

    ﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82) ﴾ .
    ( سورة الأنعام ) .

    2 – الحكمة :

    يتمتع المؤمن بالحكمة :

     وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) 
    ( سورة البقرة) .

    3 – الرضى :

    يتمتع المؤمن بالرضى ، فلذلك حينما يسوق الله الإنسانَ إلى بابه عن طريق مصيبة ، أو شبح مصيبة ، أو ضيق ، أو عدو جاثم على صدره ، أو شبح فقر ، أو شبح مشكلة ، فهذه في الفهم الإيماني نعمة باطنة :

    ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
    ( سورة لقمان : 20) .

    إذا كنت ضمن العناية المشددة فأنت في نعمة كبرى :

    وأقول لكم هذه الكلمة : حينما يتابعك الله عز وجل ، وحينما يخضعك لتربيته فأنت في خير عميم ، وأنت في نعمة كبرى ، إذا كنت ضمن العناية المشددة فأنت في نعمة كبرى ، لكن المصيبة الكبيرة أن يتابع الله نعمه عليك ، وأنت تعصيه ، المصيبة الكبيرة أن تكون خارج العناية الإلهية :

    ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا (11) 
    ( سورة محمد )
    أحياناً يشدد عليهم أحياناً يضيق عليهم أحياناً يسلط عليهم عدوهم .

    ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِف طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ .
    ( سورة القصص ) .
    الآن دققوا :

    ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾
    ( سورة القصص ) .
    لذلك إذا كنت ضمن العناية المشددة فالله يتولى أمرك ، وإذا تولى الله أمرك فأنت في نعمة كبرى ، في متابعة من ضمن الله عز وجل .
    إذا أخطأت جاء العقاب ، أو أسرفت في الإنفاق جاء التقتير ، أو استعليت على إنسان جاء التأديب الذي من نوع هذه المعصية فصار تحجيما ، كإنسان تطاول عليك ، لأن الإنسان حينما يتطاول على غيره الله يؤدبه من جنس الذنب .


    الخاتمة :

    الخلاصة : مادمت خاضعاً للعناية الإلهية فأنت في نعمة كبرى ، لأن الله مولاك ، نعم المولى ونعم النصير ، هو مولانا ، وعلى الله فليتوكل المتوكلون .

    ﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ .
    ( سورة البقرة الآية : 257 ) .
    فيا أيها الإخوة الكرام ، هذا الاسم ( المولى ) من أقرب الأسماء للإنسان ، ولي أمرك ، يتولى شؤونك ، ينعم عليك ، يقتر عليك ، يرفعك ، يخفضك ، يملأ قلبك طمأنينة ، أو يملأ قلبك خوفاً ، يتولى أمر جسمك ، وأمر نفسك ، وأمر مستقبلك ، وأمر إيمانك ، وأمر عقيدتك ، وأمر علاقاتك ، هذا التولي نعم المولى ونعم النصير .
    هذا الاسم أيها الإخوة الكرام ، مرة ثانية ، من أقرب الأسماء للإنسان ، ولأن الإنسان عنده نقاط ضعف ثلاث ؛ خلق هلوعا ، وكان عجولا ، وخلق ضعيفاً ، نقاط الضعف تستوجب أن يكون له سند قوي يلجأ إليه ، يحتمي به ، يستعيذ به ، يتوكل عليه ، يعتمد عليه ، وهذا هو التوحيد ، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد .

    والحمد لله رب العالمين

  4. #14

    افتراضي

    اسم الله : المولى(2)

    أيها الإخوة الكرام ، لازلنا مع الاسم العظيم من أسماء الله الحسنى ( المولى ) ، أيْ أن الله عز وجل يتولى عباده المؤمنين ، يتولاهم بالرعاية ، يتولاهم بالتربية ، يتولاهم بالمعالجة .

     اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (257) 
    ( سورة البقرة )

     ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11) 
    ( سورة محمد )

    المعية العامة والمعية الخاصة :


    لذلك أيها الإخوة الكرام ، فرّق العلماء بين معية الله العامة ومعيته الخاصة ، فإذا قال الله عز وجل :

     وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ (4) 
    ( سورة الحديد )
    أي : معكم بعلمه ، مع أيّ مخلوق ؛ مع المؤمن ، ومع الكافر ، معكم بعلمه ، أما إذا قال الله عز وجل :

     وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19) 
    ( سورة الأنفال)
    هذه المعية الخاصة ، أي هو معهم بالتأييد والنصر ، والحفظ والتوفيق ، وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد مَن فقدك ؟

    المعية الخاصة تستلزم الولاية الربانية :

    الحديث النبوي الشريف الذي يبين هذه المعية ، ويبين هذه الرعاية وهذا الحفظ هو قول النبي عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ :
    (( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ... )) .
    [ البخاري ]
    ولم تَرِد كلمة الحرب إلا في موضعين ، في موضع في القرآن الكريم ، وموضع في الحديث الشريف ، الموضع الأول :

     فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (279) 
    ( سورة البقرة )
    في موضوع الربا ، وما من معصية توعد الله في القرآن مرتكبها بالحرب إلا الربا ، وفي الحديث الشريف الصحيح :
    (( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ... )) .
    قبل أن تقف في خندق مُعادٍ للحق ، هل تعلم مَن هو الطرف الآخر ؟
    إن الإنسان في الحياة المدنية قبل أن يتطاول على إنسان يمثل الحكومة هل تعلم من هو الطرف الآخر في حياتنا اليومية ؟ فإذا تطاول الإنسان على دين الله ، وعلى شرع الله ، ووصل إلى الأشياء التي هي مقدسة في حياة المسلمين فلينتظر الحرب من الله عز وجل . :
    (( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ... )) .

    المفهوم القرآني للولي :

    1 – الوليُّ هو المؤمن بالله :

    مَن هو الولي ؟ المفهوم القرآني للولي :

     أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)
    ( سورة يونس)
    إنَّ أيَّ مؤمن يجب أن يكون ولياً لله .

    2 – الوليُّ هو المتَّقي الله :

    تعريف الولي في القرآن الكريم :

    الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)
    ( سورة يونس)
    لو ضغط الدين كله في كلمتين لكانت الكلمة الأولى : أنك آمنت بالله ، والكلمة الثانية : تتقي أن تعصيه ، لذلك يمكن أن تضغط رسالات الأنبياء كلها في كلمتين :

    وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
    ( سورة الأنبياء)
    لذلك قال العلماء : " نهاية العلم التوحيد ، ونهاية العمل التقوى "، فإذا وحدت الله ، واتقيت أن تعصيه فقد حققت الهدف من وجودك ، وقد وضعتَ يدك على حقيقة الدين .
    هذا الراعي الذي امتحنه سيدنا عبد الله بن عمر ، قال له : << بعني هذه الشاة ، وخذ ثمنها ، قال : ليست لي ، قال : قل لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب ، قال : والله إنني لأشد الحاجة إلى ثمنها ، ولو قلت لصاحبها : ماتت ، أو أكلها الذئب لصدقني ، فإني عنده صادق أمين ، ولكن أين الله ؟ >> .
    هذا الراعي وَضع يده على جوهر الدين .
    في أيّة لحظة تقول : أين الله فقد وضعت يدك أيها الأخ الكريم على حقيقة الدين ، لذلك يمكن أن يضغط الدين كله في كلمة واحدة ، وهي الاستقامة ، وما لم نستقم على أمر الله فلن نقطف من ثمار الدين شيئاً ، لذلك الحديث الشريف الذي جاء على صيغة حديث قدسي :
    (( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ... )) .
    هنيئاً لمن وقف مع الحق ، والويل لمن وقف في خندق معادٍ للحق ، فالولي الذي آمن بالله واتقى ، أن يعصيه ، لأن نهاية العلم التوحيد ، ونهاية العمل التقوى ، فإذا وحّدتَ الله وعبدته فقد حققت الهدف من وجودك ، لذلك قال تعالى :

     مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)
    ( سورة النساء)

    معرفةُ الله مقرونة بالتقرب إليه وطاعته :

    الآن لا معنى لأن تعرف الله من دون أن تتقرب إليه :

     فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110) 
    ( سورة الكهف)
    الآية :

     قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ (6) 
    ( سورة فصلت)
    كأن الله عز وجل أراد أن يلخِّص القرآن كله في كلمة واحدة :

     قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ (6) 
    ( سورة فصلت)

    ماذا يوحى إليه ؟
     إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110) 
    ( سورة الكهف)
    إذاً : لو قلت : إن الشمس ساطعة ، ويا لها من شمس ساطعة ، وأنت في أمسِّ الحاجة إلى ضوء الشمس ، ولم تتعرض لأشعة الشمس ، وأنت تعاني من مرض جلدي ، وعلاجه الوحيد التعرض إلى أشعة الشمس ، فمهما تحدثتَ عن أشعة الشمس ، مهما أثنيتَ على أشعة الشمس ، مهما بينتَ فائدة أشعة الشمس ، وأنت قابع في غرفة مظلمة فهذا الكلام لا قيمة له إطلاقاً ما لم تتحرك نحو أشعة الشمس .

    لا تكن صاحبَ إيمانٍ إبليسيٍّ :

    الإيمان من دون عمل قد يوصف أحياناً بأنه إيمان من نوع إيمان إبليس ، قال تعالى :

     قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) 
    ( سورة ص)
    إبليس قال : رب ، آمن به رباً ، وآمن به عزيزاً ، وقال :

     خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ (12) 

    ( سورة الأعراف)
    آمن به خالقاً ، وقال :

     أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) 
    ( سورة الأعراف )
    لذلك ترداد كلمات الإيمان من دون عمل لا قيمة لها إطلاقاً :

     فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) 
    ( سورة الكهف )


    مراتب التقرُّبِ إلى الله لنيلِ منزلةِ الولاية :

    1 – وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ :


    قد بينت من قبل أن الإنسان إذا استقام على أمر الله يَسلم ، أما إذا عمل الصالحات يسعد ، وفرق كبير بين السلامة والسعادة ، مع أن كل إنسان على وجه يتمنى السلامة والسعادة ، لذلك الحديث القدسي الشريف :
    (( ... وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ... )) .
    [ البخاري عن أبي هريرة ]
    الفرائض أولاً ، أداء الفرائض مقدم على أي شيء ، أعظم قربة إلى الله أن تؤدي الفرائض :
    (( ... وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ... )) .
    أيها الإخوة ، حينما يقول الإنسان : هذه فريضة ، ما معنى فريضة ؟ أي أن سعادتك تتوقف عليها .
    للتقريب : كيف نقول : إن استنشاق الهواء فريضة ، لأن حياة الإنسان متوقفة على استنشاق الهواء .
    شرب الماء فريضة ، لأن حياة الإنسان متوقفة على شرب الماء .
    تناول الطعام فريضة ، لأن أي حياة الإنسان متوقفة على تناول الطعام ، فتناول الطعام ، وشرب الماء ، واستنشاق الهواء فرائض ، بمعنى أن حياة الإنسان متوقفة عليها .
    أما الحرام فهو الذي يحرم النفس من سعادتها وسلامتها ، وحينما تفهم أوامر الدين أنها ضمان لسلامتك ، وليست حداً لحريتك تكون فقيهاً ، فإذا رأيت لوحة كتب عليها : " ممنوع التجاوز ، حقل ألغام " ، فأنت لا تشعر أن واضع هذه اللوحة أراد أن يقيد حريتك ، بل تعلم علم اليقين أنه أراد أن يضمن لك سلامتك ، لذلك في اللحظة التي تفهم أوامر الدين أنها ضمان لسلامتك وسعادتك تكون فقيهاً ، وحينما تفهم أن أوامر الدين قيد لحريتك تكون بعيداً عن فهم الدين الصحيح .

    2 – وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ :

    (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ )) .
    أول مراتب القرب من الله أداءُ الفرائض ، والفريضة ما تتوقف عليها سعادتك وسلامتك .
    عندنا أشياء في الدين حدية ، وعندنا أشياء نسبية ، فتركُ المحرمات حديٌّ ، لا تفاوت في ذلك ولا تفاضل ، كما أن عندنا في اللغة العربية أفعالا لا تقبل التفاوت ، كفعل ( مات ) ، لا تقل : فلان أموت من فلان ، الموت حدي ، له حالة واحدة ، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ، تنوعت الأسباب والموت واحد ، فهناك أفعال لا تقبل التفاوت بل هي حدية ، وهناك أفعال تقبل التفاوت ، تقول : أنا أكثر منك مالاً ، المال نسبي يزيد وينقص ، فالاستقامة ما فيها تفاوت ، الاستقامة حدية ، فالذي نهانا عنه النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن ننتهي عنه كلياً .
    تقريباً : كمستودع الوقود السائل ، له صفة سلبية وصفة إيجابية ، الصفة السلبية أنه محكم ، والإحكام حدي ، هي حالة واحدة ، إذا قلت : محكم ، يعني أنه محكم ، تضع فيه ألف لتر ، وتغلقه بإحكام ، وتغيب مئة عام ، ترجع وتجده كما تركتَه ، لأنه محكَم ، إن لم يكن محكَماً فعدم الإحكام نسبي ، قد تقلّ الكمية بعد شهر ، أو بعد أسبوع ، أو بعد سنة ، أو بعد ساعة ، فعدم الإحكام نسبي ، أما الإحكام فحدي ، الاستقامة حدية ، لا تقبل التفاوت ، لذلك إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فأقلّ ممرض في المستشفى مع أعلى طبيب في المستشفى لابد من تعقيم الإبرة ، أما العلم فمتفاوت ، الفرق كبير جداً بين الممرض والطبيب ، أما من حيث تعقيم الإبرة فلو أراد طبيب متفوق جداً أن يعطي إنسانا حقنة فلا بد من تعقيمها ، ولو جاء ممرض ليعطيه هذه الحقنة فلا بد من تعقيمها بقواعد ثابتة وحدية ، فالاستقامة حدية ، والأعمال الصالحة متفاوتة ، هذا المستودع له صفة واحدة ، هي أنه محكم ، حدي ، أما إملاءه فبحسب الرغبة ، فإنسان وضع فيه مئة لتر ، وإنسان آخر وضع مئتين ، وإنسان آخر خمسمئة ، وهكذا .
    لذلك أول قربة إلى الله حدية ، وهناك فرائض طوعية ،
    (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )) .


    بينَ عبدِ الشكر وعبدِ القهرِ :

    بالمناسبة كلمة ( عبد ) تجمع على جمعين ، هناك عبد جمعه عبيد ، وعبد جمعه عباد ، والفرق كبير بين العبيد والعباد ، العبد عبد القهر يجمع على عبيد ، وعبد الشكر يجمع على عباد ، قال تعالى :
    ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ .
    ( سورة الحجر : 42)
    هذا عبد الشكر ، وكل إنسان عبد لله ، بمعنى أنه مقهور ، كل إنسان سلامته متوقفة على سيولة دمه ، فأيّ إنسان تجمدت قطرة دم في أحد أوعية الدماغ أصيب بالشلل ، فالإنسان مقهور ، مقهور بخثرة في الدماغ ، مقهور بتشمع الكبد ، مقهور بفشل كلوي ، مقهور بورم سرطاني ، فكل إنسان عبدٌ لله ، عبد بمعنى أنه في قبضة الله ، فهذا العبد عبد القهر يجمع على عبيد :

     وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46) 
    ( سورة فصلت :46)
    أما العبد الذي عرف الله ، وأقبل عليه ، وانضبط بمنهجه فهذا العبد يجمع على عباد :

    ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ .
    ( سورة الحجر :42)

     نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) 
    ( سورة الحجر)

    واللغة دقيقة جداً ، والفرق بين الجمعين واضح جداً ، لذلك :

    التقرُّب إلى الله سهلٌ جدا :

    (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي )) .
    وهذه نسبة تشريف ، فقد شرفنا الله عز وجل بأن نسبنا إلى ذاته العلية :
    ((وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )) .
    معنى ذلك أن العلاقة مع الله واضحة ، الله عز وجل يحب من يتقرب إليه ، وأحياناً يكون التعامل مع جهة صعب جداً ، جهة مزاجية ، ليس لها قاعدة تضبط تعاملها مع الآخرين ، التعامل مع إنسان مزاجي صعب جداً ، لكن التعامل مع رب العالمين سهل جداً ، الله يحب الصادقين ، يحب المتوكلين ، يحب التائبين ، وهناك عدد من الآيات تثبت هذا :

     إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) 
    ( سورة آل عمران)

     وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)  .
    (سورة البقرة)
    إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)  .
    (سورة البقرة)
    إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ (222) .
    (سورة البقرة)
    وهكذا فالتعامل مع الله سهل جداً
    ((وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ )) .
    هناك صلاة نافلة ، وصيام النوافل ، وصدقة وقيام ليل :
    (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )) .
    هناك شيء دقيق جداً ، لو أن الإنسان مشى إلى الله خطوة مشى الله إليه خطوات ، لمجرد أن تفكر أن تتقرب إلى الله رأيت أن الله عز وجل قد ملأ قلبك سعادة ، ملأ قلبك طمأنينة ، ملأ قلبك رضى ، وهناك تجاوب سريع جداً من الله عز وجل ، بل إن الله ينتظرك ، وقد ورد في بعض الآثار :
    (( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم ، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي ، ولماتوا شوقاً إلى ، هذه إرادتي بالمعرضين ، فكيف بالمقبلين )) .
    [ ورد في الأثر ] .
    حينما تقبل على الله لا تدري أن الله أَفرَحُ بتوبة عبده من الضال الواجد ، والعقيم الوالد ، والظمآن الوارد .
    النبي عليه الصلاة والسلام قدّم صورة رائعة جداً لأعرابي ركب ناقته :
    (( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ ، وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ ، فَأَيِسَ مِنْهَا ، فَأَتَى شَجَرَةً ، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا ، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ : اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي ، وَأَنَا رَبُّكَ ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ )) .
    [ مسلم ]
    (( لله أفرح بتوبة عبده من ذلك البدوي بناقته )) .
    [ متفق عليه ] .
    فلذلك حينما ترجع إلى الله وتتوب إليه يفرح الله بك ، إذا رجع العبد إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض : أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله .
    (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )) .
    وإذا أحبك الله فلا تعبأ بشيء آخر ، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ إذا أحبك الله ألقى محبتك في قلوب الخلق ، وهذا معنى قوله تعالى :

     وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي (39) 
    (سورة طه)
    لذلك إذا أحبك الله خدمك أعداءك ، وإذا تخلى الله عنك يتطاول عليك أحبابك .
    (( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ )) .

  5. #15

    افتراضي

    كيف تتجلّى ولاية الله للمؤمنين ؟
    ما معنى أن الله ولي المؤمن ؟

    1 – فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الّذِي يَسْمَعُ بِهِ :

    (( فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ )) .
    الآن بدأنا باسم الولي ، الإنسان يستمع إلى ملايين الموضوعات في حياته ، أما المؤمن فسمعه منضبط بالمنهج الإلهي .
    بالمناسبة مستحيل وألف ألف مستحيل أن تستوعب الباطل ، حياتنا جميعاً ، حياة أهل الأرض لا تكفي لاستيعاب الباطل ، لأن الباطل متعدد ، تماماً كما في الهندسة ؛ بين نقطتين لا يمر إلا مستقيم واحد ، حاول أن تمرر مستقيما آخر يأتي فوقه تماماً ، لذلك الحق لا يتعدد ، والدليل أن الله عز وجل يقول :

    وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ .
    ( سورة الأنعام : 153 )
    بين نقطتين يمر مليون خط منكر ، يمر مليون خط منحنٍ ، لكن لا يمر إلا خط مستقيم واحد ، لهذا قيل : المعركة بين حقين لا تكون ، لأن الحق لا يتعدد ، والمعركة بين حق وباطل لا تطول ، لأن الله مع الحق ، أما المعركة بين باطلين فلا تنتهي ، وفرق كبير بين معركة لا تكون أصلاً ، وبين معركة لا تطول ، وبين معركة لا تنتهي .
    الآن :

    يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ (257)
    (سورة البقرة )
    جمع :

    إِلَى النُّورِ (257)
    (سورة البقرة )
    مفرد :

    وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ  .
    ( سورة الأنعام : 153 )

    لذلك أيها الإخوة الكرام ، حياتنا جميعاً لا تكفي لاستيعاب الباطل ، الباطل متنوع ، ويمكن أن تمضي عشر سنوات أو عشرين سنة في دراسة فئة ضالة ، والفئات الضالة تنتظمها قواعد تأليه الأشخاص ، وتخفيف التكاليف ، واعتماد نصوص موضوعة ، ونزعة عدوانية ، فالباطل لا تكفي حياتنا لاستيعابه ، لكن الحق واحد ، من السهل جداً أن تستوعب الحق في عمر معتدل ، فصار كل شيء خلاف الحق باطلا ، لذلك الطريق سالك ، ويمكن أن تستوعب الحق .
    (( فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ )) .
    الإنسان يستمع إلى ملايين المقولات ، فيغربلها ، استوعب الحق ، هذه الفكرة خلاف القرآن ، هذه الفكرة خلاف الحديث الصحيح ، هذه الفكرة خلاف المنهج ، هذه الفكرة خلاف ما في كتاب الله عز وجل ، فالأصل كتاب الله ، هو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
    (( فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ )) .
    هناك كلمات لا معنى لها ، كلمات فيها تناقض مع القرآن الكريم ، لذلك قال تعالى :
     يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)  .
    (سورة الشعراء)
    ما القلب السليم ؟ القلب الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله ، هذه من صفات القلب السليم ، السمع مضبوط بمنهج الله عز وجل ، إنسان يردّ مليون مقولة ، بل ويركلها بقدمه إن خالفت منهج الله عز وجل ، عنده حق ، عنده ميزان ، عنده مقياس .


    2 – وَبَصَرَهُ الذِي يُبْصِرُ بِهِ :

    قال : (( وَبَصَرَهُ الذِي يُبْصِرُ بِهِ )) .
    لو أن إنسانا نظر إلى بناء يأخذ بالألباب ، لكن صاحبه تاجر مخدرات ، جمعه من مال حرام ، فإنه لا يحترم صاحب هذا البناء ، يحتقره لأن عنده ميزانًا ، لذلك المؤمن منضبط ، سمعه منضبط ، وبصره منضبط ، الأشياء لها صورة ولها حقيقة ، يمكن أن يحترم إنسان دخله محدود جداً من حلال ، ويحتقر إنسان بنى مجده على أنقاض الناس ، أو على حياة الناس ، أو على أمن الناس ، أو على خوف الناس ، فالآن تقييمه للأشياء مبني على نور ألقاه الله في قلبه ، فيقيّم الأشياء بميزان دقيق ، بمنظومة قيم رائعة جداً .


    3 – ويَدَهُ التِي يَبْطِشُ بِهَا :

    ((فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الذِي يُبْصِرُ بِهِ ، ويَدَهُ التِي يَبْطِشُ بِهَا )) .
    لا يتحرك حركة إلا وفق منهج الله ، إن أعطى أَعطى لله ، وإن منع مَنع لله ، وإن رضي رَضي لله ، وإن غضب غَضب لله ، وإن وَصل وصل لله ، وإن قطع قَطع لله ، هكذا .


    4 – ورِجْلَهُ التِي يَمشِي بِهَا :

    ((ورِجْلَهُ التِي يَمشِي بِهَا )) .
    لا تقوده رجله إلا إلى عمل صالح ، أو أمر بالمعروف ، أو نهي عن المنكر ، أو لارتياد بيوت الله ، أو لإصلاح بين شخصين ، حركته كلها في سبيل الله .


    5 – وَإِنْ سَأَلَني لَأُعْطِيَنَّهُ :

    ((وَإِنْ سَأَلَني لَأُعْطِيَنَّهُ)) .
    أصبح مستجاب الدعوة .

    ﴿ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ .
    ( سورة البقرة الآية : 257 ) .
    هذا معنى الولي .


    6 – وَلئِِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ :

    ((وَلئِِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ )) .
    إذا التجأ إنسان إلى الله عز وجل فإنّ الله يلبي فوراً ، أصبح مستجاب الدعوة
    (( وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ )) .
    قرأت تاريخ سبعين صحابيا من الصحابة الأجلاء ، ما منهم واحد إلا كان في ساعة الموت في أسعد لحظات حياته ، قال تعالى :

    ﴿ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴾ .
    ( سورة يس ) .
    ما معنى أن الله ولي المؤمن ؟ أن هذا المؤمن تحت رعاية الله ، وحفظه ، وتأييده ، ونصره ، يتولاه بالرعاية ، يتولاه بالحفظ ، يتولاه بالتأييد ، يتولاه بالمعالجة ، فلذلك من أقرب أسماء الله الحسنى إلى المؤمن اسم الولي .
    والحمد لله رب العالمين

  6. #16
    الصورة الرمزية mona roshdi
    mona roshdi غير متواجد حالياً المشرفه المميزه للأسلامي العام والصوتيات والمرئيات الاسلامية
    تاريخ التسجيل
    27 - 6 - 2008
    ساكن في
    خلف دائرة الأحذان
    المشاركات
    12,425
    مقالات المدونة
    1
    النوع : انثيEgypt

    افتراضي



    مساءك بنقاء سريرتك

    بارك الله فى عمرك ايها النقى

    اتابع معك ان شاء الله
    التعديل الأخير تم بواسطة mona roshdi ; 22 - 11 - 2009 الساعة 11:45 PM

  7. #17

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mona roshdi مشاهدة المشاركة


    مساءك بنقاء سريرتك

    بارك الله فى عمرك ايها النقى

    اتابع معك ان شاء الله
    شكرا لمتابعتك

    يتبع مع اسم الله النصير

  8. #18

    افتراضي

    اسم الله : النصير(1)

    النصير كمالٌ في الوصف ومبالغة فيه :

    أيها الإخوة الكرام ، الاسم اليوم هو ( النصير ) ، وهذا الاسم ورد مطلقاً مراداً به العلمية ، ودالاً على كمال الوصفية ، وهو صيغة مبالغة ، وصيغ المبالغة تعني شيئين ؛ تعني مبالغة الكّمّ ، ومبالغة النوع ، أي مهما يكن العدو قويا فالله هو النصير ، ومهما تكن الأعداء كثيرة فالله سبحانه وتعالى نصير .

    الآيات والأحاديث الوارد فيها اسم النصير :

    الله نصير مع أقوى عدو ، ونصير مع أكثر الأعداء تنوعاً ، لذلك هذا الاسم ورد مطلقا ، وورد مقرونا باسم المولى في آيتين فقط .

    الآيات :


    الآية الأولى :

    الآية الأولى :

     وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40) 
    ( سورة الأنفال )

    الآية الثانية :


     وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) 
    ( سورة الحج ) .

    الأحاديث :

    وورد هذا الاسم أيضا مقيداً في دعاء النبي عليه الصلاة والسلام ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَالَ :
    (( اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي ، بِكَ أَحُولُ ، وَبِكَ أَصُولُ ، وَبِكَ أُقَاتِلُ )) .
    [ الترمذي وأبو داود ]

    قواعد النصر :

    لكن ما من اسم يحتاجه المسلمون اليوم كهذا الاسم ، لكن هذا النصر له قواعد .

    النصر من عند الله :

    أول قواعد النصر أن النصر من عند الله ، وحينما يتوهم المسلمون أن النصر من عند زيد أو عبيد فقد وقعوا في وهمٍ كبير ، قال تعالى :

    ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾ .
    ( سورة الأنفال الآية : 10 ) .

    ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ ﴾ .
    ( سورة آل عمران الآية : 160 )

    أنواع النصر :

    1 – النصر الاستحقاقي :

    وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ولكن هناك نصر استحقاقي ، فالمؤمن حينما يكون على ما ينبغي وينتصر فهذا نصر سماه العلماء النصر الاستحقاقي ، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى :


    ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ .
    ( سورة آل عمران الآية : 123 )
    كان أصحاب النبي من الافتقار ومن الاستقامة ومن التوحيد ما استحقوا به نصر الله عز وجل .
    بالمناسبة ، حينما قال تعالى :
    ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾ .

    النصر الاستحقاقي ثمنه الإيمان والإعداد :

    معنى ذلك أنه من عند الله ، ولكن له ثمن ، ما ثمن هذا النصر ؟ الإيمان والإعداد :

    الإيمان :

    الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ـ والإعداد المتاح فقط .
    الآية الأولى :

    ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
    ( سورة الروم الآية : 47 ) .
    كلام خالق الأكوان ، وزوال الكون أهون عند الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ،  إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا  .

    ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ .

    ( سورة النور الآية : 55 ) .
    الشرط الأول للنصر هو من عند الله ولكن له ثمن ، والبند الأول في الثمن الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ، أما الإيمان الذي لا يحمل على طاعة الله فلا قيمة له إطلاقا.

    الإعداد :

    الآن الإعداد :

    ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾ .
    ( سورة الأنفال الآية : 60 ) .
    لكن رحمة الله أنه كلفنا أن نعد العدة المتاحة ، وليست المكافئة ، وفرق كبير بين أن نعد العدة المكافئة ، وهذا مستحيل الآن ، وبين أن نعد العدة المتاحة .
    عندما أؤمن الإيمان الذي يحملني على طاعة الله ، وحينما أعد لأعدائي العدة المتاحة عندئذ أكون قد دفعت ثمن النصر ، وما لم يدفع ثمن النصر فالنصر مستحيل ، وهذه هي الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، إذن النصر من عند الله ، وله ثمن ، والثمن له بندان الأول الإيمان ، والثاني الإعداد .
    إذا آمنا ولم نعد فلا ننتصر ، وإذا أعددنا ولم نؤمن فلا ننتصر ، لذلك قالوا : الإيمان والإعداد شرطان كل منهما لازم ، لا يحقق الثاني إلا إذا كان الأول ، فكل شرط من هذين الشرطين لازم غير كاف ، وما لم يتحقق الشرطان معاً فلن يكون النصر .
    حينما نتعامل مع الله وفق قواعده القرآنية ، ووفق نواميسه نقطف الثمرة ، أما إذا تعاملنا مع الله تعاملا ضبابياً مزاجياً ، ولم ندفع الثمن فلن ننتصر ، إذًا : النصر من عند الله ، وله ثمن ، ثمنه الإيمان والإعداد ، لكن أي إيمان ؟ الكلّ يدعي أنه مؤمن ، الإيمان الذي يترجم إلى استقامة ، الإيمان الذي يحملك على طاعة الله ، لذلك لماذا لم ينتصر المسلمين في أُحُد ؟ لأنهم عصوا ، ولو أنهم انتصروا لسقطت طاعة رسول الله .
    ولماذا لم ينتصر المسلمون في حنين ؟ في أُحُد وقعوا في معصية ، وفي حنين وقعوا في شرك خفي ، فقالوا : لن نهزم مِن قلة ، إذًا : إما لسبب سلوكي في أُحد ، أو لسبب اعتقادي في حنين ، قال تعالى :

     وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) 
    ( سورة التوبة ) .

    درسان بليغان من معركة أُحُد وحُنين :

    الآن نستنبط من وقعة أحد ووقعة حنين أن هناك درسين بليغان ، الأول : حينما تقول : الله ، يتولاك الله عز وجل ، وحينما تقول : أنا ، يتخلى عنك ، وهذا الدرس نحتاجه كل يوم ، بل كل ساعة ، قل : أنا بعلمي ، واختصاصي النادر ، وخبراتي المتراكمة ، ومالي العريض ، وجاهي الكبير ، يتخل الله عنك ، في حرفتك ، في مهنتك ، لا تقل : أنا ، أنا كلمة مهلكة ، قل : الله ، في زواجك ، في عملك ، في حرفتك ، حينما تقابل عدوا فإذا قلت : الله ، يتولاك الله ، فإذا قلت : أنا ، يتخلى عنك ، وما أشد هذين الدرسين عظة وفهما لما يجري في العالم .
    لذلك حينما نعتد بأنفسنا يتخلى الله عنا ، " وما من مخلوق يعتصم بي من دون خلقي أعرف ذلك من نيته ، فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا ، وما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هويا تحت قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه " .
    فلذلك أيها الإخوة الكرام ، النصر من عند الله ، وله ثمن ، وما لم ندفع الثمن فلن نشم رائحة النصر ، وهذه هي الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح ، فالنصر الأول هو النصر الاستحقاقي ، حينما ندفع ثمنه إيماناً مترجماً إلى التزام ، إلى وقوف عند الحلال والحرام ، إلى فعل ما ينبغي ، إلى تطبيق منهج الله ، إلى أن يرانا الله حيث أمرنا ، وأن يفتقدنا حيث نهانا ، والثمن الثاني أن نعد القوة المتاحة .
    لذلك التوكل من دون إعداد تواكل ، وهو معصية ، أن تقول : يا رب ، توكلت عليك ، ولا تفعل شيئا ، سيدنا عمر وجد رجلا معه جمل أجرب ، قال : << يا أخا العرب ، ما تفعل بهذا الجمل ؟ فقال : أدعو الله أن يشفيه ، قال : هلا جعلت مع الدعاء قطراناً >> .
    ورأى سيدنا عمر أناسا يتكففون الناس في الحج ، قال : مِن أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكلون ، قال : كذبتم ، بل أنتم المتواكلون ، المتوكل من ألقى حبة في الأرض ، ثم توكل على الله .
    والنبي عليه الصلاة والسلام قال :
    (( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) .
    [ أبو داود عن عوف بن مالك ]
    أن نستسلم ، ونقول : ما بيدنا شيء ، انتهينا ، هذا كلام الضعفاء ، كلام ضعاف الإيمان ، كلام الجهلة ، الله موجود :

    ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
    ( سورة الروم )
    وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، الله موجود ، الله فعال :

     مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26) 
    ( سورة الكهف )



     وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ (123) 
    ( سورة هود)

     وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ (84) 
    ( سورة الزخرف)
    آيات التوحيد ، وما تعلم العبيد أفضل من التوحيد .

    2 – النصر التفضُّلي :

    إذاً : النصر الأول هو النصر الاستحقاقي ، حينما يدفع ثمن النصر إيمانا بالله يحمل على طاعته ، وإعدادا للقوة المتاحة ، الآن هناك نصر آخر سماه العلماء النصر التفضلي دليله الآية الكريمة :
    ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ .
    ( سورة الروم )
    في هذه الآية إعجاز ، فبعد أن اكتشفت أشعة الليزر أمكن قياس المسافات بدقة متناهية ، وأمكن قياس المسافة بين الأرض والقمر بدقة متناهية ، وأمكن قياس المنخفضات والأغوار بدقة متناهية ، وبعد أن اكتشفت هذه الأشعة تبين أن أخفض نقطة في الأرض غور فلسطين ، والروايات التاريخية تؤكد أن هذه المعركة التي جرت بين الروم والفرس كانت في غور فلسطين ، فقال الله عز وجل :

    ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ .
    ( سورة الروم )
    الروم أهل كتاب ، وأهل الكتاب مشركون ، ومع ذلك انتصروا ، هذا النصر ليس استحقاقياً ، ولكنه نصر تفضلي ، فنحن في عبادتنا نقول : يا رب ، إن لم نكن نستحق النصر الاستحقاقي فانصرنا نصراً تفضلياً ، والنصر التفضلي يعني أن المنتصر ليس كما ينبغي ، لكن حكمة الله اقتضت أن ينتصر ، لذلك أثبت الله للصحابة الكرام وهم نخبة البشر فرحهم بهذا النصر .

    ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ .
    ( سورة الروم )
    هذا هو النصر التفضلي ، إذا كانت فئة ليست كما ينبغي ، وانتصرت على الكفار وأعداء الله فهذا شيء ينبغي أن نفرح له بنص هذه الآية .
    هذا هو النصر الثاني النصر التفضلي .

    3 – النصر المبدئي :

    لكن هناك نصر ثالث ، ما هو ؟ النصر المبدئي :

     قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) 
    ( سورة البروج )
    الآن كلام دقيق ، أصحاب الأخدود هل انتصروا ؟ بالمقياس التقليدي لم ينتصروا ، لكنهم انتصروا نصرا مبدئياً ، لأنهم ثبتوا على إيمانهم بالله .
    بالمناسبة ، مسيلمة الكذاب قبض على صحابيين ، وقال للأول : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : ما سمعت شيئا ، فقتله ، وقال للثاني : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : أشهد أنك رسول الله .
    الآن استمعوا إلى ما قاله النبي الكريم عن هذه الحادثة ، قال : أما الأول فأعز دين الله فأعزه الله ، الذي قتل النبي عليه الصلاة والسلام عدَّه منتصرا ، لأنه صمد على مبدئه ، ومن هذا النوع من النصر ماشطةُ بنتِِ فرعون ، جاؤوا بأولادها الخمسة ، لأنها قالت لما وقع المشط من يدها : يا الله ، البنت قالت لها : ألك رب غير أبي ؟ قالت : الله ربي ورب أبيك وربك ، فحدثت أباها ، فجاء بقدر من النحاس ، وجعل فيه زيتا مغليا ، وجاء بأولادها الخمسة ، وأمسك الأول ، وقال : ألك رب غيري ؟ قالت : الله ربي وربك ، فألقى الأول في الزيت المغلي فظهرت عظامه طافية على سطح الزيت ، وأمسك ولدها الثاني ، ألك رب غيري ؟ قالت: الله ربي وربك ، فألقى الثاني ، وألقى الثالث ، وألقى الرابع ، الخامس رضيع ، فلما قال لها : ألك رب غيري ؟ سكتت ، تضعضعت ، ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة ، فأنطق الله ولدها الرضيع ، قال : اثبتي يا أمي ، فأنت على الحق ، وألقاه في الزيت ، ثم ألقاها في الزيت ، هذه انتصرت نصرا مبدئيا ، أي ثبتت .
    فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام في الإسراء والمعراج شم رائحة لم يشم مثلها إطلاقا ، فقال : يا جبريل ، ما هذه الرائحة ؟ رائحة طيبة جداً ، قال : هذه رائحة ماشطة بنت فرعون ، ففي النصر المبدئي يمكن أن لا تنتصر بالمقياس التقليدي ، لكنك مُتنا على الإيمان ، وهذا نصر مبدئي ، وفي هذا المعنى تسلية وتطمين لكل مَن قُتِل وهو على حق .
    فالنبي قال : أما الأول فأعز دين الله فأعزه الله ، القلق على من ؟ على الثاني الذي قال : أشهد أنك رسول الله ، يا الله ما أعظم هذا الدين ! أما الثاني فقد قبل رخصة الله ، ما كلف الله الإنسان فوق ما يستطيع ، فلو أن الماشطة قالت : أنت ربي ، فلا شيء عليها ، ولكن لو أخذ كل المؤمنين بالرخص ما بقي هناك بطولات ، فالإمام أحمد بن حنبل لم يقبل بخلق القرآن ، فدخل السجن ، وعذب .
    لذلك الأمة في حاجة لمن يدفع ثمن مبدئه غاليا ، ولو أن كل إنسان أخذ بالرخص فلن نجدد في الأرض بطولات إطلاقاً .
    فهناك نصر مبدئي ؛ بأن يموت الإنسان على مبدئه صراحة ، ولم يساوم عليه .
    مرة كنت في بلد إسلامي ، تركيا ، وذكرت هذه القصة ، وقلت : أما الأول ، للتقريب ، أعطي مائة ألف دولار، وأما الثاني فأعطي مائة ألف ليرة تركية ، في الأجر ليس كالأول ، الأول ضحى بحياته من أجل مبدئه ، وكل شيء له ثمن ، وكل شيء له حساب عند الله عز وجل .
    أيها الإخوة الكرام ، درس بدر وحنين ، تقول : الله يتولاك ، تقول : أنا ، يتخلى عنك ، وهذا الدرس نحتاجه كل يوم ، وفي كل ساعة ، وفي بيوتنا ، وفي أعمالنا ، وفي حرفنا ، وفي مواجهتنا لمن نخافهم ، قل : الله ، فإن الله يتولاك .

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
    ( سورة الشعراء ) .

    قصص القرآن قوانين سارية في كل زمان ومكان :

    لا أمل ، فرعون من ورائهم ، والبحر من أمامهم ، فرعون بطغيانه وجبروته وحقده ولؤمه وقوته وراءهم ، والبحر أمامهم .

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾
    ( سورة الشعراء ) .
    لذلك الله عز وجل يقلب القصص القرآنية إلى قوانين ، سيدنا يونس وهو في بطن الحوت :
    ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) ﴾
    ( سورة الأنبياء ) .
    إذًا : أول نصر استحقاقي ، والثاني تفضيلي ، والثالث مبدئي ، فالإنسان لا يعدم أن ينتصر نصرا مبدئيا ، هذا بإمكانه .

    لا للإحباط وسوءِ الظن بالله :

    شيء آخر :

     مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ (15) 
    ( سورة الحج ) .
    عنده وهم خاطئ ؛ أن الله لا ينصره ، وقد يقع الإنسان في سلسة إحباطات يتوهم أن الله لن ينصره ، فيسيء الظن بالله .

     الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ (6) 
    ( سورة الفتح ) .
    وأقول لكم بكل صراحة : إن بعض المسلمين وقعوا في الإحباط واليأس ، ولذلك هناك امتحانان صعبان :
    الامتحان الأول : أن يقوِّي اللهُ الكافر حتى يقول ضعاف الإيمان : أين الله ؟ وأحيانا يظهِر الله آياته حتى يقول الكافر : لا إله إلا الله .
    نحن الآن في الامتحان الأول ، وهو صعب جداً ، الطرف الآخر قوي ومتغطرس ، ويفعل ما يقول ، فبعض المؤمنين ضعفوا :

    ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ .
    ( سورة آل عمران ) .
    إذن النصر التفضلي والنصر المبدئي والنصر الاستحقاقي وموضوع بدر وحنين ، تقول : الله ، يتولاك ، تقول : أنا ، يتخلى عنك .
    والموضوع الثاني : أُحُد وحُنين ، في أُحد كانت المعصية سلوكية ، وفي حنين كان الشرك الخفي ، الصحابة الكرام وفيهم رسول الله لم ينتصروا ؛ لأنهم قالوا : لن نغلب من قِلة ، هذه بعض موضوعات النصر ، لأن الله عز وجل هو النصير ، ولا نصير سواه .


    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾ .
    ( سورة محمد الآية : 7 ) .
    أي تدفعوا ثمن النصر إيمانا يحمل على طاعته وإعدادا للقوة المتاحة .

    والحمد لله رب العالمين

  9. #19

    افتراضي

    اسم الله : النصير (2)

    من لوازم نصر الله للمؤمنين :

    أيها الإخوة الكرام لازلنا مع اسم الله ( النصير ) ، والمسلمون اليوم في أشد الحاجة إلى أن ينتصروا على أعدائهم ، وما أكثرهم .
    ولكن كما بينت في لقاء سابق أن الله سبحانه وتعالى يقول :

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ﴾ .
    ( سورة محمد الآية : 7 )
    النصر بيد الله :

    ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾ .
    ( سورة الأنفال الآية : 10 ) .
    النصر الذي نتمناه له ثمن ، إن دفعنا ثمنه وصلنا إليه ، لذلك الله عز وجل يبين أن المؤمن الذي يحمله إيمانه على طاعة الله يحقق أحد شَرطي النصر .

    شروط النصر : الإيمان والإعداد :

    وللنصر شرطان كل منهما شرط لازم غير كاف ، فلابد من الإيمان الذي يحمل على طاعة الله ، ولابد من الإعداد ، لقوله تعالى :
    ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ﴾ .
    ( سورة الأنفال الآية : 60 ) .

    حقيقة الأخذ بالأسباب :

    ويمكن أن ينسحب هذا على شئون حياتنا ، التفوق في العمل يحتاج إلى الأخذ بالأسباب ، ويحتاج إلى التوكل على الله ، وكلاهما شرط لازم غير كاف ، لذلك المسلمون في معظمهم لا يأخذون بالأسباب ، بل يتوكلون توكلا لا يرضي الله ، سماه العلماء التواكل ، وإذا أخذ بعض الناس بالأسباب وألّهها ، ونسي الله ، واعتمد عليها فقد أخطأ السبيل ، فكأن الطريق الأمثل أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، ثم تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، ومن السهل أن تأخذ الموقف الحاد ، أن تأخذ بها وتنسى الله ، أو أن تتواكل على الله ، ولا تأخذ بالأسباب ، هذا درس بليغ ، بل إن بعض المعاصرين يصفون كل إنجاز معركة ، معركة مع العمل ، مع الإنتاج ، مع التنمية ، فكلمة معركة تأخذ معنى واسعاً جداً ، إن أردت أن تنتصر في أي معركة حقيقة أو مجازاً فلابد أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، هذا حق وهذا قانون .
    (( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ )) .
    [ أبو داود]
    أن نستسلم ، أن نيئس ، أن نحس بالإحباط ، أن نقول : انتهينا ، هذا نُلام عليه ، هذا يأس ، واليأس كفر ، هذا تشاؤم ، والتشاؤم ليس من صفات المؤمن ، لذلك لابد وأن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وبعدها تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
    بأوسع معاني المعارك ، معارك قتالية ، معارك التنمية ، معارك البناء ، سمِّ أي قضية أو مشكلة في حياة المسلمين معركة ، والانتصار في هذه المعركة يحتاج إلى شرطين ، كل منهما شرط لازم ليس كاف ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء ، وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء ، وكأن الطريق الأمثل طريق ضيق عن يمينه واد سحيق وعن يساره واد سحيق ، إنك إن أخذت بالأسباب ، ونسيت الله ، واعتمدت عليها ، وألهتها وقعت في واد الشرك ، وهناك تأديب من الله ، على من اعتدّ بغير الله ، " ما من مخلوق يعتصم بمخلوق أعرف ذلك من نيته إلا جعلت الأرض هويا بين قدميه ، وقطعت أسباب السماء بين يديه ، وما من مخلوق يعتصم به من دون خلقه فتكيده أهل السماوات والأرض إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا " .

    إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ

    إذَا : المنهج الأمثل في كل معاركنا بدءًا من معركتنا مع أنفسنا ، وانتهاء بمعركتنا مع قوى الشر في الأرض ، تحتاج إلى شرطين ، كل منهما شرط لازم غير كاف ، أن تأخذ بالأسباب وكأنها كل شيء وأن تتوكل على الله وكأنها ليست بشيء .
    (( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) .
    [ أبو داود]
    اليأس الإحباط هذا يلام عليه أشد اللوم .
    ولكن عليكم بالكيس ، خذ الأسباب ، فإذا غلبك أمر إن أخذتها ، وبذلت الجهد في الأخذ بها ، واستقصيتها ، ثم لم تنجح ، عندئذ نسمي هذا قضاء وقدر ، عندئذ نقول : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا يجوز أن نقول : حسبنا الله ونعم الوكيل إلا بعد أن نستنفذ الأخذ بالأسباب .
    الطالب يريد أن يقدم امتحانا ، لكن لا يحضِّر للامتحان ، ثم لا ينجح ، ويقول : هكذا أراد الله ، هذه مشيئة الله ، هذا كلام باطل ، أما حينما يدرس بأقصى ما يستطيع ، ثم يحول حائل بينه وبين أداء الامتحان يقول عندئذ : حسبي الله ونعم الوكيل .
    أنا أضع يدي على أخطر قضية في حياة المسلمين ، هي التواكل ، فلذلك النصر ثمنه هذا ، الأخذ بالأسباب ، والتوكل على رب الأرباب .
    لكن أيها الإخوة ، يحضرني في هذا الموضوع حديث شريف :
    عَنْ أَنَسٍ قَالَ :
    (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، آمَنَّا بِكَ ، وَبِمَا جِئْتَ بِهِ ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ )) .
    [ الترمذي ]
    هذا الحديث يحتاج إلى شرح ، فالله عز وجل جعل قلب الإنسان بيده ، يملؤه أمنا ، أو يملؤه خوفا ، يملؤه سعادة ، أو يملؤه ضيقا وانقباضا ، ما الناظم لهذا ؟ أراد الله أن يعلمه إن اتخذت قرارا صحيحاً سليما في التوبة إلى الله ، والصلح معه ، وطاعته يملأ الله قلبك رضى وسعادة ، وتفاؤلاً وسروراً ، وكأن الله بارك لك هذا القرار ، وأعانك عليه ، والدليل :

     حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7) 
    ( سورة الحجرات ) .
    أي قرار صائب يجد له انشراحا .


     أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ 
    ( سورة الزمر : من الآية 22 )
    فأيّ قرار خاطئ في المعركة معه كآبة وضيق :

    ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ .
    ( سورة طه ) .

    تبعات القرار الصائب والقرار الخاطئ :

    هذه معاونة من الله عز وجل ، القرار الحكيم معه سرور ، معه انشراح ، معه راحة نفسية ، معه طمأنينة ، معه إقبال ، معه تألق ، والقرار الخاطئ معه انقباض معه تشاؤم معه كآبة ويكاد يكون مرض العصر الكآبة ، من إعراض الناس عن الله عز وجل ، بل إن كل ما يعانيه البشر من ضياع وتفلت وتشاؤم وإحباط هي أعراض لمرض واحد ، هو الإعراض عن الله :

    ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ .
    ( سورة طه ) .

    كلُّ قوي جبّار بيد الله القوي الحبّار ، فلا تخش أحدًا إلا الله :

    الآن ما علاقة هذا الحديث بالنصر ؟ هذا الذي تراه قوياً ، هذا الذي تراه طاغية قلبه بيد الله ، كشاهد على هذه الفكرة .
    الإمام الحسن البصري من كبار التابعين ، وقد أدى أمانة العلم ، وبيّن ما ينبغي أن يبيّنه ، كان في عهد الحجاج ، وكان الحجاج كما تعلمون ، بلغه ما قاله فيه الحسنُ ، فقال لجلسائه : " يا جبناء ، والله لأرينّكم من دمه " ، وأمر بقتله ، القضية سهلة جداً ، وجاء بالسياف ، وأمر بإحضاره ليقطع رأسه أمام مَن حوله ، جيء بالحسن البصري ، ودخل على الحجاج ، ورأى السياف ، ومد النطع ، وانتهى كل شيء ، فحرك شفتيه ، فإذا بالحجاج يقول له : أهلا يا أبا سعيد ، أنت سيد العلماء ، ومازال يدنيه ، ويقربه حتى أجلسه على سريره ، واستفتاه في موضوع ، وقد تروي الرواية أنه عطّره ، وأكرمه ، وشيعه إلى باب قصره ، من الذي صعق ؟ الحاجب ، تبعه الحاجب ، قال : يا أبا سعيد ، لقد جيء بك لغير ما فعل بك ، فماذا قلت لربك ؟ قال : قلت له : " يا ملاذي عند كربتي ، يا مؤنسي في وحشتي ، اجعل فتنته علي بردا وسلاما كما جعلت النار بردا وسلاما على إبراهيم " .
    هذا الذي تخافه قلبه بيد الله ، هذا القوي الذي يتمنى إفناءك قلبه بيد الله ، قد يملؤه الله هيبة منك ، إذًا الله نصير ، لأن قلوب الذين حولك بيد الله عز وجل ، ألم يقل أحد الأنبياء :

    ﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ ﴾ .
    ( سورة هود ) .
    متحدياً لهم :

    ﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .
    ( سورة هود ) .
    هذه الآية وحدها تكفي :

    ﴿ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .
    ( سورة هود ) .
    لذلك :
    (( إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ )) .
    [ الترمذي ]
    أولا : يملأ الله قلبك انشراحا وسعادة وطمأنينة حينما تتخذ قراراً صواباً ، ويملأ الله ، القلب خوفاً وقلقاً وضيقاً وتشاؤماً وكآبة حينما تتخذ قراراً مخطئاً ، إذًا : الله أعاننا بهذا .
    إن قلبَ الذي تخافه بيد الله ، يملؤه هيبة لك ، ومن هاب الله هابه كل شيء ، يملؤه رغبة في معاونتك ، فإذا كان الله معك خدمك أعداؤك ، وإذا كان الله عليك تطاول عليك أقرباؤك ، يا رب ، ماذا فَقَد مَن وجدك . وماذا وجد من فقدك ؟
    إذاً : قلوب الذين تخافهم بيد الله ، إذًا : هو النصير .

    من لوازم معية الله الدائمة للمؤمنين :


     وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ 
    ( سورة الحديد ، من الآية 4 )
    لكن الشركاء يمكن أن لا يكونوا معك في وقت حرج ، وهو معكم في السماء ، وأنت في الطائرة ، وفي الأرض ، وفي البحر ، وفي بيتك ، وفي الفلاة ، وفي مكان ما فيه اتصالات ، الإنسان معه هاتف جوال ، يكون بأمسّ الحاجة إليه فلا يجد تغطية ، أما أنت فمع الله دائما ، وهو معكم بعلمه .

     وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ 
    قال العلماء : " معكم بعلمه " ، فإذا كنت مؤمناً فإن الله مع المؤمنين ، ومعكم بتوفيقه وحفظه ، وتأييده ونصره ، لذلك فرق العلماء بين المعية العامة ، والمعية الخاصة ، فالمعية العامة هو معكم بعلمه ، والمعية الخاصة هو معكم مؤيداً وموفقاً ، وحافظاً وناصراً .
    لذلك : الله عز وجل موجود ، إن دعوته فهو موجود ، والإنسان لا يمكن أن يدعو جهة لا يؤمن بوجودها ، يكون أحمق ، لمجرد أن تدعوه وتقول : يا رب ، إذًا هو موجود .
    الشيء الثاني : هو يسمعك إذا تكلمت ، ويراك إذا تحركت ، ويعلم ما في قلبك إن أضمرت ، يسمع ويرى ، ويعلم ، لا يحتاج إلى وصي ، ولا إلى سند ، ولا إلى براءة ذمة ، الله يعلم ، ويرى ، ويسمع ، ويعلم ، التعامل معه سهل جداً ، لذلك قال بعضهم : الحمد لله على وجود الله ، يراك إن تحركت ، ويسمعك إن تكلمت ، ويعلم ما في نفسك إن سكت ، إذًا : موجود ويعلم .
    الشيء الثالث : وهو على كل شيء قدير ، بيده كل شيء ، كن فيكون ، زل فيزول :
    (( يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ )) .
    [ مسلم عن أبي ذر ]
    ذلك لأن عطائي كلام وأخذي كلام .
    كن فيكون ، زل فيزول ، الآن دققوا :
    (( إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ )) .
    [ مسلم عن أبي ذر ]
    قال تعالى :

     وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) 
    ( سورة الشورى ) .
    (( ما من عثرة ، ولا اختلاح عرق ، ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم ، وما يغفر الله أكثر )) .
    [ ذكره السيوطي في الجامع الصغير عن البراء بسند فيه مقال كبير ]
    إذًا : هو معكم بعلمه ، وإن كنتم مؤمنين فهو معكم بتوفيقه وحفظه ، وتأييده ونصره .
    الله موجود ، ويسمع إذا نطقتم ، ويرى إن تحركتم ، ويعلم ما في القلب إن أضمرتم ، وهو على كل شيء قدير .

    من معاني ( النصير ) التي قد تخفى على بعض الناس :

    هناك حالات لبعض الأطباء ربطوها بالخرافات ، لكنهم أهملوها ، الآن هناك بحوث حديثة جداً عن الشفاء الذاتي ، يكون المرض عضالا قد أجمع الأطباء على أنه لا شفاء له ، فيشفى الإنسان ذاتياً ، وعندما يصدق الإنسان أن الله بيده كل شيء ، وأن الله على كل شيء قدير ، أحياناً يستجيب له استجابة لا تصدق .
    والله لي صديق أصيب بورم خبيث في رئتيه ، أخذت عينات إلى كل المخابر ، الورم من الدرجة الخامسة ، ولا أمل إطلاقاً ، ثم في النهاية شفاه الله عز وجل ، والقصة من اثتنين وعشرين سنة ، والآن حي يرزق لا يشكو من شيء ، والخزعات أخذت إلى بريطانية ، أدق الفحوص أجريت له ، وأمهر الأطباء عالجوه ، وقالوا : لا أمل ، لكن هناك شفاء ذاتي .
    فلذلك ( النصير ) قد ينصرك على المرض ، وقد ينصرك على العدو ، وقد ينصرك على كل معركة تخوضها بأوسع معاني المعارك ، فهو نعم المولى ونعم النصير .
    أيها الإخوة ، حينما تدعو الله عز وجل ، وتقول : يا ناصر انصرني ، يا نصير انصرني ، هو موجود ، ويسمع ، ويقدر ، ويحب أن يرحمك ، ولن تدعو جهة إلا إذا أيقنت بوجودها وعلمها ، وقدرتها ورحمتها ، لذلك قال تعالى :

     قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فقد كذبتم (77) 
    ( سورة الفرقان)

    الله أكبر من كل شيء ، فلا تقطع الأمل مهما حدث :

    حينما تقول : الله أكبر ، فهو أكبر من كل قوي ، أكبر من كل جبار ، قال تعالى :

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ .
    ( سورة الشعراء )
    فرعون بحقده وجبروته ، وأسلحته وجيشه يتبع شرذمة من بني إسرائيل مع سيدنا موسى ، وصلوا إلى البحر ، لا أمل للنحاة ، انتهى الأمل ، الأمل صفر ، قال تعالى :

    ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي ﴾ .
    ( سورة الشعراء )
    وسيدنا يونس ، وهو في بطن الحوت الأمل صفر ، والإنسان يمكنه أن يقف على فم الحوت على قدميه ، ويمكن أن تقف في فمه ، ووجبته الغذائية أربعة أطنان ، والإنسان وزنه ثمانين كيلوًا ، قال تعالى :


     أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) 
    ( سورة الأنبياء)
    وأروع ما في الآية أن الله قلب القصة إلى قانون ، قال تعالى :

    ﴿ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ .
    ( سورة الأنبياء ) .
    في كل عصر ، في كل مصر ، في كل زمان ، في كل مكان ، في الجو ، في الأرض ، طائرة تحطمت فوق جبال الألب ، وانشقت ، ووقع بعض ركابها ، ونزل على غابة أرز في جبال الألب مغطاة بخمسة أمتار من الثلج ، فكان هذا الثلج وهذه الأغصان ماصات للصدمة ، فنزل واقفاً من أربعين ألف قدم .
    إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
    إذًا : تقول : الله أكبر ، أقوى من كل قوي ، زلزال تسونامي يساوي والكلام من موقع معلوماتي دقيق جداً ، يساوي مليون قنبلة ذرية ، الله عز وجل قوي ، فإذا كنت مع القوي حفظك القوي ، فهو نعم المولى ، ونعم النصير.
    أيها الإخوة ، المعركة تحتاج إلى معلومات ، وإذا كنت مع الله ، فهو يعلم ماذا يخطط لك أعداؤك ، لذلك يلهمك خطة تحبط خططتهم ، أنت أقوى إنسان إذا كنت مع الله ، إذا أردت أن تكون قويا فادع الله سبحانه وتعالى ، فالدعاء سلاح المؤمن ، لكن الدعاء يحتاج إلى عمل ، والذي يدعو الله ولا يعمل يستهزئ بالدعاء ، قال سيدنا عمر لرجل :<< ماذا تفعل هنا يا أخا العرب مع هذا الجمل الأجرب ؟ قال : أدعو الله أن يشفيه ، فقال له : هلاّ جعلت مع الدعاء قطرانا >> .
    العدو قد يكون قويا ، لكن الله أقوى ، والله أكبر ، قد يكون العدو يخطط ، دقق في الآية :

     وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) 
    ( سورة إبراهيم )
    إله عظيم يصف مكر الكافرين بأن مكرهم تزول منه الجبال ، يقول لك بعد قليل :
    ﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ .
    ( سورة آل عمران الآية : 120 ) .
    خالق الكون ، كلام رب العالمين ، كل آلاتهم ، كل أسلحتهم ، كل أموالهم ، كل أقمارهم الصناعية ، كل حاملات طائراتهم ، قال تعالى :

    ﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ .
    ( سورة آل عمران الآية : 120 ) .
    والآن يقول أحد أكبر الموظفين في البنتاجون : لا تجرؤ دولة في الأرض أن تحاربنا ، ماذا نفعل بهذه الأسلحة ؟ ولكن هذا الذي أراد أن يموت ماذا نفعل به ؟ أقضَّ مضاجع أهل الأرض ، هذا الذي أراد أن يهز أركانهم ، ويقدم حياته رخيصة لهذا الهدف .
    أيها الإخوة ، لو أن إنسانا انتصر لإنسان ، قال تعالى :

     إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ (14)
    ( سورة فاطر ) .
    والإنسان من شأنه أنه ليس معك دائماً ، قد تكون في أمسّ الحاجة إليه ، فيكون هاتفه مشغولا ، أو خارج التغطية أ أو تعطل ، إن اعتمدت على مخلوق فقد لا يسمعك ، وإذا سمعك قد لا يستجيب لك ، وأحياناً يتجاهلك ، لذلك :
    كن مع الله تر الله معك واترك الكل وحاذر طمعك
    وإذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعك
    ***
    هذه ملة طه فخذ بها .
    أطع أمرنا نرفع لأجـلك حجبنا فإنا منحنا بالرضا من أحـبنـــا
    و لذ بحمانا واحـتــم بجنابنا لنحميك مما فيه أشرار خلقــنــا
    و عن ذكرنا لا يشغلنك شاغـل و أخلص لنا تلقَ المسرة والـــهنا
    ***
    نعم المولى ونعم النصير ، كن مع الله ولا تبال ، والله عز وجل يحب أن ينصرنا ، لكنه يطالبنا أن ندفع ثمن النصر .

    زبدة القول :

    ملخص هذا اللقاء الطيب ، الطاعة مع الصبر سبيل إلى النصر ، أما المعصية مع الصبر فليس بعدها إلا القبر .

    والحمد لله رب العالمين

  10. #20
    تاريخ التسجيل
    6 - 2 - 2009
    ساكن في
    فى اى حته تلاقينى
    المشاركات
    431
    النوع : انثيEgypt

 

 
صفحة 2 من 10 الأولىالأولى 123456 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30 - 1 - 2012, 02:09 AM
  2. تعال واكتشف نفسك هل تحتاج الى دكتور نفسي ولا لا؟
    بواسطة مليش غيرك يارب في المنتدى تطوير الذات
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 22 - 11 - 2011, 09:24 PM
  3. تعليم البرنامج الهندسي Sap 2000 فيديو للدكتور عاطف العراقي
    بواسطة white.bakar في المنتدى منتدى البرامج العام والشروحات المصورة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29 - 10 - 2011, 09:42 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • مش هتقدر تضيف مواضيع جديده
  • مش هتقدر ترد على المواضيع
  • مش هتقدر ترفع ملفات
  • مش هتقدر تعدل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات مصراوي كافيه 2010 ©